السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تقديم:
منذ خلق الله الانسان وشرفه بالعلم وامر الملائكة بالسجود له اكراما بادره الشيطان بالعداوة والبغضاء وافرغ جهده في محاولة اغوائه واغرائه فاهبط كلاهما من السماء الى الارض
اهبطا ..
لتبدا فصول قصة جديدة
قصة .. تروي حقيقة الصراع بين الحق والباطل
تلك المعادلة التي طبعت حقيقة وجود الانسان على الارض والقت بضلالها على العلاقة بينه وبين محيطه والعلاقة بينه وبين الزمن ..
لتستكمل حلقاتها في محاولة الشيطان منع الانسان من مهمته الكبرى ..مهمة العودة الى الديار ..
ديار .. طال شوق
الانسان اليها ..
ومحاولة مني في تقريب الصورة الى القراء-الكرام- استللت هذه الكلمات من كتاب عداوة الشيطان عسى ان ينفع الله بها مع ملاحظة اني قد تصرفت في بعض فصولها بما اضطرني اليه حال الاختصار والذي ارجوا ان لا يكون مخلا فالى الصور... محبكم
الصورة الاولى
يكفي من عداوته انه اخذعلى نفسه ليقعدن لبني آدم صراط الله المستقيم ولياتينهم من بين ايديهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم حتى يزيغ عن الشكر اكثرهم وحتى لا يكون من الشكور الا القليل فقال لربه سبحانه " قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ " الاعراف 16-17
الصورة الثانية
ويكفي انه بالغ في الكيد واستعمل الحيلة والمكر فاقسم للوالدين-كاذبا-انه لهما من الناصحين وغرهما بمعسول القول ومناهما خلب الوعد حتى اكلا من الشجرة التي حرم الله فانكشفت السوءة وبدت العورة وكان الاهباط من الجنة فابتدا الهبوط قال تعالى "ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين * فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين * قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين * قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين * قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون " الاعراف 19-25
الصورة الثالثة
ويكفي من عداوة الشيطان انه يزين للانسان الكفر ويعده ويمنيه حتى اذا وقع في الكفر وزل فيه تبرا منه ونكل عنه واظهر الشماتة فيه كما قال تعالى "كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ الحشر" 16-17
الصورة الرابعة
ومن عداوته انه يخذل الذين اتبعوه ووثقوا به احوج ما يكونون اليه واقبل ما يكونون عليه قال تعالى " وقال الشيطان لماقضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وماكان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلاتلوموني ولوموا أنفسكم، ماأنا بمصرخكم وماأنتم بمصرخي، إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذابٌ أليم".ابراهيم 22
الصورة الخامسة
ومن عداوته انه ينسي الانسان فيزيل ما في نفسه من الذكر ويشغله بامر اخر حتي ينسى الاول فيورد الانسان بالنسيان موارد المراجعة ويفوت عليه مصالحه وما ينفعه في الدنيا والاخرة قال تعالى "واما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين "الانعام68
الصورة السادسة
ومن عداوته ان يمس الانسان بطائف منه فيحجب عن قلبه رؤية الحق ويعمي عن سواء السبيل
الصورة السابعة
ومن عداوته انه لا يعرض المعصية معصية ولا الفاحشة فاحشة وانما يزين المعصية ويجمل الفاحشة وينصب الاشراك بالتزيين والتخييل والوعد والامنية حتى يزيل العبد عن الطاعة فيزل في المعصية قال تعالى "وزين لهم الشيطان اعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون" النمل 24
الصورة الثامنة
ومن عداوته انه يخوف العبد من الفقر ليمسك ما بيده فلا ينفق شيئا في مرضاة الله ولا يبتغي رضوانه ويامر-مع النهي عن الانفاق مخافة الاملاق-باتيان ما حرم الله من المعاصي والمحارم والشرور ومخالفة الرحمن الرحيم
قال تعالى "الشيطان يعدكم الفقر ويامركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم" البقرة 268
الصورة التاسعة
ومن عداوته انه يفسد ما بين الناس ويهيج الشر بينهم وما يزال ينزغ بينهم بسعيه وكيده حتى يتعدى المقال الى الفعال ويهيج الشر وتستحكم العداوة بين الناس قال تعالى "وقل لعبادي يقولوا التي هي احسن ان الشيطان ينزغ بينهم ان الشيطان كان للانسان عدوا مبينا" الاسراء 53
الصورة العاشرة
ومن عداوته انه يخوف المؤمنين من اوليائه بما يزخرف به من طنين قوتهم وعظيم مقدرتهم وهم كالغثاء في حقيقة الامر لا يملكون نفعا ولا ضرا قال تعالى "ذلكم الشيطان يخوف اوليائه فلا تخافوهم وخافون ان كنتم مؤمنين "ال عمران 175
الصورة الحادية عشر
ومن عداوته انه ما يزال بضلاله واضلاله وغوايته للناس حتى يقتطع من ذرية ادم طعمة عظيمة للنار
الصورة الثانية عشر
ومن عداوته انه لا يدع امرا الا وتعرض له بالوسوسة حتى يتعرض للعبد فيما يتعلق بالله العظيم يريد افساد دين العبد وعقله بوسوسته
الصورة الثالثة عشرة
ومن عداوته انه لا يفلت مولود من مسه حين يولد ولا يدعه من نخسه ونزغه فعن ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" صياح المولود حين يقع من نزغ الشيطان" رواه مسلم
الصورة الرابعة عشرة
ومن عداوته ان الله خلق العباد حنفاء مسلمين طاهرين من المعاصي مستعدين لقبول الهداية فاستخفتهم الشياطين فازلتهم عن سن الهداية وسبيل الرشاد وحرموا عليهم ما احل الله وامروهم بالشرك والطغيان حتى بلغ السيل الزبى وجاوز الحزام الطبيين
الصورة الخامسة عشرة
ومن عداوته انه يعقد على مؤخر راس العبد اذا نام العقد يضرب عليها بالليل الطويل والرقاد الثقيل حتي تضيع على لبعبد لياليه ثم اذا قام فلم يذكر الله ولم يتوضا ولم يصل اصبح خبيث النفس كسلان لا ينطلق لخير ولا يلتفت لمعروف فتضيع ايامه كما ضاعت لياليه
الصورة السادسة عشرة
ومن عداوته ان العبد اذا نام ليله حتى ضربته الشمس فلم يصل حتى اصبح بال الشيطان في اذنيه
عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام ليلة حتى اصبح قال:" ذاك رجل بال الشيطان غي اذنيه-او قال في اذنه" رواه البخاري
الصورة السابعة عشرة
ومن عداوة الشيطان انه يتسمع كلام الملائكة في الغمام فاذا سمع الكلمة من الحق زاد فيها مائة كربة من الافك المفترى فالقاها الى اوليائه من الكهان ليضل الناس بغير علم
الصورة الثامنة عشرة
ومن عداوته انه لص سارق لاموال الناس فكل طعام او شراب لم يركر اسم الله عليه فله فيه حظ بالسرقة والخطف وكذلك يبيت في بيوت الناس بغير امرهم اذ يبيت في البيت الذي لم يذكر فيه اسم الله تعالى
الصورة التاسعة عشرة
ومن عداوته انه ساع في ادخال الحزن على قلب المؤمن بكل سبيل كما يصنع في النجوى التي تحزن المؤمن بنص الكتاب قال تعالى "‏‏إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن اللّه وعلى اللّه فليتوكل المؤمنون‏" المجادلة 10
الصورة العشرون
ومنها كما قال ابن القيم رحمه الله :(ان العبد يفعل الذنب لا يطلع عليه احد من الناس فيصبح والناس يتحدثون به وما ذاك الا ان الشيطان زينه له والقاه في قلبه ثم وسوس الى الناس بما فعل والقاه اليهم فاوقعه في الذنب ثم فضحه به فالرب تعالى يستره والشيطان يجتهد في كشف ستره وفضيحته فيغتر العبد ويقول هذا ذنب لم يره الا الله ولم يشعر بان عدوه ساع في اذاعته وفضيحته وقل من يتفطن من الناس لهذه الدقيقة)
ختاما
وعلى الجملة فمظاهر عداوة الشيطان للانسان اكثر من ان تحصى وما مر كالتنبيه على ما لم يذكر وما ثم بدفي العداوة بين الانسان والشيطان من ان يعذب احدهما الآخر في الدنيا او الاخرة
كما قال بعض السلف-رحمهم الله-:( ان المؤمن ينضي شيطانه كما ينضي الرجل بعيره في السفر لانه كلما اعترضه صب عليه سياط الذكر والتوجه والاستغفار والطاعة فشيطانه معه في عذاب شديد ليس بمنزلة شيطان الفاجر الذي هو معه في راحة ودعة ولهذا يكون قويا عاتيا شديدا فمن لم يعذب شيطانه في هذه الديار بذكر الله تعالى وتوحيده واستغفاره وطاعته عذبه شيطانه في الاخرة بعذاب النار فلا بد لكل احد ان يعذب شيطانه او يعذبه شيطانه)