هذا كتاب (البرهان المعتبر على بطلان الجمع في المطر) للعبد الفقير كاتب هذه السطور . أضعه بين أيديكم في حلقات متتالية .
نسأل الله أن ينفع به كاتبه وقارئه وجميع المسلمين .
وأرجو من جميع الأخوة عدم قطع تسلسل الكتاب بالمداخلات .
هذا كتاب (البرهان المعتبر على بطلان الجمع في المطر) للعبد الفقير كاتب هذه السطور . أضعه بين أيديكم في حلقات متتالية .
نسأل الله أن ينفع به كاتبه وقارئه وجميع المسلمين .
وأرجو من جميع الأخوة عدم قطع تسلسل الكتاب بالمداخلات .
بسم الله الرحمن الرحيمإن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .
المقدمة
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد :
فإنَّ الناظر في أحوال المصلين في (فصل الشتاء)؛ يرى العجب العجاب!! من اكتظاظ المساجد بهم من كلِّ حدب وصوب ؛ للجمع بيْنَ الظُّهر والعصر ، والمغرب والعشاء : في المطر والصَّحْوِ ، وفي الليل والنهار على حدٍّ سواء .. ملفقين في ذلك بين أقوال العلماء !!
حيث إنَّ منهم مَن اشترط في جواز الجمع بين الصلاتين في الحضر : إيقاع تكبيرة الإحرام ، مع نزول المطر ..
وبعضهم اكتفى بوجود الطين والبلل ..
وبعضهم أجازه في صلاة الليل دون صلاة النهار ..
وبعضهم أجازه فيهما معاً ..
إلى غير ذلك من الأقاويل ..
فانظر إلى هذا التلفيق بعين الهدى ، ثم احكم عليه بموافقة الهوى ، وسمِّهِ إن شئتَ بمذهب "العوام" أو "أهل الرَّدى"!!
ورحم الله سليمان التيمي إذ يقول : «لو أخذت برخصة كل عالم ـ أو زلة كل عالم ـ اجتمع فيك الشر كله»، وقال بعض السلف رحمه الله : «إذا أخذتَ برخصة العلماء كان فيك شرّ الخصال» ، وقال إبراهيم بن أدهم رحمه الله : «من حمل شاذّ العلماء حمل شرّاً كبيراً» (1).
هذا .. وقد كره الإمام مالك ـ رحمه الله ـ الجمع بين الظهر والعصر ـ مع أنه من القائلين بجواز الجمع في المطر!! ـ «وإنما كَرِهَهُ لأنَّ الغالبَ من أحوال الناس تصرفهم في معايشهم وأسواقهم وزراعاتهم وغير ذلك من متصرفاتهم في وقت المطر والطين ، لا يمتنعون من شيء من ذلك بسببهما ، فَكَرِهَ أن يُمتنع مع ذلك من أداء الفرائض ـ وهي عماد الدين ـ في أوقاتها المختارة لها ، ولا يُمتنع لأجله من السعي في أمور الدنيا ، وليس كذلك المغرب والعشاء ، فإنه ليس بوقت تصرف ، وإنما يتصرف من الجمع بين الصلاتين إلى السكون في منزله والراحة فيه مع أن مشقته بالنهار أخف ؛ لأن له من ضوء النهار ما يستعين به على المشي وتوقي الطين وذلك متعذر مع ظلام الليل ، وبه قال أحمد بن حنبل» (2) .
قلت : وهذا من فقهه ـ رحمه الله ـ ، ولو أنَّه عاش في هذا الزمان ؛ لكره الجمع بين المغرب والعشاء أيضاً ، وذلك لما يرى من تغيُّرِ الحال حتّى أصبح الليل كالنهار في التصرف في المعايش والأسواق ، فضلاً عن تَعْبيدِ أكثر الطرق وإنارتِها وعدم وجود الطِّينِ والدَّحضِ فيها ...
ثم أما بعد:
فقد عزمتُ على إخراج هذا الكتاب لبيان عدم جواز الجمع بين الصلاتين في الحضر مطلقاً ، إلا نوعاً واحداً من الجمع : وهو (الجمع الصُّوري) ؛ فيجوز مطلقاً متى احتيج إليه ...
وقد أفدتُ فيه من العلماء الذين سطروا بكلماتهم حكم هذا النوع من الجمع؛ قائدهم : الحجج الدامغة ، والبراهين الساطعة : من الشَّرع المنزَّل .
ذكرتُ فيه :
* تخريج حديث ابن عباس المشهور : في جمع النبي بالمدينة .
* ثم وجه استدلال المخالفين بحديث ابن عبَّاس .
* ثم نقض هذا الاستدلال من النَّاحية الأصولية ، والأدلة النقلية ، وأقوال العلماء المرضية .
* ثم كشف شبهات المخالفين .
ثم ختمتُ الكتاب ببيانِ أمرين اثنين :
أحدهما : هل تصح صلاة مَنْ أتى بها في غير وقتها المشروع ، كمَنْ جمع بين الصلاتين في الحضر ؟
والأمر الثاني : بيان الرخصة الشرعية في المطر ، ونحوه ..
وأسميتُه : «البرهان المعتبر على بطلان الجمع في المطر» .
«فلينعم الناظر فيه النظر ، وليوسع العذر ؛ إنَّ اللبيب مَنْ عذر ؛ فلقد سنح بالبال على غاية من الإعجال .. ويأبى الله العصمة لكتاب غير كتابه ، والمنصف من اغتفر قليل خطأِ المرء في كثير صوابه»(3)
فيا رب اغفـر لـمن كـاتـبه*** وعم به يا رب من قال آمينا
إن تجد عيـبـاً فسـدَّ الخـللا ***جـلَّ مَـنْ لا عيب فيه وعلا
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وأصحابه أجمعين .
وكتب أبو إبراهيم المكي
في محرم سنة 1425هـ
ـــــــــــــــ ــ
(1) أخرجها الخلال في : «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» : (ص/87-88) .
(2) «المنتقى شرح موطأ الإمام مالك» للباجي : (1/257) .
(1) «تقرير القواعد» لابن رجب : (1/4) .
عمدة من أباح الجمع في المطر لأجل المطر
اعلم أنَّ عمدة المخالفين في إباحة الجمع في الحضر لأجل المطر : هو حديث ابن عبَّاس ـ رضي الله عنهما ـ المشهور في الجمع الواقع بالمدينة .
ودونك تخريج الحديث ، ثم وجه استدلالهم به ، ثم نقض هذا الاستدلال بالأصول والنقول وأقوال العلماء الفحول ، بعون الله .
تخريج حديث الجمع بالمدينة :
قال الإمام أحمد في «المسند» : (1/221) : حدثنا سفيان ، قال عمرو : أخبرني جابر بن زيد ، أنه سمع ابن عباس يقول : «صلَّيتُ مع رسول الله ثمانياً جميعاً (1) ، وسبعاً جميعاً (2)» . قال (3) : قلتُ : يا أبا الشَّعْثاء ، أظنُّه أخَّر الظُّهْرَ ، وعجَّل العصر ، وأخَّر المغرب ، وعجَّل العشاء ؟ قال : وأنا أظُنُّ ذلك .
أخرجه ابن أبي شيبة «مصنفه» : (8303) ، والحميدي في «مسنده» : (475) ، والبخاري في «صحيحه» : (1174) ، ومسلم في «صحيحه» : (706) ، وأبو نعيم في «مستخرجه» : (1591) ، والبيهقي في «السنن الكبرى» : (3/168) ، والطَّحاوي في «شرح معاني الآثار» : (966) من طريق سفيان أيضاً ، به .
وأخرجه مالك في «الموطأ» : (368) ، ومن طريقه الشافعي (536) ، ومسلم (705)، وأبو داود (1203)، وأبو عوانة (2397)، والبيهقي (3/166) ، وغيرهم عن أبي الزبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أنه قال : «صلى رسول الله الظهر والعصر جميعاً ، والمغرب والعشاء جميعاً، في غير خوف ولا سفر» .
وهو عند مسلم (705) من طريق زهير ، عن أبي الزبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس م بلفظ : «صلى رسول الله الظهر والعصر جميعاً بالمدينة ، في غير خوف ولا سفر» .
قال أبو الزبير : فسألت سعيداً : لم فعل ذلك ؟ فقال : سألت ابن عباس كما سألتني . فقال : «أراد أن لا يحرج أحداً من أمته» .
وقد صرَّح أبو الزبير بالسَّماع من سعيدِ بْنِ جُبَير عند الطيالسي في «مسنده» : (2751).
وتابعه العوَّام ُبن حوشب وعمار الدُّهْنِيُّ؛ كما في «المعجم الأوسط» للطبراني : (2337) و(7195) .
وأخرجه مسلم (706) من طريق أبي معاوية ووكيع ؛ كلاهما عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ررر ، قال : «جمع رسول الله بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، بالمدينة ، في غير خوف ولا مطر...» .
وهو عند أحمد (1/354) ، وأبي داود (1204) ، والترمذي (187) ، والبيهقي (3/167) ، وغيرهم .
وقال ابن عبد الهادي في «المحرر» : (ص/160) : «وقد تكلَّم ابن سريج في قوله: ولا مطر»اهـ .
وقال الحافظ ابن رجب في «فتح الباري» : (3/85) : «وقد اخْتلِفَ على الأعمش في إسناد هذا الحديث ، وفي لفظه ـ أيضاً ـ :
فقال كثير من أصحاب الأعمش ، عنه فيه : من غير خوف ولا مطر .
ومنهم من قال عنه : من غير خوف ولا ضرر .
ومنهم من قال : ولا عذر .
وذكر البزار ، أن لفظة «المطر»تفرَّد بها حبيب ، وغيره لا يذكرها . قال : على أن عبد الكريم قد قال نحو ذلك ..»اهـ .
وقال الحافظ ابن عبد البر في «التمهيد» : (5/492) ـ بعد إخراجه لحديث الأعمش ـ :
«هكذا يقول الأعمش في هذا الحديث : عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : «من غير خوف ولا مطر» . وحديث مالك ، عن أبي الزبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال فيه : «من غير خوف ولا سفر» . وهو الصحيح فيه إن شاء الله ، والله أعلم . وإسناد حديث مالك عند أهل الحديث والفقه أقوى وأولى . وكذلك رواه جماعةٌ عن أبي الزبير ، كما رواه مالك : من غير خوف ولا سفر؛ منهم : الثوري، وغيره ، إلا أن الثوري لم يتأول فيه المطر ، وقال فيه : لئلا يُحرج أمَّته»اهـ .
وقال الإمام ابن خزيمة في «صحيحه» : (2/86) : «فأما ما روى العراقيون أن النبي جمع بالمدينة في غير خوف ولا مطر ، فهو غلط وسهو، وخلاف قول أهل الصلاة جميعاً»اهـ .
وقال الإمام البيهقي في «السنن الكبرى» : (3/167) ـ بعد ذكره ـ : «رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن أبي معاوية عن أبي كريب وغيره عن وكيع ، ولم يخرجه البخاري مع كون حبيب بن أبي ثابت من شرطه ، ولعله إنما أعرض عنه ـ والله أعلم ـ لما فيه من الاختلاف على سعيد بن جبير في متنه ، ورواية الجماعة عن أبي الزبير أولى أن تكون محفوظة ؛ فقد رواه عمرو بن دينار ، عن جابر ابن زيد أبي الشعثاء ، عن ابن عباس بقريب من معنى رواية مالك عن أبي الزبير»اهـ .
قلت : وتفصيلُ روايَةِ الجماعة عن أبي الزبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، بلفظ : «من غيرِ خوفٍ ولا سفَرٍ»، كما يلي :
1ـ مالك في «الموطأ» : (368) ، ومن طريقه : مسلم (705) ، وأبو داود (1210) ، والبيهقي (3/166) ، وأبو عوانة (2397) ، وابن حبان (1594) .
2ـ زهير بن معاوية : عند مسلم (705) ، وأبي نعيم في «المستخرج» : (1585)، والبيهقي (3/166) ، والطبراني في «المعجم الكبير» : (12/58) .
3ـ سفيـان الثوري : عند عبد الرزاق (4435)، وأحمـد (1/283) ، وأبي عوانة
(2398) ، والطبراني في «الكبير» : (12/58) ، وابن عبد البر (5/492) .
4ـ سفيان بن عيينة : عند الحميدي (476) ، والبيهقي (3/166) .
5ـ قرّة بن خالد : عند الطحاوي (968) .
6ـ عبد الملك بن جريج : عند الطحاوي (969) .
7ـ حمّاد بن سلمة : عند البيهقي (3/166) .
8 ـ هشام بن سعد : عند البيهقي (3/167) .
قال البيهقي (3/166) : «وخالفهم قرة بن خالد عن أبي الزبير ، فقال في الحديث: «في سفرةٍ سافرها إلى تبوك» . »اهـ .
قلت : يشيرُ إلى ما أخرجه مسلم (705) عن يحيى بن حبيب الحارثي ، قال : حدثنا خالد ـ يعني ابن الحارث ـ ، حدثنا قُرَّةُ ، حدثنا أبو الزبير ، حدثنا سعيد بن جبير ، حدثنا ابن عباس : «أن رسول الله جمع بين الصلاة في سفرة سافرها ، في غزوة تبوك ، فجمع بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء» .
قال سعيد: فقلت لابن عباس : ما حمله على ذلك؟ قال : «أراد أن لا يحرج أمته».
وهذا وهْمٌ من بعضِ الرواة .
والصَّحِيحُ : ما أخرجه مسلم (706) : عن يحيى بن حبيب ، قال : حدثنا خالدـ يعني ابن الحارث ـ ، حدثنا قُرَّةُ بن خالد ، حدثنا أبو الزبير ، حدثنا عامر بن واثلة أبو الطُّفيل ، حدثنا معاذ بن جبل ، قال : «جمع رسول الله في غزوة تبوك بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء» .
قال : فقلت : ما حمله على ذلك ؟ قال : فقال : «أراد أن لا يحرج أمَّته» .
وقد تابع قرة بن خالد : مالك في «الموطأ» : (365) ، وزهيرٌ بن معاوية عند مسلم (706) .
قال البيهقي (3/167) : «وكان قرة بن خالد أراد حديث أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ فهذا لفظ حديثه ، أو روى سعيد بن جبير الحديثين جميعاً فسمع قرة أحدهما ومن تقدم ذكره الآخر وهذه أشبه فقد روى قرة حديث أبي الطفيل أيضاً» اهـ .
وعلى كلِّ حال ؛ فقد ثبت وقوع الجمع بالمدينة بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء ، في غير خوفٍ ولا سَفَرٍ ؛ وهو ما سُنَجَلِّي حقيقتَه فيما سيأتي ..
ـــــــــــــــ ــــ
(1) أي الظهر والعصر .
(2) أي المغرب والعشاء .
(3) أي عمرو بن دينار .
وجه استدلال المخالفين بحديث ابن عباس :
وهو أنَّ النبي جمع مقيماً بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء ، جمع تقديمٍ، في غير خوف ولا سفر ولا مطر ، فمن باب أولى الجمع للمطر ، ونحوه ..
نقض استدلال المخالفين :
لقد كان مِنَ الواجبِ على المستدلِّينَ بحديثِ ابن عبَّاسٍ على جوَازِ الجمْعِ في المطَرِ كشف اللِّثام عن وجْهِ دلالتِه الأصوليَّةِ ..
ومعلومٌ أنَّ «أصولَ الفقهِ» هو مَلَكَـةُ الاستنباطِ من النُّصوصِ الشرعيَّة، ولله دَرُّ ابْنِ بدرانَ إذ يقول : «واعلم أنَّه لا يمكنُ للطَّالب أن يصيرَ متفقهاً ما لم تكنْ له دِراية بالأصول ، ولو قرأ الفقه سنيناً وأعواماً ، ومن ادّعى غيرَ ذلك كان كلامُه إمّا جهلاً وإمّا مكابرةً» (1) .
وهو ما أغْفلَهُ هؤلاءِ القَوم ! واكتفَوْا بالتَّرديدِ خلفَ المستدلِّينَ بالحديثِ على جوازِ الجمْعِ في المطرِ ! دون رَويَّةٍ وإعْمالٍ لِلفكْرِ والنَّظرِ !
فأين اتِّباع الدَّليل؟ أَهُوَ ترديد الدَّليل ؟! أم فَهْمه على ضَوْءِ «قواعد الاستنباطِ»؟
ـــــــــــــــ ـــــــــ
(1)«المدخل إلى مذهب أحمد بن حنبل» : (ص/489) ، وانظر : «زغل العلم» للذهبي : (ص/21) .
الشروع في النقض على المخالفين :
لقد عُلِمَ بالاستقراء أن «الجمع بين الصلاتين» ينقسم إلى ثلاثة أنواع :
أحدها : جمع التقديم .
والثاني : جمع التأخير .
والثالث : الجمع الصُّوري (1) .
ولفظ «جَمَعَ» في حديث ابن عبّاسٍ مطلقٌ ؛ يحتمل أن يكون جمع التقديم ، ويحتمل أن يكون جمع التأخير ، ويحتمل أن يكون الجمع الصُّوري ، «إلا أنه لا يتناول جميعها ، ولا اثنين منها ، إذ الفعل المثبت لا يكون عامّاً في أقسامه كما صرّح بذلك أئمة الأصول» (2)؛ لأنه يقع على صفة واحدة . و«التعيين موقوفٌ على الدليل» (3)؛ «فلا يتعيّنُ واحدٌ من صُوَرِ الجمْعِ المذكور إلا بدليل» (4)، وإلا صار مُجملاً مما لا يُعرف صِفته ، ووجب التوقّف فيه ، حتّى يتبيَّنَ المرادُ منه ..
قال الإمام النَّظار أبو إسحاق الشيرازي ـ رحمه الله ـ تحت «باب : بيان ما يصحُّ دعوى العموم فيه وما لا يصح» : «فأما الأفعال فلا يصحُّ فيها دعوى العموم ؛ لأنها تقعُ على صفة واحدة ، فإذا عُرِفَتْ تلك الصفة اختصَّ الحكم بها ، وإن لم تُعْرَفْ صار مجملاً مجملاً ممَّا لا يعرف صفته ..» (5).
وقال تحت «باب : ذكر ما يجوز تخصيصه وما لا يجوز» : «وكذلك ما وقعَ من الأفعال ، لا يجوز تخصيصه ، لما بيناه فيما تقدم ، أنَّ الفعل لا يجوز أن يقع على صفتين، فيخرجُ إحداهما بدليل ، فإن دلَّ الدليل على أنه لم يقع إلا على صفة من الصِّفتين ، لم يكن ذلك تخصيصاً» (6).
وقال أيضاً : «وكذلك الأفعال الواقعة على أحوال مخصوصة ولم تعلم عين الحال التي وقع عليها فإنه لا يُدَّعى فيها العموم ؛ وذلك كما روي أن النبي جمع بين الصلاتين في السفر ، فإنه يعلم منه أنه إنما جمع بينهما في سفر واحد ، إما طويل أو قصير ؛ وليس في اللفظ ذكر واحد من السفرين ولا يحتمل أن يكون فعله واقعاً إلا على إحدى الحالين . فيجب التوقف فيه حتى يعلم على أي الحالين وقع . ودعوى العموم فيه محال وصار بمنزلة اللفظ إذا تناول شيئين والمراد به واحد منهما غير معيَّن، فإنه لا يجوز له الاحتجاج به حتى يتبيَّن المراد منهما عما ليس بمراد . كذلك هاهنا .. فيجب التوقف فيه ليعلم حقيقة الحال والصفة فيه» (7).
وقـال العلامة بدر الدين بن بهادر الزركشي الشافعي ـ رحمه الله ـ: «الفعل المثبت إذا كان له جهات ليس بعام في أقسامه ؛ لأنه
يقع على صفة واحدة ، فإن عرف تعيَّن وإلا كان مجملاً يتوقف فيه حتى يعرف، نحو قول الراوي : «صلى بعد غيبوبة الشفق»، فلا يحمل على الأحمر والأبيض، وكذلك «صلى في الكعبة»، لا يعمّ الفرض والنفل ..» (8).
وقال أيضاً : «ما أطلقوه من أن الفعل لا يدل على استغراقه في حيّز الإثبات مبني على أنه نكرة ، وقد نقل الزجاجي في «الإيضاح» إجماع النحويين على أن الأفعال نكرات ، ولهذا امتنع الإضافة إليها لانتفاء فائدة الإضافة ..» (9) .
قلت : ومعلوم أن النكرة في سياق الإثبات لا تعم ، كما قرر أئمة الأصول . ومن هنا : كان الفعل المثبت لا يعم أقسامه .
وقال العلامة شمس الدين بن مفلح المقدسي ـ رحمه الله ـ : «الفعل الواقع لا يعم أقسامه وجهاته ، كصلاته ؛ داخل الكعبة لا يعم الفرض والنفل ، فلا يحتج به على جوازهما فيها .
وقول الرواي : «صلى ؛ بعد الشفق»لا يعم الشفقين إلا عند من حمل المشترك على معنييه .
وقوله : «كان ؛ يجمع بين الصلاتين في السفر»لا يعم وقتيهما ، ولا سفر النسك وغيره» (10) .
وقال العلامة ابن النجَّار الفتوحي ـ رحمه الله ـ : «(فعله) أي فعلُ النبي المثبتُ ، وإن انقسم إلى جهات وأقسام ، (لا يعمُّ أقسامه وجهاته) ؛ لأنَّ الواقع منها لا يكون إلا بعضَ هذه الأقسام .
من ذلك ما روي : «أنه صلَّى داخل الكعبة»، فإنَّها احتملت الفرض والنفل، بمعنى أنَّه لا يُتصوَّرُ أنّها فرضٌ ونفْلٌ معاً ، فلا يمكن الاستدلال به على جواز الفرض والنفل داخل الكعبة ، فلا يعمُّ أقسامه .
(وكان) النبي (يجمعُ بين الصلاتين في السفر ، لا يعمُّ وقْتَيْهِما) أي وقت الصلاة الأولى ، ووقت الصلاة الثانية ، فإنه يُحتمل وقوعهما في وقت الصلاة الأولى ، ويحتمل وقوعهما في وقت الصلاة الثانية ، والتعيين موقوفٌ على الدليل ، فلا يعمّ وقتي الأولى والثانية إذ ليس في نفس وقوع الفعل المرويِّ ما يدلّ على وقوعه في وقْتَيْهما ...» (11) .
وقال الإمام الشوكاني ـ رحمه الله ـ : «الفعل المُثْبَتُ إذا كان له جهاتٌ فليس بعامٍّ في أقسامه ؛ لأنَّه يقع على صفة واحدة ، فإن عُرِفَ تعيَّن وإلا كان مُجْملاً يُتوقَّفُ فيه ..
هكذا قال القاضي أبو بكر ، والقفَّال ، والشاشي ، والأستاذ أبو منصور ، والشيخ أبو حامد الإسفراييني ، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي ، وسليم الرازي ، وابن السَّمعاني، وإمام الحرمين الجُويني ، وابن القشيري ، والإمام فخر الدين الرازي.
واستدلُّوا على ذلك بأنه إخبارٌ عن فعل ، ومعلومٌ أنَّ الفاعلَ لم يفعلْ كلَّ ما اشتمل عليه تسميةُ ذلك الفعل ، مما لا يمكن استيعابُ فعلِه ، فلا معنى للعموم في ذلك..» (12) .
وقال العلامة الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي في كلامه على حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ :
«واعلم أن لفظة «جَمَع» فِعْل في سياق الإثبات ، وقد قرّر أئمة الأصول أن الفعل المثبت لا يكون عامّاً في أقسامه .
قال ابن الحاجب في «مختصره الأصولي»في مبحث العام ، ما نصّه : «الفعل المثبت لا يكون عامّاً في أقسامه ، مثل : «صلّى داخل الكعبة»فلا يعمّ الفرض والنفل ـ إلى أن قال : و«كان يجمع بين الصلاتين»لا يعمّ وقتيهما ، وأمّا تكرر الفعل فمستفاد من قول الراوي : «كان يجمع»كقولهم : كان حاتم يكرم الضيف .. إلخ .
قال شارحه العضد ما نصّه : «وإذا قال : «كان يجمع بين الصلاتين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء»فلا يعمّ جمعهما بالتقديم في وقت الأولى ، والتأخير في وقت الثانية، وعمومه في الزمان لا يدلّ عليه أيضاً ، وربما توهم ذلك من قوله : «كان يفعل» . فإنه يفهم منه التكرار ، كما إذا قيل : كان حاتم يكرم الضيف ، وهو ليس مما ذكرناه في شيء ؛ لأنه لا يفهم من الفعل وهو «يجمع» بل من قول الراوي ، وهو «كان»، حتى لو قال : «جمع»لزال التوهم»انتهى محل الغرض منه بلفظه بحذف يسير لما لا حاجة إليه في المراد عندنا . فقوله : «حتى لو قال : جمع زال التوهم»يدل على أن قول ابن عباس في الحديث المذكور «جمع»لا يتوهم فيه العموم، وإذن فلا تتعين صورة من صور الجمع إلَّا بدليل منفصل ..
وقال صاحب «جمع الجوامع» عاطفاً على ما لا يفيد العموم ما نصّه : «والفعل المثبت ، ونحو : كان يجمع في السفر» .
قال شارحه صاحب «الضياء اللامع»ما نصّه :ونحو : كان يجمع في السفر ، أي: بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء ، لا عموم له أيضاً ؛ لأنه فعل في سياق الثبوت، فلا يعمّ جمعهما بالتقديم في وقت الأولى ، والتأخير إلى وقت الثانية ، بهذا فسّر الرهوني كلام ابن الحاجب ـ إلى أن قال : وإنما خص المصنف هذا الفعل الأخير بالذكر مع كونه فعلاً في سياق الثبوت ؛ لأن في «كان»معنى زائد ، وهو اقتضاؤها مع المضارع التكرار عرفاً ، فيتوهم منها العموم ، نحو : «كان حاتم يكرم الضيفان» وبهذا صرّح الفهري والرهوني ، وذكر ولي الدين عن الإمام في «المحصول»أنها لا تقتضي التكرار عرفاً ولا لغةً .
قال ولي الدين : والفعل في سياق الثبوت لا يعم ، كالنكرة المثبتة ، إلا أن تكون في معرض الامتنان ، كقوله تعالى : وأنزلنا من السماء ماء طهوراً[الفرقان:48] اهـ من «الضياء اللامع»لابن حلولو .
قال مقيّده ـ عفا الله عنه ـ : وجه كون الفعل في سياق الثبوت لا يعم ، هو أن الفعل ينحل عند النحويين ، وبعض البلاغيين عن مصدر وزمن ، وينحل عند جماعة من البلاغيين عن مصدر وزمن ونسبة ، فالمصدر كامن في معناه إجماعاً ، والمصدر الكامن فيه لم يتعرف بمعرف فهو نكرة في المعنى، ومعلوم أن النكرة لا تعم في الإثبات، وعلى هذا جماهير العلماء» (13) .
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ
(1) وهو : تأخير صلاة الظهر إلى آخر وقتها ، وتعجيل صلاة العصر في أول وقتها ، وكذلك المغرب والعشاء ، وبعض العلماء يسميه بـ«الجمع فعلاً» ، ويسمي جمع التقديم والتأخيربـ«الجم ع وقتاً» ؛ ولزاماً انظر :«حاشية السندي على سنن النسائي» : (1/309-313) .
(2) «نيل الأوطار» : (2/475) .
(3) «شرح الكوكب النير» لابن النجار : (3/214) .
(4) «نيل الأوطار» : (2/475) .
(5) «اللمع في أصول الفقه» : (ص/73) .
(6) «المرجع السابق» : (ص/80) .
(7) «شرح اللمع» : (1/336-348) .
(8) «البحر المحيط» : (3/166-167) .
(9) «المرجع السابق» : (3/129) .
(10) «أصول الفقه» : (2/842-843) .
(11) «شرح الكوكب المنير» : (3/213-214) .
(12) «إرشاد الفحول» : (1/554-555) .
(13) »أضواء البيان» : (1/458-460) ـ ط: دار عالم الفوائد .
مناقشة المخالفين على ضوء ما تقدم :
لقد تبين مما سبق : أن قول ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : «جمع رسول الله بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة..» لا يتناول أنواع الجمع الثلاثة ، ولا اثنين منها،إذ الفعل المثبت لا يكون عاماً في أقسامه ؛ لأنه يقع على صفة واحدة . والتعيين موقوفٌ على الدليل ؛ فلا يتعيَّن واحدٌ من صور الجمع المذكور إلا بدليل ، وإلا صارَ مجملاً مما لا يُعرف صفته ، ووجب التوقف فيه ؛ ليعلم حقيقة الحال والصفة فيه ...
فيقال للمخالفين عندئذٍ : ما هو دليلكم المنفصل على تعيين جمع التقديم في حديث ابن عباس ؟ قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين .
فإن عجزوا عن الجواب ولا بُد = قيل لهم : وجبَ عليكم التَّوقفُ في صفة الجمع الواقع بالمدينة ، حتَّى يتبيَّنَ لكم المراد منه ..
وإلى حينها ؛ فلا يجوز لكم الاحتجاج به على جواز الجمع تقديماً في الحضر لأجل المطر ..
هذا ما قرَّره أئمة الأصول ـ رحمهم الله ـ .
فإِنْ لم يسلكوا إحدى الطريقين = لم يَبْقَ أمامهم إلا التسليم بالجمع الصُّوري؛ وهو الواجبُ في تعيين الجمع الواقع بالمدينة ، ودونك الأدلة .
السلام عليكم
بارك الله فيك أخي إبراهيم
و الله أنا مقتنع مائة بالمائة بما ذكرت ,و لكن بقيت لي شبهة,وذلك بعد أن سمعت شريطا للشيخ الألباني رحمه الله,لم أسمعه جيدا لكن حسب ما فهمت منه هو ما يليز
أن الجمع في المطر هو جمع تقديم و الدليل على ذلك أن المؤذن عندما ينادي للصلاة للمغرب يقول الصلاة في الرحال,فطبيعي أن الذين في المسجد لن ينتظروا حتى وقت العشاء ليصلوا,بل دفعا للمشقة سيجمعون في وقت المغرب,
و بارك الله فيك
للرفع
اخى الكريم بارك الله فيك :
قال الامام مسلم : وحدثني أبو الربيع الزهراني حدثنا حماد عن الزبير بن الخريت عن عبدالله بن شقيق قال
: خطبنا ابن عباس يوما بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم وجعل الناس يقولون الصلاة الصلاة قال فجاءه رجل من بني تميم لا يفتر ولا ينثني الصلاة الصلاة فقال ابن عباس أتعلمني بالسنة ؟ لا أم لك ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء
قال عبدالله بن شقيق فحاك في صدري من ذلك شيء فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته
وقال :
وحدثنا ابن أبي عمر حدثنا وكيع حدثنا عمران بن حدير عن عبدالله بن شقيق العقيلي قال قال رجل لابن عباس
: الصلاة فسكت ثم قال الصلاة فسكت ثم قال الصلاة فسكت ثم قال لا أم لك أتعلمنا بالصلاة ؟ وكنا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
قلت : أجب عن هذين الحديثين اولا بارك الله فيك
فقد وضح منهما ان ابن عباس قد حَمَعَ جمع تأخيرعلى الاقل كما هو واضح وليس جمعا صوريا كما قلتَ وفقك الله
أخي الكريم المهاجر
اسمح لي بالمشاركة:
أين يوجد في الحديث الذي ذكرته أن ابن عباس جمع جمع تأخير
ثم أين ذكر في الحديث سبب الجمع,فمن قال أن الجمع المذكور لم يكن صوريا, لزمه أن لا يربط الجمع بعذر من الأعذار,
ثم إن ابن عباس الذي قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء, هو الذي قال في رواية رواها النسائي:"صليت مع النبي صلى الله عليه و سلم ثمانيا جميعا و سبعا جميعا أخر الظهر و عجل العصر و أخر المغرب و عجل العشاء"
فهذا الحديث يبين غلط الذين يرون أن الجمع الصوري لم يرد في لسان الشارع
قال الإمام الشوكاني رحمه الله:و قد زعم بعض المتأخرين أنه لم يرد الجمع الصوري في لسان الشارع و أهل عصرهو هو مردود بما ثبت عنه صلى الله عليه و آله و سلم من قوله للمستحاضة:"و إن قويت على أن تؤخري الظهر و تعجلي العصر فتغتسلين و تجمعين بين الصلاتين" انتهى كلامه رحمه الله
و لقد روى هذا الحديث النسائي بلفظ:تجلس أيام أقرائها ثم تغتسل و تؤخر الظهر و تعجل العصر و تغتسل و تصلي,و تؤخر المغرب و تعجل العشاء و تغتسل و تصليهما جميعا و تغتسل للفجر"
و في رواية للإمام الترمذي"فإن قويت على أن تؤخري الظهر و تعجلي العصر, ثم تغتسلين حين تطهرين و تصلين الظهر و العصر جميعا,ثم تؤخرين المغرب و تعجلين العشاء, ثم تغتسلين و تجمعين بين الصلاتين فافعلي.. الحديث.
هذا ما يظهر لي و بارك الله فيكم
أظن أن هذا الموضوع مهم جدا خاصة ونحن في فصل الشتاء
أصلحكم الله . دعوا الرجل يكمل ما بدأ .ثم ناقشوه ،أليس قد طلب ذلك منكم في أول كلامه ؟
واصل ـ وصلك الله ـ يا أبا ابراهيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، قد ثبت عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه قال مضت النسة أن يجمع بين المغرب والعشاء في المطر، وأن ابن عمر رضي الله، كان يجمع مع الأمراء إذا جمعوا بين المغرب والعشاء في المطر، وعلى ذلك مضى عمل أهل المدينة، وبه خصص مالك حديث أبي الزبير عن سعيد عن ابن عباس مرفوعا: جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فشنع عليه الشافعي رحمه الله أشد التشنيع أن أخذ بشق الحديث الثاني ورد الأول. فلا طائل بعد هؤلاء الأئمة في إنكار ما عملوا به وأقروه ورأه صوابا وسنة، ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي ...والله أعلم
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : أرجو من أخي المكي عند الكتابة في أي مسألة خلافية أن يتجنب أسلوب الهجوم والتجريح والتجهيل إلى غير ذلك ، فأنت يا أخي تخاطب طلبة علم ، أو قراء يريدون الفائدة فمثلاً : ( فانظر إلى هذا التلفيق بعين الهدى ، ثم احكم عليه بموافقة الهوى ، وسمِّهِ إن شئتَ بمذهب "العوام" أو "أهل الرَّدى"!!) !!!!!!!!
و ( فيقال للمخالفين عندئذٍ : ما هو دليلكم المنفصل على تعيين جمع التقديم في حديث ابن عباس ؟ قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين )!!
و ( الشروع في النقض على المخالفين ) !
و ( وهو ما أغْفلَهُ هؤلاءِ القَوم ! واكتفَوْا بالتَّرديدِ خلفَ المستدلِّينَ بالحديثِ على جوازِ الجمْعِ في المطرِ ! دون رَويَّةٍ وإعْمالٍ لِلفكْرِ والنَّظرِ ! ) !
هذا وأنت في أول الكتاب . الواجب على طالب العلم أن يكتب بأدب وأخلاق ، لأن الغرض من الكتابة إصال الحق ودعوة الناس إليه ، لا أن يعمل قلمه ولسانه بالتجهيل والتجريح للآخرين المخالفين له كأنه لا يتكلم إلا حقاً ، وغيره على الباطل .
ولا تنسى يا أخي أن الذين قالوا بالجمع في حالة المطر أئمة وعلماء شهد بعلمهم القاصي قبل الداني ، فهل من يتبع هؤلاء لا روية له ولا أعمل فكره ونظره .
أرجو أن تعيد النظر في هذا ، ولنا عليك فيما كتبت ملحوظات كثيرة ، سوف تعرض في حينها .
شكراً لك أخي المكي ، وأرجو الله أن ينفع بك ، وأن نستفيد من علمك .
تصحيح ( ولا تنس ) .
أخي المكي: أشكرك على هذا الطرح وأقول: الإشكال في مسألة الجمع في المطر في هذا الزمن أنها تعتبر من المسائل النوازل حيث أن العلة في الجمع في المطر المشقة فإذا لم توجد المشقة فلا جمع ،وكثير من الناس حتى من طلبة العلم خاصة أئمة المساجد يخلط بين الجمع في السفر والجمع في المطر.
حيث إن العلة في السفر السفر سواء وجدت المشقة أم لم توجد ، وأما العلة في المطر المشقة ، ومن تأمل في حالنا اليوم وجد ان المشقة في المطر قد زالت بحمد الله،،،،
فأصبح الناس يذهبون بل ويتنزهون حال المطر بسياراتهم ، وقد تسهلت الأمور بوجود السيارات والاضاءة والشوارع المزفلتة ، مما أذهب هذه المشقة ،والأصل أن تصلى الصلوات في وقتها ، هذا رأيي وأنا ممن لايجمع إذا جمع الناس في المطر وأوضح وجهة نظري حتى لايلتبس على الآخرين وبحمد الله هذا الرأي قد أخذ به بعض العلماء ، لكن .... مع هذا كله لاأنكر على المخالف لأن تقدير المشقة حتى في زماننا مما يسوغ فيه الإختلاف فمن المستبعد أن يذهب بعض العلماء إلى الجمع بكل سهولة دون النظر هل وجدت مشقة أم لا؟
أردت في هذه الكلمات أن أحرر محل النزاع ومن ثم أوضح أن تقدير المشقة يسوغ فيه الإختلاف .
وكلامي إذا كان المطر لم يتفق الجميع على أنه ليس فيه مشقة فإذا اتفق الجميع على أن المطر ليس فيه مشقة بأن يحصل قطرات بسيطة فهذا لايجوز فيه الجمع كمانص الفقهاء .
أخيراً: أنصحك أخي المكي وانصح نفسي دائما في مسائل الإجتهاد :
1- لاتجزم برأيك لأنك إذا جزمت معنى ذلك أنك تجزم بأن الحق عند الله هوماذهبت إليه وهذا لايجوز.
2- لاتلزم الآخرين برأيك إذا كان ممايسوغ فيه الإجتهاد.
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شكرا لك ... بارك الله فيك ... الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
أخي الفاضل المهاجر :أكمل كتابك بارك الله فيك ولاتلتفت لكلام المثبطين فقد كنت أبحث منذ مدة طويلة عن بحث مثل بحثك الماتع واعلم أنه قد سبقك في هذا الرأي علماء كبار مثل الإمام الشوكاني وابن حجر وغيرهم بل إن الإمام الشوكاني له كتاب تشنيف السمع بإبطال أدلة الجمع ارجو العثور علية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي الفاضل أبو إبراهيم أسألك بالله لماذا لم تكمل كتابك الماتع البرهان المعتبرعلى بطلان الجمع في المطر عسى أن يكون المانع خير وأسأل الله أن ييسر لك الإنتهاء منه في أسرع وقت ممكن وجزاك الله خيرا