تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 32

الموضوع: التحذير من نشر المذهب الأشعري في بعض المواقع الإسلامية.

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,018

    افتراضي التحذير من نشر المذهب الأشعري في بعض المواقع الإسلامية.

    الموقع المسمى موقع الإسلام اليوم دعا إلى مذهب الأشاعرة في هذه الأمور

    1- اعتبارهم الأشاعرة و الماتريدية من أهل السنة و لبسوا على أحد علماء أهل السنة و استلوا منه كلاماً وضح فيما بعد أنه فسر خطأ و أن الذي سلم إليه هو حكم التعاون معهم ثم غيروا العنوان إلى أنهم من أهل السنة
    http://www.islamtoday.net/questions/....cfm?id=109797
    2- تسمية من وقع في الشرك مسلماً و عدم رفع اسم الاسلام عنه إذا كان جاهلاً كما هو مذهب أهل السنة بغض النظر عن عدم لحوق اسم الكفر به
    http://www.islamtoday.net/questions/...*.cfm?id=47731
    3- نسبة عدم رفع اسم الإسلام عن المشرك الجاهل إلى ابن تيمية بحجة أنه لم يكفره
    http://www.islamtoday.net/questions/...73&artid=14007
    4- نسبة عدم رفع اسم الاسلام عن المشرك الجاهل حتى في المسائل الظاهرة إلى ابن تيمية بحجة أنه لم يكفره !
    http://www.islamtoday.net/questions/...73&artid=14420

    و اختلف الناس من الذي رسم لهم هذه السياسة هل هم القادة في الداخل أم الأوامر الآتية من أشاعرة الخارج فوافق عليها و مررها قادة الداخل

    يرجى من جميع طلاب العلم إيصال هذا الكلام إلى العلماء للنظر فيه

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,018

    افتراضي رد: تحذير من نشر المذهب الأشعري.

    نقل كتابتهم المشار لها
    1- اعتبارهم الأشاعرة و الماتريدية من أهل السنة و لبسوا على أحد علماء أهل السنة و استلوا منه كلاماً وضح فيما بعد أنه فسر خطأ و أن الذي سلم إليه هو حكم التعاون معهم ثم غيروا العنوان إلى أنهم من أهل السنة
    ما حكم التعامل مع المخالف لعقيدة السلف الصالح كالأشاعرة والماتريدية ومن نحا نحوهم والتعاون معهم على البر والتقوى والأمور العامة وهل يحرم العمل معهم سواء كانت الإدارة لنا وهم يعملون تحتنا أو العمل تحت إشرافهم؟ وهل هم من الفرق الضالة الاثنتين والسبعين؟ وهل التعامل معهم يعد من باب تولي غير المؤمنين؟.
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
    فجواباً على ذلك نقول: الأشاعرة والماتريدية قد خالفوا الصواب حين أولوا بعض صفات الله سبحانه. لكنهم من أهل السنة والجماعة، وليسوا من الفرق الضالة الاثنتين والسبعين إلا من غلا منهم في التعطيل، ووافق الجهمية فحكمه حكم الجهمية. أما سائر الأشاعرة والماتريدية فليسوا كذلك وهم معذورون في اجتهادهم وإن أخطأوا الحق.
    ويجوز التعامل والتعاون معهم على البر والإحسان والتقوى، وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قد تتلمذ على كثير من العلماء الأشاعرة، بل قد قاتل تحت راية أمراء المماليك حكام ذلك الزمان وعامتهم أشاعرة، بل كان القائد المجاهد البطل نور الدين زنكي الشهيد، وكذا صلاح الدين الأيوبي من الأشاعرة كما نص عليه الذهبي في سير أعلام النبلاء، وغيرهما كثير من العلماء والقواد والمصلحين، بل إن كثيراً من علماء المسلمين وأئمتهم أشاعرة وماتريدية، كأمثال البيهقي والنووي وابن الصلاح والمزي وابن حجر العسقلاني والعراقي والسخاوي والزيلعي والسيوطي، بل جميع شراح البخاري هم أشاعرة وغيرهم كثير، ومع ذلك استفاد الناس من عملهم، وأقروا لهم بالفضل والإمامة في الدين، مع اعتقاد كونهم معذورين فيما اجتهدوا فيه وأخطأوا، والله يعفو عنهم ويغفر لهم. والخليفة المأمون كان جهمياً معتزلياً وكذلك المعتصم والواثق كانوا جهمية ضُلاَّلاً. ومع ذلك لم يفت أحد من أئمة الإسلام بعدم جواز الاقتداء بهم في الصلوات والقتال تحت رايتهم في الجهاد، فلم يفت أحد مثلاً بتحريم القتال مع المعتصم يوم عمورية، مع توافر الأئمة في ذلك الزمان كأمثال أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وأبي داود وعلي بن المديني ويحيى بن معين وأضرابهم من كبار أئمة القرن الهجري الثالث. ولم نسمع أن أحداً منهم حرم التعامل مع أولئك القوم، أو منع الاقتداء بهم، أو القتال تحت رايتهم. فيجب أن نتأدب بأدب السلف مع المخالف.
    والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
    د. عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ عميد كلية القرآن في الجامعة الإسلامية سابقًا
    د. محمد بن ناصر السحيباني المدرس بالمسجد النبوي
    د. عبد الله بن محمد الغنيمان رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقا
    الذي علق على الفتوى قائلاً:
    "هذا جواب سديد صحيح ولا يسع المسلمين إلا ذلك، ولم يزل الخلاف يقع في صفوف العلماء، ولم يكن ذلك مسبباً لاختلاف القلوب والتفرق، وقصة الصحابة لما ذهبوا إلى بني قريظة معروفة مشهورة وغيرها، قاله عبد الله بن محمد الغنيمان. تحريراً في 22/4/1427هـ
    2 - تسمية من وقع في الشرك مسلماً و عدم رفع اسم الاسلام عنه إذا كان جاهلاً كما هو مذهب أهل السنة بغض النظر عن عدم لحوق اسم الكفر به
    ما هو موقف الإسلام ممن يمارسون أعمال شركية كبرى بسبب الجهل؟ هل يخرجون بذلك من ملة الإسلام؟ أرجو تقديم جواب مفصل بأدلة من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة – رضي الله عنهم- والعلماء.
    الحمد لله رب العالمين ، و بعد:
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    فإن توحيد الله تعالى هو مفتاح دعوة الرسل جميعا– على نبينا وعليهم الصلاة والسلام- و لذلك يجب الاهتمام بالتوحيد و الحذر من الوقوع في أي لون من ألوان الشرك أو الكفر، كما يجب على المسلم أن يتثبت و لا يسارع إلى الحكم على مؤمن بالكفر أو الشرك إلا بعد تحقق شروط التكفير و انتفاء الموانع التي قد تمنع الحكم على معين بالكفر، إذ قد يقوم الكفر بشخص و لا نحكم عليه بذلك، فنقول: هذا القول أو هذا العمل كفر أو شرك ، و لكن الحكم على القائل أو الفاعل بالكفر لا يكون إلا إذا توفرت شروطه - كما تقدم -.
    والذي يمارس أعمالاً شركية كبرى بسبب الجهل؛ لأنه يعيش في بلاد غير المسلمين أو في بلاد يغلب عليها الجهل بالدين ولا يوجد فيها من يعلم الناس أمور دينهم و يقيم عليهم الحجة، ولم يبلغه ما يدل على كون هذه الأعمال شركاً؛ فإنه يكون في هذه الحال معذورًا ، لقوله تعالى : "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً" [الإسراء:15].
    وقد أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم –: "أن رجلا لم يعمل خيرا قط قال لأهله : إذا مات أن يحرّقوه ثم يذروا نصفه في البر و نصفه في البحر. فوالله لئن قدر الله عليه ليعذِّبنَّه عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين.فلما مات أمر الله البرَّ فجمع ما فيه، وأمر البحر فجمع ما فيه، ثم قال: لمَ فعلتَ هذا؟ قال: من خشيتك يا ربِّ وأنت أعلم فغفر له" رواه البخاري (7506) ومسلم (2756) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -. فهذا كان جاهلا، كما أن بعض المسائل قد تكون مسائل دقيقة خفية ، فلهذا ينبغي عدم الإسراع في التكفير والحكم على الشخص بالشرك إلا بعد إقامة الحجة و البيان؛ فإن أصرَّ بعد ذلك وعاند فهو مشرك مرتد إن كانت الأعمال من الكفر الأكبر أو الشرك الأكبر المخرج من الملة. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين و الحمد لله رب العالمين.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,018

    افتراضي رد: إبداعات ( بدع ) موقع الأشاعرة اليوم

    3- نسبة عدم رفع اسم الإسلام عن المشرك الجاهل إلى ابن تيمية بحجة أنه لم يكفره

    الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين... وبعد:
    فإن من المسائل التي وقع فيها الخلاف والاختلاف بين كثير من المعاصرين مسألة: حكم المعين الذي يستغيث بالقبور جاهلاً هل يعذر بجهله أم لا بعذر بحيث يحكم عليه بالكفر الأكبر بمجرد فعله ؟ وقد كثر الخلاف في هذه المسألة وطال وأخذ كل فريق يستدل على قوله وينقل النصوص من أقوال العلماء التي يراها تؤيد ما ذهب إليه.
    وكان من الأمور الغريبة في هذا الخلاف أن كل فريق ينقل عن ابن تيمية ما يراه مؤيداً لقوله ويجعل ابن تيمية ممن يذهب مذهبه فمنهم من ينقل من كلامه ما يدل على أنه يعذر بالجهل في الاستغاثة بالقبور ومنهم من ينقل من كلامه ما يراه دليلا على أنه لا يعذر بالجهل في هذه المسألة بل يحكم بالكفر على كل من استغاث بالقبور ولا يستثنى إلا حديث العهد بالإسلام، أو من كان يعيش في بلد بعيد عن العلم فقط ومنهم من ينسب إليه أنه لا يكفر أحداً بالاستغاثة بالقبور أصلا وينقل من كلامه ما يرى أنه يدل على ما يقول كما فعل ابن جرجيس وسيأتي نقد كلام المخالفين لتحرير رأي ابن تيمية في هذه المسألة في بحث آخر.
    ولما كان الأمر كذلك احتاج مذهب ابن تيمية في هذه المسألة إلى تحرير يبين حقيقته، ويزيل اللبس عما أحيط به فكان هذا البحث.
    وحتى يتحقق ما رام البحث تحقيقه وتظهر حقيقة قول ابن تيمية في هذه المسألة فإنه يحسن في بداية البحث أن يذكر من أقوال ابن تيمية وتقريراته ما يدل على أن الاستغاثة بالقبور من المكفرات التي توجب لصاحبها الخروج من دائرة الإسلام وعلى هذا فالبحث سيكون مكونا من مسألتين وهي:
    المسالة الأولى: بيان حكم الاستغاثة بالقبور من كلام ابن تيمية.
    المسألة الثانية: أقوال ابن تيمية التي تدل على أنه يعذر بالجهل في الاستغاثة بالقبور.

    المسألة الأولى
    بيان حكم الاستغاثة بالقبور من كلام ابن تيمية:
    لقد أكثر ابن تيمية من تقرير حكم الاستغاثة بالقبور، وبيان أنها شرك أكبر مخرج من الملة بل وحكى على ذلك الإجماع وكلامه في هذه المسألة واضح جدا لا يحتاج إلى شرح أو بيان ومن كلامه في ذلك قوله:" ومن الشرك أن يدعو العبد غير الله كمن يستغيث في المخاوف والأمراض والفاقات بالأموات والغائبين فيقول: يا سيدي الشيخ فلان لشيخ ميت أو غائب فيستغيث به ويستوصيه، ويطلب منه ما يطلب من الله من النصر والعافية فإن هذا من الشرك الذي حرمه الله ورسوله باتفاق المسلمين"(1).
    ومن ذلك قوله:" فكل من غلا في حي أو في رجل صالح كمثل علي رضي الله عنه أو عدي أو نحوه أو في من يعتقد فيه الصلاح كالحلاج أو الحاكم الذي كان بمصر، أو يونس القتي ونحوهم وجعل فيه نوعا من الإلهية مثل أن يقول كل رزق لا يرزقنيه الشيخ فلان ما أريده أو يقول إذا ذبح شاة باسم سيدي أو يعبده بالسجود له أو لغيره أو يدعوه من دون الله تعالى مثل أن يقول: يا سيدي فلان اغفر لي أو ارحمني أو انصرني أو ارزقني أو أغثني أو أجرني أو توكلت عليك أو أنت حسبي أو أنا في حسبك أو نحو هذه الأقوال والأفعال التي هي من خصائص الربوبية التي لا تصلح إلا لله تعالى فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل فإن الله إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب لنعبد الله وحده لا شريك له، ولا نجعل مع الله إلها آخر"(2).
    ومن كلامه في هذه المسألة قوله:"و أما زيارة قبور الأنبياء و الصالحين لأجل طلب الحاجات منهم، أو دعائهم و الإسقام بهم على الله، أو ظن أن الدعاء أو الصلاة عند قبورهم أفضل منه في المساجد و البيوت فهذا ضلال و شرك و بدعة باتفاق أئمة المسلمين"(3).
    ومن ذلك قوله:"فمن جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار مثل أن يسألهم غفران الذنب وهداية القلوب، وتفريج الكروب، وسد الفاقات فهو كافر بإجماع المسلمين"(4).
    وكلام ابن تيمية في هذه المسألة كثير جداً وهو صريح في أن حكم الاستغاثة بالقبور شرك أكبر يوجب أن يستتاب فاعله، فإن تاب وإلا قتل وهذا كله يرد على من زعم أن ابن تيمية لا يكفر بالاستغاثة بالقبور، أو أنه يراها كفرا أصغر كما زعم ذلك ابن جرجيس وغيره كما سيأتي بيانه في بحث آخر.


    المسألة الثانية
    أقوال ابن تيمية التي تدل على أنه يعذر بالجهل في الاستغاثة بالقبور:


    عند التأمل في كلام ابن تيمية وفي أصوله الكلية التي بنى عليها أقواله وفي تعامله مع المخالفين له في أصول الدين لا يجد المرء شكاً في أن ابن تيمية يعذر بالجهل في مسألة الاستغاثة بالقبور فالرجل المسلم الذي يستغيث بالقبر، ويسأل منه الحاجات وجلب النفع ودفع الضر وتنفيس الكربات لا يُحكم عليه بالكفر عند ابن تيمية إلا إذا كان عالماً أما إذا فعل ما فعل وهو جاهل بحكم فعله هذا فإنه لا يكفر حتى تقام عليه الحجة التي يرتفع بمثلها وصف الجهل فيبقى له حكم الإسلام حتى يُتحقق من حاله ووضعه ولا فرق في ذلك عنده بين من كان حديث عهد بكفر، أو أنه نشأ على الإسلام منذ نعومة أظفاره فالمعتبر عنده هو تحقق وصف الجهالة فكل من تحقق فيه وصف الجهالة حين استغاث بالقبر فإنه لا يكفر حتى يرتفع عنه ذلك الوصف المانع من تكفيره.
    وهذا الوصف – الجهل بحكم الاستغاثة بالقبر – عند ابن تيمية يمكن أن يقوم بكل مسلم ضعيف العلم بدينه فمناط قيام هذا الوصف بالمعين هو حصول العلم أو عدمه وليس كونه مسلما يعيش في ديار المسلمين، أو أنه حديث عهد بكفر كما قرره بعض الناظرين في كلام ابن تيمية.
    وهذا التقـرير تدل عليه نصـوص كثـيرة من كلامه رحمه الله تعالى وبطرق متعددة وهي:
    الطريق الأول: تنصيصه على أن من استغاث بالقبور جاهلا لا يكفر ولا يحكم عليه بكونه مشركا فقد نص في مواطن كثيرة على هذا الحكم ومن تلك المواطن:
    الموطن الأول: أنه سئل عمن استغاث بالقبر فقرر أنه إذا كان جاهلا لا يكفر وفي ما يلي نص السؤال والجواب "ما تقول السادة العلماء أئمة الدين – رضي الله عنهم أجمعين – في قوم يعظمون المشايخ بكون أنهم يستغيثون بهم في الشدائد ويتضرعون إليهم ويزورون قبورهم ويقبلونها وتبركون بترابها ويوقدون المصابيح طول الليل ويتخذون لها مواسم يقدمون عليها من البعد يسمونها ليلة المحيا فيجعلونها كالعيد عندهم وينذرون لها النذور ويصلون عندها.
    فهل يحل لهؤلاء القوم هذا الفعل، أم يحرم عليهم، أم يكره؟ وهل يجوز للمشايخ تقريرهم على ذلك، أم يجب عليهم منعهم من ذلك وزجرهم عنه؟، وما يجب على المشايخ من تعليم المريدين وما يوصَون به؟ وهل يجوز تقريرهم على أخذ الحيات والنار وغير ذلك أم لا؟ وماذا يجب على أئمة مساجد يحضرون سماعهم ويوافقونه هذه الأشياء؟ وما يجب على ولي الأمر في أمرهم هذا؟ أفتونا مأجورين".
    فهذا السؤال بنصه وجه إلى ابن تيمية رحمه الله وهو سؤال مهم في مسألة الاستغاثة ؛ لأنه سئل عن نفس الأفعال التي يفعلها القبوريون في زمننا المتأخر من تلك الأفعال الاستغاثة بالقبور ودعائها عند الشدائد كما في نص السؤال.
    وقد أجاب ابن تيمية بجواب طويل قال فيه:" الحمد لله رب العالمين من استغاث بميت أو غائب من البشر بحيث يدعوه في الشدائد والكربات ويطلب منه قضاء الحوائج فيقول: يا سيدي الشيخ فلان أنا في حسبك وجوارك أو يقول عند هجوم العدو: يا سيدي فلان يستوحيه ويستغيث به أو يقول ذلك عند مرضه وفقره وغير ذلك من حاجاته: فإن هذا ضال جاهل مشرك عاص لله تعالى باتفاق المسلمين فإنهم متفقون على أن الميت لا يدعى ولا يطلب منه شيء سواء كان نبيا أو شيخا أو غير ذلك".
    فقرر هنا حكم الاستغاثة بالقبور، وبيَّن أنها شرك أكبر ثم أخذ ابن تيمية يذكر الأحوال التي يجوز فيها السؤال من المخلوق والأحوال التي لا يجوز فيها توجيه السؤال إليه ثم بين أحكام زيارة القبور وبين أنواعها وبين بعض البدع التي تفعل عند القبور.
    ثم بين حقيقة الشرك الذي كان مشركو العرب يفعلونه عند قبورهم وأنه إنما كان باستغاثتهم وجعلهم وسائل بينهم وبين الله تعالى فلما قرر ذلك قال:" وهذا الشرك إذا قامت على الإنسان الحجة فيه ولم ينته وجب قتله كقتل أمثاله من المشركين ولم يدفن في مقابر المسلمين ولم يصلَّ عليه وأما إذا كان جاهلا لم يبلغه العلم ولم يعرف حقيقة الشرك الذي قاتل عليه النبي صلى الله عليه وسلم المشركين فإنه لا يحكم بكفره ولا سيما وقد كثر هذا الشرك في المنتسبين إلى الإسلام ومن اعتقد مثل هذا قربة وطاعة فإنه ضال باتفاق المسلمين وهو بعد قيام الحجة كافر "(5).
    فهذه الفـتوى مهمة جداً في بيان حقيقة رأي ابن تيمية في حكم المستغيثين بالقبور؛ وذلك لأمور:
    1 – أنها فتوى جاءت على سؤال مخصوص وجّه إليه في المسألة عينها فهي ليست في معرض كلام عام له أو غير ذلك وإنما قيلت في جواب عن سؤال يريد صاحبه منه أن يَعرف حقيقة الحكم في هؤلاء المستغيثين وفتوى بهذه الحالة لا بد أن تكون من أوضح ما يبين حقيقة قول المجيب فكيف يحق لنا أن نـترك هذه الكلام الصريح ونذهب إلى غيره؟!.
    2 – أنها فتوى مفصلة في حكم المستغيثين وفيها تفريق ظاهر بين حالة الجاهل وغير الجاهل.
    3- أن السؤال كان عن حال قوم من المستغيثين من المسلمين الذين يعيشون في بلد يوجد فيه مشايخ وعلماء يفتونهم في مسائل الدين فليست متعلقة بحديث العهد بالإسلام أو بمن كان يعيش في مكان بعيد عن حاضرة المسلمين بل هي عامة في كل ما يمكن أن يتصور منه الجهل، ولو كان في بلد يوجد فيه مشايخ وهذا التقرير له أهمية بالغة في تحرير رأي ابن تيمية كما سيأتي.
    الموطن الثاني: ومن المواطن التي نصّ فيها ابن تيمية على الإعذار بالجهل في مسألة الاستغاثة قوله في معرض ردِّه على البكري فقد قال:" فإن بعد معرفة ما جاء به الرسول نعلم بالضرورة أنه لم يشرع لأمته أن تدعو أحدا من الأموات لا الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم لا بلفظ الاستغاثة ولا يغيرها ولا بلفظ الاستعاذة ولا يغيرها كما أنه لم يشرع لأمته السجود لميت ولا لغير ميت ونحو ذلك بل نعلم أنه نهى عن كل هذه الأمور وأن ذلك من الشرك الذي حرمه الله تعالى ورسوله لكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين لم يمكن تكفيرهم بذلك حتى يتبين لهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مما يخالفه ؛ ولهذا ما بينت هذه المسألة قط لمن يعرف أصل الإسلام إلا تفطن، وقال هذا أصل دين الإسلام"(6)
    فهذا الكلام من ابن تيمية فيه أن الاستغاثة بالقبور كفر أكبر ولكن لا يحكم على كل من استغاث بها بالكفر حتى تقوم عليه الحجة وقرر أن هذا الإعذار يكون لكل من لم يبلغه العلم ولو لم يكن حديث عهد بالكفر كما يدل عليه نص كلامه السابق.
    الموطن الثالث: قوله حين سئل عن حكم الاستغاثة بالرسول فبيّن أن من استغاث به فيما لا يقدر عليه إلا الله لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة فقد سأله السائل فقال:" ما تقول السادة العلماء أئمة الدين وفقهم الله لطاعته فيمن يقول: لا يستغاث برسول الله صلى الله عليه وسلم هل يحرم عليه هذا القول وهل هو كفر أم لا؟ وإن استدل بآيات من كتاب الله وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم هل ينفعه دليله أم لا؟ وإذا قام الدليل من الكتاب والسنة فما يجب على من يخالف ذلك؟ أفتونا مأجورين".
    فأجاب بجواب طويل بين في أوله ثبوت شفاعته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وفصل القول في ذلك ثم بين بعض أنواع الاستغاثة الجائزة ثم قال:"والاستغاثة بمعنى أن يُطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم ما هو اللائق بمنصبه لا ينازع فيها مسلم ومن نازع في هذا المعنى فهو إما كافر إن أنكر ما يكفر به وإما مخطئ ضال.
    وأما بالمعنى الذي نفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أيضا مما يجب نفيها ومن أثبت لغير الله ما لا يكون إلا لله فهو أيضا كافر إذا قامت عليه الحجة التي يكفر تاركها"(7)
    فهذه النصوص في كلام ابن تيمية صريحة في أن الجهل عذر في مسائل الاستغاثة بالقبور وصريحة في أن من استغاث بالقبور وهو جاهل بأن فعله هذا مما حرمه الله تعالى؛ إما لشبهة أو لعدم بلوغ العلم الصحيح إليه أنه لا يكفر بذلك ولا فرق في ذلك من حيث التأصيل الشرعي بين حديث العهد بالكفر، وبين من نشأ في بلاد الكفر، وبين من نشأ في بلاد المسلمين فالأصل في هؤلاء كلهم أن من استغاث بالقبور وهو جاهل لا يحكم عليه بالكفر حتى تقام عليه الحجة وكل من لم تقم عليه الحجة فإنه لا يكفر ثم يبقى البحث بعد ذلك في تحديد الحال التي يقبل فيها ادعاء الجهل أو لا يقبل ؛ لأن هناك فرقا بين القول بأن الجهل عذر معتبر لمن استغاث بالقبور وبين القول بأن كل من ادعى الجهل في الاستغاثة بالقبور لا بد أن يقبل قوله ؛ وذلك أن التقرير الأول في بيان الحكم الشرعي والتقرير الثاني في بيان الموقف من المدعي للجهل وهناك فرق بين الأمرين وبيان ذلك: أن قولنا إن الجهل عذر في الاستغاثة في القبور لا يعني هذا أنه يقبل قول كل من ادعى الجهل في هذه المسألة وهذا التفريق سيأتي له مزيد بسط.
    والغريب حقا أن بعض الباحثين -ممن قصد تحرير رأي ابن تيمية في هذه المسألة- أغفلوا أكثر هذه النصوص التي نُقلت هنا ولم يذكروها ومن هؤلاء الأخ / أبو العلا الراشد في كتابيه " عارض الجهل وضوابط تكفير المعين " فإنه نسب إلى ابن تيمية القول بأن الجهل لا يعذر به في مسائل الشرك الظاهرة كالاستغاثة بالقبور وغيرها وذكر نصوصا من كلام ابن تيمية ظن أنها تدل على قوله ولم يذكر شيئا من النصوص الأخرى التي فيها التصريح بالعذر بالجهل في مسألة الاستغاثة حتى ولو للجواب عنها!!.
    وكان الواجب عليه أن يذكر هذه النصوص المذكورة في كتب ابن تيمية ثم يبين موقفه منها، وكيف يجمع بينها وبين ما نسبه إلى ابن تيمية ولكنه لم يفعل شيئا من ذلك! وهذا نقص كبير في البحوث العلمية التي يُراد بها تحرير أقوال الأئمة لأنه سيتوهم القراء بفعله هذا أن ابن تيمية ليس له إلا تلك النصوص التي فَهِم منها أنه لا يعذر بالجهل في المسائل الظاهرة كالاستغاثة بالقبور وأنه ليس له نصوص أخرى تدل على نقيض ما نسب إليه هذا فضلا عن أن النصوص التي نقلها لا تدل على ما نسب إلى ابن تيمية أصلا كما سيأتي تفصيل ذلك.
    الطريق الثاني من الطرق التي تدل على أن ابن تيمية يعذر بالجهل في الاستغاثة بالقبور:
    إطلاقه القول بأن كل من فعل ما هو كفر أو شرك لا يحكم عليه بالكفر إذا كان جاهلا ومن كلامه في هذا المعنى قوله:" كل عبادة غير مأمور بها فلا بد أن ينهى عنها ثم إن عَلِم أنها منهي عنها وفعلها استحق العقاب ؛ فإن لم يعلم لم يستحق العقاب وإن اعتقد أنها مأمور بها وكانت من جنس المشروع فانه يثاب عليها وإن كانت من جنس الشرك فهذا الجنس ليس فيه شيء مأمور به لكن قد يحسب بعض الناس في بعض أنواعه أنه مأمور به وهذا لا يكون مجتهدا ؛ لأن المجتهد لابد أن يتبع دليلا شرعيا، وهذه لا يكون عليها دليل شرعي لكن قد يفعلها باجتهادِ مِثلِه وهو تقليده لمن فعل ذلك من الشيوخ والعلماء والذين فعلوا ذلك قد فعلوه لأنهم رأوه ينفع أو لحديث كذب سمعوه فهؤلاء إذا لم تقم عليهم الحجة بالنهي لا يعذبون وأما الثواب فإنه قد يكون ثوابهم أنهم أرجح من أهل جنسهم وأما الثواب بالتقرب إلى الله فلا يكون بمثل هذه الأعمال"(8).
    ومن ذلك قوله:" وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق، وقد تكون عنده ولم تثبت عنده، أو لم يتمكن من فهمها، وقد يكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها، فمن كان من المؤمنين مجتهدا في طلب الحق وأخطأ فإن الله يغفر له خطأه كائنا ما كان، سواء كان في المسائل النظرية أو العملية هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وجماهير أئمة الإسلام" الفتاوى (23/346).
    فهذا النص وغيره من نصوص ابن تيمية يفيد أن من فعل ما هو كفر أو شرك بالجهل أو بالتأويل فإنه لا يكفر بل يبقى على إسلامه حتى يرتفع عنه ذلك الوصف المانع من تعلق حكم الفعل الشركي به وهذا ينطبق على كل ما هو شرك كالاستغاثة بالقبور والذبح لها والنذر وغير ذلك كما هو ظاهر إطلاق النص.
    فهذا النص إذن يدل على عدة أمور مهمة وهي:
    1- أن باب الجهل وباب التأويل في الإعذار سواء عنده.
    2- أن من فعل ما هو شرك أو كفر جهلا أو تأويلا فإنه يبقى له وصفه الأصلي وهو الإسلام ولهذا قال ابن تيمية في أثناء كلامه:"فمن كان من المؤمنين مجتهدا في طلب الحق وأخطأ فإن الله يغفر له خطأه كائنا ما كان، سواء كان في المسائل النظرية أو العملية".
    3- أن هذا الإعذار شامل لكل المسائل العقدية والعملية.
    الطريق الثالث: نصه على أن الجهل عذر في مسائل الدين كلها سواء مسائل الاعتقاد أو العمل وسواء أصول الدين أو فروعه من كلامه في هذا المعنى: قوله:" هذا مع أني دائما ومن جالسني يعلم ذلك مني: أني من أعظم الناس نهيا عن أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية ، إلا إذا عُلم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافرا تارة، وفاسقا أخرى وعاصيا أخرى وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها: وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية والمسائل العملية.." (9)
    فابن تيمية في هذا النص يقرر أن الجهل عذر في كل المسائل على اختلاف أنواعها سواء كانت من المسائل العملية أو الاعتقادية ولم يستثن من ذلك شيئا فلو كان يستثني من العذر بالجهل المسائل الظاهرة كالاستغاثة بالقبور لاستثنى ذلك وذلك لأنه ذكر هذا القول في معرض بيانه لحقيقة موقفه من المخالفين له، وبيان أصوله في الحكم عليهم وجاء بصيغة فيها التنصيص على العموم وهذا المقام يقتضي تفصيل القول، وذكر حكم كل ما يتعلق بالمسألة ولكن ابن تيمية لم يفعل شيئا من ذلك هنا فدل هذا على أنه لا يرى أن المسائل الظاهرة تخرج من هذا الحكم الذي قرره.
    الطريق الرابع: أنه لم يكفر أعيان الطوائف التي كانت تستغيث بالقبور كالرافضة مثلا ولا أعيان العلماء الذين كانوا يرون أن الاستغاثة بالقبور ليست كفرا أكبر كالبكري وغيره فلو كانت الاستغاثة بالقبور من المسائل التي لا يعذر فيها بالجهل أو بالتأويل لكفَّر ابن تيمية هؤلاء الناس بأعيانهم ولكنه لم يفعل فدل هذا على أنه يعذر بالجهل وبالتأويل في مثل هذه المسألة.
    وبيان هذا الطريق: أن ابن تيمية لم يكن يحكم على أعيان الرافضة بالكفر بل نصّ على أن منهم من هو مؤمن ظاهرا وباطنا وثمة نصوص كثيرة لابن تيمية فيها الدلالة على أنه كان يرى أن الرافضة لا يكفرون بأعيانهم حتى تقوم عليهم الحجة الرسالية وقد فصلتُ ذلك في بحث مستقل منشور في بعض المواقع.
    هذا مع أنه ينسب إليهم الاستغاثة بالقبور بل يذكر أن الرافضة هم أول من ابتدع تلك المشاهد التي يشرك فيها بالله العظيم وفي هذا يقول:" وأول من وضع هذه الأحاديث في السفر لزيارة المشاهد التي على القبور أهل البدع من الروافض ونحوهم الذين يعطلون المساجد ويعظمون المشاهد التي يشرك فيها ويكذب فيها ويبتدع فيها دين لم ينزل الله به سلطانا "(10)
    وكذلك فإنه لم يكن يكفر أعيان العلماء الذين كانوا يحثون الناس على الاستغاثة بالقبور، ويستدلون لهم بما يؤيد فعلهم هذا ومن أشهر الأمثلة على ذلك تعامل ابن تيمية مع البكري فإنه كان يدعو الناس إلى الاستغاثة بالقبور وكفر ابن تيمية ومع هذا فإنه لم يكفره بل قال:" لم نقابل جهله – البكري – وافتراءه بالتكفير بمثله كما لو شهد شخص بالزور على شخص آخر، أو قذفه بالفاحشة كذبا عليه لم يكن له أن يشهد عليه بالزور ولا أن يقذفه بالفاحشة "(11) فلو كان لا يعذر بالجهل أو بالتأويل في مثل هذه المسألة لكفر البكري ؛ لأنه قد خالف في مسألة ظاهرة من مسائل الشرك.
    الطريق الخامس: أنه لم يحكم على من اعتقد في إمامه أنه يخلق ويتصرف في الكون ولا من كان يقول بقول الفلاسفة إذا كان جاهلا بحقيقة هذا القول وكلامه في هذا كثير ومن ذلك:
    1- جوابه لما سئل عمن يعتقد في شيخه أنه يخلص من سوء الحساب يوم القيامة وينجي من عذاب الله تعالى قرر أن من اتبعه وهو جاهل بحقيقة قوله أنه لا يحكم بكفره فقد سأله السائل:" عن جماعة اجتمعوا على أمور متنوعة في الفساد، وتعلق كل منهم بسبب ومنهم من قال: إن يونس القتات يخلص أتباعه ومريديه من سوء الحساب وأليم العقاب ومنهم من يزعم أن عليا الحريري كان قد أعطي من الحال ما إنه إذا خلا بالنساء والمردان يصير فرجه فرج امرأة. ومنهم من يدعي النبوة، ويدعي أنه لا بد له من الظهور في وقت فيعلو دينه وشريعته ؛ وأن من شريعته السوداء تحريم النساء، وتحليل الفاحشة اللوطية، وتحريم شيء من الأطعمة وغيرها؛ كالتين واللوز والليمون. وتبعه طائفة: منهم من كان يصلي فترك الصلاة، ويجتمع به نفر مخصوصون في كثير من الأيام إلخ".
    فأجاب ابن تيمية بجواب طويل قال فيه:" أما قول القائل: إن يونس القتاتي يخلص أتباعه ومريديه من سوء الحساب وأليم العذاب يوم القيامة فيقال جوابا عاما: من ادعى أن شيخا من المشايخ يخلص مريديه يوم القيامة من العذاب: فقد ادعى أن شيخه أفضل من محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ومن قال هذا فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل".
    ثم قال في بيان حكم أتباع الشيخ يونس:" وأما المنتسبون إلى الشيخ يونس: فكثير منهم كافر بالله ورسوله لا يقرون بوجوب الصلاة الخمس وصيام شهر رمضان وحج البيت العتيق ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله؛ بل لهم من الكلام في سب الله ورسوله والقرآن والإسلام ما يعرفه من عرفهم وأما من كان فيهم من عامتهم - لا يعرف أسرارهم وحقائقهم - فهذا يكون معه إسلام عامة المسلمين الذي استفاده من سائر المسلمين لا منهم ؛ فإن خواصهم مثل الشيخ سلول وجهلان والصهباني وغيرهم: فهؤلاء لم يكونوا يوجبون الصلاة؛ بل ولا يشهدون للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة"(12).
    فابن تيمية في هذا النص قرر أن من كان من أتباع جماعة الشيخ يونس وهو من العامة الذين يجهلون حقيقة قولهم فإنه لا يكفر بل يبقى معه أصل إسلامه.
    2 - ومن ذلك أنه عذر من تشبث ببعض أقوال الفلاسفة الذين لا يشك في كفر أقوالهم من له أدنى علم من المسلمين كما يقول ابن تيمية وفي هذا يقول:"ثم الفلاسفة الباطنية هم كفار كفرهم ظاهر عند المسلمين.... وكفرهم ظاهر عند أقل من له علم وإيمان من المسلمين إذا عرف حقيقة قولهم لكن لا يعرف كفرهم من لم يعرق حقيقة قولهم وقد يكون قـد تشـبث ببعض أقوالهم من لم يعلم أنه كفر فيكون معذورا لجهله "(13).
    فإذا كان ابن تيمية لا يكفر الجاهل في مثل هذه الأمور العظيمة التي لا يشك مسلم في أنها من أعظم ما يناقض الإسلام فهي لا تقل ظهورا في البطلان والمناقضة لشرع الله عن الاستغاثة بالقبور إن لم تكن أعظم منها في بعض الصور فكيف يقال مع ذلك إنه لا يعذر بالجهل في الاستغاثة بالقبور وهو قد عذر فيما هو مثلها أو أعظم منها ؟!.
    النتيجة:
    فتحصل من كل ما سبق أن رأي ابن تيمية في المستغيثين بالقبور هو: أن من استغاث بالقبور من المسلمين وهو جاهل بحكم فعله هذا، إما لأنه لم يبلغه العلم، أو لتأويل عرض له فإنه لا يحكم عليه بالكفر وإنما يبقى له وصف الإسلام حتى تقوم عليه الحجة، فإذا علمنا أن الحجة قامت عليه قياما معتبرا فإنه حينئذ يجب علينا أن نحكم بكفره الكفر الأكبر والخروج من الإسلام وأما إذا لم نعلم أن الحجة قد قامت عليه، وأن العلم لم يبلغه فإنه لا يجوز لنا أن نحكم عليه بالكفر.
    معنى العذر بالجهل في هذه المسألة:
    ومما ينبغي أن ينبه عليه هنا هو معنى العذر بالجهل في هذه المسألة وذلك أن بعضهم قد فهم أن العذر بالجهل في مسألة الاستغاثة يعني أنه لا يكفر أحد بهذا الفعل، أو أنه يُقبل قول كل من ادعى أنه جاهل بحكم الاستغاثة بالقبور وهذا معنى غير صحيح وإنما الصحيح في معنى العذر بالجهل هو: أن كل من فعل فعلا فإنه لا ينطبق عليه حكمه إلا إذا كان عالما بحكمه فمن فعل فعلا وهو لا يعلم بحكمه فإنه لا ينطبق عليه ذلك الحكم حتى يتحصل له العلم به وأما إذا لم يكن عنده علم بحكم فعله فإنه لا ينطبق عليه.
    وعلى هذا فمعنى العذر بالجهل في مسألة الاستغاثة وغيرها إذن هو: أنه لا يصح لنا أن نحكم على المسلم المستغيث بالقبر بالكفر حتى نعلم أنه حين استغاث بالقبر كان يعلم حكم فعله هذا وأما إذا لم نكن نعلم فإنه لا يجوز لنا أن نحكم عليه بما يقتضيه فعله فالمناط في الحكم على المعين بما يقتضيه فعله إنما يكون بعد علمنا بحاله، وأنه كان يعلم بحكم الفعل وهذا بخلاف من لم يعذر بالجهل في الاستغاثة بالقبر فإن المناط عنده في الحكم على المعين هو الفعل فقط وهذا هو الفرق الجوهري بين القولين وحاصله: الاختلاف في تحديد مناط الحكم على المعين بالكفر فعلى القول الأول – الإعذار بالجهل – فالمناط هو علمنا بحال الفاعل فلا يحكم على المعين حتى نعلم أنه فعل ما فعل وهو يعلم حكم ما فعل وعلى القول الثاني – عدم الإعذار – فالمناط هو مجرد الفعل فالحكم ينطبق على المعين بمجرد الفعل.
    وهذا القول الثاني غير صحيح وبيان ذلك: هو أن من المعلوم بالضرورة أنه لا يصح أن نحكم على الناس ونحن نجهل حالهم بل لا بد في الحكم – وهو انتفاء الإيمان هنا - من العلم بحال المحكوم عليه والعلم بحاله لا يتحصل بمجرد الفعل فقط دائما فإنه لو كان يتحصل بمجرد الفعل فقط لما اشترط السلف في الحكم على المعين شروطا معينة وانتفاء موانع معينة وإنما كانوا يحكمون على المعين بمجرد فعله فاشتراط السلف لهذه الأمور إنما كان لأنهم أدركوا أن الحكم على المعين بالكفر لا يمكن أن يتحصل بمجرد فعله للكفر.
    وإذا كان الأمر كذلك فإنه لا بد لنا من العلم بحال المستغيث بالقبر بحيث يصح لنا أن ننفي علمنا بإسلامه والعلم بإسلام المعين لا يصح أن يدفع إلا بعلم يساويه في الدرجة كما هو معلوم بالضرورة.
    وعلى هذا فمن كان عندنا علم يقيني بإسلامه فإنه لا يصح لنا أن ننفي هذا العلم إلا بيقين مثله يحكم بانتفاء ما ثبت له أولا للقاعدة الشهيرة " أن ما ثبت بيقين لا يزول بالشك " ومجرد الفعل لا يحصّل عندنا اليقين بانتفاء الإيمان من قلبه دائما فلا بد من التحقق من حاله، وأنه حين فعل ما فعل كان يعلم بحكم فعله فإذا علمنا ذلك حينها نحكم بكفره وانتفاء الإيمان من قلبه وهذا المعنى ذكره ابن تيمية حين قال:" وليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة" الفتاوى (12/ 466).
    فتحصل إذن: أن غاية ما يقتضيه القول بالعذر بالجهل في الاستغاثة بالقبر هو: أنه لا يصح أن يُحكم على المعين بما يقتضيه فعله إلا إذا كان عالما بحكم فعله وأما إذا لم يكن عالما فإنه لا يصح أن يُحكم عليه.
    وبهذا التقرير يُعلم أن العذر بالجهل لا يعني أن كل من استغاث بالقبر لا بد أن يكون جاهلا حتى يقول من يقول: إذا عُذر بالجهل في الاستغاثة بالقبر فإنه لا يتصور أن يكفر أحد.
    ولا يعني أيضا أن كل من ادعى الجهل في هذه المسألة لا بد أن يكون قوله صحيحا ويسلم له ما ادعاه حتى يقول من يقول: إن هذه مسألة ظاهرة فكيف يقبل فيها قول كل أحد.
    ولا يعني أيضا أن حكم الاستغاثة في الشرع قد ارتفع حتى يقول من يقول: إذا لم نكفر بالاستغاثة بالقبر فقد خالفنا النصوص التي فيها الحكم على المستغيث بغير الله تعالى بالكفر.
    ولا يعنى أيضا أنه لا يمكن لأحد أن يتحقق من بعض أحوال المستغيثين بالقبر فيعلم بحقيقة حاله حتى يقول من يقول: إن العذر بالجهل في هذه المسألة يعني إغلاق باب التكفير.
    كل هذه المعاني غير داخلة في معنى العذر بالجهل في الاستغاثة بالقبر وذلك أن الإعذار في الاستغاثة لا يعني إلا أنا لا نحكم على المعين إلا إذا علمنا أنه فعل ما فعل وهو يعلم بحكم فعله فقط فمن تحصل عنده علم بحال رجل ما استغاث بالقبر بأنه حين استغاث يعلم حكم الاستغاثة بغير الله تعالى فإنه في هذه الحالة يصح أن يحكم عليه بالكفر.
    ولكن السؤال المهم هنا هو: من يستطيع أن يعلم بحال الملايين من المسلمين الذين يستغيثون بالقبور في أنحاء العالم الإسلامي حتى يحكم عليهم بالكفر بأعيانهم؟!.
    ولا يصح أن يقال هنا إن العلم الصحيح قد بلغ كل من كان يعيش في بلاد المسلمين ؛ لأنه قد وجدت وسائل الاتصال من الإذاعات وغيرها وذلك أنه لا يستطيع أحد أن يجزم بأن صوته قد بلغ كل هؤلاء الناس ولا يستطيع أن يجزم بأن الحجة قد بلغت على الوجه الصحيح الذي يرتفع به العذر وهذا الكلام سيأتي له مزيد شرح في المسألة الثانية.
    وهذا التقرير السابق إنما هو شرح وبسط للقاعدة الشهيرة التي تفرق بين حكم الفعل وحكم الفاعل وأكثر الإشكالات في هذه المسائل حصل بسبب الغفلة عن حقيقة هذه القاعدة ولهذا فقد أكثر ابن تيمية من شرح هذه القاعدة تدليلا وتأصيلا وتطبيقا وتمثيلا.
    وبيان حقيقتها هو أن يقال: إن الحكم على الفعل المعين بكونه كفرا لا يلزم منه أن كل من فعله فهو كافر وعدم تكفير المعين الذي وقع في الفعل المكفر لا يلزم منه أن ما وقع فيه ليس كفرا فانطباق حكم الفعل المعين على فاعله لا بد فيه من توفر شروط معينة وانتفاء موانع معينة فإذا لم تتوفر الشروط وتنتفي الموانع فإنه لا يحكم بانطباق حكم هذا الفعل المعين على فاعله وإذا لم ننزل حكم الفعل على فاعله فإن هذا لا يلزم منه أن حكم الفعل في نفسه قد ارتفع.
    فتحصل من هذا: أن هناك فرقا بين حكم الفعل في نفسه وبين تحقق حكم هذا الفعل في فاعله فرفع الحكم الثاني لا يلزم منه رفع الحكم الأول فإذا قلنا: إن فاعل هذا الفعل ليس كافرا لا يعني هذا أن الفعل لا يمكن أن يكفر به أحد بل قد يفعله رجل آخر فنحكم بكفره لأنه قد توفرت فيه الشروط وانتفت الموانع.
    فالمعتبر في انطباق حكم الفعل على فاعله ليس حكم الفعل فقط بل لا بد مع حكم الفعل من توفر شروط أخرى وانتفاء موانع وعلى هذا فإذا حكمنا على فعل ما بأنه كفر لا يلزم منه أن يكون هذا حكما منا على كل فاعل له بأنه كافر.
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,018

    افتراضي رد: إبداعات ( بدع ) موقع الأشاعرة اليوم

    4- نسبة عدم رفع اسم الاسلام عن المشرك الجاهل حتى في المسائل الظاهرة إلى ابن تيمية بحجة أنه لم يكفره !

    الحمد لله رب العالمـين والصـلاة والسـلام على أشـرف الأنبياء والمرسلين، وعلى
    آله وصحبه.. أما بعد:
    فََقد سبق لي أن حررت رأي ابن تيمية في حكم المستغيثين بالقبور وتحصل لي أن ابن تيمية يعذر بالجهل في هذه المسألة وقرر أن من استغاث بالقبور وهو جاهل أو متأول فأنه يُعذر بالجهل، ولا يرتفع عنه وصف الإسلام باستغاثته بالقبور ما دام وصف الجهالة ثابت له.
    ومع هذا فقد فهِم بعض الناظرين في كلام ابن تيمية أنه لا يعذر بالجهل في الاستغاثة بالقبور فقرروا أنه يحكم على كل من استغاث بالقبور بأنه كافر كفرا أكبر ولا يستثني من ذلك إلا من كان حديث عهد بكفر، أو من كان في بلاد الكفر أو من كان يعيش في بلاد بعيدة عن مواطن العلم وهم إنما نصوا على استثناء هذين الصنفين؛ لأن ابن تيمية يذكرهما كثيرا حين يذكر من يعذر بالجهل، وأما من عدا هؤلاء فإنه لا يتصور فيه أن يكون جاهلا بحكم هذه المسألة، واستند هؤلاء في نسبة هذا القول إلى ابن تيمية إلى أن الاستغاثة بالقبور من المسائل الظاهرة وابن تيمية لا يعذر بالجهل في مثل هذه المسائل وحملوا النصوص التي تدل على أنه يعذر بالجهل على المسائل الخفية فقط فقالوا: إن النصوص التي فيها إطلاق القول بالكفر على القول دون القائل في كلام ابن تيمية محمولة على أصحاب البدع الخفية كبدع المرجئة والمعتزلة وغيرهم وأما دعاء الأموات والاستغاثة بهم فهي لا تدخل في كلامه لأنها من المسائل الظاهرة في دين الله تعالى وما كان من قبيل هذه المسائل فإنه لا يعذر فيه أحد بالجهل ولا بالتأويل.
    وممن قرر هذا الفهم الشيخ أبو بطين وغيره من أئمة الدعوة كسليمان بن سحمان وإسحاق بن عبد الرحمن وحمد بن عتيق والشيخ محمد بن عبد الوهاب في بعض كلامه وغيرهم.
    وسنقتصر هنا على ما ذكره الشيخ عبد الله أبو بطين لأنه من أوسع وأصرح مَن تكلم على هذه المسالة، ومِن أكثر مَن نقل عن ابن تيمية الكلام في تقرير التفريق بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية وسنذكر من كلام غيره ما لا يوجد في كلامه.
    وفي نسبة القول بالتفريق بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية في الإعذار بالجهل إلى ابن تيمية يقول أبو بطين عن ابن تيمية :"فانظر إلى تفريقه بين المقالات الخفية والأمور الظاهرة فقال في المقالات الخفية التي هي كفر "قد يقال إنه مخطئ ظالم لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها" ولم يقل ذلك في الأمور الظاهرة بل قال تجد كثيرا من رؤوسهم وقعوا في هذه الأمور فكانوا مرتدين فحكم بردتهم مطلقا ولم يتوقف في الجاهل" (1) وقال أيضا في معرض بيانه لمعنى كلام ابن تيمية في العذر بالجهل:"فهو لم يقل ذلك في الشرك الأكبر وعبادة غير الله ونحوه من الكفر وإنما قال ذلك في المقالات الخفية " (2) .
    وقد اعتمدوا في نسبة هذا القول إلى ابن تيمية على نوعين من كلامه:
    النوع الأول: النصوص التي يمكن أن يفهم منها التفريق بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية في الإعذار بالجهل ومن ذلك:
    1 - قول ابن تيمية:"وهذا إذا كان في المقالات الخفية فقد يقال: إنه فيها مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها؛ لكن ذلك يقع في طوائف منهم في الأمور الظاهرة التي تعلم العامة والخاصة من المسلمين أنها من دين المسلمين بل اليهود والنصارى يعلمون: أن محمدا صلى الله عليه وسلم بعث بها وكفر مخالفها؛ مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له ونهيه عن عبادة أحد سوى الله من الملائكة والنبيين والشمس والقمر والكواكب والأصنام وغير ذلك ؛ فإن هذا أظهر شعائر الإسلام، ومثل أمره بالصلوات الخمس وإيجابه لها وتعظيم شأنها، ومثل معاداته لليهود والنصارى والمشركين والصابئين والمجوس، ومثل تحريم الفواحش والربا والخمر والميسر ونحو ذلك. ثم تجد كثيرا من رؤسائهم وقعوا في هذه الأمور فكانوا مرتدين" (3) فهذا النص من أهم النصوص التي اعتمدوا عليها في نسبة القول بالتفريق بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية إلى ابن تيمية.
    2- ومن ذلك أيضا قوله:"وفي الحقيقة فكل رد لخبر الله أو أمره فهو كفر دقّ أو جلّ لكن قد يعفى عما خفيت فيه طرق العلم وكان أمرا يسيرا في الفروع بخلاف ما ظهر أمره وكان من دعائم الدين من الأخبار والأوامر " (4) وهناك نصوص أخرى سيأتي ذكرها في المناقشة.
    والنوع الثاني: النصوص التي أطلق فيها ابن تيمية بأن من فعل كذا فهو كافر أو مرتد أو مشرك من غير استثناء للجاهل ومن ذلك قوله:"من لم يعتقد وجوب الصلوات الخمس، والزكاة المفروضة، وصيام شهر رمضان، وحج البيت العتيق، ولا يحرم ما حرم الله ورسوله من الفواحش والظلم والشرك والإفك: فهو كافر مرتد يستتاب، فإن تاب وإلا قتل باتفاق أئمة المسلمين، ولا يغني عنه التكلم بالشهادتين" (5).
    قالوا فابن تيمية في هذه النصوص أطلق القول بأن من فعل أمور الشرك فهو كافر ولو كان يرى أن الجاهل معذور في مثل هذه المسائل لنص على استثنائه وفي هذا يقول أبو بطين -رحمه الله- معلقا على كلام لابن تيمية فيه الحكم على من دعى الملائكة بالكفر:" فانظر قوله "فهو كافر بإجماع المسلمين" فجزم بكفر من هذه حاله وأنه إجماع المسلمين ولم يقل في هذا الموضع لم يمكن تكفيره ذلك حتى يبين له ما جاء به الرسول وقوله:" فمن جعل وسائط على هذا الوجه فهو كافر مشرك يجب قتله"فجزم بكفره قبل الاستتابة" (6).
    وهم لما قرروا أن ابن تيمية يفرق بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية أرادوا أن يبينوا الفرق بينهما عنده فقرروا أن المسائل الظاهرة هي: المسائل المعلومة من الدين بالضرورة والمسائل الجلية الظاهرة التي يتناقلها كل المسلمين وقد مثّل أبو العلا الراشد لها فذكر مسائل الألوهية وترك الشرك كالاستغاثة بالقبور وغيرها وكالشرائع الظاهرة كالصلوات الخمس والزكاة والحج وما استفاض حكمه (7).
    وقرروا أن المسائل الخفية هي : المسائل غير المعلومة من الدين بالضرورة لخفائها وعدم انتشارها ومثل لها أبو العلا بمسائل الأسماء والصفات التي وقع فيها الخلاف بين المسلمين كالاستواء والرؤية وكالخلاف في مسألة الإيمان.. (8).
    والنتيجة الضرورية لهذا التقرير أن ابن تيمية لا يعذر المستغيث بالقبور بالجهل وأن كل من استغاث بالقبور كافر كفرا أكبر ولا يعذر بجهله؛ لأنه خالف في مسألة ظاهرة ولا يستثنى من ذلك إلا حديث العهد بالكفر أو من كان يعيش في مكان بعيد عن ديار المسلمين كما قالوا.
    ونتيجة لهذا فقد نصوا على أن قاعدة التفريق بين حكم القول وحكم القائل خاصة بالمخالف في المسائل الخفية فقط وأما المسائل الظاهرة فلا تنطبق عليها هذه القاعدة وفي هذا يقول الشيخ ابن سحمان وغيره في معرض ردهم على بعض المخالفين:"وأما قوله: نقول بأن القول كفر، ولا نحكم بكفر القائل; فإطلاق هذا جهل صرف؛ لأن هذه العبارة لا تنطبق إلا على المعين، ومسألة تكفير المعين مسألة معروفة، إذا قال قولا يكون القول به كفرا ، فيقال: من قال بهذا القول فهو كافر، لكن الشخص المعين، إذا قال ذلك لا يحكم بكفره، حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها.
    وهذا في المسائل الخفية، التي قد يخفى دليلها على بعض الناس، كما في مسائل القدر والإرجاء ونحو ذلك مما قاله أهل الأهواء، فإن بعض أقوالهم تتضمن أمورا كفرية، من رد أدلة الكتاب والسنة المتواترة، فيكون القول المتضمن لرد بعض النصوص كفرا، ولا يحكم على قائله بالكفر، لاحتمال وجود مانع كالجهل"الدرر (10/432) .
    ومما ينبغي أن ينبه عليه هنا هو أن تقرير المانعين من الإعذار بالجهل في الاستغاثة بالقبور قد اختلفت عباراتهم في تحديد المناط الذي تسبب في المنع فمنهم من قرره بناءً على أن الاستغاثة تعتبر من المسائل الظاهرة في دين الله تعالى والمسائل الظاهرة لا يعذر فيها بالجهل ومنهم من قرره بناءً على أن العلم بحكم هذه المسألة قد انتشر بعد دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وبلغ حكمها الناس، فلا يقبل قول من قال إنه يجهل حكمها وهذا التقرير يدل عليه بعض عبارات الشيخ عبد اللطيف وكذلك قرر هذا التقرير بعض المعاصرين فقال: إن وسائل العلم قد انتشرت في هذا العصر، فلا يبقى لأحد عذر في الجهل بحكم هذه المسألة ؛ لأنه يمكنه أن يسأل من شاء من العلماء.
    ونتيجة كلا التقريرين واحدة وهي أن الجاهل الذي يستغيث بالقبر في هذا العصر لا يعذر بجهله بل يكون كافرا بفعله ذلك.
    وهذا القول ( التفريق بين المسائل الظاهرة والخفية في الإعذار بالجهل) غير صحيح في نفسه وغير صحيح في نسبته إلى ابن تيمية ويدل على هذا التقرير عدة أمور منها:
    الأمر الأول: أن ابن تيمية نص على العذر بالجهل في مسألة الاستغاثة بعينها كما سبق نقل كلامه في البحث السابق مفصلا وكلامه في العذر بالجهل فيها صريح جدا فكيف يحق لنا بعد هذه الصراحة أن نقول إنه لا يعذر فيها بالجهل؟! وها هو ابن تيمية يسأل عمن استغاث بالقبور مع وجود علماء يفتونه فيقول:" وهذا الشرك إذا قامت على الإنسان الحجة فيه ولم ينته وجب قتله كقتل أمثاله من المشركين ولم يدفن في مقابر المسلمين ولم يصلَّ عليه وأما إذا كان جاهلا لم يبلغه العلم ولم يعرف حقيقة الشرك الذي قاتل عليه النبي صلى الله عليه وسلم المشركين فإنه لا يحكم بكفره ولا سيما وقد كثر هذا الشرك في المنتسبين إلى الإسلام ومن اعتقد مثل هذا قربة وطاعة فإنه ضال باتفاق المسلمين وهو بعد قيام الحجة كافر" (9) فهو في هذا السؤال لم يُسأل عمن هو حديث عهد بكفر أو غيره وإنما سئل عن أناس يعيشون في بلاد المسلمين ولهم علماء يفتونهم –كما هو الحال في عصرنا وغيره من العصور- ومع هذا يجيب بمثل هذا الجواب الصريح في الإعذار بالجهل في مسألة الاستغاثة بالقبور.
    فكيف يصح أن نخالف هذا القول الصريح وغيره من الأقوال في الإعذار بالجهل في الاستغاثة بالقبور بناء على ما فهمناه من كلامه العام المطلق؟! وكل أحد يعلم أنه إذا أراد أن يحرر قول عالم ما فإنه سيعتمد أولا على أقواله الخاصة الصريحة في المسألة مع ملاحظة أصوله الكلية أما أن تترك أقواله الصريحة في المسألة المعينة، ويعتمد في تحرير قوله على أقوال أخرى عامة فهذا غير صحيح.
    الأمر الثاني: أن المسائل التي نصوا على اندراجها في المسائل الظاهرة والتي لا يعذر ابن تيمية فيها بالجهل في قولهم قد نص ابن تيمية في مواطن أخرى بالعذر فيها بالجهل فقد نص على أن الصلاة والزكاة والحج لا يكفر الإنسان بتركها إلا إذا كان عالما بحكمها وفي هذا يقول:"لكن من الناس من يكون جاهلا ببعض هذه الأحكام جهلا يعذر به فلا يحكم بكفر أحد حتى تقوم عليه الحجة من جهة بلاغ الرسالة كما قال تعالى: "لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل" .[النساء:165] وقال تعالى: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" .[الإسراء:15]ولهذا لو أسلم رجل ولم يعلم أن الصلاة واجبة عليه أو لم يعلم أن الخمر يحرم لم يكفر بعدم اعتقاد إيجاب هذا وتحريم هذا بل ولم يعاقب حتى تبلغه الحجة النبوية" (10) ويقول أيضا :"وأما "الفرائض الأربع" فإذا جحد وجوب شيء منها بعد بلوغ الحجة فهو كافر وكذلك من جحد تحريم شيء من المحرمات الظاهرة المتواتر تحريمها كالفواحش والظلم والكذب والخمر ونحو ذلك وأما من لم تقم عليه الحجة مثل أن يكون حديث عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة لم تبلغه فيها شرائع الإسلام ونحو ذلك أو غلط فظن أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يستثنون من تحريم الخمر كما غلط في ذلك الذين استتابهم عمر وأمثال ذلك فإنهم يستتابون وتقام الحجة عليهم فإن أصروا كفروا حينئذ ولا يحكم بكفرهم قبل ذلك؛ كما لم يحكم الصحابة بكفر قدامة بن مظعون وأصحابه لما غلطوا فيما غلطوا فيه من التأويل" (11).
    ومن يتأمل هذا النص يدرك أن المعتبر عند ابن تيمية في انطباق الحكم على المعين هو كونه حين فعل فعله عالما بحكم ما فعل، أما إذا فعل شيئا وهو جاهل بحكمه فإنه لا ينطبق عليه حكم ما فعل ومثّل على ذلك بمن أنكر وجوب الصلوات أو الزكاة، أو اعتقد أن الخمر ليست حراما كما حصل من بعض الصحابة وهذا يدل على أن الحكم ليس خاصا بمن هو حديث عهد بكفر كما قاله بعضهم ؛ لأن الصحابة لم يكونوا حدثاء عهد بكفر كما هو معلوم .
    وهذا النص من ابن تيمية يدل على عدة أمور مهمة وهي:
    1- أن الجهل والتأويل سواء في الإعذار ولهذا ذكرهما في سياق واحد.
    2- أن الإعذار بالجهل والتأويل ليس خاصا بمن هو حديث عهد بكفر أو نحوه وإنما هو عام لكل من تحقق في الجهل المعتبر والتأويل المعتبر.
    3- أن ابن تيمية لا يكفر الجاهل والمتأول إذا فعلا ما هو كفر أو شرك بل يثبت له الإسلام وهذا فيه رد على من يقول إنه لا يكفره، ولكنه أيضا لم يثبت له الإسلام!! فهل يصح أن يقال إن ابن تيمية لا يثبت الإسلام لأولئك النفر من الصحابة.
    ثم يقال: بل نص ابن تيمية على أن الناشئ في بلاد الإسلام لا يكفر في ترك المباني الخمسة إلا إذا علمنا أن الدعوة قد بلغته أما إذا لم نعلم فإنه لا يجوز لنا تكفيره فإنه ذكر حكم من جحد شيئا من المباني الخمسة، وأنه يعذر بجهله ثم قال:"فأما الناشئ بديار المسلمين ممن يُعلم أنه قد بلغته هذه الأحكام فلا يقبل قوله أي: لم أعلم ذلك" شرح العمدة (51) فهذا النص مهم جدا في إثبات أن ابن تيمية لم يكن المعتبر عنده إلا علم الفاعل فلو كان ابن تيمية يرى أن المسائل الظاهرة لا يعذر فيها بالجهل لما قال هنا "ممن يعلم أنه بلغه الحكم" وإنما يقول إنه كافر مطلقا ولا يعذر بالجهل ولكنه لم يقل ذلك!
    بل إن ابن تيمية أيضا نص على أن من أنكر معلوما بالتواتر والإجماع لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة في هذا يقول:"وأما من أنكر ما ثبت بالتواتر والإجماع فهو كافر بعد قيام الحجة" الفتاوى (1/109) فالمعتبر عنده إذن قيام الحجة سواء كانت المسألة ظاهرة (متواترة) أو مسألة خفية.
    فهذه النصوص كلها تدل على أن المعتبر عنده إنما هو بلوغ العلم للفاعل وأن عدم بلوغ العلم قد يكون حتى لمن هو في بلاد المسلمين.
    الأمر الثالث: ومما يدل على أن المعتبر عند ابن تيمية هو العلم والجهل بالمسألة لا بنوع المسألة من حيث الظهور والخفاء هو أنه يأتي إلى بعض المكفرات، فيصفها بأن من أظهر الأمور المناقضة للدين وأن حكم فعلها ظاهر عند المسلين كما فعل في أقوال الفلاسفة والجهمية ثم بعد ذلك يعذر الجاهل في هذه المسائل كما وُضح ذلك في الطريق الخامس من البحث السابق فابن تيمية هو الذي حكم عليها بالظهور، وهو الذي حكم عليها بالعذر بالجهل وهذا كله يدل على أن المعتبر عنده إنما هو حال الفاعل من حيث العلم والجهل.
    ومما يوضح هذا الوجه هو أن ابن تيمية نص على أن بدعة الجهمية الحلولية بدعة ظاهرة في المناقضة لدين المسلمين وكذلك بدع الرافضة والبدعة المناقضة الغالية لا يمكن أن تكون خفية ومع هذا نص على عدم كفر أعيان الجهمية والرافضة وفي بيان وصفه لبدع الجهمية يقول:" فإن قولهم صريح في مناقضة ما جاءت به الرسل من الكتاب وحقيقة قولهم جحود الصانع ففيه جحود الرب وجحود ما أخبر به عن نفسه على لسان رسله؛ ولهذا قال عبد الله بن المبارك: إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية، وقال غير واحد من الأئمة إنهم أكفر من اليهود والنصارى يعنون من هذه الجهة، ولهذا كفروا من يقول: إن القرآن مخلوق، وإن الله لا يرى في الآخرة، وإن الله ليس على العرش، وإن الله ليس له علم ولا قدرة ولا رحمة ولا غضب ونحو ذلك من صفاته" الفتاوى (12/ 485).
    ثم هو نفسه ينص على أن أعيانهم لا يكفرون لجهلهم وفي هذا يقول:"كنت أقول للجهمية من الحلولية و النفاة -الذين نفوا أن الله تعالى فوق العرش لما وقعت محنتهم- أنا لو وافقتكم كنت كافرا؛ لأني أعلم أن قولكم كفر، و أنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال، وكان هذا خطابا لعلمائهم و قضاتهم و شيوخهم وأمرائهم، و أصل جهلهم شبهات عقلية حصلت لرؤوسهم في قصور من معرفة المنقول الصحيح و المعقول الصريح الموافق له وكان هذا خطابنا" الرد على البكري (1/381).
    وهذا النص من ابن تيمية يدل على أمور مهمة منها : أن التأويل والجهل بابهما واحد في الإعذار وذلك أن التأويل في الحقيقة جهل بحقيقة حكم الله تعالى في المسألة المعينة وهذا يرد على من ينسب إلى ابن تيمية التفريق بين العوام والعلماء، سواء من الرافضة أو القبوريين.
    بل وينقل ابن تيمية عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أنه لم يكن يحكم على أعيان الجهمية بالتكفير مع أن بدعتهم ظاهرة وفي هذا يقـول:"طائفة تحكي عن أحـمد في تكفـير أهل البدع روايتين مطلقا...... وإنما كان يكفر الجهمية المنكرين لأسماء الله وصفاته؛ لأن مناقضة أقوالهم لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرة بينة ؛ ولأن حقيقة قولهم تعطيل الخالق، وكان قد ابتلي بهم حتى عرف حقيقة أمرهم، وأنه يدور على التعطيل وتكفير الجهمية مشهور عن السلف والأئمة لكن ما كان يكفر أعيانهم فإن الذي يدعو إلى القول أعظم من الذي يقول به والذي يعاقب مخالفه أعظم من الذي يدعو فقط والذي يكفر مخالفه أعظم من الذي يعاقبه ومع هذا فالذين كانوا من ولاة الأمور يقولون بقول الجهمية: إن القرآن مخلوق وإن الله لا يرى في الآخرة وغير ذلك. ويدعون الناس إلى ذلك، ويمتحنونهم ويعاقبونهم إذا لم يجيبوهم ويكفرون من لم يجبهم. حتى إنهم كانوا إذا أمسكوا الأسير لم يطلقوه حتى يقر بقول الجهمية: إن القرآن مخلوق وغير ذلك. ولا يولون متوليا ولا يعطون رزقا من بيت المال إلا لمن يقول ذلك، ومع هذا فالإمام أحمد رحمه الله تعالى ترحم عليهم واستغفر لهم؛ لعلمه بأنهم لم يُبين لهم أنهم مكذبون للرسول، ولا جاحدون لما جاء به، ولكن تأولوا فأخطأوا، وقلدوا من قال لهم ذلك". الفتاوى (23/346 – 349).
    الأمر الرابع: أن الظهور والخفاء من الأمور النسبية التي تختلف من إنسان إلى آخر عند ابن تيمية وفي هذا يقول:"كون العلم بديهيا أو نظريا هو من الأمور النسبية الإضافية مثل كون القضية يقينية أو ظنية إذ قد يتيقن زيد ما يظنه عمرو وقد يبده زيدا من المعاني ما لا يعرفه غيره إلا بالنظر وقد يكون حسيا لزيد من العلوم ما هو خبري عند عمرو.
    وإن كان كثير من الناس يحسب أن كون العلم المعين ضروريا أو كسبيا أو بديهيا أو نظريا هو من الأمور اللازمة له بحيث يشترك في ذلك جميع الناس، وهذا غلط عظيم وهو مخالف للواقع.
    فإن من رأى الأمور الموجودة في مكانه وزمانه كانت عنده من الحسيات المشاهدات وهي عند من علمها بالتواتر من المتواترات وقد يكون بعض الناس إنما علمها بخبر ظني فتكون عنده من باب الظنيات فإن لم يسمعها فهي عنده من المجهولات وكذلك العقليات فإن الناس يتفاوتون في الإدراك تفاوتا لا يكاد ينضبط طرفاه ولبعضهم من العلم البديهي عنده والضروري ما ينفيه غيره أو يشك فيه وهذا بين في التصورات والتصديقات" (12).
    ومعنى هذا الأصل أنه ليس كل ما كان ظاهرا عند جماعة من الناس يلزم أن يكون ظاهرا عند كل الناس وأنه ليس كل ما كان ظاهرا في مكان ما يلزم أن يكون ظاهرا في كل مكان وأنه ليس كل ما كان ظاهرا في زمان ما يلزم أن يكون ظاهرا في كل زمان فإذا كان وجوب الصلاة ظاهرا في أرض ما أو عند طائفة ما فإنه لا يلزم أن يكون ظاهرا عند كل أحد ممن هو داخل في دائرة الإسلام أو في كل زمان كذلك وإذا كانت حرمة الاستغاثة بالقبور وكونها من الشرك ظاهرة عند جماعة من الناس بحيث لا يشك فيها أحد منهم فإنه لا يلزم أن يكون حكمها ظاهرا عند كل الناس أو في كل زمان أو مكان في هذا يقول ابن تيمية أيضا:"وكون المسألة قطعية أو ظنية هو من الأمور الإضافية، وقد تكون المسألة عند رجل قطعية لظهور الدليل القاطع له كمن سمع النص من الرسول صلى الله عليه وسلم وتيقن مراده منه وعند رجل لا تكون ظنية فضلا عن أن تكون قطعية لعدم بلوغ النص إياه، أو لعدم ثبوته عنده، أو لعدم تمكنه من العلم بدلالته" الفتاوى (23/347).
    وقد استعمل ابن تيمية هذا الأصل في بناء كثير من أقواله في التكفير وغيره ومن كلامه المهم في هذا الأصل قوله:"وقد ينكر أحد القائلين على القائل الآخر قوله إنكارا يجعله كافرا أو مبتدعا فاسقا يستحق الهجر وإن لم يستحق ذلك وهو أيضا اجتهاد وقد يكون ذلك التغليظ صحيحا في بعض الأشخاص أو بعض الأحوال لظهور السنة التي يكفر من خالفها؛ ولما في القول الآخر من المفسدة الذي يبدع قائله ؛ فهذه أمور ينبغي أن يعرفها العاقل ؛ فإن القول الصدق إذا قيل: فإن صفته الثبوتية اللازمة أن يكون مطابقا للمخبر.
    أما كونه عند المستمع معلوما أو مظنونا أو مجهولا أو قطعيا أو ظنيا أو يجب قبوله أو يحرم أو يكفر جاحده أو لا يكفر ؛ فهذه أحكام عملية تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال . فإذا رأيت إماما قد غلّظ على قائل مقالته أو كفره فيها فلا يعتبر هذا حكما عاما في كل من قالها، إلا إذا حصل فيه الشرط الذي يستحق به التغليظ عليه والتكفير له؛ فإن من جحد شيئا من الشرائع الظاهرة، وكان حديث العهد بالإسلام، أو ناشئا ببلد جهل لا يكفر حتى تبلغه الحجة النبوية. وكذلك العكس إذا رأيت المقالة المخطئة قد صدرت من إمام قديم فاغتفرت؛ لعدم بلوغ الحجة له؛ فلا يغتفر لمن بلغته الحجة ما اغتفر للأول" (13) فهذا النص مهم في هذه المسألة من جهة أنه اعتبر النسبية في حصول العلم ومرادفاته ومن جهة أنه بين المناط الحقيقي في تعلق الحكم وهو بلوغ الحجة فكل من بلغته الحجة البلوغ المعتبر فإن حكم الفعل ينطبق عليه ولو كان حديث عهد بكفر وكل من لم تبلغه الحجة -التي يرتفع بها وصف الجهالة - فإنه حكم الفعل لا ينطبق عليه ولو كان يعيش في بلاد المسلمين.
    وهذا الأصل اعتمد عليه ابن تيمية كثيرا في تقرير كثير من أقواله وفي نقض كثير من أقوال الفلاسفة والمتكلمين وغيرهم ولهذا تراه يكرر ذكره في مواطن كثيرة وكثيرا ما كان يكرر ابن تيمية أن الأمور المعلومة من الدين بالضرورة من الأمور النسبية التي تختلف من شخص لآخر ومن ذلك قوله:"كون الشيء معلوما من الدين ضرورة أمر إضافي فحديث العهد بالإسلام ومن نشأ ببادية بعيدة قد لا يعلم هذا بالكلية فضلا عن كونه يعلمه بالضرورة وكثير من العلماء يعلم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد للسهو وقضى بالدية على العاقلة وقضى أن الولد للفراش، وغير ذلك مما يعلمه الخاصة بالضرورة وأكثر الناس لا يعلمه ألبتة" الفتاوى (13/118).
    وقد بين ابن تيمية مستنده في هذا الأصل، وهو أن أوصاف الإدراك كالعلم والجهل واليقين والظن والظهور والخفاء ليست أوصافا قائمة بالأشياء، بحيث تكون ملازمة لها لا تنفك عنها وإنما هي أوصاف قائمة بالأنفس عن الأشياء وما يقوم بالأنفس عن الأشياء يختلف باختلاف أحوال تلك الأنفس فقد يكون الشيء ضروريا عن عمرو لقيام الأسباب التي تجعله كذلك عنده ولكنه يكون مظنونا عند زيد لقيام الأسباب التي تجعله كذلك عنده.
    وهذا التقرير من ابن تيمية ليس فيه التسليم بالنسبية الذاتية التي يقول بها السوفسطائية والتي تقتضي الحكم على كل الأقوال بالصحة وعدم البطلان وإنما فيها اعتبار لأحوال الأنفس وطبيعة الأوصاف المتعلقة بالإدراك.
    وبيان ذلك أن يقال: إن الأوصاف المتعلقة بالإدراك كالعلم والجهل مثلا فيها جانبان مهمان وابن تيمية يفرق بينهما تماما هما:
    الجانب الأول: ما يقوم بالنفس وهذا يسمى الجانب الذاتي.
    والجانب الثاني: التطابق بين ما يقوم في النفس وبين الواقع وهذا يسمى الجانب الموضوعي فالحكم على الجانب الأول بالنسبية (النسبية الذاتية) لا يلزم منه القول بالنسبية في الجانب الثاني (النسبية الموضوعية) بمعنى أن القول بأن العلم بالشيء يختلف من إنسان إلى آخر لا يلزم منه أن قول كل منهما مطابق للواقع بل قد يكون قول أحدهما مطابقا للواقع، والآخر ليس كذلك فهناك فرق بين ما يقوم بالنفس عن الشيء وبين كونه مطابقا للواقع أو يقال هناك فرق بين إثبات النسبية الذاتية وبين إثبات النسبية الموضوعية وأن إثبات النسبية الذاتية لا يلزم منه إثبات النوع الآخر منها وهو النسبية الموضوعية.
    وأصل الإشكال عند السوفسطائية هو أنهم لم يفرقوا بين النوعين فجعلوا كل ما ينطبق على النسبية الذاتية منطبقا على النسبية الموضوعية بمعنى أنهم جعلوا كل ما يقوم بالنفس هو في الواقع كذلك ولهذا فقد نفوا أن يكون بعض الأقوال صحيحة وبعضها خاطئا ولا يرتفع ذلك الإشكال إلا بالتفريق بينهما وهو ما فعله ابن تيمية ومن لم يدرك هذا التفريق فإنه سينسب ابن تيمية إلى السوفسطائية كما فعل ذلك علي سامي النشار فإنه قرر أن ابن تيمية يقول بقول السوفسطائية بدليل أنه قال بالنسبية ولم يتفطن أن قول ابن تيمية يختلف عن قولهم من جهة التفريق بين النسبيتين كما سبق بيانه.
    فتحصل من كل ما سبق أن ابن تيمية يرى أن كون المسألة ظاهرة عند بعض الناس لا يلزم منه أن تكون ظاهرة عند كل أحد سواهم ولا يعني هذا أنه لا يصح أن يحكم على مسألة ما بأنها ظاهرة أو متواترة ولكننا إذا حكمنا عليها بذلك لا يصح أن نعتقد أن هذا هو حكمها عند كل الناس وإنما لا بد أن تعتبر أحوال الناس المختلفة التي تستلزم انتفاء ذلك الوصف إما بعد عن مواطن العلم، أو تأويل فاسد أو نحو ذلك.
    الوجه الخامس: أن النصوص التي اعتمدوا عليها من كلام ابن تيمية لا تدل على ما فهموه منها بل هي متراوحة بين عدم الوضوح والاستقامة في الدلالة وبين الظهور في عدم الدلالة أصلا وبيان ذلك كما يلي:
    أما النص الأول: وهو قول ابن تيمية:"وهذا إذا كان في المقالات الخفية فقد يقال: إنه فيها مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها؛ لكن ذلك يقع في طوائف منهم في الأمور الظاهرة التي تعلم العامة والخاصة من المسلمين أنها من دين المسلمين بل اليهود والنصارى يعلمون: أن محمدا صلى الله عليه وسلم بعث بها وكفر مخالفها؛ مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له ونهيه عن عبادة أحد سوى الله من الملائكة والنبيين والشمس والقمر والكواكب والأصنام وغير ذلك؛ فإن هذا أظهر شعائر الإسلام، ومثل أمره بالصلوات الخمس وإيجابه لها وتعظيم شأنها ومثل معاداته لليهود والنصارى والمشركين والصابئين والمجوس، ومثل تحريم الفواحش والربا والخمر والميسر ونحو ذلك. ثم تجد كثيرا من رؤسائهم وقعوا في هذه الأمور فكانوا مرتدين" (14).
    فهذا النص لا يدل على التفريق يبين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية في العذر بالجهل ولا يصح أن يؤخذ منه ذلك وذلك لأمرين:
    الأمر الأول: أن من يتأمل سياق النص يدرك أن ابن تيمية لم يقل هذا القول ليثبت التفريق بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية في أصل الإعذار بالجهل ولم يقله ليحقق الحكم على أعيان أئمة المتكلمين وإنما قاله في سياق وصفه لحال أهل البدع والكلام من جهة الوقوع في المخالفات الشرعية الكبيرة فذكر أنه ما من إمام من أئمتهم إلا وله قول يكفر به وهذا الوصف يذكره ابن تيمية في مواطن متعددة من كتبه ثم ذكر أن هذه الكفريات التي وقع فيها أئمة الكلام ليست من الأمور الخفية فإنها لو كانت في هذه الأمور لهان الأمر ولقلنا إنهم معذورون في عدم الوصول إلى حكمها، ولكن تلك الكفريات تكون في أمور ظاهرة يعلم كل أحد أنها مخالفة لدين الله تعالى حتى اليهود والنصارى! فهو يريد أن يصف حال هؤلاء الأئمة فقط وليس هو في معرض تقسيمه للمسائل ولا في معرض تحديد سبب حكمه على هؤلاء وإنما يريد أن يبين فضل حال أهل السنة على حال هؤلاء وهذا ما يدل عليه سياق كلامه وهو كما يلي:"وأيضا المخالفون لأهل الحديث هم مظنة فساد الأعمال: إما عن سوء عقيدة ونفاق، وإما عن مرض في القلب وضعف إيمان . ففيهم من ترك الواجبات واعتداء الحدود والاستخفاف بالحقوق وقسوة القلب ما هو ظاهر لكل أحد، وعامة شيوخهم يرمون بالعظائم، وإن كان فيهم من هو معروف بزهد وعبادة، ففي زهد بعض العامة من أهل السنة وعبادته ما هو أرجح مما هو فيه... وأيضا فإنه لا يعرف من أهل الكلام أحد إلا وله في الإسلام مقالة يُكَفر قائلها عموم المسلمين حتى أصحابه وفي التعميم ما يغني عن التعيين فأي فـريق أحق بالحشو والضلال من هؤلاء؟.
    وذلك يقتضي وجود الردة فيهم كما يوجد النفاق فيهم كثيرا وهذا إذا كان في المقالات الخفية فقد يقال : إنه فيها مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها ؛ لكن ذلك يقع في طوائف منهم في الأمور الظاهرة التي تعلم العامة والخاصة من المسلمين أنها من دين المسلمين؛ بل اليهود والنصارى يعلمون أن محمدا صلى الله عليه وسلم بعث بها وكفر مخالفها؛ مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهيه عن عبادة أحد سوى الله من الملائكة والنبيين والشمس والقمر والكواكب والأصنام وغير ذلك؛ فإن هذا أظهر شعائر الإسلام ومثل أمره بالصلوات الخمس وإيجابه لها وتعظيم شأنها، ومثل معاداته لليهود والنصارى والمشركين والصابئين والمجوس، ومثل تحريم الفواحش والربا والخمر والميسر ونحو ذلك.
    ثم تجد كثيرا من رؤسائهم وقعوا في هذه الأمور فكانوا مرتدين وإن كانوا قد يتوبون من ذلك ويعودون إلى الإسلام "فابن تيمية هنا لا يريد أن يقول إن المسائل الظاهرة لا يعذر فيها بالجهل، ولا يريد أن يقول إن سبب ارتداد هؤلاء هو لأنهم خالفوا في تلك المسائل الظاهرة فقط لا يريد أن يقرر هذا كله وإنما يريد أن يصف حالهم ومخالفتهم لدين الله تعالى أما الحكم عليهم وتحقيق السبب في ارتدادهم فهو ليس من قصده هنا ولا يدل عليه سياق كلامه وعليه فلا يصح أن نأخذ منه قاعدة في التفريق يبن المسائل الظاهرة والمسائل الخفية كما فعل من فهم ذلك ونترك كلامه الآخر الصريح في المسألة.
    وهذا الوصف للمتكلمين ذكره ابن تيمية في مواطن أخرى من كتبه ومن أصرحها قوله:" فإن نفاة كونه على العرش لا يعرف فيهم إلا من هو مأبون في عقله ودينه عند الأمة وإن كان قد تاب من ذلك بل غالبهم أو عامتهم حصل منهم نوع ردة عن الإسلام وإن كان منهم من عاد إلى الإسلام كما ارتد عنه قديما شيخهم الأول الجهم بن صفوان، وبقي أربعين يوما شاكا في ربه لا يقر بوجوده ولا يعبده وهذه ردة باتفاق المسلمين وكذلك ارتد هذا الرازي حين أمر بالشرك وعبادة الكواكب والأصنام، وصنف في ذلك كتابه المشهور وله غير ذلك بل من هو أجل منه من هؤلاء بقي مدة شاكا في ربه غير مقر بوجوده مدة حتى آمن بعد ذلك، وهذا كثير غالب فيهم". بيان تلبيس الجهمية (3/472).
    فهذا النص ذكره ابن تيمية في سياق وصف حال المتكلمين وليس في تحقيق السبب الذي ارتدوا به.
    الأمر الثاني: أن يقال: مع التسليم بأن ابن تيمية قد حكم على أعيان المتكلمين الذين ذكرهم هنا بالكفر فهو لم يحكم عليهم لأنه لا يعذر بالجهل في مثل هذه المسائل وإنما حكم عليهم لأن من كان في مثل من الاطلاع على تفاصيل النصوص وكلام أهل العلم مما لا يُتصور معه جهل بمثل هذه القضايا فهذا حالهم لا يعذر بالجهل فيها أو أنه قد ظهر له أن الشروط قد توفرت فيهم والموانع قد انتفت عنهم ومن كان كذلك فإنه يصح أن يكفر بعينه ولهذا كفرهم فهو إنما كفرهم لأنهم قد توفرت فيهم الشروط، وانتفت الموانع عنده لا لأنه لا يعذر بالجهل مطلقا في هذه المسائل.
    وهذا الأسلوب استعمله ابن تيمية في تفقهه في كلام الإمام أحمد فإنه روي عنه أنه قال:" من قال القرآن مخلوق فهو كافر"ومع ذلك ظهر من أقواله أنه لم يكفر كل أعيان الجهمية ونُقل عنه ما يقتضي كفر بعض أعيانهم فحمل كلامه في تكفير الأعيان على أن من كفره الإمام بعينه فهو إنما كفره لأنه توفرت فيه الشروط وانتفت الموانع ولم يأخذ منه أن الإمام أحمد لا يعذر المعين في القول بخلق القرآن فقد قال ابن تيمية بعدما قرر أن الإمام أحمد لم يكفر أعيان الجهمية:"وقد نقل عن أحمد ما يدل على أنه كفر به قوما معينين، فأما أن يذكر عنه في المسألة روايتان ففيه نظر، أو يحمل الأمر على التفصيل. فيقال: من كفره بعينه؛ فلقيام الدليل على أنه وجدت فيه شروط التكفير وانتفت موانعه"الفتاوى (12/489).
    وقد أجاب بعض الناظرين في هذا بجواب آخر فذكر أن كلام ابن تيمية هذا محمول على التعميم في الحكم لا على التعيين فكلامه إنما هو في الحكم المطلق لا في حكم المعين واستند في ذلك على قوله:"وفي التعميم ما يغني عن التعيين"ففهم من هذا أن النص يقتضي التكفير في المسائل الظاهرة، ولكنه يحمل على حالة الإطلاق وهذا ما ذكره الشريف هزاع في كتابه (العذر بالجهل 137).
    ولكن هذا التخريج غير صحيح لأمور:
    1- أن هذا النص ليس في مسألة الإعذار أصلا وإنما هو وصف حال رؤوس أهل البدع كما سبق في الوجه الأول.
    2- أن قوله:"وفي التعميم ما يغني عن التعيين"لم يقصد به ما ذكره ذلك المخرج وإنما قصد ابن تيمية بذلك أنه لما أطلق القول بأنه ما من إمام من أئمة أهل الكلام إلا وله قول يكفر به أراد ألا يذكر أعيان هؤلاء الناس وأسماءهم فقال وفي إطلاق القول في ذلك ما يغني عن تحديد أعيان الذين وقعوا في الكفريات وهذا ما يظهر من سياق كلامه.
    3- أن ابن تيمية قد عين في هذا النص، فذكر الجهم بن صفوان والرازي.
    وأما النص الثاني: وهو قوله :"وفي الحقيقة فكل رد لخبر الله أو أمره فهو كفر دق أو جل لكن قد يعفى عما خفيت فيه طرق العلم وكان أمرا يسيرا في الفروع بخلاف ما ظهر أمره وكان من دعائم الدين من الأخبار والأوامر".
    فهو لا يدل على ما فهم منه أيضا بل الاعتماد عليه في نسبة التفريق يبن المسائل الظاهرة والخفية إلى ابن تيمية فيه إشكال كبير وذلك من وجوه:
    1 - أن هذا النص لا يوجد في الموطن الذي أضيف إليه فقد نُسب هذا النص إلى شرح عمدة الفقه لابن تيمية عند كلامه على حكم تارك الصلاة كما ذكر ذلك أبو بطين فقد قال:" وقد قال رحمه الله – ابن تيمية - في "شرح العمدة" لما تكلم في كفر تارك الصلاة" وعند الرجوع إلى هذا الموطن نجد أن ابن تيمية لم يذكر هذا النص وقد استعنت ببرامج البحث فلم تخرج لي نتيجة تثبت وجوده في كلام ابن تيمية وهذا الحال يوجب عدم الجزم بنسبة هذا النص إلى ابن تيمية.
    ثم يقال: كيف يصح أن أترك النصوص الواضحة في السياق واللحاق، إلى نص لا يُعرف سياقه ولحاقه؟!، وليس في هذا تشكيك في فهم أهل العلم لهذا النص، فإن الداعي لقول هذا الكلام أننا وجدنا نصوصاً صريحة لابن تيمية بخلاف هذا التقرير فلا يصح لي في البحث العلمي أن أتـركها متعمداً على نص لا يمـكنني معرفة ما يحتف به من أمور.
    2 - أن هذا النص غير كامل في دلالته بل هو ناقص في آخره وقد أكمله أبو بطين فقال:"يعني: فإنه لا يقال قد يعفى عنه" وهذا الإكمال لا دليل عليه فلماذا لا يكون الإكمال هو "بخلاف ما ظهر أمره وكان من دعائم الدين من الأخبار والأوامر فإنه لا يعذر فيه إلا من علمنا جهله"أو يكون الإكمال:"فإنه لا يعذر فيها كل من ادعى الجهل بها بل لا بد أن يحتاط فيها"أو نحو ذلـك من العبـارات التي تدل على الإعذار فما الذي يرجح ذلك الإكمال على هذا الإكمال؟!.
    3 - أن هذا النص لا يدل على تمام ما فهموا منه بل هو مخالف لما فهموه منه وبيان ذلك : أن هذا النص قرر أن الإعذار إنما يكون في ما خفي أمره، وكان أمرا يسيرا في الفروع والمسائل الخفية عندهم ليست هي ما كان يسيرا في الفروع وإنما هي أوسع من ذلك فقد أدخلوا فيها البدع الواقعة في الصفات كالاستواء والرؤية وبدع المرجئة والخوارج فهل هذه البدع من الأمور اليسيرة في الفروع حتى يقال إن هذا النص دل على الإعذار فيها بالجهل؟! فلو أخذ هذا النص بعمومه لدل على خلاف تقرير من يستند عليه في فهم كلام ابن تيمية ، لأنه يلزم من استند عليه أن ينسب لابن تيمية أنه لا يعذر مطلقاً حتى في مسائل الرؤية ونحوها من مسائل الصفات.
    4- أن يقال: على فرض أنه من كلام ابن تيمية وأنه يدل على التكفير في المسائل الظاهرة فإنه ليس في الأعيان وإنما هو من النصوص التي فيها الكلام على التكفير بالإطلاق التي هي في الحقيقة بيان لحكم في الفعل في الشرع لا لبيان حكم كل فاعل.
    وأما النص الثالث: وهو قوله:" لفظ التوسل قد يراد به ثلاثة أمور يراد به أمران متفق عليهما بين المسلمين: - أحدهما هو أصل الإيمان والإسلام وهو التوسل بالإيمان به وبطاعته والثاني دعاؤه وشفاعته وهذا أيضا نافع يتوسل به من دعا له وشفع فيه باتفاق المسلمين.
    ومن أنكر التوسل به بأحد هذين المعنيين فهو كافر مرتد يستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتدا ولكن التوسل بالإيمان به وبطاعته هو أصل الدين وهذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام للخاصة والعامة فمن أنكر هذا المعنى فكفره ظاهر للخاصة والعامة وأما دعاؤه وشفاعته وانتفاع المسلمين بذلك فمن أنكره فهو أيضا كافر لكن هذا أخفى من الأول فمن أنكره عن جهل عرف ذلك؛ فإن أصر على إنكاره فهو مرتد" الفتاوى (1/ 153).
    فهذا النص لا يصح الاعتماد عليه أيضا؛ لأنه ليس فيه تقسيم لمسائل التوسل إلى مسائل ظاهرة ومسائل خفية وإنما فيه أن أنواع التوسل متفاوتة فبعضها ظاهرة وبعضها أخفى منها وهناك فرق بين الخفي والأخفى فابن تيمية لا يقول إن النوع الثاني من التوسل من المسائل الخفية في دين الله تعالى وإنما يقول إنه أخفى من النوع الأول وكون الشيء أخفى من غيره لا يعني أنه خفي في نفس الأمر وهذا هو ما يقتضيه أسلوب المفاضلة في العربية فإنك تقول زيد قوي ثم تقول بعد ذلك ولكن صالحا أضعف منه فهذا القول ليس فيه إثبات الضعف لصالح وإنما فيه إثبات أن قوته أقل من قوة زيد فقط.
    فكذلك كلام ابن تيمية هنا فهو لا يثبت الظهور لنوع وينفيه عن نوع آخر ويثبت له الخفاء وإنما يثبت الظهور لنوع ويثبت للنوع الآخر ظهورا أقل منه وعلى هذا: فهذا النص في الحقيقة يدل على العذر بالجهل في المسائل الظاهرة لا العكس كما فهم من فهم ولكننا لا نريد أن نعتمد عليه في هذه المسألة؛ لأن ثمة نصوصا أخرى أوضح منه وأصرح في العذر بالجهل.
    وأما النص الرابع: وهو الذي أطلق فيه ابن تيمية بأن من فعل كذا فهو كافر أو مرتد أو مشرك من غير استثناء للجاهل ومن ذلك قوله:"من لم يعتقد وجوب الصلوات الخمس، والزكاة المفروضة، وصيام شهر رمضان، وحج البيت العتيق، ولا يحرم ما حرم الله ورسوله من الفواحش والظلم والشرك والإفك: فهو كافر مرتد يستتاب، فإن تاب وإلا قتل باتفاق أئمة المسلمين، ولا يغني عنه التكلم بالشهادتين" (15) .
    فهذا النص وغيره من النصوص المشابهة له لا يصح الاعتماد عليها في القول بأن المعين لا يعذر بالجهل في المسائل الظاهرة؛ لأن هذه النصوص إنما هي في حالة الإطلاق والتعميم لا في حالة الكلام على المعين وما كان من هذا القبيل من النصوص فإنه لا يذكر فيه الشروط ولا الموانع؛ لأنه في الحقيقة بيان لحكم الفعل في الشرع من غير نظر إلى ما يتعلق بفاعله وحكم الفعل في الشرع لا ينظر فيه إلى الأوصاف التي تحقق مقتضاها في المعين وإنما ينظر فيه في الأوصاف التي تؤثر في حكمه من جهته فقط.
    وهذا المعنى ذكره ابن تيمية فقد ذكر لبعضهم:"أن ما نُقل لهم عن السلف والأئمة من إطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا فهو أيضا حق ، لكن يجب التفريق بين الإطلاق والتعيين وهذه أول مسألة تنازعت فيها الأمة من مسائل الأصول الكبار وهي مسألة"الوعيد" فإن نصوص القرآن في الوعيد مطلقة كقوله: "إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما".[النساء:10] الآية وكذلك سائر ما ورد: من فعل كذا فله كذا. فإن هذه مطلقة عامة. وهي بمنزلة قول من قال من السلف من قال كذا: فهو كذا. ثم الشخص المعين يلتغي حكم الوعيد فيه: بتوبة أو حسنات ماحية أو مصائب مكفرة أو شفاعة مقبولة" الفتاوى (3/230).
    وقرر أن هذا هو فعل الأئمة فإن الأئمة قد أطلقوا القول بأن من قال القرآن مخلوق فهو كافر ولم يستثنوا الجاهل ولا غيره ومع هذا فهم لم يكفروا كل واحد ممن قال بذلك القول وفي هذا يقول:"التكفير له شروط وموانع قد تنتقي في حق المعين وإن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع يبين هذا أن الإمام أحمد وعامة الأئمة: الذين أطلقوا هذه العمومات لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام بعينه فإن الإمام أحمد -مثلا- قد باشر "الجهمية" الذين دعوه إلى خلق القرآن ونفي الصفات وامتحنوه وسائر علماء وقته وفتنوا المؤمنين والمؤمنات الذين لم يوافقوهم على التجهم بالضرب والحبس والقتل والعزل عن الولايات وقطع الأرزاق ورد الشهادة وترك تخليصهم من أيدي العدو بحيث كان كثير من أولي الأمر إذ ذاك من الجهمية من الولاة والقضاة وغيرهم: يكفرون كل من لم يكن جهميا موافقا لهم على نفي الصفات مثل القول بخلق القرآن، ويحكمون فيه بحكمهم في الكافر فلا يولونه ولاية، ولا يفتكونه من عدو، ولا يعطونه شيئا من بيت المال، ولا يقبلون له شهادة ولا فتيا ولا رواية ويمتحنون الناس عند الولاية والشهادة والافتكاك من الأسر وغير ذلك فمن أقر بخلق القرآن حكموا له بالإيمان ومن لم يقر به لم يحكموا له بحكم أهل الإيمان ومن كان داعيا إلى غير التجهم قتلوه أو ضربوه وحبسوه ومعلوم أن هذا من أغلظ التجهم فإن الدعاء إلى المقالة أعظم من قولها وإثابة قائلها وعقوبة تاركها أعظم من مجرد الدعاء إليها والعقوبة بالقتل لقائلها أعظم من العقوبة بالضرب.
    ثم إن الإمام أحمد دعا للخليفة وغيره ممن ضربه وحبسه واستغفر لهم وحللهم مما فعلوه به من الظلم والدعاء إلى القول الذي هو كفر ولو كانوا مرتدين عن الإسلام لم يجز الاستغفار لهم؛ فإن الاستغفار للكفار لا يجوز بالكتاب والسنة والإجماع وهذه الأقوال والأعمال منه ومن غيره من الأئمة صريحة في أنهم لم يكفروا المعينين من الجهمية الذين كانوا يقولون: القرآن مخلوق وإن الله لا يرى في الآخرة" الفتاوى (12/487).
    وقبل ذلك كله فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد استعمل هذا الأسلوب أيضا فعن أنس بن مالك قال: "لعن النبي صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومبتاعها وساقيها وشاربها وآكل ثمنها" . فاللعن هنا لعن مطلق ولم يذكر أنس أنه استثنى أحدا في هذا النص ومع هذا فقد استثنى النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة مع أن كلامه مطلق وهذه الأحاديث اعتمد عليها ابن تيمية في بناء القاعدة في التفريق بين حكم الفعل وحكم الفاعل وفي هذا يقول:" ثبت في صحيح البخاري أن رجلا كان يدعى حمارا، وكان يشرب الخمر، وكان يؤتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيضربه فأتى به إليه مرة فقال رجل لعنة الله ما أكثر ما يؤتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله" . فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لعنة هذا المعين الذي كان يكثر شرب الخمر معللا ذلك بأنه يحب الله ورسوله، مع أنه صلى الله عليه وسلم لعن شارب الخمر مطلقا فدل ذلك على أنه يجوز أن يُلعن المطلق، ولا تجوز لعنة المعين الذي يحب الله ورسوله" المنهاج (4/569).
    ثم قال بعد ذلك:"ولو كان كل ذنب لُعن فاعله يُلعَن المعين الذي فعله لَلُعن جمهور الناس وهذا بمنزلة الوعيد المطلق لا يستلزم ثبوته في حق المعين إلا إذا وجدت شروطه وانتفت موانعه وهكذا اللعن" المنهاج (4/573).
    فتحصل إذن أن النصوص الشرعية أو النصوص التي نُقلت عن الأئمة وفيها الحكم على الفعل بالكفر أو الحكم على من فعلها بالكفر والردة وحل الدم والمال لا تقتضي الحكم على كل من فعل ذلك الفعل حتى يقال: إن هذه النصوص تقتضي عدم الإعذار بالجهل في هذه الأفعال إذ لو كانت كذلك لكفر الأئمة كل من فعل الفعل الذي أطلقوا التكفير فيه ولعلقوا الوعيد بكل من فعل شيئا من الأمور التي جاءت في نصوص الوعيد ؛ لأنها نصوص مطلقة لم تستثن أحدا.
    هذا هو حاصل النصوص التي اعتمد عليها من نسب التفريق بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية في أصل الإعذار بالجهل إلى ابن تيمية وقد ظهر حالها في الدلالة على ما ذكروا من جهة عدم الانضباط في الدلالة وعدم الوضوح والاستقامة فيها.
    وبعد هذا كله ليتأمل الناظر في كلام ابن تيمية ولينظر كم مرة ذكر ابن تيمية مسألة العذر بالجهل وكم مرة استدل عليها وكم مرة قررها وكم مرة ذكر تطبيقات العلماء لها ويلاحظ مع ذلك اختلاف المواطن التي يذكرها فيها والأشخاص الذين طبقها عليهم والمراحل العمرية لابن تيمية والأماكن المختلفة والطرق المتنوعة في عرضه لها ثم هو مع هذا كله لا يذكر ولا في موطن واحد في تأصيله لهذه المسألة التفريق بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية أو ينبه على أن التفريق بين الإطلاق والتعيين في التكفير إنما هو في المسائل الخفية فقط وليس في المسائل الظاهرة! فما الذي منع ابن تيمية أن يقول صراحة ولو في موطن واحد من تلك المواطن الكثيرة إن هناك فرقا بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية في مسألة العذر بالجهل؟! أو يقول: إن التفريق بين حكم الفعل وحكم الفاعل إنما هو في المسائل الخفية فقط؟!.
    أليس اللائق بابن تيمية أن يقول ذلك؟! وهو ذلك العالم المتمرس على المجادلة والمناظرة والدقيق في التأصيل لمسائل العلم والبارع في بيان أصول الأقوال وحقائقها.
    كل هذه الأمور مع ما سبق في المسألة الأولى تؤكد أن حقيقة مذهب ابن تيمية هو أنه لا فرق يبن المسائل الظاهرة والمسائل الخفية في أصل الإعذار بالجهل وأن الإعذار بالجهل يشمل كل المسائل وأن المعتبر عنده إنما هو ما يقوم في نفس الفاعل من العلم والجهل فمن فعل ما فعل وهو عالم بحكم فعله فإنه ينطبق عليه ذلك الحكم إذا انتفت عنه الموانع ولا فرق في ذلك بين حديث العهد بالكفر وبين غيره ومن فعل ما فعل وهو لا يعلم بحكم فعله فإنه لا ينطبق عليه ذلك الحكم ولا فرق في ذلك أيضا بين حديث العهد بالكفر وبين غيره.
    الوجه السادس: وهو في الجواب عن قولهم إن الإعذار بالجهل في كلام ابن تيمية محمول على من كان حديث عهد بكفر، أو نشأ في بلاد بعيدة فيقال: إن من يتأمل كلام ابن تيمية يدرك أن العذر بالجهل في مسائل الشرك ليس خاصا بحديث العهد بالكفر، أو بمن كان يعيش في بلاد بعيدة عن العلم بل هو حكم عام في كل من جهل الحكم الشرعي جهلا معتبرا وهذا التقرير يدل عليه عدة أمور منها:
    الأمر الأول: صِيَغُ كلام ابن تيمية وعباراته فإن ابن تيمية كثيرا ما يقرر العذر بالجهل ثم يضرب أمثلة على من يعذر بالجهل بمن كان حديث عهد بكفر، أو من كان في بلاد بعيدة وهو إنما ذكر هؤلاء هنا على جهة التمثيل لا على جهة قصر الحكم عليهم وهذا ما يدل عليه ظاهر عباراته فإنه تارة يستعمل كلمة "مثل" وتارة يقول بعد ذكره لحديث العهد بالكفر: "أو نحو ذلك" وهذا يدل على أنه إنما ذكر ما ذكر للتمثيل لا لقصر الحكم عليهم فقط.
    فمن يتأمل في جميع النصوص التي يذكر فيها العذر بالجهل يدرك أنه إنما يذكر حديث العهد بالكفر، ومن يعيش في بلاد بعيدة عن العلم للتمثيل فقط وليس لقصر الحكم عليهم فلو كان ابن تيمية يرى أن الحكم مقتصرا عليهم فما الذي منعه من التصريح بذلك مع كثرة كلامه في هذه المسألة.
    الأمر الثاني: أنه لو كان يرى أن الحكم خاص بمن ذكر لما استدل بقصة قدامة بن مظعون في الإعذار في مثل المسائل الظاهرة فإنه رضي الله عنه لم يكن حديث عهد بكفر ولا أصحابه فدل هذا على أن ابن تيمية يرى أن الإعذار في مثل تلك المسائل عام لكل من قام به وصف الجهالة الذي يعذر به مثله ولا فرق عنده بين حديث العهد بالكفر، وبين من كان أبواه مسلمين في أصل الإعذار بالجهل.
    الوجه السابع: وهو في الجواب على من يقول إنه لا يعذر أحد بالجهل في هذا العصر؛ لتيسُّر سبل العلم وانتشارها فيقال: إن هذا القول اشتمل على خطأ منهجي كبير أكثر ابن تيمية من نقده وبيان الغلط فيه وهذا الخطأ هو: الاستدلال على وجود الشيء بمجرد الإمكان ومعنى هذا: أن بعض الناس حين يريد أن يثبت تحقق وجود الشيء في الخارج لا يذكر من الأدلة إلا ما يفيد أنه أمر ممكن وهذا ما وقع فيه الذين يقولون بأنه لا يعذر أحد بالجهل في مسائل الاستغاثة؛ لأن العلم قد انتشر في هذه الأزمان وذلك أن حقيقة قولهم أنهم حكموا بتحقق العلم عند كل الناس اعتمادا على إمكان العلم فدليلهم الذي استندوا عليه هو إمكان العلم في هذا العصر، أو من بعد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب فلما كان التحصل على العلم ممكناً فإنه لا بد أن يحكم ببلوغه لكل أحد وهذا مكمن الغلط في ذلك التقرير.
    ثم يقال: من ذا الذي يستطيع أن يجزم بأن العلم الصحيح الذي يرتفع به العذر قد بلغ كل المسلمين فمن يستطيع أن يقول إن العلم الصحيح قد بلغ إخواننا من العرب والعجم في أفريقيا الذين يستغيثون بالقبور أو بلغ إخواننا في آسيا أو غيرها من أصقاع الأرض؟!.
    ثم يقال: إن الإحساس بضرورة طلب العلم إنما تنشأ بعد شعور الإنسان بكون ما هو عليه مخالف للشريعة فبالله عليكم كيف يمكن لمن يفتيه عالم بلده، ومفتي دياره، وخطيب مسجده بأن ما هو عليه عين الصواب، وأنه مبلغه لا محالة إلى الجنة كيف يمكن لمن هذه حاله أن يستشعر ضرورة السؤال، أو يستشعر أن ما هو عليه مخالف لدين الله تعالى أو حتى يقبل ما يخالف ما أفتاه به شيخه الذي وثق به وسلم له أمر دينه.
    ولا يصح أن يقال هنا إنه لا يشترط أن يبلغه العلم لأن التوحيد أمر فطري لأنه يقال إن الفطرة لا تعني أن يعرف الإنسان المسلم كل ما هو من أصول التوحيد، وأن يعرف كل ما يخالفه وإنما تعني فقط أن الإنسان مخلوق خلقة تقتضي عبادة الله وحده دون ما سواه وهذا القدر لا يلزم منه أن يعرف الإنسان حكم الاستغاثة بالقبور، وأنها كفر أكبر يخرج من الملة.
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,018

    افتراضي رد: إبداعات ( بدع ) موقع الأشاعرة اليوم

    و أخيراً إبداع لم أذكره في أول الموضوع لأني كنت أظنه حذف ثم وجدته في الموقع و لا أدري هل عدل فيها أم لا زالت على أولها

    5- إتهامهم لأئمة الدعوة بالغلو في التكفير

    لدي تساؤل عن التكفير الذي في تاريخ ابن غنام، وابن بشر، وعلاقته بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، بعد:
    دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله) دعوة إصلاحية، لكنها ليست معصومة، فالخطأ يقع عند دعاتها في تقرير المسائل، وفي الممارسة العملية أيضا، كغيرها من الدعوات الإصلاحية. لكن من حاكمها إلى زمن ظهورها بإنصاف علم أن خيرها أكثر من شرَها بكثير، وأنها أقرب للحق بمراحل من الواقع الإسلامي في زمنها، وأن أتباعها في باب المعتقد أولى بالسلف من غيرهم (وإن أخطؤوا). ولذلك فإن الثناء عليها لا يعني عصمتها من الخطأ، ولا أن نجمد على آرائها ومواقفها، بل لا بد من التصحيح والتصويب، من غير جور ولا محاولة بخس للحقوق.
    والأهم هو أن نحرر مسائل العلم دون تقليد، وأن نعرف الرجال بالحق لا الحق بالرجال، وأن لا نتحزب إلا للكتاب والسنَّة. فإن اضطرتنا الدراسة إلى ذكر صاحب فضل ببيان الخطأ الذي وقع منه فلا نحاول النيل منه، بل يجب أن نزن خطأه بصوابه؛ لكي لا نظلم فضله.
    ومشكلتنا من طائفتين في الدعوة النجدية: غلاة فيها (وهم كثيرون في أتباعها)، وغلاة عنها (وهم كثيرون في منافريها)، والفضيلة وسط بين رذيلتين.
    أما المنافرون لها فقد كتب عنهم كثيرون، وكنت قد كتبت مقالا عن لون منهم في مقال قديم لي بعنوان (الحجاز والتسامح الديني).
    وأما الغلاة فيها من أتباعها فدليل الغلو فيهم هو رفض النقد، وعدم قبول التخطيء، ولو كان بأدب وعلم وإنصاف، وإلا فكم هم من أتباع الشيخ (رحمه الله) قديما وحديثا الذين خطؤوا الشيخ أو مدرسته في بعض الأقوال، ومن منهم كان قد علا صوته مطالبا بضرورة إعادة النظر في بعض الآراء؟! هل يمكن أن تكون بعض آراء شيخ الإسلام ابن تيمية قابلة للنقد (كتسلسل الحوادث وفناء النار وغيرهما)، وكذلك لا يخلو عالم من خطأ، خاصة في العلم الذي أكثر من الخوض فيه، ثم لا يكون للشيخ محمد بن عبد الوهاب أخطاء أسوة بغيره؟ إن كان له أخطاء، فلماذا لا تدرس؟ ولماذا لا ينبه عليها. والأهم: لماذا يصمت أكثر الأتباع عن نقد الشيخ باحترام كغيره من أهل العلم. بل لقد أصبح تخطيء الشيخ عند كثيرين منهم كافيا للاتهام بالبدعة، والخروج عن دائرة أهل السنَّة.
    وهنا أذكر أن ادعاء العصمة لغير المعصوم قد لا يعترف بها الذي يعتقدها، لكن إن كان لا يقبل تخطيء الذي يعظمه، فقد وصل حد ادعاء العصمة دون أن يشعر، على حد قول القائل: كل ما خالف قول إمامنا مؤول أو منسوخ!
    ويبقى أهل الاعتدال والإنصاف قلة في كل مدرسة وبين أتباع كل إمام، فالإنصاف في الناس (الناس كلهم) عزيز، وهذه دعوة إلى تكثير سواد أهل الإنصاف، لأن الحق الذي نفخر به في دعوة الشيخ سيموت إن لم نحيه بالنقد العلمي البناء.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    607

    افتراضي رد: إبداعات ( بدع ) موقع الأشاعرة اليوم

    هداك الله
    وأنت رئيس فريق هيئة الجدال بالتي هي أحسن .
    عجيب والله !!!!!!!
    وقلَّ من جدَّ في أمر ٍ يؤملهُ **** واستعملَ الصبرَ إلا فازَ بالظفرِ

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,018

    افتراضي رد: إبداعات ( بدع ) موقع الأشاعرة اليوم

    طبعاً ليس القصد أن كل ما في الموقع على المذهب الأشعري و لو كان كذلك لكن الإنكار أسهل لأنه سيحجب في ظني لو كان أشعرياً خالصاً

    لكن يمكن أن الموقع انتهى من سياسة الدعوة و صار يتبع سياسة بناء القاعدة العريضة و الصلبة لإحداث التغيير الذي يريدون لذلك يفتحون الباب لكل من يمكن استخدامه لهذا الغرض بغض النظر عن مذهبه الباطل و عدم إنكارهم عليه

    و الله أعلم

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    607

    افتراضي رد: إبداعات ( بدع ) موقع الأشاعرة اليوم

    اتق الله
    (موقع الأشاعرة اليوم) !!
    الإنصاف عزيز ، والظلم ظلمات يوم القيامة .
    وقلَّ من جدَّ في أمر ٍ يؤملهُ **** واستعملَ الصبرَ إلا فازَ بالظفرِ

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,018

    افتراضي رد: إبداعات ( بدع ) موقع الأشاعرة اليوم

    جزاك الله خيراً يا أخ عبد الله

    لكن بعض الناس الذين يريدون أن يوحدوا كلمة الأمة ! لكي تنصبهم خليفة لرسول الله صلى الله عليه و سلم

    لما اكتشفوا أن مذهب السلف لا يوحد الأمة إلا على كلمة التوحيد و هذا يصعب عليهم

    لجؤوا إلى مذهب الأشاعرة لأنه يوحد الأمة على غير كلمة التوحيد و هذا سهل عندهم

    و نصيحتي لمن يقوم بهذا العبث أن يتوقف عنه قبل أن يكون مصيره مصير إمامه في شارع الملكة نازلي و لن ينفعه عند الله أن يسمى بعد أن يودع الإمام الشهيد و لم يحكم صالون حلاقة فضلاً عن خلافة

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    607

    افتراضي رد: إبداعات ( بدع ) موقع الأشاعرة اليوم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة من صاحب النقب مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيراً يا أخ عبد الله
    لكن بعض الناس الذين يريدون أن يوحدوا كلمة الأمة ! لكي تنصبهم خليفة لرسول الله صلى الله عليه و سلم
    لما اكتشفوا أن مذهب السلف لا يوحد الأمة إلا على كلمة التوحيد و هذا يصعب عليهم
    لجؤوا إلى مذهب الأشاعرة لأنه يوحد الأمة على غير كلمة التوحيد و هذا سهل عندهم
    و نصيحتي لمن يقوم بهذا العبث أن يتوقف عنه قبل أن يكون مصيره مصير إمامه في شارع الملكة نازلي و لن ينفعه عند الله أن يسمى بعد أن يودع الإمام الشهيد و لم يحكم صالون حلاقة فضلاً عن خلافة
    بارك الله فيك
    لكن إن كنت تفهم أن هذا مراد الإخوة في الموقع .. فهذه مشكلة في سوء الفهم بل وسوء الظن
    وهي خطيئة تحتاج منك إلى توبة .
    وقلَّ من جدَّ في أمر ٍ يؤملهُ **** واستعملَ الصبرَ إلا فازَ بالظفرِ

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,018

    افتراضي رد: إبداعات ( بدع ) موقع الأشاعرة اليوم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة من صاحب النقب مشاهدة المشاركة
    1- اعتبارهم الأشاعرة و الماتريدية من أهل السنة و لبسوا على أحد علماء أهل السنة و استلوا منه كلاماً وضح فيما بعد أنه فسر خطأ و أن الذي سلم إليه هو حكم التعاون معهم ثم غيروا العنوان إلى أنهم من أهل السنة
    فتوى للشيخ عبد الرحمن البراك في الموضوع

    هل يوصف الأشاعرة بأنهم من أهل السنة والجماعة فيما وافقوا فيه أهل السنة والجماعة، وليسوا من أهل السنة والجماعة فيما خالفوهم فيه، أي لا ينفى عنهم مطلق الوصف ولا يعطون الوصف المطلق، وكذا غيرها من الجماعات المخالفة للسنة ؟

    الإجابة
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
    أهل السنة والجماعة هم الذين اقتفوا طريق السلف الصالح من الصحابة والتابعين وساروا على نهجهم في جميع أصول الإيمان فيؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ويؤمنون بالقدر خيره وشره، ويؤمنون بكل ما يدخل في هذه الأصول مما جاء في الكتاب والسنة، فمن استقام على هذا المنهج فهو من أهل السنة والجماعة، ولا يخرجه من دائرة أهل السنة والجماعة أن يخطئ في بعض المسائل، ومن خالف أهل السنة في بعض هذه الأصول فليس هو من أهل السنة والجماعة ولو وافق في بعض الأصول فلا يقال له من أجل ذلك أنه من أهل السنة في كذا، بل يقال إنه يوافق أهل السنة فإن الموافقة في بعض الأمور لا تصير الرجل من الطائفة التي وافقها في بعض معتقداتها ولو صح هذا لأمكن أن يقال إن المعتزلة من أهل السنة في إقرارهم بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ومن أهل السنة لقولهم بأن الإيمان قول وعمل، وهذا غلط ظاهر ولم يقل بهذا أحد من أهل العلم لكن الأشاعرة هم أقرب إلى أهل السنة من المعتزلة وهم ينتسبون إلى السنة في مقابل المعتزلة، وكيف يكونون من أهل السنة وهم يخالفونهم في باب صفات الله وفي رؤية الله وفي كلام الله وفي الإيمان وفي أفعال العباد وفي الحكمة والأسباب فلا يصح أن يقال إنهم من أهل السنة في كذا وليسوا من أهل السنة في كذا لكن يقال إنهم يوافقون أهل السنة، وهذا الكلام أكثر ما ينطبق على متأخري الأشاعرة، خصوصاً المعاصرين فإنهم أبعد عن مذهب أهل السنة من أكثر المتقدمين كيف وبعض هؤلاء يتصدى لخصومة أهل السنة والتشنيع عليهم وتلقيبهم بالمجسمة والمشبهة كما صنع بعض أسلافهم ومع هذا فلا ينكر ما لبعض العلماء المعدودين من الأشاعرة من آثار حميدة في الدين علماً وعملاً، فرحمهم الله وجزاهم عن الإسلام والمسلمين خيراً وعفا عنا وعنهم، والله أعلم.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,018

    افتراضي رد: إبداعات ( بدع ) موقع الأشاعرة اليوم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة من صاحب النقب مشاهدة المشاركة
    2- تسمية من وقع في الشرك مسلماً و عدم رفع اسم الاسلام عنه إذا كان جاهلاً كما هو مذهب أهل السنة بغض النظر عن عدم لحوق اسم الكفر به
    3- نسبة عدم رفع اسم الإسلام عن المشرك الجاهل إلى ابن تيمية بحجة أنه لم يكفره
    4- نسبة عدم رفع اسم الاسلام عن المشرك الجاهل حتى في المسائل الظاهرة إلى ابن تيمية بحجة أنه لم يكفره !
    فتوى للشيخ عبد الله بن جبرين حول الموضوع

    (17565)

    ســـؤال: نشر بحث بعنوان: (تحرير رأي ابن تيمية في حكم المستغيثين بالقبور) في أحد المواقع الإسلامية، قرر فيه الباحث أن رأي ابن تيمية أن من وقع في الشرك جاهلاً يبقى له حكم الإسلام حتى يُتحقق من حاله ووضعه، فهل هذا رأي ابن تيمية؟ أم رأي مخالفيه الأشاعرة الذين لا يرون التحسين والتقبيح لأفعال العباد إلا بعد قيام الحجة؟ وما حكم نشر هذا البحث؟ وجزاك الله خيراً.

    الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه وبعد...

    نرى أن هذا الكاتب عنده قدرة على البحث والتتبع، وأن ما ذكره قد يكون صحيحًا في أن الجاهل لا يحكم بكفره ولو عمل ما هو شرك أو كفر، حتى يُعلَّم ويبين له أن ما فعله محرم، وإذا أصر على ذلك وعاند حكم بكفره، فيستتاب فإن تاب وإلا قتل، وعومل بعد قتله معاملة الكفار، وأما إذا لم تبلغه الدعوة، ولم يُبين له الحكم، فلا يحكم بكفره، ولكن لا يحكم بإسلامه، حيث يعمل ما ينافي تعاليم الإسلام، ومن مات وهو على هذه الأفعال، إما تقليدًا لمشايخ جهلة، وإما عن جهل رآه وعمل عليه، ومات وهو على ذلك، فحكمه حكم أهل الفترات، وحكم من لم تبلغه الدعوة المتواجدين في أطراف الأرض.

    وقد كان النبي صلى الله عليه و سلم يوصي كل سرية أو جيش بقوله: "وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال: ادعهم إلى الإسلام، فإن هم قبلوه فاقبل منهم وكف عنهم"، فكان لا يقاتل قومًا إلا إذا بلغتهم الدعوة، وقد أغار على بني المصطلق وهم غارّون، ولكن قد قامت عليهم الحجة وبلغتهم الدعوة.

    وعلى كل حال فإن كلام ابن تيمية ظاهر في أن من يستغيث بالقبور ويدعوهم مع الله ويصر على ذلك وتقوم عليه الحجة فإنه يحكم بكفره، وأما من يفعل ذلك عن جهل أو تقليد فلا يحكم بإسلامه ولا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة ويزول العذر، ويصر على فعله.

    ونرى في هذه الأزمنة أن الحجة قد قامت على الجميع، حيث طبع القرآن وانتشر في أرجاء البلاد، وترجمت معانيه إلى عدة لغات، وترجمت التفاسير وانتشرت كتب التوحيد التي تعتمد الاستدلال بالآيات والأحاديث، ووجدت الإذاعات الفضائيات ومواقع الشبكة العنكبوتية، وفي الإمكان معرفة الحق والصواب، ومن اتبع الباطل تقليدًا للرؤساء ودعاة الضلال فإنهم يقولون يوم القيامة: ]رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ[ الأعراف:38، ويقولون: ]رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ[ الأحزاب:67، وأمرهم إلى الله تعالى. والله أعلم.

    قاله وأملاه

    عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين

    11/11/1429هـ

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,018

    افتراضي رد: إبداعات ( بدع ) موقع الأشاعرة اليوم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة من صاحب النقب مشاهدة المشاركة
    5- إتهامهم لأئمة الدعوة بالغلو
    بسم الله الرحمن الرحيم

    كم هي الأكاذيب والمفتريات التي ألصقت بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – وكم هي الشبهات والأراجيف التي وُصمت بها هذه الدعوة المباركة، وما أكثر المؤلفات التي سوّدها الخصوم في الشناءة بالدعوة وعلمائها، لا سيما الرافضة والصوفية، فلا تكاد تحصى هذه المؤلفات إلا بكلفة، بل إن جملة من المنتسبين للعلم في نجد قد رموا الشيخ الإمام ودعوته عن قوس واحدة، ألم تعلم أن أحد المشتغلين بالعلم ومن قرابة الشيخ المعاصرين له قد تفوّه بأقبح القذف وأشنع الإفك! إذ يقول هذا المخذول(1): "فإني أذكر في هذه الأوراق شيئاً من نشأة الطاغية المرتاب، المحيي ما اندرس من أباطيل مسيلمة الكذاب، أي المنسوب إلى المرحوم الشيخ(2)، وأرجو أنه ليس له، بل لعل الشيخ(3) غفل عن مواقعة أمه، فسبقه الشيطان إليها فكان أباً لهذا المارد؛ إذ هو لعدو الله إبليس أشد الخلق شبهاً له في إبراز الباطل في قالب الحق بأعظم تلبيس..."!!

    لقد افتروا على الشيخ الإمام، فزعموا أنه متنبئ كذّاب، وأنه ينتقص الرسول صلى الله عليه وسلم، واتهموا الشيخ وأتباعه بالتشبيه والتجسيم في صفات الله تعالى، وأنهم لا يعترفون بالأولياء وكراماتهم! وأثاروا شبهة التكفير وتحريم التوسل ونحوها من الشبهات المكرورة.

    ثم جاء الطاغية إبراهيم باشا –رسول الحضارة الغربية– فأهلك الحرث والنسل في جزيرة العرب، وخرب الدرعية، وحمل الأسرى من أشراف القوم إلى مصر والأستانة في رقابهم الحديد، يطاف بهم في البلاد ثم يقتلون، ونكّل بالعلماء، فمنهم من كان يربط بأفواه المدافع ثم تطلق فتتناثر لحوم جثثهم في الفضاء، ومنهم من كانت تخلع جميع أسنانه قبل قتله، إضافة إلى وقائع السلب والنهب وهتك الأعراض -كما وصفه الجبرتي في تاريخه-.

    ومع تكالب الأعداء على هذه الدعوة ومن كل حدب وصوب، إلا أن الله تعالى نَصَر دينه وأيّد جنده وهزم الأحزاب وحده؛ إذ صار هذا اللمز المكشوف إلى زوال، وحاق بأهله سوء المآل، فإن الله لا يصلح عمل المفسدين، ومن وجد اللهَ فما فقد شيئاً، ومن ضيّع الله فما وجد شيئاً.

    وأكثر هذه المؤلفات المناوئة للدعوة -من خلال بحث واستقراء(4)- هي أشبه ما تكون الآن بالقطع القديمة، أو الآلات التالفة! وعمّ مذهب أهل السنة بيوت المدَر والوبَر، وصار ملء السمع والبصر، فالحمد لله على الإسلام والسنة.

    وعقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر جاء مسلسل القهقرى والانهزامية والتراجعات فتعددت حلقاته وتنوّعت أدواته، ومن ذلك هذه الأصوات النشاز من متسننة هذا العصر والذين يلمزون من طرف خفي هذه الدعوة، ويعرِّضون بها، متدثرين بالنقد والموضوعية وعدم العصمة، وأجج هذا الطرح سكوتُ فئام من أهل العلم وطلابه؛ إذ لاذوا بالصمت وآثروا التواري والانكفاء عن المدافعة والاحتساب، واستملحوا الملاينة في كل الخطوب والأحوال.

    نُبئت أن النار بعدك أُوقدت واستبَ بعدك يا كليب المجلس

    وتحدّثوا في أمر كل عظيمة لو كنتَ حاضرهم بها لم ينبسوا

    وها هو الشيخ الفاضل/ د. حاتم بن عارف العوني، يُسأل في موقع الإسلام اليوم بتاريخ 19/5/1429هـ "عن التكفير الذي في تاريخ ابن غنام وابن بشر وعلاقته بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب... لكن فضيلته أعرض عن الإشكال، وحاد عن السؤال "والحيدة ضرب من الانقطاع"، وكان يسعه السكوت أو الاعتذار، فقيمة المرء ما يحسنه، ولو أن الشيخ الشريف اشتغل بما يجيده من الحديث وعلومه، لكان أولى وأجدى.

    استهل د. حاتم جوابه أن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب "ليست معصومة، فالخطأ يقع عند دعاتها في تقرير المسائل، وفي الممارسة العملية أيضاً كغيرها من الدعوات الإصلاحية، لكن من حاكمها إلى زمن ظهورها بإنصاف علم أن خيرها أكثر من شرها بكثير.. والثناء عليها لا يعني عصمتها من الخطأ، ولا أن نجمد على آرائها ومواقفها..

    ثم ثنّى قائلاً: "ومشكلتنا من طائفتين في الدعوة النجدية: غلاة فيها (وهم كثيرون في أتباعها) وغلاة عنها (وهم كثيرون في منافريها) وطالب الشريفُ بتدريس أخطاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب! ثم فسّر الشريف العصمة بعدم قبول النقد فيمن يعظمه!!

    والجواب: دعوى أن الشيخ الإمام ليس معصوماً تحصيل حاصل، فهل قال أحد بعصمتها، حتى ينهمك الشريف بالإنكار والنفي لعصمة هذه الدعوة؟! وهل سُبق الشريف إلى هذه الدعوى! فإن كنتَ ناقلاً فالصحة أو مدّعياً فالدليل.

    إن العصمة للأنبياء عليهم السلام فحسب، ولقد افترى الأفّاكون على الشيخ محمد بن عبد الوهاب واتّهموه بدعوى النبوة بلسان الحال، وزعموا أن الشيخ بين أتباعه كالنبي لا يتركون شيئاً مما يقول، لكن هذا الكذب الصراح صار نسياً منسياً؛ إذ اندرست تلك المقالات، وانقرض أولئك الأشخاص.

    ثم يقال للدكتور حاتم: ومَن هؤلاء الغلاة الكثيرون من أتباعها حتى جعلتَهم قسيماً للغلاة عنها؟!

    وثالثة الأثافي عندما يتأوّل الشريفُ العصمةَ بتأويل متكلف مستكره؛ إذ يتفوّه قائلاً: "إن كان لا يقبل تَخطيء الذي يعظمه فقد وصل حدّ ادعاء العصمة"!

    وإن كان الخصوم الأوائل قد اتّهموا الشيخ الإمام بادّعاء النبوية بلسان الحال، فليُحذر من محاكاتهم بادّعاء العصمة بلسان الحال و"المآل"!

    وأما دعوى الخطأ في تقرير المسائل، فكان على الدكتور حاتم أن يبيّن ذلك دون هذا الكلام المجمل العائم، فكم هي هذه الأخطاء على حدّ دعواه؟ وما نوعها؟ وما حجمها؟ والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث، وكفى المرء نبلاً أن تعدّ معايبه.

    وأما الأخطاء في الممارسات العملية، فلا يكاد يسلم منها أحد مادام بشراً ، فلا موجب للتعريض أو الشغب على الدعوة بنحو هذا.

    كان على الشريف أن يسعه ما وسع "أهل الإنصاف" من أمثال أ.د. محمد محمد حسين – رحمه الله – إذ يقول – عن هذه الدعوة المباركة-: "ما من دعوة إلا وقد ابتليت بمن يسيء فهمها وتطبيقها، والإسلام نفسه لا يخلو من ذلك، ولكن لا نحكم على الإسلام بسوء فهم بعض المسلمين أو سوء تصرفهم.

    أما لبّ الدعوة وحقيقتها فهي ثابتة واضحة فيما تركه صاحب الدعوة من كتب ومن رسائل، وهذه الكتب والرسائل هي التي يحتكم إليها ولا يحتكم إلى سواها في معرفة حقيقة الدعوة مجردة من المبالغات ومن ردود الأفعال"(5).

    ومن العجب أن يُطالب الدكتور حاتم –وهو من أهل الشورى– بتدريس أخطاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب؟! ومتى كان تدريس "الزلات" مسلكاً رشيداً وطريقاً سديداً؟!

    وأما مسألة تسلسل الحوادث والقول بفناء النار، فليستا مجرد رأي لابن تيمية كما يُفهم من كلام الدكتور حاتم، فالقول بدوام جنس الحوادث هو قول السلف الصالح، وقد دلّ عليه النقل والعقل كما هو مبسوط في موضعه، وأما القول بفناء النار -أعاذنا الله منها- فهو قول معتبر له حظه من الأثر والنظر، وقال به صحابة كرام وأئمة أعلام قبل أن يخلق ابن تيمية بمئات السنين! مع أن نسبته إلى ابن تيمية محل بحث ونظر؛ إذ قرر في المنهاج -وغيره- أن النار لا تفنى ولا تبيد.. وليس هذا موضع تفصيل هاتين المسألتين، والمقصود أن يتجنب التعجل والاندفاع، لا سيما وأن الكاتب قد طالب "بالإنصاف والنقد العلمي البناء"، والعلم إما نقل مصدّق، وإما قول محقق.

    والنظرة الموضوعية لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- لا تتحقق إلا بعلم وعدل، والانعتاق من ردود الأفعال والمقررات السابقة، ومجانبة التوتر والانفعال، والانفكاك من أَسْر الأحداث التاريخية وتبعاتها وركام الممارسات العملية وتداعياتها والتي وقعتْ في أرض الحجاز ونحوها، كما يتعيّن مجاوزة الإقليمية الضيّقة.. حجازيون "وشروق"! فعلماء الحجاز من أمثال الشيخ محمد حياة سندي -رحمه الله- ونحوه لهم الفضل والسبق في هذه الدعوة السلفية الإصلاحية، وللشيخ محمد بن عبدالوهاب الظهور والانتشار.

    يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب (الأزهري) -رحمه الله- عن جده الشيخ محمد: "وسمع الحديثَ عن أشياخ الحرمين في وقته، وأجازه الكثير منهم، ومن أعلامهم محدِّث الحرمين الشيخ محمد حياة السندي، وكان له أكبر الأثر في توجيهه إلى إخلاص توحيد عبادة الله، والتخلص من رق التقليد الأعمى والاشتغال بالكتاب والسنة"(6).

    وأخيراً كان على الدكتور حاتم أن يتسع صدره لهذه الدعوة السلفية -وهو من أهلها ودعاتها- وأن ينظر إليها بعلم وعدل، كما اتسع صدره لأهل البدع في رسالة "التعامل مع المبتدع"، فأفرط في الرحمة والملاينة، فجزم أن "البدعة وحدها لا تستوجب عقوبة صاحبها مطلقاً"(7)، "وأن أهل البدع مقبولو الشهادة والرواية"(8)، "وأن المبتدع لا يفسّق بمجرد البدعة"(9)، "والبدعة لا تنافي الاتصاف بالإيمان ومتين الديانة وعظم الورع"(10)... إلى آخر كلامه وما فيه من المغالطة والتخليط.

    وأحسب أن للشيخ حاتم من العلم والديانة والدعوة ما يجعله أوّاباً للحق رحيماً بأهل السنة قبل أهل القبلة، وبالله التوفيق.



    ________________

    (1) القائل: محمد بن فيروز، كما في مطلع مخطوط الصواعق والرعود، لعبد الله بن داود الزبيري.

    (2) المراد بالشيخ: عبد الوهاب بن سليمان – والد الشيخ محمد – رحمهم الله-.

    (3) المراد بالشيخ: عبد الوهاب بن سليمان – والد الشيخ محمد – رحمهم الله-.

    (4) انظر: دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب عرض ونقض للكاتب.

    (5) بحث محمد بن عبد الوهاب بين التأييد والمعارضة ص3.

    (6) مصباح الظلام ص139.

    (7) التعامل مع المبتدع ص13.

    (8) التعامل مع المبتدع ص14.

    (9) التعامل مع المبتدع ص38.

    (10) التعامل مع المبتدع ص61.

    ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــ

    * عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: إبداعات ( بدع ) موقع الأشاعرة اليوم

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة من صاحب النقب مشاهدة المشاركة
    و نصيحتي لمن يقوم بهذا العبث أن يتوقف عنه قبل أن يكون مصيره مصير إمامه في شارع الملكة نازلي و لن ينفعه عند الله أن يسمى بعد أن يودع الإمام الشهيد و لم يحكم صالون حلاقة فضلاً عن خلافة
    في زمننا هذا، ونحن نمر بأحلك مراحل الهزيمة.. في زمننا هذا، وفلسطين تحت احتلال شرار الخلق، والقدس لا منجد لها، والنقب لا صاحب له ولا مغيث.. أرجو من "صاحب النقب" أن يشرح لي الفقرة التي اقتبستها من كلامه..
    مَن هو المقصود تحديدا؟ وما هي جنايته؟ وما هو العبث الذي ثبت عنه؟ وهل مصيره ممّا يعاب عليه المؤمن؟
    والله المستعان...

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    الدولة
    مسافر في بحار اليقين ... حتى يأتيني اليقين ؟!
    المشاركات
    1,121

    افتراضي رد: إبداعات ( بدع ) موقع الأشاعرة اليوم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة من صاحب النقب مشاهدة المشاركة
    لما اكتشفوا أن مذهب السلف لا يوحد الأمة إلا على كلمة التوحيد و هذا يصعب عليهم
    هذا أكبر وهم عن مذهب السلف .. !!
    و هو بالتالي أكبر عامل تفريق للأمة اليوم باسم السلف ... !!
    و العجيب أن خطأه ظااااهر جدا جدا جدا لمن عرف قصص الأنبياء السابقين ... ثم سيرة رسول الله صلى الله عليه و سلم ... نعم السيرة نفسها يا سادة و بأبسط مشاهداتها تكذب هذا الفهم العجيب ..؟؟ !!
    و اقرأ الرسائل الشمولية للحميدي ...
    ثم ارجع إلى نفسك و دقق في الفروق بين الدعوة لما تراه صحيحا و بين شيء آخر لا علاقة له بالسلفية كمعتقد و هو تكوين الجماعة المسلمة ...
    ستقول السلفية كمنهج ؟؟!!
    و ما دخل المنهج بهذا الوهم .. ؟؟
    لقد أدخلتم كثيرا من الفقهيات في السلفية كمنهج و عقيدة ..؟!
    الحديث و الله يطول جدا !!

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,018

    افتراضي رد: إبداعات ( بدع ) موقع الأشاعرة اليوم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواحدي مشاهدة المشاركة

    مَن هو المقصود تحديدا؟ وما هي جنايته؟ وما هو العبث الذي ثبت عنه؟ وهل مصيره ممّا يعاب عليه المؤمن؟ والله المستعان
    جزاك الله خيراً على المشاركة مع أنها خارج الموضوع الأصلي

    1- هم يعرفون أئمتهم
    2- لم أصفه بجناية
    3- العبث المراد هي الأمثلة التي نشرت هنا و نحوها فقط
    4- لم أتعرض لعيب مصيره أو مدحه و لكني أقول أن من شابهه في دعوتة فقد يشابهه في مصيره

    ثم اعلم أخي الفاضل أن النصر لا يأتي بالتخفيضات في العقيدة لتجميع أكبر عدد ممكن من الرعاع في الصف

    حتى فلاسفة الحرب الملحدين يعتبرون الأيدلوجية التي هي العقيدة أهم من الاستراتيجية و التكتيك فلا يستخدمون إستراتيجيات و تكتيكات في الحرب تخل بأيدلوجية الجماعة و تسبب الاختراق و هذا من أسباب الهزيمة و ليس من أسباب النصر حتى عند الثوار الشيوعيين

    لذا يرى الفقهاء منع المخذل من الجهاد مع أن ذلك يتسبب في تقليل عدد المجاهدين لكن ذهابه خير من بقائه لأنه يضعف من عقيدة المجاهدين

    قال تعالى : " لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47) [التوبة : 47]

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    الدولة
    مسافر في بحار اليقين ... حتى يأتيني اليقين ؟!
    المشاركات
    1,121

    افتراضي رد: إبداعات ( بدع ) موقع الأشاعرة اليوم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة من صاحب النقب مشاهدة المشاركة
    فكيف تكون السلفية لا علاقة لها بتكوين الجماعة المسلمة ؟ فأحكام العقيدة بعضها في السنة و بعضها في الجماعة
    و هذا وهم آخر سيدي ... و هو عكس الحقيقة تماما ؟؟!
    ذلك أن الذي يهوّن من أمر الجماعة في تماسكها بين مختلف مشاربها هو الذي يخالف منهج السلف ... و مرة أخرى أرجو أن تعود للسيرة المطهرة و الأحكام الفقهية المتعلقة بهذا ... بارك الله فيكم .

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: إبداعات ( بدع ) موقع الأشاعرة اليوم

    "ذلك أن الذي يهوّن من أمر الجماعة في تماسكها بين مختلف مشاربها هو الذي يخالف منهج السلف"
    قلت وهل "مختلف المشارب" هذه يدخل فيها عندك من بلغ بهم الضلال أن أشركوا بالله وعبدوا القبور والأئمة الاثناعشر ومن جعلوا دينهم فلسفة اليونان رأسا؟؟؟ اذا فقدم دليلك على أن الصحابة والسلف كانوا لا يعنيهم وجود هذا القدر الفاحش من الخلاف بين صفوفهم!!!! وما أسهل أن تقول لمخالفك "راجع سيرة الصحابة لترى أنك مخطئ"! هذه ليست حجة يا سيدنا، وقد نبهتك الى هذا من قبل، البينة عليك أنت في دعواك تخطئة مخالفك، فقدم الدليل هنا ان كنت تعرف اليه سبيلا!!
    نحن لا نهون من أمر الجماعة والتماسك يا خلوصي هداك الله، ولكننا نقول وبكل بساطة أنه لن ترجع الأمة الى سابق عهدها من العزة والقوة والوحدة الصحيحة، وحدة القلوب قبل الأبدان، - وهو مصداق قول الامام مالك رحمه الله: لن يصلح آخر هذه الأمة الا بما صلح به أولها - الا اذا اجمتعت على مثل ما اجتمع عليه صحابة النبي عليه السلام، ورأس ذلك ولا شك، أصول العقيدة وثوابتها الكبرى التي تلا تقبل الخلاف، في الله وفي الغيب وفي غير ذلك!!
    تقول سيرة الصحابة، فراجع اذا موقف الصحابة من الخوارج كيف كان؟ وموقفهم من السبأية والذين ألهوا عليا رضي الله عنه، كيف كان؟؟ وكل هؤلاء كانوا ينتسبون الى الاسلام، وحاربهم الصحابة على الدين، بغض النظر حكموا بكفرهم أم لا!!
    بل ماذا كان سبب الفتنة التي وقعت في رأس تاريخ المسلمين أصلا بين طائفتين من الصحابة الأطهار رضي الله عنهم جميعا؟ ألم يكن الخلاف في قضية شرعية؟ فهل نطرد كلامك هذا، فنتهم به هؤلاء الصحابة على ذلك بمثل ما تتهم أنت به اخوانك هنا، من أنهم يقدمون أمر التوحيد و "المسائل الفقهية" ويؤخرون أمر الجماعة والوحدة و... ؟؟؟ كلا بل اجتهدوا اجتهادا شرعيا وقدموا الأولى فالأولى، فمنهم من أصاب وله أجران ومنهم من كان من أهل الأجر الواحد .. ومنهم من بغى وأسرف فمات مغفورا له، رضي الله عن الجميع!
    الجماعة جماعة دين يا خلوصي ورأس الدين العقيدة! وهكذا كانت دعوة سائر الأنبياء والمرسلين وأتباعهم!
    فيا أخي لا الدين ولا العقل ولا الفطرة المستقيمة تقبل دعوى الداعين بأن الأمة قد تتوحد وقلوبها مشتتة بين نحل متناحرة في أصول التوحيد، يطمح امام كل بدعة فيها أن تكون له ولأتباعه السطوة والتمكين فيها!!
    فعن أي سيرة للصحابة تتحدث، هداك الله ؟؟
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,018

    افتراضي رد: إبداعات ( بدع ) موقع الأشاعرة اليوم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خلوصي مشاهدة المشاركة
    و هذا وهم آخر سيدي ... و هو عكس الحقيقة تماما ؟؟!
    ذلك أن الذي يهوّن من أمر الجماعة في تماسكها بين مختلف مشاربها هو الذي يخالف منهج السلف ... و مرة أخرى أرجو أن تعود للسيرة المطهرة و الأحكام الفقهية المتعلقة بهذا ... بارك الله فيكم .
    الأخ خلوصي جزاك الله خيراً

    1- في ما يسمى العملية السياسية في هذا العصر ليس لخطر الوحيد على الجماعة هو الإنشقاق !كذلك الإختراق خطر !
    2- كفتا الميزان متساوية في الإيمان عند أهل السنة و الجماعة و من مالت الكفة به لمذهب الخوارج انشق و من مالت به لمذهب مرجئة المتكلمين اخترق
    3- الذي يسعى لمنع الاختراق ( مثلي في هذا الموضوع ) ليس بالضرورة من أهل الإنشقاق بل ربما يكون من أهل التوسط مكافحي الإنشقاق و الإختراق معاً و الذي يسعى لمنع الانشقاق ( مثلك في هذا الموضوع ) ليس بالضرورة من أهل الاختراق بل ربما يكون من أهل التوسط مكافحي الاختراق و الانشقاق
    4- إذا كنت حريصاً على عدم الانشقاق في جماعة المسلمين فيجب أن تكون كذلك حريصاً على عدم اختراق جماعة المسلمين من العدو

    وفقنا الله و إياك

  20. #20

    افتراضي رد: التحذير من نشر المذهب الأشعري في بعض المواقع الإسلامية.

    صاحب النقب صار مثلا للإخلاص ونكران الذات فكنه صفة كما انتحلته لقبا ،وأخبرنا ما ردك على ما جاء في كلام "هؤلاء"مما نسبوه الى ابن تيمية وغيره .ارجو أن يكون ردك في مستوى "صاحب النقب" يا صاحب "النقب"

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •