تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 11 من 11

الموضوع: ( رَدَّ عِلْمَ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إِلَى عَالِمِهِ)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي ( رَدَّ عِلْمَ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إِلَى عَالِمِهِ)

    (وَرَدَّ عِلْمَ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إِلَى عَالِمِهِ)
    كلمة (الاشتباه) و(المشتبه) معناها ما لا يُدْرَكُ معه العلم ويُقابَلْ ما بين المُحْكَمْ والمتشابه.
    والله - عز وجل - جعل القرآنَ مُحْكَمَاً ومتشابهاً؛ يعني صَيَّرَ القرآن مُحْكَمَاً ومتشابهاً.
    والقرآن يصحّ أن يقال:
    - إِنَّهُ مُحْكَمٌ كله.
    - و إِنَّهُ متشابهٌ كله.
    - و إِنَّهُ محكم ومتشابه.
    فالقرآن منه محكم ومنه متشابه، والقرآن محكم كله، والقرآن متشابه كله، بكل قسم باعتبار.
    @ أما كونه مُحْكَمٌ كله:
    فالله - عز وجل - بيَّن أَنَّهُ أحكم القرآن كما قال {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ}[هود:1]، فالقرآن مُحْكَمٌ كله {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ}[يس:2]؛ يعني المحكم في أحد أوجه التفسير.
    @ وأما كونه متشابهٌ كله:
    فكما قال سبحانه {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ}[الزمر:23]، فالقرآن كله متشابه؛ لكن هذا بمعنى أنَّ بعضه يشبه بعضاً.
    لأنَّ المسائل محدودة وبعضه يشبه بعضاً: هذا قصص في سورة وقصص في سورة وقصص في سورة، هذا الكلام على الإيمان والإيمان والإيمان، والكلام على الجنة والنار في سور مختلفة، في صفات الله، وأسماء الله - عز وجل - فهو متشابه.
    @ وأما كونه منه محكم ومنه متشابه:
    وهذا هو الذي أشار إليه الطحاوي في هذا الموضع قال (وَرَدَّ عِلْمَ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إِلَى عَالِمِهِ).
    (منه محكم) يعني ما معناه واضِحٌ للجميع.
    (ومنه متشابه) ما يشتبه معناه على البعض.
    وإذا تبين ذلك فليس ثَمَّ في القرآن إذاً متشابه على كل أحد، ليس ثَمَّ في القرآن متشابه مطلق.
    نقول هذه المسألة متشابهة بمعني أنَّه لا أحد يعلمها، أي في القرآن آية لا أحد يعلم معناها هذا مستحيل لأنَّ الله - عز وجل - جعل القرآن محكماً كله، وجعل منه محكم ومنه متشابه، والراسخون في العلم يعلمون المتشابه الذي هو المعنى.
    أما المتشابه النسبي فنعم، هذا المتشابه النسبي ما معناه؟
    معناه أنَّهُ ما من شيء إلا ويشتبه عليّ أو عليك أو على فلان، فليس ثَمَّ أحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - عَلِمَ كل شيء، عَلِمَ كل القرآن، عَلِمَ كل السنة، لابد أن يشتبه عليه شيء، بمعنى أن يستسلم لبعض الشريعة فإنه لا يعلم المعنى.
    وقد جاء عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال عند قوله تعالى {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا}[عبس:31] قال: (أي سماء تظلّني وأي أرض تقلّني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم)(مصنف ابن أبي شيبة (30107)).
    مثلاً: عند قوله تعالى {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ}[الكهف:22] كم عِدَّةْ أصحاب الكهف؟
    متشابهة؛ يعني أنا لا أعلم، أنت لا تعلم، ابن عباس رضي الله عنه حينما جاء إلى هذه الآية قال (أنا من القليل الذي يعلمه)، لأنَّهُ متشابه نسبي.
    فإذاً الذي يقول إنَّ في القرآن متشابه مطلق على كل أحد، هذا غير موجود لا في العقائد ولا في العمليات.
    لكن هناك متشابه على الجميع وهو الكيفيات؛ كيفيات الأشياء، كيفيات الغيبيات.
    ولهذا قال كثير من السلف إنَّ الوقف على لفظ الجلالة في آية آل عمران {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}[آل عمران:7]؛ يعني تأويل الآيات، تأويل المتشابه المحكم ما يعلمه إلا الله في أمور الكيفيات، في أمور تمام المعنى، في الجنة جاءت صفتها نعلم معنى الأنهار ومعنى الشجر؛ لكن كيفية ذلك هذا مشتبه علينا.
    لذلك نقول: الاشتباه نسبي، أما الاشتباه المطلق لا يوجد.
    فإذا كان كذلك: لزم أن نَرُدَّ علم ما اشتبه علينا إلى عالمه، نقول الله اعلم.
    لهذا قال من قال من أهل العلم (إذا ترك العالم الله أعلم أُصِيْبَتْ مقاتله)، وفي رواية قال: (إذا ترك العالم لا أدري أصيبت مقاتله) -حلية الأولياء (7/274) عن سفيان بن عيينة)، لأنَّهُ لابد أن يشتبه عليه شيء.
    إذا تقرر لك ذلك: فإنّ الاشتباه الحاصل يكون في العقيدة وفي الشريعة.
    فكلّ ما لا تعلم عِلّتَه أو حكمته أو السِّر فيه فهو متشابه، فَسَلِّم للشريعة، سلِّم للكتاب والسنة الحق وأيقن بذلك ورُدَّ ما اشتبه إلى عالمه.
    مثلاً في العقائد يأتينا أنواع الاشتباه.
    في العقائد في مسائل الغيبيات، واحد يشكل عليه في مسائل الغيبيات أشياء: أمر الجنة، أمر النار، أمر الناس كيف يعذّبون في النار بعد الموت، تأتيك أسئلة، تأتيك أسئلة كثيرة، هذه الأسئلة، الرؤية مثل التي ذكر، كيف يرى الفرد المؤمن بقواه المحدودة يرى الرب - عز وجل - الذي السموات مطويات بيمينه وهو سبحانه وسع كل شيء رحمة وعلما، كيف يكون؟ ما يتحمل العقل ذلك، العرش كيف أنّ السموات السبع كدراهم سبعة ألقيت في ترس، كيف أنَّ الكرسي وسع السموات والأرض؟ كيف الماء وكان عرشه على الماء؟ تأتي مثل هذه الأسئلة لا تدركها.
    فإذا جاء عدم الإدراك في مسائل الإيمان بالغيبيات فيجب أن تُسَلِّم إلى عالمه.
    في القدر لم كان كذا؟ لم قضى الله كذا؟ لم أغنى الأغنياء؟ لم أفقر الفقير؟ لماذا أمرض؟ لماذا أصاب بكذا؟
    إذا بدأت الأسئلة فيأتي بِدْأْ الاعتراض ويُحرم المرء كما سيأتي في الجملة التالية.
    فإذاً تحتاج إلى الاستسلام في العقائد أعظم الاستسلام؛ لأنها مبنية على الغيبيات.
    والأمور الغيبية برهانها إذا استسلمت للبرهان فصدقه، الأمور الغيبية مبنية على برهان، هل هو البرهان للغيبي نفسه؟
    لا، هو برهان لبرهان الغيبيات.
    برهان الغيبيات هو القرآن والسنة.
    عندنا برهان لصحة القرآن والسنة، هذا برهان واضح صحيح؛ لكن البرهان على الغيبيات بأفرادها ما عندنا.
    لكن عندنا برهان على البرهان الأصلي وهو الكتاب والسنة.
    بالنسبة لأمور العبادات والفقه تأتي مسائل العلل؛ التعليلات.
    الشريعة مُعَلَّلَة ولاشك، والله - عز وجل - جعل الأحكام الشرعية منوطة بعللها.
    لكن من العلل ما ظهر ومنه ما لم يظهر، لهذا تجد أنَّ بعض العلماء يُعَبِّرْ عن مسائل العلل في العبادات بأنَّ علته قاصرة، فتجده تارةً يقول(فإنَّ العلة تعبدية)، كما أنَّ هناك علل معروفة.
    فإذاً إذا جاءتك المجاهيل في أمور العبادات فإنك تُسَلِّم دون خوف؛ لأنه ثَمَّ أشياء تغيب عن العبد.[اتحاف السائل بما فى الطحاوية من مسائل]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( رَدَّ عِلْمَ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إِلَى عَالِمِهِ)

    ( من التبس عليه أمر شيء من المتشابه فليرده إلى المحكم )

