مدافعة الشر بالسعي في نشر الخير، لا بالاستهجان والاستنكار فقط!
أرسل إلي أحد الأصدقاء مقالاً خبيثاً لأحد الكتاب يستهدف فيه النيل من الإسلام وأهله، فبادرته بالسؤال: وماذا فعلت إزاءه، فرد بقوله: لا أملك إلا أضعف الإيمان، وأضعفه الرفض بالقلب! فسبحان الله العظيم والحمد لله رب العالمين.
يقودني هذا إلى السعي في عرض نماذج مشرقة لمن قذف الله في قلوبهم الحكمة والبصيرة في أن يكون لهم تأثيرٌ بالخير، إذ أن مداومة مدافعة الشر بالاستهجان والاستنكار بدون السعي في عمل النافع المفيد، لايلبث إلا طغيان الشر. دعونا نبدأ بأنموذج مشرق للرد على حدث قريب، ألا وهي فتنة الرسوم المسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعلمون كما أعلم المظاهرات والاحتجاجات والاستنكارات التي حدثت هنا وهناك، ومالبثت أن انطفأت، ولكن دعونا نتأمل ماذا فعل من آتاهم الله الحكمة والبصيرة، واستغلوا مافتح الله عليهم به لردع الشر بنشر الخير، فهذين الموقعين الإليكترونيين (
هذا محمد و
رسول الله) تبلغ للناس سيرة وحقيقة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم (بعدة لغات). أنموذجٌ آخر: ألا وهو الموقع الإليكتروني (الدرر السنة_
الموسوعة الحديثية) للتمييز بين مرويات أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، صحيحها من ضعيفها من موضوعها، فهذا النموذج المشرق ظهر ليتمكن عموم المسلمين من مستخدمي الإنترنت من التمييز بين الأحاديث التي تنتشر في المنتديات و"الايميلات". أنموذج ثالث: الموقع الإليكتروني (
الإسلام سؤال وجواب) بعشر لغات، لاستقبال أسئلة عموم المسلمين وغير المسلمين فيما يتعلق بالإسلام، والإجابة عليها بعرضها على الموقع، تعجب من هذا الموقع لما يتميز به من قوة في محرك البحث، وجمال في التصميم، وترجمة كل سؤال يَرد (ترجمة بشرية وليست إليكترونية) إلى جميع اللغات العشر، إضافة (وهو الأهم) متانة العلم الشرعي للقائمين عليه، فهذا الموقع لم يظهر إلا لنشر الخير، ومدافعاً لتيار الشر، فقد أحسن القائمون أيما إحسان في استغلال ما فتح الله عليهم به من منافع لنشر الخير.
إخواني المؤمنين؛ تطرقي للنماذج السابقة لشهرة وقوفها في مواجهة الشر بنشر الخير، لا حصرها في مجال واحد، إذ أن أبواب مدافعة الشر ونشر الخير كثيرة، فدعونا نسلط الضوء على نماذج مشرقة أخرى، فهؤلاء ثلة من الأخيار استغلوا مواهبهم وقدراتهم في تصميم "الفيديو كليب" لنشر الخير في أوساط الشباب، محاكين في ذلك نفس الأساليب والوسائل التي يستخدمها أهل الشر، ومفكرين بنفس أسلوب أقرانهم من الشباب، هذا هو موقعهم (
أقم صلاتك)، وهنا نماذج من تصاميمهم (
1 –
2) والتي يمكن نشرها للناس بواسطة تقنية "البلوتوث" في "جوالاتهم". نماذج مشرقة أخرى في عالم القنوات الفضائية الهادفة، ولعلي أركز على تجربة قناة المجد السعودية في عرض مسلسل تليفزيوني (غبار الهجير) طيلة شهر رمضان المبارك (1429هـ)، فهذه خطوة مباركة من إدارة القناة؛ وذلك في الانفتاح في توظيف نفس الوسائل والتقنيات التي يستخدمها أهل الشر؛ لنشر الخير.
أيها الأخوة والأخوات؛ لايقتصر الأمر على دور المنظمات والمجموعات للخروج بأعمال ونماذج مشرقة لمدافعة الشر بنشر الخير، فما المجموعات إلا أفراد نُظم عملهم. فكل إنسان آتاه الله موهبة أو قدرة لفعل شيءٍ ما، كما لايقتصر الأمر على الأصعدة الرسمية، فبفضل الله لدينا الكثير من القدرات التي نستطيع استخدامها وتوظيفها التوظيف الأمثل على صعيد علاقاتنا الشخصية ، فهناك من فتح الله عليه وبارك له في قلمه، وهناك من فتح الله عليه في رزقه، وهناك من فتح الله عليه في احتراف تصميم مواقع الإنترنت، وهناك من فتح الله عليه في الإخراج التليفزيوني وتصاميم الفيديو، وهناك من فتح الله عليه في الخطابة وطلاقة اللسان، وهناك من فتح الله عليه في العلم الشرعي، وهناك من فتح الله عليه في الحس والتذوق الفني، وهناك من فتح الله عليه في باب اللغات والترجمة؛ إذ أن كل إنسان فتح الله عليه في جانب أو أكثر من منافع الحياة؛ ولكنها تحتاج من الحكيم أن يبصر فضل الله عليه في الجانب الذي رُزقه، ليستغله أيما استغلال، موظفاً مامنحه الله بأسلوبه وطريقته التي يرتأيها مناسبة، مع الحرص على مشاورة أحبابه وأقرانه، ويزداد الأمر جمالاً ومنفعة عندما يجتمع الأقران لتنظيم عملهم تحت مظلة توحيد وتعزيز توجههم، وإثراء إبداعات بعضهم البعض، للخروج بإبداعات في أبواب الخير تقابل وتصارع أبواب الشر.
وأنعم وزد وبارك باستباق المدافعة واستخدام التقنيات والوسائل ومامنحنا الله به من قدرات في الخير لا انتظار وقوع الأحداث السيئة لنبدأ التفكير في الرد.
ودمنا وإياكم مبدعين في الخيرات
رائد بن عبدالله الغامدي
02.12.1429 هـ