الحمدلله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وسلم وبعد:
للحرم المكي خصائص تميزه عن باقي المساجد عدا الحرم المدني ، لعدة أسباب :
- أن العبادة فيه أفضل من العبادة في الحل ، وهذا باتفاق العلماء .
- عظم السيئات وغلظها وشدتها فيه ، قال الله تعالى : وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ سورة الحج 25.
- شد الرحال إليه ومقصد الحجاج والعمارله.
- مقصد الأنبياء والرسل والعلماء والأولياء منذ فجر التاريخ.
- كونه مسجدا ، وكل مسجد في الأرض له آداب وأحكام .
كل ذلك وغيره .. تعظيما لبيت الله العتيق ولحرمة المكان خاصة إذا صاحبه شرف الزمان .
إذا تبين لنا هذا الأمر كان حريا بنا أن نعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ، وقد برزت ظاهرة في صحن المسجد الحرام وخاصة عند أوقات الصلوات ، لا يقبلها من له مروءة وغيرة على محارمه ، ألا وهي صلاة مجموعة من النساء متفرقين هنا وهناك ، وسط أماكن الرجال ، لا أقول بجانبهم أو قريبا منهم بل وسطهم ، عيانا أمام أجهزة التلفزة وعلى الهواء مباشرة !! .
منظر لا يقبله الشرع ولا تقبله الفطرة السليمة ، وأتساءل أين غيرة الغيورين من المسؤولين في شؤون الحرم المكي ؟ أين التنظيم الذي يستعدون له كل عام فبمجرد أن تنتهي أعمال الحج من العام الماضي حتى يبدأوا باجتماعات التنسيق والترتيب للحج القادم ؟! أين خططهم ؟ وحملاتهم الإعلامية ووو.. أين المتطوعون والمنتدبون لهذه المواسم " والمسؤلون عن فصل النساء والرجال" أين هم! ؟ هل يليق بناأن نرى منظر النساء وسط الرجال ملتصقين ببعض في مسجد ما .. في أقاصي الأرض دون أن نستغربه ونستنكره فكيف بأطهر بقعة وأجلها وأفضلها على وجه الأرض ؟! ألا يثير تساؤلا أوقل أسئلة كثيرة ؟؟ أهو تمهيد لخلق جوالمساواة بين الرجال والنساء كما تنادي أبواق العلمانية التي تنطلق من أرض الحرمين !! أم تطبيق عملي للفكر المنحرف عند بعض الجاليات الإسلامية ؟ أم هو الإهمال واللامبالاة لشرع الله ؟ بدأنا نلحظ منذ سنوات قليلة تفشي هذه الظاهرة في الحرم المكي ! وللأسف حتى كاميرات الحرم بدأت تركز عدساتها على النساء دون خجل أو حياء !! أين أنتم ياولاة الأمر ؟ أين أنتم ياذوي الغيرة والشهامة ؟ كانت المرأة إلى عهد قريب تزجر أثناء الطواف بمجرداقترابها من الكعبة أو كانت وسط الرجال من المشايخ - وفقهم الله - والمسؤولين عن هذا الأمر، والآن نرى المزاحمة والجلوس من بعضهن أمام الوجوه والجباه، وبعيدا عن الأماكن المخصصة لهن دون تحرك ملموس من مسؤولي الحرم !! .
يا ولاة الأمور في الدولة المباركة " المملكة العربية السعودية " وفقها الله للخير ، أنتم محل أنظار العالم اليوم وقدوته ، والناس تقدر لكم جهودكم في توسعة المشاعر، تلك التوسعة التاريخية الضخمة التي أبهرت العيون ، فلا أظن أن يعجزكم فصل النساء عن الرجال ولا هي بالعقبة الكؤود ، أو المشكلة المعضلة التي يصعب حلها ، إنه التنظيم وتكاتف جهود مؤسساتكم .. تعظيما لحرم الله ..وحرمات الله.. وشعائر الله ، يقول ربنا عزوجل " ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه " الحج 30
وقال " ذلك ومن يعظم شعائر الله فأنها من تقوى القلوب " الحج 31.
إن صلاة النساء وجلوسهن وسط الرجال والسكوت على من يقدرعلى التغيير ظلم ومنكر ومحادة لله ، أجارنا الله من الظلم في تلك البقاع الطاهرة..
يقول سبحانه " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم " الحج 25 . .
وبهذه المناسبة أسوق لكم بعض الأسئلة التي أجاب عليها الشيخ د. الصادق الغرياني عضو مجمع الفتاوى العالمية للإدارة والبحوث ، والأكاديمي في جامعة العلوم الإسلامية بماليزيا والتي يوافقه عليه جمع من العلماء :
السؤال :
كيف تصنع المرأة في الطواف مع ما نراه من شدة الازدحام والالتصاق في الطواف؟
الجواب:
ينبغي للنساء أن يطفن من وراء الرجال، لأنه أستر لهن، ففي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لأم سلمة: [ طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النّاَسِ وَأَنْتِ راَكِبَةٌ]، وفي الصحيح عن عطاء: [...لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ، كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا تَطُوفُ حَجْرَةً مِنْ الرِّجَالِ لا تُخَالِطُهُمْ ، وقد قالت لها امرأة: [ انْطَلِقِي نَسْتَلِمْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: انْطَلِقِي عَنْكِ، وَأَبَتْ]، وكان النساء يطفن بالليل عندما يخف الازدحام، ففي الصحيح عن عطاء : [...يَخْرُجْنَ مُتَنَكِّرَاتٍ بِاللَّيْلِ فَيَطُفْنَ مَعَ الرِّجَالِ وَلَكِنَّهُنَّ كُنَّ إذَا دَخَلْنَ الْبَيْتَ قُمْنَ حَتَّى يَدْخُلْنَ وَاُخْرِجَ الرِّجَالُ]، ومعناه: أنهن إذا أردن دخول البيت وقفن عن الدخول حال كون الرجال مخرَجِين منه، ورأى عمر رجلا يطوف مع النساء فضربه بالدرة.
فعلى النساء أن لا يزاحمن الرجال في الطواف ، وأن يقتصرن على الطواف الواجب ولا يتطوعن بالطواف أيام الموسم عندما يكون الطواف مزدحما، إلا إذا خصص لهن وقت بالليل لا يشاركهن فيه الرجال، ولا ينبغي لهن أن يزاحمن الرجال على استلام الحجر، قال ابن عبد البر: عن عائشة وعطاء وغيرهما :الاستلام للرجال دون النساء، وعليه جماعة الفقهاء.
السؤال:
هل يجوز للمرأة في الحرم أن تصلي وسط الرجال، وذلك لشدة الازدحام؟
الجواب:
يحرم على المرأة أن تصلي أمام الرجال، أو تصلي بينهم وسط صفوفهم، وقد ابتُليَ الناس في المواسم بنساء يتخلَّلن صفوف الرجال ويجلسن بينهم ويصلين، دون حياء ولا مروءة، ويرون من عماء بصائرهن إذا نهين أن ما يفعلنه من الجلوس بين الرجال يرونه من المساواة ولا حرج فيه!!، وقد قال صلى الله وسلم فيما جاء عنه في الصحيح: [ خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُ هَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا].
السؤال:
هل الأفضل الدعاء الجماعي في الطواف، أو كل إنسان يدعو لنفسه؟.
الجواب:
مما ينافي آداب الدعاء ما يفعله بعض الطائفين، يؤمهم أحدهم، ويلقنهم الدعاء كلمة، بصوت عال، وهم يرددون خلفه، أو خلف أحد المحترفين الذين ينصبون أنفسهم للإرتزاق بالدعاء، ويأخذون أجرة على الدعاء بالطائفين، وغالبا ما يكون بصوت ملحون ونطق معرج، وهو دعاء بأجرة، ومنهم من ينغمه كما ينغم الغناء، وهو مع ما فيه من المخالفة لآداب الدعاء من الخشوع والتضرع، والتعبد وخفض الصوت كما قال تعالى: ۞ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ۞ ( الأعراف55)، وهو مع ذلك يشوش على الطائفين والداعين، ويفسد عليهم خشوعهم ومناجاتهم بما يفتح الله به عليهم من التضرع والرجاء.
وليس من العذر أن يقول أحد : إني لا أحسن أن أدعو لنفسي، فأنا محتاج إلى من يلقنني كيف أدعو، لأنه ما من أحد إلا ويحسن أن يستغفر ربه ويسأله الجنة، ويستعيذ به من النار، وقد جاء في الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرَجُلٍ: كَيْفَ تَقُولُ فِي الصَّلاةِ، قَالَ: أَتَشَهَّدُ وَأَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَأَعوذُبِكَ مِنْ النَّارِ، أَمَا إِنَّي لَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ وَلَا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ.
السؤال:
عند اشتداد الزحام في موسم الحج هل يحصل تضعيف أجر الصلوات لمن صلى في غير المسجد الحرام؟
الجواب:
عند اشتداد الزحام المؤْذي يصلي المرء في أي مساجد مكة، ويحصل له من تضعيف أجر الصلوات إن شاء الله ما يحصل لمن يصلي في المسجد الحرام، فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالأبطح على مشارف مكة، وهو مسيل واديها؛) مكان متسع ما بين الجبلين، ينتهي إلى المقبرة)، نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحرم مع قربه منه.
السؤال:
هل يجوز للحجاج أن يصلوا مع الإمام في الحرم، وهم في بيوتهم أو في الطرقات؟
الجواب:
من كان في بيت سكناه قريبا من الحرم، أو كان في الطريق، له أن يصلي مع جماعة الحرم بشرطين؛ إن كان يرى صفوف المصلين، ويسمع تكبير الإمام، ففي المدونة عن محمد بن عبد الرحمن أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يصلين في بيوتهن بصلاة أهل المسجد، فإن كان في بيته يسمع التكبير عن طريق مكبرات الصوت ولا يرى صفوف المصلين، فلا يجوز له الاقتداء بالإمام، لأن الاقتداء بمكبرات الصوت وحده لا يكفي إذا بعدت المسافات، ولم تُر الصفوف (انتهى).
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم
كتبه محمد الحجي