هذا نقض لمبحث الجسمية من مباحث كتاب الكاشف لصاحبه سعيد فودة
( النص الأول )
قال الأستاذ فودة صـ129 من الكاشف :
المسالة الرابعة في إثبات أن ابن تيمية يقول أن الله جسم :
ثم قال :
وهنا سوف نوضح رأي ابن تيميه في هذه المسالة " بنصوص صريحة " وهي هل الله تعالى جسم أو لا ؟
يبدو الأستاذ هنا وكأنه يصور للقارئ أن ابن تيمية يجيب على سؤال وجه اليه ونصه :
هل الله تعالى جسم أو لا ؟ فيقول ابن تيمية جوابا : نعم إن الله تعالى جسم ! (تصوير وهمي)
ثم يقول :
وهذا عنده له معنيان :
هل الله متحيز وقابل لفرض الأبعاد ، فهو يقول نعم .وسائر الفرق تقول لا .
وقوله : "وهذا عنده " تصوير تخيلي كاذب فيه احتيال على القارئ وإيهامه بأن بأن ابن تيمية مقربهذا التفسير للجسم . وتأمل كيف يصور الاستاذ فودة الامر ببساطة وكأنه ابن تيمية يجيب على سائل يسأل :
هل الله متحيز وقابل لفرض الأبعاد ؟ ، فيجيب ابن تيمية : نعم !
فهل سيجد القارءئ هذا السؤال وهذه الاجابة أم هو الكذب الصريح من الاستاذ على قارئه ؟!
ثم يكمل الأستاذ المعاني التي "عند " ابن تيمية للفظ الجسم فيقول :
الثاني : هل هو متركب من أجزاء،سائر الفرق تقول أن ما كان متحيزا كما مر فهو لا محالة مركب ....
ثم يقول :
فسائر الفرق ينفون التركيب عن الله تعالى بجميع الوجوه المذكورة هنا ، وأما ابن تيمية فيقول لا ينتفي ذلك عنه ، بل لا ينفي إلا معنى واحد ... إلى آخره
ثم أخيرا يقول :
وسوف ننقل فيما يلي " نصوصا " عديدة عن ابن تيمية يوضح فيها بأن الله تعالى متحيز أي له حيز وأنه جسم بهذا المعنى ...
يعني سوف أنقل لكم نصوصا عن ابن تيمية " يوضح " فيها بأن الله " متحيز " وأنه بناءا على هذا فهو يقول بأن الله جسم !!!
انظر لحجم التلاعب بالألفاظ عند الاستاذ . كان الامر في البداية نصوصا يقول فيها ابن تيمية بأن الله جسم مع تصوير تخيلي بسيط في صورة سؤال وجواب .
ثم زعم كاذبا بأن ابن تيمية يفسر الجسم بأنه المتحيز ذو الابعاد أو أنه المركب وأيضا قدم الأمر بتصوير تخيلي بسيط على صورة سؤال وجواب
واخير ينتهي الأمر بأن الاستاذ سينقل لنا نصوصا " يوضح " فيها ابن تيمية بأن الله متحيز وهذا هو معنى الجسم !!!
يعني إذا أثبتنا أن ابن تيمية يقول بأن الله متحيز فقد أثبتنا نصوصا صريحة وواضحة وجلية بان ابن تيمية يقول بان الله جسم ...
ولعمر الله هذه الطريقة التي يتدرج فيها بعقل القارئ لا يفعلها منصف ولا محقق .لا يفعلها إلا محتال !
ففي البداية أوهم القارئ بأن ابن تيمية يقول بأن الله جسم صراحة وصوره وكأنه يجيب على سؤال سائل بجواب مباشر (نعم أولا !)
وبعد ذلك مباشرة انتقل من القول بالتصريح بلفظ الجسم إلى التصريح بمعاني الجسم وهذا يدل على أن تصوير الأستاذ للقارئ كان كاذبا فلم ينقل عن ابن تيمية تصريحا بأن الله جسم كما صوره للقارئ على هيئة سؤال وجواب !
فأين ذهب عنوان المسالة التي ذكر فيها الأستاذ أن ابن تيمية يقول بأن الله جسم ؟!
وانتقاله إلى معنى الجسم كان بنفس الصورة التخييلية السابقة :
هل الله متحيز وقابل لفرض الأبعاد ، فهو يقول نعم .وسائر الفرق تقول لا .
ففي أول " نص " جاء به الاستاذ والذي من المفترض أن يكون هو الاقوى من جهة الدلالة يتأكد لدينا عدم وجود تصريح بلفظ الجسم في كلام ابن تيمية وهذه أو لفته يلتفت إليها في كلام الاستاذ رغم تخييلاته للقارئ .
ثم ينقل نقلا عن ابن تيمية :
" والمقصود أن القول بوجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه لم يقل أحد من العقلاء إنه معلوم بالضرورة وكذلك سائر لوازم هذا القول : مثل كونه ليس بجسم ولا متحيز ونحو ذلك ؛ لم يقل أحد من العقلاء : إن هذا النفي معلوم بالضرورة ؛ بل عامة ما يدعى في ذلك أنه من العلوم النظرية...)
ثم ذكر كلاما طويلا ثم قال :
" ثم قال ابن تيمية في إكمال تعليقه السابق على كلام الرازي" (وتأمل هذه العبارة جيدا)
ثم ذكر كلام ابن تيمية :
(مما يبين أن هذه القضية حق أن جميع الكتب المنزلة من السماء وجميع الأنبياء جاءوا بما يوافقها لا بما يخالفها وكذلك " سلف هذه الأمة " من الصحابة والتابعين وتابعيهم يوافقون مقتضاها ؛ لا يخالفونها . ولم يخالف هذه القضية الضرورية من له في الأمة لسان صدق ؛ بل أكثر أهل الكلام والفلسفة يقولون بموجبها وإنما خالفها طائفة من المتفلسفة وطائفة من المتكلمين : كالمعتزلة ومن اتبعهم...)
ثم قال تعليقا : ( فانظر رحمك الله إلى ابن تيمية كيف يصرح أن قضية كون الله جسما وأنه في جهة حق ، أن جميع الكتب المنزلة من السماء ، وجميع الأنبياء جاءوا بما يوافقها ...)
وهذا كذب صريح وواضح ومكشوف لمن له أدنى اطلاع على كلام شيخ الإسلام رحمه الله أو اطلع على المقدمة التي جعلناها بين يدي هذا المبحث .
فالذي يقرر أن لفظ الجسم لم يتكلم به السلف ولا الصحابة ولا التابعين ولم ينقل عنهم شيئ من ذلك وأن اثباته ونفيه بإطلاق لا يجوز كيف يمكن أن يقول ( أن جميع الكتب المنزلة من السماء وجميع الأنبياء جاءوا بما يوافقها لا بما يخالفها وكذلك " سلف هذه الأمة " من الصحابة والتابعين وتابعيهم يوافقون مقتضاها ؛ لا يخالفونها )
هذا الكلام السمج لا ينطلي إلا على مريدي الأستاذ فودة ولا يقبله من له أدنى تأمل في كلام ابن تيمية، ولعمر الله إن كان الكلام على الجسم وان الله جسم فما الداعي لكاشف الأستاذ فودة بعد ذلك ؟
وما الداعي لكل هذا الحشو الذي ملاه به ؟
- والحقيقة ان الأستاذ يحتال على النص حيث أن الكلام ليس على( أن الله جسم ) وإنما هو عن ( المباينة والمحايثة) وانحصارالموجودا ت فيهما وذلك ردا على الرازي في ادعاءه وجود قسم ثالث .
والقضية الضرورية التي ذكرت هي أن كل موجودين فلابد أن يكون أحدهما مباينا للأخر أو محايثا له
ولتوضيح معنى المباين والمحايث أقول :
المباين والمحايث مبني على تقسيم الموجود إلى قائم بنفسه وقائم بغيره وهذا التقسيم يتضمن واجب الوجود سبحانه حيث أنه القائم بنفسه ضرورة...
فالقائم بغيره من الصفات والأعراض يكون بحيث يكون غيره , فإن الصفات والأعراض تقوم بالمحل الواحد . وأما القائم بنفسه فلا يكون حيث يكون آخر قائما بنفسه بل يجب أن يكون مباينا لغيره , فيكون حيث لا موجود غيره , أو حيث لا قائم بنفسه غيره.
فالقائم بنفسه هو الموجود الذي له ذات يقومه ويمنع غيره أن يكون حيث هو فيكون مباينا له متميزا عنه بذاته وهذا هو المباين .
فكل مباين قائم بنفسه وكل موجود قائم بنفسه مباين فإذا انتفت المباينة ثبت الحلول ضرورة أو ثبت انتفاء الذات ...
أما الموجود القائم بغيره كالعرض والصفة فهو المفتقر إلى ذات تقومه فلا يقوم بنفسه وإنما يقوم بالقائم بنفسه الموصوف يعني يحايثه بمعنى يكون حيث هو . وهذا هو المحايث..
فاذا انقسم الموجود إلى قائم بنفسه وقائم بغيره وكان القائم بنفسه هو المباين والقائم بغيره هو المحايث علم انحصار الموجودات في المباين والمحايث ضرورة فهي إذن قضية ضرورية فطرية وهي محور الكلام ..
هذا وقد نقل الاستاذ في مقدمة ما نقله عن ابن تيمية قوله : " والمقصود أن القول بوجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه لم يقل أحد من العقلاء إنه معلوم بالضرورة ... "
فهذه هي القضية الأساسية يدور حولها الكلام وهي التي طرحها الرازي في أول تأسيسه وشرع في الرد عليها شيخ الإسلام وذكر أنها ولوازما غير ضرورية وذلك بقوله :
" وكذلك سائر لوازم هذا القول : مثل كونه ليس بجسم ولا متحيز ونحو ذلك "
فكيف يقال أن الكلام على إثبات أن الله جسم وأن هذا نص في ذلك وأن القضية الضرورية المذكورة في كلام ابن تيمية هي كون الله جسم ؟؟؟!!! سبحانك هذا بهتان عظيم
أضف إلى ذلك أن قول ابن تيمية رحمه الله :
" مما يبين أن هذه القضية حق أن جميع الكتب المنزلة من السماء وجميع الأنبياء جاءوا بما يوافقها ... " ليس من قوله في معرض رده على الرازي أصلا !
وإنما هو منقول من الفتاوى لمعالجة سقط النسخة التي اعتمد عليها الأستاذ اتضح الأمر وظهر بالرجوع إلى السياق أن قوله "أن هذه القضية " هي قضية ( المباينة وعلو الله على خلقه ) التي يسميها الأستاذ "جهة" وليست قضية ( أن الله جسم ) !
وهذا المقطع من كلامه رحمه الله مسبوق بقول محقق الكتاب : ( وقال )
يعني ابن تيمية ، وهذا يعني أن هنا سقط ، وأن هذا منقول عنه من موضع آخر وهو الجزء الخامس صفحة 271 من مجموع الفتاوى ، والأستاذ طبعا لم ينقل هذه الكلمة ليوهم أن السياق هو في الرد على الرازي وليس ثمة سقط ، فهي تعني بالضرورة أن هذا النص منقول من موضع آخر ..
ومع أن لأستاذ يعرف هذا جيدا ،فأنظر لقول الأستاذ :
(( ثم قال ابن تيمية في إكمال تعليقه السابق على كلام الرازي )) !!!!
فليس ثمة نص بأن الله جسم ولا حتى نص بان الله متحيز ذو أبعاد بل تدليس وكذب وتلاعب .