جديد مركز نجيبويه
أورد للإخوة الكرام مقدمة المحقق: فضلية الدكتور أحمد بن عبد الكريم نجيب
قال المحقق –حفظه الله-
أقول بعد حمد الله كما ينبغي لجلاله و الصلاة و السلام على نبيِّه و صفوته من خلقه محمدٍ ، و على صَحْبِهِ و آلِه :
مما حُزْتُه في مكتبتي الخاصة "مركز نجيبويه للمخطوطات و خدمة التراث" نسخةٌ خطية أصلية لكتاب "الوسائل المنوطة بترتيب المسائل الملقوطة" لعلامة المغرب أحمد بن المعطي بن محمد بن البطاحي الشرقي القوري رحمه الله ، و هو ترتيبٌ على الأبواب لكتاب "المسائل الملقوطة من الكتب المبسوطة" الذي جمعه كما اتفق له الإمام أبو عبد الله ، محمد بن القاضي برهان الدين إبراهيم بن علي بن فرحون ، المعروف عند المغاربة – للتمييز بينه و بين والده صاحب التبصرة وغيرها – بِوَلَد ابن فرحون مِن سماعاته و ما حضره من مجالس أشياخه و مصنفات آئمة المذهب المالكي المتقدمين ، و لم يُعنَ بترتيبه و لا بتبويبه .
و أثناء بحثي عن نسخ أخرى للكتاب وقفت في الخزانة الحسنية التابعة للقصر الملكي في الرباط على نسخة محفوظة برقم 5567 و هي أتَمَّ من النسخة التي أمتلِكُها ، فهممت بمقابلتهما تمهيداً لتحقيق الكتاب و نشره لولا ما بلغني من أن دار ابن حزم نشرت "المسائل الملقوطة" في بيروت بعناية و تصحيح الأستاذ جلال علي القذافي الجهاني ، فتوقفت عن العمل حتى يتاح لي الاطلاع على ما بُذِل في إخراج الكتاب من جُهدٍ ، و قد أتيح لي ذلك لاحقاً فوجدت الكتاب المنشور مَسخاً لا ضبط فيه و لا تدقيق ، بل فيه من التحريف و التصحيف و سوء الضبط و انعدام التخريج ما ينفي عنه صفة التحقيق ، و يجعله أقرب إلى التلفيق .
ذلك أن الجهاني – غفر الله له – زَعَمَ أنه اطَّلَعَ على نسختين خطِّيَتَينِ من الكتاب في دار الكتب المصرية ، و أنه لم يعتمد إحداهما بعد أن ترجح عنده أنها منسوخة من الأخرى التي اعتمدها في إخراج الكتاب - و زعمُه هذا عارٍ عن الصحة تماماً – و بنى على ذلك ما سمَّاه عنايةً و تصحيحاً ؛ فأخرج الكتاب خلواً من أي عمل تحقيقي ، اللهم إلا إخراج النص مشوهاً مذيلاً بسردٍ للمصادر التي عزا إليها المصِّف ، و مع أن الكثير منها مطبوعٌ متداوَل فإن أخانا الأستاذ الجهاني لم يكلِّف نفسَه الرجوع إليها لضبط النصوص أو توثيق النقول ، و لَو فَعَل لكفانا – على الأرجح – تجشُّمَ الصعاب في جمع نسخ الكتاب و إعادة تصحيحه و تحقيقه .
أمام هذا الواقع استعنتُ بالله تعالى و شرعت في جمع مصورات النُسَخ الخطية للكتاب من المكتبات العامة فحصلت على خمسٍ للمسائل الملقوطة بدون ترتيب ( ثلاث منها من دار الكتب المصرية و الرابعة من المكتبة الأزهرية و الخامسة من مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود في الدار البيضاء ) مع اختلاف بينها في التقديم و التأخير و نقص في خامستها ، فأعدتُ مقابَلتَها و أثبتُ ما بينها من فوارق مؤثرة في المعنى ، فأثمر جهدي نسخة مضبوطة من المسائل تقارِب – حسبَ ظني – ما أراده مؤلفها رحمه الله عند وضعها .
ثم انتقلت إلى المرحلة الثانية من العمل و فيها قابلتُ النص الذي انتهى إليه العمل في مرحلته الأولى على نسخَتَي "الوسائل المنوطة" و اعتمدتُ ترتيبَها للمسائل على أبواب الفقه .
و في المرحلة الثالثة أعدتُ مقابلة المسائل التي حواها الكتاب بالمواضع التي التقطها منها المؤلف رحمه الله ، و اعتمدتُ في ذلك على الكتب المطبوعة ، و كثير من المخطوطات الأصلية التي امتلكها ، و لم أكتفِ بما صرَّح المؤلف بالنقل منه أو العزو إليه بل توسعت في التدقيق و التوثيق و المقابلة بالرجوع إلى أمهات كتب المذهب و ما أتيح لي الوقوف عليه من مصنفات معاصري المؤلف أو المتقدمين عليه ، و لم أرجع إلى شيء من كتب المتأخرين .
و بعد أن فَرَغت من العَمَل بمراحله الثلاث رأيت الكتاب قد استوى على سوقِه ، و استقام بناؤه بضبط نصوصه ، و توثيق نقوله ، و تحرير مسائله ، فزدت لبنةً في بنائه بإضافة تعليقات اقتضاها المقام ، و تراجم للمذكورين فيه من الأعلام ، و مهَّدتُ له بدراسة تحقيقية ، و ذيَّلتُه بفهارس تقريبية .
و دفعت بالكتاب إلى الطباعة لأخرجه في طبعتين إحداهما غير مرتبة المسائل ، بل مسرودة بحسب ما اتفق لمؤلفها الإمام وَلَد ابن فرحون ، و التي عنونها بالمسائل الملقوطة من الكتب المبسوطة" .
و الثانية مرتبة على أبواب الفقه بعنوان "الوسائل المنوطة بترتيب المسائل الملقوطة من الكتب المبسوطة" معتمداً فيها ترتيب العلامة أحمد بن المعطي بن محمد بن البطاحي الشرقي القوري رحمه الله .
و هاهو الكتاب بطبعتيه أضعه اليوم بين يدي من أرجو الله أن ينفعه بما بين دفتيه ، و أن يشملني مع مؤلفه و قارئه بعفوه و فضله يوم العرض عليه ، فمن رأى في عملي خطأ فأصلحه ، أو خلطاً فنقَّحه ، فله مني الشكر ، و من الله الأجر ، و ما توفيقي إلا بالله ، عليه توكلت و إليه أنيب .
و كتب
أحمد بن عبد الكريم نجيب
القاهرة ، في يوم الاثنين غرة رمضان المبارك عام 1429 هـ ، الموافق للأول من أيلول ( سبتمبر ) عام 2008 م أعطانا الله خيره ، و كفانا شرَّه ، و وقانا ضُرَّه .
وهذه صور الكتابين
المسائل الملقوطة من الكتب المبسوطة

الوسائل المنقوطة بترتيب الوسائل الملقوطة من الكتب المبسوطة