تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: نقاش : حديث الرجل الذي تزوج امرأة أبيه ودلالته على كفر مشرع القوانين الوضعية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    556

    افتراضي نقاش : حديث الرجل الذي تزوج امرأة أبيه ودلالته على كفر مشرع القوانين الوضعية

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أخواني الكرام نريد منكم أن تناقشوا هذه المسالة وهي ( حديث الرجل الذي تزوج امرأة أبيه وما صحة الإستدلال به على كفر المشرع للقوانين الوضعية )
    وسوف أضع لكم ما عندي حول هذه المسالة
    فأقول مستعيناً بالله تعالى : هو حديث البراء بن عازب رضي الله عنه حيث قال:- مر بي عمي الحارث بن عمرو ومعه لواء قد عقده له رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، فسألته، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أضرب عنق رجل تزوج امرأة أبيه) إهـ.
    يقول الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف في كتابه نواقض الإيمان القولية والعملية عن هذا الحديث:(.. أخرجه أحمد 4/292، وأبو داود ح (4456)، والنسائي (6/90)، وابن ماجه 2/869، وحسنه ابن القيم في تهذيب سنن أبي داود 6/226، وصححه الألباني في إرواء الغليل 8/18 ،
    وانظر: مجمع الزوائد 6/269 .) إهـ .
    ثانياً: يقول ابن جرير في شرح حديث البراء:(.. وكان الذي عرس بزوجة أبيه متخطياً بفعله حرمتين، وجامعاً بين كبيرتين من معاصي الله، إحداهما: عقد نكاح على من حرم الله عقد النكاح عليه بنص تنزيله بقوله:- {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء} [النساء، آية 22]. والثانية:- إتيانه فرجاً محرماً عليه إتيانه، وأعظم من ذلك تقدمه على ذلك بمشهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإعلانه عقد النكاح على من حرم الله عليه عقده عليه بنص كتابه الذي لا شبهة في تحريمها عليه وهو حاضره، فكان فعله ذلك من أدل الدليل على تكذيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما آتاه به عن الله تعالى ذكره، وجحوده آية محكمة في تنزيله … فكان بذلك من فعله حكم القتل وضرب العنق، فلذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله وضرب عنقه؛ لأن ذلك كان سنته في المرتد عن الإسلام ) إهـ تهذيب الآثار 2/148
    ويقول الإمام الطحاوي في شرح هذا الحديث: (.. إن ذلك المتزوج فعل ما فعل على الاستحلال، كما كانوا يفعلون في الجاهلية، فصار بذلك مرتداً،فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل به ما يفعل بالمرتد.)إهـ شرح معاني الآثار 3/149
    ويقول ابن كثير رحمه الله عن هذا النكاح:(.. فمن تعاطاه بعد هذا فقد ارتد عن دينه، فيقتل ويصير ماله فيئاً لبيت المال.) إهـ تفسير ابن كثير 1/444،
    وقال الشوكاني رحمه الله:(.. والحديث فيه دليل على أنه يجوز للإمام أن يأمر بقتل من خالف قطعياً من قطعيات الشريعة كهذه المسألة، فإن الله تعالى يقول: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء} [النساء، آية 22]، ولكنه لا بد من حمل الحديث على أن ذلك الرجل الذي أمر صلى الله عليه وسلم بقتله عالم بالتحريم وفعله مستحلاً، وذلك من موجبات الكفر)إهـ نيل الأوطار 8/322
    ويقول القاضي أبو العباس الهنتاني رحمه الله في كتابه مطالع التمام ونصائح الانام معلقاً على حديث الرجل الذي عرس بزوجت أبيه:(.. السادس : الحديث : "أصبت عمي ومعه راية..."
    قال: خرج النسائي فيما نقل عنه ابن بزيزة في شرح الأحكام عن البراء بن عازب قال:"أصبت عمي ومعه راية، فقلت: أين تريد، فقال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه، فأمرني أن أضرب عنقه وآخذ ماله. فقال ابن بزيزة: هذا الحديث يدل على أن للإمام أن يجتهد ويعاقب بحسب ما يراه في الدماء والأموال.
    أقول: الكلام عليه من وجوه
    الأول: إن النسائي ذكر عقوبة من أتى ذات محرم وذكر اختلاف الناقلين لخبر البراء بن عازب فيه، فذكره من رواية أبي الجهم عن البراء، ومن رواية عدي بن ثابت عن البراء. ونص الأول: أنا هناد بن السري عن أبي زيد عن مطرف عن أبي الجهم عن البراء، وذكر كلمة معناها: "إني لأطوف في تلك الأحياء على إبل لي ضلت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، إذ جاء رهط معهم لواؤهم، فجعل الأعراب يلوذون بي، لمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستخرجوا رجلا فضربوا عنقه، فسألت عن قصته فقيل: عرس بامرأة أبيه
    ونص الثاني: أنا يحيى بن حكيم البصري قال: فأحمد بن جعفر قال: ناشعبة عن الربيع بن البراء بن الربيع عن عدي بن ثابت قال: "مر بنا ناس ينطلقون فقلنا لهم: أين تريدون؟، قالوا: بعثنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل يأتي امرأة أبيه أن نقتله.
    أنا أحمد بن عثمان بن حكيم الكرمي قال: حدثنا أبو نعيم قال: نا الحسن بن صالح عن السدي عن عدي بن ثابت قال:"لقيت خالي ومعه الراية، فقلت، أين تريد؟، قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه أو أقتله. وفي مثله وفي مسند ابن أبي شيبة على ما نقله الشيخ أبو عبد الله محمد بن فرج بن الطلاع في كتاب الأقضية.
    وفي النسائي أيضا: أخبرنا محمد بن رافع قال: نا عبد الرزاق قال: نا معمر عن أشعث عن عدي بن ثابت عن يزيد بن البراء عن أبيه قال: "لقيني عمي ومعه الراية، فقلت: أين تريد؟، فقال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه فأمرني أن أقلته وهذا جميع مانقلته في هذا الفصل عن البراء، وليس فيه ذكر أخذه ماله بوجه.
    وكذلك خرجه الترمذي في كتاب الأقضية: عن سعيد بن الأشج نا خفص بن غياث عن أشعث عن عدي بن ثابت عن البراء قال:"مر بي خالي أبو بردة ومعه لواء، فقلت: أين تريد، فقال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه أن آتيه برٍأسه"، فلم يذكر أيضا الترمذي أخذ ماله بوجه. قال أبو عيسى: حديث البراء حسن غريب. وقد روى محمد بن اسحاق عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد عن البراء عن أبيه، وروي عن أشعت عن يزيد بن البراء عن خاله.
    الثاني: إن الحديث في سنن أبي داود قال حدثنا احمد بن قسيط الرضى قال: نا عبد الله بن عمرو عن يزيد بن أبي أنيسة عن يحيى بن ثابت عن يزيد بن البراء عن أبيه قال: لقيت عمي ومعه ثلاثة فقلت: أين تريد؟، فقال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه فأمرني أن أضرب عنقه وآخذ ماله"
    نعم، في النسائي: أخبرنا العباس بن محمد الدوري قال: نا يوسف بن منزل قال: نا عبد الله بن ادريس قال: نا خالد بن أبي كريمة عن معاوية بن قرة عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أباه جد معاوية إلى رجل عرس بامرأة أبيه فضرب عنقه وخمس ماله قال ابن الطلاع: وفي غير الكتابين، يعني لنسائي ومسند أبي شيبة: "أن أجيء برأسه وأستفيء ماله". قال: وفي كتاب الصحابة لابن السكن، وذكره أيضا ابن أبي خيثمة: أن خالد بن أبي كريمة حدث عن معاوية بن قرة عن أبيه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أباه جد معاوية إلى رجل عرس بامرأة أبيه فضرب عنقه وخمس ماله"، قال يحيى بن معين: هذا حديث صحيح
    الثالث: الحديث ذكره عبد الحق عن النسائي وابن بزيزة شارح كتابه، فلا معنى لنقله عن ابن بزيزة وهو موجود في الأم.
    الرابع: إنه لاحجة في هذا الحديث على العقوبة بالمال لوجوه:
    الأول: لو يقل بظاهر الحديث إلا أهل الظاهر وأحمد، وأما غيرهم فمن قائل بالحد المعروف مالك والشافعي وأبي حنيفة وسفيان والحسن البصري وأبي يوسف ومحمد ابن الحسن، ولايرون العقوبة شبهة تدرأ عنه الحد. وقال سفيان يدرأ عنه الحد إذا كان التزويج بشهوده. وقال ابو حنيفة يعزر ولايحد. فهذا يمنع الاستدلال على إثبات العقوبة بالمال في هذا الحديث على أن يجعل مذهبا لمالك ومن ذكر معه.
    الثاني: إن هذا على خلاف القاعدة المعلومة من حد الزاني إجماعا. إن الزاني كان غير محصن فحده الجلد إجماعا، وإن كان محصنا فحده الرجم إجماعا، قال أبو عمر بن عبد البر: والسنة أن الزاني إذا لم يحصن حده الجلد، وأجمعوا أن المحصن من الزناة حده الرجم. قاله في حديث العسيف. وقال أيضا فيه، ونقل ابن القطان أن الإجماع في حد الزنا إذا لم يحصن الجلد دون
    الرجم، ولا خلاف بين الأئمة فيه، قال الله تعالى:"الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة وأجمعوا أن هذا الخطاب يدخل فيه الأبكار.
    وفي الإشراف لابن المنذر نقله عنه ابن القطان أيضا: وثبتت الأخبار عن رسوله الله صلى عليه وسلم أنه أمر بالرجم ورجم. فالرجم ثابت بسنة رسوله الله صلى الله عليه وسلم باتفاق عوام أهل العلم، مالك وأهل المدينة والاوزاعي وأهل الشام والثوري وأهل العراق، وهو قول عوام أهل القياس وعلماء الامصار وفي الاستذكار أيضا، ونقله ابن القطان: وأجمع الجمهور من الصحابة ومن بعدهم أن المحصن حده الرجم، واختلفوا هل الجلد معه، وأما المبتدعة كالخوارج والمعتزلة فلا يرون رجم الزاني وأن أحصن ذلك، وإنما حده الجلد. ولايعرج عليهم، ولا يعتبر خلافهم وإذا ثبت الإجماع على أن البكر تجلد فقط، والثيب المحصن ترجم، فهذا الحد الوارد في الحديث على خلاف هذا الإجماع، فهو متروك العمل، فلا يكون حجة، لان ضرب العنق هو الذي ثبت فيه.
    الثالث: إن الظاهر أن هذا كان مستحيلا لذلك، فيكون باستحلاله مرتدا. والدليل عليه أنه مذهب أهل الجاهلية. كان أحدهم يرى أنه أولى بامرأة أبيه من الأجنبي فيرثها كما يرث ماله، فقتل للردة وأخذ ماله، لأنه لا يرثه ورتثه. وأيضا بمخالفة حد الزنا فيه من الجلد والرجم دليل على ذلك. وأيضا فقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم الحد على جماعة، وإقامة الصحابة بعده، ولم يأخذوا شيئا من أموالهم، ولا أقامه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أقاموه في الزنا قط بضرب العنق، فدل هذا على أنه أمر وراء الزنا.
    الرابع: أن هذا لو كان حدا للزنا لا للردة، لكان الزنا الصرف الذي لا عقد نكاح فيه أولى مما فيه عقد النكاح، ولو كان على محرم، والدليل على هذه الأولوية أن من العلماء من لم ير إقامة الحد في نكاح ذات المحرم، قال أبو حنيفة: يعزر و لايحد، وقال سفيان: إذا كان شهود لا يحد . فهذا قد اختلف العلماء في أنه زنا أولا. فإذا وقع التغليط في ذلك بضرب العنق وأخذ المال، فما كان من زنا مجمعا عليه لا عقد فيه يوجب الشبهة عند قائل أولى أن يؤخذ فيه بذلك، ولم يقل أحد بذلك.
    لايقال: أن هذه الحرمة زوجة الأب، وقوة ذلك عما سواه من الزنا بالأجنبية لتأكد الحرمة.
    لأنا نقول: ولنفرض ذلك فيما إذا زنى بأمه، فإن من قال بضرب العنق وأخذ المال هو أحمد وإسحاق، وما قالا بذلك إلا في نكاح ذات المحرم، اتباعا للظاهر وقصر الحكم عل موردها.
    لايقال: أن النكاح الوارد في الحديث المراد به الوطء لا العقد.
    لأنا نقول: ذلك مردود، لأن من طرق حديث البراء ما رواه أبو داود قال: نا مسدد قال: حدثنا خالد بن عبد الله نا مطرف عن أبي الجهم عن البراء بن عازب قال: بينما أنا أطوف على ابل لي ضلت إذ أقبل ركب أو فوارس معه لواء، فجعل الاعراب يطيفون بي لمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتوا قبة فاستخرجوا منها رجلا فضربوا عنقه. فسألت فذكروا أنه عرس بامرأة أبيه. قال الإمام أبو سليمان الخطابي في معالم السنن: أن قوله في الحديث عرس كناية عن النكاح والبناء على الأهل، وحقيقته الإلمام بالعروس بليل، ويدل على أن المراد بالنكاح العقد. أن أحمد بن هشام الحميدي نا أحمد بن عبد الجبار العطاردي نا حفص بن غياث عن أشعث بن سوار عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب قال: مر بي خالي ومعه لواء فقلت: أين تذهب؟ قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه آتيه برأسه. قال: فهذا قد جاء بلفظ التزويج كما ترى لذلك أتى أيضا في الترمذي بلفظ التزويج كما سبق.
    لايقال: لو جاز تأويل القتل بالاستحلال لجاز تأويل الرجم بالاستحلال، فقد كان أهل الجاهلية يستحلون الزنا.
    لانا نقول: علم من الكتاب والسنة والإجماع أن الرجم على من أحصن من المسلمين، ولرجم من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالإيمان والتوبة التي أحد مقامات اليقين، فلا محوج إلى التأويل، ثم لا مصحح له، لو تأول لما صح وثبت بالوجوه السابقة من رجم من أحصن من المسلمين.
    السادس: مما يدل على استحلاله أنه عقد النكاح وبنى بامرأة أبيه، ولو كان غير مستحل لقدم على هذه المعصية كما يقدم سائر العصاة على المعاصي في تستر وتخف، لا بإشهاد على ما راموه من ذلك الإشهار له، والعقد ليس مما يخفى.
    السابع: إن في أحد الحديث: وأستفيء ماله، فلو كان مسلما لم يسم ماله فينا قال الله تعالى:"وما أفاء الله على رسوله منهم"الآية ولا تجد في كتاب الله ولا سنة رسوله تسمية مال المومن فينا، وذلك لمعنى صحيح وهو أن معنى أفاء في اللغة: رجع، وأفاء: أرجع، فما أخذ من مال الكفار يسمى فيئا، لأنه برجوعه إلى المؤمنين رجع إلى مقره وأصله ومحل ملكه. والدليل عليه قوله تعالى:"قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الزرق، قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا، ووجه الدلالة أن المراد بالعباد المخرج ذلك الرزق والزينة لهم المومنون، بدليل قوله: "قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا"، واللازم لام التمليك، فدل أيضا على أن تلك الزينة وطيبات الرزق مقرون بالإيمان، فما حصل بأيدي الكفار لم يحصل على وجه الإذن الشرعي، إنما هو بالتقدير والقضاء، كما يقع غير ذلك مما هو جار على المنهاج الشرعي، ولما أراد الله من عمارة العالم وابتلاء البعض بالبعض، فّإذا انفصل شيء من أموال الكفار عن أمر منهم إلى المسلمين، فقد رجع الملك إليهم فيسمى فيئا، أي راجعا لهذا المعنى. أنا المؤمن فما بيده من مال مأذون له فيه شرعا، ما لم يكتسبه من وجه غير جائز، فإذا أخرج من يده، فلا معنى لتسميته فيئا، ولذلك لا يطلق هذا الاسم على المواريث، بل ولا على الأموال الضائعة التي لا يعلم مالكها من أهل الإسلام، كأموال المستغرقين. وإنما اختلف العلماء هل يكون حكمها حكم الصدقات أو حكم الفيء، أما إطلاق الفيء على ذلك، فلم يقل به أحد من الناس.
    الثامن : إن في حديث معاوية بن قرة عن أبيه جد معاوية ضرب عنقه وخمس ماله، والخمس مخصوص بما أغنم من أموال الكفار لا ما أخذ من أموال المسلمين، ورجال الحديث مشهورون، وهذا أيضا يدل على أن الفاعل لذلك مستحل كافر.
    فان قلت: هي قصة واحدة وهما قصتان، فإن كانا قصة واحدة فما الجمع بين مختلف الحديثين؟، وإن كانا قصتين، فما وجه التفريق بين حكميهما والجناية واحدة؟.
    قلت: يحتمل أن تكون القصة واحدة، ولكون جد معاوية مرسل مع البراء، وهما مأموران معا، فقد كانوا جميعا وعقدوا الراية، فلا تنافي حينئذ بين أمر البراء وجد معاوية. وأما قول البراء: وأخذ ماله، ومرة قال: وأستفيء ماله، وقول معاوية: وخمس ماله، أطلق مجازا على أخذ المال، على أن المأخوذ منه المال كافر، وهو وإن مرة يؤخذ على وجه الفيء، ومرة على وجه الغنيمة التي تخمس، فذلك لا يمنع إطلاق اسم أحدهما على الآخر، فتكون الحقيقة: أخذه فيئا ثم استعير له اسم الغنيمة، ولم يصرح بتلك الاستعارة، وإنما كنى عنها بقوله: وخمس ماله. وهذا بناء على أن ما أخذ من مال المرتدين ولو تحيزوا بدراهم على وجه القتال والإيجاف بالخيل والركاب يكون فيئا، ولايغنمون كما لايسبون ولايسترقون، ويحتمل العكس، وهو أن يكون قول البراء: وآخذ ماله، وأستفيئ ماله المراد به أخذه على وجه الغنيمة، كما يفعل بأهل الحرب غير المرتدين، فيرجع بهذا التأويل إلى قول معاوية بن قرة: وخمس ماله.
    وهذا بناء على أموالهم تغنم ويسبون، وتكون أرضهم فيئا كعبدة الأوثان من العرب، لأن دراهم صارت بالردة دار حرب، والقولان للعلماء في هذه المسألة. وهذا بناء على أن أخذ مال هذا المستحيل احتاج للإيجاف، بقرينة الجمع له والراية التي تدل على نصب القتال. ويحتمل أن تكونا قصتين، وأن قصة البراء: آخذ فيها جميع المال، لأن المأخوذ عنه ذلك مرتد لم يحتج إلى قتال، فكان ماله فيئا لا يفتقر إلى خمس، كأموال المرتدين، غيره، وقصة جد معاوية بن قرة افتقر فيها إلى نصب قتال وكان المأخوذ غنيمة فخمس.
    إنا قد جمعنا لك الألفاظ التي قد ورد الحديث بها فيما وجدناه واحتج به هذا المحتج، وليس في شيء منها أن الرجل المبعوث إليه كان مسلما. ولعله كان من الأعراب الذين لم يسلموا بعد، أو هو بنفسه ظهر أنه لم يلتزم شرائع الإسلام من قبل بما أظهر من هذا الفعل الجاهلي، وهو نكاح امرأة أبيه، فلم يكن عنده عهد يمنعه، ولا إسلام يعصمه فأبيح دمع وماله. بل نقول: إنه الظاهر من الوجوه التي سلفت، وكونه أعرابيا أقدم على هذا الصنع خرج عن صنائع أهل الإسلام، وحملت الراية في الخروج إليه، وضربت عنقه، ولم يجد حد الإسلام، وأخذ ماله، وما صنع ذلك بمسلم واتبع معصية الزنا في ذات محرم ولا غير هذا.) إنتهى

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    557

    افتراضي رد: نقاش : حديث الرجل الذي تزوج امرأة أبيه ودلالته على كفر مشرع القوانين الوضعية

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،

    هذا الحديث مما يمكن أن يستدل به على كفر من أجاز المنكرات في بلاده حسب دستور الدولة .

    فمثلاً .. الحاكم الذي يُلزم المؤسسات أو الأفراد بأخذ تصريح من الدولة حتى تجيز لهم فتح الخمارات أو المصارف الربوية ، فهذا يجعل الحرام حلالاً وفق الدستور .. لذلك تسمى هذه المؤسسات : مؤسسات شرعية ، وهي محمية بنص الدستور ، وأخذت شرعيتها منه .

    وهذا ما فعله الذي نكح امرأة أبيه .. فإنه قد جعل الحرام المجمع عليه حلالاً عندما عقد عليها ، حيث إنه في الإسلام لا يحل فرج المرأة إلا بعقد النكاح .. فمن عقد على من لا تحل له بحال ، فقد أحلّ حراماً مجمعاً عليه .. فكفر بذلك .

    هذا ، والله أعلم .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,018

    افتراضي رد: نقاش : حديث الرجل الذي تزوج امرأة أبيه ودلالته على كفر مشرع القوانين الوضعية

    راجع نواقض الإسلام للشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب

    من ظن أن حكم غير محمد صلى الله عليه و سلم خير من حكمه أو أن هديه خير من هدية

    هذا ظن أن هدي غير الرسول صلى الله عليه و سلم خير من هديه فارتد بذلك و لم يعذر بالجهل لأنه معلوم من الدين بالضرورة

  4. #4

    افتراضي رد: نقاش : حديث الرجل الذي تزوج امرأة أبيه ودلالته على كفر مشرع القوانين الوضعية

    بارك الله في الإخوة الموحدين و جازاكم الله خيرا
    المشرع كافر ابتداءا حيث أنه ادعى خاصية من خصوصية الله عز وجل وهي التشريع,فعموما تجد المشرع يعترف أنه مشرع بل هو مقتنع بذلك و يحارب من أجل ذلك بلسان الحال.
    ثم إن ما يسمى بالديمقراطية{وه الوثنية المعاصرة} كفرها واضح ابتداءا من اسمها الإغريقي ومن تعريف أرباب السياسة لها وهي حكم الشعب,فأي كفر فوق هذا الكفر أن تنسب السيادة للشعب,ثم يأتي البعض من العصرانيين و غيرهم و يلبسون الديمقراطية لباس إسلاميا و يسمونها شورى,سبحان الله.و يكأننا سذج و أغبياء لا نفهم المصطلحات و المعاني.
    نسأل الله أن ينصر الإسلام و المسلمين في كل مكان و أن يأخذ أعداء الدين من اليهود و الصليبيين و الشيوعيين و الديمقراطيين و غيرهم من ملل الكفر أجمعين.
    قوام الدين بكتاب يهدي و سيف ينصر

  5. #5

    افتراضي رد: نقاش : حديث الرجل الذي تزوج امرأة أبيه ودلالته على كفر مشرع القوانين الوضعية

    قال الإمام أحمد – رحمه الله –:
    نرَى – والله أعلم – أن ذلكَ منه على الاستحلال (مسائل ابنه عبد الله 3/1085/1498

    وقال الطبري -رحمه الله -إِنَّ الَّذِي أَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِضَرْبِ عُنُقِهِ، لَمْ يَكُنْ أَمْرًا بِضَرْبِ عُنُقَهُ عَلَى إِتْيَانِهِ زَوْجَةَ أَبِيهِ فَقَطْ دُونَ مَعْنًى غَيْرِهُ، وَإِنَّمَا كَانَ لِإِتْيَانِهِ إِيَّاهَا بِعَقْدِ نِكَاحٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَذَلِكَ مُبَيَّنٌ فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا قَبْلُ، وَذَلِكَ قَوْلُ الرَّسُولِ الَّذِي أَرْسَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ لِلْبَرَاءِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَنِي إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ لِأَضْرِبَ عُنُقَهُ وَلَمْ يَقُلْ: إِنَّهُ أَرْسَلَنِي إِلَى رَجُلٍ زَنَى بِامْرَأَةِ أَبِيهِ لِأَضْرِبَ عُنُقَهُ وَكَانَ الَّذِي عَرَّسَ بِزَوْجَةِ أَبِيهِ، مُتَخَطِّيًا بِفِعْلِهِ حُرْمَتَيْنِ، وَجَامِعًا بَيْنَ كَبِيرَتَيْنِ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ إِحْدَاهُمَا: عَقْدُ نِكَاحٍ عَلَى مَنْ حَرَّمَ اللَّهُ عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهِ بِنَصِّ تَنْزِيلِهِ بِقَوْلِهِ: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] وَالثَّانِيَةُ: إِتْيَانُهُ فَرْجًا مُحَرَّمًا عَلَيْهِ إِتْيَانُهُ وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ تَقَدُّمُهُ عَلَى ذَلِكَ بِمَشْهَدٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِعْلَانُهُ عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَى مِنْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ عَقْدَهُ عَلَيْهِ بِنَصِّ كِتَابِهِ الَّذِي لَا شُبْهَةَ فِي تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ، وَهُوَ حَاضِرَهُ. فَكَانَ فِعْلُهُ ذَلِكَ مِنْ أَدَلِّ الدَّلِيلِ عَلَى تَكْذِيبِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَتَاهُ بِهِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، وَجُحُودِهِ آيَةً مُحْكَمَةً فِي تَنْزِيلِهِ فَكَانَ بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ كَذَلِكَ، عَنِ الْإِسْلَامِ إِنْ كَانَ قَدْ كَانَ لِلْإِسْلَامِ مُظْهِرًا مُرْتَدًّا، أَوْ إِنْ كَانَ مِنَ الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَهُمْ عَهْدٌ، كَانَ بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ وَإِظْهَارِهِ مَا لَيْسَ لَهُ إِظْهَارُهُ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ لِلْعَهْدِ نَاقِضًا، وَكَانَ بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ، حُكْمُهُ الْقَتْلُ وَضَرْبُ الْعُنُقِ. فَلِذَلِكَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِ وَضَرْبِ عُنُقِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ سُنَّتَهُ فِي الْمُرْتَدِّ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَالنَّاقِضِ عَهْدَهُ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ " انتهى تهذيب الاثار1/574
    ففي هذا الحديث اثبات الاستحلال العملي الذي ينكره الجهمية

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •