تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: جمع كلام العلماء في المسعى

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,015

    افتراضي جمع كلام العلماء في المسعى

    لقد فتحت الموضوع لجمع كلام العلماء ليستفيد منه الطلبة و الناس في معرفة الحكم بشروط :

    1- أن يكون المفتي الذي ينقل كلامه قد علم أنه عالم بالاستفاضة و إن لم يكن كذلك فيذكر من شهد له بالعلم مثل الشهادات الرسمية و نحوها
    2- أن تنقل الفتاوى المحررة أو التقريرات و لا ينقل كلام إنشائي من صحيفة أو نحوها
    3- أن تكون كل فتوى مفردة في مشاركة حتى لا تختلط أو تكون القراءة متعبة
    4- كتابة اسم العالم و عنوان القتوى بالأحمر قبلها
    5- بعدما ننتهي من نقل كلام العلماء قد نبدأ في المذاكرة في الحكم و لا نقدم كلامنا بين كلام العلماء

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,015

    افتراضي رد: جمع كلام العلماء في المسعى

    قرار هيئة كبار العلماء حول موضوع توسعة المسعى


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,015

    افتراضي رد: جمع كلام العلماء في المسعى

    حكم توسعة المسعى الجديدة للشيخ عبد الله بن جبرين

    حكم توسعة المسعى الجديدة

    (16894)

    ســـؤال: نرجو من سماحتكم تبيين ما ترونه بخصوص موضوع توسعة المسعى القائم حاليًا بالمسجد الحرام بمكة المكرمة، حيث صدرت في الفترة الأخيرة بعض الآراء الفقهية التي لا تؤيد ذلك، سائلين المولى القدير جلت قدرته أن يبارك في علمكم وعملكم وينفع بكم الإسلام والمسلمين.

    الجواب: ذكر العلماء حكم السعي بين الصفا والمروة، واشتهر في المذهب الحنبلي أنه ركن من أركان الحج لا يتم الحج إلا به، فمن لم يسع مع القدرة لم يتم حجه ولم تتم عمرته، وجاءت رواية أخرى أنه واجب من واجبات الحج، بحيث يجبر بدم إذا تركه، وقد ذكر الله تعالى السعي باسم الطواف بقوله تعالى: ((إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا)) البقرة: ١٥٨، والتطوف في الأصل الاستدارة على الشيء الذي يطوف به، فإن الطواف بالبيت الدوران حوله، وهكذا الذين يطوفون بالقبور يستديرون حول الضريح، وذلك عبادة لهم من دون الله، ولكن الطواف بالبيت والطواف بالصفا والمروة عبادة لله تعالى، فليس تعظيمًا للبيت الذي هو من حجارة وطين، وليس تعظيمًا للصفا والمروة وهما جبلان واقعان هناك، ولكن في الأصل يراد طاعة الله تعالى وامتثال أمره، وذكره وكثرة الدعاء والقراءة في هذا الطواف، كما ثبت في الحديث عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا: (إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) رواه أحمد وأبو داود.

    وإذا كان القصد من السعي ذكر الله تعالى، فإنه يجوز السعي بين الجبلين أو ما يقاربهما وما يحاذيهما؛ لحصول المقصود الذي هو ذكر الله تعالى ودعاؤه وقراءة القرآن، والخضوع والخشوع للرب سبحانه وتعالى، وإتباع سنة النبي r، حيث قال: "اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي" رواه الإمام أحمد.

    ولو كان المراد السير فيما سار فيه النبي r لفرض على الناس في حجهم وعمرتهم ألا يتخطوا أثر مسيره، بل يكونون كهيئة الطابور يسيرون في موضع سيره وعلى أثره، وقد وسع r الأمر في هذه المشاعر، كقوله في عرفة: "وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف، ووقفت هاهنا وجمع كلها موقف – يعني مزدلفة - ونحرت هاهنا ومنى كلها منحر، وفجاج مكة طريق ومنحر" رواه الإمام أحمد وغيره.

    وإذا حصل المقصود الذي هو إحياء السنة، وإتباع النبي r حصل المقصود من شرعية هذه المناسك، وحيث إن الصفا في الأصل جبل مرتفع قليلاً عن مستوى الأرض، وكذلك المروة، فإن السعي بينهما يحصل به الامتثال.

    وقد أدركت أصل الصفا في سنة تسع وستين من القرن الماضي، ورأيته ممتدًا عن حده الذي كان عليه، وإن كنت لا أستطيع تحديد طوله، إلا أنه بلا شك أوسع مما كان عليه لما حدد موضع المسعى، وكانت المروة محددة ولكن يظهر أن الجبل ممتد أيضًا، حيث يوجد عليه بنايات ومساكن أرفع من مستوى الأرض، مما يدل على أنها كانت على طرف المروة من جهة الشرق، وكان يقع في شرق المسعى مساكن ملاصقة للمسعى بها سكان وبها متاجر وفي طرفيه شرقًا وغربًا.

    وقد شكل الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله لجنة لتحديد مكان السعي، ليحصر المكان الذي يكفي من يسعى للحج أو للعمرة، وهدموا بعض البيوت الملاصقة للمسعى في جانبيه، واقتصروا على تحديده الذي كان عليه طوال هذه السنين، ويظهر أنهم قطعوا جبل الصفا من جهة الشرق وكذلك أيضًا المروة، وجعلوا هذا المسعى واعتقدوا أنه يكفي لمن يحج أو يعتمر، ولم يكونوا يفكرون في هذا التضخم الكبير في هذه الأزمنة.

    ثم إن الملك عبدالعزيز رحمه الله عمل له مظلة لا أدري من الشينكو أو من البواري، إلا أنها مظلة كافية انتهى طرفها الشمالي إلى حد ما بين العلمين، وكتب عليها أن الآمر بها هو جلالة الملك عبدالعزيز، وحدد تاريخ وضعها كأنه بعد ضم الحجاز للمملكة بسنتين أو ثلاث سنوات، وكان أيضًا في وسط المسعى قرب العلمين طريق للسيارات تأتي من الشرق وتتوجه غربًا، وتجيء من الغرب متجهة للشرق، لم يكن هناك طريق إلا هذا الممر، بحيث إنه يوقفون الذين يسعون حتى تمر السيارة.

    وحيث إن العمل إنما هو لأجل العبادة المذكورة، وحيث عرف امتداد الجبلين وشهد بذلك كثيرون من الذين شاهدوا ذلك قبل ستين أو سبعين سنة، وعرفوا امتداد هذين الجبلين، وأثبتت شهادتهم عند القضاة، وصدر بذلك تصديق لهم وتعديل لهم، فالذي يظهر أنه لا مانع من توسعة المسعى من جانبيه أو من أحد جانبيه، ليتسع لعدد أكثر، فالتوسعة والسعي بينهما في مستوى الأرض أولى من السعي في السطوح والهواء، حيث إن السطح لا يصدق عليه أنه سعى بينهما، بل يقال: سعى في هوائهما، وقد نقل عن الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله، والذي توفي في عام 93 من القرن الماضي أنه منع السعي في السطوح وفي الدور الثاني من المسعى ونحوه، ورأى أن الذي يسعى في السطح ونحوه لا يصدق عليه أنه سعى بين الصفا والمروة، وعلى كل حال فهذا الذي يظهر لنا، ولكل مجتهد نصيب. والله أعلم.

    قاله وأملاه

    عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين

    10/3/1429هـ

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,015

    افتراضي رد: جمع كلام العلماء في المسعى

    حكم توسعة المسعى والسعي فيها للشيخ عبد الرحمن البراك

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، أما بعد:

    فقد قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ }البقرة158.

    الصفا والمروة معلمان من معالم الدين، وشعيرتان من شعائر الله، والطواف بهما من مناسك الحج والعمرة، والطواف بهما هو التردد بينهما تعبدا لله وتأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم، والصفا والمروة لا يحتاجان إلى تفسير إلا لمن لم يرهما لأنه لم يحج أو يعتمر، فمن حج أو اعتمر فإنه يعرفهما بالمشاهدة، وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على أن نسك الطواف بهما لا يصح إلا بينهما، وقد ورث المسلمون موضع الطواف بالصفا والمروة طولاً و عرضاً ميراثاً عمليا، ولم يختلف المؤرخون الذين ذرعوا عرضه اختلافا بيّنا، بل كان ذرعهم متقاربا، وقد نص الفقهاء المتقدمون والمتأخرون على عدم صحة من خرج في سعيه عن عرض المسعى[1]، ولم يقل أحد من الفقهاء والمؤرخين: إن جبلي الصفا والمروة ممتدان شرقاً، مما يدل على بطلان دعوى من ادعى ذلك، فالقول بجواز توسعة المسعى بناءً على امتداد جبلي الصفا والمروة -زعموا- يتضمن تجهيل الفقهاء والمؤرخين بالواقع أو جمهورهم على ما اعتاده الناس من الاقتصار على ذلك المكان المحدود وعدم مراعاة امتداد الصفا والمروة المزعوم، وما ذكره المؤرخون وتمسك به المجوّزون من نقل المسعى عن موضعه لما أراد المهدي توسعة المسجد الحرام لا يجوز أن يكون معناه أنه نَقَل المسعى بطوله من الصفا إلى المروة من ناحية المسجد التي هي الجهة الغربية للمسعى إما بتضييق عرضه أو بدفع مساحته إلى جهته الشرقية، لأن ذلك يقتضي أمرين:

    الأول: أن جبلي الصفا والمروة كان لهما امتداد كثير من الجهة الغربية، وكان المسعى بينهما، وهو موضع السعي الذي سعى فيه النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون قبل المهدي، وهذا لم يقله أحد فيما أعلم.

    الثاني: أن ذلك يقتضي أن المسعى كان متصلاً بالمسجد من جهته الشرقية في عهد المهدي ومن قبله قبل التوسعة وهذا لا يصح؛ لأن المسعى لم يزل تفصل بينه وبين المسجد بيوت، وكلما حدثت توسعة هُدم منها، وقد أدرك الناس بعض البيوت قبل توسعة الحكومة السعودية في عام 1375 هجرية، كذلك فيما بين باب النبي وباب السلام، وأنا ممن عرف ذلك، فكان القاصد لباب السلام من المسعى يمر بزقاق ضيق عن يمينه وشماله مبانٍ، ومن طريق آخر يمر بمكتبات، والخارج من باب السلام لا يصل إلى المسعى إلاّ من أحد هذين الطريقين. والذي يدل عليه كلام الأزرقي ومن تبعه في شأن توسعة المهدي الثانية أن التوسعة كانت من الجهة الجنوبية للمسجد لأن هذه التوسعة مسبوقة بتوسعة للمهدي نفسه شملت الجهات الثلاث من المسجد: الشرقية والغربية والشامية، مما أدى إلى أن تكون الكعبة في الجانب الجنوبي من المسجد، أي غير متوسطة[2]. وهذا هو الذي حمل المهدي على توسعته من الجهة الجنوبية، ومعلوم أن الجهة الجنوبية لها طرف من الغرب وطرف من الشرق، وهو ما يلي المسعى، وهذا هو الطرف الذي يتكلم عنه المؤرخون، وهنالك دار ابن عباد، وظاهر كلام الأزرقي بل صريحه أن المسيل -أي المكان الذي يجري فيه السيل من أعلى مكة إلى أسفلها- كان يقع جنوبي المسجد متصلاً به، والدور من ورائه[3]. ومعلوم أن مكان السعي الذي هو الهرولة إنما تكون في بطن الوادي وهو المسيل، فاقتضت توسعة المسجد هدمَ الدور الواقعة جنوبي الوادي وجعلَ المسيل مكانها وإدخالَ أرض المسيل في المسجد، فلزم من ذلك قرب المسيل الذي هو بطن الوادي من الصفا، فلزم من ذلك تغير مكان السعي الذي هو الهرولة أو بعضه، حسبما تقتضيه عبارة الأزرقي وهي قوله: "فهدموا أكثر دار ابن عباد وجعلوا المسعى والوادي فيها"[4]. وأساس الاشتباه على كثير من الباحثين فيما وقفت عليه أن لفظ المسعى يطلق على بطن الوادي لأنه مكان السعي (الهرولة) كما قال جابر رضي الله عنه: (فلما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا صعدتا مشى)[5] ويطلق المسعى على ما بين الصفا والمروة، فتوهم كثيرون أن تغيير المسعى الذي ذكر الأزرقي كان شاملاً لطوله، والحق أن كلام الأزرقي لا يتعلق إلا بمكان السعي (الهرولة) وهو بطن الوادي، وهذا هو الصواب المقطوع به، قال ابن القيم: "والظاهر أن الوادي لم يتغير عن وضعه"[6]، وهذا يتعارض مع كلام الأزرقي؛ فإنه صريح في أن الوادي متصل بالمسجد والدُّور من ورائه في الجهة الجنوبية، وقول ابن القيم يقتضي أن الدُّور التي هُدمت لتوسعة المسجد هي متصلة بالمسجد والوادي من ورائها، وعلى قول ابن القيم فإنه لم يتغير موضع السعي الهرولة، والظاهر أن ما ذكره الأزرقي من أن الوادي كان متصلاً بالمسجد والدور من ورائه، ومنها دار ابن عباد من الطرف الشرقي، وأنه هُدم أكثرها وصار بطن الوادي مكانها هو الصحيح، ومعلوم أن ذلك لا يختص بدار ابن عباد، بل هدمت الدور التي هي غرب عنها وجعل الوادي مكانها، وإنما خُصت دار ابن عباد بالذكر؛ لأنها متصلة بالمسعى، ويدل لصحة ما ذكره الأزرقي ما جاء في صحيح البخاري تعليقا أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول: (السعي من دار بني عباد إلى زقاق بني أبي حسين)[7]، وهذا نص في أن دار ابن عباد تقع جنوب الوادي، ويُجمع بين كلام ابن القيم وكلام الأزرقي بأن موضع السعي هو ما بين العلمين، وأن العلمين وُضعا محافظة على موضع السعي الذي سعى فيه النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فالذي تغير هو موضع الوادي لا موضع السعي، وإليك نص عبارة ابن القيم في وصفه لسعي النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "ثم نزل إلى المروة يمشي، فلما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا جاوز الوادي وأصعد مشى، هذا الذي صح عنه وذلك اليومَ قِبَلَ الميلين الأخضرين في أول المسعى وآخره" قال: "والظاهر أن الوادي لم يتغير عن وضعه"[8]، وقوله: "وذلك اليومَ" أي: وذلك الموضع الذي سعى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم هو اليومَ قِبَل –أي مقابلَ- الميلين الأخضرين، وقوله: " الميلين الأخضرين في أول المسعى وآخره" يريد: مكان السعي الذي هو الهرولة لا المسعى الذي بين الصفا والمروة، فابن القيم أراد أن المسعى لم يتغير عن وضعه، والأزرقي أراد أن الوادي تغير عن موضعه، وكلاهما صحيح.وعلى هذا فلم يتغير المسعى لا بعناه الشامل ولا بمعناه الخاص وهو مابين العلمين وإنما الذي تغير بطن الوادي

    وبعد؛ فتوسعة المسجد من الجهة الشرقية لا وجه لها ولا دليل عليها، وقد اتفق العلماء على عدم جواز السعي خارج المسعى، أعني ما بين الصفا والمروة كما تقدم، وجاء عن الشافعي: لو التوى الساعي إلى زُقاق العطارين لم يصح سعيه[9]، وجرى على ذلك قرار لجنة العلماء الذين نظروا بأمر من المفتي الأسبق الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله في حدود المسعى والصفا والمروة بمناسبة توسعة المسجد الحرام، كما جرى على ذلك قرار هيئة كبار العلماء برئاسة مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ في قرارهم ذي الرقم (227) في 22/2/1427 المتضمن عدم جواز توسعة المسعى، وقد وفقوا في هذا القرار ولكن امتنع عن التوقيع على القرار اثنان أو ثلاثة، ولعل هؤلاء المشايخ بامتناعهم قد تحملوا مسؤولية ما جرى بعد ذلك من التوسعة في عرض المسعى وما تبع ذلك من اضطراب لدى العامة والخاصة في حكم السعي في التوسعة (المسعى الجديد)، لأن مضي ولي الأمر كان مبنياً على خلاف هؤلاء المشايخ عفا الله عنهم، فيا ليتهم لزموا الجماعة وتمسكوا بما مضى عليه علماء الإسلام وعمل المسلمين عبر القرون إلى أن حدث هذا الخلاف عند البحث في موضوع توسعة المسعى.

    وأما الذين رأوا جواز توسعة عرض المسعى –أعني الذي بين الصفا والمروة- فأعظم ما استدلوا به واعتمدوا عليه ثلاثة أمور، وما سواها لا يستحق الوقوف عنده:

    الأول: ما ذكره المؤرخون من تغيير في المسعى، وقد سبق الجواب عنه، وبيان أن التغيير المذكور لم يكن في عرض المسعى، وأن اعتقاد ذلك غلط ظاهر ووهم لا أساس له إلا اشتباه المسعى الذي هو مكان الهرولة -وهو بطن الوادي- باسم المسعى الشامل لكل ما بين الصفا والمروة.

    الثاني: إفادة عدد من كبار السن بأن الصفا والمروة لهما امتداد من الجهة الشرقية، وعلى هذا فالسعي بينهما سعي بين الصفا والمروة، نقول: لو ثبت هذا لكان كافياً عن كل استدلال ولكن هيهات! وقد أجاب العلماء عن ذلك بأمور تدل على بطلان هذا الدليل والاستدلال، وهي:

    أ: أن إفاداتهم لم تكن متطابقة، فهي دائرة بين الإجمال والتردد والاقتصار على مشعر الصفا.

    ب: أنهم وقت تحملهم -لما سُمِّي شهادة- كانوا صغار السن بين خمسة عشر وخمسة وعشرين عاما، وهم مع ذلك معدودون في العوام ولا خبرة لهم بالأمور الشرعية إذ ذاك، ولم يرد في صك تسجيل أقوالهم ما يدل على رتبتهم في العدالة والعلم، والظاهر أن تسجيل إفاداتهم كان بعد الشروع في التوسعة، فلم تكن التوسعة مبنية على شهادتهم..

    ج: أن تحملهم لهذه الشهادة لم يكن مقصوداً بل كان اتفاقاً، ومعلوم أن الذي يرى الشيء على هذا الوجه لا يكون له به اهتمام بالتحقق من الواقع ومما يراه.

    د: أن هذه الشهادة مقابلة بشهادة العلماء في ذلك الوقت الذين كانت أعمارهم بين الستين والثمانين، وبعضهم من علماء مكة أو المقيمين بمكة ، وقد أناط بهم سماحة المفتي الأسبق الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله مسؤولية النظر في حدود المسعى، وقد اجتمعوا لذلك، ونظروا في حد عرض المسعى وحد الصفا والمروة، واستعانوا بالمهندسين وأهل الخبرة، وقد كانت تلك المشاعر وما حولها مكشوفة لهم، لأنه قدم هُدم ما حولها من الأبنية، فأصدروا قرارهم التاريخي المبني على الفقه الشرعي وتطبيقه على الواقع المشاهد، ولا يخفى أن شهادة هؤلاء العلماء كما جاء في قرارهم لا يجوز أن تعارض بشهادة أولئك، فإنه لا نسبة بينهما ولا نسبة بين هؤلاء وأولئك في السن والعلم والخبرة والعدالة، ولا نسبة بين شهادة هؤلاء وإفادة أولئك.

    الثالث: ومن أدلة مجوزي التوسعة أن جذر جبلي الصفا والمروة قرر المهندسون أنه ذاهب في الأرض شرقاً وغرباً، وعليه؛ فالسعي بين ما يوازي هذا الامتداد لجذر الصفا والمروة سعي بين الصفا والمروة، وقد أجاب العلماء عن ذلك بأن مناط الحكم هو الجبل الظاهر، وامتداد أصل الجبل ليس له حكم الجبل لا شرعاً ولا عرفاً، فمن حلف ألا يقعد على جبل لا يحنث بقعوده على أرض يمتد أصله تحتها، فمثله مثل الشجرة لا يثبت لمالكها ملك ما امتدت إليه عروقها.

    وبعد؛ فقد ظهر ضعف هذه الأدلة الثلاثة لمجوزي التوسعة، وما عداها من الاستدلالات فلا يعول عليه، وأما ماطفحت به الصحف من فتاوى وتأييدات للتوسعة ممن يعتد به ومن لا يعتد به فلا يعول عليه، لأن أكثرها ليس مبنيا على خبرة بالواقع، ومن المؤسف أنهم لم يعرجوا على القول الآخر، فكأن القضية عندهم محل إجماع عندهم مع أن القول بعدم جواز التوسعة أقوى وأظهر دليلا.

    إذا ثبت ما تقدم فمن المعلوم أن هذا الاختلاف في حكم توسعة المسعى ينبني عليه الاختلاف في حكم السعي في التوسعة (المسعى الجديد)، فمن ذهب إلى جواز التوسعة يقول: إن السعي في المسعى الجديد كالسعي في المسعى المعروف الموروث خلفاً عن سلف، ومن ذهب إلى أنه لا تجوز التوسعة فإنه يلزمه ضرورةً أن يقول: إن السعي في التوسعة لا يصح.

    ويتعلق بذلك: مسألةُ حكم السعي بين الصفا والمروة، وفيه لأهل العلم ثلاثة مذاهب مشهورة: 1-أنه ركن في الحج والعمرة 2- أنه واجب 3- أنه سنة. والقول الثالث مرجوح، فيبقى النظر في القولين الأولين، فمن ذهب إلى أنه ركن –وهو الذي عليه كثير من العلماء وعليه الفتوى- فيقول: إن الحج والعمرة لا يتمان بدونه، ومن قال إنه واجب يقول: إن تركه يجبر بدم كسائر واجبات الحج والعمرة، وعلى هذا فإذا تعذر السعي في المسعى المعروف كالحال الراهنة[10]، فمن قال إنه ركن يقول: لا ينبغي الشروع في العمرة مع العلم بعدم القدرة على إتمامها. ومن قال إن السعي ليس بركن بل واجب فإنه يمكن أن يعتمر ويُهدي لتعذر السعي، ويمكن أن يقال: إنه واجب سقط بالعجز عنه. أما القائلون بجواز التوسعة فلا ترد عندهم مسألة حكم السعي في الحج والعمرة. هذا كله متعلق بأهل النظر والاستدلال. أما عامة الناس فهم على ذمة من أفتاهم، ووجود المسعى الجديد فتوى عملية، وعلى من سئل عن السعي فيه أن يفتي بما يدين لله به ويعتقد أنه الحق، وعليه أن ينصح لسائليه ويدلهم على ما يراه صواباً.

    هذا ونسأل الله لولي أمرنا أن يوفقه إلى الرجوع إلى ما قرره أهل العلم في هذه البلاد ومضى عليه علماء الأمة وعمل المسلمين، والله الهادي إلى سواء السبيل. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى وآله وصحبه أجمعين.



    --------------------------------------------------------------------------------

    [1] المجموع للنووي (8/102). الإيضاح في مناسك الحج له أيضا (290) (مع حاشية الهيتمي). بحر المذهب للروياني (5/173). نهاية المحتاج للرملي (3/291) شرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/599) الإعلام للقطب الحنفي (103) أضواء البيان للشنقيطي (5/253).

    [2] أخبار مكة للأزرقي1/608 (تحقيق الشيخ عبدالملك ابن دهيش)

    [3]السابق1/609

    4السابق 1/611

    [5] رواه مسلم 1218

    [6] زاد المعاد2/228

    [7] رواه البخاري(كتاب الحج باب ما جاء في السعي بين الصف والمروة)

    [8] زاد المعاد (2/228)

    [9] ينظر: المجموع للنووي (8/102). بحر المذهب للروياني (5/173). شرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/599). مواهب الجليل شرح مختصر خليل (4/118). المسلك المتقسط في المنسك المتوسط لملا علي القاري (192). أضواء البيان للشنقيطي (5/253).

    [10] هذا المسعى مغلق الآن لعمارته ووصله بالمسعى الحديث.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,015

    افتراضي رد: جمع كلام العلماء في المسعى

    بهذا يحصل الاطمئنان لصحة السعي في التوسعة الجديدة للمسعى للشيخ عبدالمحسن العباد



  6. #6
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,015

    افتراضي رد: جمع كلام العلماء في المسعى

    كلمة أخرى في توسعة المسعى للشيخ عبدالمحسن العباد




  7. #7
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,015

    افتراضي رد: جمع كلام العلماء في المسعى

    حول توسعة المسعى للشيخ صالح الفوزان


  8. #8
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,015

    افتراضي رد: جمع كلام العلماء في المسعى

    القول على الله بغير علم عديل الشرك للشيخ صالح الفوزان


  9. #9
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,015

    افتراضي رد: جمع كلام العلماء في المسعى

    الصفا والمروة من شعائر الله وشعائر الله لا تغير للشيخ صالح الفوزان




  10. #10
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,015

    افتراضي رد: جمع كلام العلماء في المسعى

    فتنة التوسعة في المسعى والرد على شبهات المجيزين لها للشيخ صالح الفوزان




  11. #11
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,015

    افتراضي رد: جمع كلام العلماء في المسعى

    رد على اعتراض للشيخ صالح الفوزان



  12. #12
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,015

    افتراضي رد: جمع كلام العلماء في المسعى

    السَّعِي في المَسْعَى الجديد للشيخ عبد الكريم الخضير


    يقول: ما حكم السَّعي بالمَسْعَى الجَدِيدْ، وإذا كان لا يجُوز، فهل نُحجم عن الاعتمار، ريثما يُعاد فتح القديم؟

    المَسْعَى الجديد الآن ليسَ سِرًّا أنَّ كلام أهل العلم مُؤدَّاهُ إلى اختلاف، يعني يختلفون، منهم من يقول السَّعي صحيح، ومنهم من يقول السَّعي باطل؛ لأنَّ المسعى الجديد ليس في حدود المسعى الذي سَعى فيهِ النَّبي -عليهِ الصَّلاة والسَّلام-، لا سِيَّما وأنَّ تواريخ مكة تقول إنَّ عرض المسعى قالوا: سبع وثلاثين ذراع تقريباً، خمس وثلاثين ذراع، يعني بقدر القديم، وعلى كل حال ما دام هذا الخلاف موجُود فأُسُّ المسألة لا يُدْرَك من خلال النُّصُوص، فالاجتهاد ليس للصِّغار والمُتوسِّطين من طُلاَّب العلم الذين لم يُدْرِكُوا مكان السَّعي قبل العِمَارة، أما الذِّين أدركُوا مكان السَّعي قبل أنْ يُعمر، ورأوا المسعى على حقيقته، وأنَّهُ أوسَع من القديم، فهؤُلاء لهم أنْ يُفتُوا، ومعروف كلام الشيخ ابن جبرين -حفظهُ الله- قال بمثل هذا، أنَّهُ حجّ سنة تسعة وستِّين قبل عمارة المسعى وكان أوسع من هذا، فلا مانع حينئذ من السَّعي في الجديد، على كُلِّ حال هذه المسألة من المسائل الكبار التِّي لا يُفتي فيها إلا الكبار، فيُنتظر ما يقُولُهُ المُفتي وما تقُولُهُ اللجنة الدَّائِمَة وما يقوله أعضاءُ الهيئة – نسألُ الله -جلَّ وعلا- أنْ يُعينهم ويُسدِّدهم؛ وإلاَّ فالمسألة من عُضل المسائل رُكْن من أركان النُّسُك هذا، يحتاج إلى تحرِّي، ويحتاج إلى تأكُّد وتحقُّق، بعضُهم يقول أنت مُحْصَر، تَحلَّل بِدَمْ! لا تسْعَ تحلَّل بدم! وبعضُهُم يقول حُكم الحاكم يرفع الخِلاف، والمشايخ اختلفُوا وولي الأمر رأى أنَّ الرُّجحان مع من يُجيز، وأُحْضِر شُهُود يَشْهَدُون أنَّ المَسْعَى أعْرَضْ من المَسْعَى القائم، ورأى وليُّ الأمر، ولا يُشك يعني في إرادة المصلحة في مثل هذا؛ لكنَّ الإرادة والنِّيَّة وحدها لا تكفي؛ بل لا بُدَّ من الصدور عن أقوال أهل العلم؛ لأنَّ العبادات محضة ما تخضع للاجتهاد، يعني لو رأى راءٍ مثلاً إنَّ عرفة ضاقت بالنَّاس وقال نبي نوسعه، نُوسِّع عرفة، يُمْكِنْ؟! ما يُمكن؛ لأنَّ هذا رُكن من أركان الحج، والسَّعي رُكن منْ أركان الحج، على كلِّ حال نسأل الله -جلَّ وعلا- أنْ يَدُلُّهُم على الحق -أعنِي وُلاة الأمر- سواءً كانُوا من أهل الحلِّ والعَقْد والأمر والنَّهي أو أهل العلم، ومثل ما قلت الذِّي يصغر سِنُّهُ عنْ إدراك المسعى القديم ليسَ لهُ أنْ يُفتي في هذه المسألة؛ لأنَّ المسألة مبنِيَّة على نَظَر في نُصُوصٍ شرعِيَّة، والنُّصُوص مبنِيَّة على واقع، فهل المَسْعَى بالفعل الذِّي سعى فيه النبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- وتتابعت عليهِ الأُمَّة، وتواتر تواتُراً عَمَلِيًّا بالعمل والتَّوارُثْ، هل هو أوْسَع من القائم أو بِمقدارِهِ؟ يحتاج إلى نظر؛ مِمَّنْ أَدْرَكَهُ قبل العِمَارة.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •