قولك حبيبي في الله : (( يا أخي الحبيب أنت فعلا تحقق قول خصمك فيك اذ أنك تضعنا في دائرة ...فقد زعمت أن القاضي عياض و غيره نقل عن السلف تفسير الآية ))
أنا لم أقل ذلك بل قلت بخصوص مسألة العصمة كلام يدل على وجود مخالف من السلف و إن كان لم يذكره و قال بأنه قول أصحاب مالك و الشافعي و أبو حنيفة و أصحاب الإمام كانوا من القدامى للمتأخرين فهناك سلف في المسألة لكن لم يذكر القرطبي أو القاضي أسماء و حكى أيضا الخلاف ابن عطية و عنف ابن العربي من يقول ذلك فهل يعنف ما قال به إمامه ؟!!
قولك حبيبي في الله : (( فنقل لك ابو فهر حكاية ابن تيمية و الآمدي لاجماع السلف خاصة ))
إجماع ينقله إمام بعد قرون هذا محض دعوى و قد قال بالخلاف علماء كبار أقدم منه
قولك حبيبي في الله : (( ان ما وجد مقتضاه في عهد القرون الأولى و جرت العادة بتوافر الدواعي على نقله فلا يمكن أن يضيع و ان لم يصل شيء دل أن لم يقل قائل به ))
لما تتداعى الأمم على نقله والأمر بين و نفوس الكثير من الناس تأبى ذلك على الأنبياء
قولك حبيبي في الله : (( ان القاضي عياض أعظم من ابن تيمية ))
جوابه أني لم أقل أعظم بل قلت أقدم و الأقدم يعرف الخلاف في الغالب أكثر من المتأخر عنه .
قولك حبيبي في الله : (( وحتى هذا لا يصلح فلا يمتنع أن يعرف الأصغر ما خفي عن الأعظم و قد وقع في الصحابة أنفسهم وهم كانوا مجتمعين فكيف بمن بعدهم حين كثر الاختلاف و الافتراق ؟؟ ))
القاضي لم يقل ذلك وحده بل قاله أيضا القرطبي و ابن عطية حكى الخلاف و عنف ابن العربي من يقول ذلك فهل يعنف ما قال به إمامه ؟!!
قولك حبيبي في الله : (( و الا فان لم تقر بهذا أيضا لزمك مثله كما قال لك الاخوة في الأسماء و الصفات و غيرها و هو أشهر من باب العصمة و مع ذلك خفي على هؤلاء الأفاضل ما علمه غيرهم ))
هل نسب القرطبي و القاضي وابن العربي إلى السلف القول بالتفويض ؟
قلت قبل شهرين : (والراجح عصمة الأنبياء من الصغائر والكبائر)
وأصبحت الآن تقول إن الأنبياء غير معصومين من مطلقا الصغائر .
جميل يا دكتور . . بقيت خطوة واحدة نحو مذهب السلف الصالح .
ما يضيرك أيها الناصح من قال بعصمة الأنبياء من الكبائر والصغائر جوزها خطاءا و نسيانا وهذا صنيع الكثير من العلماء و عصمتهم من الصغائر مطلقا أو عصمتهم من الكبائر كالصغائر قول لا أثارة عليه من علم قال الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي في العقائد السلفية : (( و الحق الذي ندين به إلى الله أنهم معصمون أيضا من الكبائر قبل البعثة و بعدها و أما الصغائر فقد يلمون بها إما بطريق التأويل أو النسيان أو الخطأ و لكن لا يقرون عليها )) و لا تتسرع في الحكم على قول بالبحث اسمه إعلام الأفهام أن خطيئة آدم كانت على سبيل السهو والنسيان و لم أعارض ذلك
أراكم بخير بعد يومين
متشكرين يا دكتور.
لا داعي، حسبنا أن من وضع للطلاب مدخلاً إلى أصول الفقه يعزو إلى كتاب الوجيز.
وبالمناسبة فالدكتور عبد الكريم قال: (واتفق الأصوليون على الاحتجاج بمفهوم الوصف والشرط والغاية والعدد في غير النصوص الشرعية) فذكر أربعة أنواع فقط، ولم يعمم كتعميمك، فتنبه.
((((وما زلت أذكرك بالإجابة على سؤالي وعدم التهرب))))
"فضيلة الدكتور"!
قبل أن تذهب وتترك العالَم في حيرة دهماء..
أنت تستدل بالقرطبي..
حبذا لو تراجع أول نقل نقلتَه عنه في مشاركتك رقم 13
فهو يردّ عليك!
وحبذا لو تتأكد أيضا من نقلك الثاني، وذلك بالرجوع إلى "تبصرة الأدلة" لأبي إسحاق الإسفراييني..
وقد لا تجدني بعد يومين...
وليعذرني الشيخ خلوصي..
ومشاركته ستأتي بعد مشاركتي..
وهذه فراسة منِّي! (ابتسامة)
أخي المبجل أبا الفداء..
إيذن لي أن أسجل اعتراضا وإن كان خارج الموضوع
على صيغة دعائك:وارفع تلك الجاهلية التي أشعلت النيران بين صفوفهم وأمكنت العدو منهم
وهذا -مع احترامي الحقيقي لك(وليس مجرد كلمة)- غير سديد..
فليس الأمر كما ذكرت..
الحكاية باختصار:كل بلد فيها منافقون وفيها مخلصون..
ويظهر هؤلاء المنافقون في أوقات الأزمات(مثلا في بلادنا تعرفهم في لحن القول في الصحف وأشباههم ومن يعاونهم ويدافع عنهم ..إلخ)..فالخلاف مع هؤلاء طبيعي جدا..وهو الأصل..وهو من قبل المخلصين الموحدين..خلاف محمود
تأمل قوله تعالى"ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر"..فهنا سجل الله اختلافهم:لكنه ممدحة لأهل التوحيد..
حيث لم يتفقوا معهم على الباطل..
وليس هذا هو الذي أمكن العدو منهم ..ففي هذا اختزال كبير للحقيقة
بل الدول العربية من وراء نظام عباس تؤيده وتدعمه وتشد على يديه..وتحثه على تجديد ولايته اللعينة ,بعضهم من بعض
مع تعاونهم مع الأمريكان لحد الانبطاح والمسارعة فيهم دون طلب (وما مؤتمر أنابوليس عنا ببعيد)
والأدلة على هذا قائمة ظاهرة بيّنة لمن له متابعة
والله يرعاك ويهدينا وإياك للصواب
والثبات على الحق
شكر الله لك تعقبك أيها الكريم المفضال .. والجاهلية كلمة قد تطلق على صغار المخالفات كما قد تطلق على النفاق وصولا الى الكفر، والدعاء كان عاما في سائر صور الجاهلية لم أخص به أيا من الطائفتين دون الأخرى ومعلوم التفاوت بينهما، وتوجه كل منهما .. ولم يسلم فسطاط المؤمنين هناك من التورط في كثير من المخالفات التي زادت من ضعف جناح الحق هناك وتوهين شوكته وتمكين اليهود والمنافقين منه، ليس ههنا محل البحث فيها .. ولعلك أنت أدرى مني بذلك، ولعلك في مناسبة أخرى تصوب لي ظني فيها ان شاء الله! .. فالله المستعان!
وعلى أي حال فلعلي أكون مخطئا في نظري ولعل المصلحة الراجحة تكون في خلاف ما رأيت وتصورت من مواقف حماس، ولا شك في أن ما يخفى علي أكثر بكثير جدا مما يظهر لي من الأمر هناك .. ولذلك فدعائي لأخواني المجاهدين هناك دعاء عام:
نسأل الله لأهل الحق هناك الثبات والنصرة، وأن يهديهم الى الرشد والسداد وأن ينصرهم على الكفار والمنافقين أيا ما كانت الراية التي يتخفون تحتها ...
قل آمين ..
بسم الله أبدأ وبه اهتدي وعليه اتوكل
أولا : معذرة على التأخير فالنت عندي كان منقطع و لم يعمل إلا الآن و أنا بعد ربع ساعة سأذهب للمستشفى و إم جئت غدا ليلا أو بعد ثلاثة أيام فهذه استطاعتي و الله لا يكلف نفسا إلا وسعها
ثانيا : لكثرة التعقيبات علي و عندما أرد على واحدة أجد العديد من التعقبات المتكررة في الغالب سأرد مرة واحدة على الكل فوقتي قصير و هناك من المسائل الأخرى تحتاج للبحث عنها غير هذه المسألة .
ثالثا : آمل ألا تجعل هذه المناقشة سببا في بغضنا بعضنا البعض فليس خلافنا في مسألة سببا لكره بعضنا البعض .
رابعا : ما أرى أخواني و أحبابي جانبوا فيه الصواب هو ما يلي :
1 – تأويل النسيان و القول بأنه الترك دون النسيان الظاهر الذي هو ضد الذكر ، و لو قالوا بأن النسيان نوعان نسيان بمعنى عدم الحفظ و نسيان بمعنى الترك لكان له وجه و كتب اللغة و التفسير مليئة بأن النسيان ضد الحفظ أو ذهول القلب عن معلوم
قال النيسابوري في تفسيره : (( ضد النسيان هو الذكر ﴿ واذكر ربك إذا نسيت ﴾ ))
قال ابن عثيمين في تفسير سورة البقرة : (( قوله تعالى: ﴿ إن نسينا أو أخطأنا ﴾ : «النسيان» هو ذهول القلب عن معلوم؛ يكون الإنسان يعلم الشيء، ثم يغيب عنه ؛ ويسمى هذا نسيانا، كما لو سألتك: ماذا صنعت بالأمس؟ تقول: «نسيت»؛ فأنت فاعل؛ ولكن غاب عنك فعله ))
قال شهاب الدين أحمد بن محمد الهائم المصري : (( النسيان ضد الذكر وهو السهو الحادث بعد حصول العلم ويطلق أيضا على الترك ))
قال أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان في البحر المحيط : (( النسيان : ضد الذكر ، وهو السهو الحادث بعد حصول العلم ، ويطلق أيضا على الترك ، وضده الفعل ))
قال صاحب مناهل العرفان : (( النسيان المحو التام من الذاكرة ))
قال صاحب التبيان في غريب القرآن : (( الذكر بضم الذال وكسرها لغتان بمعنى واحد وقال الكسائي بالكسر ضد الصمت وبالضم ضد النسيان وهو بمعنى التيقظ والتنبه ))
قال ابن منظور : (( و الذكر و الذكرى بالكسر نقيض النسيان وكذلك الذكرة ))
قال في مختار الصحاح : (( و الذكر و الذكرى و الذكرة ضد النسيان )) و قال أيضا : ((النسيان بكسر النون وسكون السين ضد الذكر والحفظ ورجل نسيان بفتح النون كثير النسيان للشيء وقد نسي الشيء بالكسر نسيانا و أنساه الله الشيء و تناساه أرى من نفسه أنه نسيه و النسيان أيضا الترك قال الله تعالى نسوا الله فنسيهم ))
قال الفراهيدي في العين : (( الحِفْظ: نقيض النِّسيان ، و هو التَّعاهدُ وقلّة الغَفْلة )) و قال أيضا : ((
نَسِيَ فلانٌ شيئاً كان يَذْكُرُهُ، وإنّه لنسيٌّ، أي: كثير النّسيان، من قوله جلّ وعزّ: " وما كان ربّك نَسِيّا " .
والنَّسْي: الشّيء المَنسِيّ الذي لا يُذكر. يقال: منه قوله تعالى: " وكنت نَسْياً مَنْسيّاً " . ويقال: هو خِرقه الحائض إذا رمت به.
ونَسِيتُ الحديث نسيا. ويقال: أَنْسَيتُ إنساءً، ونَسِيتُ: أجود، قال الله تعالى: فإنّي نَسِيت الحوت، ولم يقل: أنسيت، ومعنى أنسيت: أخّرت.
وسمِّي الإنسان من النِّسيان ))
و قال الجوهري في الصحاح : (( الصحاح في اللغة : والذِكْرى، بالكسر: خلاف النِسْيانِ ))
و العرب تطلق على النسيان الترك ؛ لأن الترك نوع من النسيان أما النسيان عند الإطلاق فهو عدم الحفظ ،و هو الذي نفاه الله عنه في قوله تعالى : ﴿ قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى ﴾ أما النسيان في قوله تعالى : ﴿ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ فهذا بمعنى الترك فالفطر قائمة في الناس وهي تناديهم للإيمان بربّهم ومعلنة فيهم بفقرهم الإضطراري لخالقهم جلّ وعلا و لما تركوا الله ، تركهم اللّه جزاء وعدلا .
2 – تأويل الذنب و المعصية أنهما مخالفة الأمر تعمدا ، وهذا خلاف ما جاءت به النصوص قال تعالى : ﴿ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا ﴾ فلو كان النسيان و الخطأ لا يطلق عليه ذنب لما كان هناك داعيا لطلب عدم المؤاخذة به ، و قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه )) ( سنن ابن ماجة ) فلو كان النسيان والخطأ لا يطلق عليه ذنب و معصية لما كان هناك داعيا لتجاوز الله عن هذه الأمة الخطأ والنسيان فإثم المعصية خطاءا أو نسيانا رفع عن هذه الأمة بدلالة الحديث .
3 – الخلط بين معنى أن المعصية خلاف الطاعة و المعصية عدم الطاعة فخلاف الشيء أي ضده و ليس عدمه و هذا يتضح من اعتراض الأخ أبي الفداء حين قال : ((لو كنت جالسا في بيتي منشغلا بعمل من أعمال المباحات، ذاهلا عن استحضار نية العبادة فيها، وانما عملتها على مجرى العادات، فهل أنا حالئذ في طاعة؟؟؟ كلا! فهل عدم كوني في طاعة في تلك الحالة، يعني بمفهوم المقابلة أنني في ذنب ؟ )) فهذا اعتراض في غير محله فإذا كانت الطاعة فعل أمر الشرع و ترك ما نهى عنه الشرع فضدها وخلافها ترك فعل ما أمر الشرع و فعل ما نهى عنه الشرع ،وقال ابن عثيمين في القول المفيد : (( قوله: "أن يطيع الله"، الطاعة: هي موافقة الأمر، أي: توافق الله فيما يريد منك إن أمرك، فالطاعة فعل المأمور به، وإن نهاك، فالطاعة ترك المنهي عنه، هذا معنى الطاعة إذا جاءت مفردة. أما إذا قيل: طاعة ومعصية، فالطاعة لفعل الأوامر، والمعصية لفعل النواهي ))
4 – الغفلة عما قاله أهل العلم بشأن أن المعصية هي خلاف الطاعة مثل :
قال البدر العيني في عمدة القاري : (( المعصية خلاف الطاعة ))
قال الطحاوي : (( الطاعة هي موافقة الأمر الديني الشرعي ))
قال الشنقيطي في أضواء البيان : (( المعصية خلاف الطاعة ))
5 – تأويل التوبة والاستغفار باشتراط أن تكون من ذنب متعمد و كأن الشخص لو نسي فرمى ورقة في قمامة فتبين أنها قرآن و استغفر لما كان لاستغفاره معنى إذ الاستغفار عندهم لابد أن يكون من ذنب متعمد و الناسي والمخطيء لا الاستفغار ولا توبة لفعله المخالف للشرع وهل لو قتل إنسان إنسان خطاءا و استغفر الله لما كان لاستغفاره معنى إذ الاستغفار عندهم لابد أن يكون من ذنب متعمد .
6 – الخوض في الأنبياء و كأنهم أناس مثلهم إن فعلوا معصية يفعلونها كما يفعل باقي الناس عن عمد و شهوة و لا يخفي ما في هذا من إيذاء للأنبياء .
7 – تأويل الاقتداء بالأنبياء بتخصيصهم الاقتداء بالأنبياء كقوله تعالى تعالى : ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ﴾ على حد زعمهم لا تقتدوا بهم في فعلهم المعاصي تعمدا لكن اقتدوا بهم في توبتهم منها أما لو فسروه بالنسيان والسهو فلا يصح أن يقال اقتدوا بهم فيما فعلوه ناسيين أو ساهين إذ النبي كان ناسي و أنت حين الفعل مدرك لا ناسي النبي حين فعل كان متأولا أما أنت حين تقدم الفعل فأنت عارف للحق غير متأول .
8 – تأويل قوله صلى الله عليه وسلم من يطع الله إذا عصيت فالعبرة بعموم اللفظ و ليست بخصوص السبب و إذا كان النبي قد قال هذا لمن يقول له اتقي الله فسأله سؤال إنكاري ومن يطع الله إذا عصيت ففي هذا دليل على عصمته من اقتراف المعاصي إذ هناك من يطع الله و لو كان النبي يعصي الله فلن تجد أحد يطع الله و هذا واضح إلا من أشرب بقول ليس عليه أثارة من علم ، و الحديث بتمامه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: بعث علي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهيبة فقسمها بين الأربعة، الأقرع بن حابس الحنظلي ثم المجاشعي، وعيينة بن بدر الفزاري، وزيد الطائي، ثم أحد بني نبهان، وعلقمة بن علاثة العامري، ثم أحد بني كلاب؛ فغضبت قريش والأنصار قالوا: يعطي صناديد أهل نجد ويدعنا قال: إنما أتألفهم فأقبل رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناتىء الجبين، كث اللحية، محلوق، فقال: اتق الله يا محمد فقال: من يطع الله إذا عصيت أيأمنني الله على أهل الأرض ولا تأمنونني فسأله رجل قتله، أحسبه خالد بن الوليد، فمنعه فلما ولى، قال: إن من ضئضئي هذا أو في عقب هذا قوم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان، لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد
9 – ترك حسن الظن في تصرفات الأنبياء و احتجوا بأن حسن الظن هذا يكون في حق من لم يعلمنا الله بحاله ومآله ولم يربطه بالوحي رباطا وثيقا يظهر عيانا للناظرين والتابعين ، و قد كذبوا في ذلك فالله لم يعلمنا أنهم فعلوها عمدا و تعمد خطأ الأنبياء ليس مقطوع به ولا يغلب على الظن و لن يستطيعوا أن يأتوا بنص واحد على قولهم و قولهم قول يحتاج لاستقراء ما اقترفه من الأنبياء من الأخطاء في الكتاب والسنة و إيجاد ما يدل على أنها تعمدا و ليست خطاءا ، والأصل البراءة .
10 – الغلو في السلف و جعل قول بعضهم حجة ملزمة ، و هذا لم يقل به أحد و يخالف الكتاب والسنة .
11 – جعل عدم العلم بالمخالف إجماعا و هذا لا يصح و إذا خفي المخالف على الشافعي رحمه الله في أمور و على مالك في أمور و غيرهما من كبار الأئمة فكيف يعلم من أقل منهما علما و تبحرا بعدم وجود المخالف ؟!!!
12 – يستدلون بما هو أعم من محل النزاع كاستدلالهم بتوبة الأنبياء و استغفار الأنبياء و غفلوا أن التوبة لا يشترط لها أن يكون الفعل قد وقع تعمدا .
13 – إهمال دلالة النصوص الظاهرة في عدم وقوع ما أخطأ فيه نبي من الأنبياء تعمدا لقول طائفة من علماء السلف كإهمال معنى النسيان الظاهر و تأويله بالترك .
14 – التجهيل والطعن فيمن خالفهم و إن كان من أهل العلم الثقات كابن العربي و القاضي عياض .
15 – يشترطون لفهم النصوص ما لم يشترطه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فيقولون لابد من سلف في المسألة و هل السلف تحدثوا في كل مسائل العقيدة ومسائل الفقه و نقل إلينا كل ما قالوه سبحانك ربي هذا بهتان عظيم .
16 – رفض عرض قول بعض أهل العلم المخالفين لهم و عرض قول طائفة من السلف الموافين لهم على الكتاب والسنة بل يؤخذ بقول السلف دون العرض على الكتاب والسنة ويترك قول العلماء الآخرين دون العرض على الكتاب والسنة ، و هل بعض السلف لهم العصمة في ألا يعرض قولهم على الكتاب والسنة ؟!!!
17 - غفلتهم أن السلف كانوا أكثر تعظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم منهم فقوم كانوا يتوضأوون لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا له أيقولون قد فعل الذنب عمدا و يخوضون فيما خاض فيه الأخوة الأعزاء و كل لبيب بالإشارة يفهموا
قال إبراهيم بن عبد الله بن قريم الأنصاري قاضي المدينة : مر مالك بن أنس على أبي حازم ، وهو يحدث ، فجازه ، وقال : إني لم أجد موضعاً أجلس فيه ، فكرهت أن آخذ حديث رسول الله وأنا قائم .
وقال مالك : جاء رجل إلى ابن المسيب ، فسأله عن حديث وهو مضطجع ، فجلس وحدثه ، فقال له الرجل : وددت أنك لم تتعن ، فقال : إني كرهت أن أحدثك عن رسول الله وأنا مضطجع .
وكان الأعمش إذا حدث وهو على غير وضوء تيمم .
وكان قتادة لا يحدث إلا على طهارة ، ولا يقرأ حديث النبي إلا على وضوء
18 – عدم أخذ الحق إلا من علماء السلف و إن كان الحق مع غيرهم وقال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: ( والله قد أمرنا ألا نقول عليه إلا الحق وألا نقول عليه إلا بعلم , وأمرنا بالعدل والقسط فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني – فضلاً عن الرافضي – قولاً فيه حق أن نتركه أو نرده كله بل لا نرد إلا ما فيه من الباطل دون ما فيه من الحق ) ( منهاج السنة ).
19 – الأخذ بلازم فعل البشر و الخلط بين من وافق قوم في شيء و بين من هو من القوم كما هو ظاهر من فعلهم بقول القرطبي والقاضي عياض وابن العربي و ابن عطية .
20 – عدم مراعاة أدب الخلاف في المناقشة فترى علو الصوت و التجهيل .
21 – ليت شعري إذا كان علماء السلف كأنوا يأمرون بعدم الخوض فيما حدث بين الصحابة في أحداث الفتنة فكيف يقولون فيمن يخوض في أخطاء الأنبياء أهي على سبيل العد والقصد أم السهو و الخطأ و ترك الأولى ؟
22 – عدم أخذ أحوط الأقوال فأسأل كل عاقل أيهم أحوط الأقوال وقوع الخطيئة من الأنبياء عمدا وقصدا أم سهوا و خطاءا فإن كانوا وقعوا فيها عمدا وقلت دون عمد فقد أخذت بحسن الظن فيهم و إن كانوا وقعوا فيها خطاءا فقد أسئت الظن بهم ، والخطأ بحسن الظن خير من الخطأ بسوء الظن في مثل هذه الأمور كما أن الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة و الخطأ في عدم التكفير خير من الخطأ في التكفير .
23 – عدم أخذ أوسط الأقوال فقول ينفي المعصية تماما و قول يثبت المعصية وقول يقول إن وقعت المعصية فهي على غير تعمد فهو أوسطها و إن أبوا إلا ما يوافق قولهم .
24 – أيأمر الأنبياء بالمعروف و لا يأتوه و ينهوا عن المنكر و يأتوه فيدخلوا في قوله تعالى : ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ .
25 – مكابرة أن في قولهم تجرئة الناس على المعاصي فإذا كان من خلقه الله بيده و اسكنه الجنة و آراه الآيات البينات يعصي الله فغيره يعصي الله من باب أولى و بذلك يستدل كل مقترف لمعصية واحتجوا بقولهم لأنهم ما كان لهم أن يتركوا الناس يتبعونهم على عمل ليس من أمر دينهم، حتى وان لم يكن معصية، فما تركوهم الا وبينوا لهم ذلك و كذبوا فكلامنا أعم و ليس خاص بأمة كل نبي أي رجل يسمع أن آدم عليه السلام أخطأ عمدا و موسى و إبراهيم عليهم السلام ألا يجرئه ذلك على اقتراف المعاصي لكن هم يخصصون العام نصرة لقولهم و يعممون الخاص نصرة لقولهم و يأولون .
26 – مكابرة أن قولهم بثبوت وقوع الأنبياء في المعاصي عمدا فيه حمل تصرفاتهم عليهم السلام على أسوأ المحامل و احتجوا أن الأمر أمر نص لا يحل لنا العبث في فهمه و كذبوا فلا نص يثبت عمدهم للخطأ و إلا فليثبتوه .
27 – مكابرتهم و إنكارهم أن في أنه لو صدر عن الأنبياء الذنب لما نالوا عهده تعالى فقد قال تعالى : ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ و احتجوا بأن الظلم متفاوت و بإقرار بعض الأنبياء بذنوبهم و استدلوا بقولهم : ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ و غفلوا أن الظالمين عام بعدم نيل النبوة ظالم فهو ينفي أي ظلم عن أي نبي لذلك اعتراف نبي بظلم تعظيما له لأمر الله و لشدة ورعه فإن كان حتى وقع منهم خطاءا فهذا الخطأ مستعظم عندهم لشدة معرفتهم بالله و الآية التي استدلوا بها المقصود بها الشرك و هو منفي عنهم في عموم نفي الظلم عنهم .
28 – مكابرتهم بأنه لو صدر عن الأنبياء الذنب لكانوا غير مخلصين ؛ لأن فعل الذنوب يكون بإغواء الشيطان فهو لا يغوي المخلصين لقوله تعالى : ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّه ُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ و اللازم باطل و بطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم و احتجوا بأنه ليس الوقوع في الذنب دليلا على عدم الاخلاص بعموم و أن وقوع العبد المخلص في غواية الشيطان أحيانا لا يجرده من صفة الاخلاص، وانما المراد أن الشيطان لا يمكنه اهلاك المخلصين بغوايته اياهم، لأنهم سرعان ما يتوبون ويرجعون فلا يضرهم ما أوقعهم فيه الشيطان ، و قلت دائما تأول أخي أبو الفداء و تمنع غيرك من التأويل و الشيطان قد أقسم إنه سيد الجميع إلا فئة قليلة ألا وهم العباد الذين أخلصهم الله له فهؤلاء لا يستجيبون لتزييين الشيطان عكس غالب البشر و إلا لما كان لاستثنائهم معنى فالناس تقع في الذنوب وتتوب و ينقادون للمعاصي لكن قلة منهم هم الذين لا يستجيبون للشيطان و على رأسهم الأنبياء والمرسلين .
وإليك ما قاله العلماء :
قال السعدي في تفسيره : ﴿ قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ﴾أي أزين لهم الدنيا وأدعوهم إلى إيثارها على الأخرى حتى يكونوا منقادين لكل معصية ﴿ ولأغوينهم أجمعين ﴾ أي أصدهم كلهم عن الصراط المستقيم ﴿ إلا عبادك منهم المخلصين ﴾ أي الذين أخلصتهم واجتبيتهم لإخلاصهم وإيمانهم وتوكلهم .
و في تنوير المقباس : ﴿قال فبعزتك ﴾ فبنعمتك وقدرتك ﴿ لأغوينهم ﴾ لأضلنهم عن دينك وطاعتك ﴿ أجمعين إلا عبادك منهم ﴾ من بني آدم ﴿ المخلصين ﴾ المعصومين مني ﴿ قال ﴾ الله له ﴿ فالحق ﴾ يقول أنا الحق ﴿ والحق ﴾ يقول وبالحق ﴿ أقول لأملأن جهنم منك ﴾ ومن ذريتك ﴿ وممن تبعك منهم ﴾ من بني آدم ﴿ أجمعين } جميع من أطاعك بالدين ﴿ قل ﴾يا محمد لأهل مكة ﴿ مآ أسألكم عليه ﴾على التوحيد والقرآن ﴿ من أجر ﴾ من جعل ورزق ﴿ ومآ أنآ من المتكلفين ﴾ من المختلفين من تلقاء نفسي ﴿ إن هو﴾ما هو يعني القرآن ﴿ إلا ذكر } عظة ﴿ للعالمين ﴾للجن والإنس ﴿ ولتعلمن نبأه ﴾ خبر القرآن وما فيه من الوعد والوعيد ﴿ بعد حين ﴾ بعد الإيمان ويقال بعد الموت فمنهم من علم بعد الإيمان وهم المؤمنون ومنهم من علم بعد الموت وهم الكفار أن ما قال الله في القرآن هو الحق .
29 - اعتمادهم على إجماع موهوم و عند التحقيق نجد أنه ليس بإجماع فقد قال شيخ الإسلام رحمه الله :
(( إِنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ عَنْ الْكَبَائِرِ دُونَ الصَّغَائِرِ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ وَجَمِيعِ الطَّوَائِفِ حَتَّى إنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْكَلَامِ كَمَا ذَكَرَ " أَبُو الْحَسَنِ الآمدي " أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَشْعَرِيَّة ِ وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ بَلْ هُوَ لَمْ يَنْقُلْ عَنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ إلَّا مَا يُوَافِقُ هَذَا الْقَوْلَ))
و قال شيخ الإسلام: رحمه الله (( و الجمهور الذين يقولون بجواز الصغائر عليهم يقولون إنهم معصومون من الإقرار عليها وحينئذ فما وصفوهم إلا بما فيه كمالهم فإن الأعمال بالخواتيم مع أن القرآن والحديث وإجماع السلف معهم في تقرير هذا الأصل فالمنكرون لذلك يقولون في تحريف القرآن ما هو من جنس قول أهل البهتان ويحرفون الكلم عن مواضعه)) هل الأصل أن الأعمال بالخواتيم هو الإجماع أم جواز وقوع الضغائر من الأنبياء هو الإجماع ثم قوله السابق بأنه قول أكثر أهل التفسير والحديث و الفقه و الذي يدل على وجود المخالف منهم
وقول ابن تيمية : ((وهذا الباب فيه مسائل كثيرة ليس هذا موضع تفصيلها ولبسطها موضع آخر والمقصود التنبيه ولهذا كان السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وغيرهم من أئمة المسلمين متفقين على ما دل عليه الكتاب والسنة من أحوال الأنبياء لا يعرف عن أحد منهم القول بما أحدثته المعتزلة والرافضة ومن تبعهم في هذا الباب بل كتب التفسير والحديث والآثار والزهد وأخبار السلف مشحونة عن الصحابة والتابعين بمثل ما دل عليه القرآن وليس فيهم من حرف الآيات كتحريف هؤلاء ولا من كذب بما في الأحاديث كتكذيب هؤلاء ولا من قال هذا يمنع الوثوق أو يوجب التنفير ونحو ذلك كما قال هؤلاء بل أقوال هؤلاء الذين غلوا بجهل من الأقوال المبتدعة في الإسلام وهم قصدوا تعظيم الأنبياء بجهل كما قصدت النصارى تعظيم المسيح وأحبارهم ورهبانهم بجهل)) و الإمام قال أن الكتب مليئة بذلك و أين هذه الكتب أريد فقط كلام الأئمة الأربعة و قول الصحابة إذا كانت الكتب مليئة بذلك ، وإذا كان على حد قوله لم ينقل عن الصحابة والتابعين خلاف ذلك فاعتماده على عدم النقل و عدم النقل ليس علما بعدم وجود المخالف و أنى لمن عاش في القرن الثامن الهجري و القرن السابع الهجري أن يعلم كل أقوال أصحاب القرون الثلاثة الأولى و إذا حكى من هو أقرب للقرون الثلاثة الأولى أن هناك من السلف قالوا بخلاف ذلك وحكوا الخلاف في المسألة و إن لم يقولوا بأسمائهم أليس من الحق عدم القول بهذا الإجماع المزعوم الذي بان وجود خلاف في المسألة و إذا كان الخلاف حكاه أربعة علماء منهم من قال بأن جماعة من السلف قالوا بخلاف هذا ومنهم من حكى الخلاف ومنهم من عنف القول بوقوع الذنوب عمدا أنترك كل هذا لقول شخص أتى بعدهم و إن كان إمام كبير و إذا كان الخلاف قد حكي و عرف فكيف بمن لم نعرف حكايتهم للإجماع مع ضياع الكثير من الكتب في الحروب وغير ذلك .
30 – جعل التعمد على درجات و الخلط بين التعمد و القصد والخطأ ،و الفعل العمد هو الفعل الذي لم يكن خطاءا ، و الفعل الخطأ هو الفعل الذي لم يكن عمدا ، قال ابن حجر: (( والمعروف عند أهل اللغة أن خطئ بمعنى أثم، وأخطأ إذا لم يتعمد، أو إذا لم يصب )) أما القصد فهو العزم المتجه نحو إنشاء فعل ( معجم المصطلحات و الألفاظ الفقهية لمحمود عبد المنعم ) فالقصد قد يكون بعمد أو بغير عمد
وقد أحسن القاريء إلى خير ما انتهى
و المناقشة بعدما ارجع بإذن الله إما ليلا غدا أو بعد ثلاثة أيام أما الآن فأنا اتأهب للذهاب للمستشفى
هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
بسم الله أبدأ وبه اهتدي وعليه اتوكل
أولا : معذرة على التأخير فالنت عندي كان منقطع و لم يعمل إلا الآن و أنا بعد ربع ساعة سأذهب للمستشفى و إم جئت غدا ليلا أو بعد ثلاثة أيام فهذه استطاعتي و الله لا يكلف نفسا إلا وسعها
ثانيا : لكثرة التعقيبات علي و عندما أرد على واحدة أجد العديد من التعقبات المتكررة في الغالب سأرد مرة واحدة على الكل فوقتي قصير و هناك من المسائل الأخرى تحتاج للبحث عنها غير هذه المسألة .
ثالثا : آمل ألا تجعل هذه المناقشة سببا في بغضنا بعضنا البعض فليس خلافنا في مسألة سببا لكره بعضنا البعض .
رابعا : ما أرى أخواني و أحبابي جانبوا فيه الصواب هو ما يلي :
1 – تأويل النسيان و القول بأنه الترك دون النسيان الظاهر الذي هو ضد الذكر ، و لو قالوا بأن النسيان نوعان نسيان بمعنى عدم الحفظ و نسيان بمعنى الترك لكان له وجه و كتب اللغة و التفسير مليئة بأن النسيان ضد الحفظ أو ذهول القلب عن معلوم
قال النيسابوري في تفسيره : (( ضد النسيان هو الذكر ﴿ واذكر ربك إذا نسيت ﴾ ))
قال ابن عثيمين في تفسير سورة البقرة : (( قوله تعالى: ﴿ إن نسينا أو أخطأنا ﴾ : «النسيان» هو ذهول القلب عن معلوم؛ يكون الإنسان يعلم الشيء، ثم يغيب عنه ؛ ويسمى هذا نسيانا، كما لو سألتك: ماذا صنعت بالأمس؟ تقول: «نسيت»؛ فأنت فاعل؛ ولكن غاب عنك فعله ))
قال شهاب الدين أحمد بن محمد الهائم المصري : (( النسيان ضد الذكر وهو السهو الحادث بعد حصول العلم ويطلق أيضا على الترك ))
قال أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان في البحر المحيط : (( النسيان : ضد الذكر ، وهو السهو الحادث بعد حصول العلم ، ويطلق أيضا على الترك ، وضده الفعل ))
قال صاحب مناهل العرفان : (( النسيان المحو التام من الذاكرة ))
قال صاحب التبيان في غريب القرآن : (( الذكر بضم الذال وكسرها لغتان بمعنى واحد وقال الكسائي بالكسر ضد الصمت وبالضم ضد النسيان وهو بمعنى التيقظ والتنبه ))
قال ابن منظور : (( و الذكر و الذكرى بالكسر نقيض النسيان وكذلك الذكرة ))
قال في مختار الصحاح : (( و الذكر و الذكرى و الذكرة ضد النسيان )) و قال أيضا : ((النسيان بكسر النون وسكون السين ضد الذكر والحفظ ورجل نسيان بفتح النون كثير النسيان للشيء وقد نسي الشيء بالكسر نسيانا و أنساه الله الشيء و تناساه أرى من نفسه أنه نسيه و النسيان أيضا الترك قال الله تعالى نسوا الله فنسيهم ))
قال الفراهيدي في العين : (( الحِفْظ: نقيض النِّسيان ، و هو التَّعاهدُ وقلّة الغَفْلة )) و قال أيضا : ((
نَسِيَ فلانٌ شيئاً كان يَذْكُرُهُ، وإنّه لنسيٌّ، أي: كثير النّسيان، من قوله جلّ وعزّ: " وما كان ربّك نَسِيّا " .
والنَّسْي: الشّيء المَنسِيّ الذي لا يُذكر. يقال: منه قوله تعالى: " وكنت نَسْياً مَنْسيّاً " . ويقال: هو خِرقه الحائض إذا رمت به.
ونَسِيتُ الحديث نسيا. ويقال: أَنْسَيتُ إنساءً، ونَسِيتُ: أجود، قال الله تعالى: فإنّي نَسِيت الحوت، ولم يقل: أنسيت، ومعنى أنسيت: أخّرت.
وسمِّي الإنسان من النِّسيان ))
و قال الجوهري في الصحاح : (( الصحاح في اللغة : والذِكْرى، بالكسر: خلاف النِسْيانِ ))
و العرب تطلق على النسيان الترك ؛ لأن الترك نوع من النسيان أما النسيان عند الإطلاق فهو عدم الحفظ ،و هو الذي نفاه الله عنه في قوله تعالى : ﴿ قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى ﴾ أما النسيان في قوله تعالى : ﴿ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ فهذا بمعنى الترك فالفطر قائمة في الناس وهي تناديهم للإيمان بربّهم ومعلنة فيهم بفقرهم الإضطراري لخالقهم جلّ وعلا و لما تركوا الله ، تركهم اللّه جزاء وعدلا .
2 – تأويل الذنب و المعصية أنهما مخالفة الأمر تعمدا ، وهذا خلاف ما جاءت به النصوص قال تعالى : ﴿ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا ﴾ فلو كان النسيان و الخطأ لا يطلق عليه ذنب لما كان هناك داعيا لطلب عدم المؤاخذة به ، و قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه )) ( سنن ابن ماجة ) فلو كان النسيان والخطأ لا يطلق عليه ذنب و معصية لما كان هناك داعيا لتجاوز الله عن هذه الأمة الخطأ والنسيان فإثم المعصية خطاءا أو نسيانا رفع عن هذه الأمة بدلالة الحديث .
3 – الخلط بين معنى أن المعصية خلاف الطاعة و المعصية عدم الطاعة فخلاف الشيء أي ضده و ليس عدمه و هذا يتضح من اعتراض الأخ أبي الفداء حين قال : ((لو كنت جالسا في بيتي منشغلا بعمل من أعمال المباحات، ذاهلا عن استحضار نية العبادة فيها، وانما عملتها على مجرى العادات، فهل أنا حالئذ في طاعة؟؟؟ كلا! فهل عدم كوني في طاعة في تلك الحالة، يعني بمفهوم المقابلة أنني في ذنب ؟ )) فهذا اعتراض في غير محله فإذا كانت الطاعة فعل أمر الشرع و ترك ما نهى عنه الشرع فضدها وخلافها ترك فعل ما أمر الشرع و فعل ما نهى عنه الشرع ،وقال ابن عثيمين في القول المفيد : (( قوله: "أن يطيع الله"، الطاعة: هي موافقة الأمر، أي: توافق الله فيما يريد منك إن أمرك، فالطاعة فعل المأمور به، وإن نهاك، فالطاعة ترك المنهي عنه، هذا معنى الطاعة إذا جاءت مفردة. أما إذا قيل: طاعة ومعصية، فالطاعة لفعل الأوامر، والمعصية لفعل النواهي ))
4 – الغفلة عما قاله أهل العلم بشأن أن المعصية هي خلاف الطاعة مثل :
قال البدر العيني في عمدة القاري : (( المعصية خلاف الطاعة ))
قال الطحاوي : (( الطاعة هي موافقة الأمر الديني الشرعي ))
قال الشنقيطي في أضواء البيان : (( المعصية خلاف الطاعة ))
5 – تأويل التوبة والاستغفار باشتراط أن تكون من ذنب متعمد و كأن الشخص لو نسي فرمى ورقة في قمامة فتبين أنها قرآن و استغفر لما كان لاستغفاره معنى إذ الاستغفار عندهم لابد أن يكون من ذنب متعمد و الناسي والمخطيء لا الاستفغار ولا توبة لفعله المخالف للشرع وهل لو قتل إنسان إنسان خطاءا و استغفر الله لما كان لاستغفاره معنى إذ الاستغفار عندهم لابد أن يكون من ذنب متعمد .
6 – الخوض في الأنبياء و كأنهم أناس مثلهم إن فعلوا معصية يفعلونها كما يفعل باقي الناس عن عمد و شهوة و لا يخفي ما في هذا من إيذاء للأنبياء .
7 – تأويل الاقتداء بالأنبياء بتخصيصهم الاقتداء بالأنبياء كقوله تعالى تعالى : ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ﴾ على حد زعمهم لا تقتدوا بهم في فعلهم المعاصي تعمدا لكن اقتدوا بهم في توبتهم منها أما لو فسروه بالنسيان والسهو فلا يصح أن يقال اقتدوا بهم فيما فعلوه ناسيين أو ساهين إذ النبي كان ناسي و أنت حين الفعل مدرك لا ناسي النبي حين فعل كان متأولا أما أنت حين تقدم الفعل فأنت عارف للحق غير متأول .
8 – تأويل قوله صلى الله عليه وسلم من يطع الله إذا عصيت فالعبرة بعموم اللفظ و ليست بخصوص السبب و إذا كان النبي قد قال هذا لمن يقول له اتقي الله فسأله سؤال إنكاري ومن يطع الله إذا عصيت ففي هذا دليل على عصمته من اقتراف المعاصي إذ هناك من يطع الله و لو كان النبي يعصي الله فلن تجد أحد يطع الله و هذا واضح إلا من أشرب بقول ليس عليه أثارة من علم ، و الحديث بتمامه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: بعث علي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهيبة فقسمها بين الأربعة، الأقرع بن حابس الحنظلي ثم المجاشعي، وعيينة بن بدر الفزاري، وزيد الطائي، ثم أحد بني نبهان، وعلقمة بن علاثة العامري، ثم أحد بني كلاب؛ فغضبت قريش والأنصار قالوا: يعطي صناديد أهل نجد ويدعنا قال: إنما أتألفهم فأقبل رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناتىء الجبين، كث اللحية، محلوق، فقال: اتق الله يا محمد فقال: من يطع الله إذا عصيت أيأمنني الله على أهل الأرض ولا تأمنونني فسأله رجل قتله، أحسبه خالد بن الوليد، فمنعه فلما ولى، قال: إن من ضئضئي هذا أو في عقب هذا قوم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان، لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد
9 – ترك حسن الظن في تصرفات الأنبياء و احتجوا بأن حسن الظن هذا يكون في حق من لم يعلمنا الله بحاله ومآله ولم يربطه بالوحي رباطا وثيقا يظهر عيانا للناظرين والتابعين ، و قد كذبوا في ذلك فالله لم يعلمنا أنهم فعلوها عمدا و تعمد خطأ الأنبياء ليس مقطوع به ولا يغلب على الظن و لن يستطيعوا أن يأتوا بنص واحد على قولهم و قولهم قول يحتاج لاستقراء ما اقترفه من الأنبياء من الأخطاء في الكتاب والسنة و إيجاد ما يدل على أنها تعمدا و ليست خطاءا ، والأصل البراءة .
10 – الغلو في السلف و جعل قول بعضهم حجة ملزمة ، و هذا لم يقل به أحد و يخالف الكتاب والسنة .
11 – جعل عدم العلم بالمخالف إجماعا و هذا لا يصح و إذا خفي المخالف على الشافعي رحمه الله في أمور و على مالك في أمور و غيرهما من كبار الأئمة فكيف يعلم من أقل منهما علما و تبحرا بعدم وجود المخالف ؟!!!
12 – يستدلون بما هو أعم من محل النزاع كاستدلالهم بتوبة الأنبياء و استغفار الأنبياء و غفلوا أن التوبة لا يشترط لها أن يكون الفعل قد وقع تعمدا .
13 – إهمال دلالة النصوص الظاهرة في عدم وقوع ما أخطأ فيه نبي من الأنبياء تعمدا لقول طائفة من علماء السلف كإهمال معنى النسيان الظاهر و تأويله بالترك .
14 – التجهيل والطعن فيمن خالفهم و إن كان من أهل العلم الثقات كابن العربي و القاضي عياض .
15 – يشترطون لفهم النصوص ما لم يشترطه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فيقولون لابد من سلف في المسألة و هل السلف تحدثوا في كل مسائل العقيدة ومسائل الفقه و نقل إلينا كل ما قالوه سبحانك ربي هذا بهتان عظيم .
16 – رفض عرض قول بعض أهل العلم المخالفين لهم و عرض قول طائفة من السلف الموافين لهم على الكتاب والسنة بل يؤخذ بقول السلف دون العرض على الكتاب والسنة ويترك قول العلماء الآخرين دون العرض على الكتاب والسنة ، و هل بعض السلف لهم العصمة في ألا يعرض قولهم على الكتاب والسنة ؟!!!
17 - غفلتهم أن السلف كانوا أكثر تعظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم منهم فقوم كانوا يتوضأوون لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا له أيقولون قد فعل الذنب عمدا و يخوضون فيما خاض فيه الأخوة الأعزاء و كل لبيب بالإشارة يفهموا
قال إبراهيم بن عبد الله بن قريم الأنصاري قاضي المدينة : مر مالك بن أنس على أبي حازم ، وهو يحدث ، فجازه ، وقال : إني لم أجد موضعاً أجلس فيه ، فكرهت أن آخذ حديث رسول الله وأنا قائم .
وقال مالك : جاء رجل إلى ابن المسيب ، فسأله عن حديث وهو مضطجع ، فجلس وحدثه ، فقال له الرجل : وددت أنك لم تتعن ، فقال : إني كرهت أن أحدثك عن رسول الله وأنا مضطجع .
وكان الأعمش إذا حدث وهو على غير وضوء تيمم .
وكان قتادة لا يحدث إلا على طهارة ، ولا يقرأ حديث النبي إلا على وضوء
18 – عدم أخذ الحق إلا من علماء السلف و إن كان الحق مع غيرهم وقال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: ( والله قد أمرنا ألا نقول عليه إلا الحق وألا نقول عليه إلا بعلم , وأمرنا بالعدل والقسط فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني – فضلاً عن الرافضي – قولاً فيه حق أن نتركه أو نرده كله بل لا نرد إلا ما فيه من الباطل دون ما فيه من الحق ) ( منهاج السنة ).
19 – الأخذ بلازم فعل البشر و الخلط بين من وافق قوم في شيء و بين من هو من القوم كما هو ظاهر من فعلهم بقول القرطبي والقاضي عياض وابن العربي و ابن عطية .
20 – عدم مراعاة أدب الخلاف في المناقشة فترى علو الصوت و التجهيل .
21 – ليت شعري إذا كان علماء السلف كأنوا يأمرون بعدم الخوض فيما حدث بين الصحابة في أحداث الفتنة فكيف يقولون فيمن يخوض في أخطاء الأنبياء أهي على سبيل العد والقصد أم السهو و الخطأ و ترك الأولى ؟
22 – عدم أخذ أحوط الأقوال فأسأل كل عاقل أيهم أحوط الأقوال وقوع الخطيئة من الأنبياء عمدا وقصدا أم سهوا و خطاءا فإن كانوا وقعوا فيها عمدا وقلت دون عمد فقد أخذت بحسن الظن فيهم و إن كانوا وقعوا فيها خطاءا فقد أسئت الظن بهم ، والخطأ بحسن الظن خير من الخطأ بسوء الظن في مثل هذه الأمور كما أن الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة و الخطأ في عدم التكفير خير من الخطأ في التكفير .
23 – عدم أخذ أوسط الأقوال فقول ينفي المعصية تماما و قول يثبت المعصية وقول يقول إن وقعت المعصية فهي على غير تعمد فهو أوسطها و إن أبوا إلا ما يوافق قولهم .
24 – أيأمر الأنبياء بالمعروف و لا يأتوه و ينهوا عن المنكر و يأتوه فيدخلوا في قوله تعالى : ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ .
25 – مكابرة أن في قولهم تجرئة الناس على المعاصي فإذا كان من خلقه الله بيده و اسكنه الجنة و آراه الآيات البينات يعصي الله فغيره يعصي الله من باب أولى و بذلك يستدل كل مقترف لمعصية واحتجوا بقولهم لأنهم ما كان لهم أن يتركوا الناس يتبعونهم على عمل ليس من أمر دينهم، حتى وان لم يكن معصية، فما تركوهم الا وبينوا لهم ذلك و كذبوا فكلامنا أعم و ليس خاص بأمة كل نبي أي رجل يسمع أن آدم عليه السلام أخطأ عمدا و موسى و إبراهيم عليهم السلام ألا يجرئه ذلك على اقتراف المعاصي لكن هم يخصصون العام نصرة لقولهم و يعممون الخاص نصرة لقولهم و يأولون .
26 – مكابرة أن قولهم بثبوت وقوع الأنبياء في المعاصي عمدا فيه حمل تصرفاتهم عليهم السلام على أسوأ المحامل و احتجوا أن الأمر أمر نص لا يحل لنا العبث في فهمه و كذبوا فلا نص يثبت عمدهم للخطأ و إلا فليثبتوه .
27 – مكابرتهم و إنكارهم أن في أنه لو صدر عن الأنبياء الذنب لما نالوا عهده تعالى فقد قال تعالى : ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ و احتجوا بأن الظلم متفاوت و بإقرار بعض الأنبياء بذنوبهم و استدلوا بقولهم : ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ و غفلوا أن الظالمين عام بعدم نيل النبوة ظالم فهو ينفي أي ظلم عن أي نبي لذلك اعتراف نبي بظلم تعظيما له لأمر الله و لشدة ورعه فإن كان حتى وقع منهم خطاءا فهذا الخطأ مستعظم عندهم لشدة معرفتهم بالله و الآية التي استدلوا بها المقصود بها الشرك و هو منفي عنهم في عموم نفي الظلم عنهم .
28 – مكابرتهم بأنه لو صدر عن الأنبياء الذنب لكانوا غير مخلصين ؛ لأن فعل الذنوب يكون بإغواء الشيطان فهو لا يغوي المخلصين لقوله تعالى : ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّه ُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ و اللازم باطل و بطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم و احتجوا بأنه ليس الوقوع في الذنب دليلا على عدم الاخلاص بعموم و أن وقوع العبد المخلص في غواية الشيطان أحيانا لا يجرده من صفة الاخلاص، وانما المراد أن الشيطان لا يمكنه اهلاك المخلصين بغوايته اياهم، لأنهم سرعان ما يتوبون ويرجعون فلا يضرهم ما أوقعهم فيه الشيطان ، و قلت دائما تأول أخي أبو الفداء و تمنع غيرك من التأويل و الشيطان قد أقسم إنه سيد الجميع إلا فئة قليلة ألا وهم العباد الذين أخلصهم الله له فهؤلاء لا يستجيبون لتزييين الشيطان عكس غالب البشر و إلا لما كان لاستثنائهم معنى فالناس تقع في الذنوب وتتوب و ينقادون للمعاصي لكن قلة منهم هم الذين لا يستجيبون للشيطان و على رأسهم الأنبياء والمرسلين .
وإليك ما قاله العلماء :
قال السعدي في تفسيره : ﴿ قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ﴾أي أزين لهم الدنيا وأدعوهم إلى إيثارها على الأخرى حتى يكونوا منقادين لكل معصية ﴿ ولأغوينهم أجمعين ﴾ أي أصدهم كلهم عن الصراط المستقيم ﴿ إلا عبادك منهم المخلصين ﴾ أي الذين أخلصتهم واجتبيتهم لإخلاصهم وإيمانهم وتوكلهم .
و في تنوير المقباس : ﴿قال فبعزتك ﴾ فبنعمتك وقدرتك ﴿ لأغوينهم ﴾ لأضلنهم عن دينك وطاعتك ﴿ أجمعين إلا عبادك منهم ﴾ من بني آدم ﴿ المخلصين ﴾ المعصومين مني ﴿ قال ﴾ الله له ﴿ فالحق ﴾ يقول أنا الحق ﴿ والحق ﴾ يقول وبالحق ﴿ أقول لأملأن جهنم منك ﴾ ومن ذريتك ﴿ وممن تبعك منهم ﴾ من بني آدم ﴿ أجمعين } جميع من أطاعك بالدين ﴿ قل ﴾يا محمد لأهل مكة ﴿ مآ أسألكم عليه ﴾على التوحيد والقرآن ﴿ من أجر ﴾ من جعل ورزق ﴿ ومآ أنآ من المتكلفين ﴾ من المختلفين من تلقاء نفسي ﴿ إن هو﴾ما هو يعني القرآن ﴿ إلا ذكر } عظة ﴿ للعالمين ﴾للجن والإنس ﴿ ولتعلمن نبأه ﴾ خبر القرآن وما فيه من الوعد والوعيد ﴿ بعد حين ﴾ بعد الإيمان ويقال بعد الموت فمنهم من علم بعد الإيمان وهم المؤمنون ومنهم من علم بعد الموت وهم الكفار أن ما قال الله في القرآن هو الحق .
29 - اعتمادهم على إجماع موهوم و عند التحقيق نجد أنه ليس بإجماع فقد قال شيخ الإسلام رحمه الله :
(( إِنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ عَنْ الْكَبَائِرِ دُونَ الصَّغَائِرِ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ وَجَمِيعِ الطَّوَائِفِ حَتَّى إنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْكَلَامِ كَمَا ذَكَرَ " أَبُو الْحَسَنِ الآمدي " أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَشْعَرِيَّة ِ وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ بَلْ هُوَ لَمْ يَنْقُلْ عَنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ إلَّا مَا يُوَافِقُ هَذَا الْقَوْلَ))
و قال شيخ الإسلام: رحمه الله (( و الجمهور الذين يقولون بجواز الصغائر عليهم يقولون إنهم معصومون من الإقرار عليها وحينئذ فما وصفوهم إلا بما فيه كمالهم فإن الأعمال بالخواتيم مع أن القرآن والحديث وإجماع السلف معهم في تقرير هذا الأصل فالمنكرون لذلك يقولون في تحريف القرآن ما هو من جنس قول أهل البهتان ويحرفون الكلم عن مواضعه)) هل الأصل أن الأعمال بالخواتيم هو الإجماع أم جواز وقوع الضغائر من الأنبياء هو الإجماع ثم قوله السابق بأنه قول أكثر أهل التفسير والحديث و الفقه و الذي يدل على وجود المخالف منهم
وقول ابن تيمية : ((وهذا الباب فيه مسائل كثيرة ليس هذا موضع تفصيلها ولبسطها موضع آخر والمقصود التنبيه ولهذا كان السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وغيرهم من أئمة المسلمين متفقين على ما دل عليه الكتاب والسنة من أحوال الأنبياء لا يعرف عن أحد منهم القول بما أحدثته المعتزلة والرافضة ومن تبعهم في هذا الباب بل كتب التفسير والحديث والآثار والزهد وأخبار السلف مشحونة عن الصحابة والتابعين بمثل ما دل عليه القرآن وليس فيهم من حرف الآيات كتحريف هؤلاء ولا من كذب بما في الأحاديث كتكذيب هؤلاء ولا من قال هذا يمنع الوثوق أو يوجب التنفير ونحو ذلك كما قال هؤلاء بل أقوال هؤلاء الذين غلوا بجهل من الأقوال المبتدعة في الإسلام وهم قصدوا تعظيم الأنبياء بجهل كما قصدت النصارى تعظيم المسيح وأحبارهم ورهبانهم بجهل)) و الإمام قال أن الكتب مليئة بذلك و أين هذه الكتب أريد فقط كلام الأئمة الأربعة و قول الصحابة إذا كانت الكتب مليئة بذلك ، وإذا كان على حد قوله لم ينقل عن الصحابة والتابعين خلاف ذلك فاعتماده على عدم النقل و عدم النقل ليس علما بعدم وجود المخالف و أنى لمن عاش في القرن الثامن الهجري و القرن السابع الهجري أن يعلم كل أقوال أصحاب القرون الثلاثة الأولى و إذا حكى من هو أقرب للقرون الثلاثة الأولى أن هناك من السلف قالوا بخلاف ذلك وحكوا الخلاف في المسألة و إن لم يقولوا بأسمائهم أليس من الحق عدم القول بهذا الإجماع المزعوم الذي بان وجود خلاف في المسألة و إذا كان الخلاف حكاه أربعة علماء منهم من قال بأن جماعة من السلف قالوا بخلاف هذا ومنهم من حكى الخلاف ومنهم من عنف القول بوقوع الذنوب عمدا أنترك كل هذا لقول شخص أتى بعدهم و إن كان إمام كبير و إذا كان الخلاف قد حكي و عرف فكيف بمن لم نعرف حكايتهم للإجماع مع ضياع الكثير من الكتب في الحروب وغير ذلك .
30 – جعل التعمد على درجات و الخلط بين التعمد و القصد والخطأ ،و الفعل العمد هو الفعل الذي لم يكن خطاءا ، و الفعل الخطأ هو الفعل الذي لم يكن عمدا ، قال ابن حجر: (( والمعروف عند أهل اللغة أن خطئ بمعنى أثم، وأخطأ إذا لم يتعمد، أو إذا لم يصب )) أما القصد فهو العزم المتجه نحو إنشاء فعل ( معجم المصطلحات و الألفاظ الفقهية لمحمود عبد المنعم ) فالقصد قد يكون بعمد أو بغير عمد
وقد أحسن القاريء إلى خير ما انتهى
و المناقشة بعدما ارجع بإذن الله إما ليلا غدا أو بعد ثلاثة أيام أما الآن فأنا اتأهب للذهاب للمستشفى
هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
انا لله وانا اليه راجعون ..
ثلاث شبهات أو أربعة مفرودة في ثلاثين نقطة، ثم يعجب أخونا الفاضل من وصفنا جداله هذا بالمراء الواضح!
يا دكتور، دعك من كل هذا - وان كنت لن أترك ما فيه من تلبيس بلا جواب، وسأرجع عليه بالرد فيما بعد بحول الله في حين متسع من الوقت.. - وأجب الآن عن سؤالين واضحين محددين لا ثالث لهما:
1 - ان قلنا أن النسيان له في لسان العرب معنيان - وقد نقلتهما أنت بنفسك من كلام أهل اللغة - فما الدليل الذي بناءا عليه نقرر أي المعنيين هو المقصود في موضع النزاع؟ ان كانت تلك النقاط الخمسة التي تفلسفت بها في مشاركتك قبل الماضية فقد بينت لك بحول الله أنها محض تفلسف وتأول مردود عليه بما هو أحسن منه ولله الحمد .. وأقل ما فيها ألا تصح دليلا، وهذا واضح ولله الحمد وان أصررت أنت على خلافه! فان اختلفنا في فهم كلمة، فالى من نرجع يا دكتور يا سلفي وكيف نقيم الأدلة على صحة ما فهمنا؟؟
المقصود بالدليل أن تقدم لنا سلفا من القرون الأولى يقول بهذا الذي ذهبت اليه في معنى النسيان هنا .. فان فعلت سلمنا لك يا سيدنا وأرحناك وارتحنا ... !!! بس!
أنا ما احتججت عليك بالاجماع حتى الآن، والذي رددته لزعمك أن ناقله - شيخ الاسلام رحمه الله - لم يكن مسبوقا الى مثله .. (وان كان في تصورك لمسألة عدم العلم بالمخالف خلل واضح قد أسهبتُ في بيانه من قبل وليس في جسدي صحة ولا في وقتي سعة تسمح لي باعادة ذلك كله من جديد!!) وانما أقول لك أن زعمك بأن النسيان معناه الأصلي هو الذهول عن النهي وسقوطه من الذاكرة، وأن المعنى الآخر هو معنى (غير حقيقي) أو (بخلاف الأصل) فلا يصار اليه الا بدليل = هذا زعم باطل ورجم بالغيب! فكلا المعنيين على قدم السوية لكل ناظر يدري كيفية التعامل مع كتب اللغة! ولا يحق لك أن تقول بأنك لو جاءك كلام عن واحد من العرب في زمان التنزيل يقول لصاحبه: "لقد نسيتك" مثلا، فان مراده في الأصل يكون الذهول عن الذكر، ما لم يأتك ما يدل على أنه الترك والاهمال! هذا تحكم باطل في لسان العرب! لماذا؟ لأنك قد علمت أنه قد يكون المراد من الكلمة الاستعمال الأول أو الثاني على السواء في ذلك، فلا يمكنك المصير الى أي من المعنيين الا بقرينة تفيد ذلك!! فلنرجع اذا الى فهم السلف الأول لنرى ما فهموه من الكلام! هذه هي الخلاصة! أم تراك يا دكتور لا يرضيك هذا المذهب في النظر بالأساس؟؟؟؟؟
2 - ما معنى القصد والعمد في العصيان عندك يا دكتور ؟؟؟
كلامك هذا يوحي بفهم عجيب للقصد والتعمد في المعصية، قد تبين لي ولله الحمد أنه أصل هذا اللبس والخلط عندك في مسألة العصمة، فتأمل معي أيها الفاضل بروية وتجرد لله يرشدك الى الصواب باذنه ..
أرأيت يا دكتور لو أن رجلا عمد الى الوقوع في عرض أخ له - مثلا - أيكون عاصيا بذلك أم لا؟
هو عاص ولا شك، والاثم متعلق به استحقاقا ما دام قد علم أن هذا الفعل معصية ..
هذا الرجل اذ هم بهذا الفعل، أكان متعمدا للفعل أم غير متعمد؟ كان قاصدا له متعمدا له ولا شك، والا ما استحق أن يؤاخذ به! فضد القصد والارادة: عدم الارادة، وخروج الفعل عن عدم ارادة له اما أن يكون من اكراه أو من ذهاب عقل .. لا ثالث لهما! فكل عاقل فاعل هو مريد لفعله هذا، متعمد له بضرورة العقل!
طيب، السؤال الآن: هل هذا الرجل اذ هم بالخوض في عرض أخيه، استحضر في نفسه قبل أن يفعل هذا الفعل أنه يريد معصية الله وارتكاب المخالفة؟ بلفظ أدق، هل فعل الرجل هذا الفعل بنية أن يعصي الله متعمدا بذلك مخالفة أمره؟ كلا! فغالب أحوال المعصية أنها تكون من غفلة وغلبة النفس على الانسان! أما أن يقال أن التعمد معناه ارادة عصيان الله وتعمد مخالفة أمره قصدا لذلك، يعني يقول في نفسه أنه يريد بهذا العمل أن يعصي ربه ويرد نهيه، فهذا باب آخر ربما يدخل بنا في قضية الاستحلال!!
فأنت تنبعث على العصيان - عافانا الله واياك منه - ان وقعت فيه لا بنية تعمد مخالفة أمر الله، وانما - وفي حال غفلة - تكون متابعا لنازع نفسي من غضب أو من عجلة أو من هوً أو من غير ذلك من نقائص نفوس بني آدم!
فالمعصية خلاف الطاعة صحيح، ولكن لا يتعمد فاعلها مخالفة أمر الله ولا ينبعث من هذا القصد أصلا، ولا يتعلق استحقاقه للعقوبة على ذلك "القصد"!! فان كان مثل هذا "التعمد" باطلا في حق عامة المؤمنين ففي حق النبيين من باب أولى! ولكنه - وأرجو أن يكون هذا واضحا - لا يرفع عن المعصية صفة المعصية ولا استحقاق المؤاخذة بها، فالعقوبة تستحق لمجرد الوقوع في الغفلة واجابة داعي النفس اليها والذي يؤدى الى الوقوع في العصيان تعمدا وارادة للفعل نفسه، لا لقصد وتعمد مخالفة أمر الله!!!
فقولك أن نسبتنا الصغائر الى الأنبياء، ملزومها القول بأنهم يتعمدون مخالفة أمر الله - هكذا - ، هذا باطل قطعا ولا يتصور في حق عموم المؤمنين فكيف بالنبيين؟؟
وتأمل كيف أن الله تعالى يربط في القرءان في وصف نسيان آدم بين ذلك النسيان وبين قلة العزم بقوله ((فنسي ولم نجد له عزما)) .. فغفلة النفس أغفلته عما نهاه الله عنه، وأوقعه الشيطان بسببها في ترك الامتثال للنهي، ومخالفة الأمر التكليفي الوحيد الذي فرضه الله عليه في الجنة، فدل ذلك على قلة عزمه عليه السلام، والعزم شدة الحرص على الامتثال والقوة فيه .. وهذا واضح بنص القرءان لا من كيسي! والا فلو كان المراد هنا السهو، كالذي يعرض على الانسان في صلاته مثلا فينسيه كم صلى كما وقع مثله للنبي محمد عليه السلام، لما ناسب أن يصفه الله بسببه بنقص العزم كما هو واضح، والا لدل ذلك على لحاق هذا الوصف - نقص العزم - بالنبي محمد عليه السلام كذلك، وقد علمت أنه رأس أولي العزم من المرسلين، صلى الله عليه وسلم!! وقد بينا لك بوضوح بطلان القول بأنه كان ذاهلا عن النهي، اذ كيف يسهو عن نهي الله وابليس يذكره أمامه صراحة في تزيينه الشجرة له عليه السلام ؟؟؟
فالحاصل وحتى لا أطيل - والوقت قد ضاق بي - أن الخلل واقع عندك في تحرير مسألة القصد والتعمد في العصيان، وتحرير مناط استحقاق العقوبة في المعصية، والمرجو منك مراجعة هذا المعنى يا دكتور، ففيه مورد شبهتك كما تبين لي والله أعلم وهو الهادي الى سواء السبيل ..
و إذا كان الخلاف حكاه أربعة علماء منهم من قال بأن جماعة من السلف قالوا بخلاف هذا
ليس الخلافُ محكياً عن أحد من السلف وإنما حكي الخلاف عمن بعدهم ، وإجماع السلف في هذه المسألة ثابت قطعي؛ وكل من لم يستطع خرمه بنقل ثابت = فهو محجوج به ،وكل من خالف هذا الإجماع من أهل العلم فهو محجوج به وكل من خالفه هم من الواقعين في البدع المخالفين للسلف في مسائل شتى..
والآن لنُبين عجمة هذا المحرف:
1- عصى.
2- غوى.
3- ذنب.
4-تاب.
5-استغفر.
6- خطيئة.
نُطالب الدكتور المحرف بمثال واحد من الكلام العربي القديم أو كلام الله وكلام الرسول(آية-حديث-بيت شعر)=وردت فيه هذه الألفاظ بحيث يقال: فلان عصى وغوى وارتكب خطيئة وأذنب واستغفر وتيب عليه ومع كل ذلك لم يكن هذا الفاعل آثماً أصلاً..
وفائدة هذا البحث أيها الإخوة : أنه لا تُقبل دعوى صرف اللفظ العربي عن معناه إلا إذا علم أنهذا اللفظ قد استعملته العرب في المعنى المصروف إليه،وكل من ادعى في لفظ أنه مصروف عن معناه إلى معنى لم تستعمل العرب هذا اللفظ في هذا المعنى =فهو محرف فَقَدَ ما يُساعده من شروط التأويل وهو العربية.
فلابد من أن يُثبت المؤول أن هذا اللفظ قد استعمله أهل اللسان (في مواطن أخرى)في المعنى الذي يزعمه أولاً ثم يستدل على أنهم في هذا الموطن بالذات أرادوا هذا المعنى بالذات،ثم لايوجد دليل آخر ينفي هذا المعنى ثم يساعد سياق النص على المعنى الذي زعمه وتلك هي شروط التأويل الصحيح المنجية له من أن يكون تحريفاً.
وليس في كلام الله ولا كلام رسوله إطلاق هذه الألفاظ إلا في حالات الإثم فحسب، وكل من زعم أنها تُستعمل ولا يُراد بها الإثم فلابد من دليل .ولا يُخاطب الله العرب إلا بما هو معروف في لسانهم من دلالات الألفاظ ولا يُخاطبهم بمعنى إلا ومعه نظائره في كتاب الله وسنة رسوله وشعر العرب.
مثال(1): من قال إن لفظة حرام تُستعمل في كراهة التنزيه قلنا له كذبت ولم ننظر في تأويله مالم يأتنا بمثال نتفق عليه ماً قد استعملت فيه لفظة الحرام في كراهة التنزيه..
مثال(2): من زعم أن يد الله في القرآن مراد بها كرمه فمعه ما يُساعده فقد استعملت العرب لفظ اليد للدلالة على هذا المعنى،وبطل قوله من جهات أخرى مرجعها لفقد باقي شروط التأويل الصحيح.
ولولا هذا الضابط لقبلت تأويلات الباطنية وإشارات الصوفية ولَحَمَلَ من شاء كتاب الله ما شاء من المعاني وهذا فساد في اللسان وضلال في الدين..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (وَمَنْ قَالَ : إنَّ آدَمَ مَا عَصَى فَهُوَ مُكَذِّبٌ لِلْقُرْآنِ وَيُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ : { وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى } وَالْمَعْصِيَةُ : هِيَ مُخَالَفَةُ الْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ) .