تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 41 إلى 60 من 78

الموضوع: بحث شرعي حول ( حكم المصافحة بين الرجل و المرأة ) .

  1. #41
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    الدولة
    مصر - محافظة الشرقية - مدينة الإبراهيمية
    المشاركات
    1,463

    افتراضي رد: بحث شرعي حول ( حكم المصافحة بين الرجل و المرأة ) .

    إذا لم يكن رسول الله محرم على نساء هذه الأمة, هل يجوز لي أن أضع رأسي أيضا عند أجنبية لتفلي رأسي؟
    بل على قولهم، وفهمهم لحديث الوليدة!:
    يجوز أن اصطحبَ الفتيات الشابات! في قضاء حوائجهن!؛ ماسكًا بأيديهن حيثما يُرِدْنَ!؛ أو حيثما أريدُ ربما!!.
    وذلك طبعًا تأسيًا بفعل رسول الله -على فهمهم!-؛ حاشاه عن ذلك الفهم السقيم! حاشاه.
    ومَنْ منهم يرضى ذلك لزوجته أو لابنته أو لأخته....إلخ ؟!
    أيُّ فَهْمٍ هذا ؟!
    وما هذا التفسير الغريب! للأحاديث النبوية ؟!
    للأسف الشديد؛ هذه هي «الموضة الجديدة»!! -إن صح التعبير- في تناول المسائل التي عليها نصوص قاطعة؛ كمسألتنا هذه؛ مسألة مصافحة النساء الأجنبيات.
    أقصد أنهم يحتجون بالمتشابهات، والمحتملات، أو زلات! بعض العلماء؛ في مقابل النصوص الشرعية (المنطوقة)؛ (القطعية الدلالة).
    وكل ذلك بغرض إثبات الخلاف المعتبر -زعموه-!؛ للتسهيل! على الأمة، والتوسعة! عليها في أمر دينها.
    والله المستعان على سوء الفهم والبهتان.
    اللهم اقبضنا إليك غير ضالين!! ولا مضلين!.

  2. #42

    افتراضي رد: بحث شرعي حول ( حكم المصافحة بين الرجل و المرأة ) .

    بارك الله فيك أخي الكريم أشجعي حقا أفدتني بما نقلت خصوصا من كلام شيخنا السحيم.

    وأطرح الآن أمر آخر يمكن ان يتأول به مسألة الأخذ باليد إما إلى المعنوي أو القول بأن الوليدة هي الصغيرة,و ذلك أن النبي صلى الله عليه و سلم قال{إني لا أصافح النساء}الحديث هذا من قوله صلى الله عليه و سلم وبالتالي فهو الصادق في كلامه لم يصافح النساء فهل يعقل أنه أخذ من يده من طرف امرأة بالغة؟فالمصافحة أهون من الأخذ باليد و المشي,وبالتالي يتعين علينا تأويل الأخذ باليد و الله أعلم.

    ما رأيك أخي الكريم؟

    و الله استفدت منك كثيرا اخي الأشجعي فبارك الله فيك على ما قدمته لنا.
    قوام الدين بكتاب يهدي و سيف ينصر

  3. #43
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    الدولة
    الفيوم
    المشاركات
    15

    افتراضي رد: بحث شرعي حول ( حكم المصافحة بين الرجل و المرأة ) .

    بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاكم الله خيرا على هذا التوضيح المهم

  4. #44
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    الدولة
    مصر - محافظة الشرقية - مدينة الإبراهيمية
    المشاركات
    1,463

    افتراضي رد: بحث شرعي حول ( حكم المصافحة بين الرجل و المرأة ) .

    الأخ الأشجعي؛ بارك الله فيكم، وفي جهدكم المبذول.
    الأخ أبو البراء الأندلسي؛ وفقنا الله وإياكم إلى قبول الحق. وجزاكم الله خيرًا على رجوعكم إلى الحق.

  5. #45
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    792

    افتراضي رد: بحث شرعي حول ( حكم المصافحة بين الرجل و المرأة ) .

    أجد نفسي مضطرا الى أن أقف وقفة احترام الى الأخ الحبيب ابو البراء,
    فهذا المنتدى السادس أو السابع الذي أسجل فيه, وقلما ان تجد مثل هذا الأخ,

    فبارك الله فيك أخي الحبيب ورفع لك قدرك,
    وبارك الله في الحبيب أبا رقية,

    أحبكم بالله

  6. #46
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    119

    افتراضي رد: بحث شرعي حول ( حكم المصافحة بين الرجل و المرأة ) .

    أشكرك أخي الأشجعي على جهدك في البحث عن الجواب في هذه المسألة المهمة وأشكر كذلك الأخ أبو البراء الأندلسي على رجوعه للصواب في المسألة ,وهذا دليل على حسن مقصده وطلبه للحق وفقنا الله جميعاً لطاعته ...

    وشخصياً .. أسعدني يوم أن علمت ببحث الشيخ علي الصياح وبحث الشيخ حسام الدين عفانة لأنه قد يكون عند الشخص علم ما واطلاع في المسألة والجواب عما يعرض عليها من الشبهات ولكن إذا وقف على بحوث قيمة من أمثال هذه البحوث فلا شك أن حجته ستزيد وتقوى ويتيسر له حسن الترتيب في الجواب ...

    بارك الله في الشيخين وجزاهما الله خيراً على ما قدماه وبقي علينا مهمة نشر هذا العلم وبيانه للناس وقد قال الله تعالى : ( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيِّنُّنه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنًا قليلاً فبئس ما يشترون } (آل عمران:187) .
    ...

  7. #47
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    395

    افتراضي رد: بحث شرعي حول ( حكم المصافحة بين الرجل و المرأة ) .

    أخى محب ابن تيمية
    بارك الله فيك أخى الكريم
    وجزاكم الله خيرا على هذه المدارسة العلمية
    التى لولا مشاغلى فضلا عن أمور أخرى لشاركت فيها بقوة ولكن أكتفى بمجرد مداخلات
    لماذا أخى الكريم اعتمدت انت والأخوة تصحيح الشيخ الألبانى للحديث معان هناك من ضعفه
    وهذا رابط ينحدث عن الحديث
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showth...t=%E3%CE%ED%D8
    ثم ما معنى لا تحل له فى الحديث
    ثم ألا ترى أخى الكريم أن تبريرات ما ورد عن أم حرام كلها ظنيات قابلة للقيل والقال
    وكلام عن العادات وما هى إلا تأويلات
    لم يحسمها نص قاطع وحديث صحيح صريح
    بارك الله فيك ووفقنا الله وإياك لقول الحق
    دكتور عبدالباقى السيد عبدالهادى الظاهرى

  8. #48
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    119

    افتراضي رد: بحث شرعي حول ( حكم المصافحة بين الرجل و المرأة ) .

    صحة الحديث أوضعفه لا يتوقف عليها الحكم في المسألة فالتحريم ثابت بأدلة كثيرة مذكورة في البحوث سابقاً للمشائخ الصياح حسام الدين ومحمد إسماعيل ,وماذا نعمل إذا لم تقنعك كل هذه الأدلة ؟! بارك الله فيك

    وبخصوص حديث أم حرام فالمرجو منك مراجعة وتأمل بحث الشيخ علي الصياح ,وقد خلص في آخره بهذه النتيجة :
    فإن قَالَ قائل إنّ دعوى محرمية الرَّضَاعَ هذه تحتاج إلى نصٍ صريح، ولا يوجد؟.
    فلينظر للأمور المتقدمة:
    -تعامل النَّبِيّ مع أُمّ سُلَيْم وأختها أُمّ حَرَام تعامل المحارم بعضهم مع بعض.
    -عدم وجود نص واحد-قولي أو فعلي- يدل على خصوصية النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالخلوة أو النظر أو المس كماتقدم.
    -امتناع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن مصافحة النساء في البيعة والاكتفاء بالكلام كما تقدم.
    -وكذلك قوله للصحابيين:((عَلَ رِسْلِكُمَا إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ)).
    -مع تنصيص السلف على ذلك.
    -ثم إنّ الرَّضَاعَ من النساء الأجنبيات من الأمور المنتشرة في ذلك الوقت، وربما خفي أمره على أقرب الناس وتقدم ذكر عدد من الأحاديث الصحيحة الدالة على ذلك.
    فهذه الأمور مجتمعة تُعدّ من قبيل تظافر الدلائل التي لا تخطىء، والدلالات التي تورث اليقين بأنَّ هناك محرمية بين النبي صلى الله عليه وسلم وأمّ حرام، وبأقل من هذه القرائن يستدل على مثل هذه القضايا، فكيف بهذه القرائن مجتمعة أ.هـ

    وأضيف عليها بأن المثبت لمحرمية أم حرام وأنها خالة للنبي عليه الصلاة والسلام مُقدَّم على النافي لها لأن مع المثبت زيادة علم

    ومشاغلك دكتورنا الفاضل أهم من اللت والعجن في مسألة لاتحتاج إلى كثير بحث للوصول إلى حكم تحريمها ..

  9. #49
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    395

    افتراضي رد: بحث شرعي حول ( حكم المصافحة بين الرجل و المرأة ) .

    أخى المعتز بدينه
    بارك الله فيك
    وحقا كما قلت مشاغلى أفضل من اللت والعجن
    وأنا أصلا قد قرررت عدم المشاركة لما رأيته من مصادرة لما أكتبه وليس فيه أدنى شبهة أو سب أو نقد لاحد
    ومن ثم رأيت ان القائمين على هذا الموقع لا يرغبون فى وجودى أصلا
    أقول لا يرغبون لان موضوعات لى حذفت لم يذكروا سبب حذفها
    وتكرر هذا معى
    مرارا
    ومن ثم فالأجدى أن أترك الموقع لأصحابه
    وأكتفى بالمطالعة
    وجزاكم الله خيرا
    دكتور عبدالباقى السيد عبدالهادى الظاهرى

  10. #50
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    792

    افتراضي رد: بحث شرعي حول ( حكم المصافحة بين الرجل و المرأة ) .

    أخي لو فعلاً لم ترد المشاركة لما شاركت رحمك الله هنا أو في أي موضوع آخر,
    أنا لست قديما هنا ولا أعرف ما هي مشاركاتك وما هو منحى تفكيرك,
    ولكن لست وحدك من حُذف له مواضيع أو مشاركات,
    ولكي لا أطيل,
    فضلاً
    راجع هذا الرابط:
    رسالة إلى من غضب بسبب حذف موضوعه

  11. #51
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    5

    افتراضي رد: بحث شرعي حول ( حكم المصافحة بين الرجل و المرأة ) .

    أين هشيم؟

  12. #52

    افتراضي رد: بحث شرعي حول ( حكم المصافحة بين الرجل و المرأة ) .

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الدكتور عبدالباقى السيد مشاهدة المشاركة
    أخى المعتز بدينه
    بارك الله فيك
    وحقا كما قلت مشاغلى أفضل من اللت والعجن
    وأنا أصلا قد قرررت عدم المشاركة لما رأيته من مصادرة لما أكتبه وليس فيه أدنى شبهة أو سب أو نقد لاحد
    ومن ثم رأيت ان القائمين على هذا الموقع لا يرغبون فى وجودى أصلا
    أقول لا يرغبون لان موضوعات لى حذفت لم يذكروا سبب حذفها
    وتكرر هذا معى
    مرارا
    ومن ثم فالأجدى أن أترك الموقع لأصحابه
    وأكتفى بالمطالعة
    وجزاكم الله خيرا

    أحسن الله إليك، ما هكذا تكون النصيحة ... !
    وقولك بأن أصحاب الموقع لا يرغبون فيك أصلا غير صحيح، ونحن نرحب بجميع الأعضاء ( من طلبة العلم أو غيرهم ) ونخدمهم قدر المستطاع ...

  13. #53
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    395

    افتراضي رد: بحث شرعي حول ( حكم المصافحة بين الرجل و المرأة ) .

    أخى اسامة بارك الله فيك
    انا يا اخى لا أقصد والله هو الأعلم بالسرائر إلا فئة معينة
    ويعلم الله ان بالموقع أناسا أحبهم فى الله
    والذى هالنى ان يذف لى كل مرة بالخمس موضوعات
    أو ثلاث
    او أو
    وغالبها بلا سبب
    مثلا أخى الكريم
    موضوع مثل مشايخ ابن حزم
    ما سبب حذفه
    وأنا وضعته وتركته
    وموضوع عن موقف ابن حزم من الإلحاد ومحاربته للإلحاد
    وموضوعإبطال ما روى بشان تعلم ابن حزم وهو ابن ست وعشرين عاما
    وغير ذلك مما لا أذكره
    أنا لو وضعت هذه الموضوعات عند غير المسلمين لما حذفوها
    وانت أخى الكريم تعرف أو انظر لمشاركاتى فتعرف
    أنا لست داع للتعصب وإنما أنا أدعو دوما للحوار الهادىء
    وأكثرت من ذلك فى مشاركاتى
    ومع ذلك هناك فئة تتعامل مع المشاركات بالمصادرة
    هل هذا حل
    ومع ذلك اين السبب
    أنا لا أجد حتى سببا فى الرسالة الإدارية
    فماذا يعنى هذا
    وعموما يا اخى أنا نصحت والله
    وليس فى قولى أى سخط إلا على فئة بعينها
    وأنا مثلا لما وضعت مشاركة ظاهرية ابن عبدالبر قبل مالكيته
    لم أضعها إعادة لموضوع
    وإنما كانت جوابا لأخى الدكتور محمد عز الدين المعيار
    لما راسلنى على الخاص
    فهل إن رددت على أخ اتهم بأنى أناوش من حذف المشاركة
    وأعيدها مكابرة
    كلا يا أخى
    ولذا حزنت لما وجدت موضوعا كهذا شارك فيه الشيخ على أحمد عبدالباقى بافق واسع وتقبله بسعة صدر
    قلت لعله لا يحذف لمشاركة الشيخ على فيه
    ولكن ما كنت أتوقعه حدث
    أيضا تم حذف الموضوع
    لذا يا اخى آثرت أن أتوقف عن المشاركة إلا من المطالعة
    لان الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها
    ما كنت أتوقع انه بعد ترحيب الشيخ على عبدالباقى بان أعود للمشاركة
    أن يحذف موضوعا شارك فيه مشرف
    ومع ذلك يا اخى ربما أخذنى الغضب والضجر
    فعبرت بكلام تستشعره أن فيه إساءة للجميع
    فهذا والله يعلم مابداخلى ليس مقصدى
    وجزاكم الله خيرا
    دكتور عبدالباقى السيد عبدالهادى الظاهرى

  14. #54

    افتراضي رد: بحث شرعي حول ( حكم المصافحة بين الرجل و المرأة ) .

    للشيخ أبي المنهال الالبيضي كتاب قيم في هذه المسألة طبع بدار الكتب العلمية
    اسمه مصافحة الأجنبية في الميزان

  15. #55
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    385

    افتراضي رد: بحث شرعي حول ( حكم المصافحة بين الرجل و المرأة ) .

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الدكتور عبدالباقى السيد مشاهدة المشاركة
    أخى المعتز بدينه
    بارك الله فيك
    وحقا كما قلت مشاغلى أفضل من اللت والعجن
    وأنا أصلا قد قرررت عدم المشاركة لما رأيته من مصادرة لما أكتبه وليس فيه أدنى شبهة أو سب أو نقد لاحد
    ومن ثم رأيت ان القائمين على هذا الموقع لا يرغبون فى وجودى أصلا
    أقول لا يرغبون لان موضوعات لى حذفت لم يذكروا سبب حذفها
    وتكرر هذا معى
    مرارا
    ومن ثم فالأجدى أن أترك الموقع لأصحابه
    وأكتفى بالمطالعة
    وجزاكم الله خيرا
    آلمني هذا الرد يا أخي الفاضل ... ولكن اتمنى ان تعيد نشر موضوعك في اماكن اخرى ليستفاد منها ( وخصوصاً دارة اهل الظاهر ) .

    واعتقد ان من حذفوا مشاركاتك الوقت والزمان كفيل بأن يخبرهم بأنه طريقتهم ستضرهم كثيراً ... وياليت قومي يعلمون !

  16. #56
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    385

    افتراضي رد: بحث شرعي حول ( حكم المصافحة بين الرجل و المرأة ) .

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أنس السويلم مشاهدة المشاركة
    أين هشيم؟
    حياك الله ايها الأخ الكريم ...

    اطلعت على ردود الأخوة وجميع الأدلة التي اوردوها قد نوقشت في صدر هذا الموضوع فلعلك ترجع إليه .

  17. #57
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    الدولة
    مصر - محافظة الشرقية - مدينة الإبراهيمية
    المشاركات
    1,463

    افتراضي رد: بحث شرعي حول ( حكم المصافحة بين الرجل و المرأة ) .

    هذا بحث منقول عن هذا الرابط
    http://www.echoroukonline.com/montad...d.php?p=363387

    نقلا من كتاب
    الأدلة الشرعية على تحريم مصافحة المرأة الأجنبية
    للدكتور حسام الدين عفانة

    نقلته لكم؛ لأن الموقع يتطلب تسجيلاً لاستعراض الموضوع كاملاً

    فإليكموه

    المبحث الأول

    تعريف المصافحة


    المصافحة : هي الأخذ باليد ، أي وضع صفح الكف على صفح كف غيره .
    قال الجوهري :[ والمصافحة الأخذ باليد والتصافح مثله ] (1).
    وقال الفيومي :[ صافحته مصافحة أفضيت بيدي إلى يده ] (2).
    وقال ابن منظور :[ وهي مفاعلة من إلصاق صفح الكف بالكف وإقبال الوجه على الوجه ] (3).
    وقال الحافظ ابن حجر :[ هي مفاعلة من الصفحة ، والمراد بها الإفضاء بصف :[ هي مفاعلة من الصفحة ، والمراد بها الإفضاء بصفحة اليد إلى صفحة اليد ] (4).
    المبحث الثاني
    تحديد المراد بالمرأة الأجنبية

    من هي المرأة الأجنبية ؟
    المرأة الأجنبية : هي التي يحل للشخص نكاحها ، وهي غير القريبة المحرم وغير الزوجة .(1)
    والمحارم من النساء هن اللواتي لا يحل نكاحهن تأبيداً أو مؤقتاً ، والأصل في التحريم قوله تعالى :( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُم ُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَالْمُحْصَنَات ُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ …) الخ الآية .(1)
    وقول الرسول صلى الله عليه وسلم :( لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها ) (2).
    وقوله صلى الله عليه وسلم :( إن الرضاعة ترم ما ترحمه الولادة ) (3).
    وقوله علـيـه الـصلاة والسلام :( يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ) (4).
    والمحرمات من النساء ثلاثة أنواع :
    الأول : المحرمات من النسب :
    وهن سبع الأمهات ، البنات ، الأخوات ، العمات ، الخالات ، بنات الأخ ، بنات الأخت ، وهن محرمات على التأبيد فلا يحل الزواج بهن بحال من الأحوال .
    ويدخل في قولنا الأمهات الجدات وإن علون ، ويدخل في قولنا البنات بنات البنين وبنات البنات وإن نزلت درجتهن ، ويدخل في قولنا الأخوات الأخوات لأب والأخوات لأم .
    الثاني : المحرمات من الرضاع :
    وهن سبع أيضاً كما في المحرمات من النسب وهن الأمهات من الرضاعة ، والبنات من الرضاعة ، والأخوات من الضراعة ، والعمات من الرضاعة ، والخالات من الرضاعة ، وبنات الأخ من الرضاعة ، وبنات الأخت من الرضاعة .
    الثالث : المحرمات بسبب المصاهرة :
    1. زوجة الأب ويشمل ذلك زوجة الجد .
    2. زوجة الابن ومثلها زوجة ابن الابن وزوجة ابن البنت وإن نزلت درجتهن .
    3. أم الزوجة ومثلها جدتها سواء كانت الجدة من جهة الأب أو من جهة الأم .
    4. بنت الزوجة وإن نزلت درجتها بشرط أن يكون الزوج قد دخل بأمها .

    وأما المحرمات حرمة مؤقتة فهن :
    أخت الزوجة والمطلقة ثلاثاً والمشغولة بحق زوج آخر بزواج أو عدة والتي لا تدين بدين سماوي والخامسة لمن عنده أربع زوجات .
    وهناك تفصيلات واستثناءات في هذا الباب تراجع في مظانها من كتب الفقه .(1)
    ----------------------------
    (1) الصحاح مادة صفح 1/383 . (2) المصباح المنير مادة صفح ص342 . (3) لسان العرب مادة صفح 7/356 . (4) فتح الباري 13/293 . (1) أحكام النظر ص101 ، الفقه الإسلامي وأدلته 7/598 . (1) سورة النساء الآيتان 23-24 . (2) صحيح البخاري مع فتح الباري 11/65 ، صحيح مع شرح النووي 9/191 . (3) صحيح مسلم مع شرح النووي 10/18 . (4) صحيح مسلم مع شرح النووي 10/20 . (1) انظر المغني 7/110 فما بعدها ، الفقه الإسلامي وأدلته 7/129 ، روائع البيان 1/454 فما بعدها


  18. #58
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    الدولة
    مصر - محافظة الشرقية - مدينة الإبراهيمية
    المشاركات
    1,463

    افتراضي رد: بحث شرعي حول ( حكم المصافحة بين الرجل و المرأة ) .

    المبحث الثالث
    حكم مصافحة المرأة الأجنبية وأقوال العلماء في ذلك

    اتفق علماء الأمة من السلف والخلف من أهل التفسير والحديث والفقه وغيرهم على تحريم مصافحة المرأة الأجنبية ولم يعرف لهم مخالف على مر العصور والأزمان - فيما أعلم - إلا ما أحدث في هذا العصر من قول شاذ يرى صاحبه أن مصافحة المرأة الأجنبية من قبيل المباح كما سيأتي .
    وهذه أقوال العلماء في هذه المسألة من أتباع المذاهب الأربعة وغيرهم يبينون فيها أن مصافحة المرأة الأجنبية حرام شرعاً للأدلة التي سنذكرها بعد ذلك:
    أولاً : أقوال علماء المذاهب الأربعة :
    (أ) أقوال الحنفية :
    1. قال الإمام المرغيناني صاحب كتاب الهداية :[ ولا يحل له أن يمس وجهها ولا كفيها وإن كان يأمن الشهوة ].(1)
    2. وقال السمرقندي :[ وأما المس فيحرم سواء عن شهوة أو عن غير شهوة وهذا إن كانت شابة .فإن كانت عجوزاً فلا بأس بالمصافحة إن كان غالب رأيه أنه لا يشتهي ، ولا تحل المصافحة إن كانت تشتهي وإن كان الرجل يشتهي ].(1)
    3. وقال صاحب الاختيار :[ ولا ينظر إلى المرأة الأجنبية إلا إلى الوجه والكفين إن لم يخف الشهوة ، فإن خاف الشهوة لا يجوز إلا للحاكم والشاهد ولا يجوز أن يمس ذلك وإن أمن الشهوة ].(2)
    4. وقال صاحب الدر المختار :[ فلا يحل مس وجهها وكفها وإن أمن الشهوة ].(3)
    5. وقال الزيلعي :[ ولا يجوز له أن يمس وجهها ولا كفيها وإن أمن الشهوة لوجود المحرم وانعدام الضرورة والبلوى ].(4)
    6. وقال الكاساني :[ وأما حـكـم مس هذين العضوين - الوجه والكفين - فلا يحل لمسهما ].(5)
    7. وقال صاحب ملتقى الأبحر :[ ولا إلى الحرة الأجنبية - أي ولا ينظر - أمن الشهوة إن كانت شابة … ].(1)
    (ب) أقوال المالكية :
    8. قال الإمام ابن العربي :[ قوله تعالى :( إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا ) عن عروة عن عائشة قالت :( ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتحن إلا بهذه الآية ( إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ ) ) قال معمر فأخبرني ابن طاووس عن أبيه قال : ما مست يده يد امرأة إلا امرأة يملكها .
    وعن عائشة أيضاً في الصحيح :( ما مست يد رسو ل صلى الله عليه وسلم يد امرأة وقال إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة ).
    وقد روي أنه صافحهن على ثوبه . وروي أن عمر صافحهن عنه وأنه كلف امرأة وقفت على الصفا فبايعتهن ، وذلك ضعيف وإنما ينبغي التعويل على ما روي في الصحيح ] (2) .
    9. وقال الإمام ابن العربي أيضاً :[ كان النبي صلى الله عليه وسلم يصافح الرجال في البيعة تأكيداً لشدة العقدة بالقول والفعل فسأل النساء ذلك فقال لهن قولي لامرأة واحدة كقولي لمائة امرأة ولم يصافحهن لما أوعز إلينا في الشريعة من تحريم المباشرة لهن إلا من يحل له ذلك منهن ].(1)
    10. وقال الباجي :[ وقوله صلى الله عليه وسلم :( إني لا أصافح النساء ) لا أباشر أيديهن بيدي . يريد - والله أعلم - الاجتناب ، وذلك أن حكم مبايعة الـرجـال الـمصافحة ، فمنع ذلك في مبايعة النساء لما فيه من مباشرتهن ) .(2)
    (جـ) أقوال الشافعية :
    11. قال الإمام النووي :[ … وينبغي أن يحترز من مصافحة الأمرد الحسن الوجه فإن النظر إليه حرام … وقد قال أصحابنا كل من حرم النظر إليه حرم مسه بالمس أشد ، فإنه يحل النظر إلى الأجنبية إذا أراد أن يتزوجها وفي حـال الـبيع والشراء الأخذ والعطاء ونحو ذلك ، ولا يجوز مسها في شيء من ذلك ].(3)
    12. وقال الإمام النووي أيضاً بعد أن ذكر حديث عائشة - سيأتي - :[ فيه أن بيعة النساء بالكلام وفيه أن كلام الأجنبية يباح سماعه عند الحاجة وأن صوتها ليس بعورة وأن لا يلمس بشرة الأجنبية من غير ضرورة كتطبيب وفصد ].(1)
    13. وقال الحافظ بن حجر أيضاً :[ وفي الحديث - حديث عائشة - أن كلام الأجنبية مباح سماعه وأن صوتها ليس بعورة ومنع لمس بشرة الأجنبية من غير ضرورة لذلك ].(2)
    14. وقال الحافظ بن حجر أيضاً :[ ويستثنى من عموم الأمر بالمصافحة المرأة الأجنبية والأمرد الحسن ].(3)
    15. وقال العلامة الحصني :[ وأعلم أنه حيث حرم النظر حرم المس بطريق الأولى لأنه أبلغ لذة ].(4)
    16. وقال الحافظ العراقي :[ وفيه - حديث عائشة - أنه عليه الصلاة والسلام لم تمس يده قط يد امرأة غير زوجاته وما ملكت يمينه لا في مبايعة ولا في غيرها ، وإذا لم يفعل هو ذلك مع عصمته وانتفاء الريبة في حقه فغيره أولى بذلك ، والظاهر أنه كان يمتنع من ذلك لتحريمه عليه …].(1)
    17. وقال الحافظ الحازمي :[ وردت في الباب أحاديث ثابتة تصرح بأن النبي e لم يصافح امرأة أجنبية قط في المبايعة وإنما كان يبايعهن قولاً … ].(2)
    18. وقال الشيخ برهان الدين الجعبري بعد أن ســاق حديث أميـمة -سيأتي- :[ وهذا صحيح يدل على حرمة مصافحة النساء في المبايعة وغيرها ].(3)
    (د) أقوال الحنابلة :
    19. قال شيخ الإسلام ابن تيمية :[ ويحرم النظر بشهوة إلى النساء والمردان ومن استحله كفر إجماعاً ويحرم النظر مع وجود ثوران الشهوة وهو منصوص الإمام أحمد والشافعي .. وكل قسم متى كان معه شهوة كان حراماً بلا ريب سواء كانت شهوة تمتع النظر أو كانت شهوة الوطء واللمس كالنظر وأولى ].(4)
    وقال ابن مفلح :[ فتصافح المرأة المرأة والرجل الرجل والعجوز والبرزة غير الشابة فإنه يحرم مصافحتها ذكره في الفصول والرعاية ].(1)
    21. ونقل ابن مفلح عن محمد بن عبد الله بن مهران أن أبا عبد الله - يعني الإمام أحمد - سئل عن الرجل يصافح المرأة قال :[ لا وشدد فيه جداً ، قلت يصافحها بثوبه . قال : لا ].(2)
    22. وقال السفاريني :[ … إلا الشابة الأجنبية فتحرم مصافحتها كما في الفصول والرعاية وجزم في الإقناع كغيره لأن المصافحة شر من
    النظر ].(3)
    23. وقال صاحب منار السبيل :[ ويحرم النظر لشهوة أو مع خوف ثورانها إلى أحد ممن ذكرنا . ولمس كنظر وأولى لأنه أبلغ منه فيحرم المس حيث يحرم النظر ].(4)
    (هـ) أقوال العلماء المعاصرين :
    24. قال الشيخ المحدث ناصر الدين الألباني :[ وفي الحديث :( لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط …) وعيد شديد لمن مس امرأة لا تحل له ففيه دليل على تحريم مصافحة النساء لأن ذلك مما يشمله المس دون شك ].(1)
    وقال الشيخ عبد العزيز بن باز ومحمد بن صالح العثيمين جواباً على السؤال التالي : هل تجوز مصافحة المرأة الأجنبية ؟ وإذا كانت تضع على يدها حاجزاً من ثوب وغيره فما الحكم ؟ وهل يختلف الأمر إذا كان المصافح شاباً أو شيخاً أو كانت امرأة عجوزاً ؟
    قال الشيخان المذكوران ، في الجواب :[ لا تجوز مصافحة النساء غير المحارم مطلقاً ، سواء كن شابات أو عجائز وسواء أكان المصافح شاباً أم شيخاً كبيراً لما في ذلك من خطر الفتنة لكل منهما ، وقد صح أن رسول الله e قال :( إني لا أصافح النساء ) وقالت عائشة رضي الله عنها [ ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط ، ما كان يبايعهن إلا بالكلام ] ولا فرق بين كونها تصافحه بحائل أو بغير حائل ، لعموم الأدلة ولسد الذرائع المفضية إلى الفتنة ].(1)
    35. وقال الشيخان المذكوران في نفس الكتاب جواباً على السؤال التالي : هل يجوز مصافحة النساء الأقارب من وراء حائل ؟ في النكاح فإنه يجوز أن يصافحهن من وراء حائل أو مباشرة لأن المحرم يجوز أن ينظر من المرأة التي هو محرم لها … وجهها وكفيها وقدميها وما ذكره أهل العلم في ذلك ، وأما إن كانت القريبة ليست محرماً فإنه لا يجوز أن يصافحها لا بحائل ولا بدونه حتى لو كانت من عادتهم أن يصافحوهن فإنه يجب على المرء أن يبطل تلك العادة لأنها مخالفة للشرع فإن المس أعظم من النظر وتحرك الشهوة بالمس أعظم من تحركها بالنظر غالباً ، فإذا كان الإنسان لا ينظر لكف امرأة ليست من محارمه فكيف يقبض على هذا الكف ].(1)
    36. وأجابت اللجنة العامة للبحوث العلمية والإفتاء السعودية على السؤال التالي : هل يجوز لي أن أسلم على زوجة خالي أخي والدتي مع العلم أنني رضعت مع خالي من جدتي ، أم يحرم لكون أنها غير محرم لي ؟
    الجواب :[ لا يجوز لك أن تمس يدك يد زوجة خالك سواء ثبت رضاعك من جدتك أم لم يثبت لأنك أجنبي ، أي لست محرماً ، أما سلام السنة الذي باللسان فيجوز ، قالت عائشة رضي الله عنها في تفسير آية مبايعة رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء :( لا والله ما مست يده يد امرأة في المبايعة قط ، ما يبايعهن إلا بقوله : قد بايعتك على ذلك ) رواه البخاري .
    وعن أميمة بنت رقيقة قالت :[ أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نساء لنبايعه ، قلنا يا رسول الله ألا تصافحنا ، قال :( إني لا أصافح النساء ، إنما قولي لامرأة واحدة كقولي لمائة امرأة ) رواه أحمد بسند صحيح ].(1)

    المبحث الرابع
    أدلة العلماء على تحريم مصافحة المرأة الأجنبية

    بعد أن ذكرت أقوال أهل العلم من السلف والخلف التي وقفت عليها في تحريم مصافحة المرأة الأجنبية أسوق أدلتهم على ذلك :
    أولاً : حديث عائشة رضي الله عنها قالت :( كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى النبي صلى الله عليه وسلم يمتحنهن بقول الله تعالى :( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُن َّ…) الخ الآية . قالت : من أقر بهذا الشرط من المؤمنات فقد أقر بالمحنة (1) فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقررن بذلك من قولهن قال لهن رسـول الله صلى الله عليه وسلم انطـلقن فقد بايعتكن . لا والله ما مست يد رسول الله يد امرأة قط غير أنه يبايعهن بالكلام ) رواه الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما (1) .
    وفي رواية للبخاري عن عائشة قالت :( فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بايعتك كلاماً . لا والله ما مست يـده يـد امرأة قط في المبايعة ، ما بايعهن إلا بقوله قد بايعتك على ذلك ).(1)
    وفي رواية أخرى لحديث عائشة عند ابن ماجة :[ ولا مست كف رسول الله صلى الله عليه وسلم كف امرأة قط وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن قد بايعتكن كلاماً ).(2)
    قال حافظ بن حجر :[ قوله قد بايعتك كلاماً أن يقول ذلك كلاماً فقط لا مصافحة باليد كما جرت العادة بمصافحة الرجال عند المبايعة ].(3)
    وقال الإمام النووي [ قولها :( والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط غير أنه يبايعهن بالكلام ) فيه أن بيعة النساء بالكلام من غير أخذ كف وفيه أن بيعة الرجال بأخذ الكف مع الكلام وفيه أن كلام الأجنبية يباح سماعه وأن صوتها ليس بعورة وأنه لا يلمس بشرة الأجنبية من غير ضرورة كتطبيب وفصد ].(1)
    ثانياً : عن أميمة بنت رقيقة رضي الله عنها قالت :[ أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة نبايعه فقلن نبيعك يا رسول الله على أن لا نشرك بالله شيئاً ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي بهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيك في معروف ، فقال رسول اللهe ( فيما استطعتن وأطقتن ) ، قالت : فقلنا الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا هلم نبايعك يا رسول الله . فقال :( إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة أو مثل قولي لامرأة واحدة )] رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة ومالك وأحمد وابن حبان والدار قطني(2).
    وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .(3)

    وقال الحافظ ابن كثير : هذا إسناد صحيح .(1)
    وقال الشيخ ناصر الدين الألباني : إسناده صحيح .(2)
    وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين .(3)
    وفي رواية أخرى عند الترمذي :( فقلت : يا رسول الله بايعنا - قال سفيان تعني صافحنا - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قولي لمئة امرأة كقولي لامرأة واحدة ).(4)
    وفي رواية أخرى عند عبد الرزاق :( قالت فقلنا ألا نصافحك يا رسول الله فقال : إني لا أصافح النساء إنما قولي لامرأة كقولي لمئة امرأة ).(5)
    وفي رواية أخرى :( قالت : ولم يصافح رسول الله منا امرأة ) رواه احمد والحاكم بسند حسن كما قال الشيخ الألباني .(6)
    وهذا الحديث يبين أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصافح النساء في البيعة وهو نص صريح في ذلك ، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصافح السناء في البيعة فمن باب أولى أنه لم يصافح النساء في غير البيعة .
    فالرسول صلى الله عليه وسلم مع عصمته ترك مصافحة السناء ، فعلينا أن نترك ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه أسوتنا وقدوتنا .
    ثالثاً : عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كان لا يصـافـح الـنـسـاء في البيعة ) رواه الإمام أحمد في المسند .(1)
    ونقل المناوي قول الهيثمي إسناده حسن .(2)
    وقال الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي :[ وحسنه الحافظ والسيوطي ].(3)
    وقال الشيخ الألباني :[ وهذا إسناد حسن على ما تقرر عند العلماء من الاحتجاج بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده كأحمد والبخاري والترمذي وغيرهم ].(4)
    روى الإمام الترمذي عن قال معمر فأخبرني ابن طاووس عن أبيه قال :[ ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا يد امرأة يملكها ] وقال الشيخ الألباني صحيح .(1)
    وفي رواية عن ابن جريج عن بان طاووس عن أبيه :( كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ عليهن ويقول : لا أصافح النساء ) رواه بعد الرزاق .(2)
    خامساً : روى أبو نعيم في المعرفة من حديث نهية بنت عبد الله البكرية قالت : وفدت مع أبي على النبي صلى الله عليه وسلم فبايع الرجال وصافحهم وبايع النساء ولم يصافحهن ).(3)
    سادساً : عن عقيله بنت عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( لا أمس أيدي النساء ) رواه الطبراني في الأوسط وهو حديث صحيح كما قال الشيخ الألباني .(4)
    وهذه الرواية وما قبلها تشهد لحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصافح النساء في البيعة وهي تؤكد أن عائشة رضي الله عنها لم تنفرد في روايتها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصافح النساء وأن ذلك مبلغ علم عائشة كما زعم بعض الناس ، وسيأتي توضيح ذلك عند إبطال شبهات القول الشاذ في هذه المسألة .
    سابعاً : عن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( لإن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له ) رواه الطبراني والبيهقي .
    قال المنذري :[ رجال الطبراني ثقات رجال الصحيح ].(1)
    وقال الشيخ الألباني :[ رواه الروياني في مسنده ، وهذا سند جيد رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين غير شداد بن سعيد فمن رجال مسلم وحده ، وفيه كلام يسير لا ينزل به حديثه عن رتبة الحسن … والمخيط بكسر الميم وفتح الياء ما يخاط به كالإبرة والمسله ونحوهما وفي الحديث وعيد شديد لمن مس امرأة لا تحل له ، ففيه دليل على تحريم مصـافحة الـنساء لأن ذلك ممـا يـشمله المس دون شك ].(2)
    ثامناً : روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن أبي هريرة t أن النبي e قال :( كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محاله ، فالعينان تزني وزناهما النظر ، والأذنان زناهما الاستماع ، والسان زناه الكلام ، واليد زناها البطش ، والرجل زناها الخطي ، والقلب يهوى ويتمنى ، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه ).(1)
    قال الإمام النووي :[ معنى الحديث أن ابن آدم قدر عليه نصيب من الزنا فمنهم من يكون زناه حقيقياً ، بإدخال الفرج بالفرج الحرام . ومنهم من يكون زناه مجازاً بالنظر الحرام أو الاستماع إلى الزنى وما يتعلق بتحصيله أو بالمس بأن يمس بيده أجنبية أو يقبلها أو بالمشي بالرجل إلى الزنى أو النظر أو اللمس أو الحديث الحرام مع أجنبية ونحو ذلك ].(2)
    تاسعاً : إن الإسلام حرم النظر إلى الأجنبية بغير سبب مشروع (3) بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد حث المسلم على أن يصرف بصره إذا وقع على امرأة أجنبية فقد ثبت في الحديث عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال :( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فأمرني أن اصرف بصري ).(4)
    وعن بريده رضي الله عنه قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخره ) رواه أحمد وأبو داوود والترمذي والطبراني والحاكم وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وقال الألباني حسن .(1)
    قال الشوكاني :[ وحديث بريدة فيه دليل على أن النظر الواقع فجأة من دون قصد وتعمد لا يوجب إثم الناظر لأن التكليف به خراج عن الاستطاعة وإنما الممنوع منه النظر الواقع على طريقة التعمد أو ترك صرف البصر بعد نظر الفجأة ].(2)
    والأدلة على تحريم النظر إلى الأجنبية بدون سبب مشروع كثيرة ، وإذا كان النظر محرماً فمن باب أولى اللمس ، لأن اللمس أعظم أثراً في النفس من مجرد النظر حيث أن اللمس أكثر إثارة للشهوة وأقوى دايعاً إلى الفتنة من النظر بالعين وكل منصف يعلم ذلك كما قال العلامة الشنقيطي .(3)
    وقال الإمام النووي :[ وقد قال أصحابنا كل من حرم النظر إليه حرم مسه ، بل المس أشد فإنه يحل النظر إلى أجنبية إذا أراد أن يتزوجها وفي حال البيع والشراء والأخذ والعطاء ونحو ذلك لا يجوز مسها في شيء من ذلك ].(1)
    هذه أهم الأدلة على حرمة مصافحة المرأة الأجنبية وإن الناظر المخلص في هذه الأدلة ليطمئن إلى صحتها وقوتها في إثبات هذا الحكم الشرعي ويدفعه ذلك إلى العمل به اقتداءً بسيد الخلق محمد e وأما من كان صاحب هوى أو عصبية ويدعو إلى التحلل والتنصل من أحكام الشرع فلا تعجبه هذه الأدلة وقد جئناه بها ساطعة وضاحة كوضوح الشمس في رابعة النهار وسيحاول بشتى الطرق والوسائل أن يتمحل في التحلل من هذا الحكم الشرعي الثابت تارة بالتأويل الفاسد , وأخرى بالاستدلال الباطل وثالثة باسم الضرورة أو المصلحة أو نحو ذلك من التعليلات الفاسدة والتخريجات الساقطة كما سنرى فيما بعد .
    (1) فسر ابن عباس رضي الله عنهما المحنة بقوله :[ وكانت المحنة أن تستحلف بالله أنها ما خرجت من بغض زوجها ولا رغبت من أرض إلى أرض ولا التماس دنيا ولا عشقاً للرجـل منا بل حـبـاً لله ولرسـوله ] تـفـسـيـر القرطبي 18/62.

    (1) صحيح البخاري مع فتـح الباري 11/345-346 ، صحيح مسلم شرح النووي 13/10.

    (2) المصدر السابق 10/261.

    (3) صحيح سنن ابن ماجة رقم 2324.

    (4) فتح الباري 10/261.

    (1) شرح النووي على مسلم 13/10.

    (2) سنن الترمذي 4/151-152 ، سنن النسائي 7/149 ، سنن ابن ماجة 2/959 ، الموطأ ص 538 ، مسند أحمد 6/357 ، الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان 10/417 .

    (3) سنن الترمذي 4/152 .

    (1) تفسير ابن كثير 4/352 .

    (2) سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث رقم 529 المجلد الثاني .

    (3) الإحسان 10/417 .

    (4) المصنف لعبد الرزاق 6/7 حديث رقم 9826 .

    (5) سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث رقم 529 المجلد الثاني .

    (6) المصدر السابق .

    (1) المسند 2/213 .

    (2) فيض القدير 5/186 .

    (3) الفتح الرباني 17/351 .

    (4) سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الثاني حديث رقم 530 .

    (1) سنن الترمذي 3/117 حديث رقم 2634 .

    (2) المصنف لعبد الرزاق 6/8 حديث رقم 9831 .

    (3) التلخيص الحبير 4/169 .

    (4) صحيح الجامع الصغير 2/1205 ، حديث رقم 7177 .

    (1) صحيح الجامع الصغير 2/1205 حديث رقم 7177 .

    (2) الترغيب والترهيب 3/39 .

    (1) صحيح مسلم مع شرح النووي 16/205-206 .

    (2) شرح النووي على مسلم 16/206 .

    (3) انظر المغني لابن قدامة 7/102 .

    (4) صحيح مسلم مع شرح النووي 14/139 .

    (1) سنن أبي داود 2/246 ، سنن الترمذي 5/101 ، المسند 5/353 ، المستدرك 3/194 ، حجاب المرأة المسلمة ص 23 ، صحيح الجامع الصغير 2/1317 حديث رقم 7953 .

    (2) نيل الأوطار 6/127 .

    (3) أضواء البيان 6/603 نقلاً عن أدلة التحريم ص 14.

    (1) الأذكار ص 228 .



    (1) فتاوى العلماء للنساء ص 50 .

    (1) فتاوى العلماء للنساء ص 112.

    (1) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السعودية ، فتوى رقم
    (2823 ) وتاريخ 10/2/1400.


    (1) الهداية مع تكملة شرح فتح القدير 8/460 .

    (1) تحفة الفقهاء 3/334 .

    (2) الاختيار لتعليل المختار 4/ 156 .

    (3) حاشية ابن عابدين 6/367 .

    (4) تبين الحقائق 6/18 .

    (5) بدائع الصناع 6/2959 .

    (1) ملتقى الأبحر 2/237 .

    (2) أحكام القرآن 4 /1791 .

    (1) عارضة الأحوذي 7/ 95-96.

    (2) المنتقى شرح الموطأ 7/ 308 .

    (3) الأذكار ص 228 .

    (1) شرح صحيح مسلم للنووي 13/10.

    (2) فتح الباري 16 / 330.

    (3) فتح الباري 13/294 .

    (4) كفاية الأخيار ص 353 .

    (1) طرح التثريب 7/44-45.

    (2) الاعتبار ص 406.

    (3) رسوخ الأخبار ص 511 .

    (4) الاختيارات العلمية ص 118 ضمن الفتاوى الكبرى المجلد الخامس .

    (1) الآداب الشرعية 2/257 ، البرزة من النساء : المرأة الجلية التي تظهر للناس ويجلس إليها القوم الموثوق برأيها وعقلها ، وهي الكهلة التي لا تحتجب احتجاب الشواب - لسان العرب مادة برز -

    (2) الآداب الشرعية 2/257.

    (3) غذاء الألباب 1/280 نقلاً عن أدلة التحريم ص 26.

    (4) منار السبيل 2/ 142.

    (1) سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الأول الحديث رقم 226.

  19. #59
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    الدولة
    مصر - محافظة الشرقية - مدينة الإبراهيمية
    المشاركات
    1,463

    افتراضي رد: بحث شرعي حول ( حكم المصافحة بين الرجل و المرأة ) .

    المبحث الخامس
    القول الشاذ بجواز مصافحة المرأة الأجنبية

    ذهب الشيخ تقي الدين النبهاني مؤسس حزب التحرير إلى جواز مصافحة المرأة الأجنبية وليس له سلف فيما ذهب إليه بل خالف جماهير علماء المسلمين السابقين واللاحقين ، فمن أقواله في ذلك :
    1. قال النبهاني في كتابه النظام الاجتماعي في الإسلام :[ أما بالنسبة للمصافحة فإنه يجوز للرجل أن يصافح المرأة وللمرأة أن تصافح الرجل دون حائل بينهما ].(1)
    2. وقال أيضاً :[ وتكون البيعة مصافحة باليد أو كتابة لا فرق بين الرجال والنساء فإن لهن أن يصافحن الخليفة بالبيعة كما يصافحه الرجال ].(2)
    وقول النبهاني هذا معتبر ومتبنى عند حزب التحرير ويقولون به ويصافح كثير منهم النساء ولا يرون بأساً بذلك ، ويدافعون عن قولهم هذا دفاعاً مستميتاً بل عن بعضهم سود صحائف كثيرة في نصرة هذا القول وحاول أن يظهر أن أكثر العلماء يقولون بقول النبهاني بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك فقال :[ ثم إذا ثبت أن أحداً من الفقهاء قال بتحريم مجرد لمس المرأة سواءً كان بشهوة أو بغيرها تكون المسألة خلافية ].(1)
    وهذه مكابرة ومعاندة للحق وجهل أو تجاهل لأقوال علماء المسلمين وقد تشبث النبهاني وأتباع حزبه بشبهات كثيرة وحملوا النصوص ما لا تحتمل وسأورد أهمها وأكشف عن وجه الصواب فيها .
    المبحث السادس
    شبهات المخالف والرد عليها

    الشبهة الأولى :
    تشبث النبهاني بما فهمه من حديث أم عطية الأنصاري رضي الله عنها قالت :( بايعنا رسول اللهصلى الله عليه وسلم فقرأ علينا : أن لا تشركن بالله شيئاً . ونهانا عن النياحة فقبضت امرأة منا يدها فقالت : أسعدتني فلانة ، أريد أن أجزيها . فما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً فانطلقت ورجعت فبايعها ) رواه الإمام البخاري .(1)
    قال النبهاني :[ فهذا حديث يدل على أن الرسول بايع النساء بالمصافحة بدليل قوله فقبضت امرأة منا يدها ) فإن معناها أن النساء الأخريات اللواتي معها لمي قبضن أيديهن وهذا يعني أنهن بايعن بأيديهن أي بالمصافحة (2) وقال النبهاني أيضاً :[ وهو - أي حديث أم عطية - نص في المصافحة في مفهومه ومنطوقه ](3) وقال أحد أتباع النبهاني :[ وحديث أم عطية نص في وقوع المصافحة ببيعة النساء في مفهومه ومنطوقه ، فتكون بيعة النساء بالمصافحة جائزة شرعاً ولا شيء في ذلك ].(1)


    والجواب عن هذه الشبهة من وجوه :
    الوجه الأول :
    إن المراد بقبض اليد في الحديث التأخر عن القبول كما قال الحافظ ابن حجر :[ المراد بقبض اليد التأخر عن القبول ](2) ومثل ذلك قوله تعالى في حق المنافقين :( وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ) فهو كناية عن عدم الإنفاق في سبيل الله ، ودليلنا على أن هذا هو المراد بقبض اليد ما جاء في رواية أخرى لحديث أم عطية رواها الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن عاصم عن حفصة عن أم عطية قالت :( لما نزلت الآية (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا … وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ) قالت كان منه النياحة ، قالت : فقلت : يا رسول الله آل آل فلان فإنهم أسعدوني في الجاهلية فلا بد لي من أن أسعدهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا آل فلان ).(3)
    وكذلك ما رواه النسائي عن أم عطية رضي الله عنها قالت :( لما أردت أن أبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : يا رسول الله إن امرأة أسعدتني في الجاهلية فأذهب فأسعدها (1) ثم أجيئك فأبايعك ، قال : اذهبي فأسعديها ، قالت : فذهبت فأسعدتها ثم جئت فبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ) (2) قال الشيخ الألباني : صحيح الإسناد .(3)
    إن الناظر في هذه الروايات الثلاث لحديث أم عطية : رواية البخاري ورواية مسلم ورواية النسائي يظهر له أن المراد بقول أم عطية :( فقبضت امرأة منا يدها ) التأخر عن قبول المبايعة ، فلم تقبل المبايعة مباشرة ولكن أخرتها حتى تذهب لإسعاد المرأة التي أسعدتها في الجاهلية . انظر إلى قولها :( ثم أجيئك فأبايعك ).
    وقد ذكر الحافظ ابن حجر أن أم عطية لما قالت :( فقبضت امرأة منا يدها ) أنها كانت تقصد نفسها ، قال الحافظ :[ وفي رواية النسائي قلت أن امرأة أسعدتني في الجاهلية … وتبين أن أم عطية في رواية عبد الوارث أبهمت نفسها ].(1)
    يقصد رواية البخاري المذكورة سابقاً لحديث أم عطية ، فقد قال البخاري :[ حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا أيوب عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية الحديث ].(2)
    ومن المعلوم أن الحادثة واحدة مع أم عطية فعبرت مرة بقولها :( فقبضت امرأة منا يدها ) ومرة بقولها :( فقلت : يا رسول الله إلا آل فلان فإنهم كانوا أسعدوني في الجاهلية ) ومرة قال :( إن امرأة أسعدتني في الجاهلية … ثم أجيئك فأبايعك ).
    ثم نقول إن حديث أم عطية ليس فيه ذكر للمصافحة أصلاً حتى تزعموا أن قبض اليد معناه الامتناع عن المصافحة .
    وبهذا يظهر لكل منصف أن تأويل النبهاني لحديث أم عطية تأويل باطل مردود رواية ودراية .
    الوجه الثاني :
    إن الروايات الثابتة والصريحة الواردة في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء تؤكد أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يصافح النساء في البيعة فمن ذلك ما سبق من حديث عائشة حيث قالت :( لا والله ما مست يد رسول الله يد امرأة قط غير أنه بايعهن بالكلام ).
    وكذلك ما ورد عن عبد الله بن عمرو أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يصافح النساء في البيعة ، وما ورد في حديث أميمة بنت رقيقه حيث قالت : هلم نبايعك ، قال سفيان - أحد رواة الحديث - تعني صافحنا ، فقال رسول الله :( إني لا أصافح النساء ) فقول النبي صلى الله عليه وسلم هذا قاله في البيعة ، فتأويل حديث أم عطية يتناقض مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قوله عليه الصلاة والسلام مقدم على قول غيره في جميع الأحوال .
    وكذلك ما ورد في إحدى روايات حديث أميمة السابق :( قالت : ولم يصافح رسول الله منا امرأة ).
    فهذه الأدلة الصحيحة الصريحة تثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصافح أحداً من النسوة في البيعة ، فلا ينبغي لمسلم أن يترك هذه الأدلة ويتمسك بتأويل فاسد لحديث أم عطية ، وخاصة أن المصافحة لم تذكر في ذلك الحديث أصلاً ، ويزعم أن النصوص متعارضة .
    قال الشيخ الألباني :[ وجملة القول أنه لم يصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه صافح امرأة قط ، حتى ولا في المبايعة ، فضلاً عن المصافحة عند الملاقاة ، فاحتجاج البعض لجوازها بحديث أم عطية الذي ذكرته مع أن المصافحة لم تذكر فيه وإعراضه عن الأحاديث الصريحة في تنزهه e عن المصافحة لأمر لا يصدر عن مؤمن مخلص ].(1)
    الوجه الثالث :
    إن دعواكم بأن حديث أم عطية نص في المصافحة دعوى لا ينقي منها العجب وهي دعوى عريضة ينقصها الدليل ويعوزها البرهان ، ومستغربة أشد الاستغراب ، ولا أدري كيف يكون حديث أم عطية نصاً في المصافحة ولا ذكر للمصافحة فيه بحال من الأحوال .
    وكيف يكون نصاً في المصافحة في البيعة كما زعمتم ، وعائشة وعبد الله بن عمرو وأميمة بنت رقيقة - التي حضرت البيعة - يقولون إن النبي e بايع النساء دون مصافحة ؟
    وكيف يكون نصاً في المصافحة في البيعة وأنتم تقولون إن امتناع الرسول عليه الصلاة والسلام عن المصافحة امتناع منه عن مباح ، فأنتم قد أثبتم أنه عليه الصلاة والسلام لم يصافح النساء في البيعة وتقولون هنا أن حديث أم عطية نص في المصافحة فما هذا التناقض ؟
    (1) النظام الاجتماعي في الإسلام ص 35 .

    (2) الشخصية الإسلامية 2/22023 .

    (1) الخلاص واختلاف الناس ص 68 .

    (1) صحيح البخاري مع فتح الباري 10/262 .

    (2) الشخصية الإسلامية 3/107-108 .

    (3) الشخصية الإسلامية 2/23 .

    (1) قواعد نظام الحكم في الإسلام ص 123 .

    (2) فتح الباري 10/261 .

    (3) صحيح مسلم مع شرح النووي 6/238 .

    (1) إسعاد النساء في المناحات :[ تقوم المرأة فتقوم معها امرأة أخرى من جاراتها فتساعدها على النياحة ] لـسـان الـعرب مادة سعد . وقال الحافظ ابـن حـجر :[ ولا يستعمل إلا في البكاء والمساعدة عليه ].

    (2) سنن النسائي 7/149 .

    (3) صحيح سنن النسائي 3/875 حديث رقم 3895 .

    (1) فتح الباري 10/262 .

    (2) صحيح البخاري مع فتح الباري 10/262 .

    (1) سلسلة الأحاديث الصحيحة 2/55 .

  20. #60
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    الدولة
    مصر - محافظة الشرقية - مدينة الإبراهيمية
    المشاركات
    1,463

    افتراضي رد: بحث شرعي حول ( حكم المصافحة بين الرجل و المرأة ) .

    الشبهة الثانية :
    قال النبهاني عن حديث أم عطية :[ فهذا حديث يدل على أن الرسـول بـايع النساء بالمصافحة بدليل قوله :( فقبضت امرأة منا يدها ) فإن معناها أن النساء الأخريات اللواتي معها لم يقبضن أيديهن ، يعني أنهن بايعن بأيديهن ، أي بالمصافحة ، وحديث أميمة يقول :( إني لا أصافح النساء ) وعائشة تقول :( ما مست يده يد امرأة ) وفي هذا تعارض فيكون حديث البيعة بالمصافحة يتعارض مع حديث أنه لم يصافح النساء ].(1)
    والجواب : إن دعوى التعارض التي رسمها النبهاني غير صحيحة ، فإن التعارض لا يكون بين قول الرسولصلى الله عليه وسلم وبين فهم خاطئ فهمه أحد الناس من نص شرعي ، وإنما التعارض المعتبر عند الأصوليين هو الذي يقع بين دليلين شرعيين متساويين على سبيل التمانع (2)، فهل هذا متحقق في دعواكم التعارض المزعوم ، وإذا أعدنا النظر في هذه الدعوى فماذا نجد ؟
    نجد قول الرسول عليه الصلاة والسلام :( لا أصافح النساء ) وقول عائشة :( ما مست يده يد امرأة ) يم نجد تأويل النبهاني لحديث أم عطية يعارض قول الرسول عليه الصلاة والسلام ؟
    وهل تأويل النبهاني دليل شرعي حتى يعارض قول الرسول صلى الله عليه وسلم . والغريب العجيب أن النبهاني يجزم بوقوع مصافحة النساء في البيعة لمجرد تأويله الباطل لقبضت امرأة يدها وكأنه كان حاضراً للبيعة ، ويرّد حديث عائشة رضي الله عنها ثم يقولون إن ذلك مبلغ علماها ، ولا يأخذون بقول الرسول صلى الله عليه وسلم :( إني لا أصافح النساء ) مع أنه قاله في البيعة كما في حديث أميمة .
    فدعوى التعارض ساقطة ، ولا تعارض بين النصوص في هذه المسألة إلا في خيالكم ، فحديث أم عطية لا مصافحة فيه أبداً وهو منسجم مع بقية الأحاديث في هذه المسألة ، وتأويلكم الباطل وتحميلكم للنص ما لا يحتمل جعله في زعمكم متعارضاً مع حديثي عائشة وأميمة وفي الحقيقة والواقع لا تعارض .
    الشبهة الثالثة :
    قال النبهاني :( إن يد المرأة ليست بعورة ولا يحرم النظر إليها بغير شهوة فلا تحرم مصافحتها ).(1)
    والجواب : إن كون يد المرأة ليست عورة كما تقول طائفة من أهل العلم لا يعني جواز لمسها ومصافحتها بل عن العلماء أجمعوا على تحريم مس وجه المرأة وكفيها من غير ضرورة ولو كانا غير عورة عند من يقول بذلك .
    قال المرغياني الحنفي :[ ولا يحل له أن يمس وجهها ولا كفيها وإن كان يأمن الشهوة ].(2) وقال الحصفكي الحنفي صاحب الدر المختار :[ فلا يحل مس وجهها وكفيها وإن أمن الشهوة ].(3)
    وقال النووي الشافعي :[ وقد قال أصحابنا : كل من حرم النظر إليه حرم مسه ، بل المس أشد ، فإنه يحل النظر إلى الأجنبية إذا أراد أن يتزوجها وفي حال البيع والشراء والأخذ والعطاء ونحو ذلك ، ولا يجوز مسها في شيء من ذلك ].(4)
    وقال الحافظ العراقي :[ قال الفقهاء من أصحابنا وغيرهم انه يحرم مس الأجنبية ولو في غير عورتها ، كالوجه وإن اختلفوا في جواز النظر حيث لا شهوة ولا خوف ولا فتنة ، فتحريم المس آكد من تحريم النظر ].(1)
    فالذي يظهر لنا من خلال أقوال العلماء السابقة أن لا تلازم بين كون كفي المرأة ليسا بعورة وبين مصافحتها ، فإذا جاز النظر إليهما فلا يجوز مسهما ولا تجوز المصافحة .
    الشبهة الرابعة :
    زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم صافح النساء بحائل وذكروا بعض الروايات في ذلك منها :
    1. عن عامر الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم حين بايع النساء أتي ببرد قطري فوضعه عل يده وقال :( لا أصافح النساء ) رواه أبو داود في المراسيل وابن كثير في التفسير .(2)
    والجواب عن هذه الرواية : إن هذا الخبر مرسل لا يصح الاحتجاج به
    قال الحافظ أبو بكر الحازمي :[ وحديث الشعبي … منقطع فلا يقاوم هذه الأحاديث الصحاح ].(1)
    2. ما جاء في إحدى الروايات عن أسماء بنت يزيد :( فقالت له أسماء ألا تسحر لنا عن يدك يا رسول الله فقال : إني لست أصافح النساء ) رواه أحمد .(2)
    وهذه الرواية : تشعر بأنه عليه الصلاة والسلام كان يصافح النساء وعلى يده ثوب ، ولكن هذه الرواية ضعيفة لا تقوم بها حجة ، وذلك لأن شهر بن حوشب - أحد الرواة - ضعيف . قال الحافظ ابن حجر فيه :[ صدوق كثير الإرسال والأوهام ] (3)،وقال الشيخ الألباني :[ وشهر ضعيف من قبل حفظه ] (4)، وقال أيضاً :[ وشهر بن حوشب ضعيف لا يحتج به لكثرة خطئه ].(5)
    وبناء على ما تقدم لا تصح هذه الروايات ، والمعول على ما جاء في الصحيح من أنه عليه الصلاة والسلام لم يصافح النساء بحائل ولا بدون حائل .
    وقال الحافظ العراقي :[ وقال بعضهم : صافحن بحائل وكان على يده ثوب قطري ، وقيل كان عمر يصافحهن عنه . ولا يصح شيء من ذلك لا سيما الأخير ، وكيف يفعل عمر t أمراً لا يفعله صاحب العصمة الواجبة ].(1)
    وقال الشيخ الألباني بعد أن ساق الروايات المذكورة أعلاه : وكلها مراسيل لا تقوم بها الحجة .(2)

    الشبهة الخامسة :
    زعموا أنه ليس على المسلمين التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم في تركه للمصافحة لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم :( إني لا أصافح النساء ) ليس فيه إلا الامتناع عن الفعل ، والتأسي لا يكون إلا بأفعاله وهو لم يفعل شيئاً في هذه الحادثة سوى الامتناع عن الفعل .(3)
    والجواب : أن هذا خطأ فاحش فإنه ينبغي أن يعلم أن الترك وهو المعروف عند الأصوليين بالكف يعد فعلاً لقوله تعالى :( كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) فقد ذمهم الله تبارك وتعالى على ترك النهي عن المنكر ، وسمي تركهم لذلك فعلاً :( لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ).
    قال الغزالي :[ والكف فعل يثاب عليه ].(1)
    وقال الشوكاني :[ … لأن الكف فعل ].(2)
    فإذا صبت ان الترك فعل فعلينا التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، فهو قدوتنا :( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ).(3)
    قال الآمدي :[ أما التأسي بالغير فقد يكون بالفعل والترك ].(4)
    وقال أيضاً :[ أما التأسي في الترك فهو ترك أحد الشخصين مثل ما ترك الآخر في الأفعال على وجهه ، وصفته من أجل أنه ترك ].(1)
    فعلينا أن نترك مثلما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد قال الشوكاني :
    [ تركه
    صلى الله عليه وسلم للشي كفعله له في التأسي به ] وقال ابن السمعاني :[ إذا ترك الرسول صلى الله عليه وسلم شيئاً وجب علينا متابعته فيه ، ألا ترى أنه عليه الصلاة والسلام لما قدم الضب فأمشك عنه وترك أكله أمسك عنه الصحابة وتركوه إلى أن قال لهم : إنه ليس بأرض قومي فأجدني أعافه وأذن لهم في أكله ].(2)
    وقال العلامة ابن القيم تحت عنوان :[ فصل : نقل الصحابة ما تركه صلى الله عليه وسلم وأما نقلهم لتركه صلى الله عليه وسلم فهو نوعان وكلاهـمـا سـنة ] (3)، ثم قال :[ … فإن تركه صلى الله عليه وسلم سنة كما أن فعله سنة ].(4)
    وقال الشيخ علي محفوظ :[ فاعلم أن سنة النبيصلى الله عليه وسلم كما تكون بالفعل تكون بالترك ، فكما كلفنا الله تعالى باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في فعلبه الذي يتقرب به إذا لم يكن من باب الخصوصيات كذلك طالبنا في تركه فيكون الترك سنة ، وكما لا نتقرب إلى الله بترك ما فعل لا نتقرب إليه بفعل ما ترك ، فلا فرق بين الفاعل لما ترك والتارك لما فعل ].(1)
    وبهذا يتضح لكل ذي عقل بطلان دعواهم الزائفة أن التأسي برسول الله e لا يكون إلا بالفعل ، فعلى المسلم ألا يصافح النساء تأسياً واقتداءً بقدوتنا وأسوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    وقال ابن النجار الحنبلي :[ التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم فعلك كما فعل ، لأجل أنه فعل ، وأما التأسي في الترك فهو أن تترك ما تركه لأجل أنه ترك ].(2)
    ومما يجد ذكره هنا أن الجهل بأن السنة النبوية تنقسم إلى فعلية وتركية أوقع كثيراً من الناس في البدع ، فالرسول صلى الله عليه وسلم ترك أموراً لم يفعلها مع توفر الداعي لفعلها ، ولم يكن هناك مانع من فعلها ومع ذلك تركها الرسول صلى الله عليه وسلم ، فدل ذلك على أنها ليست مشروعة وأن الترك هو المشروع كما ترك النبي عليه الصلاة والسلام القراءة على الأموات وكما ترك الأذان لصلاة العيدين والتراويح وكما ترك صلاة ليلة النصف من شعبان ونحو ذلك .
    فمن ترك مثلما تـرك رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو متأس ومقتد به ومصيب للسنة ، ومن فـعل ما تـركه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مبتدع مجانب للهدي النبوي .
    الشبهة السادسة :
    زعموا أن حديث عائشة موقوف عليه وهي صادقة فيما تقول وكلامها هذا على حد علمها برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونحن نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج أكثر من أربع نسوة وكانت خديجة قبل عائشة رضي الله عنهن ، فكيف تكون قد عرفت السابق واللاحق عن رسول الله صلى الله عليه وسلمصلى الله عليه وسلم . ولذلك فقولها رضي الله عنها موقوف عليها .(1)
    والجواب : إن هذا الكلام فيه مغالطات وأخطاء واضحة ويشم منه سـوء الأدب مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وبيان ذلك من وجوه :
    الوجه الأول : أن الزعم بأن حديث عائشة موقوف عليها زعم خاطئ ودعوى باطله ، ويعلم ذلك المبتدئون في دراسة علم الحديث ، فضلاً عن علماء الحديث . ولنرجع إلى أقوال أهل هذا الشأن لنقف على حقيقة الموقوف .
    قال الإمام النووي :[ الموقوف : وهو المروي عن الصحابة قولاً لهم أو فعلاً أو نحوه ].(1)
    وقال الباجي :[ الموقوف : ما وقف به على الراوي ولم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم ومعنى ذلك أنه وقف على الصحابي رضي الله عنه أو غيره من رواته فجعل من قوله … الخ ].(2)
    وقال الجرجاني :[ الموقوف من الحديث : ما روي عن الصحابة من أحوالهم وأقوالهم فيتوقف عليهم ولا يتجاوز به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ].(3)
    والسؤال الآن : هل تنطبق هذه التعريفات للموقوف على حديث عائشة رضي الله عنها ؟
    إنها تقول :( فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقررن بذلك قال لهن رسول الله : انطلقن فقد بايعتكن ) ثم تقول :( لا والله ما مست يد رسول الله امرأة قط ، غير أنهي بايعهن بالكلام ) وتقول أيضاً :( وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن قد بايعتكن كلاماً ) فهل حديث عائشة هو قول لها ؟ أو هل هو فعل لها ؟ حتى يكون موقوفاً إنه مرفوع قولي ومرفوع فعلي ومن قال أنه يشترط في الحديث حتى يعد مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول الصحابي الذي روى الحديث أخبرني رسول الله أو قال لي رسول الله ، ولو قلنا بهذا الاشتراط الوهمي لخرجت جملة كثيرة من الأحاديث النبوية عن كونها مرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . وإليك بعض الأمثلة التي تبطل زعمهم :
    هل يعد من الموقوف حديث ابن عمر :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام للصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه ) رواه مسلم .
    وهل يعد من الموقوف حديث عائشة رضي الله عنها :( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى قبضه الله ) رواه البخاري ومسلم .
    وهل يعد موقوفاً حديث ابن مسعود رضي الله عنه :( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى لصلاة لغير وقتها إلا بجمع - مزدلفة - … ) رواه البخاري ومسلم .
    ولا أدري ما هو الفارق من حيث الرواية بين حديث عائشة :( ما مست يد رسول الله يد امرأة قط ) وبين حديث ابن مسعود :( ما رأيت رسول الله صلى صلاة لغير وقتها … الخ ) من الواضح أنه لا فرق بينهما ، وهذا تبطل دعواهم بأن حديث عائشة موقوف عليها .
    الوجه الثاني :
    إن زعمهم السابق يحمل في طياته سوء أدب مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إن لم نقل أنه يحمل تكذيباً لها وجرأة وقحة على ام المؤمنين . انظر إلى قول قائلهم :[ فكيف تكون عرفت السابق واللاحق عن رسول الله دون إخبارها ].
    إن هذا الكلام لا يصدر عن مسلم تقي عرف للصحابة حقوقهم ، وقد امرنا الإسلام باحترامهم وتقديرهم وإجلالهم ، فهم الجيل الأول من المسلمين ، وهم أول من آمن برسول اللهصلى الله عليه وسلم ، وهم الذين جاهدوا في الله حق جهاده ، ونصروا رسوله عليه الصلاة والسلام ، وعلينا أن نتذكر قول الله سبحانه وتعالى فيهم :( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).(1)
    وقول الرسول صلى الله عليه وسلم :( لا تسبوا أحداً من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثـل أحـد ذهـباً ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه ) رواه البخاري ومسـلم .(2)
    وقوله عليه الصلاة والسلام :( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) رواه البخاري ومسلم .(3)
    وغير ذلك من الآيات والأحاديث الواردة في فضل الصحابة . فهل يجوز لأحد بعد ذلك ان يتطاول على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ويقول أن ذلك مبلغ علمها أو على حد علمها أو كيف عرفت السابق واللاحق . فمن أعلم من أم المؤمنين عائشة بأحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وهل عائشة رضي الله عنها تفتي بغير علم ؟ وهل عائشة رضي الله عنها تقسم بالله وهي غير متيقنة مما تقول ؟ وهل عائشة تقسم بالله قائلة :( لا والله ما مست يد رسول الله يد امرأة قط ) وهي تعلم أنه صلى الله عليه وسلم صافح النساء ؟! وهل تأويلكم الفاسد لحديث أم عطية أقوى حجة ودلة من حديث عائشة ؟ وهل من جاء بعد أربعة عشر قرنا من الزمان أعلم بأحوال رسول الله من أم المؤمنين عائشة ؟! سبحانك هذا بهتان عظيم !!!
    (1) الشخصية الإسلامية 3/107-108 .

    (2) انظر إرشاد الفحول ص 273 ، أصول السرخسي 2/12 ، التعارض والترجيح عند الأصوليين ص39 ، أدلة التشريع المتعارضة ص20-23 .

    (1) النظام الاجتماعي في الإسلام ص 35 .

    (2) الهداية مع تكملة شرح القدير 8/460 .

    (3) حاشية ابن عابدين 6/367 .

    (4) الأذكار ص 228 .

    (1) طرح التثريب 7/45 .

    (2) فتح الباري 10/261 ، تفسير ابن كثير 4/354 ، تفسير الألوسي 28/81 ، الكشاف 4/95 .

    (1) الاعتبار ص 407 ، وانظر رسوخ الأخبار ص 512 .

    (2) المسند 6/454 .

    (3) تقريب التهذيب ص 147 .

    (4) السلسلة الصحيحة ص 53 المجلد الثاني .

    (5) السلسلة الأحاديث الضعيفة 1/281 .

    (1) طرح التثريب 7/44 .

    (2) السلسلة الصحيحة ص 53 المجلد الثاني .

    (3) الخلاص ص60 .

    (1) المستصفى 1/90 .

    (2) إرشاد الفحول ص 13 .

    (3) سورة الأحزاب آية 21 .

    (4) الأحكام للآمدي 1/158 .

    (1) المصدر السابق .

    (2) إرشاد الفحول ص 42 .

    (3) إعلام الموقعين 2/389 .

    (4) المصدر السابق 2/390 .

    (1) الإبداع في مضار الابتداع ص 34-35 .

    (2) شرح الكوكب المنير 2/196 .

    (1) الخلاص ص 60-61 .

    (1) تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي 1/184 .

    (2) الحدود ص 63 .

    (3) التعريفات ص 123 .

    (1) سورة التوبة آية 100 .

    (2) صحيح البخاري مع الفتح 8/33 ، صحيح مسلم مع شرح النووي 16/92 .

    (3) صحيح البخاري مع الفتح 8/4 ، صحيح مسلم مع شرح النووي 16/84 .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •