مسألة : ما أصل أخذ الطب ؟
مجموع الفتاوى - (ج 35 / ص 181)
الْحِسَابُ فَهُوَ مَعْرِفَةُ أَقْدَارِ الْأَفْلَاكِ وَالْكَوَاكِبِ . وَصِفَاتِهَا وَمَقَادِيرِ حَرَكَاتِهَا وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ فَهَذَا فِي الْأَصْلِ عِلْمٌ صَحِيحٌ لَا رَيْبَ فِيهِ كَمَعْرِفَةِ الْأَرْضِ وَصِفَتِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ ؛ لَكِنَّ جُمْهُورَ التَّدْقِيقِ مِنْهُ كَثِيرُ التَّعَبِ قَلِيلُ الْفَائِدَةِ ؛ كَالْعَالِمِ مَثَلًا بِمَقَادِيرِ الدَّقَائِقِ وَالثَّوَانِي وَالثَّوَالِثِ فِي حَرَكَاتِ السَّبْعَةِ الْمُتَحَيِّرَة ِ { بِالْخُنَّسِ } { الْجَوَارِي الْكُنَّسِ } . فَإِنْ كَانَ أَصْلُ هَذَا مَأْخُوذًا عَنْ إدْرِيسَ فَهَذَا مُمْكِنٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ ذَلِكَ كَمَا يَقُولُ نَاسٌ إنَّ أَصْلَ الطِّبِّ مَأْخُوذٌ عَنْ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ
مسألة : كيف وصل إلى المسلمين ؟
مجموع الفتاوى - (ج 2 / ص 84)
عَرَّبَ بَعْضَ كُتُبِ الْأَعَاجِمِ الْفَلَاسِفَةُ مِنْ الرُّومِ وَالْفُرْسِ وَالْهِنْدِ فِي أَثْنَاءِ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّة ِ . ثُمَّ طُلِبَتْ كُتُبُهُمْ فِي دَوْلَةِ الْمَأْمُونِ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ فَعُرِّبَتْ وَدَرَسَهَا النَّاسُ وَظَهَرَ بِسَبَبِ ذَلِكَ مِنْ الْبِدَعِ مَا ظَهَرَ وَكَانَ أَكْثَرُ مَا ظَهَرَ مِنْ عُلُومِهِمْ الرِّيَاضِيَّةُ كَالْحِسَابِ وَالْهَيْئَةِ أَوْ الطَّبِيعَةِ كَالطِّبِّ أَوْ الْمَنْطِقِيَّة ِ
مسألة : ما حكم أخذ الطب عن المشركين و أهل الكتاب ؟
مجموع الفتاوى - (ج 4 / ص 114)
ذَكَرَ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ مِثْلَ مَسَائِلِ " الطِّبِّ " وَ " الْحِسَابِ " الْمَحْضِ الَّتِي يَذْكُرُونَ فِيهَا ذَلِكَ وَكَتَبَ مَنْ أَخَذَ عَنْهُمْ مِثْلُ : مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا الرَّازِي وَابْنُ سِينَا وَنَحْوِهِمَا مِنْ الزَّنَادِقَةِ الْأَطِبَّاءِ مَا غَايَتُهُ : انْتِفَاعٌ بِآثَارِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِي نَ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا فَهَذَا جَائِزٌ . كَمَا يَجُوزُ السُّكْنَى فِي دِيَارِهِمْ وَلُبْسُ ثِيَابِهِمْ وَسِلَاحِهِمْ وَكَمَا تَجُوزُ مُعَامَلَتُهُمْ عَلَى الْأَرْضِ كَمَا عَامَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودَ خَيْبَرَ وَكَمَا اسْتَأْجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ لَمَّا خَرَجَا مِنْ مَكَّةَ مُهَاجِرَيْنِ " ابْنَ أريقط " - رَجُلًا مِنْ بَنِي الديل - هَادِيًا خِرِّيتًا وَالْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ وَائْتَمَنَاهُ عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَدَوَابِّهِمَا وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرِ صُبْحَ ثَالِثَةٍ وَكَانَتْ خُزَاعَةُ عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْلِمُهُمْ وَكَافِرُهُمْ وَكَانَ يَقْبَلُ نُصْحَهُمْ . وَكُلُّ هَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ يَنْصُرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَذُبُّ عَنْهُ مَعَ شِرْكِهِ وَهَذَا كَثِيرٌ . فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلَ الْكِتَابِ فِيهِمْ الْمُؤْتَمَنُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إلَيْكَ إلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا } وَلِهَذَا جَازَ ائْتِمَانُ أَحَدِهِمْ عَلَى الْمَالِ وَجَازَ أَنْ يَسْتَطِبَّ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ إذَا كَانَ ثِقَةً نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْأَئِمَّةُ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ إذْ ذَلِكَ مِنْ قَبُولِ خَبَرِهِمْ فِيمَا يَعْلَمُونَهُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَائْتِمَانٌ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ جَائِزٌ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ مِثْلُ وِلَايَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَعُلُوِّهِ عَلَيْهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ . فَأُخِذَ عِلْمُ الطِّبِّ مِنْ كُتُبِهِمْ مِثْلُ الِاسْتِدْلَالِ بِالْكَافِرِ عَلَى الطَّرِيقِ وَاسْتِطْبَابُه ُ بَلْ هَذَا أَحْسَنُ . لِأَنَّ كُتُبَهُمْ لَمْ يَكْتُبُوهَا لِمُعَيَّنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى تَدْخُلَ فِيهَا الْخِيَانَةُ لَيْسَ هُنَاكَ حَاجَةٌ إلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ بِالْخِيَانَةِ بَلْ هِيَ مُجَرَّدُ انْتِفَاعٍ بِآثَارِهِمْ كَالْمَلَابِسِ وَالْمَسَاكِنِ وَالْمَزَارِعِ وَالسِّلَاحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَإِنْ ذَكَرُوا مَا يَتَعَلَّقُ " بِالدِّينِ " فَإِنْ نَقَلُوهُ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ كَانُوا فِيهِ كَأَهْلِ الْكِتَابِ وَأَسْوَأِ حَالًا وَإِنْ أَحَالُوا مَعْرِفَتَهُ عَلَى الْقِيَاسِ الْعَقْلِيِّ فَإِنْ وَافَقَ مَا فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ حَقٌّ وَإِنْ خَالَفَهُ فَفِي الْقُرْآنِ بَيَانُ بُطْلَانِهِ بِالْأَمْثَالِ الْمَضْرُوبَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا } فَفِي الْقُرْآنِ الْحَقُّ وَالْقِيَاسُ الْبَيِّنُ الَّذِي يُبَيِّنُ بُطْلَانَ مَا جَاءُوا بِهِ مِنْ الْقِيَاسِ وَإِنْ كَانَ مَا يَذْكُرُونَهُ مُجْمَلًا فِيهِ الْحَقُّ - وَهُوَ الْغَالِبُ عَلَى الصَّابِئَةِ الْمُبَدِّلِينَ مِثْلُ " أَرِسْطُو " وَأَتْبَاعِهِ وَعَلَى مَنْ اتَّبَعَهُمْ مِنْ الْآخَرِينَ - قَبْلَ الْحَقِّ وَرَدِّ الْبَاطِلِ وَالْحَقُّ مِنْ ذَلِكَ لَا يَكُونُ بَيَانُ صِفَةِ الْحَقِّ فِيهِ كَبَيَانِ صِفَةِ الْحَقِّ فِي الْقُرْآنِ . فَالْأَمْرُ فِي هَذَا مَوْقُوفٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الْقُرْآنِ وَمَعَانِيهِ وَتَفْسِيرِهِ وَتَرْجَمَتِهِ .
مسألة : من هو الطبيب ؟
مجموع الفتاوى - (ج 2 / ص 87)
الطَّبِيبَ إنَّمَا هُوَ طَبِيبٌ يَنْظُرُ فِي بَدَنِ الْحَيَوَانِ وَأَخْلَاطِهِ وَأَعْضَائِهِ لِيَحْفَظَهُ صِحَّتَهُ إنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً وَيُعِيدُهَا إلَيْهِ إنْ كَانَتْ مَفْقُودَةً وَبَدَنُ الْحَيَوَانِ جُزْءٌ مِنْ الْمُوَلِّدَاتِ فِي الْأَرْضِ وَكَذَلِكَ أَخْلَاطُهُ
مسألة : كيف تحفظ الصحة و يدفع المرض في القلب ؟
مجموع الفتاوى - (ج 10 / ص 136)
وَهَكَذَا أَمْرَاضُ الْأَبْدَانِ : الصِّحَّةَ تُحْفَظُ بِالْمِثْلِ وَالْمَرَضُ يُدْفَعُ بِالضِّدِّ فَصِحَّةُ الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ تُحْفَظُ بِالْمِثْلِ وَهُوَ مَا يُورِثُ الْقَلْبَ إيمَانًا مِنْ الْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ فَتِلْكَ أَغْذِيَةٌ لَهُ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا { إنَّ كُلَّ آدِبٍ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى مَأْدُبَتُهُ وَأَنَّ مَأْدُبَةَ اللَّهِ هِيَ الْقُرْآنُ } وَالْآدِبُ الْمُضِيفُ فَهُوَ ضِيَافَةُ اللَّهِ لِعِبَادِهِ . . . (1) .
مِثْلُ آخِرِ اللَّيْلِ وَأَوْقَاتِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَفِي سُجُودِهِ وَفِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ وَيُضَمُّ إلَى ذَلِكَ الِاسْتِغْفَارُ ؛ فَإِنَّهُ مَنْ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ ثُمَّ تَابَ إلَيْهِ مَتَّعَهُ مَتَاعًا حَسَنًا إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَلْيَتَّخِذْ وِرْدًا مِنْ " الْأَذْكَارِ " فِي النَّهَارِ وَوَقْتِ النَّوْمِ وَلْيَصْبِرْ عَلَى مَا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ الْمَوَانِعِ والصوارف فَإِنَّهُ لَا يَلْبَثُ أَنْ يُؤَيِّدَهُ اللَّهُ بِرُوحِ مِنْهُ وَيَكْتُبَ الْإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ . وَلْيَحْرِصْ عَلَى إكْمَالِ الْفَرَائِضِ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ بَاطِنَةً وَظَاهِرَةً فَإِنَّهَا عَمُودُ الدِّينِ وَلْيَكُنْ هَجِيرَاهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ فَإِنَّهَا بِهَا تُحْمَلُ الْأَثْقَالُ وَتُكَابَدُ الْأَهْوَالُ وَيُنَالُ رَفِيعُ الْأَحْوَالِ . وَلَا يَسْأَمُ مِنْ الدُّعَاءِ وَالطَّلَبِ فَإِنَّ الْعَبْدَ يُسْتَجَابُ لَهُ مَا لَمْ يُعَجِّلْ فَيَقُولُ : قَدْ دَعَوْت وَدَعَوْت فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي وَلْيَعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا وَلَمْ يَنَلْ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ خَتْمِ الْخَيْرِ نَبِيٌّ فَمَنْ دُونَهُ إلَّا بِالصَّبْرِ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَهُ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ حَمْدًا يُكَافِئُ نِعَمَهُ الظَّاهِرَةَ وَالْبَاطِنَةَ وَكَمَا يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلَالِهِ . وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ إلَى يَوْمِ الدِّينِ . وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا .
مسألة : كيف يحصل المرض و بم يدفع ؟
مجموع الفتاوى - (ج 10 / ص 91)
مَرَضِ الْقُلُوبِ وَشِفَائِهَا
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الْمُنَافِقِينَ : { فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا } وَقَالَ تَعَالَى : { لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ } وَقَالَ : { لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُون َ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إلَّا قَلِيلًا } وَقَالَ : { وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُون َ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا } وَقَالَ تَعَالَى : { قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } وَقَالَ : { وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إلَّا خَسَارًا } وَقَالَ : { وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ } { وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ } .
وَ " مَرَضُ الْبَدَنِ " خِلَافُ صِحَّتِهِ وَصَلَاحِهِ وَهُوَ فَسَادٌ يَكُونُ فِيهِ يَفْسُدُ بِهِ إدْرَاكُهُ وَحَرَكَتُهُ الطَّبِيعِيَّةُ فَإِدْرَاكُهُ إمَّا أَنْ يَذْهَبَ كَالْعَمَى وَالصَّمَمِ . وَإِمَّا أَنْ يُدْرِكَ الْأَشْيَاءَ عَلَى خِلَافِ مَا هِيَ عَلَيْهِ كَمَا يُدْرِكُ الْحُلْوَ مُرًّا وَكَمَا يُخَيِّلُ إلَيْهِ أَشْيَاءَ لَا حَقِيقَةَ لَهَا فِي الْخَارِجِ . وَأَمَّا فَسَادُ حَرَكَتِهِ الطَّبِيعِيَّةِ فَمِثْلُ أَنْ تَضْعُفَ قُوَّتُهُ عَنْ الْهَضْمِ أَوْ مِثْلُ أَنْ يُبْغِضَ الْأَغْذِيَةَ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَيُحِبَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تَضُرُّهُ وَيَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْآلَامِ بِحَسَبِ ذَلِكَ ؛ وَلَكِنْ مَعَ ذَلِكَ الْمَرَضِ لَمْ يَمُتْ وَلَمْ يَهْلَكْ ؛ بَلْ فِيهِ نَوْعُ قُوَّةٍ عَلَى إدْرَاكِ الْحَرَكَةِ الْإِرَادِيَّةِ فِي الْجُمْلَةِ فَيَتَوَلَّدُ مِنْ ذَلِكَ أَلَمٌ يَحْصُلُ فِي الْبَدَنِ إمَّا بِسَبَبِ فَسَادِ الْكَمِّيَّةِ أَوْ الْكَيْفِيَّةِ : فَالْأَوَّلُ أَمَّا نَقْصُ الْمَادَّةِ فَيَحْتَاجُ إلَى غِذَاءٍ وَأَمَّا بِسَبَبِ زِيَادَاتِهَا فَيَحْتَاجُ إلَى اسْتِفْرَاغٍ .
وَالثَّانِي كَقُوَّةِ فِي الْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ خَارِجٍ عَنْ الِاعْتِدَالِ فَيُدَاوَى .
مسألة : ما الغذاء المختار لحفظ الصحة ؟
مجموع الفتاوى - (ج 20 / ص 418)
كَانُوا يَخْتَارُونَ فِي الْحَرِّ مِنْ الْمَأْكَلِ الْخَفِيفِ وَالْفَاكِهَةِ مَا يَخِفُّ هَضْمُهُ لِبَرْدِ بَوَاطِنِهِمْ وَضَعْفِ الْقُوَى الْهَاضِمَةِ وَفِي الشِّتَاءِ وَالْبِلَادِ الْبَارِدَةِ . يَخْتَارُونَ مِنْ الْمَآكِلِ الْغَلِيظَةِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ لِقُوَّةِ الْحَرَارَةِ الْهَاضِمَةِ فِي بَوَاطِنِهِمْ أَوْ كَانَ زَمَنَ الشِّتَاءِ تَسْخُنُ فِيهِ الْأَجْوَافُ وَتَبْرُدُ الظَّوَاهِرُ مِنْ الْجَمَادِ وَالْحَيَوَانِ وَالشَّجَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ؛ لِكَوْنِ الْهَوَاءِ يَبْرُدُ فِي الشِّتَاءِ وَشَبِيهُ الشَّيْءِ مُنْجَذِبٌ إلَيْهِ فَيَنْجَذِبُ إلَيْهِ الْبَرْدُ فَتَسْخُنُ الْأَجْوَافُ وَفِي الْحَرِّ يَسْخُنُ الْهَوَاءُ فَتَنْجَذِبُ إلَيْهِ الْحَرَارَةُ فَتَبْرُدُ الْأَجْوَافُ فَتَكُونُ الْيَنَابِيعُ فِي الصَّيْفِ بَارِدَةً لِبَرْدِ جَوْفِ الْأَرْضِ وَفِي الشِّتَاءِ تَسْخُنُ لِسُخُونَةِ جَوْفِ الْأَرْضِ .
