تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الفساد ... نظرة أخرى

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,389

    افتراضي الفساد ... نظرة أخرى

    الفساد ... نظرة أخرى (1-2)


    محمد عطية


    في 31 أكتوبر 2003 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية مكافحة الفساد، واختارت يوم 9 ديسمبر يوما دوليا لمكافحة الفساد وتحمل الأمم المتحدة جميع القاطنين على ظهر الكوكب الأرضي مسؤلية مكافحة الفساد.
    أردت أن أتداول معكم هذه الأفكار حول الفساد فإن تحميل الناس مسؤولية حول تغيير ظاهرة سيئة لابد أن يأتي بعد مدارسة تحاول فهم جذورها لعلنا نستطيع إدراك ما يمكن تقديمه لعلاجها.
    بداية تتسع النظرة الإسلامية إلى الفساد لتشمل الفساد العقدي والخلقي والاجتماعي والفكري بينما تضيق بعض النظرات حين تتناول قضية الفساد لتقصره على الفساد المالي والإداري.
    وترى النظرة الإسلامية المتكاملة أن الفساد المالي والإداري هو ثمرة مرة لألوان الفساد التي ذكرتها قبل قليل.
    ولمزيد من توضيح الفكرة أقول: وجد الإنسان على ظهر هذا الكوكب ليجد بيئة مليئة بالخيرات الكافية لتوفير حياة سعيدة فيها المسكن والملبس والدواء، لكل مخلوق نصيبه الذي يكفيه لو قسمت هذه الخيرات بالعدل والإحسان وساد التراحم بين بني آدم. لكن بعض البشر عمى الطمع أعينهم وانتقلوا من عالم الإنسان إلى عالم الوحوش بل أضل سبيلا يريدون أن يأخذوا الدنيا بين أيديهم دون أن يتركوا لأخوتهم الفتات إلا ليقتاتوا عليه حتى يكملوا مهمتهم كعبيد يعملون ويقدمون ثمار أعمالهم وعرقهم وجهدهم للآخرين وحتى يتمكنوا من ذلك لابد من إهدار كرامة الإنسان ليقبل بمبدأ العبودية لأخيه الإنسان.
    إفساد العقائد: لكن كيف تهدر هذه الكرامة لابد أن ينسى الجميع أنهم عبيد لرب واحد وأخوة لأب واحد ما الذي يرسخ العبودية لله وحده؟ العقيدة الصحيحة لذلك كانت الحملات الكبرى لإنكار وجود الإله سبحانه وتعالى والدعوة للإلحاد أو للأديان المحرفة والتشكيك في النبي ونبوته والقرآن والسنة وكونهما من عند الله وصلاحية القيم التي جاءا بها لكي تصلح من أحوال الإنسان وصلاحية الشريعة الإسلامية لهذا العصر الذي فتت الإنسان فيه الذرة وسار في أرجاء الكون وغاص في أعماق البحار وعلم ما لم يعلمه أسلافه وهكذا يبقى الانسان دون أن يكون هناك وحي يعرّفه بقيمته بين المخلوقات وبرسالته على ظهر هذا الكوكب فيسهل استعباده وتحويله إلى ترس في ماكينة الإنتاج الضخمة.
    تثار الأسئلة التي تشككه في كل شيء حتى يصير فارغا من كل حقيقه ومن ثم يسهل اقتياده ويتبع أي فكره مهما كانت قبيحة أو منكره فالميزان الذي توزن به القيم وتقدر به الأفكار معطل تركه ذلك البائس اليائس من تلقاء نفسه والنور الذي يستطيع أن يفرق به بين الحق والباطل مطفئ.
    ونحب أن نقرر أن الإسلام لا يضيق بالأسئلة فقد سجل الله تعالى في كتابه سؤال إبراهيم الخليل رب أرني كيف تحي الموتى ولا يضيق علماؤه بالأسئلة أيضا فتاريخنا مليء بالمحاورات العلمية الطويلة.
    وكتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم مليئان بالتحصينات العقلية ضد أي فكرة تحاول زعزعة العقيدة حتى جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله لايزال الناس يقولون هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله.
    لم تكن العقيدة الاسلامية يوما ما معلومات تحفظ ويسأل عنها لتدون العلامات في بطاقة درجات نهاية العام بل كانت دائما قوة تستقر في القلوب، وتطرد الوساوس وتؤسس لحياة جديدة تقوم على الحق والخير والجمال امتلأت بها نفس عربي قديم فوقف أمام قائد لجيش الأمبراطورية الكبرى التي حكمت جزءا كبيرا من العالم يقول: جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، زلزلت هذه الكلمات قلب القائد وعرشه وغيرت خريطة العالم ولازال صداها يتردد في العقول ولا يحب أحد من الفاسدين أن يسمعها مرة أخرى، لذا كانت حملات التشكيك والتشويه، ويلحق بها عن قصد أو غير قصد من يقدمون العقيدة كمباحث نظرية لا تترك أثرا في فكر أو سلوك، ومن يثيرون المعارك بين المسلمين ليجعلوا ألد الأعداء من يخالفونهم في إثبات نص أو فهمه، فيأكل بعضنا بعضا ويلعن بعضنا بعضا ونترك المجال لمن يريدون الفساد والإفساد
    إفساد الأخلاق: ويلي الحرص على نشر الفساد العقدي نشر الفساد الخلقي فالخبراء بطبيعة الحياة وتاريخ الشعوب يقررون مع الشاعر:
    إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
    وهم بذلك يتفقون مع الغاية من الرسالة الإسلامية التي جاءت للصلاح والإصلاح، وقال رسولها صلى الله عليه وسلم إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق وفي قمة المنظومة الخلقية يأتي خلق العفة وخلق الأمانة.
    حائط العفة: ولعلنا نلمس المحاولات المتعددة لتحطيم حائط العفة ذلك الحائط الذي يحمي الرجال والنساء والكبار والصغار والأسر والمجتمعات، وعندما ينتشر بين الناس عدم التأكيد على صيانة العفة وعدم الحفاظ على حرمة الجسد من النظر أو من اللمس يسوء ظن الشباب والفتيات في بعضهم البعض ولا يفكرون بإنشاء أسرة جديدة والاقتران بامرأة أو فتاة لا ترد يد لامس، فمن ناداها أجابته ومن مد يده سارت معه، يتوقف الزواج وعلى اقل تقدير يتقلص عدد الراغبين فيه، ويغلق الباب الذي أحله الله لاقتران الرجال بالنساء لتفتح عشرات الأبواب التي حرمها الله ومن ثم تفتح أبواب الفساد على مصراعيها لتلتهم طاقات الناس وتغيبهم عن واقعهم وتحد من مستوى طموحاتهم.
    ولتحطيم جدار العفة تسمع من يحدثك عن الاختلاف بين البشر وأنه طبيعة إنسانية، كما تختلف ألوان الطيف فلو قسمت دائرة إلى سبعة أقسام متساوية ولونت كل قسم بأحد ألوان الطيف السبعة ثم جعلت الدائرة تدور لرأيت ان هذه الألوان السبعة، تظهر بلون واحد هو اللون الأبيض إن الناس مختلفين في طبائعهم وأمزجتهم وأفكارهم وتصورهم للأمور، لكن من يحكم بين الناس فيما يختلفون فيه، وقبل ذلك ما هو الشيء الذي يمكن أن يقبل الاختلاف وتعدد الآراء؟ وما هو الشئ الثابت الذي ينبغي أن نجمع عليه؟ ما الذي يحدد الثابت المجمع عليه وما الذي يحدد وسيلة الاختلاف في الأمور التي من الممكن أن نختلف فيها؟
    إذا كنا مسلمين فالذي يحدد الثابت من المتغير والمجمع عليه من المختلف فيه ووسيلة الحكم بين المختلفين هو كتاب الله وما صح من سنة النبي صلى الله عليه وسلم إذا حكّمنا الفطرة السليمة التي لا تميل مع الهوى فستقودنا إلى الحق.
    يهدمون جدار العفة حينما يحاولون أن يتقبل الناس كل منكر وقبيح تحت دعوى اختلاف بني آدم.
    ولهم طريقة أخرى هي محاربة دعاة العفة، بل محاربة المتعففين وإقصاؤهم، فقديما قال قوم لوط: ﴿أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ *مِنْ *قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ [النمل: 56]، لماذا هذا الإقصاء والقرية تتسع للمتطهرين ولغيرهم، لكن رؤية المتعففين تؤذي غير المتعففين وتذكرهم بانحرافهم وبأنهم خارج إطار المجتمع، لذلك يمارسون هذا الإقصاء ويريدون أن يخنقوا آخر أصوات العفة في نفوسهم وفي المجتمع حتى لا تتنغص عليهم حياتهم ولازالت هذه الرؤية موجودة وصوتها يعلوا ولازالت أصوات المتطهرين تقاوم والله غالب على أمره.
    الأمانة: ومن الأخلاق التي يسعى المفسدون لمحوها من الوجود خلق الأمانة
    هذه الأمانة التي ارتبطت بالإيمان وكان النبي صلى الله عليه وسلم دائما ما يذكر أصحابه بهذا الارتباط، فقلما خطبهم إلا قال لا إيمان لمن لا أمانة له فكلما زاد نصيب الفرد من الإيمان زاد نصيبه من الأمانة وكلما نقص نصيبه من الإيمان نقص نصيبه من الأمانة وهذه الأمانة مطلوبة من كل مسلم أيا كان موقعه في السلم الاجتماعي أو الإداري فهي مطلوبة من العامل ورب العمل ومن الأجير وممن استأجره ومن الموظف ومن رئيسه في العمل مهما قلت درجة الموظف أو ارتفعت درجة الرئيس.
    وفي السنة النبوية قصة تشير إلى أهمية الأمانة بالنسبة للكون كله وليس للتعاملات اليومية فقد كان هناك أرض زراعية يتقاسم اليهود والمسلمون إنتاجها وكان المسؤل عن تقسيم هذا الإنتاج الزراعي عبد الله بن رواحه رضي الله عنه جمع له اليهود من حلي نسائهم لكي يدفعوا أقل مما يجب عليهم أعلن لهم عبد الله بن رواحه أنه يكرههم لكنه لن يظلمهم فقالوا هذه الكلمة المعبرة عن سنة من سنن الله تعالى في الخلق:” بهذا قامت السموات والأرض” بالعدل مع من نكرههم وباداء الأمانة قامت السموات والأرض بغياب العدالة والأمانة تنهدم السموات والأرض ويفسد نظام الكون وحياة الناس.





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,389

    افتراضي رد: الفساد ... نظرة أخرى

    الفساد ... نظرة أخرى (2-2)


    محمد عطية

    في المقال السابق تناولنا بعض عناصر هذه القضية ووجدنا أن أحد أهم جذور الفساد هو طمع البعض في الاستحواز على خيرات الكون، وأنهم لن يتمكنوا من ذلك إلا بتشويه العقيدة التي تقرر تساوي بني آدم في الحقوق والواجبات، وأن هذه العقيدة كانت السبب الأبرز في تقليص الفساد على ظهر الكوكب.
    الفساد الفكري
    خلقت العقول لتفكر في ملكوت الله فيزداد إيمانها بعظمة الخالق وتنكشف أسرار الكون وكنوزه، وعندما يقوم العقل بدوره ويفكر بطريقة صحيحة يشعر أهل الفساد أنهم في خطر، إذ سيبدأ من يفكرون في الحديث عن الحقوق والمطالبة بها. لذا كان تغييب العقول رسالة المفسدين تغييبها بالمخدرات أو بنشر التفاهات، فالعقل والنفس كالطاحونه تدور لتطحن ما تلقي فيها فإذا ألقيت فيها قمحا أخرجت دقيقا، وإذا ألقيت فيها صخرا أخرجت فتاتا.
    وهكذا تسمع عن أخبار لا قيمة لها في حياتنا ولا شأن لنا بأصحابها، فهذه ممثلة مريضة بمرض خطير يتوحد معها الناس ويتابعون أخبار مرضها ورحلة علاجها وما تناولته من أدوية، وهل هي مضطرة للعلاج بالخارج بينما بجوارهم شخصيات قيمة قدمت من روحها وعقلها ليسعد الآخرون لكن لا تجد من ينادي على صفحات التواصل بالدعاء لها.
    ترى هذا الذي درسك كنموذج وصور العطاء في حياتنا لا تنتهي، هل كلفت نفسك بأن تسأل عن أخباره ولو عن طريق رسالة، ترى كم يسعده أن يسأل عنه تلميذ درسه، لا أقول لك كافئه، فلا يكافأ على أعمال البر التي يمتد نفعها إلا الله، بل يكفي أن يشعر هؤلاء أن هناك من يتذكرهم ولو بدعوة صالحة وأن هناك من يقدر معروفهم ولو امتدت السنوات.
    إن الاعتناء بشخصيات لم تقدم لنا سوى السخف والتسلية التافهه نوع من الإفساد العقلي. والجدل السفسطائي على صفحات التواصل نوع من الإفساد العقلي، وقد ظهر أنه يدار بطريقة تغرق الناس في أمور لا تمس حياتهم من قريب أو بعيد، لا يجنون إلا خسارة أوقاتهم التي هي أثمن من كثير من الأموال.
    طريقة التفكير التي لا تناسب ابن آدم الذي كرمه الله وفضله على كثير من خلقه في تلقي الأخبار ونقلها وعدم التفريق بين الخبر الذي يجب أن ينقل كما حدث دون أي إضافة أو نقصان وبين الرأي وتحليل الخبر الذي هو خاضع لإمكانات المحلل وخبرته وتخصصه وقدرته على إبداء رأيه وتكوين رؤية حول الموضوع.
    عندما ننقل رأي شخص على أنه الحقيقة المطلقة أو لا نفرق بين الرؤية الشخصية لحدث يظهر فيها ميول المحلل وتفسير الأحداث لصالح اتجاهه الفكري أو انتماءه الحزبي، ثم نتناقل هذه الرؤية على أنها الحقيقة فهذا من الفساد العقلي الذي يؤدي إلى تكوين قناعات فاسدة واختيارات فاسدة وعواقب وخيمة على الفرد والمجتمع.
    الأمل الكاذب الذي يخدع به الناس ويجعلهم يحلمون بمستقبل أفضل لم نخطط له، ولم نخط خطوة نحوه، ولا يزال البعض ينتظر اليوم الموعود الذي تتعدل فيه الموزاين حتى يمل البعض ويغرق في جحيم اليأس لون من ألوان الفساد الفكري.
    الفساد الاجتماعي:
    الأصل في المجتمع المسلم أنه مجتمع متراحم متلاحم كالجسد الواحد، لكن الوصلات التي تربط أجزاء الجسد إذا تقطعت أو ضعف عملها وجدت الجسد يأكل بعضه بعضا، وينظر كل عضو إلى بقية الأعضاء على أنهم أعداء ينبغي أن يقضي عليهم ليعيش، ولن يجد شياطين الإنس والجن حالة كهذا ليشعروا أن عملهم قد حاز على أعلى درجات النجاح وأن جهودهم لم تذهب سدى.
    وفي سبيل التقاطع بين الناس، وبعضهم يقل الإحساس بما يؤلم الآخرين، بل يتسفل بعض بني آدم فيسعدهم ما يحزن الآخرين.
    يتتبعون أحوال الناس ويبحثون عن سقطاتهم، وما من إنسان إلا وله عيب كبر أو صغر، والجميع مستور بستر الله، وحتى يبقى هذا الستر لا بد من ستر العيوب التي نراها، وإلا كيف تنظر لمجتمع يهلك بعضه بعضا، ويفتش بعضه عن عيوب بعض ثم ينشرها على وسائل التواصل، ليحاول القول كلنا ساقطون وبئس ما يقول وسيكتوي بما يسوؤه عاجلا أو آجلا.
    من الفساد الاجتماعي رفع الوضيع ووضع الشريف، وهذا بسبب اختلال ميزان تقدير الناس، فالتقدير لمن تسلط عليه الأضواء مهما كان تافها بينما يتوارى عن الأنظار الذين يفنون أنفسهم ليسعد غيرهم، هؤلاء في الغالب سعادتهم في تقديم الدعم للآخرين، لكن الطريق طويل وهم يحتاجون إلى من يثبتهم أو يتحمل معهم شيئا من همومهم التي هي في الغالب هموم الناس.
    يمر الإنسان مع الفساد بمراحل فيقع فيه أولا وهو خائف ومتضايق، فإذا كانت المرة الأولى لام نفسه، ثم يقع في حفرة الفساد فيظل يعاتب نفسه من جانب ويبرر لها من جانب آخر، ولن يعدم من رفقاء السوء من يزينون له سوء عمله ويحملونه على تكرار فعلته، ولا يزال يكرر حتى يصير أحد المدافعين عن الفساد والناشرين له، ثم يتسفل أكثر ليتحول إلى أحد واضعي نظريات الفساد التي تكسوه بكسوة لطيفة ليتقبله الناس والفاسدون الجدد.
    في سبيل الإصلاح: في أشد العصور نقاء كانت هناك مقادير من الفساد لكنها كانت مستقبحه، ويشعر أصحابها أنهم يخالفون السياق العام، وكانوا يعودون إلى الصراط المستقيم بعد قليل أو كثير، لكن في هذا العصر تظهر عشرات التبريرات وألوف المحاولات لإثبات أن الفساد أمر منطقي وينبغي أن نتعايش معه، ونصنع له القوانين التي تسمح به، وأخطر من ذلك أن نجعل الناس تقبل به وتقبل عليه.
    وفي سبيل ذلك تسمع كل يوم عن واقعة فساد مالي أو أخلاقي أو إداري أوغير ذلك، الفساد موجود هذا أمر لا ينكره أحد لكن الصلاح موجود وظاهر يحتاج لعين مبصرة ويحتاج لمن يتداوله ويحتاج أن نقف إلى جوار أهله ندعمهم بكل ألوان الدعم، ونكثر جمعهم، يحتاج أن نسير في طريق الإصلاح خطوة أو خطوات، الفاسدون يجذب بعضهم بعضا ليكونوا تكتلا ويظهروا أنهم قوة وأنهم أكثرية، لكن تحسبهم مجتمعين متعاونين بينما قلب كل شخص منهم وعينه على المال الحرام، فمتى ما وجده باع من حوله ممن صاحبهم في رحلة الحرام لسنين أو لعقود.
    يحتاج الإصلاح إلى إنكار للفساد ولو بالقلب، والإنكار بالقلب يختلف عن الإنكار في القلب، الإنكار بالقلب ينتقل مع المشاعر والكلمات والنظرات يشعر الفاسد أنه منبوذ من المجتمع، وأنه خارج عن السياق العام، وأن القلوب تبغضه وإن امتدت الأيدي للسلام عليه.
    ما من بلد إلا وفيه عدد من الأجهزة الرقابية التي تضبط أعدادا من قضايا الفساد، لكن تيار الفساد لا يتوقف مع كل هذه الأجهزة الرقابية، هل نحتاج إلى المزيد من الأجهزة أو توسيع دائرة صلاحيتها أم نحتاج بجوار هذه الأجهزة إلى جهاز آخر دقيق لا يخطئ، يقظ لا ينام، وفي ذات الوقت لا يفارق من نريد مراقبته من أين لنا بهذا الجهاز، هذا الجهاز موجود داخل كل إنسان نحتاج إلى إيقاظه فنمده بالمنبهات وبأجهزة القياس التي تميز بين الصلاح والفساد، إن القلب إذا تيقظ وأدرك أن الفساد يحرق الفاسدين قبل غيرهم، وأن الحرام لا يمكن أن يكون سببا للسعادة في الدنيا، وأن أرزاق الإنسان ستأتيه مع الصبر والسعي، وأن كل لحظة تمر تأخذ معها المتعة الوقتية والآلآم ربما وقف الإنسان مع نفسه ومع هذه الأفكار، فخففت من السقوط نحو الهاوية وكانت سببا في إعادة الحسابات.




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •