اضافة>>>>>>>>>
يمكن الاستفادة من رسالة ماجستير في قسم الدعوةجامعة الامام بالرياض
بعنوان <<< نصوص الهجر في القران والسنة دراسة دعوية>>>
اضافة>>>>>>>>>
يمكن الاستفادة من رسالة ماجستير في قسم الدعوةجامعة الامام بالرياض
بعنوان <<< نصوص الهجر في القران والسنة دراسة دعوية>>>
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله [ كما في مجموع الفتاوى 3/227-229]: ((والناس يعلمون أنه كان بين الحنبلية والأشعرية وحشة ومنافرة، وأنا كنت من أعظم الناس تأليفاً لقلوب المسلمين، وطلبًا لاتفاق كلمتهم، واتباعاً لما أمرنا به من الاعتصام بحبل الله، وأزلت عامة ما كان فى النفوس من الوحشة، وبيَّنت لهم أن الأشعرى كان من أجلِّ المتكلمين المنتسبين إلى الإمام أحمد -رحمه الله- ونحوه المنتصرين لطريقه؛ كما يذكر الأشعرى ذلك فى كتبه.
وكما قال أبو اسحاق الشيرازي: إنما نفقت الأشعرية عند الناس بانتسابهم الى الحنابلة.
وكان أئمة الحنابلة المتقدمين - كأبى بكر عبد العزيز وأبى الحسن التميمى ونحوهما -يذكرون كلامه فى كتبهم ؛ بل كان عند متقدميهم - كابن عقيل عند المتأخرين - لكن ابن عقيل له اختصاص بمعرفة الفقة وأصوله.
وأما الأشعرى فهو أقرب الى أصول أحمد من ابن عقيل واتبع لها؛ فإنَّه كلما كان عهد الانسان بالسَّلف أقرب كان أعلم بالمعقول والمنقول.
وكنت أقرِّر هذا للحنبليَّة، وأبيِّن أن الأشعرى وإن كان من تلامذة المعتزلة ثم تاب -فإنَّه تلميذ الجبائي- ومال الى طريقة ابن كلاب ، وأخذ عن زكريا الساجى أصول الحديث بالبصرة، ثم لمَّا قدم بغداد أخذ عن حنبليَّة بغداد أمورًا أخرى، وذلك آخر أمره كما ذكره هو وأصحابه فى كتبهم.
وكذلك ابن عقيل كان تلميذ ابن الوليد وابن التبَّان المعتزليين، ثم تاب من ذلك، وتوبته مشهورة بحضرة الشريف أبي جعفر.
وكما أنَّ في أصحاب أحمد من يبغض ابن عقيل ويذمُّه، فالذين يذمُّون الأشعرى ليسوا مختصِّين بأصحاب أحمد؛ بل فى جميع الطوائف من هو كذلك.
ولما أظهرت كلام الأشعري ورآه الحنبلية قالوا: هذا خير من كلام الشيخ الموفَّق، وفرح المسلمون باتِّفاق الكلمة.
وأظهرت ما ذكره ابن عساكر فى مناقبه: أنَّه لم تزل الحنابلة والأشاعرة متَّفقين الى زمن القشيري فإنَّه لما جرت تلك الفتنة ببغداد تفرَّقت الكلمة، ومعلومٌ أنَّ في جميع الطَّوائف من هو زائغ ومستقيم)).
بارك الله فيكم ألف مرة ....
آمين.. وجزاك خيرًا.
وقال الشيخ الإمام ابن تيميَّة رحمه الله أيضًا في المنهاج (5/235-255): «وقد أمر الله بالصَّلاة على من يموت، وكان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يستغفر للمنافقين، حتى نُهِي عن ذلك، فكلُّ مسلمٍ لم يُعْلَم أنَّه منافقٌ جاز الاستغفار له والصَّلاة عليه، وإن كان فيه بدعة أو فسق، لكن لا يجب على كُلِّ أحدٍ أن يصلِّي عليه.
وإذا كان في ترك الصَّلاة على الدَّاعي إلى البِدْعة والمظهر للفجور مصلحة من جهة انزجار النَّاس فالكَفُّ عن الصَّلاة كان مشروعًا لمن كان يؤثر ترك صلاته في الزَّجر، بأنْ لا يصلِّي عليه كما قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فيمن قَتَل نفْسَه: «صلُّوا على صاحبكم»...
واعلم أنَّه لا منافاة بين عقوبة الإنسان في الدُّنيا على ذنبه، وبين الصَّلاة عليه والاستغفار له؛ فإنَّ الزَّاني والسَّارق والشَّارب وغيرهم من العُصَاة تقام عليهم الحُدُود ومع هذا فيُحْسَن إليهم بالدُّعاء لهم في دينهم ودنياهم؛ فإنَّ العقوبات الشَّرعية إنَّما شُرِعَت رحمةً من الله بعباده، فهي صادرةٌ عن رحمة الله وإرادة الإحسان إليهم.
ولهذا ينبغي لمن يعاقب النَّاس على الذُّنوب أنْ يقصد بذلك الإحسان إليهم، والرحمة لهم، كما يقصد الوالد تأديب ولده، وكما يقصد الطَّبيب معالجة المريض...
وهكذا الرَّدُّ على أهل البِدَع من الرافضة وغيرهم إنْ لم يقصد فيه بيان الحق وهدى الخلق ورحمتهم والإحسان إليهم لم يكن عملُهُ صالحًا.
وإذا غلَّظ في ذمِّ بدعةٍ ومعصيةٍ كان قصده بيان ما فيها من الفَسَاد ليحذرها العباد، كما في نصوص الوعيد وغيرها.
وقد يهجر الرجلَ عقوبةً وتعزيرًا، والمقصود بذلك ردْعُه وردع أمثاله، للرَّحمة والإحسان، لا للتشفِّي والانتقام؛ كما هجر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابه الثَّلاثة الذي خُلِّفُوا، لما جاء المتخلِّفُون عن الغزاة يعتذرون ويحلفون وكانوا يكذبون، وهؤلاء الثلاثة صَدَقوا وعُوْقِبُوا بالهجر، ثُمَّ تاب الله عليهم ببركة الصِّدق..
وهكذا يصيب أصحاب المقالات المختلفة إذا كان كُلٌّ منهم يعتقد أنَّ الحق معه، وأنَّه على السُّنَّة؛ فإنَّ أكثرهم قد صار لهم في ذلك هوىً، أن ينتصر جاههم أو رياستهم وما نسب إليهم، لا يقصدون أن تكون كلمة الله هي العليا، وأن يكون الدِّين كلُّه لله، بل يغضبون على من خالفهم، وإن كان مجتهدًا معذورًا، لا يغضب الله عليه، ويرضون عمَّن يوافقهم وإن كان جاهلًا سيء القصد، ليس له علمٌ، ولا حُسْن قصدٍ، فيفضي هذا إلى أن يحمدوا من لم يحمده الله ورسوله، ويذمُّوا من لم يذمه الله ورسوله، وتصير موالاتهم ومعاداتهم على أهواء أنفسهم، لا على دين الله ورسوله.
وهذا حال الكفَّار الذين لا يطلبون إلَّا أهواءهم، ويقولون: هذا صديقنا، وهذا عدونا، وبلغة المَغُل: هذا بال، هذا باغي، لا ينظرون إلى موالاة الله ورسوله، ومعاداة الله ورسوله،
ومن هنا تنشأ الفِتَن بين النَّاس، قال الله تعالى: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كُلُّه لله)، فإذا لم يكن الدين كله لله كانت فتنة..».
الأخ الشيخ عدنان البخاري ؛ بارك الله فيك على هذا الطرح العلمي المتميز ، فما أحوج الكثيرين إليه في هذا الزمان .
و الله المستعان
آمين.. وجزاك الله خيرًا..
وقال الإمام ابن تيمية رحمه الله في درء التَّعارض (7/168-169): «.. وأمَّا المناظرة المذمومة من العالِـم بالحقِّ فأنْ يكون قصدُهُ مجرَّد الظُّلم والعُدْوان لمن يناظِرُه، ومجرَّد إظهار علْمِه وبيانِه؛ لإرادة العُلُوِّ في الأرض.
فإذا أراد علوًّا في الأرض أو فسادًا كان مذمومًا على إرادته، ثُمَّ قد يكون من الفُجَّار الذين يؤيِّدُ الله بهم الدِّين، كما قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم : «إنَّ الله يؤيِّدُ هذا الدِّين بالرَّجل الفاجِر».
فكما قد يجاهد الكُفَّار فاجِرٌ، فينتفع المسلمون بجِهَاده فقد يجادلهم فاجِرٌ، فينتفع المسلمون بجدالِهِ، لكن هذا يضرُّ نفْسَه بسوء قصده، وربَّما أوقعه ذلك في أنواعٍ من الكذب والبِدْعة والظُّلم؛ فيجرُّه إلى أمورٍ أخرى..».
أشكر الأخ عدنان والاخوة المشاركين في الموضوع المهم والحقيقة كم تفرقت القلوب وتناكرت بين طلاب العلم بحجة تطبيق الولاء والبراء على بعضهم دون التفريق بين ما يستحق ان يُهجر عليه الشخص وغيره ومن غير مراعاة للمصلحة ، بل والله إن رأى بعض هؤلاء من محبيهم والوقوع في مثل ما انتقدوه اعتذروا له فنحى بالهجر منحى غير ما شرع له فصار كما قال الشاعر :
وعين الرضى عن كل عين كليلة ولكن عين السخط تبدي المساوي
ولا شك أن الهجر يتقرب به الى الله تعالى فهو عبادة ولكن هو مقصودٌ لغيره لا لذاته فاليُتأمل
لجلال الدين السيوطي رسالة في هذا الشأن سماها:
الزجر بالهجر
من منهج السلف: طرد المبتدعين عن صفوف المتعلمين بل من المجتمع كله للشيخ محمد بن صالح العثيمين
اضغط على الرابط للتفصيل
قال الحاكم النيسابوري – رحمه الله- :" سمعت الشيخ أبا بكر أحمد بن إسحق بن أيوب الفقيه – و هو يناظر رجلاً – فقال الشيخ أبو بكر : حدثنا فلان , فقال له الرجل : دعنا مِن حدثنا ! إلى متى حدثنا ؟ فقال الشيخ له : قم يا كافر , فلا يحل لك أن تدخل داري بعد هذا أبداً ,
ثم التفت إلينا و قال : ما قلت لأحد قط لا تدخل داري إلا هذا "
( معرفة علوم الحديث ص 4 )
و قال مسهر : قدم أبو إسحق الفزاري دمشق , فاجتمع الناس يسمعون منه , فقال : أُخرج إلى الناس فقل لهم : مَن كان يرى القدر فلا يحضر مجلسنا , و مَن كان يرى رأي فلان فلا يحضر مجلسنا , فخرجت فأخبرتهم "
( سير أعلام النبلاء 8/542,541)
قال أبو عاصم النبيل – رحمه الله - :" لا أحب أن يحضر مجلسي مبتدع ولا طعّان , و لا لعّان , و لا فاحش , ولا بذيء , و لا منحرف عن الشافعي و لا عن أصحاب الحديث "
( تاريخ ابن عساكر 1 / 418)
قال ابن جماعة الكناني – رحمه الله – بعد ما ذكر مراقبة أحوال الطلبة مِمَّن صدر منه ما لا يليق بأخلاق و آداب الطالب قال : فإنْ لم ينتهِ
فلا بأس بطرده و الإعراض عنه إلى أن يرجع و لا سيّما إذا خاف على بعض رفقائه و أصحابه مِن الطلبة و موافقته .
( تذكرة السامع و المتكلم ص 66 )
و قال – رحمه الله- :" و إن أساء أحد أدبه على الشيخ , تعيّن على الجماعة انتهاره و ردّه و الانتصار للشيخ بقدر الإمكان و فاءً لحقه ,
و لا يشارك أحد من الجماعة أحداً في حديثه و لا سيّما الشيخ "
( المصدر نفسه ص 142 , 143 )
الأمر فيه تفصيل، يدركه المتعامل به، ومن ذلك مشرف منتدى ما، فإنه يدرك المصلحة أين تكمن.
ولو قرأت كلام الأئمة المنقول لأدركت تفصيل ما أشير إليه.
ليتكم تعطوننا مثالا في تطبيق هذه المعادلة !!
يعني مبتدع حاله كحال الجفري!!، أو أصغر منه ما في إشكال!
هل الأصل هجره؟ ويترك الهجر استثناءا لمصلحة مترتبة أو مفسدة؟؟
أم إن الهجر استثنائي منوط بالمصلحة والمفسدة؟؟
وأخيرا: فما هو المقياس أو قل إن شئت الضابط الذي نضبط به المسألة بحيث يقال
بأن المصلحة ترجح عندي عدم هجر فلان؟؟
ثم ما هي المصلحة المعتبرة في هذه القضية؟ أهي المصلحة الشرعية المبنية على التزام النصوص الشرعية في المعاملات؟؟ أم ماذا؟
وبوركتم....!
الأخ الكريم .. السخاوي..
ما أفضتَ بنقله من كلام السلف وحُذف هو خارج محل النِّزاع! وهو تطويل مفضٍ إلى تضييع وقت الإخوة فيما لا جدال فيه.
فكلُّ ما نقلتَه آثار سلفيَّة عن الأئمَّة في هجر أهل البدع وطردهم من المجالس ونحو ذلك = ممَّا لا خلاف فيه بيننا حتى تشغل نفسك وغيرك بنقله.
وبإمكانك العزو إلى المصادر الكثيرة التي أفاضت في ذكر آثار السَّلف وفتاوى أهل العلم سلفًا وخلفًا في زجر أهل المعاصي وهجرهم لاستصلاحهم، ككتب السنة والاعتقاد وغيرها، وهي مما يعرفها صغار طلاب العلم وأهل السنة.
محل الحوار والتعقل للنصوص ليس في مشروعيَّة طرد أهل البدع والمعاصي وهجرهم؛ بل في تحقيق مناط ذلك، وهل هو مطلقٌ؟ أو فيه تفصيل؟ وهل العلَّة في الهجر تعبدية لا يعقل معناه، فنهجر دون نظر إلى مصلحة الهجر أومفسدته لمن أردنا استصلاحه أوغيره..
وحبَّذا لو تفرَّغ الإخوة الذين قرأوا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وابن عثيمين والألباني وابن باز (وكلهم يقول بالهجر لكن لا على إطلاقه) وأبطلوا أوناقشوا ما ذكروه من بيان ما بنيت عليه موضوعي هذا، بدل نسخ كلام السلف ولصقه ههنا وضرب كلام بعضهم ببعض؟! وتطويل الموضوع بلا مسوغٍ! أوالتكثر من المواضيع الدالة على الهجر! والتي لا خلاف فيها بيننا.
الهجر وتركه أصل شرعيٌّ، يعمل بأحدهما بحسب ما يكون مصلحةً للمهجور أو من قد يفتن به من المجالِس والمصاحِب والمزاوِر (لا الناصح الداعي له)، وقد تقدَّم من كلام الأئمَّة ما يكفي لمن أراد معرفة الحق وطلبه.
وطالب الحق ينظر وينقل ما يناسب هواه وما لا يناسبه، ويناقش الأدلة والحجج التي يرى أنها تبطل ما يذهب إليه، لا أن يكرر ويردد ما نشأ عليه أوتعلمه من بعض من يتبعه.
السؤال: بارك الله فيكم من الجزائر السائل محمد أ. أ. يقول فضيلة الشيخ أنا مسلم وأحمد الله على ذلك متبع لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولكن لي زملاء عندهم بعض البدع فهل لي أن أتركهم وأهجرهم أفيدوني وانصحوني مأجورين؟
الجواب
الشيخ: الواجب على من كان له قرناء فيهم بدعة أن ينصحهم ويبين لهم أن ما هم عليه بدعة لعل الله أن يهديهم على يديه حتى ينال أجرهم فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام لعلي بن أبي طالب لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم فإن أصروا على ما هم عليه من البدعة فإن كانت البدعة مكفرة وجب عليه هجرهم والبعد عنهم وإن لم تكن مكفرة فلينظر هل في هجرهم مصلحة إن كان في هجرهم مصلحة هجرهم وإن لم يكن في هجرهم مصلحة فلا يهجرهم وذلك لأن الهجر دواء إن كان يرجى نفعه فليفعل وإن لم يرجى نفعه فلا يفعل لأن الأصل أن هجر المؤمن محرم والعاصي من المؤمنين لا يرتفع عنه اسم الإيمان فيكون هجره في الأصل محرما لكن إذا كان في هجره مصلحة لكونه يستقيم ويدع ما يوجب فسقه فإنه يهجر وإلا فلا هذا هو الضابط في الهجر الذي تجتمع فيه الأدلة وخلاصته أن هجر الكافر المرتد واجب إذا لم يفد فيه النصيحة هجر الفاسق ليس بجائز إلا إذا كان في هجره مصلحة ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لا يحل لأحدٍ أن يهجر أخاه المؤمن يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام إلا إذا كان في هجره مصلحة فيهجر كما فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في كعب بن مالك وصاحبيه حين تخلفوا عن غزوة تبوك نعم.
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_1234.shtml
الشيخ الهمام أبو الفداء...
أحسنت وأجدت... حفظك الله ورفع شأنك.
سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى : عن حكم هجر المسلم؟
فأجاب فضيلته:هجر المسلم في الأصل حرام، بل من كبائر الذنوب إذا زاد على ثلاثة أيام، فقد صح عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال:« لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة، يلتقيان، فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام» . متفق عليه.
وروى أبو داود والنسائي بإسناده قال المنذري : إنه على شرط البخاري وسلم: « فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار» .
ومن المعلوم أن المسلم لا يخرج عن الإسلام بالمعاصي وإن عظمت، ما لم تكن كفرا، وعلى هذا فلا يحل هجر أصحاب المعاصي، إلا أن يكون في هجرهم مصلحة بإقلاعهم عنها، وردع غيرهم عنها؛ لأن المسلم العاصي ولو كانت معصيته كبيرة أخ لك؛ فيدخل في قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث..."
ومن الأدلة على أن العاصي أخ للمطيع، وإن عظمت معصيته قوله تعالى فيمن قتل مؤمنا عمدا: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } . فجعل الله القاتل عمدا أخا للمقتول، مع أن القتل -قتل المؤمن عمدا- من أعظم الكبائر، وقوله تعالى في الطائفتين المقتتلتين من المؤمنين: { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}, إلى قوله: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} . فلم يخرج الله الطائفتين المقتتلتين من الإيمان، ولا من الأخوة الإيمانية.
فإن كان في الهجر مصلحة، أو زوال مفسدة، بحيث يكون رادعا لغيرالعاصي عن المعصية أو موجبا، لإقلاع العاصي عن معصيته كان الهجر حينئذ جائزا، بل مطلوبا طلبا لازما، أو مرغبا فيه، حسب عظم المعصية التي هجر من أجلها، ودليل ذلك قصة كعب بن مالك وصاحبيه -رضي الله عنهم- وهم الثلاثة الذين خلفوا؛ فقد أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهجرهم، ونهى عن تكليمهم، فاجتنبهم الناس، حتى إن كعبا -رضي الله عنه-دخل على ابن عمه أبي قتادة -رضي الله عنه- وهو أحب الناس إليه، فسلم عليه فلم يرد عليه السلام، فصار بهذا الهجر من المصلحة العظيمة لهؤلاء الثلاثة من الرجوع إلى الله -عز وجل-، والتوبة النصوح والابتلاء العظيم، ولغيرهم من المسلمين ما ترجحت به مصلحة الهجر على مصلحة الوصل.
أما اليوم، فإن كثيرا من أهل المعاصي لا يزيدهم الهجر إلا مكابرة وتماديا في معصيتهم، ونفورا وتنفيرا عن أهل العلم والإيمان؛ فلا يكون في هجرهم فائدة لهم ولا لغيرهم.
وعلى هذا فنقول: إن الهجر دواء يستعمل حيث كان فيه الشفاء، وأما إذا لم يكن فيه شفاء أو كان فيه إشفاء، وهو الهلاك فلا يستعمل.
فأحوال الهجر ثلاث:
إما أن تترجح مصلحته فيكون مطلوبا.
وإما أن تترجح مفسدته فينهى عنه بلا شك.
وإما أن لا يترجح هذا ولا هذا، فالأقرب النهي عنه؛ لعموم قول النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة » .
أما الكفار المرتدون فيجب هجرهم والبعد عنهم، وأن لا يجالسوا ولا يواكلوا، إذا قام الإنسان بنصحهم ودعوتهم إلى الرجوع إلى الإسلام فأبوا،وذلك لأن المرتد لا يقر على ردته، بل يدعى إلى الرجوع إلى ما خرج منه، فإن أبى وجب قتله، وإذا قتل على ردته، فإنه لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يدفن مع المسلمين، وإنما يرمى بثيابه، ورجس دمه في حفرة بعيدا عن المقابر الإسلامية في مكان غير مملوك.
وأما الكفار غير المرتدين فلهم حق القرابة إن كانوا من ذوي القربى، كما قال تعالى:{ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ } ، وقال في الأبوين الكافرين المشركين: { وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ } .
مجموع فتاوى الشيخ / رقم السؤال 358. وفي نفس السؤال سئل عن المولاة والمعاداة لكني نقلت فقط ما يخص موضوع هجر المسلم.