محنة ضعفاء الصحابة



بلال بن رباح الحبَشي:
كان أبوه من سبي الحبشة، وأمه حمامة سبية أيضًا، وهو من مولدي السراة، وكنيته أبو عبدالله، فصار بلال لأمية بن خلف، فكان إذا حميت الشمس وقت الظهيرة يلقيه في الرمضاء على وجهه وظهره، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتلقى على صدره ويقول: لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى، فكان وهو يعذب يقول: أحدٌ أحد، فرآه أبو بكر يُعذب فقال لأمية بن خلف: ألا تتقي الله في هذا المسكين؟ فقال: أنت أفسدته فأبعدته، فقال أبو بكر: عندي غلام سواه على دينك أسود أجلد من هذا أعطيكه به، قال: قبلت، فأعطاه أبو بكر غلامه وأخذ بلالًا فأعتقه.

خباب بن الأرت:
كان أبوه سواديًّا من كسكر، فسباه قوم من ربيعة وحملوه إلى مكة فباعوه من سباع بن عبدالعزى الخزاعي، وخباب تميمي، وكان في الإسلام سابقًا - قيل: سادس ستة - أي قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، فأخذه الكفار وعذبوه عذابًا شديدًا، فكانوا يُعرّونه ويلصقون ظهره بالرمضاء ثم بالرضف - الحجارة المحماة - ولووا رأسه، فلم يجبهم إلى شيء مما أرادوه منه.

صهيب بن سنان الرومي:
ولم يكن روميًّا، وإنما نسب إليهم لأنهم سبوه وباعوه، وقيل: لأنه كان أحمر اللون، وهو من النمر بن قاسط، كناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي يحيى قبل أن يولد له، وكان ممن يعذب في الله، فعذب عذابًا شديدًا، ولما أراد الهجرة منعته قريش، فافتدى نفسه منهم بماله أجمع فتركوه يهاجر.

عامر بن فهيرة:
هو مولى الطفيل بن عبدالله الأزدي، وكان الطفيل أخًا لعائشة لأمها أم رومان، أسلم قديمًا قبل أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وكان مِن المستضعفين يعذب في الله، فلم يرجع عن دينه، فاشتراه أبو بكر وأعتقه، فكان يرعى غنمًا له، وكان يروح بغنم أبي بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى أبي بكر لمَّا كانا في الغار - غار ثور - وهاجر معهما إلى المدينة يخدمهما.

أبو فكيهة:
واسمه أفلح، وقيل: يسار، وكان عبدًا لصفوان بن أمية، أسلم مع بلال، فأخذه أمية بن خلف وربط في رجله حبلًا وأمر به فجروه ثم ألقوه على الرمضاء، ومر به جُعَل - حشرة تشبه الخنفساء - فقال له أمية: أليس هذا ربك؟ فقال: الله ربي وربك ورب هذا، فخنقه خنقًا شديدًا، ومعه أخوه أبي بن خلف يقول: زده عذابًا حتى يأتي محمد فيخلصه بسحره، ولم يزل على تلك الحال حتى ظنوا أنه قد مات، ثم أفاق، فمر به أبو بكر فاشتراه وأعتقه، وقيل: عذبه بنو عبدالدار فكانوا يضعون على صدره صخرة حتى دلع لسانه، وثبت فلم يرجع عن دينه، وهاجر ومات قبل بدر.

لبيبة:
جارية بني مؤمل من بني عدي، أسلمت قبل إسلام عمر بن الخطاب، وكان عمر يعذبها حتى تفتن عن دينها ثم يدعها، وكان يقول لها: إنني لم أدعك إلا سآمة، فتقول: كذلك يفعل الله بك إن لم تسلم، فاشتراها أبو بكر فأعتقها.

زنيرة:
جارية لبني عدي، وقيل: كانت لبني مخزوم، وكان أبو جهل يعذبها حتى عميت، فقال لها: إن اللات والعزى فعلا بك هذا، فقالت: وما يدري اللات والعزى من يعبدها؟ ولكن هذا أمر من السماء، وربي قادر على رد بصري، فأصبحت من الغد وقد رد الله بصرها، فقالت قريش: هذا من سحر محمد، فاشتراها أبو بكر فأعتقها.

النهدية وابنتها:
مولاة لبني نهد، فصارت لامرأة من بني النجار، فأسلمت، وكانت مولاتها تعذبها وتقول: والله لا أقلعتُ عنك أو يبتاعك بعض أصحاب محمد، فابتاعها أبو بكر فأعتقها.

أم عبيس:
وهي أمة لبني زهرة، فكان الأسود بن عبد يغوث يعذبها، فابتاعها أبو بكر، فأعتقها.
أقول: ولهذا أثنى الله تعالى على أبي بكر: وَسَيُجَنَّبُهَ ا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل: 17 - 21].

______________________________ ___________________________
الكاتب: د. محمد منير الجنباز