صج.. !!!





- هكذا نقول عندما نريد التحقق من معلومة ساقها أحدهم لتطرق أسماعنا أول مرة، أو لغرابتها، أو لأنه لم يتم تدعيمها بالدليل الكافي. فنقول -وعلامة الاندهاش مرتسمة على وجوهنا-: (صج)! أي (صدق).. أي (هل صحيح ما تقوله؟).

- وفي الغالب يرد الذي أورد المعلومة: (إي صج)! أي أن ما أقوله صحيح، وهكذا نمرر حديثة على أنه يقين، وأن المعلومة صحيحة، وهذا -صراحة- لا يعكس الواقع تماما، فكثير من الروايات المنقولة بهذه الطريقة تعتريها الشبهات وعدم المصداقية.

- لذا يجب أولا على الناقل أن ينقل نقلا صحيحا، ثم على المستمع أن يتثبت من صحة ذلك أو عدمه، ولا سيما في هذه الأيام المشحونة بالتقاذفات الكلامية بسبب الانتخابات النيابية وغيرها.

- إن وسائل نقل المعلومة أصبحت هشة وذات مصداقية ضعيفة، ولا سيما المعلومات التي تُنقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي والواتساب، فضلا عن المشافهة.

- أعتقد (إي صج) لاتكفي لتوثيق المعلومة، ولا تكفي لتمريرها ونقلها؛ فقد حذرنا ربنا -جل وعلا- من قبول الأخبار من غير توثيق؛ فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}؛ فعلى أولي الألباب إذا جاءهم خبر أن يتثبتوا، ولا يأخذوه مجردًا؛ فإن في ذلك خطرًا كبيرًا، ووقوعًا في الإثم؛ فلنحذر أن ننزلق إلى هذا المنزلق الخطير!

- فالإنسان إذا صار يحدث بكل ما سمع من غير تثبت وتأنٍ، فإنه يكون عرضة للكذب؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع».

- ولنعلم أن الصدق له مكانة عظيمة! قال - صلى الله عليه وسلم -: «علَيْكُم بالصِّدْقِ! فإنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ، وما يَزالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا».

- وأما الكذب فعاقبته وخيمة! فقد قال - صلى الله عليه وسلم تكملة للحديث السابق-: «وإيَّاكُمْ والْكَذِبَ! فإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وما يَزالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الكَذِبَ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذّابًا».

- وتأمل الحديث الصحيح حين قال - صلى الله عليه وسلم -: «بيْنَما ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كانَ قَبْلَكُمْ يَمْشُونَ؛ إذْ أصَابَهُمْ مَطَرٌ، فآوَوْا إلى غَارٍ فَانْطَبَقَ عليهم، فَقالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إنَّه واللَّهِ يا هَؤُلَاءِ، لا يُنْجِيكُمْ إلَّا الصِّدْقُ، فَليَدْعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنكُم بما يَعْلَمُ أنَّه قدْ صَدَقَ فِيهِ..» وتأمل قولهم: «لا يُنْجِيكُمْ إلَّا الصِّدْقُ».

- وقالَ اللَّهُ -عز وجل-: {هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (المائدة:119).


سالم الناشي