الشيخ صالح بن محمد اللحيدان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء ورئيس مجلس القضاء الأعلى لم يصل لهذه المناصب من فراغ بل هي ثمرة رحلة طويلة في طلب العلم وثني الركب، وحفظ السنن والآثار وقبلها حفظ كتاب الله تعالى، ومعرفة بالأصول والقواعد الشرعية، وتبحر في شتى الفنون، حتى صار عالما مجتهدا يشار إليه بالبنان، ويقدره كل ذي عقل ممكن يعرفون قدر العلم وأهله،
الشيخ حفظه الله سئل عن القنوات الفضائية المفسدة للعقيدة والأخلاق والسلوك ، فأجاب حفظه الله بفتوى نشرت في وسائل الإعلام، فالشيخ لم يفتي بما يخالف المنهج أو بما يدعو للريبة كي يتخفى بفتواه بل كانت فتواه علنية!
إلى هنا والأمر عادي ولا غرابة فيه البتة.. شيخ مفتي من علماء الاجتهاد سئل عن أمر ما فأجاب بما يراه موافقا للشرع مستدلا على فتواه بآية من القرآن، وبتعليل موافق لمقاصد الشريعة،
لكن صحيفة الوطن وبعض وسائل الإعلام كقناة العربية -التي يدخل مالكها ضمن المعنيين بالفتوى-! لم توافق الفتوى أهواءهم ولم تناسب أمزجتهم ولم تتماشى مع أهدافهم،
ولأن الإعلام دأب على القيام بدور ارجافي مثير للفتن ومؤلب للعامة على العلماء، ولأنه إعلام يمتهن الصيد في الماء العكر بدون احترافية بل بغباء لا ينافس، مارس ارجافتيه وحور والفتوى بطريقة مشينة ومخلة بقواعد الأمانة الإعلامية في نقل وتحليل الأخبار، لأجل اثارة الفتنة وتأليب الناس على عالم فذ محبوب كالشيخ اللحيدان، جعلوا للفتوى عنوانا بعيدا كل البعد عن المحتوى، مارسوا أساليبهم البهلوانية العجيبة كي يلصقوا بالشيخ فتوى اثارة الفتنة، وإباحة سفك الدماء!! مع أن فتواه واضحة كالشمس في رابعة النهار، والصاق هذه التهمة بالعلماء ليس غريبا على هذه الحثالة من البشر فقد سطروا المقالات تلو المقالات عقب الحادي عشر من سبتمبر كي يزجوا بالعلماء في خندق الارهاب والخروج التكفير!!، لكن جميع محاولاتهم ذهبت أدراج الرياح، وباءت خططهم بالفشل الذريع، فالعلماء لازالوا في مكانهم لم يتزحزحوا قيد أنملة، وغالبية الشعب السعودي يؤيد علماءه ويثق بهم، فلن يزلزل ثقته في علماء الأمة سفيه مأجور يكتب في صحيفة أو يرجف في قناة مأجورة!
ومع كل الفشل الذي حصده هؤلاء الحمقى إلا أنهم لا زالوا يتصيدون ويتتبعون فتاوى العلماء عل وعسى أن يفوزوا بشيء من فتنة يثيرونها في بلاد الحرمين،
وهذا الذي يقومون به ليس جديد بل هم امتداد لأولئك المرجفين مثيري الفتن والقلاقل في بدء عهد الدولة الإسلامية التي أنشأها نبي الأمة وهاديها محمد صلى الله عليه وسلم،
وبنظرة فاحصة للفتوى التي سئل فيها الشيخ عن قنوات الفتنة والضلال ؛ يقول حفظه الله:
الشق الأول من الفتوى تضمن نصيحة وتحذير من تبعات ما يبث في هذه القنواتأنا أنصح أصحاب هؤلاء القنوات الذين يبثون الدعوة "للخناعة والمجون"، أو الفكاهة والضحك، وإضاعة الوقت بغير فائدة ولا أجر، وأحذرهم من مغبة آثار من يقتدون بما يعرض هؤلاء، وما يقعون فيه، فمن وقع في شيء مما يعرض من هذه "الفتن" بسبب ما عرض وشاهد يكون عليه وزر عمله، ويكون على دعاة ذلك الشر والبلاء مثل أوزار هؤلاء دون أن ينقص من أجر هؤلاء.
فما الظن إذا كانت بعض هذه القنوات سببا في انحراف آلاف الناس. بماذا يفكر مالك القناة والموفر لها دعايات الإغراء، ودعوات "الفحش والمجون"، أو ما يجلبه من الشكوك والتشكيك؟ فقد تفسد عقائد، وتنقلب فطر، وتجترح قضايا كبار بسبب هذه الفساد ليجني مادة قليلة، وهو لا يدري.
وما ذكره من وقوع وزر من يشاهد هذه القنوات ويتأثر بها على مالكيها مستند الشيخ فيه حديث : { من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا , ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا } رواه مسلم.
وأضاف الشيخ اللحيدان: إن من يدعو إلى الفتن إذا قُدر على منعه ولم يمتنع قد يحل قتله، لأن دعاة الفساد في الاعتقاد أو في العمل إذا لم يندفع شرهم بعقوبات دون القتل جاز قتلهم "قضاءً ". فالأمر خطير لأن الله جل وعلا لما ذكر قتل النفس قال"أو فساد في الأرض"، فالإنسان يقتل بالنفس أو بالفساد في الأرض، وإفساد العقائد، وإفساد الأخلاق والدعوة لذلك نوع من الفساد العريض في الأرض.
نلاحظ في هذا الشق من الفتوى أن الشيخ قيد أولا بقدرة الحاكم على المنع، ثم قال قد يحل قتله، ولم يقل يجب قتله!
ثم علل القول باحتمالية حل قتلهم بعدم القدرة على دفع شرهم بعقوبات دون القتل، ثم بين كيفية القتل فقال جاز قتلهم قضاء أي عن طريق القضاء الشرعي التابع للحاكم، ثم أوضح مستنده الشرعي في هذا الحكم ببيان الأمور التي يحل قتل التفس بها ومنها قتل النفس أو الإفساد في الأرض
ومعلوم لكل من يؤمن بالله واليوم الاخر ويؤمن بكتاب الله وبرسوله أن ما يبث في عامة القنوات الفضائية فساد وإفساد، ولا ينكر ذلك إلا مريض بشبهة أو شهوة!
هنا ختم الفتوى بنصيحة وأمنية أن يقلع أرباب هذه القنوات المخالفة المفسدة عما عليه قنواتهم ويعودوا إلى رشدهم.وأردف: لعل أصحاب هذه القنوات أن يتقوا الله جل وعلا، ويتوبوا، ويجعلوا قنوات بثهم مذكرة بخير، محذرة المسلمين من الشر، داعية لهم أن يستعدوا للمحافظة على إسلامهم وحراسة دينهم، وأن يكفوا عن نشر الفساد والإفساد، والدعوة إلى السحر والمجون؛ والله المستعان.
عندما تصفحت رابط الفتوى في صحيفة الوطن وجدت الغالبية العظمى من التعليقات أسفل الفتوى مؤيدة للشيخ –حفظه الله- وهذا يدل على أن الشعب مؤيد للعلماء وأنه على نفس المنهج ولطريقة، وفي ذات الوقت يفضح الإعلام الذي ابعد النجعة وخالف مسيرة العلماء والدولة والشعب السعودي المحافظ.
الرابط:
http://www.alwatan.com.sa/news/newsd...9727&groupID=0