10 منطلقات شرعية وتربوية في الهجرة



قال -تعالى-: {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.

عند الحديث عن حدث الهجرة التاريخي الذي يستحضره المسلمون مع بداية كل عام هجري جديد يجدُرُ التوقف عند أهم المنطلقات والدلالات الشرعية والمعالم التربوية لهذا الحدث ومن هذه المنطلقات والمعالم ما يلي:

- الأول: تعدّ الهجرة النبوية نقطةَ تحوّل بين عهدين، فهي ثمرة الدعوة المكية ومقدمة للدعوة المدنية.

- الثاني: كانت الآيات المكية التي نزلت بمكة توطن نفوس المؤمنين على الأحداث الجارية والمستقبلية، ومن ذلك الهجرة النبوية؛ فعلموا أن الهجرة من سنن الأنبياء والمرسلين.

- الثالث: لم تكن الهجرة النبوية هرباً من واقع ولا تركا لواجب، بل كانت حكما شرعيا وسببا حسيا: أوله ابتلاء وتمحيص، وأوسطه صبر وتكليف، وآخره نصر وتمكين.

- الرابع: كان نصر الله للمؤمنين في الهجرة من قبيل نصر الله للمستضعفين في الأرض؛ فحماهم بمكة، ودفع عنهم بالهجرة، ودافع بهم بالمدينة تارة يدفع عنهم وتارة يدفع بهم، ولا يدفع بهم إلا إذا أخذوا بأسباب الدفع عنهم، مراحل متدرجة ودرجات مرتبة.

- الخامسة: لقد صار واضحا من النصوص القرآنية والنبوية أن إخراج الناس من أرضهم بلا مسوغ ولا سبب شرعي هو محض الظلم.

- السادس: يتعيّن على القائم بالحق قولا وعملا أن يأخذ بالأسباب الشرعية والحسية، والنفسية، التي يحفظ بها نفسه والحق الذي معه ولو بدخول غار أو الالتجاء إلى كهف أو أن يأوي إلى ركن شديد أو يحتمي ببيت عتيق.

- السابع: في المحن العظيمة والأحداث الرهيبة يحتاج فَقِيه النفس إلى الاستحضار والإحسان؛ فيستحضر معاني أسماء الله وصفاته ويحسن في عباداته؛ فيجمع بين التعلق بالتوحيد واستشعار المراقبة: (لا تحزن إن الله معنا).

- الثامن: لم يفارق الصديق أبو بكر - رضي الله عنه - النبي - صلى الله عليه وسلم - لا في بداية الدعوة ولا في أوسطها ولا في آخرها، كان مصاحبا له في المواقف العصيبة والنوازل الكبيرة والولايات الدينية وفِي الهجرة النبوية؛ فكانت صحبته للنبي - صلى الله عليه وسلم - صحبة ملازمة ومداومة ومؤانسة ومعاونة ومشاركة؛ فهي صحبة كاملة في نوعها، تامة في حالتها وحقيقتها.

- التاسع: يحتاج الداعية عند هجوم القلاقل وورود المزعجات من النوازل أن يستطلب الأسباب الجالبة للسكينة والطمأنينة، ويدفع عن نفسه وأهله وأمته أسباب الخوف والقلق؛ فلا عمل مع القلق، ولا سير مع الحزن، ولا نهوض مع الخوف فالأمان النفسي والفكري والقلبي سبب مهم للخروج من الأزمات.

- العاشر: لقد صار المؤمنون منذ الهجرة النبوية ثلاث طوائف:

- طائفة تكمل إيمانها بالهجرة.

- وطائفة أخرى تكمل إيمانها بالنصرة.

- وطائفة ثالثة تكمل إيمانها باتباع سبيل المهاجرين والأنصار، كما قال -تعالى-: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم}ُ.

الشيخ: فَتْحي بِن عَبدِ الله المَوْصِليِّ