مجموع الفتاوى - (ج 17 / ص 486)
لِقُوَّةِ الْحَرَارَةِ فِي بَاطِنِ الْإِنْسَانِ يَأْكُلُ فِي الشِّتَاءِ وَفِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَأْكُلُ فِي الصَّيْفِ وَفِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ ؛ لِأَنَّ الْحَرَارَةَ تَطْبُخُ الطَّعَامَ وَتُصَرِّفُهُ وَيَكُونُ الْمَاءُ النَّابِعُ فِي الشِّتَاءِ سُخْنًا لِسُخُونَةِ جَوْفِ الْأَرْضِ وَالدَّمُ سُخْنٌ فَيَكُونُ فِي جَوْفِ الْعُرُوقِ لَا فِي سَطْحِ الْجِلْدِ فَلَوْ احْتَجَمَ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ بَلْ قَدْ يَضُرُّهُ وَفِي الصَّيْف وَالْبِلَادِ الْحَارَّةِ تَسْخَنُ الظَّوَاهِرُ فَتَكُونُ الْبَوَاطِنُ بَارِدَةً فَلَا يَنْهَضِمُ الطَّعَامُ فِيهَا كَمَا يَنْهَضِمُ فِي الشِّتَاءِ وَيَكُونُ الْمَاءُ النَّابِعُ بَارِدًا لِبُرُودَةِ بَاطِنِ الْأَرْضِ وَتَظْهَرُ الْحَيَوَانَاتُ إلَى الْبَرَارِي لِسُخُونَةِ الْهَوَاءِ
مسألة : كيف يكون مرض الجسم و القلب ؟
مجموع الفتاوى - (ج 10 / ص 143)
مَرَضُ الْجِسْمِ يَكُونُ بِخُرُوجِ الشَّهْوَةِ وَالنَّفْرَةِ الطَّبِيعِيَّةِ عَنْ الِاعْتِدَالِ : أَمَّا شَهْوَةُ مَا لَا يَحْصُلُ أَوْ يَفْقِدُ الشَّهْوَةَ النَّافِعَةَ وَيَنْفِرُ بِهِ عَمَّا يَصْلُحُ وَيَفْقِدُ النَّفْرَةَ عَمَّا يَضُرُّ وَيَكُونُ بِضَعْفِ قُوَّةِ الْإِدْرَاكِ وَالْحَرَكَةِ كَذَلِكَ مَرَضُ الْقَلْبِ يَكُونُ بِالْحُبِّ وَالْبُغْضِ الْخَارِجَيْنِ عَنْ الِاعْتِدَالِ وَهِيَ الْأَهْوَاءُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ فِيهَا : { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ } . وَقَالَ : { بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } . كَمَا يَكُونُ الْجَسَدُ خَارِجًا عَنْ الِاعْتِدَالِ إذَا فَعَلَ مَا يَشْتَهِيهِ الْجِسْمُ بِلَا قَوْلِ الطَّبِيبِ وَيَكُونُ لِضَعْفِ إدْرَاكِ الْقَلْبِ وَقُوَّتِهِ حَتَّى لَا يَسْتَطِيعَ أَنْ يَعْلَمَ وَيُرِيدَ مَا يَنْفَعُهُ وَيَصْلُحُ لَهُ