.............................. ............................

س: السلام عليكم .. قرأت هذا النص في " تحفة المودود بأحكام المولود" (صـ ٦٠) للعلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله: "إِنَّ اللَّـهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُكْمِلُ لِأَهْلِ السَّعَادَةِ مِنْ عِبَادِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ النَّقْصَ الَّذِيْ كَانَ فِيْ الدُّنْيَا، حَتَّى قِيْلَ : إِنَّ مَنْ مَاتَ وَهُوَ طَالِبٌ لِلْعِلْمِ كُمِّلَ لَهُ حُصُوْلُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَتَعَلَّمُ القُرْآنَ، وَاللَّـهُ أَعْلَم".

سؤالي: كيف يفهم هذا القول لابن القيم؟ وهل يقصد بذلك إذا أقدم الإنسان على علم ولم يكمله بسبب الموت؛ ينال بنيته أعلى رتبة وكأنه أتم العلم؟


ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. فلا أعلم دليلا من الكتاب ولا من السنة على أن هذا واقع بعينه، ومن الأصول المقررة أنه لا يقال بشيء من ذلك إلا بدليل.

ولكن مما يستدل به على العموم لا على الخصوص أن الله عز وجل يؤتي الناس ما شاؤوا من أنواع الملاذ، ومن كان في الدنيا يتلذذ بطلب العلم أو بإقراء القرآن أو حتى بالمباحات كأنواع الصنائع والمهن فإن الله عز وجل يجيبه إلى ما طلب كما قال جل شأنه: "نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ (32)"

ومما يدل على ذلك ما جاء في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ -وعِنْدَهُ رَجُلٌ مِن أهْلِ البَادِيَةِ-: أنَّ رَجُلًا مِن أهْلِ الجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ في الزَّرْعِ، فَقَالَ له: ألَسْتَ فِيما شِئْتَ؟ قَالَ: بَلَى، ولَكِنِّي أُحِبُّ أنْ أزْرَعَ، قَالَ: فَبَذَرَ، فَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ واسْتِوَاؤُهُ واسْتِحْصَادُهُ ، فَكانَ أمْثَالَ الجِبَالِ، فيَقولُ اللَّهُ: دُونَكَ يا ابْنَ آدَمَ؛ فإنَّه لا يُشْبِعُكَ شَيءٌ. فَقَالَ الأعْرَابِيُّ: واللَّهِ لا تَجِدُهُ إلَّا قُرَشِيًّا أوْ أنْصَارِيًّا؛ فإنَّهُمْ أصْحَابُ زَرْعٍ، وأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بأَصْحَابِ زَرْعٍ. فَضَحِكَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ".

وأما ما ذكرته في سؤالك أن في هذا جبرا للنقص الذي كان في الدنيا، فأيضا لا أعلم في الدنيا على اعتباره؛ لأن من نال هذا الشرف والمرتبة العظيمة في الآخرة وكفرت ذنوبه فهو لا يحتاج إلى ما يحتاج إليه في الدنيا إلا بدليل خاص يدل على ذلك، فلا أعلم دليلا في هذا إلا ما ذكرته من تحقيق رغبات الناس ولذائذهم من صنائع الدنيا وأهوائها ومنها العلوم الشرعية إذا رغب أن يتعلم كما كان يتعلم في الدينا أجابه الله عز وجل إلى ذلك؛ لعموم الآية المذكورة ولأنها من نحو حديث المذكور في البخاري. والله أعلم.
الشيخ : سليمان عبدالله الماجد

https://salmajed.com/fatawa/getFatwaById/23971

لا ادري سبب اختفاء بعض المواضيع . فقد كان هناك موضوعا مشابها لهذا ؟