لسعادة الزوجين .. الاعتراف بالخطأ وقبول اعتذار المخطئ
عادل عبد الله هندي


"لن يضيرك ولا ينقصك شيء إذا أخطأت فاعترفت، بل يزيدك محبة في قلب حبيبك وشريكك".

يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((كل بني آدم خطاء))، فمن طبيعةٌ بشريةٌ في بني الإنسان (أن يخطئ) فما من كامل إلا الأنبياء والملائكة؛ فهم معصومون من الخطأ ونحن لسنا أنبياء ولا ملائكة.
فيعتري الزوجين كل ما يعتري البشر من الفشل والنجاح والخطأ والصواب، وليس من العيب أن نخطئ، ولكن العيب ألا نعترف بالخطأ أو نتمادى فيه.
والحياة الزوجية تعاون وتآلف وحب ووئام، وإنَّ أمثل قاعدة للسعادة والراحة أن نفهم جيدا قول الحبيب - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - الذكور آنفا: ((كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون))، وفي ذلك رسالة واضحة من النبي الحبيب إلى الجميع أن يقبل العذر وأن يعترف بخطئه عند الخطأ.
وقد فهم ذلك زوج من الأزواج هو: سيدنا أبو ذر؛ حيث كان يقول لزوجه: "إذا رأيتني غَضِبْتُ فَرَضِّنِي، وإذا رأيتك غَضْبَى فإني رَضَّيْتُكِ وإلا لم نصطحب".
يقرر علماء التربية: أن أفضل وسيلة لتبرير الخطأ الاعتراف به، واعترافك بخطئك دليل قوة وليس دليل ضعف والناس يتسامحون مع الأقوياء.
نداء وبيان:
- إذا أخطأتَ أو أخطأتِ فاعترف سريعا بالخطأ، وستجد الفرق واضحا بين التأبي الذي يصنعه البعض عند الخطأ وبين الاعتراف الذي يعقبه عفو وتسامح.
- وقديما قالوا: "المُقِرُّ بذنبه كمن لا ذنب له"، ونموذج رائع هذا النموذج: قصة كعب بن مالك عندما اعترف بخطئه بعد تخلفه عن غزوة تبوك، وكانت النتيجة أن بُشر بما يخبئه له القدر العظيم، فلقد بُشر بخير يوم طلعت عليه شمسه؛ وهو يومٌ تاب الله عليه؛ لأنه اعترف وأقر بذنبه.
- قبول العذر من كمال المعاشرة بالمعروف، وأيًّا من الزوجين يحب من الطرف الآخر أن يقبل عذره وأن يقيل عثرته، ويحمد له ذلك طوال عمره، وإن تنكر لها فترة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - كما في رواية أبي داود: ((مَنْ ‏ ‏أَقَالَ مُسْلِمًا ‏ ‏أَقَالَهُ ‏ ‏اللَّهُ عَثْرَتَهُ))، وفي رواية ابن ماجه: ((مَنْ‏ أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).
- يقول الأديب ديل كارنيجي: "إن التماس الأعذار للآخرين هو ما يريده كل إنسان، فإذا قلت لمحدثك الذي قد يكون أخطأ في حقك عن غير قصد: أنك لا تلومه لوقوفه هذا الموقف منك، وأنك لو كنت مكانه لاتخذت مثل هذا الموقف، فإن هذه العبارة كافية لتصفية نفسه نحوك، مما قد يكون سببًا في تعكيرها، وتشع فيها روح طيبة نحوك"[1].
- وما أجمل ما قاله ابن القيم - رحمه الله تعالى - في مدارج السالكين (2/338): "من أساء إليك ثم جاء يعتذر عن إساءته؛ فإن التواضع يوجب عليك قبول معذرته حقا كانت أو باطلا، وتكل سريرته إلى الله - تعالى -، وعلامة الكرم والتواضع: أنك إذا رأيت الخلل في عذره لا توقفه عليه ولا تحاجه"،
فإن أثمن ما في الحياة هو القدرة على ملامسة قلوب من نحب، والأسوأ هو جرح هذه القلوب دونما أي اعتذارٍ يقابله عفوٌ.
- غدًا نتغافر لا لنتعاتب.
وعن قيمة قبول عذر من اعتذر، يقول الإمام الشافعي:
اقبلْ معاذير من يأتيك معتذراً *** إن برَّ عندك فيما قال أو فجرا
فقد أطاعك من يرضيك ظاهره
فاصل أدبي:
وقد أجلَّك من يعصيك مستترا
أيها الزوجان:
أنتما في رحلة العمر معا *** تبنيان العش كالروض الأنيق
قد نما بينكما عهد الوفا *** صادقا فالعهد في الله وثيق
تحملان العبء روحا ويدا *** والتقى نعم التقى زاد الطريق
نفحة تثمر في النفس الرضا *** تجعل الأيام كالغصن الوريق
فإذا الدنيا سراج هادئ *** والمنى تسبح في بحر طليق
بتصرف.
______________
[1] كيف تكسب الأصدقاء/ كارينيجي