تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: شبهة تأويل الإمام البخاري لصفة الضحك الثابتة لله تعالى

  1. #1

    افتراضي شبهة تأويل الإمام البخاري لصفة الضحك الثابتة لله تعالى

    الرد على شبهة تأويل الإمام البخاري لصفةالضحك الثابتة لله تعالى
    أعد ذلك / أبو عاصم الشحات شعبان محمود البركاتي المصري


    بسم الله الرحمن الرحيم
    العَجَب والضحك صفتان ثابتتان لله تعالى
    أخرج البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَابَنِي الجَهْدُ، فَأَرْسَلَ إِلَى نِسَائِهِ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُنَّ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : "أَلاَ رَجُلٌ يُضَيِّفُهُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، يَرْحَمُهُ اللَّهُ؟" فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: ضَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لاَ تَدَّخِرِيهِ شَيْئًا، قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عِنْدِي إِلَّا قُوتُ الصِّبْيَةِ، قَالَ: فَإِذَا أَرَادَ الصِّبْيَةُ العَشَاءَ فَنَوِّمِيهِمْ، وَتَعَالَيْ فَأَطْفِئِي السِّرَاجَ وَنَطْوِي بُطُونَنَا اللَّيْلَةَ، فَفَعَلَتْ، ثُمَّ غَدَا الرَّجُلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: "لَقَدْ عَجِبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ - أَوْ ضَحِكَ - مِنْ فُلاَنٍ وَفُلاَنَةَ" فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ [الحشر: 9]
    قال الخطابي[1] في "أعلام السنن" (2/ 1367) : قال أبو عبد الله ) يعني البخاري): معنى الضحك: الرحمة، وهذا من رواية الفربري، ليس عن ابن معقل.
    قلت(الخطابي): قول أبي عبد الله قريب، وتأويله على معنى الرضا لفعلهما أقرب وأشبه، ومعلوم أن الضحك من ذوي التمييز يدل على الرضا، والبشر والاستهلال منهم دليل على قبول الوسيلة، ومقدمة إنجاح الطلبة، والكرام يوصفون عند المسألة بالبشر، وحسن اللقاء، فيكون معنى في قوله: (يضحك الله إلى رجلين)، أي: يجزل العطاء لهما، لأنه موجب الضحك. انتهى
    قال البدر العيني في "عمدة القاري" (19/ 228) بعد أن نقل كلام الخطابي: وَلَيْسَ فِي النّسخ الَّتِي فِي أَيدي النَّاس مَا نسبه الْخطابِيّ إِلَى البُخَارِيّ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، وَالله أعلم.
    وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري" (8/ 632):
    وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِطْلَاقُ الْعَجَبِ عَلَى اللَّهِ مُحَالٌ وَمَعْنَاهُ الرِّضَا، فَكَأَنَّهُ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ الصَّنِيعَ حَلَّ مِنَ الرِّضَا عِنْدَ اللَّهِ حُلُولُ الْعَجَبِ عِنْدَكُمْ، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْعَجَبِ هُنَا أَنَّ اللَّهَ يُعْجِبُ مَلَائِكَتَهُ مِنْ صَنِيعِهِمَا لِنُدُورِ مَا وَقَعَ مِنْهُمَا فِي الْعَادَةِ؛ قَالَ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَعْنَى الضَّحِكِ هُنَا الرَّحْمَةُ؛ قُلْتُ: وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي النُّسَخِ الَّتِي وَقَعَتْ لَنَا مِنَ الْبُخَارِيِّ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَتَأْوِيلُ الضَّحِكِ بِالرِّضَا أَقْرَبُ مِنْ تَأْوِيلِهِ بِالرَّحْمَةِ؛ لِأَنَّ الضَّحِكَ مِنَ الْكِرَامِ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا فَإِنَّهُمْ يُوصَفُونَ بِالْبِشْرِ عِنْدَ السُّؤَالِ. قُلْتُ: الرِّضَا مِنَ اللَّهِ يَسْتَلْزِمُ الرَّحْمَةَ وَهُوَ لَازِمُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. انتهى
    قلت/ وهكذا أثبت الخطابي - بغير سند- التأويل[2] للإمام البخاري؛ وتبعه في ذلك كل من أتى بعده ممن هو على مذهبه.
    والأعجب أن النسخة التي شرحها الخطابي للبخاري تخالف النسخ التي بين أيدي الناس من زمن البخاري إلى زمن الخطابي؛ وقد نبه ابن حجر العسقلاني وهو على مثل ما عليه الخطابي فقال : قَالَ (أي الخطابي) وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: مَعْنَى الضَّحِكِ هُنَا الرَّحْمَةُ قُلْتُ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي النُّسَخِ الَّتِي وَقَعَتْ لَنَا مِنَ الْبُخَارِيِّ . انتهى
    وقال البدر العيني:
    وَلَيْسَ فِي النّسخ الَّتِي فِي أَيدي النَّاس مَا نسبه الْخطابِيّ إِلَى البُخَارِيّ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، وَالله أعلم. انتهى
    قلت/ والأعجب أن الخطابي لم يقبل بالتأويل الذي نسبه للبخاري؛ فرده تبعا لمذهبه؛ فقال: " وَتَأْوِيلُ الضَّحِكِ بِالرِّضَا أَقْرَبُ مِنْ تَأْوِيلِهِ بِالرَّحْمَةِ؛ لِأَنَّ الضَّحِكَ مِنَ الْكِرَامِ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا فَإِنَّهُمْ يُوصَفُونَ بِالْبِشْرِ عِنْدَ السُّؤَالِ".
    وقد ظهر من كلامه أنه يقيس صفات الله بصفات البشر ويقع في شبهة التمثيل وهكذا كل النفاة والمعطلة[3] للصفات وكذا المؤولة فإنهم ما نفوا وعطلوا وأولوا إلا لأنهم شبهوا ومثلوا الله بخلقه؛ ولذا قال قائلهم
    وكل نص أوهم التشبيه ... أَوِله أو فَوِضه وَرُم تنزيها
    أما مذهب السلف فعلى إثبات ما أثبته الله لنفسه في القرآن والسنة على حقيقته ومع الإيمان بمعناه التي يفهم من إطلاق اللفظ في لغة العرب؛ من غير تحريف[4] أو تعطيل أو تشبيه[5] أو تمثيل[6] أو تكييف[7] ؛ قال تعالى : ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾؛ وكذا السلف ينفون ما نفاه الله عن نفسه في القرآن والسنة؛ فالله تعالى منزه عن المثيل والشبيه.
    ثم لابد من معرفة أن الرضا والرحمة وإرادة الخير من لوازم إثبات صفة الضحك لله تعالى؛ فلعل البخاري رحمه الله فسر صفة الضحك بلازمها مع إثبات حقيقة الصفة لله؛ هذا لو صحت الرواية إلى البخاري مع أن الصحيح أن البخاري لم يثبت النقل عنه : أن معنى الضحك الرحمة؛ ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن رسول الله ﷺ وقد ذكر آخر أهل الجنة دخولا فيها وفيه: " فَلاَ يَزَالُ يَدْعُو حَتَّى يَضْحَكَ، فَإِذَا ضَحِكَ مِنْهُ أَذِنَ لَهُ بِالدُّخُولِ فِيهَا، فَإِذَا دَخَلَ فِيهَا قِيلَ لَهُ: تَمَنَّ مِنْ كَذَا، فَيَتَمَنَّى، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: تَمَنَّ مِنْ كَذَا، فَيَتَمَنَّى، حَتَّى تَنْقَطِعَ بِهِ الأَمَانِيُّ، فَيَقُولُ لَهُ: هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ " قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: "وَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولًا".
    وقد أخرج مسلم(186) من حديث عَبِيدَةَ، عن ابن مسعود رضي الله عنه وفيه: فَضَحِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّ أَضْحَكُ فَقَالُوا: مِمَّ تَضْحَكُ، قَالَ: هَكَذَا ضَحِكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَقَالُوا: مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " مِنْ ضَحِكِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حِينَ قَالَ: أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ مِنْكَ، وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ ".
    قال الإمام ابن ماجه في سننه(1/ 62): بَابٌ فِيمَا أَنْكَرَتِ الْجَهْمِيَّةُ.
    قال الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي في تعليقه على ابن ماجه : (الجهمية) هم الطائفة من المبتدعة يخالفون أهل السنة في كثير من الأصول كمسألة الرؤية وإثبات الصفات.
    ومن الصفات التي أراد أن يوضح أنها ثابته لله حقيقة من تحريف أو تأويل غير تكييف أو تشبيه أو تمثيل صفة الضحك.
    فقد ساق الإمام ابن ماجه(191) بسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، كِلَاهُمَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُسْتَشْهَدُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى قَاتِلِهِ فَيُسْلِمُ، فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُسْتَشْهَدُ".
    وقال ابن خزيمة في كتاب "التوحيد" (2/ 563):
    إثبات ضحك ربنا -عَزَّ وَجَلَّ- بلا صفة تصف ضحكه، -جل ثناؤه-، لا ولا يشبه ضحكه بضحك المخلوقين، وضحكهم كذلك، بل نؤمن بأنه يضحك، كما أعلم النبي ﷺ، ونسكت عن صفة ضحكه -جل وعلا، إذ الله عَزَّ وَجَلَّ استأثر بصفة ضحكه، لم يطلعنا على ذلك، فنحن قائلون بما قال النبي ﷺ مصدقون بذلك، بقلوبنا منصتون عما لم يبين لنا مما استأثر الله بعلمه.
    قال أبو بكر الآجري ت 360 هـ في كتاب "الشريعة" (2/ 1051):
    بَابُ الْإِيمَانِ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَضْحَكُ:
    اعْلَمُوا وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ لِلرَّشَادِ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ أَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَصِفُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ ﷺ , وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , وَهَذَا مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ مِمَّنِ اتَّبَعَ وَلَمْ يَبْتَدِعْ , وَلَا يُقَالُ فِيهِ: كَيْفَ؟ بَلِ التَّسْلِيمُ لَهُ , وَالْإِيمَانُ بِهِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَضْحَكُ, كَذَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ, وَعَنْ صَحَابَتِهِ , وَلَا يُنْكِرُ هَذَا إِلَا مَنْ لَا يُحْمَدُ حَالُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ وَسَنَذْكُرُ مِنْهُ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ , وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ, وَلَا قُوَّةَ إِلَا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. انتهى
    فالضحك في اللغة معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن الكيفية بدعة، وهذا هو الإيمان الصحيح الذي آمن به صحابة رسول الله ﷺ.
    وعن الأوزاعي أنه قال: "سئل مكحول والزهري عن تفسير الأحاديث فقالا: أمروها على ما جاءت".
    وقال الوليد بن مسلم: "سألت الأوزاعي ومالكا وسفيان وليثا عن هذه الأحاديث التي فيها الصفة فقالوا: أمروها بلا كيف".
    وقال نعيم بن حماد: "من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه".
    وقيل لسفيان بن عيينة: هذه الأحاديث التي تروى في الصفات فقال: "حق على ما سمعناها ممن نثق به ونرضاه نمرها كما جاءت بلا كيف"
    وقد قال الإمام أحمد: يَضْحَكُ اللَّهُ، وَلا نَعْلَمُ كَيْفَ ذَلِكَ إِلا بِتَصْدِيقِ الرَّسُولِ. وَقَالَ: الْمُشَبَّهَةُ تَقُولُ: بَصَرٌ كَبَصَرِي، وَيَدٌ كَيَدِي، وَقَدَمٌ كَقَدَمِي، وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ فَقَدْ شَبَّهَ اللَّهَ بِخَلْقِهِ فَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى الْقَوْلِ بِظَاهِرِ الأَخْبَارِ مِنْ غَيْرِ تَشْبِيهٍ وَلا تَأْوِيلٍ[8] .
    وقَال الشَّافِعِيُّ:
    آمَنْت بِالله، وَبِمَا جَاءَ عَن الله، عَلَى مُرَادِ الله، وَآمَنْت بِرَسُولِ الله، وَمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ الله ﷺ، عَلَى مُرَادِ رَسُولِ الله ﷺ [9].
    ولو أراد الله ورسوله من كلامه خلاف حقيقته وظاهره الذي يفهمه المخاطب لكان قد كلفه أن يفهم مراده بما لا يدل عليه؛ بل بما يدل على نقيض مراده، وأراد منه فهم النفي بما يدل على غاية الإثبات [10].
    وخاتمة القول:
    فالواجب حمل نصوص الكتاب والسنة على ظاهرها، واعتقاد أنه حق، فمن رام غير هذا مؤثرًا تحريفات المبطلين وتأويلات الجاهلين على بيان رب العالمين الذي قال عن نفسه: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾ [النساء: 87]، وبيان رسوله الصادق الأمين الذي قال له ربه ﴿وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا﴾ (النساء 63)، فقد خاب وخسر وضل عن الصراط المستقيم والطريق القويم [11].
    هذا ما تيسر والله وحده من وراء القصد




    [1] معلوم أن الخطابي على طريقة الأشاعرة في إثبات الصفات؛ فهو لا يقول في مسائل الصفات بمذهب السلف؛ وإنما يؤول التأويل الذي ليس عليه دليل نصرة لمذهبه وهو نوع من التحريف والتعطيل لأن نفي صفة ثابته لله أو تأويلها إلى غير حقيقتها تعطيل لها؛ وهو من فعل الجهمية والمعتزلة؛ أما من سبقوه من الأئمة فكانوا يقولون: أمروها كما جاءت؛ ويؤمنون بمعناها ويفوضون كيفيتها إلى الله؛ إيمانا بقول الله : ﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير﴾؛ وقال الخطابي: "إن مذهب السلف إثباتها - يقصد الصفات - وإجراؤها على ظواهرها ونفي الكيفية والتشبيه عنها، وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله، وحققها قوم من المثبتين فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف وإنما القصد في سلوك الطريقة المستقيمة بين الأمرين، ودين الله بين الغالي فيه والجافي عنه"(مجموع الفتاوى لابن تيمية 5 /58).
    ومثل الخطابي في ذلك البيهقي وابن عبد البر؛ والنووي وابن حجر العسقلاني؛ وهم جميعا أئمة كبار ولكنهم خالفوا مذهب السلف الأوائل في هذا الباب.

    [2] التأويل منه المقبول ومنه المردود، أما المقبول وهو بمعنى التفسير والبيان ؛ وهو ما دل عليه الدليل؛ أو ما وافق حقيقة اللفظ في أصل وضعه أو معناه الظاهر؛ وأما المردود فهو العدول باللفظ عن ظاهره إلى معنى آخر مرجوح بغير دليل أو قرينة سياق؛ ولذا قالوا الأصل في الكلام الحقيقة ولا يحمل على غير الحقيقة إلا بدليل .

    [3] والتعطيل في باب الأسماء والصفات هو: نفي أسماء الله وصفاته أو بعضها؛ ومن التعطيل التأويل المردود وهو صرف الألفاظ عن معناها الحقيقى إلى معان أخري بغير دليل؛ وهو فعل الأشاعرة والماتريدية.

    [4] التحريف لغة: التغير والتبديل. والتحريف في باب الأسماء والصفات هو: تغيير ألفاظ نصوص الأسماء والصفات أو معانيها عن مراد الله بها.

    [5] التشبيه: هي مساواة الشيء لغيره من أغلب الوجوه؛ بمعنى تشبيه بصفات الله بصفات المخلوق في أغلب الوجوه.

    [6] التمثيل لغة: من المثيل وهو الند والنظير، والتمثيل في باب الأسماء والصفات هو: الاعتقاد في صفات الخالق أنها مثل صفات المخلوق؛ والمماثلة: هي مساواة الشيء لغيره من كل وجه.

    [7] التكييف لغة: جعل الشيء على هيئة معينة معلومة، والتكييف في صفات الله هو: الخوض في كنه وهيئة الصفات التي أثبتها الله لنفسه؛ وقيل تصور صورة في الذهن عن الصفات. وقيل أن التكييف هو: جعل الشيء على حقيقة معينة من غير أن يقيدها بمماثل.

    [8] ابطال التأويلات للقاضي أبي يعلى الفراء (ص 45) رقم (10).

    [9] مجموع الفتاوى (4/ 2).

    [10] الصواعق (1/ 310- 311).

    [11] أحاديث العقيدة (51).

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2022
    المشاركات
    2,228

    افتراضي رد: شبهة تأويل الإمام البخاري لصفة الضحك الثابتة لله تعالى

    لن نعدم من رب يضحك خيراً

    أحسن الله اليكم أخي
    لدي إشكالية مع عبارة "بلا كيف" أو "لا كيف"
    لأنه "وحسب الفطرة" لها كيف
    اعرف أن مقصد ابن عيينة, ان لا نكيف نحن, ولكن اعتقد عبارته او عبارة الوليد بن مسلم في نقله عن الاوزاعي, فيها عُجمة.

  3. #3

    افتراضي رد: شبهة تأويل الإمام البخاري لصفة الضحك الثابتة لله تعالى

    بارك الله فيكم أخي أبا لمى
    أهل السنة لا ينفون الكيفية ؛ فنفي الكيفية تعطيل؛ نعم لصفات الله كيفية لا يعلمها إلا الله ؛ وأهل السنة يؤمنون بالمعنى، ويفوضون علم الكيفية لله تعالى؛ أما قولهم "بلا كيف " أي أنه لا يُسأل عن صفات الله بـ(كيف)؛ لأن العباد لا يعلمون كيفية صفات الله جل وعلا.
    فإنما نفوا علم الناس للكيفية، ولم ينفوا حقيقة الصفة.
    قال ابن القيم في مدارج السالكين:
    إن العقل قد يئس من تعرف كنه الصفة، وكيفيتها، فإنه لا يعلم كيف الله إلا الله، وهذا معنى قول السلف: بلا كيف. أي: بلا كيف يعقله البشر، فإن من لا تعلم حقيقة ذاته، وماهيته، كيف تعرف كيفية نعوته، وصفاته!؟ ولا يقدح ذلك في الإيمان بها، ومعرفة معانيها، فالكيفية وراء ذلك، كما أنا نعرف معاني ما أخبر الله به من حقائق ما في اليوم الآخر، ولا نعرف حقيقة كيفيته، مع قرب ما بين المخلوق والمخلوق، فعجزنا عن معرفة كيفية الخالق، وصفاته أعظم وأعظم، فكيف يطمع العقل المخلوق المحصور المحدود، في معرفة كيفية من له الكمال كله، والجمال كله، والعلم كله، والقدرة كلها، والعظمة كلها، والكبرياء كلها؟. اهـ.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •