فوائد الاستشارة في حياة الإنسان



فوائد الاستشارة في حياة الإنسان
لم يغفل الإسلام الاهتمام بمبدأ الاستشارة؛ فهو مبدأ موجود في القرآن الكريم والسنة النبوية، وأول من طبقه على نفسه هو الرسول - صلى الله عليه وسلم -، رغم أنه أفضل الأنبياء عند الله وله الأولوية في أن يستشيره الصحابة، فتعددت الأحاديث والآيات القرآنية التي تحث على الشورى، ومن فوائد الشورى ما يلي:
- تحفز الاستشارة الإنسان دائمًا على أن يكون اجتماعيا ومتعاونا مع الآخرين.
- تنمية العقل وتوسيع آفاقه.
- تجعل الإنسان يتريث دائمًا في قراراته وأحكامه؛ لأنها ناتجة عن تفكير عميق، ومن ثم لا يوجد مجال للندم الذي يصيب الفرد بعد اتخاذ قرارات خطأ.
- تجعل الفرد يوازن بين الأمور ويعطي وجهة نظر عميقة بناء على معلومات حقيقية.
- تجعل الإنسان يتصرف بحكمة في المواقف المشابهة.
صفات الشخص الذي يجب أن يستشار
- أن يكون لديه القدرة على النقاش وتقديم النصيحة بسلاسة.
- أن يكون حكيما في تصرفاته وأخذ قراراته في حياته في مختلف المواقف.
- لديه خبرة مديدة ومعرفة واسعة.
- أن يكون أمينا وكاتما للسر ولديه عقل واع.
- متنوع في أفكاره قادر على التعامل مع مختلف الشخصيات.
- يتميز بالقدرة الفائقة على الإقناع ولديه أدلة قوية تدعم وجهة نظره الصحيحة.
- أن يكون متخصصا في الأمر الذي عرض عليه الاستشارة فيه.
- التحلي بالموضوعية والحياد وألا يكون لديه مصلحة شخصية مع أحد.
- أن يتحلى بالصبر والنفس الطويل.
طرائق اكتساب الحكمة
من مشارب الحِكْمَة: الاستفادة من العمر والتَّجارب، ومجالسة أهل الصَّلاح، والاختلاط بهم، والاستفادة منهم؛ لذا كان لُقْمان يقول لابنه وهو يوصيه ويدُلُّه على طريق الحِكْمَة: «يا بُنَيَّ، جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك؛ فإنَّ الله يحيي القلوب بنور الحِكْمَة، كما يحيي الأرض الميتة بوابل السَّماء، ومن ذلك العبادة الحقَّة لله -سبحانه-، والارتباط الوثيق به، والبعد عن المعاصي، وطرد الهوى، كلُّ ذلك من طرائق نَيْل الحِكْمَة؛ فعن الحسن، قال: «من أحسن عبادة الله في شبيبته، لقَّاه الله الحِكْمَة عند كِبَر سنِّه، وذلك قوله: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا}.
مواقف خالدة:
موقف الصحابي ربعي بن عامر - رضي الله عنه
أرسل سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قبل القادسية ربعي بن عامر رسولًا إلى رستم (قائد الجيوش الفارسية وأميرهم)، فدخل عليه، وقد زيَّنوا مجلسه بالنمارق، والزرابي الحرير، وأظهر اليواقيت، واللآلئ الثمينة العظيمة، وعليه تاج وغير ذلك من الأمتعة الثمينة، وقد جلس على سرير من ذهب، ودخل ربعي - رضي الله عنه - بثياب صفيقة، وترس وفرس قصيرة، ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد، وأقبل عليه سلاحه ودرعه وبيضته على رأسه، فقالوا له: ضع سلاحك، قال: إني لم آتكم، وإنما جئتكم حين دعوتموني، فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت؛ فقال رستم: آذنوا له، فأقبل يتوكَّأ على رمحه فوق النمارق، فخرق عامتها، فقالوا: ما جاء بكم؟ قال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومـن جور الأديان إلى عدل الإسلام.
من درر الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله
رجال الشورى من أهل الخير والصلاح
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: يجب أن يكون رجال الشورى من أهل الخير والصلاح؛ لقول عمر - رضي الله عنه -: «الذين تُوفي عنهم رسول الله وهو راضٍ عنهم»، وقال الشيخ -رحمه الله-: لابد فيمن تستشيره، أن يكون ذا رأي وخبرة في الأمور، وتأنٍّ وتجربة وعدم تسرُّع، وأن يكون صالحًا في دينه؛ لأن من ليس بصالح في دينه ليس بأمين، حتى وإن كان ذكيًّا وعاقلًا ومحنَّكًا في الأمور، إذا لم يكن صالحًا في دينه فلا خير فيه، وليس أهلًا لأن يكون من أهل المشورة؛ فلا تستشر إلا إنسانًا أمينًا، يُحبُّ لك ما يحبُّ لنفسه، فغير الأمين قد يُودي بك ويضرُّك.
لا تفرحوا بكثرة عدد المتابعين
إنَّ الصحبة لم تعد قاصرة على مَن نقابلهم في حياتنا العملية والمهنية، بل باتت الصحبة تغزونا عبر صفحات السوشيال ميديا اليوم، وليس ببعيد عنا كم هي حجم مآسي (الفيس بوك) مثلا في باب الصداقة والصحوبية، واستسهل الشباب والبنات ذلك، والأخطر استسهال بعض الأزواج والزوجات لهذا الأمر، مع أن الإحصاءات الرسمية ونتائج الدراسات الاجتماعية تؤكد أن من أخطر أسباب التفكك الأسري والضياع الأخلاقي صحبة الفيس بوك والسوشيال ميديا، وهنا يأتي قول رسولنا - صلى الله عليه وسلم -: «فلينظر أحدكم من يخالل» دققوا في أصحابكم، فلا تفرحوا بكثرة عدد المتابعين وعدد الأصدقاء عبر صفحاتكم على الانترنت؛ فإن ذلك كله مكتوب في صحائف الأعمال يوم القيامة.
قالوا عن الصاحب الصالح
- يقول الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «ما أعطي العبد بعد الإسلام نعمة خيرًا من أخ صالح، فإذا وجد أحدكم وداً من أخيه فليتمسك به».
- قال ابن القيم -رحمه الله-: «مجالسة الصالحين تحولك من ستة إلى ستة، من الشك إلى اليقين، ومن الرياء إلى الإخلاص، ومن الغفلة إلى الذكر، ومن الرغبة في الدنيا إلى الرغبة في الآخرة، ومن الكبر إلى التواضع، ومن سوء النية إلى النصيحة».
ورجل آتاه الله حكمة
عن ابن مسعود -رضي الله عنه - قال: سمعت النَّبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا، فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة، فهو يقضي بها ويعلِّمها» (رواه البخاري ومسلم). وقال النَّووي: «ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلِّمها، معناه: يعمل بها ويعلِّمها احتسابًا، والحكمة: كلُّ ما منع من الجهل، وزجر عن القبيح».
قالوا عن الحكمة
- قال ابن القيِّم: «الحِكْمَة: فعل ما ينبغي، على الوجه الذي ينبغي، في الوقت الذي ينبغي».
- قال النَّووي: «الحِكْمَة، عبارة عن العلم المتَّصف بالأحكام، المشتمل على المعرفة بالله -تبارك وتعالى-، المصحوب بنفاذ البصيرة، وتهذيب النَّفس، وتحقيق الحقِّ، والعمل به، والصدِّ عن اتِّباع الهوى والباطل، والحَكِيم من له ذلك».
- قال أبو بكر بن دريد: «كلُّ كلمة وعظتك وزجرتك، أو دعتك إلى مكرمة، أو نهتك عن قبيح، فهي حِكْمَة».
- قال وهيب بن الورد: «بلغنا أنَّ الحِكْمَة عشرة أجزاء: تسعة منها في الصَّمت، والعاشرة في عزلة النَّاس».
- قال أبان بن سليم: «كلمة حِكْمَة لك من أخيك، خير لك من مال يعطيك؛ لأنَّ المال يطغيك، والكلمة تهديك».
منقول