تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: نصيحة من الإمام الشوكاني رحمه الله إلى طلبة العلم الشرعي .

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    556

    افتراضي نصيحة من الإمام الشوكاني رحمه الله إلى طلبة العلم الشرعي .

    يقول العلامة الشوكاني رحمه الله : ( فـاعلم إذا وقـع الخـلاف بين المسلمين في أن هـذا الشيء بدعة أو غير بدعة ، أو مكروه أو غير مكروه ، أو محرم أو غير محرم ، أو غير ذلك ، فقد اتفق المسلمون سلفهم وخلفهم من عصر الصحابة إلى عصرنا هذا – وهو القرن الثالث عشر منذ البعثة المحمدية – أن الواجب عند الإختلاف في أي أمر من أمور الدين بين الأئمة المجتهدين هو الرد إلى كتاب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الناطق بذلك الكتاب العزيز ... وهذ مما لا خلاف فيه بين جميع المسلمين .
    فإذا قال مجتهد من المجتهدين: هـذا حلال ، وقال الأخر: هذا حرام ، فليس أحدهما أولى بالحق من الآخر ، وإن كان أكثر منه علماً ، أو أكبر منه سناً ، أو أقدم منه عصراً ، لأن كل منهما فـرد من أفـراد عباد الله ، ومتعبداً بما في الشريعة المطهرة ، وفي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومطلوب منه ما طلب الله من غيره من العباد .
    وكثـرة علمه وبلوغه درجة الإجتهاد أو مجاوزته لها لا يسقط عنه شيئاً من الشرائع التي شرعها الله لعباده ولا يخرجه من جملة المكلفين من العباد ، بل العالم كلما ازداد علماً كان تكليفه زائداً عن تكليف غيره ، ولو لم يكن من ذلك إلا ما أوجبه الله عليه من البيان للناس ، وكما كلفه به من الصدع بالحق وإيضاح ما شرعه الله لعباده .
    (وَإِذَ أَخَذَ الله مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَينَنَّه ِللنَّاسِ وَلا َتكْتُمُونَه) .
    ( ِإنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُوْنَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَينَاتِ وَالهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَاهُ لِلنَّاسِ في الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ الله وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونْ ) .
    فلو لم يكن لمن رزقه الله طرفاً من العلم إلا كونه مكلفاً بالبيان للناس لكان كافياً فيما ذكرناه من كون العلماء لا يخرجون عن دائرة التكليف بل يزيدون بما علموه تكليفاً ، وإذا أذنبوا كان ذنبهم أشد من ذنب الجاهل وأكثر عقاباً ، كما حكاه الله سبحانه عمن عمل سوءاً بجهالة ومن عمله بعلم ، وكما حكاه في كثير من الآيات عن علماء اليهود، حيث أقدموا على مخالفة ما شرعه الله لهم ، مع كونهم يعلمون الكتاب ويدرسونه ، ونعى ذلك عليهم في مواضع متعددة من كتابه وبكتهم أشد تبكيت .
    وكمـا ورد في الـحديث الصحيح : (إن أول من تسعر بهم جهنم : العالم الذي يأمر الناس ولا يأتمر ، وينهاهم ولا ينتهي) .
    وبالجملة فهذا أمر معلوم : إن العلم وكثرته ، وبلوغ حامله إلى أعلى درجات العرفان لا يسقط عنه شيئاً من التكاليف الشرعية ، بل يزيدها عليه شدة ، ويخاطب بأمور لا يخاطب بها الجاهل، ويكلف بتكاليف غير تكاليف الجاهل، ويكون ذنبه أشد وعقوبته أعظم، وهذا لا ينكره أحد ممن له أدنى تمييز بعلم الشريعة .
    والآيات والأحاديث الواردة في هذا المعنى لو جمعت لكانت مؤلفاً مستقلاً ومصنفاً حافلاً .. وغاية العرض من هذا ونهاية القصد هو بيان أن العالم كالجاهل في التكاليف الشرعية والتعبد بما في الكتاب والسنة مع ذكر ما أوضحناه لك من التفاوت بين المرتبتين : رتبة العالم ، ورتبة الجاهل ، في كثيرمن التكاليف واختصاص العالم منها بما لا يجب على الجاهل .
    وبهذا يتقرر لك أن ليس لأحد من العلماء المختلفين ، أو من التابعين لهم والمقتدين بهم أن يقول : الحق ما قاله فلان دون فلان ، أو فلان أولى بالحق من فلان ، بل الواجب عليه – إن كان ممن له فهم وعلم وتمييز – أن يرد ما اختلفوا فيه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فمن كان دليل الكتاب والسنة معه فهو الحق وهو الأولى بالحق .
    ومن كان دليل الكتاب والسنة عليه لا له ، كان هو المخطئ ، ولا ذنب عليه في هذا الخطأ إن كان قد وفّى الإجتهاد حقه ، بل معذور ، بل هو مأجور ، كما ثبت في الحديث الصحيح أن : ( إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران ، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر) فناهيك بخطأ يؤجر عليه فاعله .
    ولكن هذا إنما هو للمجتهد نفسه إذا أخطأ ولكن لا يجوز لغيره أن يتبعه في خطئه ، ولا يعذر كعذره ، ولا يؤجر كأجره ، بل واجب على من عداه من المكلفين أن يترك الإقتداء به في الخطأ ويرجع إلى الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة .
    وإذا وقع الرد لما اختلف فيه أهل العلم إلى الكتاب والسنة: كان من معه دليل الكتاب والسنة هو الذي أصاب الحق ووافقه ، وإن كان واحداً ، والذي لم يكن معه دليل الكتاب والسنة هو الذي لم يصب الحق بل أخطئه ، ولو كان عدداً كثيراً.
    فليس لعالم ولا متعلم ولا لمن يفهم – وإن كان مقصراً – أن يقول: إن الحق بيـد من يقتدي به من العلماء ، إن كان دليل الكتاب والسنة بيد غيره فإن ذلك جهل عظيم ، وتعصب شديد ، وخروج من دائرة الإنصاف بالمرة ، لأن الحق لا يعرف بالرجال ، بل الرجال يعرفون بالحق .
    وليس أحد من العلماء المجتهدين ، والأئمة المحققين بمعصوم ، ومن لم يكن معصوماً فإنه يجوز عليه الخطأ ، كما يجوز عليه الصواب ، فيصيب تارة ، ويخطئ أخرى ، ولا يتبين صوابه من خطئه إلا بالرجوع إلى دليل الكتاب والسنة ، فإن وافقها فهو مصيب ، وإن خالفها فهو مخطئ .
    ولا خلاف في هذه الجملة بين جميع المسلمين من أهل الإنصاف أولهم وأخرهم ، سابقهم ولاحقهم ، كبيرهم وصغيرهم ، وهذا يعرفه كل من له أدنى حظ من العلم وأحقر نصيب من العرفان .
    ومن لم يفهم هذا ويعترف به ، فليتهم نفسه ، وليعلم أنه قد جنى على نفسه بالخوض فيما ليس من شأنه ، والدخول فيما لا تبلغ إليه قدرته ولا ينفذ فيه فهمه .
    وعليه أن يمسك قلمه ولسانه ، ويشتغل بطلب العلم ، ويفرغ نفسه لطلب علوم الإجتهاد ، الذي يتوصل بها إلى معرفة الكتاب والسنة ، ومعرفة معانيها ، والتمييز بين دلائلها ، ويجتهد في البحث في السنة وعلومها ، حتى يتميز عنده صحيحها من سقيمها ، ومقبولها من مردودها وينظر في كلام الأئمة الكبار من سلف هذه الأمة وخلفها ، حتى يهتدي بكلامهم إلى الوصول إلى مطلوبه .
    فإنه إن فعل هذا ، وتقديم الإستغال بما قدمنا ندم على ما فرط منه قبل أن يتعلم هذه العلوم غاية الندم ، وتمنى لو أنه أمسك عن التكلم بما لا يعنيه ، وسكت عن الخوض فيما لا يدريه .
    وما أحسن ما أدبنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه من قوله : ( رحم الله امرأً قال خيراً أو صمت) .
    وهذا في الذي تكلم في العلم قبل أن يفتح الله عليه ، بما لا بد منه ، وشغل نفسه بالتعصب للعلماء ، وتصدّر للتصويب والتخطئة في شيئ لم يعلمه ، ولا فهمه حق فهمه ، ولم يقل خيراً ، ولا صمت ، فلم يتأدب بالأدب الذي أرشد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم . إذ قد تقرر لك من مجموع ما ذكرناه وجوب الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بنص الكتاب العزيز ، وإجماع المسلمين أجمعين ، عرفت أن من زعم من الناس أنه يمكن معرفة المخطئ من العلماء من غير هذه الطريقة عند اختلافهم في مسألة من المسائل ، فهو مخالف لما في كتاب الله ، ومخالف لإجماع المسلمين أجمعين .
    فانظر أرشدك الله ، أي جناية جنى على نفسه بهذا الزعم الباطل ، وأي مصيبة وقع فيها بهذا الخطأ الفاحش ، وأي بلية جلبها عليه القصور ، وأي محنة شديدة ساقها إليه التكلم فيما ليس من شأنه ) إهـ مقدمة رسالة "شرح الصدرو في تحريم رفع القبور " .

  2. #2

    افتراضي رد: نصيحة من الإمام الشوكاني رحمه الله إلى طلبة العلم الشرعي .

    الأخ الكريم هذه فقرة من كتاب الشوكاني الرسائل السلفية و :ان الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي يرد على بعضها في رسالته:القول السديد في كشف حقيقة التقليد حيث قال في اقسام التقليد:أما التقليد الجائز الذي لا يكاد يخالف فيه أحد من المسلمين فهو تقليد العامي عالما أهلا للفتيا قي نازلة نزلت به و هذا النوع من التقليد كان شائعا في زمن النبي صلى الله عليه و سلم و لا خلاف فيه فقد كان العامي يسأل من شاء من اصحاب النبي صلى الله عليه و سلم عن حكم النازلة تنزل به فيفتيه فيعمل بفتياه و اذا نزلت به نازلة أخرى لم يرتبط بالصحابي الذي أفتاه اولا بل يسأل عنها من شاء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم يعمل بفتياه ........قال الحطاب شارح مختصر خليل:قال القرافي:انعقد الاجماع على أن من أسلم فله أن يفلد من شاء من العلماء من غير حجر و أجمع الصحابة على أن من استفتى أبا بكر و عمر و قلدهما فله أن يستفتي أبا هريرة و معاذ بن جبل و غيرهما و يعمل بقولهم بغير نكير فمن ادعى رفع هذين الاجماعين فعليه الدليل/ه.محل الغرض ثم قال رحمه الله و طيب الله ثراه:و ما ذكره من انعقاد الاجماعين صحيح كما لا يخفى فالأقوال المخالفة لهما من متأخري الأصوليين كلها مخالفة للاجماع و بعض العلماء يقول:ان تقليد العامي المذكور للعالم و عمله بفتياه من الاتباع لا من التقليد قلت و الشيخ جعل الله الجنة مثواه يدعو الى الاتباع و الأبتعاد عن التقليد الأعمى الا أن العامي معذور عندهم جميعا اذا كان قريب عهد بالاسلام و كذلك اذا كان في اماكن نائية عن ينابيع العلم فالواجب عندهم بالنسبة للمكلف تصحيح ايمانه ثم تعلم أحكام العبادات و ما سوى ذلك فهو عندهم على الكفاية و من هنا يفتح باب التقليد و نقلة الشوكاني رحمه الله مفيدة جدا الا أنها تحتاج الى أن يضاف اليها نقلة الشيخ الشنقيطي لتتم الفائدة و الله الموفق

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •