تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: داء الغفلة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي داء الغفلة

    الغفلة داء عضال، ومرض فتاك، أهلك الماضين،
    وأوقع الأحياء في بعد عن التزود ليوم الدين،
    صرف الكثيرين عن ربهم، وأرداهم الموت فكانوا من الخاسرين،
    سهوا عن طلب النجاة لأنفسهم، وغفلوا عن التزود للقاء ربهم،
    فاستيقظوا من غفلتهم وهم موسدون في قبورهم، مرتهنون بأعمالهم،

    يتمنى الواحد منهم أن يرجع إلى الدنيا كي يقدم زاداً يجده بين يدي ربه عندما تنشر الصحائف، وتفضح الخلائق بما قدموا من مساوىء أعمالهم.
    الغفلة أشد ما يفسد القلوب،
    فالقلب الغافل قلب معطل عن وظيفته، معطل عن الاستجابة،
    تمر به دلائل الإيمان والهدى أو يمر بها دون أن يحسها أو يدركها.

    قال الله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }
    وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ}

    والإنذار هو أليق شيء بالغفلة، وتذكير الغافلين بما ينفعهم ليفعلوه، ونهيهم عما يضرهم ليجتنبوه.
    والإنذار قد ينفع ويوقظ الغافلين المستغرقين في الغفلة
    كما قال سبحانه:
    {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ }
    والإنذار لا ينفع قلباً غير مهيأ للإيمان، مشدود عنه، محال بينه وبينه بالسدود والأغلال والأغشية،
    فالإنذار يوقظ القلوب الحية المستعدة للتلقي:
    {إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ}
    قال ابن كثير في قوله:
    (يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ)
    "أي: أكثر الناس ليس لهم علم إلا بالدنيا وأكسابها وشئونها وما فيها، فهم حذاق أذكياء في تحصيلها ووجوه مكاسبها، وهم غافلون في أمور الدين وما ينفعهم في الدار الآخرة، كأن أحدهم مغفل لا ذهن له ولا فكرة. قال الحسن البصري: واللَّه ليبلغ من أحدهم بدنياه أن يقلب الدرهم على ظفره فيخبرك بوزنه وما يحسن أن يصلي،
    وقال ابن عباس في قوله تعالى: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا):
    يعني: الكفار يعرفون عمران الدنيا وهم في أمر الدين جهال"

    الغفلة مرض عضال يصيب عقل الإنسان وقلبه، بحيث يفقد الشُّعور الواعي بما يحيط به، ويُسلَب الانتباه اليقظ إلى معاني الأشياء وعواقب الأمور،
    فلا يهتدي إلى المهمَّة الَّتي خُلِق من أجلها وهي عبادة الله،
    ولا إلى الغاية الشَّريفة الَّتي يصبو إليها كلُّ عاقل وهي إرضاء خالقه ومعبوده، ولا إلى سرِّ التَّكريم الَّذي خصَّه الله به وهو تمييزه عن سائر مخلوقات الله، فيكون عند فقد هذه المذكورات في سُكْرٍ دائم، وإعراض أبديٍّ، قد جذبه الشَّيطان إلى صفِّه وجثم على قلبه وأنساه ذكر ربِّه، فغدت حياته كَمَوْتِه، ووجوده كعدمه.

    فذاك الَّذي إن عاش لم ينتفع به *** وإن مات لم تَبْك عليه أقاربه
    الغفلة حجاب يحجب العبد عن ربه، ويحول بينه وبين خالقه، ويجعل في صدره ضيقا ووحشة لا يزيلها إلا ذكر الله والأنس به، وترك الغفلة عنه.
    فالإنسان إذا وقع في الغفلة تمكّن الشيطان منه، وجثم على قلبه، وحلّ في صدره، ومن ثم لعب به واستهواه، وتصرف فيه كما يريد.
    يقول الله -سبحانه وتعالى-: (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)
    أي: من يعرض عن ذكر الله ويغفل عنه فلا يخاف سطوته، ولا يخشى عقابه، يسلط الله عليه شياطين الإنس والجن، وأراذل الخلق، وظلَمتهم، فيكونون له قرناء سوء يؤذونه ويتسلطون عليه.
    ******
    قال ابن القيِّم:

    «أنَّ الغفلة ترك باختيار الغافل، والنِّسيان ترك بغير اختيار، ولهذا قال تعالى: ﴿وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205) ﴾ ،
    ولم يقل ولا تكن من النَّاسين، فإنَّ النِّسيان لا يدخل تحت التَّكليف فلا ينهى عنه»

    وقال ابن القيِّم:
    «فقد نفى الله عن الكفَّار السَّمع والبصر والعقول؛ إمَّا لعدم انتفاعهم بها، فنُزِّلت منزلة العدم، وإمَّا لأنَّ النَّفي توجَّه إلى أسماع قلوبهم وأبصارهم وإدراكها، ولهذا يظهر لهم ذلك عند انكشاف حقائق الأمور، كقول أصحاب السَّعير: ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾
    قال ابن القيم رحمه الله:
    "فمَن عوفي من رقاد الغفلة وسقام المعصية خرج من النار وأدخل الجنة؛ ومن بقي برقاد غفلته فليس له في الجنة ولوج، ومن بقي بسقام معصيته فليس له من النار خروج".

    قال ابن القيِّم:
    «ولا يدخل عليه العدوُّ إلَّا من باب الغفلة، فهو يرصده، فإذا غفل وثب عليه وافترسه، وإذا ذكر الله انخنس عدوَّ الله وتصاغر، وانقمع حتَّى يكون كالوصع وكالذُّباب، ولهذا سمِّي «الوسواس الخنَّاس» أي يوسوس في الصُّدور فإذا ذكر الله تعالى خنس، أي كفَّ وانقبض».
    وقال رحمه الله في موضع آخر:
    «كلُّ ذي لبٍّ يعلم أنَّه لا طريق للشَّيطان عليه إلَّا من ثلاث جهات:
    أحدها: التَّزيُّد والإسراف.
    الثَّانية: الغفلة؛ فإنَّ الذَّاكر في حصن الذِّكر، فمتى غفل فتح باب الحصن فولجه العدوُّ، فيعسر عليه أو يصعب إخراجه.
    الثَّالثة: تكلُّف ما لا يعنيه من جميع الأشياء».
    قال ابن القيم - رحمه الله -:
    (إن مجالس الذكر مجالس الملائكة، ومجالس اللغو والغفلة مجالس الشياطين، فليتخير العبد أعجبهما إليه، وأولاهما به فهو مع أهله في الدنيا والآخرة)
    قال ابن القيم رحمه الله:
    الذكر أصلُ موالاة الله عز وجل ورأسُها، والغفلةُ أصلُ معاداة الله ورأسُها، فإنَّ العبدَ لا يزالُ يذكرُ ربَّه عزَّ وجلَّ حتى يحبَّه اللهُ فيواليه، ولا يزالُ العبدُ في غفلةٍ عن ربِّه حتى يبغضَهُ اللهُ فَيُعَادِيه

    قال ابن القيم : " إن حجاب الهيبة لله عز وجل رقيقُ في قلوب الغافلين " آفة حجاب الغفلة وسعار الشهوة
    يذكر ابن القيم: أن من أسباب الغفلة: فراغ القلب، وانشغاله، وإطلاق البصر ثم " .... تنفرط عليه أموره ويقع في اتباع هواه وفي الغفلة عن ذكر ربه " الجواب الكافي (ص: 127)بتصرف.
    قال ابن القيم رحمه الله-:
    " إن الغافل بينه وبين الله عز و جل وحشة لا تزول إلا بالذكر "
    الوابل الصيب

    قال ابن القيم: " فإذا اطمأنت من الشك إلى اليقين ومن الجهل إلى العلم ومن الغفلة إلى الذكر ومن الخيانة إلى التوبة ومن الرثاء إلى الإخلاص ومن الكذب إلى الصدق ومن العجز إلى الكيس ومن صولة العجب إلى ذلة الإخبات ومن التيه إلى التواضع ومن الفتور إلى العمل فقد باشرت روح الطمأنينة، وأصل ذلك كله ومنشؤه من اليقظة ... " الروح (ص: 255-223) .
    قال ابن الجوزي: " متى تكامل [العقل] فقدت لذة الدنيا فتضاءل الجسم و قوي السقم و اشتد الحزن؛ لأن العقل كلما تلمح العواقب أعرض عن الدنيا و إلتفت إلى ما تلمح و لا لذة عنده بشيء من العاجل ، و إنما يلتذ أهل الغفلة عن الآخرة و لا غفلة لكامل العقل " صيد الخاطر - (ج 1 / ص 371)
    ***
    قال الشيخ السعدي رحمه الله: (وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ) الذين نسوا اللّهَ فأنساهم أنفسَهم، فإنَّهم حُرموا خير الدنيا والآخرة، وأعرضوا عمَّن كلُّ السعادةِ والفوزِ في ذكرِه وعبوديَّتِه، وأقبلوا على من كلُّ الشقاوة والخيبة في الاشتغال به.
    قال الشيخ السعدي -رحمه الله-: (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا) غَفَلَ عن الله، فعاقبه بأن أَغْفَلَهُ عن ذكره؛ (وَاتَّبَعَ هَوَاهُ) أي: صار تبعاً لهواه؛ حيث ما اشتهتْ نفسُه فعله، وسعى في إدراكه، ولو كان فيه هلاكه وخُسرانه؛ فهو قد اتَّخذ إلهه هواه؛ كما قال -تعالى-: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ) الآية. (وَكَانَ أَمْرُهُ) أي: مصالح دينه ودنياه (فُرُطًا) أي: ضائعة معطَّلة، فهذا قد نهى الله عن طاعته، لأن طاعته تدعو إلى الاقتداء به، ولأنَّه لا يدعو إلا لما هو متصف به.

    قال السعدي رحمه الله:
    قال الله عز وجل ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ﴾
    هذا تعجبٌ من حالةِ الناس، وأنَّه لا يَنْجَعُ فيهم تذكيرٌ، ولا يَرْعَوُنَ إلى نذيرٍ، وأنَّهم قَدْ قَرُبَ حِسَابُهُم، ومُجَازَاتُهم على أعمالهم الصالحةِ والطالحةِ، والحالُ أنَّهم في غفلةٍ معرضون، أي: غفلةٍ عمَّا خُلِقوا له، وإعراضٍ عما زُجِرُوا به. كأنَّهم للدنيا خُلقوا، وللتَّمَتُّعِ بَها وُلِدُوا، وأنَّ الله تعالى لا يَزالُ يجدِّدُ لهم التذكيرَ والوعظَ، ولا يزالون في غَفْلَتِهم وإعراضهم، ولهذا قال: ﴿ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ ﴾ [الأنبياء: 2] يُذَكِّرُهُم ما يَنْفَعُهُمْ ويَحُثُّهُمْ عليه، وما يَضُرُّهُم ويُرَهِّبُهم منه ﴿ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ ﴾ [الأنبياء: 2] سماعًا، تقومُ عليهم به الحجةُ، ﴿ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ

    (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ)، أي:
    " قلوبهم غافلة معرضة لاهية بمطالبها الدنيوية، وأبدانهم لاعبة، قد اشتغلوا بتناول الشهوات والعمل بالباطل، والأقوال الردية، مع أن الذي ينبغي لهم أن يكونوا بغير هذه الصفة، تقبل قلوبهم على أمر الله ونهيه، وتستمعه استماعا، تفقه المراد منه، وتسعى جوارحهم، في عبادة ربهم التي خلقوا لأجلها، ويجعلون القيامة والحساب والجزاء منهم على بال، فبذلك يتم لهم أمرهم، وتستقيم أحوالهم، وتزكو أعمالهم".

    ****
    إن مَنْ توسَّدَ الغفلة أيقظْته فجاءتةُ العقوبة، ومَنْ استوطن مركب الزَّلَّة عَثَرَ في وَهْدَةِ المحنة. فخرابُ النفوس باستيلاء الشهوة والهفوة،
    وخرابُ القلوب باستيلاء الغفلة والقسوة،
    و ما ابتلى اللهُ عبداً أشد من الغَفْلة والقَسْوة،
    ولا نومَ أثقلُ من الغَفلة،
    ولا رِقَّ املكُ من الشهوة.
    ولولا ثِقَلُ الغفلة لما ظَفْرتْ بك الشهوة.
    ***

    قيل: "والغفلة أشدُّ ما يُفسِد القلوب، فالقلْب الغافل قلْب مُعطَّل عن وظيفته، معطَّل عن الالْتقاط والتأثُّر والاستجابة، تمرُّ به دلائلُ الهدى، أو يمرُّ بها دون أن يحسَّها أو يدركها، ودون أن ينبض أو يستقبل، ومِن ثَمَّ كان الإنذار هو أليقَ شيء بالغفلة التي كان فيها القوم، الذين مضتِ الأجيال دون أن ينذرَهم منذِرٌ، أو ينبههم منبِّه، فهم مِن ذرية إسماعيلَ، ولم يكن لهم بعدَه من رسول، فالإنذار قد يُوقِظ الغافلين المستغرقين في الغفلة، الذين لم يأتِهم ولم يأتِ آباءَهم نذير.
    ثم يكشف عن مصير هؤلاء الغافلين، وعمَّا نَزَل بهم من قدر الله، وَفقَ ما علم الله مِن قلوبهم ومِن أمرهم، ما كان منه وما سيكون: ﴿ لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ﴾.. لقد قُضِي في أمرهم، وحَقَّ قدرُ الله على أكثرهم، بما علِمه من حقيقتهم، وطبيعة مشاعرهم، فهم لا يؤمنون، وهذا هو المصيرُ الأخير للأكثرين، فإنَّ نفوسهم محجوبةٌ عن الهدى، مشدودةٌ عن رؤية دلائله أو استشعارها"؛

    *****

    إن الغافل عن نفسه هو الغافلُ عن ذنوبه، الغافلُ عن أعماله، يجمع المصائبَ تِلْوَ المصائب، والبلايا مع البلايا، والفتن مع الفتنِ، والعظائم مع العظائم، وهو لا يدري ما تجمَّع عليه وما تَحَصَّلَ له من سوء عاقبة ما اجترحته يداه، ونطق به لسانه، ومشت إليه قدماه أو نظرت إليه عيناه، أو سمعته أذناه، فلا يبالي أأصبحَ مطيعاً أم عاصياً، أمضى ومشى إلى طاعة الله أم إلى معصيته.
    ***
    ***
    يَا غَافِلاً عَنْ مَنَايَا سَاقَهَا الْقَدَرُ *** مَاذَا الَّذِي بَعْدَ شَيْبِ الرَّأْسُ تَنْتَظِرُ
    عَايِنْ بِقَلْبِكَ إِنَّ الْعَيْنَ غَافِلَةٌ *** عَنِ الْحَقِيقَةِ وَاعْلَمْ أَنَّهَا سَقَرُ
    سَوْدَاءُ تَزْفُرُ مِنْ غَيْظٍ إِذا سُعِرَتْ *** لِلظَّالِمِينَ فَمَا تُبْقِي وَلا تَذَرُ
    لَوْ لَمْ يَكُنْ لَكَ غَيْرَ الْمَوْتِ مَوْعِظةٌ *** لَكَانَ فِيهِ عَنِ اللَّذَّاتِ مُزْدَجَرُ
    ***
    نهارك يا مغرور سهو وغفـلةٌ *** وليلك نوم والردى لك لازمُ

    وشغلك فيما سوف تكره غبـه *** كذلك في الدنيا تعيش البهائمُ
    ***


    أما والله لو علم الأنام *** لما غفلوا وهاموا وناموا

    لقد خلقوا لما لو أبصرته *** عيون قلوبهم تاهوا وهاموا
    ممات ثم قبر ثم حشر *** وتوبيخ وأهوال عظــام
    ****

    غفلت عن المصير فضل سعيي *** فـيـا ويلاهُ من سوء المصيرِ
    ويـا ويل الذي ضحى بأخرى *** لعـيش بهارجِ العمر القصيرِ
    ويـا ويـلي غررت بما دعتنيِ *** إلـيـه الـنفس من وهمٍ وزورِ
    فـقـد هتفت بي الأهواءُ يوماً *** وزيـنـت الـمظاهرَ بالقشورِ
    وأهـدتـنـي جناحاً من خيالٍ *** لـيـحـملني إلى أفقِ السرورِ
    وقـالـت لـلضمير الآن فارقدْ *** فـمـا مـتع تنال مع الضّميرِ
    وغـابـتْ خـشيةُ الجبّار عنّي *** فـألـقـيت الزمام إلى الغرورِ
    فـأظـهـر شوك دربي ياسميناً *** ومـنّـانـي البقاء على الدهورِ
    وخـلّـى بين ضعفيَ والخطايا *** وقـال مقهقهاً : " وإلى السعير
    فـيـا ويـلاه مـاذا قد دهاني *** فـلـم أنصت لتحذير النذيرِ؟
    وأطـلـقت الندامة صوت حقٍ *** يـنـاقـش كل أسرار الضميرِ
    وهـل تـجدي الندامة من فتيلٍ *** إذا لـم يـغـشها عفو القديرِ؟
    فـبـادر قـبل موتكَ يا بنَ فانٍ *** وفـانـيـةٍ إلـى باب الغفورِ
    تـذلـل لـلـعـليّ وتب إليه *** فـمـا لك غير ربك من مجيرِ


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: داء الغفلة

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ...

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •