تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 13 من 13

الموضوع: إشكال حول حديثين 2

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    412

    افتراضي إشكال حول حديثين 2

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    ذكر سليم الهلالي في كتابه مبطلات الأعمال منها :
    انتهاك حرمات الله في السر
    حديث ثوبان رضي الله عنه ....أما إنهم إخوانكم و من جلدتكم و يأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلو بمحارم الله انتهكوها صحيح أخرجه ابن ماجه


    فما جواب الأخ سليم عن هذا الحديث وهل الإخوة عندهم جواب بارك الله فيكم :

    عن ابن عمر قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " يدنو المؤمن من ربه حتى يضع عليه كنَفَه فيقرره بذنوبه : تعرف ذنب كذا يقول أعرف يقول رب أعرف مرتين فيقول سترتها في الدنيا وأغفرها لك اليوم ثم تطوى صحيفة حسناته وأما الآخرون أو الكفار فينادى على رءوس الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين " .

    رواه البخاري ( 4408 ) ومسلم ( 2768 ) .

    ومعنى كنفه أي سِتْره .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    412

    افتراضي

    فهل من جواب

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    412

    افتراضي

    تكلمت مع أحد الإخوة في المكتبة قال عن الحديثين : واحد متعمد والآخر لا . فقلت له ما هو دليلك على تفريق ؟ فسكت

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    412

    افتراضي

    ....

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    911

    افتراضي

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،،
    أهلاً بك أخي عبد الله .
    ومتأسفون على تأخرنا في الرد عليك .
    الحديث الأول لا يثبت ؛ لأنني لم أر أحداً تابع عيسى بن يونس الرملي في روايته هذه ليقوّيها .
    وقد قال ابن حبان عنه :
    الثقات ج8/ص495
    (14632) عيسى بن يونس أبو موسى بياع الفاخور من أهل الرمل : يروي عن يزيد بن هارون وكان راويا لضمرة حدثنا عنه بن مسلم وغيره . ربما أخطأ

    فمثل هذا لا يقبل تفرده .
    اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    412

    افتراضي

    شكرا لك ... بارك الله فيك ...

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    412

    افتراضي

    الألباني صححه ولمذا ?

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,642

    افتراضي


    بارك الله فيكم

    لاشك أنَّ حديثَ ثوبان ليس في الدرجة العليا من الصحة، بل هو دون ذلك لحال عيسى بن يونس؛ والأظهر أنه صدوق

    فإما أن يقال بنكارة حديثه هذا من حيث المتن، لتفرده بالدلالة على بطلان الأعمال الصالحة بمطلق المعاصي الخفية، بل مخالفته للحديث الآخر

    أو يقال بالجمع بينهما، وذلك باختلاف محل حديث ثوبان عن محلِّ الحديث الآخر
    فيكون محلُّ حديث ثوبان -وما ورد فيه من الوعيد- متوجِّهاً في حق من كان مرائياً بأعماله
    فهي حسنات في ظاهرها لكنها لم تستوف شرط القبول، فتكون هباء منثوراً

    ويكون الحديث الآخر متوجِّهاً في حق من خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، فهو يعمل الصالحات
    مخلصاً ولكن قد يقع في شيء من المعصية

    ولذا فالذي يبدو لي أنَّ استنباط الشيخ سليم كون انتهاك حرمات الله في السر مُحبِطاً للعمل ومُبطلاً له= استنباطٌ غير صحيح

    يسرني متابعتك لصفحتي على الفيسبوك
    http://www.facebook.com/profile.php?...328429&sk=wall

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    412

    افتراضي

    ما قلت صحيح وكنت أنتظر من سليم الهلالي إيضاح ذلك ومن المؤاخذات كتابه أنه يطيل في بعض المواضع واضحة و يترك بعض المواضع أخرى وهي أهم
    فبعد قراءتي لكاتبه خرجت مع كثير من إشكلات

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المشاركات
    9

    افتراضي رد: إشكال حول حديثين 2

    السلام عليكم
    الذى أعلمه أن الحديثين صحيحين
    ولذا يستوجب الجمع فهذان حديثان ظاهرهما التعارض و لا تعارض , و هذا ما يسميه أهل العلم بمختَلف الحديث .
    فيقولون أنه إذا تعذر أن يكون أحدهما ناسخ للأخر , فلابد من الجمع بينهما , و لأن الحديثين ليسا فى الأحكام , و لا نسخ إلا فى الأحكام , لذا فلابد من الجمع أو التوقف .
    و الجمع بيهما :
    الحديث الأول : إنما هو فى من لا يجاهد لطاعة الله فى سره كما يطيعها فى جهره , بل وطاعته فى السر أقل و تكاد تنعدم مقارنة بمعصيته فى السر و طاعته فى الجهر
    أويجاهر و يتعمد إظهار طاعته لله فى الظاهر , و يحدث الناس بأفعاله أنه يفعل كذا و كذا من الطاعات , و هو يعلم أنه لما يخلوا بمحارم الله ينتهكها . , و مثله قوله تعالى ( و قدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورا )

    أما الحديث الثانى
    فمن أوجه :
    الأول : أن الله يستر العبد , و لو بلغت ذنوبه عنان السماء , طالما أنه لا يشرك به شىء , و طالما أنه لا يحاربه بهذه المعاصى .
    الثانى : فيه بيان و بشرى لمن ستره الله فى الدنيا , و تحذير و نذير لمن فضحه الله فى الدنيا , فليحذ الذى يفضحه الله فى الدنيا من فضيحة الأخرة , و هذا نص عليه الحديث .
    الثالث : لبيان أن الله يستر العبد المؤمن , أما لحديث الأول فلم يتعرض لإيمان العبد , و يشبه الحديث الذى جاء عن الخوارج , قال فيه ( ... تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم , و صيامكم إلى صيامهم .... ) إلى آخر الحديث , فالحديث الأول لم يتعرض لأن الذى يفضحه الله أو يعذبه لمعاصيه فى السر انه مؤمن أم لا .
    والله أعلم
    اللهم إجعلنى لك خالصاً مخلصاً , وارزقنى العلم و العمل , اللهم لا تخذلنى ولا تفتنى .

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    412

    افتراضي رد: إشكال حول حديثين 2

    أخي من سبقك بهذا الفهم
    علينا بفهم السلف الصالح

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    138

    افتراضي رد: إشكال حول حديثين 2

    فهم السلف الصالح = الجمع أو الترجيح
    ووجه الجمع بسيط كثيرا
    فالأول إنما هو فى المنافقين الذين اذا خلو الى شياطينهم قالوا إنا معكم
    و الثانى فى المؤمنين حقا

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: إشكال حول حديثين 2

    الجمع بين حديثي ( لأعلمن أقواماً يأتون بحسنات ) و ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين )
    كيف نستطيع الجمع بين الحديثين الشريفين: ( أناس من أمتي يأتون يوم القيامة بأعمال كجبال تهامة فيجعلها الله هباء منثوراً ) ، قيل : من هم يا رسول الله ؟ قال : الذين إذا خلو بمحارم الله انتهكوها ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم ، وبين قوله صلى الله عليه وسلم ( كل أمتي معافى إلا المجاهرون ) .


    الجواب:

    الحمد لله
    أولاً:
    نص الحديثين موضع الإشكال :
    أ. عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ( لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا ) قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا ، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ ، قَالَ : ( أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ) .
    رواه ابن ماجه ( 4245 ) ، وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجه " .
    الهباء في الأصل : الشَّيءُ المُنْبَثُّ الَّذي تَراه في ضَوْء الشمسِ .
    محارم الله : هي كل ما حرَّمه الله تعالى من المعاصي ، الصغائر ، والكبائر .
    ب. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ : يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ).
    رواه البخاري ( 5721) ومسلم ( 2990 ) .
    ثانياً:
    قد استشكل كثير من الناس الجمع بين هذين الحديثين ، وتعددت أماكن سؤالهم عن ذلك الجمع ، ونذكر ما تيسر من أوجه الجمع بينهما ، سائلين الله تعالى التوفيق ، فنقول :
    إن الذي دعا إلى استشكال الحديثين هو ما حواه معناهما مما ظاهره التعارض ، فإن الحديث الأول ليس فيه أن أصحاب المعاصي قد جاهروا بمعاصيهم ، وبمقتضى الحديث الثاني فهم " معافوْن " ، فكيف تحبط أعمالهم ، ويتوعدون بالسخط والعذاب ؟! ومن هنا جاء الإشكال في ظاهر الحديثين ، فذهب العلماء في الجمع بينهما مذاهب شتَّى ، ومن ذلك :
    1. القول بتضعيف حديث ثوبان ، وقد علَّله بعضهم فضعَّف سنده بالراوي " عقبة بن علقمة المعافري " ، وحكم على متنه بالنكارة .
    أ. ويرد على تضعيف سنده :
    بأن الراوي عقبة بن علقمة وثَّقه كثيرون ، وممن وثقه : ابن معين ، والنسائي ، ومن حكم على رواياته بالرد فإنما هو إذا روى عنه ابنه " محمد " ، أو روى هو عن " الأوزاعي " ، وهذا قول الأئمة المحققين في حاله ، وليست روايته في هذا الحديث عن الأوزاعي ، ولا رواه عنه ابنه محمد ، فالسند حسن على أقل أحواله .
    ب. ويرد على نكارة متنه بأن له نظائر معروفة ، كما في قوله تعالى : ( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً ) النساء/ 108 .
    وهو وإن لم يكن فيه حبوط أعمال أولئك بلفظ الآية ، إلا أنه يُعرف ذلك بمعناها .
    قال ابن كثير رحمه الله:
    هذا إنكار على المنافقين في كونهم يستخفون بقبائحهم من الناس ؛ لئلا ينكروا عليهم ، ويجاهرون الله بها ؛ لأنه مطّلع على سرائرهم ، وعالم بما في ضمائرهم ، ولهذا قال : ( وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ) تهديد لهم ، ووعيد .
    " تفسير ابن كثير " ( 2 / 407 ) .
    2. أن حديث ثوبان في المنافقين ، وحديث أبي هريرة في المسلمين ، فلا تعارض بينهما ، لا سيما إذا حملنا النفاق هنا على النفاق العملي الذي لا ينافي أخوة الإيمان .
    والواقع أن المتأمل في حال بعض من يقع في المنكرات هذه الأيام من أهل الخير والصلاح الظاهر ، وباعتراف من يتوب منهم يجد عجباً ، من ارتكاب ذنوب " الخلوات " بشكل يمكن إطلاق وصف " انتهاك " عليه ! فمن هؤلاء من تكون خلواته في مشاهدة الفضائيات الفاسدة ، والنظر في الإنترنت إلى مواقع الجنس الفاضح ، واستعمال أسماء مستعارة للمحادثة والمراسلة مع الأجنبيات ، ثم تجد هؤلاء لهم نصيب في الظاهر من الاستقامة ، في اللباس ، والصلاة ، والصيام ، ومن هنا كان هذا الحديث محذِّراً لهؤلاء أن يكون حالهم حال المنافقين ، أو أن يكونوا أعداء لإبليس في الظاهر ، أصدقاء له في السرِّ ، كما قال بعض السلف .
    قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله:
    الكبيرة السادسة والخمسون بعد الثلاثمائة : إظهار زي الصالحين في الملأ ، وانتهاك المحارم ، ولو صغائر في الخلوة : أخرج ابن ماجه بسند رواته ثقات عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لأعلمنَّ أقواماً مِن أمتي يأتون .... ) .
    لأن من كان دأبه إظهار الحسن ، وإسرار القبيح : يعظم ضرره ، وإغواؤه للمسلمين ؛ لانحلال ربقة التقوى ، والخوف ، من عنقه .
    " الزواجر عن اقتراف الكبائر " ( 2 / 764 ) .
    3. قوله صلى الله عليه وسلم ( إِذَا خَلوا بِمَحَارِمِ الله ) لا يقتضي خلوتهم في بيوتهم وحدهم ! بل قد يكونون مع جماعتهم ، ومن على شاكلتهم ، فالحديث فيه بيان خلوتهم بالمحارم ، لا خلوتهم مع أنفسهم في بيوتهم ، فليس هؤلاء بمعافين ، والمعافى الذي في حديث أبي هريرة الذي يظهر لنا أنه يفعل المعصية الغالبة عليه وحده ، ولذا جاء في الحديث أنه شخص بعين ، وأن ربَّه قد ستره ، (يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ) ، وحديث ثوبان فيه الجمع ( قوْم ) و ( خَلَوا ) .
    قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله:
    الذي يبدو أن ( خلوا بمحارم الله ) ليس معناها " سرّاً " ، وإنما : إذا سنحت لهم الفرصة انتهكوا المحارم ، فـ " خلَوا " ليس معناها " سرّاً " ، وإنما من باب " خلا لكِ الجو فبيضي واصفري " .
    " سلسلة الهدى والنور " شريط رقم ( 226 ) .
    7. وصف هؤلاء المذكورون في حديث ثوبان بأنهم "ينتهكون" محارم الله ، وهو وصف يدل على استحلالهم لذلك ، أو مبالغتهم فيها في هذه الحال ، وأمنهم من مكر الله ، وعقوبته ، وعدم مبالاتهم باطلاعه عليهم . فلذا استحقوا العقوبة بحبوط أعمالهم ، وليس الوعيد على مجرد الفعل لتلك المعصية ، ولعله لذلك سأل ثوبان رضي الله عنه النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن يجلِّي حال أولئك ، وأن يصفهم ؛ خشية أن يكونوا منهم ، وهم لا يدرون ، ومثل هذا إنما هو طلب لمعرفة حال قلوب أولئك العصاة ، وليس لمعرفة أفعالهم مجردة .
    قال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله :
    أي : أن عندهم استهتاراً ، واستخفافاً بالله عز وجل ، فهناك فرق بين المعصية التي تأتي مع الانكسار ، والمعصية التي تأتي بغير انكسار ، بين شخص يعصي الله في ستر ، وبين شخص عنده جرأة على الله عز وجل ، فصارت حسناته في العلانية أشبه بالرياء ، وإن كانت أمثال الجبال ، فإذا كان بين الصالحين : أَحْسَنَ أيما إحسانٍ ؛ لأنه يرجو الناس ولا يرجو الله ، فيأتي بحسنات كأمثال الجبال ، فظاهرها حسنات ، ( لكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ) فهم في السر لا يرجون لله وقاراً ، ولا يخافون من الله سبحانه وتعالى ، بخلاف من يفعل المعصية في السر وقلبه منكسر ، ويكره هذه المعصية ، ويمقتها ، ويرزقه الله الندم ، فالشخص الذي يفعل المعصية في السر وعنده الندم ، والحرقة ، ويتألم : فهذا ليس ممن ينتهك محارم الله عز وجل ؛ لأنه - في الأصل - معظِّم لشعائر الله ، لكن غلبته شهوته ، فينكسر لها ، أما الآخر : فيتسم بالوقاحة ، والجرأة على الله ؛ لأن الشرع لا يتحدث عن شخص ، أو شخصين ، ولا يتحدث عن نص محدد ، إنما يعطي الأوصاف كاملة .
    مِن الناس مَن إذا خلا بالمعصية : خلا بها جريئاً على الله ، ومنهم من يخلو بالمعصية ، وهو تحت قهر الشهوة ، وسلطان الشهوة ، ولو أنه أمعن النظر وتريث : ربما غلب إيمانُه شهوتَه ، وحال بينه وبين المعصية ، لكن الشهوة أعمته ، والشهوة قد تعمي وتصم ، فلا يسمع نصيحة ، ولا يرعوي ، فيهجم على المعصية فيستزله الشيطان ، قال تعالى : ( إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ ) آل عمران/ 155 ، فإذا حصل الاستزلال من الشيطان ، فزلت قدم العبد ، لكن في قرارة قلبه الاعتراف بالمعصية ، والله يعلم أنه لما وقع في المعصية أنه نادم ، وأنه كاره لها ، حتى إن بعضهم يفعل المعصية وهو في قرارة قلبه يتمنى أنه مات قبل أن يفعلها : فهذا معظِّم لله عز وجل ، ولكنه لم يرزق من الإيمان ما يحول بينه وبين المعصية ، وقد يكون سبب ابتلاء الله له أنه عيَّر أحداً ، أو أنه عق والداً ، أو قطع رحمه ، فحجب الله عنه رحمته ، أو آذى عالماً ، أو وقع في أذية ولي من أولياء الله ، فآذنه الله بحرب ، فأصبح حاله حال المخذول ، مع أنه في قرارة قلبه لا يرضى بهذا الشيء ... .

    فالذي يعصي في السر على مراتب : منهم من يعصي مع وجود الاستخفاف ، فبعض العُصاة تجده لما يأتي إلى معصية لا يراه فيها أحد : يذهب الزاجر عنه ، ويمارسها بكل تهكم ، وبكل وقاحة ، وبكل سخرية ، ويقول كلمات ، ويفعل أفعالاً ، ولربما نصحه الناصح ، فيرد عليه بكلمات كلها وقاحة ، وإذا به يستخف بعظمة الله عز وجل ، ودينه ، وشرعه ، لكنه إذا خرج إلى الظاهر صلى ، وصام ، وإذا خلا بالمعصية لا يرجو لله وقاراً - والعياذ بالله - فليس هذا مثل من يضعف أمام شهوة ، أو يفتن بفتنةٍ يراها ، ويحس أن فيها بلاء ، وشقاء ، ويقدم عليها ، وقلبه يتمعر من داخله ، ويتألم من قرارة قلبه ، ثم إذا أصاب المعصية ندم .
    ... .
    فهذا الحديث – أي : حديث ثوبان - ليس على إطلاقه ، وإنما المراد به : من كانت عنده الجرأة - والعياذ بالله - ، والاستخفاف بحدود الله .
    " شرح زاد المستقنع " ( رقم الدرس 332 ) .

    نسأل الله أن يحبب إلينا الإيمان ، وأن يزينه في قلوبنا ، ونسأله أن يبغِّض إلينا الكفر ، والفسوق ، والعصيان .

    والله أعلم

    http://www.islamqa.com/ar/ref/134636

    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •