تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: مشكلات في طريق الدعوة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,603

    افتراضي مشكلات في طريق الدعوة

    مشكلات في طريق الدعوة(1)



    تواجه الدعوة، في سيرها، كثيرًا من المشكلات التي تُعيقها، أو تسبب وهنًا وضعفًا في جانب من جوانبها، وهذه المشكلات التي تواجهها الدعوة، على كثرتها، يبرز قطاع منها بسب التصدر الإداري لبعض العاملين الذين تنقصهم الكفاءة، وتعوزهم الخبرة في ساحة العمل الدعوي، فالمشكلة التي نريد التحدث عنها هنا، ليست هي ضعف كفاءة الداعية؛ فلا شك أنه ليس كل من ينتمي للدعوة يمتلك الأهلية للعمل الإداري فيها، وإنما مشكلة التصدر الإداري لأمثال هؤلاء، أقصد ضِعاف الكفاءة وقليلي الخبرة، وما تعانيه الدعوة من ذلك، وما يترتب عليه من آثار.
    ضعف الكفاءة والتصدر الإداري الدعوي

    آثار تصدر ضعيف الكفاءة في الإدارة الدعوية:
    إن ضعف كفاءة الإدارة، -بوصفها مشكلة دعوية- تتمخض عن نتائج، ويظهر لها آثار في المجال الدعوي، ومن أبرز هذه النتائج وتلك الآثار:
    (1) ضعف التنظيم والتخطيط:
    وهو أمر بدهي، ونتيجة طبيعية؛ فضعيف الكفاءة، وقليل الخبرة أنَّى له أن يُخرِج عملًا دعويًا منظمًا، أو يجيد التخطيط للأنشطة الدعوية، وهذا الضعف في التنظيم والتخطيط يؤثر سلبًا على العمل، فيُفقده ثمرته المرجوة، ونتيجته المنتظرة، فقد يُفوِّض بعض الأعمال لمن ليسوا أهلا لها، أو يُسند أعمالًا صغيرة لأفراد أصحاب همة عالية، وطاقة كبيرة، فيحرم العمل الدعوي من الاستفادة الكاملة منهم، أو يتأخر في البت في بعض القرارات، أو في البدء في بعض الأعمال المهمة، التي تخدم الدعوة، لكثرة انشغالاته كذلك قد يكون هناك تدقيق أكثر من اللازم في قضايا روتينية، أو متابعة مفردات صغيرة جدًا لا يحتاج إلى متابعتها بنفسه؛ بل يمكن لآخرين متابعتها.. إلخ، إن أي عمل، مهما كان صغيرًا ومتواضعًا، لا يمكن أن يُكْتَب له النجاح ما لم يكن منظمًا، وكثيرٌ من الطاقات قد تُهدَر وتضيع في غياب التنظيم، بينما تفعل قلة منظمة فِعْلَ الأعاجيب.
    (2) التجميد الدعوي:
    ويُقصد بالتجميد الدعوي الاستغناء عن بعض العاملين في الدعوة، أو إقصاؤهم عن الأعمال التي كانوا يُثْرون بها الدعوة، ويسدون بها ثغرةً تحتاج الدعوة إلى من يسدها.
    وهذا التجميد الدعوي في ظل ضعف الكفاءة فيمن يتصدر للإدارة الدعوية، يكون سببه:
    1- الفهم الخطأ:
    ففي بعض الأحيان يتم تجميد بعض العاملين في الدعوة وإقصاؤهم؛ نتيجة الفهم الخطأ من قبل الإدارة الدعوية، وهذا الفهم الخطأ، ينتج في أحيان كثيرة من قلة ذكاء المستمع، أو ضعف علمه، أو قلة خبرته بالنفوس، أو ضعف فهمه لمرامي الكلام، أو ما قد يحمله الكلام لأكثر من معنى، وكل ذلك يعني ضعف كفاءة الإدارة الدعوية.
    وبناء عليه، يحكم الداعية المسؤول على من تحته بأحكام جائرة، ويصنف تصنيفات ظالمة، وفي النهاية يتسرع بإصدار (كارت أحمر)، أو ما يُسمى بالتجميد الدعوي، لهذا العامل أو ذاك، مدعيًا لزوم إبعاده، ووجوب إقصاءه حتى يستقر العمل الدعوي، ولا يصاب بالفشل!!!
    وصدق الشاعر حين قال:
    وكم من عائبٍ قولًا صحيحًا
    وآفته من الفهم السقيم
    2- سوء الظن:
    فكم ضيع سوء الظن من جهود، وكم أهدر من كفاءات، فقد يرى الأخ المسئول مَنْ تحته يقوم بعمل أو جهد دعوي ما، فيبادر إلى إساءة الظن، وقذف التهم، فلان يفعل ذلك رياءً، فلان يريد الفتنة، إلى غير ذلك من التهم والافتراءات، التي تكون في غالبها مخالفة للحقيقة، ومغايرة للواقع.
    وقد فات الدعوةَ خيرٌ كثير؛ بسبب عدم تطبيق المنهج الرباني العظيم، ألا وهو اجتناب سوء الظن، حيث يقول المولى تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} (الحجرات: 12)، وكذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الظن فقال: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث» (رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه).
    وقد تربى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مدرسة النبوة، وتعلم منها هذا المنهج السديد، فها هو ذا يقول: «إن أناسًا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرًا أَمِنَّاه، وقربناه، وليس إلينا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءًا لم نأمنه، ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة» (رواه البخاري).
    3- عدم التثبت:
    لقد كانت قضية التثبت من الأخبار، ومازالت، قضية محورية في مجال الدعوة إلى الله؛ بل وفي حياة المسلمين عمومًا، ذلك أن إهدار هذه القضية، وضعف العمل بها كثيرًا ما يوغر الصدور، أو يملأ بالحقد النفوس، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى سوء التصرف، أو حدة الردود.
    وما التحييد الدعوي، وسياسة الإقصاء، إلا واحدة من تلك الثمار السيئة، والنتائج الخبيثة لهذه الآفة، آفة عدم التثبت التي حذرنا منها رب العالمين، فقال في محكم التنزيل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (الحجرات: 6)، وفي سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بئس مطية الرجل زعموا».
    4- اتباع الهوى:
    واتباع الهوى، الذي ذمه الشرع، يُراد به السير وراء ما تميل إليه النفس مما لم يبحه الشرع، أو النزول على حكم العاطفة، من غير تحكيم للعقل، أو الرجوع إلى شرع، أو تقدير لعاقبة.
    فاتباع الهوى يُعمي ويصم، ويقلب الحقائق، فيصبح المُصلح مفسِدًا، والمفسد مصلحًا، وعند غلبة الهوى لا ينفع العلم ولا المعرفة؛ بل إن صاحب الهوى يستخدم العلم والمعرفة لتأييد ما يهواه، ويسوغ انحرافه.
    وقد ذكر الله -تبارك وتعالى- الهوى في معرض الذم فقال: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ} (النجم:23).
    وأمرنا بإقامة القسط والعدل وعدم اتباع الهوى فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِين َ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا} (النساء:135).
    وقد ذكر علي بن أبي طالب سبب ذم اتباع الهوى فقال: «إنما أخشى عليكم اثنين: طول الأمل، واتباع الهوى، فإن طول الأمل يُنْسِي الآخرة، وإن اتباع الهوى يصد عن الحق».

    5- بغض النقد:
    فالمسؤول أو المتصدر لعمل إداري دعوي، إذا لم يتحلَ بسعة الصدر، وقبول النقد، واستيعاب الآراء التي تهدف لتصحيح المسار ودفع الدعوة إلى الأمام، فإنه يعمل على إسكات المخالفين أو إقصائهم عن العمل الدعوي، حتى يُريح باله، ويتخلص ممن يرى أنه لا يوافقه في كل ما يرى، حتى وإن كان سيؤدي اتباعه، -أي هذا المسئول، في أمر من الأمور- إلى ما لا يُحمد عقباه، ويُدخل الدعوة في دائرة المعاناة، فالرأي رأيه، والقول قوله، والكلمة كلمته، أما حق الاعتراض، أو إبداء الرأي، أو توجيه النقد البناء بالأسلوب المهذب، فإن ذلك ممنوع، وخروج عن القيادة غير مشروع.
    6- ضيق الأفق:
    وضيق الأفق هو ضعف أو خلل في البصيرة، يؤدي إلى حصر التفكير أو الرؤية في حدود ضيقة لا تتجاوز المكان والزمان، أو بعبارة أخرى: هو ضعف أو خلل في البصيرة يؤدي إلى رؤية القريب وما تحت القدمين فقط، دون النظر إلى البعيد، ودون تقدير الآثار والعواقب.
    فالمشرف أو المسؤول الإداري قد تُعرض عليه آراء مخالفة لما يراه، فتجد أن ذهنه مغلق، خارج التغطية، متيقن، -عن سابق إصرار وترصد- بأن ما سيقال له مجرد ترهات وأباطيل، لا أصل لها من الحقيقة؛ فعنده الحكم على الأمور والأشياء بمقياس: إما أبيض أو أسود!
    وصاحب ضيق الأفق قد يعمل معه من هو أوسع أفقًا منه، أو من ينظر إلى الأمور بمنظار أرحب، فيُتعِبه كثيرًا، كما يزعم، فيكون الحل عنده هو استبعاده، أو إقصاؤه عن العمل الدعوي.
    كيف نتجنب الوقوع في هذه المشكلة؟
    يمكن للدعوة تجنب الوقوع في هذه المشكلة -مشكلة تصدر ضعيف الكفاءة في العمل الإداري الدعوي- عن طريق بعض الخطوات، منها:
    - الانتقاء الأمثل:
    لا يمكن النجاح للفريق إلا بوجود قيادة جيدة، وعليه، فإن على الدعوة أن تُحسن انتقاء من تتوسم فيهم الأهلية للإدارة، أو تعلم مقدرتهم على القيادة.
    ولو تأملنا في سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، -القائد المعلم- سنجد هذا الأمر بوضوح، فمثلًا: لمَّا مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه، وحضرت الصلاة، أمر أن يؤم الناسَ في الصلاة أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ومعلوم أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه هو أفضل هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم .
    وقد علَّق الحافظ ابن حجر رحمه الله على ذلك فقال: «وكان قصد النبي صلى الله عليه وسلم تقديم أبي بكر على الناس في أهم أمور الدين؛ حتى تكون الدنيا تبعًا للدين في ذلك»، وقال المباركفوري رحمه الله: «استدل به أهل السنة على خلافة أبي بكر رضي الله عنه».
    - المتابعة والتصحيح:
    فعلى القيادة العليا في الدعوة أن تجتمع بمن أولتهم إدارة الأمور الدعوية، وتقف على طريقتهم في الإدارة، وتتعرف على أهم المشكلات التي يواجهونها، ورؤيتهم للحلول المناسبة، ثم تقوم بتقييم كل ذلك، وتصحيح ما يحتاج إلى تصحيح.

    - التأهيل الإداري:
    إن إدارة أي عمل تنظيمي يتطلب مجموعة من المهارات، يمكن لمن لديه الاستعداد أن يكتسب هذه المهارات، ويطبقها في أي عمل مؤسسي، يروم له النجاح، ويرجو له التقدم.
    وعلى صعيد الدعوة، فإن المسؤول الإداري لا بد أن يكون لديه هذه المهارات التي تؤهله لقيادة مجموعة عمل دعوي، وتناسب موقعه ومكانه الإداري؛ لكي يستطيع أن يُخرج عملًا دعويًا ناجحًا، ويتغلب على ما يواجهه من مشاكل وأزمات.

    ومن أهم المهارات التي ينبغي توافرها في الداعية الإداري، مهارات الحوار وسبل الإقناع، ومهارات إدارة الوقت وإدارة الأعمال، والتعامل مع التخصصات والمواهب، وإدارة الأزمات وحل المشاكل، وإدارة المواقف، واتخاذ القرار، وتكوين فريق العمل، وتحفيز الآخرين، والتفكير الإيجابي، والتخطيط والتنظيم.
    - التوريث الإداري:
    وأقصد بالتوريث الإداري أن يقدِّم السابق للاحق خلاصة تجاربه، وعصارة خبرته في الحياة، ليبدأ اللاحق من نقطة انتهاء السابق، والملاحظ أن الهيئات الإسلامية والتجمعات الدعوية، الرسمية منها والشعبية، لا تكاد تلتفت إلى هذه القضية المهمة، فتجد المسؤولين يغادرون مواقعهم، التي مكثوا فيها سنوات، فيأتي مَن لا خبرة له، أو صاحب الخبرة الضحلة، ليتولى مسؤولية عمل لم يتقنه، أو لم يُحط به علمًا كما ينبغي، وهو إما أن يكون قد شارك في فريق ذلك المسؤول عن العمل، أو أنه جديد تمامًا، وفي كلتا الحالتين فإنه قد ورث تركة ثقيلة، مدار إدارتها على تعاليمَ شفوية، في أكثر الأحيان، ليبدأ طريقًا طويلًا، يفتقد فيه الصلة بمن سبقه.
    وبناء على ذلك، فإن هناك اقتراحًا حبذا الطريق إلى تنفيذه، ألا وهو التنادي إلى لقاءات، تضم أهل الشأن والاختصاص في المؤسسات الشرعية، والدعوية، والتربوية؛ لينظروا في وضع لوائح محكمة، تضمن حسن العمل، وجودة توريثه للأجيال المقبلة، والارتفاع عن العشوائية في العمل والنظر، لاسيما أن من سبقونا في الإدارة والتخطيط والعمل المحكم، -في الشرق والغرب- أخذوا بهذا الأمر، وطبقوه منذ أزمنة طويلة.


    اعداد: وائل رمضان

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,603

    افتراضي رد: مشكلات في طريق الدعوة

    مشكلات في طريق الدعوة(2)

    مشكلة تـمويل الدعوة .. اقتراحات وحلول




    تواجه الدعوة، في سيرها، كثيرًا من المشكلات التي تُعيقها، أو تسبب وهنًا وضعفًا في جانب من جوانبها، وهذه المشكلات التي تواجهها الدعوة، على كثرتها، يبرز قطاع منها بسبب التصدر الإداري لبعض العاملين الذين تنقصهم الكفاءة، وتعوزهم الخبرة في ساحة العمل الدعوي، فالمشكلة التي نريد التحدث عنها هنا، ليست هي ضعف كفاءة الداعية؛ فلا شك أنه ليس كل من ينتمي للدعوة يمتلك الأهلية للعمل الإداري فيها، وإنما مشكلة التصدر الإداري لأمثال هؤلاء، أقصد ضِعاف الكفاءة وقليلي الخبرة، وما تعانيه الدعوة من ذلك، وما يترتب عليه من آثار.
    جعل الله عز وجل المال وسيلةً مهمة، ليس لإقامة مصالح العباد في دنياهم فحسب؛ بل حتى في دينهم؛ ذلك أن بعض الواجبات الدينية لا تتم إلا بالمال، كالحج والجهاد، ومنها القيام بأمر الدعوة إلى الله على نطاقه الواسع.
    ولعل أهمية المال في الدعوة إلى الله تعالى تكمن في جوانب متعددة، عُني بها القائمون على الدعوة في كل مكان، منها: دورات علمية، ومحاضرات دعوية، وأعمال خيرية، ورحلات ومعسكرات تربوية..إلخ.

    فالدعوة إلى الله تحتاج للتمويل النقدي لتسيير البرامج، وتوفير الإمكانات اللازمة للحركة، إلا أن تمويل العمل الدعوي يُعد واحدًا من الإشكالات التي قد تواجه العاملين في هذا الحقل؛ إما بسبب ضعف الوارد، أي (المال الوارد الذي تحتاجه الدعوة لدعم برامجها وأنشطتها)؛ وإما بسبب عدم ترشيد النفقات الدعوية، ولحل مشكلة التمويل الدعوي أعرض المقترحات الآتية:
    أولًا: ترشيد الإنفاق (نظرة اقتصادية):
    والمقصود ألا تنفق الدعوة ما تحت يدها من الأموال إلا فيما يعود عليها بأعلى منفعة ممكنة، وبأقل ما يمكن من خسارة في الموارد التي بين يديها.
    ومن مظاهر الترشيد الذي ينبغي اتباعه ما يلي:
    1- تبني مشاريع تعليم المستفيد وتدريبه، وتحويله من مستهلك وعالة إلى منتج لنفسه وأهله، عن طريق دعم وتمويل المشاريع الإنتاجية الصغيرة.
    2- تقسيم البرامج والأعمال إلى برامج ضرورية وملحة، تغطيها الإنفاقات الضرورية في حال شحة الموارد المالية، وإلى برامج توسعية، تضاف عند توسع الموارد وازدياد التبرعات، باستخدام معايير دقيقة.
    3- الاستفادة من جهود المتطوعين في العمل الخيري، واستحداث الإدارات اللازمة للعناية بهم، وترتيب برامج الاستفادة منهم بحسب أوقاتهم واستعداداتهم.
    4- النظرة الاجتماعية إلى العاملين في القطاع الخيري، وأن توظيفهم أصلًا يعد جزءًا من أداء الرسالة الخيرية للدعوة، بدلًا من كونهم ضمن قائمة المصروفات الإدارية البحتة، ومثل ذلك: النظر إلى مصروفات تدريبهم، وتأهيلهم، والعناية بهم، من وجهة نظر العائد الاقتصادي، على أنها أموال مستردة بالمنفعة المتحققة منهم على المدى البعيد.
    5- الاقتصاد في الإنفاق الإداري بالقدر الذي لا يعيق أعمال الدعوة بحجة الترشيد؛ بل إن من ضوابط الترشيد الإنفاق بحسب الحاجة في العسر واليسر، مع مراعاة تصنيف المصروفات إلى ضروريات وحاجيات وكماليات.
    ثانيًا: التمويل الدائري:
    وهو أحد الأساليب في تمويل العمل الدعوي، وهو نظام يضمن استمرار التمويل، وكذلك استمرارية تقديم الخدمات دونما انقطاع، وجوهر هذا النوع من التمويل هو أن تقوم الدعوة بشراء خدمات تباع للفئة المستهدفة بسعر التكلفة، وبعائدها تقوم بشراء خدمات أخرى، وتُقدم للفئة نفسها أو لفئة أخرى، ويستمر ذلك مرات ومرات، وهنا يتم استخدام مبلغ معين مرات عدة لتقديم الخدمات دون الحاجة إلى مبالغ جديدة.
    ويتميز هذا النوع من التمويل بميزتين أساسيتين:
    1. أنه تمويل دائم، وخدمات مستمرة دونما انقطاع.
    2. رغم أن الخدمات تُقدم بالقيمة، إلا أنها أنفع للمستفيدين من الشراء من السوق؛ حيث تباع الخدمات دون النظر إلى الربح، وبسعر التكلفة.
    ثالثًا: التمويل النقدي المباشر وذلك عن طريق:
    (1) الإسهامات المالية من قبل القائمين على الدعوة:
    فباب الإنفاق لتمكين دين الله في الأرض، نوع من الجهاد الدعوي، ونوع من أنواع البذل والتضحية، فالدعاة مطالبون في دعوتهم بالتضحية بالنفس والمال.
    وهناك معنى عظيم، يجب أن يستشعره الدعاة، فيدفعهم إلى المسارعة في البذل والعطاء لدعوتهم، وذلك حين ينظرون إلى آثار هذه الدعوة المباركة في واقع الأمة، وأن هذه الآثار الطيبة المباركة من صرح دعوي، أو شباب متحمس لدعوته، نشأ في أحضان الدعوة، ويرون وعيًا إسلاميًا وصحوة دينية أثّرت في المجتمع، كل ذلك وغيره أسهم في إيجاده بما بذلوه ويبذلونه من أموال لدعوتهم.
    (2) تبرعات الخيرين:
    يشكل التمويل من مصدر تبرعات الخيرين جزءًا لا يُستهان به في تمويل العمل الدعوي، إلا أن الأمر يتطلب للحصول على هذه التبرعات من القائمين على الدعوة بعض التحرك؛ لمخاطبة أصحاب المال، واستثارة البذل في نفوسهم لهذا الدين، ولإحياء هذه الأمة من جديد.
    (3) الاستثمارات:
    وذلك عن طريق اقتطاع جزء من الإمكانات المالية المتاحة ووضعه في مشاريع استثمارية، ومن عائدها يتم تمويل الدعوة وبرامجها.
    ويعد هذا النوع من التمويل من أنسب مصادر تمويل العمل الدعوي، فهو يحقق كثيرًا من الاستقلالية والاعتماد على النفس بالنسبة للدعوة.
    توصيات عامة:
    1- تقوية العلاقة بالمتبرعين والداعمين والمحافظة عليهم، وتمكينهم من الزيارات الميدانية، وتزويدهم بالتقارير الدورية التي من شأنها إثبات مصير تبرعاتهم، والإفادة من ذلك في غرس المزيد من الثقة لديهم.
    2 - مراجعة الوضع المؤسسي للدعوة، والخروج بها من حيز التقليد والإدارة الفردية إلى حيز العمل الجماعي القائم عل الشورى.
    3 - تصميم البرامج الدعوية من أجل استثارة الإيمان بالله، الذي يدفع الإنسان إلى أن يؤدي ما عليه من واجبات مالية، أو أن يجود بما يزيد عن الواجب، حينما تسري فيه روح الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
    4 - تجنب الأخطاء في عملية جمع التبرعات، ومحاولة معالجتها:
    ومن تلك الأخطاء ما يلي:
    1- عدم تحري اختيار الوقت المناسب عند طلب التبرعات.
    2- أن تكون قيادة جمع التبرعات ضعيفة وهزيلة.
    3- اعتماد الدعوة على شريحة واحدة في تبرعاتها.
    4- عدم الاستفادة الفعلية من المتطوعين في جمع التبرعات.
    5- عدم مراعاة أعراف وتقاليد البيئة والمجتمع.
    6- عدم القيام بالدراسات المستفيضة لعملية جمع التبرعات وأبعاده وخطط عمله.

    اعداد: وائل رمضان



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •