قال العلامة / عبد القادر بن بدران الدّومي الحنبلي ت ( 1346هـ ) :
(( إنَّا إذا تأمَّلْنا ما جاءَ به النبي مِنَ البَيِّناتِ والهُدى بِعَيْنِ الحِكْمَةِ ، وَحَقَّقْناهُ بِعَقْلِ الاسْتِبْصارِ ، وَجَدْناهُ لا يَخْرُجُ عَنْ أَصْلَيْنِ :
أَحَدُهُما : مَعْرِفَةُ الخَالِقِ – جَلَّ وَعَلا – وَوَصْفُهُ بِصِفاتِهِ اللاَّئِقَةِ بِجَلاَلِهِ .
وَثانِيهِمَا : مَعْرِفَةُ ما يُرْضِيهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعالَى – وَالتَّباعُدُ عَمَّا لاَ يَرْضَى بِهِ .
وَهذانِ الأَصْلاَنِ عَلَيْهِما مَدَارُ الشّّرَائِعِ الإِلهِيَّةِ ، وَحِكْمَةُ الحُكَمَاءِ تُدَنْدِنُ حَوْلَهُما .
.............. ( ثم قال ) : وَأَنْتَ إِذا حَقَّقْتَ ذَلِكَ – أَيْ العَمَلُ بالأصْلَيْنِ – وَطَرَحْتَ الأَغْيارَ ؛ لَمْ تَذُمَّ عِلْماً ، وَلَمْ تَقْدَحْ في فَنِّ ، بَلْ رَأَيْتَ قَلْبَكَ مُنْشَرِحاً لِلجَميعِ ، مُقْبِلاً عَلَيْه ، جاعِلاً قَواعِدَهُ آلَةً لِمَعْرِفَةِ خالِقِكَ ، حَتَّى الفُنونُ الرِّياضِيَّةُ وَالطَّبيعِيَّة ُ ، فَسُبْحانَ مَنْ لَمْ يَخْلُقْ شَيْئاً عَبَثاً ، وَلا يَجْرِي شَيْءٌ في مُلْكِهِ إِلاَّ بِإرادَتِه وَخَلْقِهِ .
.............. ( ثم قال ) : وَحَاصِلُ القَوْلِ : أَنَّ القُرآنِ الكَريمَ وَكَلاَمَ الرَّسُولِ قَدْ تَكَفَّلا بِما يَضْمَنُ لِلنَّاسِ سَعَادَتَهُمُ الدُّنْيَويَّةَ وَالأُخْرَوِيَّ ةَ ، وَهُما المُساعِدانِ عَلَى التَّرَقَّي وَالنَّجاحِ عَاجِلاً وَآجِلاً ، وَحاشاهُما أَنْ يَكُونا عَثَرَةً أَمامَ التَّقَدُّمِ ، بَلْ هُما يُنادِيان بِهِ ، وَيُعينانِ عَلَيْهِ ، دَعْ عَنْكَ مَا لَفَّقَهُ المُلَفِّقُونَ ، وَارْجِعْ إِلَى الأَصْلِ تَجِدْ ذَلِكَ وَاضِحاً جَليّاً ، وَمَنْ قَالَ خِلافَ ذَلِكَ نُطالِبُهُ بِالدَّليلِ ، بِشَرْطِ أَلاّ يُكَدِّرَ المَشْرَبَ بِأَقْوالٍ لَمْ تُطابِقْ حَقيقَةً ، وَلَمْ تَرْجِعْ إِلى مُسْتَنَدٍ )) ا . هـ.
شرح كتاب الشِّهاب في الحكم والمواعظ
والآداب ص 15 و ص16 و ص17 .
فهل يصلح أن يكون هذا الكلام المنقول ميزاناً جيداً لما نطلبه من العلم ؟