أَعْمَالُ العَشْرِ الأَوَائِلِ مِنْ ذِي الحِجَّةِ

بسم اللّه و الحمد للّه وحده، و الصّلاة و السّلام على من لا نبي بعده. و بعد.
فإنّ ممّا يستوجب على العبد حمد ربّه؛ أنْ يمدّ اللّه له في عمره فيبلّغه مواسم الخيرات ليفتح له أبوابها و يعرض عليه بركاتها، فيجتهد و يسابق في جنّة عرضها كعرض السّموات و الأرض، [[ وَ فِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُو نَ ]](1).
و قد حَبانا اللّه دون كثيرٍ ما بين مُوسَّد الثَّرى و ضالّ زاهد في الأخرى؛ بأنْ بلّغنا شهر ذي الحِجّة الحرام و أوائل أيّامه العشر، الأيّام الّتي وردت النّصوص و الآثار و الأقوال في الحديث حول فضائلها و خصائصها و شرفِها؛ فهي الأيّام الّتي أقسم اللّه بها(2) بقوله: [[ وَ الفَجْرِ () وَ لَيالٍ عَشْرٍ ]](3)، و هي الأيّام المعلومات الّتي أشار اللّه تعالى إلى فضلها بقوله: [[ وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَ عَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ () لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ]](4)، و هي أفضل أيّام الدّهر حيث قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فيها: (( أفضل أيّام الدّنيا أيّام العشر ))(5)، و هي الأيّام الّتي رغّب فيها النّبي صلّى اللّه عليه و سلّم إلى العمل الصّالح بقوله: (( ما مِن أيامٍ العمل الصّالح فيها أحبُّ إلى الله مِن هذه الأيامِ. قالوا: يا رسول الله، و لا الجهادُ في سبيل الله؟ قال: و لا الجهادُ في سبيل الله! إلاّ رجلٌ خرج بنفسه و ماله فلم يرجعْ مِن ذلك بشيء ))(6)، و هي الأيّام الّتي فيها فريضة الحجّ الّتي هي الرّكن الخامس مِن أركان الإسلام، و هي الأيّام الّتي فيها يوم عَرَفَة الّذي ورد فيه قول نبيّنا صلّى اللّه عليه و سلّم: (( ما مِن يومٍ أكثر مِن أنْ يُعتق الله عزّ و جلّ فيه عبداً مِن النّار، مِن يوم عرفة، و إنّه ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟ ))(7)، و هي الأيّام الّتي فيها يوم النّحر و هو يوم العاشر مِن ذي الحجّة الّذي رُوي فيه قوله صلّى اللّه عليه و سلّم: (( إنّ أعظم الأيّام عند الله تبارك و تعالى يومُ النّحر، ثمّ يوم القَرّ ))(8)، و هي الأيّام الّتي تجتمع فيها أُمّهات العبادات(9).
لكلّ هذا؛ أدرك سلفنا الصّالح و مَن تبعهم بإحسان قيمة هذه الأيّام فتنافسوا على الخير و العمل الصّالح فيها، و كان سعيد بن جبير-رحمه الله- "إذا دخلت العشر اجتهد اجتهادا حتّى ما يكاد يقدر عليه"(10).
و ممّا لا شكّ فيه أنّ عبادة الله تعالى و التقرّب إليه بالطّاعات القولية و الفعلية مطلوبة مِن المسلم في كلّ وقتٍ و حين؛ إلاّ أنّها تتأكد في بعض الأوقات و المناسبات الّتي منها هذه الأيّام العشرة مِن شهر ذي الحجّة، فأحببتُ أن أذكّر نفسي أوّلا ثمّ إخواني و أخواتي جميعا ثانيا، بما أشارت إليه بعض آيات القرآن الكريم و الأحاديث النّبوية إلى بعض تلك العبادات على سبيل التّخصيص لبعضها و التّأكيد لأخرى، عُمدتي في ذلك أقول علماء الأمّة.
و مِن تلك الأعمال و العبادات ما يلي:
أوّلا/ شكر الله على هذه النِّعمة:
فقبل كلّ شيء علينا أن نشكر الله تعالى على أنْ بلَّغنا هذه العَشر الّتي هي مِن أفضل أيّام الدّهر، فإنّ شكر اللّه سبحانه على نعمه مِن أسباب زيادة الخير و التّوفيق إليه؛ قال سبحانه: [[ وَ إِذْ تَأَذّنَ رَبّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأزِيدَنّكُمْ ]](11).
ثانيا/ التّوبة إلى الله:
كلّنا نُخطئ و نُذنب؛ و لا شكّ أنّ اللّبيب منّا الحريص على طاعة ربّه و المجتهد لمرضاته؛ يعلم يقينا أنّ مِن طاعة اللّه اجتناب معاصيه في جميع الأوقات و الأحوال، و الأشهر الحُرم خاصّة -و ذو الحجّة منها- يتأكّد فيها الحذر مِن المعاصي كما يتأكّد الحِرص على الطّاعات، فإنّه كما تُضاعَف الحسنات في مِثل هذه الأيّام تُضاعف السّيئات أيضا، و معاذ اللّه أنْ يكون حالنا كمَن خلط عملا صالحا و آخر سيّئا؛ قال الله تعالى: [[ إِنّ عِدّةَ الشّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السّمَاوَات وَ الأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدّينُ الْقَيّمُ فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنّ أَنْفُسَكُمْ ]](12).
فعلى المسلم استقبال هذه الأيّام بالتّوبة و الإقلاع عن جميع الذّنوب و المعاصي، حتّى يترتّب على أعماله المغفرة و الرّحمة و التّوفيق، و إذا كانت الطّاعات سببا في القرب و الودّ فإنّ المعاصي سبب في البعد و الطّرد، فكانت التّوبة الصّادقة النّصوح متأكّدة في هذه الأيّام، كما أنّها واجبة في كلّ وقت و مِن كلّ ذنب، ولكنّها في مثل هذه المواسم و المناسبات آكد و أوجب و أرجى أن تُقبل و يُوفّق صاحبها للهداية و الاستقامة؛ فإنّه إذا اجتمع للمسلم توبة نصوح مع أعمال فاضلة في أزمنة مباركة، فذلك عنوانٌ لصلاحه و فلاحه و رضا ربّه عنه، قال اللّه تعالى: [[ يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا تُوبُوَا إِلَى اللّهِ تَوْبَةً نّصُوحاً عَسَىَ رَبّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيّئَاتِكُمْ وَ يُدْخِلَكُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى اللّهُ النّبِيّ وَ الّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبّنَـَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَ اغْفِرْ لَنَا إِنّـكَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ]](13)، و قال عَزّ مِن قائل: [[ فَأَمّا مَن تَابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صَالِحاً فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ ]](14)، و قال سبحانه: [[ وَ إِنّي لَغَفّارٌ لِمَن تَابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صَالِحَاً ثُمّ اهْتَدَىَ ]](15).
ثالثا/ الاجتهاد في العمل الصّالح مُطلقا:
نَدَبَت الأحاديث النّبوية إلى العمل الصّالح مطلقاً في هذه الأيام؛ مِنها ما ذكرتُه في مقدّمة كلامي مِن قوله صلّى اللّه عليه و سلّم: (( ما مِن أيامٍ العمل الصّالح فيها أحبُّ إلى الله مِن هذه الأيّامِ. قالوا: يا رسول الله، و لا الجهادُ في سبيل الله؟ قال: و لا الجهادُ في سبيل الله! إلاّ رجلٌ خرج بنفسه و ماله فلم يرجعْ مِن ذلك بشيء ))، فكلّ العبادات و الطّاعات مقصودة بمثل هذا الحـديث، و هو ما تُشير إليه جملة مِن الحديث نفسه في قوله صلّى اللّـه عليه و سلّم: (( العمل الصّالح ))؛ ففي التّعريف بـ (أل) الجنسيّة نستفيد العموم و عدم التّخصيص، و في هذا إشارة و ترغيب إلى الإكثار مِن الأعمال الصّالحة بأنواعها سواء كانت واجبة فيُحافظ عليها، أم نافلة فيُكثر مِنها؛ كتلاوة القرآن و تعلّمه، و قيام اللّيل، و صلاة النّوافل، و الصّدقة، و إفشاء السّلام، و إطعام الطّعام، و الإصلاح بين النّاس، و الإحسان إلى الجيران، و إكرام الضّيف، و إماطة الأذى عن الطريق، و زيارة المرضى، و قضاء حوائج النّاس، و الصّلاة على النّبي صلى الله عليه و سلم، و إسباغ الوضوء، و الدّلالة على الخير، و الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر، و سلامة الصّدر و ترك الشّحناء، و تعليم الأولاد و البنات...، أمّا ما ورد ذكره مِن فضائل بعض الأعمال في أحاديث أخرى بخصوصها؛ فهو مِن قبيل موافق العام الّذي يوافقه و لا يُخصّصه.
و قد جاء في فضل الإكثار مِن النّوافل حديث قدسي عظيم، فيه: (( ما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ ممّا افترضته عليه، و ما زال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أُحبَّه، فإذا أحببته كنت سمعه الّذي يسمع به، و بصره الّذي يبصر به، و يده الّتي يبطش بها، و رجله الّتي يمشي بها، و إِن سألني لأعطيّنه، و لَئن استعاذني لأعيذَنَّه ))(16).
رابعا/ الصّلاة:
الصّلاة مِن أجلّ الأعمال في هذه الأيّام و أعظمها و أكثرها فضلاً؛ أوّلا لدخول الصّلاة في عموم الاجتهاد في العمل الصّالح كما قدَّمت، و ثانيا لما تنطوي عليه هذه العبادة مِن ذِكرٍ للّه تعالى و قرآن و دعاء؛ و هي جميعها مطلوبة في بعض الأحاديث كما سيأتي.
فيتأكّد علينا المحافظة على هذه العبادة الصِّلة بيننا و بين ربّنا عزّ و جلّ؛ أمّا المكتوب مِنها فالمحافظة عليه فرض واجب في كلّ حين، و أمّا نَفلها فالمستحبّ الإكثار مِن الصّلوات المسنونة بكلِّ أنواعها قدر المستطاع، مِن صلاة الرّواتب، و قيام اللّيل، و الضّحى...، فإنّ صلاة النّوافل ينجبر بها ما نقص من الفرائض، و هي مِن أسباب رفع الدّرجات و محو السّيئات و إجابة الدّعوات، و سعِد مَن نال حظّا مِن قول نبيّنا صلى الله عليه و سلّم –و قد تَقدَّم- فيما يرويه عن ربّه: (( و ما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتى أُحبَّه ))، و أيّ حبّ أعظم و أجمل و أسعد و أبقى و أطيب مِن حبِّ اللّه لعبده المؤمن؟!
خامسا/ الحجّ:
الحجّ هو مِن أفضل ما يُعمل في الأيّام العشر، بل مِن خصائص هذه الأيّام مشروعية الحجّ فيها؛ يقول النّبي صلّى الله عليه و سلّم: (( تابعوا بين الحجّ و العمـرة، فإنّهما ينفيان الفقر و الذّنـوب، كما ينفي الكير خبث الحديد و الذّهب و الفضّة ))(17)، و بيّن عليه الصّلاة و السّلام أنّ الحجّ المقبول ليس لصاحبه جزاء إلا الجنّة فقال: (( العمرة إلى العمرة كفّارة لما بينهما والحجّ المبرور ليس له جزاء إلا الجنّة ))(18).
و هو كما يُعلم واجب على المستطيع مرّة في العمر؛ قال تعالى: [[ فِيهِ آيَاتٌ بَيّـنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَ مَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَ للّهِ عَلَى النّاسِ حِجّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ مَن كَفَرَ فَإِنّ الله غَنِيّ عَنِ الْعَالَمِينَ ]](19).
و لْيُبشَّر مَن لم يستطع الحجّ بما قاله بعض الأئمّة الأعلام؛ قال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- : "لمّا كان الله سبحانه و تعالى قد وضع في نفوس المؤمنين حنيناً إلى مشاهدة بيته الحرام، و ليس كلّ أحد قادر على مشاهدته في كلّ عام، فرض على المستطيع الحجّ مرّة واحدة في عمره، و جعل موسم العشر مشْتَرَكاً بين السّائرين و القاعدين، فمَن عجز عن الحجّ في عام قدر في العشر على عمل يعمله في بيته؛ يكون أفضل مِن الجهاد الّذي هو أفضل مِن الحجّ"(20).
سادسا/ الصّيام:
الصّيام مِن أفضل الأعمال الصّالحة الّتي وردت فيه النّصوص الكثيرة في بيان فضله، و قد أضافه الله إلى نفسه لعِظم شأنه و علوّ قدره؛ فقال سبحانه و تعالى في الحديث القدسي: (( كلّ عمل ابن آدم له إلاّ الصّوم فإنه لي وأنا أجزي به ))(21). وعليه فيُسنّ للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة؛ لأنّ النّبي صلى الله عليه و سلّم حثّ على العمل الصالح فيها أوّلا، و كان عليه الصّلاة و السّلام يصومـها ثانيا؛ فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النّبي صلى الله عليه وسلـم قالت: (( كان رسول الله صلى الله عليه و سلّم يصوم تسع ذي الحجة، و يوم عاشوراء، و ثلاثة أيّام مِن كلّ شهر، أوّل اثنين مِن الشّهر و الخميس ))(22).
و في كتاب لطائف المعارف: "وممّن كان يصوم العشر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. و يقول أكثر العلماء أو كثير منهم بفضل صيام هذه الأيام"(23)، بل ذهب بعضهم إلى أنّ صيام التّسع مِن ذي الحجّة مستحبّ استحباباً شديداً.(24)
و أمّا إذا عجز أحد عن صيام الأيّام التّسع، فلا يعجز عن صيام ثلاثة أيام مِنها -مِن أوّلها أو وسطها أو آخرها-؛ فإنّ صيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر سنّة مُتّبعة، فلا يحرم المسلم نفسه مِن أجر صيامها في هذا الشّهر المبارك على الأقلّ، و إنْ ضعفت الهِمّة عن هذا كلّه أو شُغلت النّفس عنه، فلا ينبغي أنْ يعجزنّ أحدٌ أو يضعفنّ أو ينشغلَنّ عن صيام يوم عرفة؛ و الحديث عنه في الموضوع التّالي.
سابعا/ صيام عرفة:
قد جاءت في فضل يوم عرفة أحاديث؛ مِنها ما ورد عن عَائِشَة -رضي اللّه عنها- أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلّم قَالَ: (( مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَ إِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلائِكَةَ فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلاءِ؟ ))(26)، قال النوويّ في شرحه صحيح مسلم: "هذا الحديث ظاهِر الدَّلالة في فضل يوم عَرفة، و هو كذلك"، و عن طارق بن شهاب قال: قال رجل من اليهود لعمر: يا أمير المؤمنين، لو أنّ علينا أُنزلت هذه الآية [[ اليََوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ]](27) لاتّخذنا ذلك اليوم عيدا. فقال عمر: "إنّي لأعلم أيّ يوم نزلت هذه الآية؛ نزلت يوم عرفة، في يوم الجمعة"(28).
أمّا صيام هذا اليوم -يوم عرفة-؛ فيكفيه فضلا ما رواه أَبو قَتَادَةَ اْلأنْصَارِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رسول اللّه صلّى الله عليه و سلّم (( سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَقَالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَ البَاقِيَةَ ))(29). قال بعض العلماء أنّ الحديث "معناه يُكفّر ذنوب صائمه في السّنتين، قالوا: و المراد بها الصّغائر، و هذا يشبه تكفير الخطايا بالوضوء، فإنْ لم تكن هناك صغائر يُرجى التّخفيف مِن الكبائر، فإنْ لم يكن رُفعت درجات"(30)، و "قال إمام الحرمين: المكفّر الصغائر. و قال القاضي عياض: و هو مذهب أهل السنّة و الجماعة، و أمّا الكبائر فلا يكفّرها إلا التّوبة، أو رحمة الله"(31)، و عن تكفير السَّنة الباقية و إشكاله قال المباركفوري: "فإن قيل: كيف يكون أنْ يكفّر السّنة الّتي بعده مع أنّه ليس للرّجل ذنب في تلك السّنة؟! قيل: معناه أنّ يحفظه الله تعالى مِن الذّنوب فيها، و قيل: أنْ يعطيه من الرّحمة و الثّواب قدرا يكون ككفّارة السّنة الماضية و السّنة القابلة إذا جاءت و اتّفقت له ذنوب"(32).
ثامنا/ الذِّكر:
هذه الأيّام؛ أيّام ذِكرٍ للّه سبحانه و تعالى بجميع أنواعه؛ مِن تكبير، و تسبيح، و تهليل، و تحميد، و دعاء، و استغفار، و قراءة قرآن...، قال اللّه تعالى في آية الحجّ: [[ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ]](33)، و نقل البخاري في صحيحه عن ابن عباس -رضي اللّه عنهما- في تفسير (الأيّام المعلومات)؛ قوله: أنها أَيَّامُ الْعَشْرِ الأوائل مِن ذي الحِجّة(34)، و قد أكّدت السنّة النّبوية على الذّكر و الإكثار منه في هذه الأيّام، بما رُوي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلّم: (( ما مِن أيّام أعظم عند الله، ولا أحبّ إليه العمل فيهنّ مِن هذه الأيّام العشر، فأكثروا فيهنّ مِن التّكبير، و التّهليل، و التّحميد ))(35)؛ و ما أمر نبيّنا عليه الصّلاة و السّلام بالإكثار مِن التّهليل و التّكبير و التّحميد في هذه الأيّام المباركة دون غيرها من الأذكار، إلاّ لأنّها من آكد العبادات و الشّعائر فيها، و أمّا بقية الأذكار الّتي أشرتُ إليها مستحبّة أيضا لدخولها في عموم معنى الذِّكر كما قال علماؤنا. و قد نُقل عن سلف الأمّة -رضي الله عنهم- أنّهم كانوا يلهجون بذكر الله منذ دخول العشر، و يُعلنون ذلك في بيوتهم و مساجدهم و أسواقهم و أماكن أعمالهم، و يذكرون الله على كلّ أحوالهم.
و يتأكّد هذا الذِّكر أكثر في يوم عرفة؛ قال الإمام النّووي -رحمه الله-: "و اعلم أنّه يُستحبُّ الإِكثار مِن الأذكار في هذه العشر زيادةً على غيره، ويُستحب من ذلك في يوم عرفة أكثر من باقي العشر"(36).
تاسعا/ التّكبير:
التّكبير و إنْ كان مِن جملة الذّكر، إلاّ أنّني أحببتُ أن أعقد له هنا عنوانا خاصّا لورود ذِكره في النّصوص و الآثار المتعلّقة بالأيّام العشر أكثر مِن غيره مِن الأذكار؛ و لم يسبق لي أنْ قرأتُ كلاما يُلخّص موضوع التّكبير في الأيّام العشر أحسن ممّا قرأتُه لفضيلة الشّيخ الدّكتور عبد العزيز بن فوزان الفوزان، لذلك و لِغناه اكتفيتُ بتقييده هنا كاملا دون إضافة شيء؛ قال حفظه اللّه و نفعنا بعلمه: "و الإكثار من التّكبير و الجهر به من الشّعائر الّتي يشابه بها المقيمون حجّاج بيت الله الحرام.
و قد أصبح التّكبير في هذا الزّمن من السّنن المهجورة، و لا سيما في أوّل العشر فلا تكاد تسمعه إلا مِن القليل. فحرِيّ بالمسلمين أنْ يحيوا هذه السنّة فيفوزوا بأجر العمل، و أجر إحياء سنّة تكاد تندثر.
و أمّا صفة التّكبير، فليس له صفة يجب الالتزام بها، و الأمر في ذلك واسع، و المقصود هو كثرة الذّكر على أيّ صفة مشروعة.
و قد ورد عن السّلف صفات متعدّدة، و المنقول عن أكثرهم أنّهم كانوا يقولون: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، و الله أكبر، الله أكبر و لله الحمد. و عن بعضهم: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، و الله أكبر، الله أكبر، و لله الحمد، و عن بعضهم: الله أكبر كبيراً، و الحمد لله كثيراً، و سبحان الله بكرة وأصيلاً.
و بالإضافة إلى التّكبير المطلق الّذي يبتدئ مِن أوّل ذي الحجة إلى غروب الشّمس مِن اليوم الثّالث عشر، فإنّه يُشرع كذلك التّكبير المقيَّد بأدبار الصّلوات بعد السّلام، و هو يبتدئ بالنّسبة لغير الحجّاج مِن فجر يوم عرفة إلى صلاة العصر مِن آخر أيّام التّشريق. و بالنّسبة للحجّاج مِن صلاة الظّهر يوم النّحر إلى صلاة العصر مِن آخر أيّام التّشريق. و هذا هو أصحّ الأقوال الّذي عليه جمهور السّلف و الفقهاء قديماً وحديثاً.
و ظاهر النّصوص أنّ التّكبير المقيّد شامل للمقيم و المسافر، و الجماعة و المنفرد، و الصّلاة المفروضة و النّافلة. و المسبوق ببعض الصّلاة يكبّر إذا فرغ من قضاء ما فاته؛ لأنّ التّكبير ذِكر مشروع بعد السّلام"(37).
عاشرا/ الدّعاء:
الدّعاء هو مخّ العبادة، مَن وُفّق إلى دعاء اللّه وحده فقد بُلّغ منزلة عظيمة و وُفِّق إلى خير كثير، فكيف إذا وافق دعاء العبد ربَّه هذه الأيّام المباركة و هو مجتهد صائم؛ لا شكّ أنّه سيُفتَح له باب أسباب إجابة دعائه على مصراعيه.
بل كيف إذا وافق دعاؤه يوم عرفة و ما أدراك ما دعاء يوم عرفة؛ عن عبد اللّه بن عمر –رضي اللّه عنهما- أنّ النّبي صلّى الله عليه و سلّم قال: (( خير الدّعاء دعاء يوم عرفة ))(38)، قال ابن عبد البر معلِّقا على هذا الحديث: "و فيه مِن الفقه أنّ دعاء يوم عرفة أفضل مِن غيره، و في ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره،... و في الحديث أيضًا دليل على أنّ دعاء يوم عرفة مُجاب كلّه في الأغلب"(39). فلْيحرص المسلم على الإكثار مِن الدّعاء لاسيما سؤاله ربَّه سبحانه أنْ يعتقه مِن النّار؛ فقد قال النّبي صلّى الله عليه و سلّم في حديث سبق ذِكره: (( مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ)).
حادي عشر/ قيام اللّيل:
لا شكّ أنّ قيام اللّيل عبادة عظيمة جليلة، يكفي عن وصف عظمة شأنها و جلالة قدرها قوله تعـالى في أهل القيام: [[ أَمّنْ هُوَ قَانِتٌ أَنَاءَ اللّيْلِ سَاجِداً وَ قَائِماً يَحْذَرُ الاَخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنّمَا يَتَذَكّرُ أُولُو الألْبَابِ ]](40)، و مع دخول القيّام في عموم العمل الصّالح كما ذكرتُ في شأن بعض العبادات، فقد ذُكر عن بعض العلماء تنصيصهم على استحباب قيام ليالي العشر الأوائل مِن ذي الحجّة، مِنهم الإمام الشّافعي و غيره، و قال سعيد بن جبير كما في لطائف المعارف: " لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر"(41).
ثاني عشر/ التّضحية:
الأضحية سنّة سنّها لنا أبونا إبراهيم عليه الصّلاة و السّلام حين فدى الله ولده بذِبح عظيم، و هي مِن خير القربات في هذه الأيّام؛ يُغنينا اشتهارها لدى النّاس علما و عملا عن سرد النّصوص حولها، حتّى إنّ مِن العلماء مَن قال بأنّها واجبة على الموسِر، و الجمهور منهم على أنّها سنّة مؤكّدة.
فينبغي على المستطيع الحِرص على هذه السنّة مع تعلّم آدابها و أحكامها.
و لا يحزَنَنّ مَن لم يستطع شراء أضحية لحاجته أو فقره، إذ يكفيه شرفا و أجرا أنْ ضحّى عنه خير البرية صلّى اللّه عليه و سلّم؛ فعن عائشة و أبي هريرة -رضي اللّه عنهما- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم (( كان إذا أراد أنْ يُضحّي اشترى كبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوأين، فذَبَح أحدهما عن أمّته لِمن شهد بالتّوحيد و شهد له بالبلاغ، و ذَبَح الآخر عن محمّد و عن آل محمّد صلّى اللّه عليه و سلّم ))(42).
ثالث عشر/ عدم أخذ شيء مِن الشَّعر و الظِّفر بالنّسبة للمضحّي:
قال نبيّنا صلى الله عليه و سلم: (( مَن كان له ذبح يذبحه، فإذا أهلّ هلال ذي الحجة، فلا يأخُذنّ من شَعره و لا مِن أظفاره شيئاً حتى يُضحّي ))(43). و في حديث آخر: (( فليُمسك عن شعره و أظافره حتى يضحّي )).
فالحديث الأوّل فيه النّهي عن أخذ شيء من الشَّعر أو الظّفر و الأصل في النّهي إفادة التّحريم و لا صارف له هنا إلى الكراهة، و الحديث الثّاني فيه الأمر بالإمساك عن أخذ ذلك و الأصل في الأمر إفادة الوجوب و لا صارف له كذلك إلى الاستحباب، و عند كثير مِن العلماء إذا أهلّ هلال ذي الحجّة على مَن أراد أنْ يُضحّي؛ لا يجوز له أنْ يأخذ شيئا مِن شعره و لا أظفاره حتّى يُضحّي، و مَن اشترى أضحية بعد مُضي أيّام مِن أوّل ذي الحجّة أمسك مِن وقت عزمه على التّضحية.
و النّهي عن الأخذ يخصّ المضحّي وحده (صاحب الأضحية) و لا يتناول المُضحَّى عنهم كالزّوجة و الأولاد و نحوهم، إلاّ إذا كان لأحدهم أضحيّة تخصّه، لأنّ النّبي صلى الله عليه و سلم كان يضحّي عن آل محمد -رضي اللّه عنهم- و لم يُنقل عنه أنه نهاهم عن الأخذ.
أمّا الحِكمة مِن ذلك؛ فقد قال بعض العلماء أنّه لمّا شابه المضحّي المحْرِمَ في بعض أعمال النّسك -و هو التقرّب إلى الله بذَبْح القربان- أُعطي بعض أحكامه، و قيل أنّ الحِكمة في ذلك أن يبقى كامل الأجزاء ليُعتَق مِن النّار.
رابع عشر/ استغلال يوم العيد:
يوم العيد هو أفضل أيّام السّنة على الإطلاق، لحديث النّبي صلى الله عليه و سلّم: (( إِنَّ أَعْظَمَ الأيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ ))(44)، فالجدير بالمسلم أنْ يستغلّ هذا اليوم في التقرّب إلى اللّه بمختلف العبادات؛ و الّتي مِنها ما يأتي ذكره.
خامس عشر/ الخروج إلى صلاة العيد:
على المسلم ذكرا كان أو أنثى الحِرص على أداء صلاة العيد حيث تُصلّى، و لْيحرص على الاستماع إلى خطبة العيد، فمِن الغُبن و الخطأ أن يحرِِم المسلم و المسلمة نفسيهما مِن شهود هذا الخير العظيم، ذلك لأنّ هذا اليوم -يوم النّحر- هو أعظم الأيّام عند اللّه كما في الحديث السّابق ذكره، علاوة على أمر النّبي عليه الصّلاة و السّلام الرّجال و النّساء بذلك.
سادس عشر/ صِلة الأرحام:
صِلة الرّحم مِن الأمور الواجبة حُكما و العظيمة أجرا؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( يا أيها النّاس أفشوا السّلام و أطعموا الطّعام و صِلوا الأرحام و صلّوا باللّيل و النّاس نيام تدخلوا الجنّة بسلام ))(45)، و قال عليه الصّلاة و السّلام: (( لا يدخل الجنّة قاطع ))(46). و لا شكّ أنّ أعرافنا و عاداتنا جارية بالتّزاور و التّواصل بين ذوي الرّحم في هذه الأيّام و في اليوم العاشر منها خاصّة -يوم العيد-، فلْيستدم كلّ منّا على ما بدأه و اعتاد عليه، و لْيوصي غيره و لْيربّي أبناءه على ذلك.
سابع عشر/ الصّدقة:
الصّدقة في وقت الحاجة و الشدّة أفضل مِن بعض العبادات التطوّعية الخاصّة في هذه الأيّام و غيرها؛ و علّل ذلك علماؤنا بأنّ العبادة التطوّعية الخاصّة نفعها قاصر على صاحبها، أمّا الصّدقة على الفقراء و المساكين و المحاويج و الجياع فنفعه متعدّي، و ما كان نفعه متعدّيًا أفضل ممّا كان نفعه قاصرًا.
و يكفي المتصدِّق و الباذل و المعطي و المحسن إلى الآخرين أجرا؛ أنّ فعله استجابة لنداء الإيمان في قوله تعالى: [[ يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمّا رَزَقْنَاكُم مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَ لاَ خُلّةٌ وَ لاَ شَفَاعَةٌ وَ الكَافِرُونَ هُمُ الظّالِمُونَ ]](47)، و يكفيه فضلا قوله سبحانه: [[ مَن ذَا الذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ]](48).
و أمّا مَن لم يجدْ ما يتصدّق به؛ فأبشِّره بما وَرد عن نبيّنا صلى الله عليه و سلّم أنّه قال: (( على كل مُسلمٍ صدقة )). فقالوا: يا نبي الله! فمَن لم يجد؟ قال: (( يعمل بيده فينفع نفسه و يتصدّق )). قالوا: فإنْ لم يجد؟ قال: (( يُعين ذا الحاجة الملهوف )). قالوا: فإنْ لم يجد؟ قال: (( فلْيعمل بالمعروف و ليُمسك عن الشرّ فإنّها له صدقةٌ ))(49).
ثامن عشر/ استشعار وِحدانية اللّه عزّ و جلّ:
علينا جميعا و نحن نجتهد في هذه الأيّام؛ استشعار عظمة اللّه الواحد الأحد، و أنّ كلّ ما نقوم به مِن أعمال و نؤدّيه مِن عبادات فهو بفضله و توفيقه سبحانه، و ما كنّا لنصنع شيئا لولاه عزّ و جلّ، لذلك علينا أنْ نستشعر معاني وحدانية خالقنا و إلهنا ربّ العالمين الرّحمان الرّحيم ملك يوم الدّين، فنستحضرها في ما وُفّقنا إليه مِن أعمال و عبادات؛ فصلاةٌ تُبذل له وحده، و صيامٌ له و هو يجزي به، و حجٌّ بأفئدة هَوَت إلى البيت العتيق و ما قَصَدَت إلى ربّ البيت، و تضحيةٌ هي توحيدٌ يُذكِّر بأبي الموحّدين إبراهيم عليه السّلام، و صدقةٌ يُراد بها وجهه و جنّته، و تكبيرٌ يُعلن بأنّ عظمة اللّه لا تضاهيها عظمة، و تحميدٌ يُعترف فيه بتفرّد اللّه سبحانه بأحسن الأسماء و أعلى الصّفات و سعة رزقه و إنعامه، و التّهليل يُلخّص ذلك كلّه...
قال اللّه تبارك و تعالى: [[ قُلْ إِنّ صَلاَتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيَايَ وَ مَمَاتِي للّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ () لاَ شَرِيكَ لَهُ وَ بِذَلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا أَوّلُ الْمُسْلِمِينَ ]](50).
هذا ما تيسّر لي كتابته و جمعه في هذا الموضوع -موضوع العمل في العشر الأوائل مِن ذي الحجّة-، قد اجتهدتُ فيه للجود بأفضل ما ورد فيه مع الحرص على الأصوب منه، فإنْ كان فيه مِن صواب و توفيق فمِن اللّه وحده، و ما جرت كتابة سطوري إلاّ بما تجري به سائر الأقلام، و العبد يُصيب و يُخطئ، و أفرَح بالتّصويب كما أطرب لمدح قريب، فمَن وجد خيرا فيما كتبت فلْيحمد اللّه و ليشمّر عن ساعد الجدّ، و مَن وجد غير ذلك فلْيُحسن الظنّ بي و ها هو ذا عنواني الالكتروني على ذيل المقال بابه مفتوحة لكلّ مُهدٍ إليّ عيوبي.
و في الأخير أسأل اللّه عزّ و جلّ لي و لأخواني و أخواتي جميعا بمناسبة حلول هذه الأيّام المباركة؛ التّوفيق إلى الاجتهاد في العمل و الباقيات الصّالحات، و أنْ ييسّر لنا أسباب الفوز بجنّة عرضها الأرض و السّموات، و نسأله الغفور التوّاب؛ السّداد و الإخلاص و الصّواب، و حُسن الخاتمة و المغفرة و الثّواب؛ في القول و العمل. كما أناشد كلّ أخ أو أخت قرأ رسالتي منشورة على الانترنت أو مطبوعة على الورق؛ الدّعاء لي و لوالدي و لكلّ من له عليّ فضل، و الاشتراك معي على الخير بنشر الرّسالة في مناسبتها على معارفه، و لي منّي إليهم مقدّما المحبّة في اللّه و السّلام مع رحمته و بركاته و مغفرته.
و سبحانك اللّهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلاّ أنت أستغفرك و أتوب إليك.
أخوكم محمّد بن حسين حدّاد الأمازيغيّ الجزائريّ
tarekzyad@gmail.com
ليلة الخميس 29 ذو القعدة 1429هـ، الموافق لـ: 27 نوفمبر 2008م
--------------------------------------------------------------------------------
(1) سورة المطففين: الآية 26.
(2) و لاشك أنّ قسمَ الله تعالى بها يُنبئُ عن شرفها و فضلها.
(3) سورة الفجر: الآيتان 1-2.
قال الإمام الطّبري في تفسيره للآية الثّانية: "هي ليالي عشر ذي الحجة ، لإجماع الحُجة من أهل التأويل عليه". (تفسير الطّبري: ج 7/ص 514).
(4) سورة الحجّ: الآيتان 27-28.
و نقل البخاري في صحيحه عن ابن عباس قوله في هذه الأيام أنّها: أَيَّامُ الْعَشْرِ.
(5) صحيح الجامع الصّغير (1133).
(6) صحيح سنن الترمذي (757)؛ صحيح سنن أبي داود (2438)؛ صحيح سنن ابن ماجه (1753). و لتمام الفائدة، انظر جامع الأصول في أحاديث الرّسول صلى الله عليه وسلم. (6863). و انظر شرح الحديث في: (فتح الباري) و (شرح مسلم للنووي) و (لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي).
(7) رواه مسلم: (الحديث رقم: 3288/ ص 568).
(8) رواه أبو داود: (الحديث رقم 1765/ ص 271).
(9) قال الحافظ ابن حجر العسقلاني ( فتح الباري: 2/534): "و الذي يظهر أنّ السّبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، و هي الصّلاة و الصّيام و الصّدقة و الحجّ، و لا يتأتّى ذلك في غيره".
(10) رواه الدّارمي و البيهقي في الشّعب.
(11) سورة إبراهيم: الآية 7.
(12) سورة التّوبة: الآية 36.
(13) سورة التّحريم: الآية 8.
(14) سورة القَصص: الآية 67.
(15) سورة طه: الآية 82.
(16) البخاري كتاب الرقائق، باب التّواضع (6502).
(17) متّفق عليه.
(18) رواه التّرمذي و النسائي.
(19) سورة آل عمران: الآية 97.
(20) لطائف المعارف.
(21) متّفق عليه.
(22) رواه أحمد و النّسائي، و هو في صحيح أبي داود: 2129، و صحّحه الألباني في صحيح النسائي برقم: 2372.
(23) لطائف المعارف: 522.
(24) كما قال بذلك الإمام النّووي في شرحه صحيح مسلم (4/328).
(26) مسلم في كتاب الحج: 1348.
(27) سورة المائدة: الآية 3.
(28) صحيح البخاري: كتاب الإيمان، باب زيادة الإيمان و نقصانه (97). و كتاب التّفسير و كتاب الاعتصام.
(29) رواه مسلم و غيره.
(30) شرح صحيح مسلم: (4/308).
(31) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: (4/474).
(32) تحفة الأحوذي: (3/171-172).
(33) سورة الحجّ: الآية 28.
(34) و ذكر ابن رجب الحنبلي أن هذا القول هو قول جمهور أهل العلم كما في لطائف المعارف: ص289.
(35) رواه أحمد (مج2/ص131/الحديث رقم: 6154)، و صحّحه الشّيخ أحمد محمّد شاكر في تخريج المسند (7/224).
(36) الأذكار: ص 389.
(37) مِن مقال للشّيخ نُشر على موقع صيد الفوائد –على الانترنت-.
(38) . الترمذي: (كتاب الدّعوات/ باب في دعاء يوم عرفة/ 3585). و الحديث في السّلسلة الصّحيحة (1503).
(39) التمهيد (6/41) .
(40) سورة الزّمر: الآية 9.
(41) انظر: (لطائف المعارف: 524).
(42) رواه بن ماجه (2/199).
(43) رواه مسلم و أبو داود و التّرمذي و النّسائي.
(44) صحيح ابن حبّان، و سنن أبي داود، و هو في صحيح سنن أبي داود (2/148)، و أنظر المشكاة: (ح/2643). يوم القرّ هو اليوم الّذي يلي يوم النّحر، و قيل سُمي بذلك لقرار –أي استقرار- الحجاج فيه و عدم نفرهم.
(45) أخرجه التّرمذي و صحّحه.
(46) رواه مسلم.
(47) سورة البقرة: الآية 254.
(48) سورة الحديد: الآية 11.
(49) رواه البخاري: (الحديث رقم 1445/ ص 233).
(50) سورة الأنعام: الآيتان 162-163.