الصحابة تحققوا .... و التابعون حقّقوا ؟ !!
قبل البدء .. لا بد من التقرير بأني لا أقصد أن التابعين رضي الله عنهم لم يتحققوا !! و إنما القصد التركيز أكثر على ما يتباينون به عن الصحابة , كما سيأتي بيانه ؟
نعم ... فقد حدث ذلك في أنواع عديدة من الأمور :
الأوّل : اللغوي :
فقد كان تحقق الصحابة رضي الله عنهم فطريّاً سليقيا ... بل كان ما يقولونه هو اللغة نفسها !؟
أمّا التابعون فلكي يصلوا إلى مشارف دقائق الأذواق اللغوية و يتعرّفوا كنه ما يقرؤون على الوجه الأتمّ فقد اضطروا إلى وضع علم النحو بمصطلحاته الدقيقة و مفاهيمه التي لو سمعها أعرابي من زمن الصحابة رضي الله عنهم ... فربما حسبهم أعاجم أو متفلسفة !
فكان النحو تعبيراً عن حال لسان القوم ؟!
الثاني : الأصولي :
و هو يتفرع عن الأول و يتعلق به بشكل وثيق ...
فالصحابة كانوا إذا سمعوا قوله تعالى : " حرمت عليكم أمهاتكم ...... و ربائبكم اللاتي في حجوركم .." لم يكن ذهنهم ينساق إلى معنى القيد و حسب من كلمة اللاتي ... بل كان يتسع كذلك لمعانٍ غدت غريبة عنا اليوم مثل معنى العهد !؟ إلى درجة أن أحد الباحثين في علم الحديث يتهم غيره قائلاً ما معناه " و العجب من إخواننا علماء نجد مع حرصهم على اتباع الدليل ( كذا ) قد تبعوا مذهبهم و خالفوا النص ( كذا ) ؟!! مولّداً بهذه الطريقة تربية فكرية قلبية ذات أثر مدمّر كلّي أي في مستويات عديدة ؟ !!
و من ذلك فهم الصحابة لمعنى الكفر معنى يتسع لأنواعه كلها ..؟! و إلا لما راحوا يسألون رسول الله صلى الله عليه و سلم : يكفرن بالله ؟؟؟ بعدما أخبرهم عن كفر النساء !
الثالث : القواعد الكلية : ؟
و هي التي لا زالت مبعثرة في كتب الأصول و القواعد الفقهية .... و أهمها مقاصد الشريعة ... فالصحابة رضي الله عنهم اكتسبوها بطريقة سليقية فطرية راسخة – و الأمثلة عليها غريبة على ذي النظر السطحي و متوافرة في مظانها – من أثر العيش زمنَ التنزيل !!؟
الرابع : التصوّف السني :
( على حد تعبير الإمام ابن تيمية رحمه الله )
فالحقائق الإيمانية الإحسانية التي ذكرها و فصّلها مثلا الإمام ابن القيم بأذواقها و دقائقها في كتابه البديع مدارج السالكين لم تكن إلا محاولة بناها على محاولات أئمة التابعين الذين تخصصوا في هذا الجانب من الشريعة ... لاستشراف حال إيمان القوم و التعبير عنها ....
فكما كان النحو بفلسفته و دقائقه و تحليلاته تعبيرا عن لسان القوم .... فكذلك كان التصوّف تعبيرا عن حال إحسان القوم و إيمانهم ؟ !!
و قد يعنّ لي غير هذه المستويات من التحقيق الذي يقابل التحقق ؟؟ !! فمن ظهر له شيء من ذلك فليكن نعم الناصح ... و أنا له من الشاكرين الداعين .