بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُئِلَ الشَّيْخُ حَاتِم الشَّرِيْف ـ وفَّقهُ اللَّـهُ تَعَالَى ـ :
ما مدى صحة الحديث التالي الذي تداوله كثير من الناس من خلال رسائل الجوال مكتوبا ومسموعا برسائل الوسائط، وهو :
حديث علي رضي الله عنه قال: « دخلت على النبي أنا وفاطمة رضي الله عنها فوجدناه يبكي بكاء شديدا، فقلت: فداك أبي وأمي يا رسول الله، ما الذي أبكاك؟ قال: يا علي ليلة أسري بي إلى السماء رأيت نساء من أمتي يعذبن بأنواع العذاب فبكيت لما رأيت من شدة عذابهن :
رأيت امرأة معلقة بشعرها يغلي دماغ رأسها، ورأيت امرأة معلقة بلسانها والحميم يصب في حلقها، ورأيت امرأة قد شُد رجلاها إلى ثدييها ويداها إلى ناصيتها وقد سلط الله عليها الحيات والعقارب، ورأيت امرأة معلقة بثدييها، ورأيت امرأة رأسها برأس خنزير وبدنها بدن حمار وعليها ألف ألف لون من العذاب، ورأيت امرأة على صورة الكلب والنار تدخل من فيها وتخرج من دبرها والملائكة يضربون رأسها بمقامع من نار.
فقامت فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها، وقالت: يا حبيبي وقرة عيني، ما كان أعمال هؤلاء حتى وقع عليهن هذا العذاب؟
فقال النبي : يا بنية أما المعلقة بشعرها فإنها كانت لا تغطي شعرها من الرجال، وأما المعلقة بلسانها فإنها كانت تؤذي زوجها، وأما المعلقة بثدييها فإنها كانت تؤذي فراش زوجها، وأما التي شد رجلاها إلى ثدييها ويداها إلى ناصيتها وقد سلط الله عليها الحيات والعقارب فإنها كانت لا تغتسل من الجنابة والحيض وتستهزئ بالصلاة، وأما التي رأسها رأس خنزير وبدنها بدن حمار فإنها كانت نمامة كذابة، وأما التي على صورة الكلب والنار تدخل من فيها وتخرج من دبرها فإنها كانت منانة حسادة، يا بنية الويل لامرأة تعصي زوجها...».
فأجـاب :
الْحَمْدُ للَّـهِ ذِي الْجَلالِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللَّـهِ وأزواجِهِ وَالآل.
أمَّا بَعدُ :
فإنَّ الْحَديثَ المذكور حَدِيثٌ مَكْذُوبٌ على رَسُولِ اللَّـهِ ، ولم يرد في شيء من مصادر السُّنَّةِ.
وإنَّما وجدتُهُ في بَعْض كُتُبِ الشِّيْعَةِ الإماميةِ، ككتاب (عيون أخبار الرضا) للشيخ الصدوق (رقم 7)، وبحار الأنوار للمجلسي (8/308-310) (100/245-246).
وإِسْنَادُهُ مُظْلِمٌ، مسلسل بمن يليق به وضعُ مثل هَذا الْحَدِيْث المَكْذُوْب.
بل في إِسْنَادِهِ مَن كذّبه الشَّيْعَة أنفسهم، مثل سهل بن زياد الأدمي الرّازيّ أبي سعيد، كما تراه في اختيار معرفة الرجال للكشي (رقم1068-1069)، وفهرست الطوسي (رقم339)، ورجال الحلي: خلاصة الأقوال في معرفة الرجال لابن المطهر الحلي (228-229).
فيجب الحذر مِن هذا الْحَدِيثِ، والتَّحْذير مِنهُ. وعلى الْمُسْلِمينَ أن لا يتعجلوا نشر مثل هذه الرَّسائل المجهولة المصدر؛ إلا بعد السُّؤَال والتثبّت منها.
وإلا نالهم وعيد رسول الله ، عندما قال : « مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ » ؛
لأنه قد بـيّنَ أن وعيد هذا الحديث ينال كلَّ من روى عنه حديثًا مع الشك فيه، كما في قوله : « مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ ».واللَّـهُ أَعْلَمُ.
وَالْحَمدُ للَّـهِ عَلَى نعمه الجلية والخفية، والصَّلاةُ والسَّلامُ على خاتم الأنبياءِ وأزواجه والذّرية.