هذه عبارة مرَّت عليَّ في الكتاب الجليل (العلل- لابن أبي حاتم الرازي)
وهي تدلُّ على مكانة الإمام أحمد بن حنبل في علم العلل
وليس المجالُ مجالَ تقريرٍ لهذه المنزلة التي كتبها الله لهذا الإمام، فهذا أمرٌ معروف متوفر في كتب التراجم، فقد كان -رحمه الله- واسعَ الاطلاع على علل الأحاديث
بل ذكر ابن رجب أنه وإن شاركه كثيرٌ من الحفاظ في معرفة علل الأحاديث المرفوعة
إلا أنه لم يصل أحدٌ لمثل اطلاعه على علل الآثار الموقوفة
أعودُ إلى ما أردتُ عرضَه هنـــا
قال ابن أبي حاتم:
(وسألتُ أبي عن حديثٍ رواه أحمد بن حنبل وفَضْلٌ الاعرج عن هشام بن سعيد أبي أحمد الطَّالْقَاني عن محمد بن مهاجر عن عَقيل بن شَبيب عن أبي وَهْبٍ الـجُشَمى -وكانت له صحبة- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَمُّوا أولادكم أسماءَ الأنبياء، وأحسنُ الأسماء عبدالله وعبدالرحمن، وأصدقها حارثٌ وهمام، وأقبحها حربٌ ومرة. وارتبطوا الخيلَ، وامسحوا على نواصيها، وقَلِّدوها، ولا تقلدوها الأوتار"
قال أبي: سمعتُ هذا الحديث من فَضْلٍ الأعرج، وفاتني من أحمد، وأنكرتُه في نفسي
وكان يقع في قلبي أنه أبو وهب الكَلاعى صاحب مكحول، وكان أصحابنا يستغربون
فلا يمكنني أن أقول شيئاً لما رواه أحمد ثم قدمتُ حمصَ فاذا قد حدثنا
ابنُ المصفَّى عن أبي المغيرة قال: حدثنى محمد بن مهاجر قال حدثني عَقيل بن سعيد
عن أبي وَهْبٍ الكَلاعى قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم.
وأخبرنا أبو محمد قال: وحدثنا به أبي مرة أخبرني قال: حدثنا هشام بن عمار عن يحيى بن حمزة عن أبي وهب عن سليمان بن موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبي: فعلمتُ أنَّ ذاك باطلٌ، وعلمتُ أنَّ إنكارى كان صحيحاً، وأبو وهب الكَلاعى هو صاحبُ مكحول؛ الذي يروى عن مكحول، واسمه: عبيدالله بن عبيد، وهو دون التابعين، يروى عن التابعين. وضربُه مثلُ الاوزاعىِّ ونحوِه.
فبقيتُ مُتعجِّباً من أحمدَ بن حنبل كيف خَفِيَ عليه! فإني أنكرته حين سمعتُ به قبلَ أن أقفَ عليه قلتُ لأبي: هو عقيل بن سعيد أو عقيل بن شبيب؟
قال: مجهولٌ لا أعرفه).
فرحم الله هؤلاء الأعلام الذين حفظ الله بهم الدين
وجمعنا بهم في جنات عدن