مكثت فى معرض القاهرة الدولى للكتاب ثلاثة أيام , قضيت اليوم الأول فيه أفضل ما يكون لرفقة كانت معى , وقد قسمت ما أحتاجه على ثلاثة أيام حسب أولويات حددتها , وقد وجدت كل كتب اليوم الأول كما حددتها إلا كتابا واحدا هو كتاب ( العلمانيون والقرآن ) للدكتور أحمد إدريس الطعان , وهو رسالة دكتوراه نوقشت فى كلية دار العلوم فى القاهرة وقد طبعت حديثا فى دار ابن حزم الرياض , ولم تحضر دار ابن حزم الى المعرض وقد بحثت عن كل الدور التى تتعامل معها دار ابن حزم فلم أجده , وتعجبت كيف تخرج الرسالة من مصر ويحرم منها الباحثون المصريون , وفى اليوم الثانى بحثت عن الكتب التى حددتها فوجدتها كلها إلا كتابا واحدا , هو كتاب( قراءة فى فكر التبعية ) للأستاذ محمد جلال كشك رحمه الله , وبحثت عن دار النشر التى طبعت الكتاب فلم أجدها فى المعرض وهى مكتبة التراث الاسلامى ولما سقط فى يدى ذهبت إلى سور الأزبكية وهو مأوى الباحثين , فظفرت منه بمجموعة كتب قيمة بأثمان رخيصة جدا فحمدت الله , وذهبت لأستريح قليلا عند المقهى الثقافى فأتانى رجل وأعطانى ورقة فيها البرنامج الثقافى فى يوم الأربعاء فأخذتها وقلبتها فوجدت محاضرات كثيرة منها ( علامات فى تاريخ الثقافة العربية على محمود طه ) يشارك فيها الشاعر أحمد عبد المعطى حجازى والدكتور حسن طلب والدكتور طارق شلبى ويديرها الدكتور محمد عبد المطلب , ووجدت محاضرة أخرى بعنوان شهادات وفيها الدكتور جابر عصفور , ذهبت لأحضر الأولى فوجد الحاضرين حين بدأت سبعة عشر حاضرا , وتكلم أحمد عبد المعطى حجازى عن على محمود طه , ودخلت وهو يتكلم امرأة منتقبة , وبسرعة وبشكل فج هاجم الرجل الحجاب قلت هذا معروف عن الرجل وعلمانيته , ثم قال إن المصريين عاشوا خمسة وعشرين قرنا لم يعرفوا الدنيا إلى أن جاء على محمود طه , وتركها هكذا ولم يفسر وأنا أعلم أن على محمود طه معروف بميوله الغربية الإلحادية وقد مجد فلسفة النشوء والارتقاء فى قصيدة من قصائده , وأعرف أيضا أنه لم يضف شيئا بل هاجمه الدكتور محمد مندور بركاكة شعره , المهم أنهى حجازى كلمته وتكلم الدكتور حسن طلب , وأخذ يتحدث عن على محمود طه وترك كل علامات شعره وتكلم عن الشاعر النبى , وكيف أن الشاعر ينتظر الوحى كما ينتظره النبى وعن تعلق الشاعر بالوحى كما يتعلق النبى بالوحى , وانتهى من كلمته وتكلم الدكتور طارق شلبى عن نقد شعر الرجل من خلال صناعة النقد , وبعدها طلب الدكتور محمد عبد المطلب مشاركة الجمهور , قلت ما إن طلبت فلابد , توجهت بنقدين أحدهما لحجازى والأخر لطلب الأول قلت لحجازى كيف تقول إن المصريين لم يعرفوا الدنيا حتى أتى على محمود طه ؟ من الذى صنع حضارات يعجب منها الناس الى اليوم ؟ وكيف تقول هذا والإسلام حض على العمل الدنيوى وصنع أعظم حضارة ؟ أم تقصد بالدنيا الإلحاد خاصة أن على محمود طه أحد مروجيه ؟ وقلت لطلب كيف تقول أن الشاعر كالنبى فى تلقى الوحى فالشاعر لا يعدو أن يكون نحلة ( وإذ أوحى ربك إلى النحل أن اتخذى من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ) فالوحى هنا بمعنى الإلهام فالشاعر ملهم وينتظر الالهام لكن تساويه بالنبى مرفوض . فأجاب طلب بأنه لم يقصد أنه مساو للنبى وإنما أراد بالنبى المعنى اللغوى لا الاصطلاحى , ولم يرد على حجازى وطلبت مشاركات الجمهور فقام أحد الأخوة وقال له لم ترد على الاستاذ , وهنا شن حجازى هجوما تضحك منه الثكالى أنتم تكفرونى أنتم رجعيون وكلام من الاسطوانة المشروخة إياها , حمدت الله وانصرفت وانصرف الجميع , أكملت جولتى بسور الأزبكية وحصلت على كتب قيمة إلى أن دخل وقت محاضرة الدكتور جابر عصفور , تحدث الرجل عن حياته من النشأة الى يوم الناس هذا , ولفت انتباهى أن العلمانيين جميعا ينسبون أنفسهم لطه حسين أخذ يتحدث عن كتاب الايام وكيف انه جعل منه إنسانا جديدا , قلت سبحان الله سبقك بها نصر حامد أبو زيد , وتكلم جابر فقال عجبا ينم عن خبث شديد قال منذ الصبا لم أعرف الفتنة الطائفية بين مسلمين ومسيحيين لأننى تربيت فى مدرسة أقباط فى مدينة المحلة الكبرى , وكنت أذهب إلى الكنيسة فى يوم الجمعة وأشهد صلوات النصارى وأذهب فى الجمعة التى بعدها ومعى بعض النصارى ليصلوا معنا الجمعة , قلت يالك من خبيث معنى الوئام الوطنى بين المسلمين والنصارى هو التنحى عن الدين فلا فرق بين مسجد وكنيسة الكل يعبد الله على كيفه , من يدخل كنيسة يدخل ومن يدخل مسجد يدخل هكذا ( سبهللة) كما يقول المصريون , فالعقيدة والالتزام الدينى مبدأ الشرور , نعم هى فزاعة يستخدمها العلمانيون لإخافة المسيحيين من الحكم الاسلامى , ثم تكلم عن حكاياته مع السادات وعلاقته مع اسرائيل , المهم أنهى المحاضرة بعد أن هاجم المسلمين ورواد المعرض وكيف أن الإقبال على الكتاب الإسلامى ردة , وفتح باب النقاش فقام شاب صغير بجانبى وقال له تحدثت عن السادات واسرائيل وقبوله للسلام ولا سلام بيننا وبينهم فهم كيان وليس دولة ولابد من استئصالهم , قلت له لن يرد عليك وبعد أن أخذ كل الأسئلة , كانت المفاجأة رد على الشاب وقال هذا الخطاب الاستئصالى نرفضه ونقبل بإسرائيل ونصالحهم بشرط إرجاع كل الحقوق للفلسطينيين , قلت جزاك الله خيرا يا غزة هاشم بك عرفت عدوى من صديقى , كلامه استفذ أحد المحامين وهو من بلدتى وقال له نتصالح مع من مع من قتلوا أبنائنا وشردوا نسائنا وقد قال أمل دنقل لا تصالح لا تصالح لا تصالح , قلت الحمد لله ظهر الوجه القبيح للعلمانية وهو صهيونيتها نعم صهيونيتها , تمخض الجمل فولد فأرا سكت العلمانيون أمثال جابر عصفور طيلة أيام العدوان على غزة ويوم الكلام يكون بالتصالح , وفى هذا المقام لى نداء لإخوانى وأحبابى يوم أن تذهبوا إلى المعرض لابد أن يكون لك نصيب من الجهاد , أقصد جهاد العلمانيين ( يأيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ) والله هم منافقو العصر إحبسوا فيهم حقدهم على الإسلام , وفى اليوم الثالث قلت قبل أن تذهب إلى المعرض إذهب الى مكتبة التراث الاسلامى لتأتى بكتاب قراءة فى فكر التبعية وذهبت وسألت رجلا كبيرا طاعنا فى السن هو الجالس فى المكتبة أيوجد عندك كتاب كذا ؟ قال لا قلت له أنتم من نشرتم الكتاب قال لى ( يا بنى من يوم ما جلال كشك مات ومعدش حد بيسأل فى كتبه ) حزنت وقلت أضاعوا فكر الرجل وانصرفت إلى معرض الكتاب جلت فى سور الأزبكية جمعت مجموعة قيمة من الكتب وانصرفت مبكرا لأعود إلى بلدتى ولله الحمد والمنة