تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: «كيفية التوفيق بين الدنيا والآخرة »،لسماحة شيخنا الزّاهد العلاّمة عبد اللّـه بن جبرين

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي «كيفية التوفيق بين الدنيا والآخرة »،لسماحة شيخنا الزّاهد العلاّمة عبد اللّـه بن جبرين

    بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    « كيفية التوفيق بين الدنيا والآخرة »،
    لسَمَاحَةِ شَيْخِنَا الزَّاهِدِ العَلاَّمَةِ
    عَبْدِ اللَّـهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ جِبْرِيْنٍ
    ـ حفظهُ اللَّـه تعالى ،ورعاهُ ـ

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

    أما بعد...

    فلاشك أن من أحب دنياه وانشغل بها وجعلها أكبر همه ومبلغ علمه فإنه ينسى الدار الآخرة، ولا يعمل لها، قال بعض السلف: (من أحب دنياه أضر بآخرته، ومن أحب آخرته أضر بدنياه، فآثروا ما يبقى على ما يفنى)، فالإنسان عليه أن يبدأ بحظه من الآخرة، حتى يأتيه ما قدر الله له وما يحتاج إليه من الدنيا، يقول بعض السلف : ( يا ابن آدم: أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج، فإن بدأت بنصيبك من الدنيا فاتك نصبك من الآخرة، وإن بدأت بنصيبك من الآخرة مر على نصيبك من الدنيا فانتظمه انتظامًا )، فالإنسان يشتغل بحظه من الدنيا في الأوقات التي يجد فيها سعة، ومع ذلك لا ينسى الدار الآخرة، فإذا اشتغل في تجارته أو حرثه أو حرفته أو ماشيته، لم يغفل عن ذكر ربه، ولا عن دعائه، واشتغل بالتسبيح والتكبير والتوبة والاستغفار، فحصل التوفيق بين الدنيا والآخرة، وإذا دخل وقت العبادة، كأوقات الصلوات، ترك ما كان فيه من الدنيا وقام إلى العبادة.


    ولاشك أن الكثير قد طغوا وبغوا لما فتحت عليهم الدنيا، وتحقق قول الله تعالى : ﴿ كَلا إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى(6)أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾ [ العلق :6-7 ]، فيقال لهؤلاء: اربعوا على أنفسكم، اقنعوا من الدنيا بما تيسر، ولا تشغلكم دنياكم عن العمل للدار الآخرة، فإن من فعل ذلك أصبح عبدًا لدنياه.


    فمن تزينت له الدنيا وأكب عليها وتمادى في الانشغال بها، فلابد أنه ينسى أو يتناسى نهايتها، مع أن ذلك واقع ومشاهد، فإن كثيرًا من أهل الدنيا قد جعلوها شغلهم الشاغل، وقطعوا في متابعتها أعمارهم، فجاءهم الأجل وهم غافلون عن الآخرة، فخرجوا من الدنيا مفاليس، لأنهم لم يتفكروا في نهاية الدنيا، وصدق عليهم قول الله تعالى: ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [ الأعلى: 16-17 ] ، مع ما يشاهدونه من تقلب الدنيا بأهلها، حيث يشاهدون بعض الناس ينشغلون بالدنيا، ويستكثرون من جمع الأموال من حلال أو حرام، ويتهالكون في حب المال، ويصدق عليهم قول الله تعالى: ﴿ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴾ [ الفجر :20 ]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ﴾ [ العاديات : 8 ].


    فتأتيهم الآجال وهم مفرطون، لم يقدموا لآخرتهم ما يكون سببًا في سعادتهم عند الله سبحانه وتعالى، ويشاهدون أيضًا من تبسط عليه الدنيا ثم تسلب منه بين عشية وضحاها، فيصبح غنيًا عنده الأموال الطائلة، ويمسي فقيرًا قد لا يجد قوت ليلته، مما يدل على تقلب الدنيا بأهلها، ولا يعتبر بذلك الآخرون الذين أنهكوا أبدانهم وشغلوا أعمالهم في جمع الحطام الفاني، وهم يعرفون أنهم سوف يفارقونه وينتفع به غيرهم، وقد يجمعونه من حرام أو من مشتبه، ويكون كما قال بعض السلف في الدنيا : ( حلالها حساب، وحرامها عذاب)، بمعنى أنه يحاسب على المال، كما قال النبي : « لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به ».


    فعليه أن يعد للسؤال جوابًا، وللجواب صوابًا، ويتذكر قول بعض الواعظين فيمن جمع المال وخلفه:


    سيأخذه الوارث من غير تعب * * * ويسأل جامعه من أين اكتسب

    فمـا اكتسـب إلا الشـوك له * * * وللـــوارث الــرطــب


    وقد وقعت وقائع كثيرة تدل على تغير الدنيا بأهلها وتقلبها بهم، حيث إنهم لما فتحت عليهم الدنيا طغوا وبغوا وتكبروا وتجبروا، وسول لهم الشيطان وأملى لهم، وزين لهم ما هم عليه من الاستمرار في الاستكثار من جمع المال من حل أو حرام، ثم أوقعهم ذلك في الانهماك في الشهوات والملذات، وتجاوز المباحات إلى المحرمات، فوقعوا في المسكرات والمخدرات، وخيل إليهم أن هذا من إعطاء النفس ما تتمناه وما تهواه أو تلتذ به، وجرهم ذلك إلى أن ثقلت عليهم الطاعات، فتركوا الصلوات، ومنعوا الواجبات، وتجاوزوا الشبهات إلى المحذورات، ونسوا الله فأنساهم أنفسهم.


    نسأل الله أن يغنينا بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه. والله تعالى أعلم.



    قاله وأملاه
    شَيخُنَا عَبدُ اللَّـهِ بْنُ عَبدِ الرَّحْمَن بْنِ جِبْرِينٍ

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: «كيفية التوفيق بين الدنيا والآخرة »،لسماحة شيخنا الزّاهد العلاّمة عبد اللّـه بن ج


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    الإمارات
    المشاركات
    547

    افتراضي رد: «كيفية التوفيق بين الدنيا والآخرة »،لسماحة شيخنا الزّاهد العلاّمة عبد اللّـه بن ج

    جزاكم الله خيرا ..ونفع الله بكم

    قال تعالى: (( اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُور))

    قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى في تفسير آية الحديد: يخبر تعالى عن حقيقة الدنيا وما هي عليه ويبين غايتها وغاية أهلها بأنها لعب ولهو تلعب بها الأبدان وتلهو بها القلوب، وهذا مصداق ما هو موجود وواقع من أبناء الدنيا فإنك تجدهم قد قطعوا أوقات عمرهم بلهو قلوبهم وغفلتهم عن ذكر ربهم وعما أمامهم من الوعد والوعيد، تراهم قد اتخذوا دينهم لعبا ولهوا بخلاف أهل اليقظة وعمال الآخرة فإن قلوبهم معمورة بذكر الله ومعرفته ومحبته وقد شغلوا أوقاتهم بالأعمال التي تقربهم إلى الله من النفع القاصر والمتعدي.
    الذنوب جراحات ورُب جرح وقع في مقتل وما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله وأبعد القلوب من الله القلب القاسي

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: «كيفية التوفيق بين الدنيا والآخرة »،لسماحة شيخنا الزّاهد العلاّمة عبد اللّـه بن ج

    ما شاء الله ، كلام موقظ ، ونحن في غمرة عارمة ، و غفلة شاملة ، جزاك الله أحسن الخير وأحسن عاقبتنا وعاقبة الشيخ.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: «كيفية التوفيق بين الدنيا والآخرة »،لسماحة شيخنا الزّاهد العلاّمة عبد اللّـه بن ج

    جزاكُما اللَّـهُ خَيرًا ،وباركَ فيكُما.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: «كيفية التوفيق بين الدنيا والآخرة »،لسماحة شيخنا الزّاهد العلاّمة عبد اللّـه بن ج

    حفظ اللَّـهُ شيخَنا ،وشفاه.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,901

    افتراضي رد: «كيفية التوفيق بين الدنيا والآخرة »،لسماحة شيخنا الزّاهد العلاّمة عبد اللّـه بن ج

    بارك الله فيكم .
    ورحم الله الشيخ الجبرين
    قل للذي لايخلص لايُتعب نفسهُ

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: «كيفية التوفيق بين الدنيا والآخرة »،لسماحة شيخنا الزّاهد العلاّمة عبد اللّـه بن ج

    جزاكُم اللَّـهُ خَيْرًا ،وباركَ فيكُم.

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    ابو ظبي
    المشاركات
    172

    افتراضي رد: «كيفية التوفيق بين الدنيا والآخرة »،لسماحة شيخنا الزّاهد العلاّمة عبد اللّـه بن ج

    جزاكم الله خير الجزاء

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: «كيفية التوفيق بين الدنيا والآخرة »،لسماحة شيخنا الزّاهد العلاّمة عبد اللّـه بن ج

    جزاكُنَّ اللَّـهُ خَيْرًا ،وباركَ فيكُنَّ.
    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •