السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انتقلت إلى رحمة الله عز وجل أختنا الأستاذة الفاضلة : يمان علي الطنطاوي ابنة الشيخ الفاضل علي الطنطاوي وزوجة الشيخ نادر حتاحت ،عن عمر 53عاما ،
وكانت السيدة أ . يمان تعمل محاضرا في قسم الدراسات الإسلامية بجدة ، تخصص الفقه ،
كانت تدرس من مواد القسم العبادات والأحوال الشخصية ،ومن المواد العامة الثقافات الإسلامية بجميع مستوياتها .كنت أرى فيها مصحفا يمشي على الأرض ، في كل حركاتها وسكناتها تربط عملها بالكتاب والسنة ،
لقد كانت أختنا يمان شريان وروح القسم ، ليس لها شاغل في حياتها ولا هم إلا هم إصلاح أمر المسلمين ، فهي لا تتحدث سوى عن الترية والسلوكيات والقيم الإسلامية المفقودة بيننا ، وهي لا تندب الواقع بل تعطيك تفاؤلا أن الحياة قابلة للتعديل بشرط أن نبدأ بتعديل أنفسنا .
لقد كان ليمان مشروع تود تحقيقه وهو أن ننطلق كلنا أستاذات وطالبات بتعزيز وإيقاظ مفهوم الأمانة التي حملنا الله إياها والذي من خلاله سيؤدي الطالب والمعلم دورهم على أكمل وجه .
كان آخر لقاء بيننا يوم الأحد الماضي عندما كنا في اجتماع القسم وفي الوقت الذي كنا نتحدث عن أمور القسم واختلط الكلام الجانبي تحدثت رحمها الله قائلة: اسمعوني يا أخواتي ،اسمعوني من فضلكم ،لأن الأمر ديني وليس دنيوي أمر لله عز وجل نقدمه ، أتذكرون في نهاية العام الماضي عندما كان نقاشا بيننا حول تنمية الإحساس بالأمانة ، إنني أريد أن أذكركن من أول أسبوع باتفاقنا السابق ، وأما كيفية ذلك فسيكون بيننا لقاءات نتذاكر فيها ....
ثم انتقل العضوات للحديث عن احتياج بعض العاملات فكانت يمان أول من أخرج ورقة من فئة 500 ودفعتها وهي تمازحهم : يا أختي ابدئي الجمع قبل أن لا تريها بعد ذلك مني .
حاولت يوم الأثنين الجلوس معها ،ولكنها كانت مستغرقة في أشغال آخرى ،
وحاولت يوم الخميس الاتصال فلم تسعفني الظروف ،
فوجئت يوم الجمعة صباحا باتصال إحدى الأخوات تخبرني بدفنها فجر يوم الجمعة .
بكيت عليها فعلا وبحرقة كما بكيت على والدها من قبل ، فقد كنت أقول دائما سألازمها بعد عودتي للقسم في مادة الثقافة ملازمة الطالب لأستاذه ، فإذا بالموت يفرقنا .
بكيت على نفسي أن كلما اقتربت من الصالحين فرقت بيننا الظروف أو الموت .
أحب الصالحين ولست منهم ، لعلي أن أنال بهم شفاعة .
إن أهم صفاتها الصدق والتواضع وقوة الشخصية مع أدب القرآن والسنة التي لا تكف من ربط الأمور الحياتية بها ...والله أجد نفسي عاجزة عن الوفاء بحقها ، ولا أجد إلا الدعاء أقدمه وأرجو من القراء الدعوة لها
رحمك الله وغفر لك وجعل منزلتك الفردوس الأعلى من الجنة وغسلك الله بالماء والثلج والبرد وأبدلك دارا خيرا من دارك وأهلا خيرا من أهلك ،وأجار قسمنا في مصيبته وأخلفنا خيرا منك ،
وأعظم أجرنا على فراقك ،