    قال تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ) آل عمران/7
    المراد منه أن القرآن الكريم فيه المحكم والمتشابه ، والمحكم هو البيّن الواضح الذي لا يلتبس أمره ، وهذا هو الغالب في القرآن ، فهو أمّ الكتاب وأصل الكتاب ، وأما المتشابه ، فهو الذي يشتبه أمره على بعض الناس دون بعض ، فيعلمه العلماء ولا يعلمه الجهال ، ومنه ما لا يعلمه إلا الله تعالى .
    وأهل الحق يردون المتشابه إلى المحكم ، وأما أهل الزيغ فيتبعون المتشابه ، ويعارضون به المحكم ، ابتغاء الفتنة ، وجريا خلف التحريف والتضليل .
    قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (2/6) : " يخبر تعالى أن في القرآن آيات محكمات هن أم الكتاب، أي: بينات واضحات الدلالة، لا التباس فيها على أحد من الناس، ومنه آيات أخر فيها اشتباه في الدلالة على كثير من الناس أو بعضهم، فمن ردّ ما اشتبه عليه إلى الواضح منه، وحكم محكمه على متشابهه عنده، فقد اهتدى. ومن عكس انعكس ؛ ولهذا قال تعالى: هُوَ الَّذِي أَنزلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ أي: أصله الذي يرجع إليه عند الاشتباه وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ أي: تحتمل دلالتها موافقة المحكم، وقد تحتمل شيئًا آخر من حيث اللفظ والتركيب ، لا من حيث المراد ...
    فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ أي: ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ أي: إنما يأخذون منه بالمتشابه الذي يمكنهم أن يحرّفوه إلى مقاصدهم الفاسدة ، وينزلوه عليها ، لاحتمال لفظه لما يصرفونه ، فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه ؛ لأنه دامغ لهم وحجة عليهم ، ولهذا قال: ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ أي: الإضلال لأتباعهم ، إيهامًا لهم أنهم يحتجون على بدعتهم بالقرآن ، وهذا حجة عليهم لا لهم ، كما لو احتج النصارى بأن القرآن قد نطق بأن عيسى هو روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم ، وتركوا الاحتجاج بقوله تعالى : إِنْ هُوَ إِلا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ [الزخرف : 59] وبقوله: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [ آل عمران : 59 ] وغير ذلك من الآيات المحكمة المصرحة بأنه خلق من مخلوقات الله ، وعبد ، ورسول من رسل الله .
    وقوله: وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ أي: تحريفه على ما يريدون " انتهى .
    وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " قسم الله تبارك وتعالى القرآن الكريم إلى قسمين : محكم ومتشابه ، والمراد بالمحكم هنا الواضح البين الذي لا يخفى على أحدٍ معناه مثل السماء والأرض والنجوم والجبال والشجر والدواب وما أشبهها ، هذا محكم ؛ لأنه لا اشتباه في معناه، وأما المتشابهات فهي الآيات التي يشتبه معناها ويخفى على أكثر الناس ولا يعرفها إلا الراسخون في العلم ، مثل بعض الآيات المجملة التي ليس فيها تفصيل ، فتفصلها السنة مثل قوله تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) فإن إقامة الصلاة غير معلومة ، والمعلوم من هذه الآية وجوب إقامة الصلاة فقط ، لكن كيف الإقامة ، هذا يعرف من دليل آخر ، والحكمة من أن القرآن نزل على هذين الوجهين الابتلاء والامتحان ؛ لأن من في قلبه زيغ يتبع المتشابه ، فيبقى في حيرةٍ من أمره ، وأما الراسخون في العلم فإنهم يؤمنون به كله ، متشابهه ومحكمه ، ويعلمون أنه من عند الله وأنه لا تناقض فيه . ومن أمثلة المتشابه : قول الله تبارك وتعالى (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) مع قوله (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا) فيأتي الإنسان ويقول : هذا متناقض كيف يقولون (وَاللَّهِ رَبِّنَا مَاكُنَّا مُشْرِكِينَ) ثم يقال عنهم إنهم (لا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً) فيضرب الآيات بعضها ببعض ؛ ليوقع الناس في حيرة ، لكنّ الراسخين في العلم يقولون : كله من عند الله ولا تناقض في كلام الله ، ويقولون : إن يوم القيامة يومٌ مقداره خمسون ألف سنة ، فتتغير الأحوال وتتبدل ، فتُنزّل هذه على حال وهذه على حال " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
    وقال أيضا : " وأما أهل الضلال والزيغ فاتبعوا المتشابه وجعلوه مثاراً للشك والتشكيك فضلوا، وأضلوا وتوهموا بهذا المتشابه مالا يليق بالله عز وجل ولا بكتابه ولا برسوله.
    مثال الأول : قوله تعالى: ( إنا نحن نحيي الموتى ). وقوله: ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ونحوهما مما أضاف الله فيه الشيء إلى نفسه بصفة الجمع ، فاتبع النصراني هذا المتشابه وادعى تعدد الآلهة وقال : إن الله ثالث ثلاثة ، وترك المحكم الدال على أن الله واحد.
    وأما الراسخون في العلم: فيحملون الجمع على التعظيم لتعدد صفات الله وعظمها، ويردون هذا المتشابه إلى المحكم في قوله تعالى: ( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو ). ويقولون للنصراني: إن الدعوى التي ادعيت بما وقع لك من الاشتباه قد كفّرك الله بها وكذبك فيها فاستمع إلى قوله تعالى:( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد ) أي كفروا بقولهم : إن الله ثالث ثلاثة.
    ومثال الثاني : قوله تعالى: لنبيه صلى الله عليه وسلم: ( إنك لا تهدي من أحببت ) وقوله: ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) ففي الآيتين موهم تعارض ، فيتبعه من في قلبه زيغ ويظن بينهما تناقضاً وهو النفي في الأولى ، والإثبات في الثانية. فيقول: في القرآن تناقض.
    وأما الراسخون في العلم فيقولون: لا تناقض في الآيتين فالمراد بالهداية في الآية الأولى هداية التوفيق ، وهذه لا يملكها إلا الله وحده فلا يملكها الرسول ولا غيره . والمراد بها في الآية الثانية هداية الدلالة وهذه تكون من الله تعالى ، ومن غيره فتكون من الرسل وورثتهم من العلماء الربانيين ... " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (4/186).
    وهذه كلها أمثلة للمتشابهة النسبي الذي يخفى على بعض الناس ، ويعلمه الراسخون في العلم ، وأما المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله فمثل حقيقة وكيفية صفات الله تعالى ، وحقيقة ما يكون عند الله تعالى من نعيم لأهل الجنة ، وعذاب لمن عصاه ؛ فهذا كله لا يعلمه إلا الله .
    ثانيا :
    من التبس عليه أمر شيء من المتشابه ، فليرده إلى المحكم ، إن كان من أهل العلم القادرين على الاستدلال والاستنباط ، وإلا فليسأل أهل العلم ، كما قال تعالى : ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) النحل/43
    وليقل في كل حال : ( آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ).
    وقد عمد قوم من أهل الزيغ والزندقة قديما وحديثا إلى تتبع المتشابه من القرآن والسنة ، ابتغاء الفتنة والتشكيك ، وتصدى أهل العلم لذلك ، وألفوا مؤلفات نافعة في رد هذا التشكيك ، ومن ذلك ما ألفه الإمام ابن قتيبة رحمه الله بعنوان : تأويل مختلف الحديث . وما ألفه الشيخ الأمين الشنقيطي رحمه الله بعنوان : دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب .
    فليس بحمد الله بين آيات الكتاب تناقض ولا اضطراب ، وليس بين السنة والقرآن تعارض ؛ لأن الأمر كله من عند الله ، وقد قال سبحانه : ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا )
    المصدر الاسلام سؤال وجواب

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2022
    المشاركات
    2,228

    افتراضي رد: ( رَدَّ عِلْمَ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إِلَى عَالِمِهِ)

    ماذكره الطحاوي فيه نظر . . .الا إذا وجد من أحكم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وميزه وعرف صحيحه من ضعيفه وبالتالي أصبح عقله يقارب عقل رسول الله صلى الله عليه وسلم . .
    وفي العصور المتاخرة . . من سنة 400 حتى يومنا هذا .. لايوجد الا كؤوس(رؤوس) مخلوطة المحتوى!!!
    نقول هذه المسألة متشابهة بمعني أنَّه لا أحد يعلمها، أي في القرآن آية لا أحد يعلم معناها هذا مستحيل لأنَّ الله - عز وجل - جعل القرآن محكماً كله، وجعل منه محكم ومنه متشابه، والراسخون في العلم يعلمون المتشابه الذي هو المعنى.
    يستخدمون "قلى" للفصل بين الله عز وجل وبين "الراسخون" . . في تلك الآية . .
    .. .

    هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ مِنۡهُ ءَايَٰت مُّحۡكَمَٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَٰبِهَٰت
    فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمۡ زَيۡغ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَآءَ ٱلۡفِتۡنَةِ وَٱبۡتِغَآءَ تَأۡوِيلِهِۦۖ وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ (وقف)
    وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلّ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ
    وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ
    .
    .
    لأنك أخي الفاضل لو قرأت الآية بعطف الراسخون على الله . . يصبح فيها جزء معلق وكأنه لامعنى له . . وحاشا . .
    .
    هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ مِنۡهُ ءَايَٰت مُّحۡكَمَٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَٰبِهَٰت
    فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمۡ زَيۡغ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَآءَ ٱلۡفِتۡنَةِ وَٱبۡتِغَآءَ تَأۡوِيلِهِۦۖ
    وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ

    يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ
    ۦ كُلّ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ (دون فاعل)
    وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ
    .
    .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( رَدَّ عِلْمَ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إِلَى عَالِمِهِ)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو لمى مشاهدة المشاركة

    يستخدمون "قلى" للفصل بين الله عز وجل وبين "الراسخون" . . في تلك الآية . .
    .. .


    لأنك أخي الفاضل لو قرأت الآية بعطف الراسخون على الله . . يصبح فيها جزء معلق وكأنه لامعنى له . . وحاشا . .

    .
    للمفسرين في الوقوف على { الله } من قوله { وما يعلم تأويله إلا الله }
    قولان، جمهورهم يقفون عندها،
    وبعضهم يعطف عليها { والراسخون في العلم }
    وذلك كله محتمل،
    فإن التأويل إن أريد به علم حقيقة الشيء وكنهه كان الصواب الوقوف على { إلا الله } لأن المتشابه الذي استأثر الله بعلم كنهه وحقيقته، نحو حقائق صفات الله وكيفيتها، وحقائق أوصاف ما يكون في اليوم الآخر ونحو ذلك، فهذه لا يعلمها إلا الله، ولا يجوز التعرض للوقوف عليها، لأنه تعرض لما لا يمكن معرفته، كما سئل الإمام مالك رحمه الله عن قوله { الرحمن على العرش [استوى ] } فقال السائل: كيف استوى؟ فقال مالك: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، فهكذا يقال في سائر الصفات لمن سأل عن كيفيتها أن يقال كما قال الإمام مالك، تلك الصفة معلومة، وكيفيتها مجهولة، والإيمان بها واجب، والسؤال عنها بدعة، وقد أخبرنا الله بها ولم يخبرنا بكيفيتها،
    فيجب علينا الوقوف على ما حد لنا، فأهل الزيغ يتبعون هذه الأمور المشتبهات تعرضا لما لا يعني، وتكلفا لما لا سبيل لهم إلى علمه، لأنه لا يعلمها إلا الله،
    وأما الراسخون في العلم فيؤمنون بها ويكلون المعنى إلى الله فيسلمون ويسلمون،
    وإن أريد بالتأويل التفسير والكشف والإيضاح، كان الصواب عطف { الراسخون } على { الله }
    فيكون الله قد أخبر أن تفسير المتشابه ورده إلى المحكم وإزالة ما فيه من الشبهة لا يعلمها إلا هو تعالى والراسخون في العلم يعلمون أيضا، فيؤمنون بها ويردونها للمحكم
    ويقولون { كل } من المحكم والمتشابه { من عند ربنا } وما كان من عنده فليس فيه تعارض ولا تناقض بل هو متفق يصدق بعضه بعضا ويشهد بعضه لبعض
    وفيه تنبيه على الأصل الكبير، وهو أنهم إذا علموا أن جميعه من عند الله،
    وأشكل عليهم مجمل المتشابه، علموا يقينا أنه مردود إلى المحكم، وإن لم يفهموا وجه ذلك.
    ولما رغب تعالى في التسليم والإيمان بأحكامه وزجر عن اتباع المتشابه قال { وما يذكر } أي: يتعظ بمواعظ الله ويقبل نصحه وتعليمه إلا { أولوا الألباب } أي: أهل العقول الرزينة لب العالم وخلاصة بني آدم يصل التذكير إلى عقولهم، فيتذكرون ما ينفعهم فيفعلونه، وما يضرهم فيتركونه، وأما من عداهم فهم القشور الذي لا حاصل له ولا نتيجة تحته، لا ينفعهم الزجر والتذكير لخلوهم من العقول النافعة.

    تفسير السعدى
    *****
    قوله: وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ:
    وَالرَّاسِخُونَ : الواو استئنافيَّة، والرَّاسِخُونَ مرفوعٌ، مبتدأ، وخبرُه جملة: يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ؛ وهذا على قِراءة الوقفِ على اسمِ اللهِ تعالى.
    أو تكونُ الواوُ عاطفةً، والرَّاسِخُونَ مرفوعًا، عطفًا على اللهِ جلَّ ذِكرُه،
    والتقدير:
    وما يَعلَمُ تفسيرَ المتشابهِ وبيانَه، ورَدَّه إلى المُحكَم، إلَّا اللهُ والرَّاسخونَ في العِلم؛
    وهذا على قِراءة الوصلِ. وعلى هذا الوجهِ فجُملة يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ حالٌ، أي: يَعلمون تأويلَه حالَ كونِهم قائلين ذلك، أو تكون خبرَ مبتدأٍ محذوف، أي: هُم يقولون... يُنظر: ((مشكل إعراب القرآن)) لمكي (1/149- 150)، ((التبيان في إعراب القرآن)) للعكبري (1/239)، ((الدر المصون)) للسمين الحلبي (3/29). المَعنَى الإجماليُّ:

    تُرشد الآياتُ إلى كَمال عِلمِ الله تعالى؛ فهو سبحانه لا يغيبُ عن عِلمه شيءٌ في الأرض ولا في السَّموات؛ فهو الَّذي يجعلُكم صُوَرًا في أرحام أمَّهاتِكم على أيِّ كيفيَّةٍ شاء؛ لذا فهو المستحقُّ للإلهيَّةِ وحده لا شريكَ له، وهو العزيزُ في مُلكِه، لا يغلِبُه شيءٌ، ولا يمتنع منه شيءٌ، والحكيم في خَلْقِه وصُنعِه وتدبيره، هو الَّذي أنزَل عليك- يا محمَّدُ- القُرْآنَ، منه آياتٌ بيِّنات واضحاتُ الدَّلالة، لا التباسَ فيها، وهي أصلُ هذا الكتاب ومعظَمُه، ومن القُرْآن آياتٌ أُخَرُ يلتبس معناها، أو تشتبهُ دلالتُها على كثيرٍ من النَّاسِ أو بعضِهم، فأمَّا الَّذين في قلوبهم ميلٌ عن الحقِّ وضلالٌ، فيتعلَّقون بالمتشابِهِ من الآيات، ويتركون المُحكَم؛ وذلك طلَبًا للَّبْسِ على المؤمنين وإضلالِهم، وطلبًا لتفسيره على ما يريدون؛ تحريفًا له وَفْقَ أهوائِهم، وما يعلَمُ تفسيرَ المتشابِهِ إلَّا الله تعالى، والثَّابتون في العِلمِ المتمكِّنون منه يعلَمون أيضًا، وإن لم يعلَموا حقائقَ الأمورِ وما تؤولُ إليه؛ لأنَّ اللهَ وحده هو الَّذي يعلَمُها،

    ***

    قال الشيخ صالح ال الشيخ :
    قولُهُ هنا: {وما يعلمُ تأويلَهُ إلا اللهُ} إذا كان في آياتِ الصّفاتِ ووقفنا على هذه الآيةِ وقلنا: {وما يعلمُ تأويلَهُ إلا اللهُ} ووقفنا، فنريدُ بالتَّأويلِ ما تَؤُولُ إليه حقيقةُ الأسماءِ والصِّفاتِ، يعني: الكيفيَّة، لا يعلم الكيفيَّةَ وهي الحقيقةُ الَّتي تؤولُ إليها آياتُ الأسماءِ والصِّفاتِ والأحاديثِ الَّتي فيها الأسماءُ والصّفاتُ، لا يعلم كيفيَّةَ اتّصافَ اللهِ -جلَّ وعلا- بها إلا هو سبحانه.
    وإذا أُرِيدَ بالتَّأويلِ معنى التَّفسيرِ، لا الكيفيَّةِ، فإنَّ الرَّاسخين في العلمِ يعلمون، ولهذا طائفةٌ من السَّلفِ يرون الوقفَ على كلمةِ {العلم} يقولون: {وما يعلمُ تأويلَهُ إلا اللهُ والرَّاسخون في العلمِ} ويقف؛ لأنَّ الرَّاسخين في العلمِ يعلمون المعنى لكنْ لا يعلمون الكيفيَّةَ، فإذا كان الاشتباهُ واقعاً في المعنى كان الرَّاسخون في العلمِ ممَّنْ يعلمون، وإذا كان الاشتباهُ وقع في الكيفيَّةِ كان العلمُ مقصورا على ربِّ الأرضِ والسَّماواتِ، وهذا معنى قولِهِ: {وما يعلمُ تأويلَهُ إلا اللهُ} ولهذا قالَ ابنُ عبَّاسٍ: (أنا ممَّنْ يعلمُ تأويلَهُ)
    شرح لمعة الاعتقاد للشيخ صالح ال الشيخ
    وإذا تبين ذلك فليس ثَمَّ في القرآن إذاً متشابه على كل أحد، ليس ثَمَّ في القرآن متشابه مطلق.
    نقول هذه المسألة متشابهة بمعني أنَّه لا أحد يعلمها، أي في القرآن آية لا أحد يعلم معناها هذا مستحيل لأنَّ الله - عز وجل - جعل القرآن محكماً كله، وجعل منه محكم ومنه متشابه، والراسخون في العلم يعلمون المتشابه الذي هو المعنى.
    أما المتشابه النسبي فنعم،
    .........فإذاً الذي يقول إنَّ في القرآن متشابه مطلق على كل أحد، هذا غير موجود لا في العقائد ولا في العمليات.
    لكن هناك متشابه على الجميع وهو الكيفيات؛ كيفيات الأشياء، كيفيات الغيبيات.
    ولهذا قال كثير من السلف إنَّ الوقف على لفظ الجلالة في آية آل عمران {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}[آل عمران:7]؛ يعني تأويل الآيات، تأويل المتشابه المحكم ما يعلمه إلا الله في أمور الكيفيات، في أمور تمام المعنى، في الجنة جاءت صفتها نعلم معنى الأنهار ومعنى الشجر؛ لكن كيفية ذلك هذا مشتبه علينا.
    لذلك نقول: الاشتباه نسبي، أما الاشتباه المطلق لا يوجد.
    نعم

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2022
    المشاركات
    2,228

    افتراضي رد: ( رَدَّ عِلْمَ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إِلَى عَالِمِهِ)

    قولان، جمهورهم يقفون عندها،
    هم دائما لهم قولان
    الى مالا نهاية ..
    أرجو تقبل هذا الرد بصدر رحب ..
    . .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jun 2022
    المشاركات
    2,228

    افتراضي رد: ( رَدَّ عِلْمَ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إِلَى عَالِمِهِ)

    فيكون الله قد أخبر أن تفسير المتشابه ورده إلى المحكم وإزالة ما فيه من الشبهة لا يعلمها إلا هو تعالى والراسخون في العلم يعلمون أيضا، فيؤمنون بها ويردونها للمحكم
    هل في يدك دليل أخي يثبت أنهم يردون كل شيء للمحكم؟
    هذه الكتب الكثيرة المطبوعة وشروحتها . .
    نحن لانشكك في نيتهم ومعتقدهم . . بالعكس نرى أنهم على نية طلب الحق . .
    وأيضاً نعتقد صوابهم في الكثير . . .ولكن أنت أو أي أحد هل يستطيع الجزم أنه أصابوا في كل شيء . .هل فعلا ردوا المتشابه للمحكم ؟ ؟ هل فسروا القرآن بالقرآن وصحيح السنة . . أم أن التفسير بطلب الآيات المشتابهة هو من اتباع المتشابه ؟
    هل تذكر حديثنا قبل أمس عن "مقيتا" . . حيث قالوا بمعنى "قديرا او مقتدراً" وذكرت هناك لأنها الأكثر .. (فسروها بالآيات الشبيهة)
    . .
    ولدي مثال آخر . . ولا أعلم حقاً لماذا يهربون منه . . وكأنه إحداث في الدين! رغم أن كل النصوص الصحيحة الصريحة الثابتة في صفك (ضدك فقط اراء الفقهاء)
    . .
    والراسخون في العلم يعلمون أيضا،
    أنا وأنت كيف نعرف أن فلاناً من الراسخين في العلم؟
    هل أجرينا له اختبار تحريري؟
    . .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( رَدَّ عِلْمَ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إِلَى عَالِمِهِ)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو لمى مشاهدة المشاركة
    هل في يدك دليل أخي يثبت أنهم يردون كل شيء للمحكم؟


    . .
    الحمد لله فى يدى ألف دليل وليس دليل واحد
    فالزائغون يتخذون من الآيات المشتبهات وسيلة للطعن في كتاب الله، وفتنة الناس عنه، وتأويله لغير ما أراد الله تعالى به، فيَضِلُون، ويُضِلُون
    وأما الراسخون في العلم: الثابتون الأقدام في علم الشريعة أهل الهداية والاستنباط يؤمنون بأن ما جاء في كتاب الله تعالى فهو حق وليس فيه اختلاف ولا تناقض لأنه من عند الله (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (النساء: الآية82)
    وما جاء مشتبهاً ردوه إلى المحكم ليكون الجميع محكماً
    قال ابن القيم في إعلام الموقعين:
    الذين يستمسكون بالمتشابه في رد المحكم، لهم طريقان في رد السنن: أحدهما: ردها بالمتشابه من القرآن أو من السنن، الثاني: جعلهم المحكم متشابها ليعطلوا دلالته،
    وأما طريقة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث :
    فعكس هذه الطريق، وهي أنهم يردون المتشابه إلى المحكم، ويأخذون من المحكم ما يفسر لهم المتشابه ويبينه لهم، فتتفق دلالته مع دلالة المحكم وتوافق النصوص بعضها بعضا، ويصدق بعضها بعضا، فإنها كلها من عند الله، وما كان من عند الله فلا اختلاف فيه ولا تناقض، وإنما الاختلاف والتناقض فيما كان من عند غيره

    *****
    الفرق بين الراسخ فى العلم الذى يرد المتشابه الى المحكم وبين الزائغ الذى يرد المحكم الى المتشابه
    قال ابن عثيمين رحمه الله
    طريقةُ الراسخينَ في العِلْمِ الذينَ آمَنُوا بالمُحْكَمِ والمُتَشَابِهِ وقالوا: {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} ، وَتَرَكُوا التَّعَرُّضَ لِمَا لا يُمْكِنُهم الوصولُ إلى معرِفَتِهِ والإحاطَةِ بِهِ؛ تَعْظِيمًا للهِ ورسولِهِ، وتَأَدُّبًا معَ النصوصِ الشرعيَّةِ، وهم الذينَ أثْنَى اللهُ عليهم بقولِهِ: {وَالرَّاسِخُون في الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عِمْرَان:7]

    الطريقةُ الثانيَةُ
    : طريقَةُ الزائِغِينَ الذينَ اتَّبَعُوا المُتشابِهَ طَلَبًا للفِتْنَةِ ، وَصَدًّا للناسِ عنْ دينِهم وعنْ طريقَةِ السَّلَفِ الصالحِ، فحاولُوا تأويلَ هذا المتشابِهِ إلى ما يُرِيدُون ، لا إلى ما يُرِيدُهُ اللهُ ورسولُهُ ، وضَرَبوا نصوصَ الكتابِ والسُّنَّةِ بعضَها ببَعْضٍ ، وحاولوا الطعْنَ في دِلالَتِها بالمعارَضَةِ والنقْصِ؛ ليُشَكِّكُوا المسلمينَ في دلالَتِها ، ويُعْمُوهم عنْ هِدَايَتِها، وهؤلاء هم الذينَ ذمَّهم اللهُ بقولِهِ: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ}
    *****
    قال الشيخ صالح الفوزان
    الراسِخُون في العِلْمِ يَرُدُّونَ المُتَشابِهَ إلى المُحْكَمِ، ويُفَسِّرونَ كلامَ اللهِ بعضَه ببعضٍ، ويُفَسِّرون كلامَ الرسولِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ بعضَه ببعضٍ، أو يُفَسِّرون كلامَ اللهِ بسنَّةِ الرسولِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، ويُفَسِّرون سُنَّةَ الرسولِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ بكلامِ اللهِ؛ لأنه كُلَّه مِن عندِ اللهِ.
    ولهذا يَقُولون: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} المُحْكَمُ والمُتَشَابِهُ {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا}.
    أمَّا أهلُ الزَّيْغِ ـ والعياذُ باللهِ ـ فإِنَّهم يَأْخُذُونَ المُتَشَابِهَ ويَسْتَدِلُّونَ بِهِ ويَتْرُكونَ المُحْكَمَ، ولا يَرُدُّونَ المُتَشَابِهَ إلى المُحْكَمِ؛ لمَقْصِدٍ سَيِّئٍ عندَهم، ابْتِغَاءَ فتنةِ الناسِ عن دينِهم
    ****


    فالزائغون يتخذون من هذه الآيات المشتبهات وسيلة للطعن في كتاب الله، وفتنة الناس عنه، وتأويله لغير ما أراد الله تعالى به، فيَضِلُون، ويُضِلُون
    وأما الراسخون في العلم يؤمنون بأن ما جاء في كتاب الله تعالى فهو حق وليس فيه اختلاف ولا تناقض لأنه من عند الله (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (النساء: الآية82) وما جاء مشتبهاً ردوه إلى المحكم ليكون الجميع محكماً.
    ****************
    اليك أخى ابو لمى مثال للزائغين الذين يردون المحكم الى المتشابه والراسخين الذين يرون المتشابه الى المحكم
    تفسيرُ نصوصِ الصفاتِ بغيرِ ما أرادَ اللهُ بها ورسولُهُ، وبخلافِ ما فسَّرَهَا بِهِ الصَّحَابَةُ والتابعونَ لَهم بإحسانٍ.
    فأهل السنة وسط بين طائفتين زائغتين المعطلة والمشبهه على طرفي نقيض،
    المعطلة يزعمون أنهم بنفيهم للصفات يقصدون تنزيه الله عن مشابهة المخلوقات، فأظهروا الباطل بصورة من الحق، فأفرطوا في التنزيه، وتجاوزوا الحدود حتى وقعوا في الإلحاد والضلال البعيد.
    والمشبهة أثبتوا لله الصفات لكنهم شبهوه بخلقه، يقول قائلهم: له سمع كسمعنا وبصر كبصرنا، فأفرطوا في الإثبات حتى شبهوا الله بخلقه.وكلتا الطائفتين زائغتان عن الصراط المستقيم.
    والراسخون فى العلم: أهل الصراط المستقيم ـ أهل السنة والجماعة ـ الذين آمنوا بكل ما أخبر الله به عن نفسه، وأخبر به عنه رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فهم يصفون الله تعالى بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، فمذهبهم بريء من التحريف والتعطيل، والتكييف والتمثيل،
    ****
    منهج الراسخين فى العلم اهل السنة وسط بين أهل التعطيل وأهل التمثيل:
    فأهل التمثيل قوم أكدوا لله الصفات، لكن بالغوا في إثباتها وغلوا في ذلك، وجعلوها من جنس صفات المخلوقين، فانحرفوا بذلك عن الصراط المستقيم؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾[الشورى: 11] ويقول جل ذكره: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً﴾[مريم: 65] ويقول -سبحانه وتعالى- : ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾[الإخلاص: 1-4] ويقول -عز وجل-: ﴿فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[البقرة: 22]
    والقسم الثاني معطلة: عطلوا الله سبحانه وتعالى من صفاته التي أثبتها لنفسه، ونفوها عنه، وحرفوا من أجل ذلك نصوص الكتاب والسنة، وعطلوها من المراد بها بحجج هي شُبَه في الحقيقة وليست بحجج، حكموا في ذلك عقولهم، وجعلوا يثبتون لله ما اقتضت عقولهم إثباته، وينكرون ما لم تقضِ عقولهم إثباته، فظلموا في ذلك وصاروا هم الحاكمين على الله، وليس كتاب الله هو الحاكم بينهم، فأنكروا ما وصف الله به نفسه وقالوا: ليس لله وجه، ليس لله عين، وليس لله يد. وقالوا أيضاً. ليس لله فرح، وليس لله غضب، وليس لله عجب. وقالوا أيضاً: ليس لله فعل: لا استواء على العرش، ولا نزول إلى السماء الدنيا. بل بالغوا حتى قالوا: إن الله ليس عالياً فوق خلقه، وإنما علوه علوُّ صفة وعلو معنوي، وليس علوًّا ذاتيّاً. وبالغ بعضهم فقالوا: إن الله -سبحانه وتعالى- لا يقال: إنه فوق العالم، ولا تحت العالم، ولا يمين ولا شمال، ولا متصل ولا منفصل، وأتوا بأقوال يعجب منها المرء ويقول: كيف يكون هذا مقتضى العقول؟ أما أهل السنة والجماعة فإنهم يثبتون لله تعالى ما أثبته من الأسماء والصفات إثباتاً حقيقياً، مع نفي المماثلة- أي: مماثلة المخلوقين- فيقولون: نثبت لله كل ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات، أي: فيثبتون لله الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر، ويثبتون لله الأفعال المتعلقة بمشيئته: كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والإتيان للفصل بين العباد؟ ويثبتون لله الفرح والضحك والعجب، ويثبتون لله الحكمة والرحمة، وغير ذلك مما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- ، لكن من غير تحريف ولا تعطيل
    فمذهب الراسخين فى العلم أهل السنة والجماعة هو إثبات ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات، من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، ونفي ما نفى الله عن نفسه من الصفات، والسكوت عما لم يرد به نفيٌ ولا إثبات؛ لأن هذا هو مقتضى السمع ومقتضى العقل،
    واهل السنة الراسخون فى العلم وسط
    أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ:
    أوَّلا: (وسَطٌ في بابِ صفاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وتعالى بَيْنَ أهلِ التَّعطيلِ الجَهْميَّةِ، وأهلِ التَّمثيلِ المُشَبِّهَةِ) فالجَهْميَّةُ نِسبةٌ إلى الجَهْمِ بنِ صفوانَ التِّرمذِيِّ. هؤلاء غَلَوْا وأفْرَطوا في التَّنْزِيهِ حتى نَفَوْا أسماءَ اللَّهِ وصفاتِه حَذَراً مِن التَّشبيهِ بِزَعْمِهم، وبذَلِكَ سُمُّوا مُعَطِّلةً؛ لأنَّهم عطَّلوا اللَّهَ مِن أسمائِه وصفاتِه.
    (وأهلِ التَّمثيلِ المُشَبِّهَةِ) سُمُّوا بذَلِكَ؛ لأنَّهم غَلَوْا وأَفْرَطُوا في إثباتِ الصِّفاتِ حتى شَبَّهُوا اللَّهَ بِخَلْقِه، وَمثَّلُوا صِفاتِه بصِفاتِهم (تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ ).
    وأهلُ السُّنَّةِ تَوَسَّطُوا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ فأَثْبَتُوا صفاتِ اللَّهِ على الوَجْهِ اللاَّئقِ بجَلالِه مِن غيرِ تَشْبيهٍ ولا تمثيلٍ، فلم يَغْلُوا في التَّنْزِيهِ، ولم يَغْلُوا في الإثباتِ. بل نَزَّهُوا اللَّهَ بلا تعطيلٍ، وأَثْبَتُوا له الأسماءَ والصِّفاتِ بلا تمثيلٍ.
    ثانيا: وأهلُ السُّنَّةِ والجَماعةِ (وَسَطٌ في بابِ أفعالِ اللَّهِ بَيْنَ الجَبْرِيَّةِ والقَدَرِيَّةِ) فالجَبْريَّةُ نِسبةٌ إلى الجَبْرِ؛ لأنَّهم يقولونَ: إنَّ العبدَ مَجْبورٌ على فِعلِه فَهُم غَلَوْا في إثباتِ أفعالِ اللَّهِ حتى نَفَوْا أفعالَ العِبادِ، وزَعَموا أنَّهم لا يَفعلونَ شيئاً وإنَّما اللَّهُ هُوَ الفاعِلُ والعَبْدُ مَجبورٌ على فِعلِه، فحَركاتُه وأفْعالُه كُلُّها اضطرارِيَّةٌ كحَركاتِ المُرْتَعِشِ، وإضافةُ الفِعلِ إلى العبدِ مجازٌ.
    (والقَدَريَّةُ) نسبةً إلى القَدَر غَلَوْا في إثباتِ أفعالِ العِبادِ، فقالوا: إنَّ العبدَ يَخْلُقُ فِعلَ نَفْسِه بدونِ مَشيئةِ اللَّهِ وإرادَتِه، فأفعالُ العِبادِ لا تَدخُلُ تَحْتَ مشيئةِ اللَّهِ وإرادَتِه، فاللَّهُ لم يُقدِّرْها ولم يُرِدْها، وإنَّما فَعلوها هم استقْلالاً.
    وأهلُ السُّنَّةِ توَسَّطوا وقالوا: لِلعبدِ اختيارٌ ومشيئةٌ وفِعلٌ يَصدُرُ منه، ولكنَّه لا يَفعلُ شيئاً بدونِ إرادةِ اللَّهِ ومشيئَتِه وتقديرِه، قال تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) الآيةُ (96) مِن سورةِ الصَّافَّاتِ، فأَثبتَ للعِبادِ عَملا هُوَ مِن خَلقِ اللَّهِ تعالى وتقديرِه. وقال تعالى: (وَمَا تَشَاءُون إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَاَلَمِينَ) الآيةُ (29) مِن سورةِ التَّكويرِ، فأَثبتَ للعِبادِ مشيئةً تأتي بعدَ مشيئةِ اللَّهِ تعالى. وسيأتي لِهَذَا مَزيدُ إيضاحٍ إنْ شاءَ اللَّهُ تعالى في مَبحثِ القَدَرِ.
    ثالِثا: وأهلُ السُّنَّةِ والجَماعةِ وسَطٌ (في بابِ وعيدِ اللَّهِ ): التَّخويفِ والتَّهديدِ، والمرادُ هنا النُّصوصُ التي فيها توعَّدٌ للعُصاةِ بالعذابِ والنَّكالِ، وقولُه (بَيْنَ المُرجِئَةِ والوعِيديَّةِ مِن القدَريَّةِ وغيرِهم) المُرجِئةُ نسبةً إلى الإرجاءِ - وَهُوَ التَّأخيرُ - سُمُّوا بذَلِكَ لأنَّهم أخَّرُوا الأعمالَ عن مسمَّى الإيمانِ، حَيْثُ زَعَمُوا أنَّ مرتكِبَ الكبيرةِ غيرُ فاسِقٍ، وقالوا: لا يَضُرُّ مع الإيمانِ ذَنْبٌ كما لا يَنفَعُ مع الكُفرِ طاعةٌ، فعندهم أنَّ مرتكِبَ الكبيرةِ كاملُ الإيمانِ غيرُ مُعرَّضٍ للوعيدِ، فهم تساهَلوا في الحُكمِ على العاصي وأفْرطُوا في التَّساهُلِ حتى زعَموا أنّ المعاصيَ لا تَنقُصُ الإيمانَ ولا يُحكَمُ على مرتكِبِ الكبيرةِ بالفِسقِ.
    وأمَّا الوَعِيديَّةُ: فَهُم الذينَ قالوا بإنفاذِ الوعيدِ على العاصِي، وَشدَّدُوا في ذَلِكَ حتى قالوا: إنَّ مُرْتَكِبَ الكبيرةِ إذا ماتَ ولم يَتُبْ فَهُوَ مُخَلَّدٌ في النَّارِ، وحَكَمُوا بخُروجِه مِن الإيمانِ في الدُّنْيا.
    وأهلُ السُّنَّةِ والجَماعةِ توَسَّطُوا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ فقالوا: إنَّ مُرْتَكِبَ الكبيرةِ آثِمٌ، ومُعَرَّضٌ لِلوعِيدِ، وناقِصُ الإيمانِ، ويُحْكَمُ عليه بالفِسْقِ -لا كما تقولُ المُرْجِئةُ: إنَّه كامِلُ الإيمانِ وَغَيْرُ مُعَرَّضٍ للوعيدِ- ولكنَّه لا يَخْرُجُ مِن الإيمانِ ولا يُخَلَّدُ في النَّارِ، إنْ دَخَلَها فَهُوَ تَحْتَ مَشِيئةِ اللَّهِ، إنْ شاءَ عفَا عنه، وإنْ شاءَ عَذَّبَهُ بِقَدْرِ مَعصِيَتِه، ثم يُخْرَجُ مِن النَّارِ ويُدْخَلُ الجَنَّةَ (لا كما تقولُه الوعيدِيَّةُ بخُروجِه مِن الإيمانِ، وتخليدِه في النَّارِ) فالمُرْجِئةُ أخَذُوا بنُصوصِ الوعْدِ، والوعيديَّةُ أخَذُوا بنُصوصِ الوعيدِ، وأهلُ السُّنَّةِ والجَماعةِ جَمَعُوا بينهما.
    رابعا: وأهلُ السُّنَّةِ والجَماعةِ وسَطٌ (في بابِ أسماءِ الإيمانِ والدِّينِ) أيْ: الحُكْمِ على الإنسانِ بالكُفْرِ، أو الإسلامِ، أو الفِسْقِ، وفي جزاءِ العُصاةِ في الدُّنْيا والآخِرَةِ بَيْنَ الْحَرُورِيَّةِ والمعتزِلةِ، وبَيْنَ المُرْجئِةِ والجَهْميَّةِ) الحَرُوريَّةُ هُم الخوارِجُ، سُمُّوا بذَلِكَ نِسبةً إلى حَرُورَى، قريةٍ بالعراقِ اجتَمَعوا فيها حينَ خَرَجُوا على عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
    والمعتزِلةُ هم أتباعُ واصلِ بنِ عطاءٍ الذي اعْتَزَلَ مَجْلِسَ الحسَنِ البَصْريِّ، وانحازَ إليهِ أتْباعُهُ بِسَببِ خلافٍ وَقَعَ بينهما في حُكْمِ مُرْتَكِبِ الكبيرةِ مِن المُسلِمِينَ، فقال الحسَنُ رَحِمَهُ اللَّهُ عن واصلٍ هذا: إنَّهُ قَد اعتَزَلَنا فَسُمُّوا معتزِلةً.
    فمَذْهَبُ الخوارِجِ والمعتزِلةِ في حُكْمِ مُرْتَكِبِ الكبيرةِ مِن المُسلِمِينَ مَذْهَبٌ مُتَشَدِّدٌ حَيْثُ حَكَمُوا عليه بالخُروجِ مِن الإسلامِ، ثم قال المعتزِلةُ: إنَّهُ ليس بمُسْلِمٍ ولا كافِرٍ بل هُوَ بالمَنْزِلَةِ بَيْنَ المَنْزِلَتَيْن ِ، وقال الخَوارِجُ: إنَّهُ كافِرٌ، واتَّفَقُوا على أَنَّهُ إذا ماتَ على تِلْكَ الحالِ أَنَّهُ خالِدٌ مُخَلَّدٌ في النَّارِ. وقابَلَتْهُم المُرْجِئةُ والجَهْميَّةُ فتَساهَلُوا في حُكْمِ مُرْتَكِبِ الكبيرةِ، وأفْرَطُوا في التَّساهُلِ معه، فقالُوا لا يَضُرُّ مع الإيمانِ مِعْصِيةٌ؛ لأنَّ الإيمانَ عندَهم هُوَ تصديقُ القلبِ فَقَطْ، أو مع نُطْقِ اللِّسانِ على خِلافٍ بَيْنَهم، ولا تَدْخُلُ فيه الأعمالُ، فلا يَزِيدُ بالطَّاعةِ، ولا يَنْقُصُ بالمعصيةِ، فالمعاصِي لا تَنْقُصُ الإيمانَ، ولا يَستَحِقُّ صاحِبُها النَّارَ إذا لم يَستحِلَّها.
    وأهلُ السُّنَّةِ والجَماعةِ توَسَّطُوا بَيْنَ الفِرقتَيْنِ فقالوا: إنَّ العاصِيَ لا يَخْرُجُ مِن الإيمانِ لمجرَّدِ المعصيةِ، وَهُوَ تَحْتَ المشيئةِ، إنْ شاءَ اللَّهُ عفَا عنه، وإنْ شاءَ عذَّبَه في النَّارِ، لكنَّه لا يُخَلَّدُ فيها كما تقولُ الخوارِجُ والمعتزِلةُ، والمعاصي تَنْقُصُ الإيمانَ ويَستحِقُّ صاحِبُها دُخولَ النَّارِ إلاَّ أنْ يَعْفُوَ اللَّهُ عنه، ومرتكِبُ الكبيرةِ يكونُ فَاسِقا ناقِصَ الإيمانِ، لا كما تقولُ المُرْجِئةُ: إنَّهُ كامِلُ الإيمانِ، واللَّهُ تعالى أعْلَمُ.
    خامساً: وأهلُ السُّنَّةِ والجَماعةِ وَسَطٌ في حَقِّ (أصحابِ رسولِ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم بَيْنَ الرَّافِضةِ والخوارج ِ): الصَّحابِيُّ هُوَ مَن لَقِيَ النَّبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم مُؤْمِنا به، وماتَ على ذَلِكَ. والرَّافِضَةُ اسمٌ مأخوذٌ مِن الرَّفْضِ، وَهُوَ التَّرْكُ.
    سُمُّوا بذَلِكَ؛ لأنَّهم قالوا لِزَيْدِ بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسينِ: تَبَرَّأْ مِن الشَّيخَيْنِ أبي بكرٍ وعُمَرَ، فأبى وقال: مَعَاذَ اللَّهِ، فَرَفَضوه فَسُمُّوا الرَّافِضةَ.
    ومذهبُهم في صحابةِ رسولِ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم أنَّهُم غَلَوْا في عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وأهلِ البيتِ، وفَضَّلُوهم على غيرِهم، ونصَبُوا العداوةَ لبِقيَّةِ الصَّحابةِ خُصوصا الخلفاءَ الثَّلاثةَ: أبا بكرٍ وَعُمرَ وعُثمانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم، وسَبُّوهم ولَعَنُوهم، وربما كفَّروهم، أو كفَّروا بعضَهم، وقابَلَهُم الخوارِجُ فكفَّروا عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وكفَّروا معه كثيرا مِن الصَّحابةِ، وقاتَلُوهم واستحَلُّوا دِماءَهُمْ وأمْوالَهم.
    وأهلُ السُّنَّةِ والجَماعةِ خالَفوا الجميعَ، فوَالَوْا جميعَ الصَّحابةِ، ولم يَغْلُوا في أَحَدٍ منهم، واعتَرَفوا بفَضْلِ جميعِ الصَّحابةِ، وأنَّهم أفْضَلُ هَذِهِ الأُمَّةِ بعد نَبِيِّها،

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو لمى مشاهدة المشاركة
    أنا وأنت كيف نعرف أن فلاناً من الراسخين في العلم؟
    هل أجرينا له اختبار تحريري؟
    . .
    لا لم نجرى له اختبار تحريرى ولكن عندنا ميزان أهل السنة فى معرفة الموافقين والمخالفين فى باب العقيدة أو الأحكام أو السلوك
    فالراسخون فى العلم يعظمون نصوص الشرع ويسلمون لها تسليماً تاماً،،يفهمون النصوص كما فهمها السلف الصالح ، فهم لا يقدمون بين يدي الله ورسوله، إذ هم متبعون لهدي رسول الهدى، منقادون له، يعملون بمحكم الوحي، ويؤمنون بمتشابهه، ويردون الأمر كله لله؛ بخلاف المبتدعة الضالين، الذين ابتدعوا في الدين، مستدركين على وحي رب العالمين، فتراهم يعرضون نصوص الوحي المعصوم على عقولهم القاصرة،
    فالراسخون فى العلم هم من عرف أصول هذا الدين العظيم ، وأسُسِه المتينه ، ومبانيه القويمه
    ********
    قال تعالى -إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ
    أي: القرآن{وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}
    أي: في حال إنزاله وبعد إنزاله،
    ففي حال إنزاله حافظون له من استراق كل شيطان رجيم،
    وبعد إنزاله أودعه الله في قلب رسوله، واستودعه فيها ثم في قلوب أمته،
    وحفظ الله ألفاظه من التغيير فيها والزيادة والنقص، ومعانيه من التبديل،
    فلا يحرف محرف معنى من معانيه إلا وقيض الله له من يبين الحق المبين،

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو لمى مشاهدة المشاركة
    أنا وأنت كيف نعرف ؟
    . .
    بمعرفة منهج أهل الحق والاتباع

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jun 2022
    المشاركات
    2,228

    افتراضي رد: ( رَدَّ عِلْمَ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إِلَى عَالِمِهِ)

    الفرق بين الراسخ فى العلم الذى يرد المتشابه الى المحكم وبين الزائغ الذى يرد المحكم الى المتشابه
    هات أمثلة أخي .. لهذا المتشابه الذي رده "الراسخ" للمحكم وليس للاراء . .
    ..


  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( رَدَّ عِلْمَ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إِلَى عَالِمِهِ)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو لمى مشاهدة المشاركة
    هات أمثلة أخي .. لهذا المتشابه الذي رده "الراسخ" للمحكم وليس للاراء . .
    ..

    بارك الله فيك هذا سهل جدا
    ولكن اليك أولا امثلة للزائغين فى رد المحكم الى المتشابه
    وكيفية رد المشتبهات الى المحكمات

    قال الشيخ الامام الراسخ فى العلم محمد ابن ابراهيم ال الشيخ
    (مَثَالُ ذَلِكَ) يَعْنِي: مِثَالُ احْتِجَاجِ المُشْرِكِينَ بالمُتَشَابِهِ.
    وللجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ بالجَوَابِ المُجْمَلِ، إِذَا قَالَ لَكَ بَعْضُ المُشْرِكِينَ: {أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} زَعَمَ أَنَّ الآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُم يُدْعَوْنَ، يَعْنِي: فَيَطْلُبُونَ لَهُ، وَأَنَّهُم أَهْلُ قُرْبٍ ومَنْـزِلَةٍ وجَاهٍ وَفَضْلٍ، وَمَنْ كَانَ كذلك فَقَدْ تَأَهَّل، أَو شَبَّهَ بـ (أَنَّ الشَفَاعَةَ) التي ذُكِرَتْ في النُّصُوصِ (حَقٌّ) وَوَاقِعَةٌ، وإِذَا كَانَتْ حَقًّا فهي تُطْلَبُ مِن الأَمْوَاتِ ونَحْوِهِم، فيَهْتِفُ باسْمِهِ ويَقُولُ: يَا فُلاَنُ، اشْفَعْ لي… (أو أَنَّ الأَنْبِيَاءَ لَهُم جَاهٌ عِنْدَ اللهِ) فَهُم يُسْأَلُونَ ويُدْعَوْنَ ليَسْأَلُوا لِمَن لَيْسَ لَهُم الجَاهُ عِنْدَهُ (أو ذَكَرَ) المُبْطِلُ المُشَبِّهُ (كَلاَمًا للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ مِن بَاطِلِهِ وأَنْتَ لاَ تَفْهَمُ مَعْنَى الكَلاَمِ الذي ذَكَرَهُ) يَعْنِي: لاَ تَفْهَمُ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى مَقْصُودِهِ وتَفْهَمُ وتَعْتَقِدُ أَنَّ هَذِه أُمُورٌ بَاطِلَةٌ.

    (8) (فَجَاوِبْهُ بِقَوْلِكَ: إِنَّ اللهَ ذَكَرَ في كِتَابِهِ أَنَّ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم زَيْغٌ يَتْرُكُونَ المُحْكَمَ) ويَعْدِلُونَ عَنْهُ (وَيَتَّبِعُونَ المُتَشَابِهَ) ويَمِيلُونَ إِلَيْهِ ويَسْتَدِلُّونَ بِهِ، وَأَنْتَ تَرَكْتَ المُحْكَمَ وهو قَوْلُهُ:{فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ اللهِ أَحَدًا}، {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلَـهًا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}وعَمَدْتَ إِلَى المُتَشَابِهِ{أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} وعَمَدْتَ إِلَى المُتَشَابِهِ وهو أَنَّ الشَّفَاعَةَ حَقٌّ، وتَرَكْتَ المُحْكَمَ وهو {فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ اللهِ أَحَدًا} (وَمَا ذَكَرْتُهُ لَكَ) وجَاوِبْهُ بِمَا ذَكَرَهُ المُصَنِّفُ (مِنْ أَنَّ المُشْرِكِينَ يُقِرُّونَ بالرُّبُوبِيَّة ِ) لَمْ يُنَازِعُوا فيها.
    وتُبَيِّنُ له أَنَّ الدَّاعِيَ عَبْدَ القَادِرِ مَثَلاً يَدَّعِي أَنَّه ذُو مَكَانَةٍ وَأَنْتَ مُقِرٌّ بالرُّبُوبِيَّة ِ والمُشْرِكُونَ الأَوَّلُونَ مُقِرُّونَ بالرُّبُوبِيَّة ِ وَلاَ نَفَعَهُم، وَأَنَّ اللهَ كَفَّرَهُم بِتَعَلُّقِهِم عَلَى المَلاَئِكَةِ والأَنْبِيَاءِ والأَوْلِيَاءِ مَعَ قَوْلِهِم: {هَـؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ} وَمَعَ قَوْلِهِم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى} مَا زَادُوا عَلَى هَذَا.


    (9) (هَذَا أَمْرٌ مُحْكَمٌ بَيِّنٌ لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُغَيِّرَ مَعْنَاهُ)
    كَوْنُ الَّذِينَ في قُلُوبِهِم زَيْغٌ يَحْتَجُّونَ بالمُتَشَابِهِ ويَعْدِلُونَ عَنِ المُحْكَمِ،
    وَكَوْنُ المُشْرِكِينَ الأَوَّلِينَ مَا ادَّعَوْا فِيهِم الرُّبُوبِيَّةَ وإِنْزَالَ المَطَرِ، وأَنَّهُم مَا كَانُوا مُشْرِكِينَ كُفَّارًا إِلاَّ بِتَعَلُّقِهِم عَلَيْهِم رَجَاءَ شَفَاعَتِهِم وتَقْرِيبِهِم إلى اللهِ زُلْفَى،
    هَذَانِ أَمْرَانِ مُحْكَمَانِ:
    الأَوَّلُ: احْتِجَاجُهُم بالمُتَشَابِهِ.
    والثَّانِي: أَنَّ المُشْرِكِينَ مُقِرُّونَ بالرُّبُوبِيَّة ِ -كَمَا تَقَدَّمَ- وَأَنَّ اللهَ كَفَّرَهُم بتَعَلُّقِهِم عَلَى المَلاَئِكَةِ ونَحْوِهِم، كَوْنُهُم مَا طَلَبُوا إِلاَّ الشَّفَاعَةَ والقُرْبَ إِلَى اللهِ بِذَلِكَ لَيْسَ مِن الأُمُورِ المُتَشَابِهَةِ ؛ كَمَا أَنَّ مِن الأُمُورِ المُحْكَمَةِ أَنَّهُم مَا أَرَادُوا مِمَّن دَعَوْهُ وذَبَحُوا له وتَعَلَّقُوا عَلَيْهِ إِلاَّ شَفَاعَتَهُ كَمَا قَالَ فيه: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَـفَّارٌ}.


    (10) (وَمَا ذَكَرْتَهُ لي أَيُّهَا المُشْرِكُ مِن القُرْآنِ) كَقَوْلِهِ: {أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} فَإِنَّهُ مِن المُتَشَابِهِ وحُكْمُهُ أَنْ يُرَدَّ إِلَى المُحْكَمِ (أَو كَلاَمِ النَّبِيِّ) صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَقَوْلِهِ: ((وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ)) (لاَ أَعْرِفُ مَعْنَاهُ) لاَ أَعْرِفُ دَلاَلَتَهُ عَلَى مَا قَصَدْتَ وَأَرَدْتَ أَنَّهُم يُدْعَوْنَ مِن دونِ الله، نَعَمْ {لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} ولَكِنْ أَيْنَ دَلاَلَتُهُ عَلَى المَقَامِ؟ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُم يُدْعَوْنَ، مَن وَصَّلَهُم إِلَى هَذِه الدَّرَجَةِ؟ أَأَنْتَ الذِي تَقُولُ هَذَا!؟ وَأَنَا عِنْدِي شَيْءٌ أَقْطَعُ بِهِ كالشَّمْسِ مِن النُّصُوصِ كَقَوْلِهِ: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ للهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ اللهِ أَحَدًا} وَقَوْلِهِ: {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلَـهًا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}.

    (11) (لَكِنْ أَقْطَعُ أَنَّ كَلاَمَ اللهِ لا يَتَناقَضُ، وَأَنَّ كَلاَمَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ يُخَالِفُ كَلاَمَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ) يَعْنِي: فَأَعْرِفُ أَنَّ هذه الآيَةَ ونَظَائِرَهَا لاَ تُنَافِي هَذِه النُّصُوصَ، وَمَا مَعِيَ مِن النُّصُوصِ مُحْكَمٌ فَلاَ أَتْرُكُ المُحْكَمَ البَيِّنَ الدَّلاَلَةِ للمُتَشَابِهِ.
    فالأَدِلَّةُ التي مَعِيَ لاَ يُنَاقِضُهَا شَيْءٌ هي مِن المُحْكَمَاتِ،
    وَمَا زَعَمَهُ أَنَّه يُخَالِفُهَا مِن المُتَشَابِهِ فَلاَ يُخَالِفُهَا أَبَدًا، وَلَوْ ادَّعَى هو أَنَّ كَلاَمَ اللهِ يَتَنَاقَضُ لَكَانَ كُفْرًا آخَرَ، وكَذَلِكَ لَو ادَّعَى أَنَّ كَلاَمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَالِفُ كَلاَمَ اللهِ لَكَانَ كُفْرًا آخَرَ سِوَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِن الكُفْرِ.[شرح كشف الشبهات]
    ******

    وهذا مثل ما حصل من النصارى، أنهم نظروا في القرآن، فزعموا أن رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- خاصة بالعرب، لقول الله جل وعلا: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ}
    وأيضاً في قول الله -جل وعلا-: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}
    فاحتجوا بآيات على خصوص بَعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- للعرب،
    وهذا احتجاج بالمتشابه واتباع له؛ لأن في قلوبهم زيغاً.فموجود الزيغ في القلوب (وهو رد الكتاب) وعدم اتباع محمد -عليه الصلاة والسلام- فتلمسوا وتتبعوا الدليل.

    كذلك كما هو ظاهر في هذه الأمة الفرق الضالة، من الخوارج والمرجئة والقدرية والمعتزلة وأشباه هذه الفرق، فإن كل فرقة احتجت بالمتشابه وتركت المحكم، فأخذت بعض آيات.

    الخوارج على بدعتهم في تكفير صاحب الكبيرة، استدلوا بقول الله جل وعلا: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا} فقالوا: هذا يدل على أن فاعل الكبيرة كافر؛ لأنه حكم عليه بأنه خالد في النار. واحتجت المرجئة -مثلاً- على بدعتهم بآيات، واحتجت القدرية على بدعتهم بآيات، والجبرية على بدعتهم بآيات.

    إذًا:القرآن فيه احتجاج لكل صاحب زيغ، حتى في هذا العصر أتت طائفة وقالوا: الصلوات في القرآن ثلاث؛ لأن الله -جل وعلا- لم يذكر في القرآن خمس صلوات، فلا نصلي إلا ثلاث.
    ومن هاهنا قال عدد من أهل العلم من المفسرين وغيرهم:إن الحكمة من وجود المتشابه في القرآن:
    الابتلاء؛ لأنه لو كان القرآن واضحًا صار الزائغ عنه معانداً فقط؛ لأنه واضح فلن يزيغ إلا المعاند.
    و الله -جل وعلا- من حكمته أن جعل القرآن منه محكم ومنه متشابه لم تتضح دلالته؛ ليبتلي الناس كيف يعملون؟ هل يُسلطون أهواءهم مستدلين بالمتشابه؟ أم يتخلصون من الهوى فيرجعون المتشابه إلى المحكم، ويرجعون ذلك إلى الراسخين في العلم، وإلى أهل العلم الذين يفهمون المتشابه، ويفهمون المحكمات؟
    فإذًا: الحكمة من وجود المتشابه في القرآن:الابتلاء، والله -جل وعلا- ابتلى الناس بالحياة ليبلوهم أيهم أحسن عملاً، وابتلاهم بالرسول -عليه الصلاة والسلام- هل يؤمنون به أم لا يؤمنون، ((إنما بعثتك لأبتليك وابتلي بك)) كما في (صحيح مسلم).
    وكذلك ابتلى الله -جل وعلا- الناس بالقرآن، بجعل بعض القرآن متشابهاً، هل يرجعونه للمحكم ويسلمون لأهل العلم؟ أم أنهم يخوضون في المتشابه فيقعون في الفتنة؟
    لهذا قال أهل العلم في التفسير: معنى قوله: {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} يعني: ابتغاء فتنة أتباعهم، كما نص عليه ابن كثير في تفسيره، فهم اتبعوا ما تشابه منه لأجل أن يضلوا ويفتنوا الأتباع معهم، فهم إذاً تقررت عندهم أشياء، ثم نظروا ولم يسلموا لأهل العلم الانقياد، للراسخين في العلم.
    فلم يرجع الخوارج للصحابة، ولم يرجع القدرية للصحابة، وهكذا في أشياء كثيرة، ولم يرجع المعتزلة إلى أئمة السنة، ولم يرجع الأشاعرة إلى أئمة أهل الحديث والسلف قبلهم فيما اختُلف فيه، فاتبعوا ما تشابه منه وتركوا المحكمات ابتغاء الفتنة، يعني: لأجل أن يحصل لهم اتباع الأتباع.

    وقوله: {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} نفهم منه أن من أضل بشبهة فهو مبتغ للفتنة، سواءً قال: أنالم أرد الإضلال أو قال: أردته؛ لأن الله -جل وعلا- قال: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} وإذا نظرت إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله، فاحذروهم)) ما يبين أنهم لم يبتغوا الفتنة في الناس قصدًا في الإضلال، فيعلمون أنهم على باطل فيضلون الناس، هذا غير مراد.

    وإنما ابتغوا الفتنة كحالة لهم، فهم حين اتبعوا ما تشابه منه فقد ابتغوا الفتنة في حالتهم، فحالهم حين اتبعوا المتشابه وتركوا المحكم أنهم يبتغون الفتنة فنُّزِّلوا منزلة القاصد لذلك؛ لأنهم تركوا المحكم واتبعوا المتشابه، فلمّا أنهم لم يتخلصوا من الزيغ مع وضوح الهدى ووضوح طريقه، ولم يتبعوا المحكم وإنما اتبعوا المتشابه، فالحال أنهم بطريقتهم هذه ابتغوا الفتنة لهم ولأتباعهم، فكأنهم قصدوا ذلك قصدًا، وإن كانوا يقولون إنما أردنا الخير.

    فالخوارج كانوا أشد الناس عبادة، أشد من الصحابة عبادة، يحقر أحد الصحابة عبادته مع عبادتهم وصلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، فلا يظن بهم أنهم اتبعوا المتشابه من القرآن قصدًا في مخالفة القرآن وقصدًا في الإضلال، وإنما حصل منهم الضلال لشيئين:

    أولاً:
    أنهم تركوا المحكم واتبعوا المتشابه.
    ثانيا:أنهم لم يرجعوا في بيان المتشابه إلى الراسخين في العلم في زمانهم، في زمن الصحابة رضي الله عنهم.[شرح كشف الشبهات للشيخ صالح ال الشيخ ]

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( رَدَّ عِلْمَ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إِلَى عَالِمِهِ)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو لمى مشاهدة المشاركة
    هات أمثلة أخي .. لهذا المتشابه الذي رده "الراسخ" للمحكم وليس للاراء . .
    ..

    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
    وأما المتشابهات فهي الآيات التي يشتبه معناها ويخفى على أكثر الناس ولا يعرفها إلا الراسخون في العلم ، مثل بعض الآيات المجملة التي ليس فيها تفصيل ، فتفصلها السنة مثل قوله تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) فإن إقامة الصلاة غير معلومة ، والمعلوم من هذه الآية وجوب إقامة الصلاة فقط ، لكن كيف الإقامة ، هذا يعرف من دليل آخر ، والحكمة من أن القرآن نزل على هذين الوجهين الابتلاء والامتحان ؛ لأن من في قلبه زيغ يتبع المتشابه ، فيبقى في حيرةٍ من أمره ، وأما الراسخون في العلم فإنهم يؤمنون به كله ، متشابهه ومحكمه ، ويعلمون أنه من عند الله وأنه لا تناقض فيه .
    ومن أمثلة المتشابه
    : قول الله تبارك وتعالى (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) مع قوله (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا)
    فيأتي الإنسان ويقول : هذا متناقض كيف يقولون (وَاللَّهِ رَبِّنَا مَاكُنَّا مُشْرِكِينَ) ثم يقال عنهم إنهم (لا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً) فيضرب الآيات بعضها ببعض ؛ ليوقع الناس في حيرة ،
    لكنّ الراسخين في العلم يقولون :
    كله من عند الله ولا تناقض في كلام الله ،
    ويقولون : إن يوم القيامة يومٌ مقداره خمسون ألف سنة ، فتتغير الأحوال وتتبدل ، فتُنزّل هذه على حال وهذه على حال " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
    وقال أيضا : " وأما أهل الضلال والزيغ فاتبعوا المتشابه وجعلوه مثاراً للشك والتشكيك فضلوا، وأضلوا وتوهموا بهذا المتشابه مالا يليق بالله عز وجل ولا بكتابه ولا برسوله.
    مثال الأول :
    قوله تعالى: ( إنا نحن نحيي الموتى ). وقوله: ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ونحوهما مما أضاف الله فيه الشيء إلى نفسه بصفة الجمع ،
    فاتبع النصراني هذا المتشابه وادعى تعدد الآلهة
    وقال : إن الله ثالث ثلاثة ، وترك المحكم الدال على أن الله واحد.
    وأما الراسخون في العلم:
    فيحملون الجمع على التعظيم لتعدد صفات الله وعظمها،
    ويردون هذا المتشابه إلى المحكم في قوله تعالى: ( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو ).
    ويقولون للنصراني: إن الدعوى التي ادعيت بما وقع لك من الاشتباه قد كفّرك الله بها وكذبك فيها فاستمع إلى قوله تعالى:( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد ) أي كفروا بقولهم : إن الله ثالث ثلاثة.
    ومثال الثاني : قوله تعالى: لنبيه صلى الله عليه وسلم: ( إنك لا تهدي من أحببت ) وقوله: ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) ففي الآيتين موهم تعارض ، فيتبعه من في قلبه زيغ ويظن بينهما تناقضاً وهو النفي في الأولى ، والإثبات في الثانية. فيقول: في القرآن تناقض.
    وأما الراسخون في العلم فيقولون:
    لا تناقض في الآيتين
    فالمراد بالهداية في الآية الأولى هداية التوفيق ، وهذه لا يملكها إلا الله وحده فلا يملكها الرسول ولا غيره .
    والمراد بها في الآية الثانية هداية الدلالة وهذه تكون من الله تعالى ، ومن غيره فتكون من الرسل وورثتهم من العلماء الربانيين ... " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (4/186).
    وهذه كلها أمثلة للمتشابه النسبي الذي يخفى على بعض الناس ، ويعلمه الراسخون في العلم ،
    وأما المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله فمثل حقيقة وكيفية صفات الله تعالى ، وحقيقة ما يكون عند الله تعالى من نعيم لأهل الجنة ، وعذاب لمن عصاه ؛ فهذا كله لا يعلمه إلا الله .

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jun 2022
    المشاركات
    2,228

    افتراضي رد: ( رَدَّ عِلْمَ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إِلَى عَالِمِهِ)

    أحسن الله إليكم . . ردود فيها عمق . .
    . . .
    سأطبعها لبناتي . .
    . .
    هناك سؤال . . وربما آخر . . وذكرتها سابقا في المنتدى . .
    . . ولكن نستخير الله أولاً . . ثم نقرر . .
    ..

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •