تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 41 إلى 60 من 73

الموضوع: هل في الجنة تدارس ل مسائل العلم وبحث ونظر !!

  1. #41
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل في الجنة تدارس ل مسائل العلم وبحث ونظر !!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    فقط يقف عند ظاهر النص - ولا اعتبار بالاستنباط وهذا فيه تأثر ببعض المذاهب فلذلك يشن الغارة على شيخ الاسلام ابن تيمية و الامام ابن القيم وكثير من الائمة فى الاستنباط بحجة عدم وروود النص
    سأتناول هذه النقطة بمزيد تفصيل ولا صلة بموضوعنا بآراء الرجال
    الاستنباط علمٌ معتبَرٌ, وحُجَّةٌ في الشرع,
    لَمَا أمر اللهُ تعالى عبادَه برَدِّ ما لم يدركوا علمه نَصَّاً إلى من يدركونه بالاستنباط من أهل العلم,
    فالاستنباط من أهمِّ أسباب دَرَكِ العلوم؛ وله من الأصولِ والضوابط التي تجمع جزئياته, وتَلُمُّ متفرِّقاته,
    ما يجدر معه بأهل العلم إبرازها وتحديدها, بعد جمعها ودرسها.
    قال ابن القيم
    (الواجب فيما علَّقَ عليه الشارعُ الأحكامَ من الألفاظ والمعاني = أن لا يُتَجَاوَز بألفاظها ومعانيها, ولا يُقْصَر بِها, ويعطي اللفظَ حقَّه والمعنى حقَّه, وقد مدح الله تعالى أهل الاستنباط في كتابه, وأخبر أنهم أهل العلم)
    , ومن حقِّ اللفظ والمعنى استيعاب المعاني الصحيحة المتعلقة بهما من جهة نِدِّ المعنى ولوازمه وأشباهه ونظائره.
    فالقرآن ظاهرٌ وباطن
    أمَّا ظاهره فهو: ظاهر المعنى, والمتبادر من اللفظ.
    وأمَّا باطنه فهو: المعاني الصحيحة المتَّصِلة بالآية من غير دلالة اللفظ المباشرة, وهذا مجال الاستنباط في هذا العلم, وقد يرتفع المعنى الباطن البعيد فيكون مراداً مع المعنى الظاهر القريب لاشتراكهما في الصحة والقبول والدلالة -
    لكن لا يصل المعنى الباطن بحالٍ إلى أن يكون مراداً دون المعنى الظاهر,
    وهذا ما يميز هذا التقسيم عن استعمال الباطنية له؛ فإنهم يؤَصِّلون لهذا التقسيم مع رَدِّهم وإلغائهم للظاهر,
    والإغراق في معاني باطنة باطلة لا يقبلها نقلٌ صحيح ولا عقلٌ صريح,
    فيؤول تفسيرهم إلى دعاوى ليست من الظاهر, ولا من الباطن الصحيح في شيء.
    و المعاني المأخوذة بالاستنباط - بطبيعتها - أكثر وأغنى من معاني الألفاظ المباشرة,
    بل إن من أحكام الحوادث ما لا يُعرَفُ بالنصِّ وإنما بالاستنباط, وكم من سِرٍّ وحُكمٍ نَبَّهت عليهما الإشارة, ولم تبينهما العبارة
    , قال السهيلي: (ليس كل حكم يؤخذ من اللفظ, بل أكثرها تؤخذ من جهة المعاني والاستنباط من النصوص)
    ؛ إذ الألفاظ محصورة, ومعانيها محددة, والوقائع والمناسبات متجددة, وقد أنْزل الله تعالى كتابه الكريم صالحاً لكُلِّ زمان ومكان, وتبياناً لِكُلِّ شيء يتوقف عليه التكليف والتعبد, وتستقيم به حياة الناس؛ من العلوم الشرعية, والحقائق العقلية
    العلمُ المستَنبَطُ على وجهه أقرب إلى علم النبوة وأعلى درجةً من غيره,
    قال تعالى: وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَه ُ مِنْهُمْ
    فَخَصَّ الله تعالى رسولَه بعلم حقيقة الأمر من الأمن أو الخوف, وما يُنشَر منه وما لا ينشر,
    كما خَصَّ بعلمِه أهلَ الاستنباطِ من أولي الأمر وهم العلماء دون غيرهم من أهل العلم
    (والله سبحانه ذمَّ من سمع ظاهراً مجرَّداً فأذاعه وأفشاه, وحَمِدَ من استنبط من أولى العلم حقيقته ومعناه)
    ولمَّا كانت مراتب العلماء في فهم المراد متفاوتة؛
    كان لأهل العلم بالاستنباط اختصاصٌ بجُملَةِ فضائل لا يشركهم فيها غيرهم من العلماء النَّقَلة الحفظة - على فضلهم , ويوضح منازلَ العلماء تلك حديثُ أبي موسى الأشعري مرفوعاً:
    (مثلُ ما بعثني الله تعالى به من الهدى والعلم, كمثلِ غيثٍ أصابَ أرضاً فكان منها طائفةٌ طيبةٌ, قبلت الماءَ فأنبتت الكلأَ والعشبَ الكثير, وكان منها طائفةٌ أجادبَ, أمسكت الماءَ فسقى الناسُ وزرعوا, وأصابَ منها طائفةً أخرى إنما هي قيعانٌ؛ لا تُمسِك ماءً, ولا تُنبِتُ كلأً, فذلك مثلُ من فقه في دين الله تعالى, ونفعه ما بعثني الله به؛ فعَلِمَ وعَلَّم, ومثل من لم يرفع بذلك رأساً, ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به)
    ففي هذا الحديث إشارةٌ ظاهرةٌ إلى تفاوت العلماء في ما معهم من الهدى والعلم حملاً وفهماً واستنباطاً,
    قال ابن القيم
    : (قُسِمَ الناسُ إلى ثلاثةِ أقسام بحسب قبولهم واستعدادهم لحفظه, وفهم معانيه, واستنباط أحكامه, واستخراج حِكَمِه وفوائده:
    أحدها: أهل الحفظ والفهم الذين حفظوه وعقلوه, وفهموا معانيه, واستنبطوا وجوه الأحكام والحِكَم والفوائد منه, فهؤلاء بمنْزلة الأرض التي قبلت الماء- وهذا بمنْزلة الحفظ-, فأنبتت الكلأ والعشب الكثير- وهذا هو الفهم فيه والمعرفة والاستنباط؛ فإنه بمنْزلة إنبات الكلأ والعشب بالماء-, فهذا مثلُ الحفاظ الفقهاء أهل الرواية والدراية.
    القسم الثاني:
    أهل الحفظ الذين رُزِقُوا حفظه ونقله وضبطه, ولم يرزقوا تفقهاً في معانيه, ولا استنباطاً ولا استخراجاً لوجوه الحِكَم والفوائد منه, فهم بمنْزلة من يقرأ القرآن ويحفظه ويراعي حروفه وإعرابه, ولم يُرْزَق فيه فهماً خاصاً عن الله,
    كما قال على ابن أبي طالب : (إلا فهماً يؤتيه الله عبداً في كتابه
    والناس متفاوتون في الفهم عن الله ورسوله أعظم تفاوت, فَرُبَّ شخصٍ يفهم من النص حكماً أو حكمين, ويفهم منه الآخرُ مئةً أو مئتين, فهؤلاء بمنْزلة الأرض التي أمسكت الماء للناس, فانتفعوا به؛ هذا يشرب منه, وهذا يسقى, وهذا يزرع.
    فهؤلاء القسمان هم السعداء, والأوَّلون أرفع درجةً, وأعلى قدراً, وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء, والله ذو الفضل العظيم)
    فعلمُ الاستنباط علمٌ مبارك, يفيضُ على الأمَّة في كل زمان بكلِّ ما تحتاجه من معرفة الحَقِّ المطابق لوقائعها,
    والمستمَدِّ من خيرِ بيان وأصدق كلام؛ كتاب الله تعالى.

    فالاستنباط قدرٌ زائدٌ على مجرد إدراك المعنى الظاهر؛ ومن ثَمَّ عزَّ وجوده, وصَعُبَ إدراكه, ولا يؤتاهُ كلُّ أحدٍ,
    بل هو من مواهب الله تعالى التي يُنعِمُ بِها على من شاء من عباده, وقد امتَنَّ الله تعالى به على المؤمنين, وعصمهم به من اتِّباع غير الحق؛
    فقال تعالى: وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَه ُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً
    والاجتهاد في نيل العلم المُستَنبَط نوعٌ من الجهاد في سبيل الله,
    قال الزمخشري عند قوله تعالى مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا:
    (فأما الجدال في آيات الله لإيضاح ملتبسها, وحَلِّ مشكلها, ومقادحة أهل العلم في استنباط معانيها, ورَدِّ أهل الزيغ بها وعنها, فأعظم جهاد في سبيل الله) كما أنه ميدان تنافس العلماء, وميزان تفاضلهم,


    وقد اجتهد الصحابة في نيل تلك الفضائل والمنازل, وأصاب كلٌّ منهم ما قُسِمَ له؛ فمستَقِلٌّ ومستكثرٌ, وحين تُوُفِّيَ رسولُ الله لم يكن شيءٌ من كتاب الله خَفِيَّ المعنى عنهم, بل كُلُّ كتاب الله تعالى - ألفاظه ومعانيه - معلوم المعنى عند مجموع الصحابة , ثُمَّ يتفاوت علم أفرادهم به بحسب ما اختصَّ الله تعالى كُلاًّ منهم, ولمَّا قيل لعلي بن أبي طالب : هل عندكم من رسول الله شيءٌ سوى القرآن؟ قال: (لا والذي فلَقَ الحبَّةَ وبَرَأَ النَّسمَة, إلا أن يُعطِي اللهُ عبداً فهماً في كتابه)
    ومنه دعاء النبي لابن عباس :
    (اللهم فَقِّهُ في الدين, وعلِّمهُ التأويل) ولو كان المراد بهذا الدعاء معرفة معاني الألفاظ الظاهرة لَمَا كان لاختصاص ابن عباس بهذه الدعوة مزيَّة؛
    فإنه ممَّا يشترك فيه كثيرٌ من الصحابة,
    وإنما المراد ما ذكره علي مِن الفهم في كتاب الله الذي يفتح الله تعالى به على من شاء من عباده,
    وقد وصف عليٌّ ابنَ عباس بقوله:
    كأنما ينظر إلى الغيب من سترٍ رقيقٍ)
    , ولمَّا بلغَه رأيَ ابن عباس في حادثةِ تحريق من غلو فيه قال: (ويح ابن أم الفضل؛ إنه لغوَّاص), وكان عمر يأذن له مع المهاجرين, ويسأله
    ويقول: (غُصْ غَوَّاص)
    , وأمَّا عمر فهو المُحَدَّثُ المُلهَم
    وحسبه أنه ممَّن عُنِيَ بقوله تعالى لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَه ُ مِنْهُمْ حيثُ قال في سبب نزولها: (فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر)
    قال شيخ الاسلام ابن تيمية مبيناً تفاوت الصحابة في الفهم والاستنباط:
    (وهذا عبد الله بن عباس حبر الأمة, وترجمان القرآن, مقدار ما سمع من النبي لم يبلغ نحو العشرين حديثاً الذي يقول فيه:
    (سمعت, ورأيت), وسمع الكثيرَ من الصحابة, وبورك في فهمه والاستنباط منه,
    حتى ملأ الدنيا علماً وفقهاً,
    قال أبو محمد بن حزم :
    وجُمِعَت فتاويه في سبعة أسفار كبار. وهي بحسب ما بلغ جامعها, وإلا فعلم ابن عباس كالبحر, وفقهه واستنباطه وفهمه في القرآن بالموضع الذي فاق به الناس, وقد سمع كما سمعوا, وحفظ القرآن كما حفظوا, ولكن أرضه كانت من أطيب الأراضي, وأقبلها للزرع, فبذر فيها النصوص, فأنبتت من كل زوج كريم, ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ - وأين تقع فتاوي ابن عباس وتفسيره واستنباطه من فتاوي أبي هريرة وتفسيره, وأبو هريرة أحفظ منه, بل هو حافظ الأمة على الإطلاق؛ يؤدي الحديث كما سمعه, ويدرسه بالليل درساً, فكانت همته مصروفة إلى الحفظ وتبليغ ما حفظه كما سمعه, وهمة ابن عباس مصروفة إلى التفقه, والاستنباط, وتفجير النصوص, وشقِّ الأنهار منها, واستخراج كنوزها)
    ومن ثَمَّ يشتدُّ حبور العالم وسروره حين يظفر بشيء من فرائد المعاني المستنبطة؛ مستشعراً نعمة الله تعالى وفضله عليه,
    ومن ذلك قول الشافع (استنبطتُ البارحةَ آيتين, فما أشتهي باستنباطهما الدنيا وما فيها)
    يقول ابن القيم:
    (معلوم أن الاستنباط إنما هو استنباط المعاني والعلل, ونسبة بعضها إلى بعض, فيعتبرُ ما يصح منها بصحة مثله ومشْبِهِه ونظيره, ويُلغَى ما لا يصح, هذا الذي يعقله الناس من الاستنباط)
    , وقال: (الاستنباط كالاستخراج, ومعلومٌ أن ذلك قدرٌ زائدٌ على مجرد فهم اللفظ, فإن ذلك ليس طريقهُ الاستنباط؛ إذ موضوعات الألفاظ لا تنال بالاستنباط, وإنما تنال به العللُ, والمعانيُ, والأشباه والنظائر, ومقاصد المتكلم. يوَضِّحُه أن الاستنباط استخراج الأمر الذي من شأنه أن يخفي على غير مستَنْبِطِه ..,
    ومعلوم أن هذا الفهم قدرٌ زائدٌ على معرفة موضوع اللفظ وعمومه أو خصوصه, فإن هذا قدرٌ مشترك بين سائر من يعرف لغة العرب, وإنما هذا فهم لوازم المعنى, ونظائره, ومراد المتكلم بكلامه, ومعرفة حدود كلامه بحيث لا يُدخِل فيها غيرَ المراد, ولا يُخرِج منها شيءٌ من المراد)
    , ويقول الشاطبي معلِّلاً لِصِحَّة وجهٍ من المعاني المستنبطة:
    (ولكن أتى بما هو نِدٌّ في الاعتبار الشرعي الذي شهد له القرآن)
    - قال ابن عباس : (الرجم في كتاب الله لا يغوص عليه إلا غواص, وهو قوله تعالى: يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب, ومأخذ ابن عباس في ذلك أن أهل الكتاب أخفَوا حكم الرجم في كتابهم, فبيَّنه لهم رسول الله, فطابق وصف الآية حالهم ذلك, فكان حكم الرجم مما جاء به كتاب الله تعالى بهذا الاعتبار. وهذا الاستنباط من ابن عباس نِدٌّ للمعنى الظاهر للآية, ويوافقه في القصد والعِلَّة.
    وقد استنبط الزهري نحواً من ذلك فقال: (فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا
    - قال سفيان بن عيينة في قوله تعالى:
    وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ(: (ما في الأرض آدمي إلا وفيه شبه من البهائم؛ فمنهم من يهتصر اهتصار الأسد, ومنهم من يعدو عدو الذئب, ومنهم من ينبح نباح الكلب, ومنهم من يتطَوَّس كفعل الطاووس, ومنهم من يشبه الخنازير التي لو أُلقِيَ إليها الطعام عافته, فإذا قام الرجل عن رجيعه ولغت فيه؛ فلذلك تجد من الآدميين من لو سمع خمسين حكمةً لم يحفظ واحدة منها, وان أخطأ رجلٌ تَرَوَّاهُ وحفظه). وهذا الاستنباط قريبُ المأخذِ من وجه استنباط ابن عباس السابق؛
    قال الخطابي: (ما أحسن ما تأوَّل سفيان هذه الآية واستنبط منها هذه الحكمة؛ وذلك أن الكلام إذا لم يكن حكمُهُ مطاوعاً لظاهره وجبَ المصيرُ إلى باطنه
    , وقد أخبر الله عن وجود المماثلةِ بين الإنسان وبين كلِّ طائرٍ ودابةٍ, وذلك ممتنع من جهةِ الخِلْقَة والصورَة, وعُدِمَ من جهة النطق والمعرفة, فوجب أن يكون منصرفاً إلى المماثلةِ في الطباع والأخلاق, وإذا كان الأمر كذلك فاعلم أنك إنما تعاشر البهائم والسباع, فليكن حذرك منهم, ومباعدتك إياهم على حسب ذلك).
    الاستنباط على ما سبق تعريفه من أشد علوم القرآن ارتباطاً بعلم التفسير, ولا يتوصل إليه إلا بعد بناء التفسير وتمامه,
    وقد قَسَمَ ابنُ القيم التفسيرَ إلى ثلاثةِ أقسام,
    فقال: (وتفسير الناس يدور على ثلاثة أصول:
    1- تفسير على اللفظ, وهو الذي ينحُو إليه المتأخرون.
    2- وتفسير على المعنى, وهو الذي يذكره السلف.
    3- وتفسير على الإشارة والقياس, وهو الذي ينحُو إليه كثير من الصوفية وغيرهم
    والقسم الثالث من هذه الأقسام داخلٌ في علم الاستنباط من معاني الآيات, إذ ليس هو بتفسير على اللفظ ولا على المعنى؛ فإنهما ظاهران مباشران, ويبقى الاجتهاد والتأمُّل في هذا القسم. والاستنباط أعمُّ من القياس, وإنما القياس أحد صوره وأشهرها, وعَدُّ هذا القسم من التفسير نوعُ تَوَسُّعٍ سبقت الإشارة إليه
    قال شيخ الاسلام ابن تيمية:
    (أما أرباب الإشارات الذين يثبتون ما دلَّ اللفظ عليه, ويجعلون المعنى المُشار إليه مفهوماً من جهة القياس والاعتبار, فحالهم كحال الفقهاء العالمين بالقياس والاعتبار, وهذا حقٌّ إذا كان قياساً صحيحاً لا فاسداً, واعتباراً مستقيماً لا منحرفاً)
    وقال في طرق دلالة اللفظ على المعنى الصحيح:
    (القسم الثاني: أن يُجعَل ذلك من باب الاعتبار والقياس, لا من باب دلالة اللفظ, فهذا من نوع القياس, فالذي تسميه الفقهاء قياساً, هو الذي تسميه الصوفية إشارة, وهذا ينقسم إلى صحيح وباطل, كانقسام القياس إلى ذلك)
    فالإشارات من باب الاعتبار والقياس, واختصَّ بها في الغالب أرباب السلوك وتزكية النفوس, ومنها صحيحٌ مستقيمٌ, وفاسدٌ منحرفٌ.
    ولصِحَّة الاستنباط شروطٌ قال ابن القيم: (وهذا – أي التفسير على الإشارة والقياس - لا بأس به بأربعة شرائط:
    1- أن لا يناقض معنى الآية,
    - وأن يكون معنى صحيحاً في نفسه,
    3- وأن يكون في اللفظ إشعار به,
    4- وأن يكون بينه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم. فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة كان استنباطاً حسناً)
    , وقال الشاطبي:
    (كون الباطن هو المراد من الخطاب يشترط فيه شرطان, أحدهما: أن يصح على مقتضى الظاهر المقرر في لسان العرب, ويجري على المقاصد العربية. والثاني: أن يكون له شاهدٌ نصَّاً أو ظاهراً في محل آخر يشهد لصحته من غير معارض), وهذان الشرطان يلتقيان مع الشرط الثاني والثالث عند ابن القيم
    ولا يصح استنباطٌ إلا على معنىً صحيحٍ ثابتٍ لِلَّفظ, فاللفظ بمنْزلة الأساس, والاستنباط بمنْزلة البنيان,
    و(لا يطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر, ومن ادعى فهم أسرار القرآن ولم يُحكِم التفسير الظاهر فهو كمن ادعى البلوغ إلى صدر البيت قبل أن يجاوز الباب)
    قال القرطبي (والنقل والسماع لا بد منه في ظاهر التفسير أولاً؛ ليتَّقي به مواضع الغلط, ثم بعد ذلك يتَّسعُ الفهم والاستنباط, ولا مطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر)
    إن هذا العلم عزيز, وليس في مقدور عامَّة الناس ولا أكثر علمائهم الخوض فيه, وإنما هو شأن القلَّة التي تمكنت منه بعد جَهدٍ واجتهاد وفتحٍ وتوفيق من الله تعالى: وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَه ُ مِنْهُمْ(النساء 83),
    قال شمس الدين الأصفهاني: (كُلُّ من كان حَظُّه في العلوم أوفر, كان نصيبه من علم القرآن أكثر)
    وقال ابن القيم في معنى يَسْتَنبِطُونَه ُ: (أي يستخرجون حقيقته وتدبيره بفطنتهم, وذكائهم, وإيمانهم, ومعرفتهم بمواطن الأمن والخوف)
    , وقال: (ولو رُزِقَ العبدُ تضَلُّعاً من كتاب الله وسنة رسوله, وفهماً تامَّاً في النصوص ولوازمها, لاستغنى بذلك عن كلِّ كلامٍ سواه, ولاستنبط جميع العلوم الصحيحة منه)
    ومن رامَ بلوغ شيءٍ من مدارج هذا العلم فلْيُحكِم أولاً الطريق إليه, وهو: العلم بحدود ألفاظ الآيات, وفهم وجوه معانيها, وتصرُّفاتِ أساليبها, ثُمَّ يستظهر بعد ذلك - بآلةٍ راسخة في علوم اللسان والبيان, وأصول الشرع ومقاصده, وبتحقُّقٍ تامٍّ فيما هو بصدد استنباط مسائِله من العلوم – ما تقع عليه بصيرته من دقائق المعاني, ومحاسن الإشارات؛ الأقرب منها فالأقرب إلى معنى الآية, ثمَّ الأقوى منها فالأقوى في الدلالة على مقصده ومُراده,
    قال ابن جرير: (أولى العبارات أن يُعَبَّر بها عن معاني القرآن أقربها إلى فهم سامعيه)
    , وقال الراغب الأصفهاني:
    (إن المائل إلى دقيق المحاجَّة هو العاجز عن إقامة الحُجَّة بالجَليِّ من الكلام؛ فإنَّ من استطاع أن يُفهِمَ بالأوضح الذي يفهمه الكثيرون, لم ينحط إلى الأغمض الذي لا يعرفه إلا الأقلون, وقد أخرج الله تعالى مخاطباته في أجلى صورة تشتمل على أدقِّ دقيق؛ لتفهم العامَّة من جَلِيِّها ما يقنعهم ويلزمهم الحجة, ويفهم الخواص من أسرارها ودقائقها)
    , وقال ابن القيم: (وإذا دعاك اللفظ إلى المعنى من مكان قريب, فلا تُجِب من دعاك إليه من مكان بعيد)
    وإنَّ بذلَ غاية الوُسعِ والاجتهاد في تفحُّصِ معاني الآيات, وتقليب وجوهها, والغوص في مدلولات ألفاظها ومقاصدها وعللها = لهو أعظم شرطٍ لنيلِ المرادِ في هذا البابِ, ولتحقيق ذلك عانى العلماء ما عانوه, ولحِقَهم فيه من المشقَّة والجَهدِ ما لَحِقَهم,
    وبالتأمُّل في حديث أبي موسى الأشعري السابق: (مثلُ ما بعثني الله تعالى به من الهدى والعلم كمثلِ غيثٍ أصابَ أرضاً فكان منها طائفةٌ طيبةٌ, قبلت الماءَ فأنبتت الكلأَ والعشبَ الكثير), ترى جملةً ظاهرةً من أوصاف أهل العلم بالاستنباط احتواها هذا المثل النبوي الجليل, وبيانها: أن قلوبَ هؤلاء العلماء أرضٌ طيبةٌ, قبلت الوحي, واستقر في أعماقها, ثمَّ أنبت الوحي في جوارحهم العمل الصالح الكثير؛ الذي يتعدَّى نفعه أنفسَهم إلى غيرهم. فهم أهل إيمانٍ راسخ, وعملٍ بالعلم ملازم, ونفعٍ للناس دائم.
    وهذا يؤكد أنَّ لطهارة الباطن, وزكاء النفس, وعمارة القلب بالتقوى أثرٌ ظاهرٌ في باب الاستنباط, ولهذا المعنى نصيبٌ من قول الله تعالى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ووجه ذلك أن انشغال القلب بمعاني العبودية والتقوى يُقَرِّبه من إشاراتها ودلالاتها في الآيات؛ ذلك أنَّ من اهتَمَّ بشيءٍ غلبَ على تفكيره, وتراءى له في كُلِّ ما يقصده, وقد دَلَّ قوله تعالى إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ - لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا- على أنَّ فهم المراد من القرآن والانتفاع به إنما يحصل لمن هو حيُّ القلب. كما أن هذه الاستنباطات من نِعَمِ الله تعالى على العبد, ولا تُنَال نِعمةُ الله تعالى بغير طاعته وتقواه, وقد أشارت النصوص الشرعية إلى أن أهل هذه الصفات – من الطاعة والتقوى وحياة القلب - أولى بإصابة الحق من غيرهم؛ إذ معهم من أسباب الهداية والإصابة ما يدنيهم من الحقِّ ويُجَلِّيه لهم؛ قال: (الصلاة نور, والصدقة برهان, والصبر ضياء),
    قال شيخ الاسلام ابن تيمية:
    (ومن كان معه نورٌ وبرهانٌ وضياءٌ كيف لا يعرف حقائق الأشياء من فحوى كلام أصحابها؟!, وفي الحديث الصحيح: (لا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه, فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به, وبصره الذي يبصر به, ويده التي يبطش بها, ورجله التي يمشي بها)
    ومن كان توفيق الله له كذلك فكيف لا يكون ذا بصيرةٍ نافذةٍ, ونَفْسٍ فَعَّالَة, وإذا كان القلب معموراً بالتقوى انجلت له الأمور وانكشفت, بخلاف القلب الخراب المُظلم, وكُلَّما قويَ الإيمانُ في القلب قويَ انكشافُ الأمور له, وعرف حقائقها من بواطلها)
    وقد ذكر بعضُ العلماء لزوم المسارعة إلى تقييد ما يسنح بالخاطر من هذه الإشارات واللطائف والمستنبطات؛ فإنها عزيزة الورود, سريعة الزوال, نادرة الرجوع, وفي شرح حديث علي : (ما عندنا إلا ما في القرآن, أو فهماً يعطيه الله رجلاً في كتابه, أو ما في هذه الصحيفة)
    قال ابن حجر:
    (ومراد علي أن الذي عندَه زائداً على القرآن مِمَّا كَتَبَ عنه: الصحيفة المذكورة, وما استنبط من القرآن. كأنه كان يكتب ما يقع له من ذلك لئلا ينساه, بخلاف ما حفظه عن النبي من الأحكام فإنه يتعاهدها بالفعل والإفتاء بها فلم يخش عليها من النسيان),
    قال تعالى: وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ
    ومن حِكَمِ ضرب الأمثال: (أنَّ الله أراد أن يَعَلِّم الخلق كيف يتجاوزون في العِبْرَة من المُشَاهَدَةِ إلى الغيب),
    وهذا من غايات الاستنباط كما لا يخفى.
    ما فهمه عمر استنباطاً, يُطابِقُ ما فهمه من قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ؛ فإنه لَمَّا نزلت هذه الآيةُ فرح الصحابةُ بهذا التمام, وبكى عمر مستشعراً نعيَهُ , وقال: (لم يكمُل شيءٌ إلا نقص), وما عاش بعدها رسول الله إلا إحدى وثمانين يوماً وظاهرٌ اعتماد عمر في هذا الاستنباط على لازم معنى اللفظ,
    قال ابن كثير: (ويشهد لهذا المعنى الحديث الثابت: (بدأ الإسلام غريباً, وسيعود غريباً كما بدأ, فطوبى للغرباء)
    قال ابن القيم: (والعلم بمُراد المتكلم يُعرَف تارةً من عموم لفظه, وتارةً من عموم عِلَّته, والحَوالَةُ على الأوَّل أوضح لأرباب الألفاظ, وعلى الثاني أوضح لأرباب المعاني والفهم والتدبر), (وإن شِئتَ أدخلتَ هذا في باب معنى المعنى, أي المعاني التي وراء المعاني, ولا ضيرَ أن تكون وراءها بمسافةٍ أبعد, أو أن تكون من باب مُستَتبَعات التراكيب, وهو بابٌ جليلٌ غَيَّبَه غُبارُ العُجمَة)
    أن الاستنباط علمٌ معتبَرٌ, وحُجَّةٌ في الشرع,
    دَلَّت على اعتباره وتقديمه جملةٌ من أدلة الكتاب والسنة.
    من حقِّ اللفظ والمعنى في التفسير استيعاب المعاني الصحيحة المتعلقة بهما من جهة نِدِّ المعنى ولوازمه وأشباهه ونظائره.
    المعاني المأخوذة بالاستنباط - بطبيعتها - أكثر وأغنى من معاني الألفاظ المباشرة,
    بل إن من أحكام الحوادث ما لا يُعرَفُ بالنصِّ وإنما بالاستنباط, وكم من سِرٍّ وحُكمٍ نَبَّهت عليهما الإشارة, ولم تبينهما العبارة.
    الاستنباط قدرٌ زائدٌ على مجرد إدراك المعنى الظاهر؛
    ومن ثَمَّ عزَّ وجوده, وصَعُبَ إدراكه, ولا يؤتاهُ كلُّ أحدٍ,
    بل هو من مواهب الله تعالى التي ينعِمُ بِها على من شاء من عباده.
    موضوع علم الاستنباط: نِدُّ المعنى الظاهر ونظيره؛ الذي يوافقه في القصد أو يقاربه, ولوازم المعنى, وعلله؛ ليُلحَق به أشباهه ونظائره, وتتبين معه نسبةُ الألفاظ بعضها إلى بعض, ثُمَّ مقاصد المتكلم ومراده, بحيث لا يُزادُ عليها ولا يُنقَصُ منها.
    بيان معنى اللفظ سابق للاستنباط منه, ولا يصح استنباطٌ إلا على معنىً صحيحٍ ثابتٍ لِلَّفظ,
    فاللفظ بمنْزلة الأساس, والاستنباط بمنْزلة البنيان,
    ولا يطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر.
    علمُ الاستنباط علمٌ مبارك, يفيضُ على الأمَّة في كل زمان بكلِّ ما تحتاجه من معرفة الحَقِّ المطابق لوقائعها, والمستمَدِّ من خيرِ بيان وأصدق كلام؛ كتاب الله تعالى.

  2. #42
    تاريخ التسجيل
    Jun 2014
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    415

    افتراضي رد: هل في الجنة تدارس ل مسائل العلم وبحث ونظر !!

    قال الشيخ صالح العصيمي " العلماء العاملون بعلمهم هم أدلّاؤكم، فلا تهتدوا بغير إرشادهم، فإنهم ورثة الأنبياء، وصفوة الأتقياء، وقد جعل الله لهم أنواراً تهدي إليهم، وتدل عليهم، فانتفعوا بهم واحذروا قطّاع الطريق دونهم".

  3. #43
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: هل في الجنة تدارس ل مسائل العلم وبحث ونظر !!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الروقي العتيبي مشاهدة المشاركة
    قال الشيخ صالح العصيمي " العلماء العاملون بعلمهم هم أدلّاؤكم، فلا تهتدوا بغير إرشادهم، فإنهم ورثة الأنبياء، وصفوة الأتقياء، وقد جعل الله لهم أنواراً تهدي إليهم، وتدل عليهم، فانتفعوا بهم واحذروا قطّاع الطريق دونهم".

    يا طلاب العلم عليكم بنشر العلم النافع والدفاع الدين، وعلى حب العلم والعلماء..
    اللهم ارحم علماءنا، واحفظ من بقي منهم بحفظك ، واجعلنا بكرمك من العلماء الربانيين.
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  4. #44
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل في الجنة تدارس ل مسائل العلم وبحث ونظر !!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    عليكم بنشر العلم النافع والدفاع عن الدين، وعلى حب العلم والعلماء..
    نعم بارك الله فيك
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    على حب العلم
    قال الشيخ السعدي رحمه الله :
    (لولا العلم؛ لكان الناس كالبهائم في ظلمات الجهالة، ولولا العلم؛ لما عرفت المقاصد والوسائل، ولولا العلم؛ ما عرفت البراهين على المطالب كلها ولا الدلائل، العلم هو النور في الظلمات، وهو الدليل في المتاهات والشبهات، وهو المميز بين الحقائق، وهو الهادي لأكمل الطرائق، بالعلم يرفع الله العبد درجات، وبالجهل يهوي إلى أسفل الدركات)
    ***
    وقال ابن القيم رحمه الله:
    "من نال شيئًا من شرف الدنيا والآخرة، فإنما ناله بالعلم، وتأمل ما حصل لآدم من تمييزه على الملائكة واعترافهم له بتعليم الله له الأسماء كلها، ثم ما حصل له من تدارك المصيبة والتعويض عن سكنى الجنة، بما هو خير له منها بعلم الكلمات التي تلقاها من ربه.
    وما حصل ليوسف من التمكين في الأرض والعزة والعظمة بعلمه تعبير تلك الرؤيا، ثم علمه بوجوه استخراج أخيه من إخوته كما أشار إليه سبحانه وتعالى في قوله: ﴿ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 76]؛ جاء في تفسيرها: نرفع درجات من نشاء بالعلم كما رفعنا درجة يوسف على إخوته بالعلم. وقال في إبراهيم صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ ﴾ [الأنعام: 83]، فهذه رفعة بعلم الحجة، والأول رفعة بعلم السياسة. وكذلك ما حصل للخضر بسبب علمه من تلمذة كليم الرحمن له وتلطفه معه في السؤال، حتى قال: ﴿ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴾ [الكهف: 66]. وكذلك ما حصل لسليمان من علم منطق الطير حتى وصل إلى ملك سبأ، وقهر ملكتهم واحتوى على سرير ملكها، ودخولها تحت طاعته، ولذلك قال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ﴾ [النمل: 16]. وكذلك ما حصل لداود من علم نسج الدروع من الوقاية من سلاح الأعداء، وعدد سبحانه هذه النعمة بهذا العلم على عباده، فقال: ﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 80]. وكذلك ما حصل للمسيح من علم الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ما رفعه الله به إليه وفضله وكرمه. وكذلك ما حصل لسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم من العلم الذي ذكره الله به نعمة عليه، فقال: ﴿ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ [النساء: 113]؛ (مفتاح دار السعادة: 1/ 521).
    وقال ابن القيم رحمه الله:
    "العلماء بالله وأمره هم حياة الوجود وروحه، ولا يستغنى عنهم طرفة عين، فحاجة القلب إلى العلم ليس كالحاجة إلى التنفس في الهواء، بل أعظم، وبالجملة فالعلم للقلب مثل الماء للسمك إذا فقده مات، فنسبة العلم إلى القلب كنسبة ضوء العين إليها"؛

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    والعلماء..

    للعلماء مكانةٍ رفيعة ومنزلةٍ عالية ودرجةٍ سامية ؛
    إذ هم في الخير قادة تُقتص آثارهم ويُقتدى بأفعالهم ويُنتهي إلى رأيهم وتقريرهم ،
    تضع الملائكة أجنحتها لهم رضًا بصنيعهم،
    ويستغفر لهم كل رطبٍ ويابس حتى الحيتان في الماء ،
    بلغ بهم علمهم منازل الأخيار ودرجات المتقين الأبرار فسَمَت به منزلتهم وعلَت مكانتهم وعظم شأنهم وقدْرهم
    كما قال الله تعالى : { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}
    وقال تعالى : {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}
    قال الإمام أبو بكر الآجري رحمه الله
    : " فضَّلهم على سائر المؤمنين وذلك في كل زمانٍ وأوان ، رفعهم بالعلم وزيَّنهم بالحلم ،
    بهم يُعرف الحلال من الحرام والحق من الباطل والضار من النافع والحسَن من القبيح ، فضْلهم عظيم
    ، ورثة الأنبياء وقرَّة عين الأولياء ، الحيتان في البحر لهم تستغفر ، والملائكة بأجنحتها لهم تخضع ،
    والعلماء في القيامة بعد الأنبياء تشفع ، مجالسهم تفيد الحكمة ،
    وبأعمالهم ينـزجر أهل الغفلة ،
    هم أفضل من العبَّاد وأعلى درجة من الزهاد ،
    حياتهم غنيمة وموتهم مصيبة ،يذكِّرون الغافل ويعلِّمون الجاهل ، لا يُتوقع لهم بائقة ولا يخاف منهم غائلة "
    إلى أن قال رحمه الله : " فهُم سراج العباد ومنار البلاد وقوام الأمة وينابيع الحكمة ، هم غيظ الشيطان بهم تحيا قلوب أهل الحق وتموت قلوب أهل الزيغ ،
    مثلهم في الأرض كمثل نجوم السماء يُهتَدَى بها في ظلمات البر والبحر إذا انطمست النجوم تحيروا وإذا أسفر عنهم الظلام أبصروا " انتهى كلامه رحمه الله ،
    وإذا كان أهل العلم بهذه المنزلة الرفيعة والدرجة العالية المنيفة فإن الواجب على من سواهم أن يحفظ لهم قدرهم ويعرف لهم مكانتهم وينزلهم منازلهم وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ)) رواه أحمد بإسنادٍ جيد.
    وحقوق أهل العلم يجب أن تكون محفوظةً لهم حيِّهم وميتهم شاهدهم وغائبهم بالقلوب حباً واحتراما ، وباللسان مدحا وثناءً ، مع الحرص على التزود من علومهم والإفادة من معارفهم والتأدب بآدابهم وأخلاقهم ، والبعد عن النيل منهم أو اللمز لهم أو الوقيعة فيهم فإن ذلك من أعظم الإثم وأشد اللؤم .
    إن العلماء هم القادة لسفينة النجاة ، والرواد لساحل الأمان ، والهداة في دياجير الظلام
    {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}
    ، وهم حجة الله في الأرض ،
    وهم أعلم بما يُصلح المسلمين في دنياهم وأخراهم لِما آتاهم الله من العلم ولما حباهم به من الفقه والفهم ؛
    فهم عن علمٍ دقيق يُفْتُون وببصر نافذٍ يقرِّرون وعن نظرٍ ثاقب يحكمون ، ؛ ولهذا أمر الله بالرد إليهم دون غيرهم وسؤالهم دون سواهم وهذا في آيٍ كثيرة في القرآن منها قوله تعالى : {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل:43] وقوله تعالى: { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَ هُ مِنْهُمْ } [النساء:83] وهذا فيه تأديبٌ للمؤمنين بأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة فيما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يثْبُتوا ولا يستعجلوا بل يردوا ذلك إلى الرسول - والرد إليه صلى الله عليه وسلم هو الرد إلى سنته - وإلى أولي الأمر منهم أهل العلم والنصح والعقل والرزانة الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها ، فمن صدَر عن رأيهم سلِم ومن افتات عليهم تضرر وأثِم ،
    يقول ابن مسعود رضي الله عنه " إنها ستكون أمورٌ مشتبهات فعليكم بالتؤَدة ؛ فإنك أن تكون تابعاً في الخير خير من أن تكون رأساً في الشر " .
    وإن من علامات الضياع البعد عن العلماء الراسخين ، وترك التعويل على فتاوى الأئمة المحققين ، ونزع الثقة بالفقهاء المدققين ، وحين تفقد الأمة الأخذ عن العلماء يصبح شأنها كأناس في صحراء قاحلة وأرضٍ مجدبة بلا قائدٍ ناصحٍ يقودهم ولا هادٍ خِرِّيتٍ يدلهم فيؤول أمرهم إلى العطب وتكون نهايتهم إلى الخسران.
    فالعلماء هم الذين لهم الصدارة في دعوة الأمة وتوجيه مسارها وإرشاد يقظتها ، وإن لم يكن الأمر كذلك اتخذ الناس رؤساء جهَّالا فأفتوهم بغير علم ودلُّوهم بغير فهم وحين إذٍ يحُلُّ الوهن ويعظم الخلل وتغرق السفينة ، يقول ابن مسعود رضي الله عنه " عليكم بالعلم قبل أن يُقبض وقبضه بذهاب أهله
    العلماء هم الذين يحملون الشريعة وينطقون بالكتاب والسنة ويحمون بيضة الإسلام ويذودون عن حياضه
    ويبصرون الخلق بدينهم يعلمون الجاهل ويذكرون الناسي ويكشفون الفتنة ويرفعون الظلمة ويهتكون ستر أهل الضلالة ،
    ولولاهم بعد الله لاندرس الإسلام وذهبت شرائعه .
    روي في الأثر (إنما مثل العلماء في الأرض مثل النجوم في السماء إذا رآها الناس اقتدوا بها وإذا عميت عليهم تحيروا )رواه أحمد.
    قال الحسن : لولا العلماء لصار الناس كالبهائم .
    وبتوقير العلماء تحفظ الشريعة وتنشر أحكامها ويكثر سواد أهل السنة وتجتمع الأمة وتأتلف كلمة المسلمين وتذهب شوكة أهل الفجور

    قال ابن القيم في"إعلام الموقعين":
    "فقهاء الإسلام ، ومن دارت الفتيا على أقوالهم بين الأنام، الذين خُصُّوا باستنباط الأحكام، وعُنوا بضبط قواعد الحلال والحرام، فهم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء، بهم يهتدي الحيران في الظلماء، وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب ، وطاعتهم أفرض عليهم من طاعة الأمهات والآباء بنص الكتاب، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}
    ما الفخر إلا لأهل العلم إنهـم -- على الهدى لمن استهدى أدلاّء
    وقدر كلّ امرئ ما كان يحسنه -- والجاهـلون لأهل العلم أعداء
    ففز بعلم تعـش حيـاً به أبداً -- الناس موتى وأهل العلم أحياء

  5. #45
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: هل في الجنة تدارس ل مسائل العلم وبحث ونظر !!

    جزاكم الله خيرا جميعا

  6. #46
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    المشاركات
    1,056

    افتراضي رد: هل في الجنة تدارس ل مسائل العلم وبحث ونظر !!

    الموضوع هو حول تفسير الآيات في سورة الصافات { فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون (50) قال قائل منهم إني كان لي قرين (51) يقول أإنك لمن المصدقين (52) أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون (53) قال هل أنتم مطلعون (54) فاطلع فرآه في سواء الجحيم (55) قال تالله إن كدت لتردين (56) ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين (57) }

    وسأذكر بعضا من أقوال أئمة التفسير الكبار في هذه الآيات :
    ففي تفسير يحيى بن سلام من مفسري القرن الثاني الهجري(2/ 831): ( قوله عز وجل: {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} [الصافات: 50] ، يعني: أهل الجنة.
    {قال قائل منهم إني كان لي قرين} [الصافات: 51] صاحب في الدنيا. {يقول أئنك لمن المصدقين} [الصافات: 52] على الاستفهام.
    {أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون} [الصافات: 53] ، يعني: لمحاسبون، تفسير السدي.)

    وفي تفسير الطبري (19/ 542): ( وقوله: {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} [الصافات: 50] يقول تعالى ذكره: فأقبل بعض أهل الجنة على بعض يتساءلون، يقول: يسأل بعضهم بعضا) فاختلف أهل التأويل في القرين الذي ذكر في هذا الموضع، فقال بعضهم: كان ذلك القرين شيطانا، وهو الذي كان يقول له: {أئنك لمن المصدقين} [الصافات: 52] بالبعث بعد الممات» وقال آخرون: ذلك القرين شريك كان له من بني آدم أو صاحب
    ...
    قال: " هو الرجل المشرك يكون له الصاحب في الدنيا من أهل الإيمان، فيقول له المشرك: إنك لتصدق بأنك مبعوث من بعد الموت أئذا كنا ترابا؟ فلما أن صاروا إلى الآخرة وأدخل المؤمن الحنة، وأدخل المشرك النار، فاطلع المؤمن، فرأى صاحبه في سواء الجحيم {قال تالله إن كدت لتردين} [الصافات: 56])

    وفي تفسير ابن كثير (7/ 15): ولا تنافي بين كلام مجاهد، وابن عباس؛ فإن الشيطان يكون من الجن فيوسوس في النفس، ويكون من الإنس فيقول كلاما تسمعه الأذنان، وكلاهما متعاديان )

    وفي تفسير البغوي (7/ 41): {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} يعني: أهل الجنة في الجنة يسأل بعضهم بعضا عن حاله في الدنيا.
    {قال قائل منهم} يعني: من أهل الجنة: {إني كان لي قرين} في الدنيا ينكر البعث.
    قال مجاهد: كان شيطانا. وقال الآخرون: كان من الإنس .

    وفي فتح القدير للشوكاني (4/ 454): قوله: فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون معطوف على يطاف، أي: يسأل هذا ذاك، وذاك هذا حال شربهم عن أحوالهم التي كانت في الدنيا، وذلك من تمام نعيم الجنة. والتقدير: فيقبل بعضهم على بعض، وإنما عبر عنه بالماضي للدلالة على تحقق وقوعه قال قائل منهم أي: قال قائل من أهل الجنة في حال إقبال بعضهم على بعض بالحديث وسؤال بعضهم لبعض إني كان لي قرين أي: صاحب ملازم لي في الدنيا كافر بالبعث منكر له كما يدل عليه قوله: أإنك لمن المصدقين يعني: بالبعث والجزاء، وهذا الاستفهام من القرين لتوبيخ ذلك المؤمن وتبكيته بإيمانه وتصديقه بما وعد الله به من البعث، وكان هذا القول منه في الدنيا. ثم ذكر ما يدل على الاستبعاد للبعث عنده وفي زعمه فقال: أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون أي: مجزيون بأعمالنا ومحاسبون بها بعد أن صرنا ترابا وعظاما وقيل معنى مدينون)

    ثم يأتي العلامة السعدي رحمه الله تعالى ليخالف كل أئمة التفسير بل يخالف كلام رب العالمين الصريح في الآيات التي بين فيها سبحانه ما هو تساؤلهم . فيقول السعدي :
    (وقوله: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} وحذف المعمول، والمقام مقام لذة وسرور، فدل ذلك على أنهم يتساءلون بكل ما يلتذون بالتحدث به، والمسائل التي وقع فيها النزاع والإشكال.
    ومن المعلوم أن لذة أهل العلم بالتساؤل عن العلم، والبحث عنه، فوق اللذات الجارية في أحاديث الدنيا، فلهم من هذا النوع النصيب الوافر، ويحصل لهم من انكشاف الحقائق العلمية في الجنة ما لا يمكن التعبير عنه)
    وهو تفسير غريب وبعيد جدا وليس عليه دليل من الأثر وليس له علاقة بسياق الآيات .

    وكذلك ابن القيم رحمه الله تعالى من قبل . قال وهو يتكلم عن قوله تعالى {وأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ}.

    قال في حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص404):
    ( قال تعالى: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} ...
    وإذا تذاكروا ما كان بينهم فتذاكرهم فيما كان يشكل عليهم في الدنيا من مسائل العلم وفهم القرآن والسنة وصحة الأحاديث أولى وأحرى فان المذاكرة في الدنيا في ذلك ألذ من الطعام والشراب والجماع فتذاكر في الجنة أعظم لذة وهذه لذة يختص بها أهل العلم ويتميزون بها على من عداهم ) .

    قلت : وفي كتابة الآية خطأ يحتمل من المخطوطة أو من الطبع فالآية الصحيحة هي بالواو وليس يالفاء ( وأقبل بعضهم على بعض يتسائلون . قالوا إنّا كنا قبل في أهلنا مشفقين ...) الطور 22.

    فكما ترى أخي المتابع كيف أن ابن القيم اخترع من عنده حدوث أمر لم يدل الدليل عليه بعينه وليس هو متماشيا مع سياق الآيات التي تتحدث عن أمر بينه الله تعالى في نفس الآيات وهو ما يسمى بتفسير القرآن بالقرآن فقال تعالى
    {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ
    قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} فبين الله تعالى تساؤلهم صراحة وهو ما لم يخرج عنه أئمة التفسير وكما يأتي من تفسير أئمة التفسير للآيات لأنه هو الواجب وخلافه هو القول على الله بغير علم .
    وسأذكر أقوال أربعة من أعظم أئمة التفسير :

    ففي تفسير الطبري = جامع البيان ط دار التربية والتراث» (22/ 476):
    ( وقوله: (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ) . . . الآية، يقول تعالى ذكره: وأقبل بعض هؤلاء المؤمنين في الجنة على بعض، يسأل بعضهم بعضا)
    ( القول في تأويل قوله تعالى: {قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28) }
    يقول تعالى ذكره: قال بعضهم لبعض: إنا أيها القوم كنا في أهلنا في الدنيا مُشفقين خائفين من عذاب الله وجلين أن يعذبنا ربنا اليوم (فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا) بفضله (وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ) يعني: عذاب النار، يعني فنجَّانا من النار، وأدخلنا الجنة)

    . وفي تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن (17/ 70):
    «قوله تعالى: (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون) قال ابن عباس: إذا بعثوا من قبورهم سأل بعضهم بعضا. وقيل: في الجنة (يتساءلون) أي يتذاكرون ما كانوا فيه في الدنيا من التعب والخوف من العاقبة، ويحمدون الله تعالى على زوال الخوف عنهم. وقيل: يقول بعضهم لبعض بم صرت في هذه المنزلة الرفيعة؟ (قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين) أي قال كل مسئول منهم لسائله: (إنا كنا قبل) أي في الدنيا خائفين وجلين من عذاب الله. (فمن الله علينا) بالجنة والمغفرة)

    وفي تفسير ابن كثير (7/ 435):
    «وقوله: {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} أي: أقبلوا يتحادثون ويتساءلون عن أعمالهم وأحوالهم في الدنيا، وهذا كما يتحادث أهل الشراب على شرابهم إذا أخذ فيهم الشراب بما كان من أمرهم.
    {قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين} أي: قد كنا في الدار الدنيا ونحن بين أهلنا خائفين من ربنا مشفقين من عذابه وعقابه، {فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم} أي: فتصدق علينا وأجارنا مما نخاف.
    {إنا كنا من قبل ندعوه} أي: نتضرع إليه فاستجاب [الله] (2) لنا وأعطانا سؤلنا، {إنه هو البر الرحيم})

    وفي فتح القدير للشوكاني» (5/ 118):
    ( وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون أي: يسأل بعضهم بعضا في الجنة عن حاله، وما كان فيه من تعب الدنيا وخوف العاقبة، فيحمدون الله الذي أذهب عنهم الحزن والخوف والهم، وما كانوا فيه من الكد والنكد بطلب المعاش وتحصيل ما لا بد منه من الرزق. وقيل: يقول بعضهم لبعض:
    بم صرتم في هذه المنزلة الرفيعة؟ وقيل: إن التساؤل بينهم عند البعث من القبور. والأول أولى لدلالة السياق على أنهم قد صاروا في الجنة، وجملة قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين مستأنفة جواب سؤال مقدر، كأنه قيل: ماذا قال بعضهم لبعض عند التساؤل؟ فقيل: قالوا إنا كنا قبل، أي: قبل الآخرة، وذلك في الدنيا في أهلنا خائفين وجلين من عذاب الله، أو كنا خائفين من عصيان الله فمن الله علينا بالمغفرة والرحمة أو بالتوفيق لطاعته ووقانا عذاب السموم يعني عذاب جهنم، )

    لذلك فإن كلام ابن القيم والسعدي هو من الكلام الشاذ المخالف لمراد الله تبارك وتعالى الصريح من الآيات والذي لم يخرج عنه كبار أئمة التفسير .
    وليس بعيدا عمن من ينافح عن الأقوال الشاذة كجواز الاستعانة بالجن والقراءة على الماء وغيرها أن ينافح عن هذا القول الشاذ . !!.

    وللرد بقية ...

  7. #47
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    المشاركات
    1,056

    افتراضي رد: هل في الجنة تدارس ل مسائل العلم وبحث ونظر !!

    وأما النقاش حول الغيبيات في هذا الموضوع فهو يتعلق بذكر العلامتين رحمهما الله تعالى حدوث أمر معين بذاته في الجنة وهو تذاكر العلم الشرعي كالإشكالات العلمية وصحة الأحاديث وغيرها .وبغض النظر عن كونه مخالف لمراد الله سبحانه من الآيات فإنه بذاته من القول على الله بغير دليل ومن الخوض بالغيب .
    فقلت :
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المعيصفي مشاهدة المشاركة
    التوسع في الغيبيات مذموم في كل أحواله . وهو من القول على الله بغير علم . ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) .
    وكما ذكرتُ في أول تعليق ( والله لا يعجزه شيء ) .
    فنقف حيث نعلم لكي لا نقع في ما حرمه الله الله تعالى من أجل خيال عقلي لا دليل عليه .
    وقد جاءت فتوى موقع الإسلام وجواب مطابقة تماما لقولي
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المعيصفي مشاهدة المشاركة
    السؤال : هل إن شاء الله إذا دخلت الجنة برحمة الله يمكن أن أطلب أن أصلي الصلوات الخمس في الجنة ؟

    الجواب
    الحمد لله.
    أولا :
    لا خلاف بين العلماء في أن الجنة ليست دار تكليف ، وإنما هي دار جزاء ، فلا تكليف فيها بالصلاة قطعا.
    ثانيا :
    إذا اشتهى العبد أن يصلي الصلوات الخمس أو غيرها في الجنة ، هل يكون له ذلك ؟ جوابه : أن هذا من الغيب الذي يتوقف إثباته على الدليل ، ولم نقف على ما يفيد ذلك ، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن العبادات ترفع في الجنة ولا يبقى إلا عبادة التسبيح والذكر .
    قال رحمه الله : " فصل في ارتفاع العبادات في الجنة إلا عبادة الذكر فإنها دائمة : روى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي قال : يأكل أهل الجنة فيها ويشربون ، ولا يتمخطون ، ولا يتغوطون ، ولا يبولون ، ويكون طعامهم ذلك جشاء ورشحا كرشح المسك يلهمون التسبيح والحمد كما يلهمون النفس ) وفي رواية : ( التسبيح والتكبير كما تلهمون ) بالتاء ، أي تسبيحهم وتحميدهم يجري مع الأنفاس كما تلهمون أنتم النفس " انتهى من "حادي الأرواح" ص 285
    والمهم أن يحرص العبد على تحصيل الأسباب التي تقربه إلى الله تعالى ، وتدخله جنته .
    والله أعلم . انتهى
    المصدر : الإسلام سؤال وجواب

    .
    ثم ذكرت أن ما يجري في الأخرة من أحداث هو من الغيب والغيب لا يجوز فيه القياس :
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المعيصفي مشاهدة المشاركة
    قلت : ما يجري في الآخرة كله من الغيب والإيمان به هو من باب الإيمان باليوم الآخر .
    والغيب لا يثبت بالقياس أو العقل أو الظنون أو التقليد بل كل ذلك هو من الخوض المحرم الذي هو قسيم الشرك بالله تعالى ( قل إنما حرم ربي لفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون (33).
    وقد علمنا أن أهل الجنة يسبحون ويحمدون ويكبرون بخبر الوحي فأثبتناه ونثبت كل ما أخبرنا به عالم الغيب سبحانه من أمور الغيب ونقف حيث نعلم ولا نقول على الله بالظنون أو القياس أو العقل أو التقليد الأعمى .
    وقلت أيضا
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المعيصفي مشاهدة المشاركة
    التفكر فيما أثبته الله تعالى هذا لا يمنع منه - وليس موضوعنا - أما إثبات حصول أمر بعينه كمسألتنا هذه في الآخرة بدون دليل من عالم الغيب سبحانه هذا هو المحرم وهو من القول على الله بغير علم ( فافهم ترشد ) .
    وقلت :
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المعيصفي مشاهدة المشاركة
    وأما قياس الأولى فهذا فقط في باب مقارنة بعض صفات المخلوقين بصفات الخالق فكل صفة للمخلوق ليست من صفات النقص والعيب فالله أولى بها وهي صفة كمال لله ليست كصفة المخلوق ( ولله المثل الأعلى )

    أما العقيدة ومسائلها كثيرة جدا فهي توقيفية على النص فما ثبت في النص أثبتناه وما لم يرد النص في أي مسألة منها فيجب التوقف فيه .
    ومنها الإيمان بالغيب فهات الدليل على جواز استعمال القياس في الغيبيات لإثبات حصول أمر بعينه من أمور الغيب .
    أما القياس فهو تسوية فرع بأصل في حكم لعلة جامعة بينهما . وهو لا يستعمل في مسائل العقيدة لأن كل مسألة من مسائل العقيدة لا تثبت إلا بدليل مستقل يدل عليها .
    وأما قياس الأولى فهذا إن كان الله سبحانه قد أثبت حصول تدارس أهل الجنة العلم الشرعي فإنه سيكون هذا التدارس ألذ وأكمل من تدارسهم إياه في الدنيا كما هو حال ماء الجنة وخمرها وو .
    فقياس الأولى هو أن يكون حكم المقيس أولى من حكم المقيس عليه .

    فمثلا في صفات الله تعالى ذكر الله تعالى أن الإنسان سميع وذكر عنه سبحانه أنه سميع فأثبت للأصل وللفرع صفة السمع ولكن سمع الله ليس كسمع المخلوق بل هو سمع كمال وكذلك الرحمة أثبتها للإنسان وله سبحانه ولكنه قال عن نفسه ( أرحم الراحمين ) وهكذا .
    أما أن يستعمل القياس في غير محله وليس على أصوله فهذا قياس فاسد ومنه إثبات حصول أمر غيبي بعينه في الجنة بحجة قياس الأولى .
    فمن ذا الذي يعلم أن أهل الجنة سيتذاكرون العلم الشرعي ويتدارسونه ويشتهونه ؟؟؟ لا شك إلا من يقول على الله بغير علم .

    وأما قولي بقياس الأولى في صفات الله تعالى فقط من مسائل العقيدة لأن الله تعالى أمر به فقال : {لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ *وَلِلَّهِ *الْمَثَلُ الأعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ **(60) }
    ففي تفسير الطبري (17/ 229):
    «القول في تأويل قوله تعالى: {لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ *وَلِلَّهِ *الْمَثَلُ الأعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ **(60) }
    وهذا خبر من الله جلّ ثناؤه أن قوله (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) ، والآية التي بعدها مثل ضربه الله لهؤلاء المشركين الذين جعلوا لله البنات، فبين بقوله (لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ) أنه مثل، وعنى بقوله جلّ ثناؤه (لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ) للذين لا يصدّقون بالمعاد والثواب والعقاب من المشركين (مَثَلُ السَّوْءِ) وهو القبيح من المثل، وما يسوء من ضرب له ذلك المثل ( وَلِلَّهِ المثل الأعْلَى) يقول: ولله المثل الأعلى، وهو الأفضل والأطيب، والأحسن، والأجمل، وذلك التوحيد والإذعان له بأنه لا إله غيره) انتهى

    وان كنت أرى أن هذا ليس قياسا لأن كلا الأمرين مذكوران وكذلك فيه تفصيل لعلي أبينه حين توفر الوقت
    وللرد بقية في وقت لاحق

  8. #48
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    المشاركات
    1,056

    افتراضي رد: هل في الجنة تدارس ل مسائل العلم وبحث ونظر !!

    وأما القول :
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    سبحان الله القراءن مملوء بأدلة كثيرة تبين مسألة قياس الاولى فى العقيدة والامور الغيبية
    فلا نريد أكثر من دليل واحد على
    1: إثبات أمر غيبي واحد بعينه بقياس الأولى لم يدل أي دليل مستقل عليه !!!
    2: إثبات مسألة عقدية واحدة بذاتها بقياس الأولى لم يدل أي دليل مستقل عليها !!!

  9. #49
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    المشاركات
    1,056

    افتراضي رد: هل في الجنة تدارس ل مسائل العلم وبحث ونظر !!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    نحن نتكلم على قياس الاولى والبعض كما يظهر فى جميع المواضيع وليس فى هذا الموضوع فقط يقف عند ظاهر النص - ولا اعتبار بالاستنباط وهذا فيه تأثر ببعض المذاهب فلذلك يشن الغارة على شيخ الاسلام ابن تيمية و الامام ابن القيم وكثير من الائمة فى الاستنباط بحجة عدم وروود النص

    أما اللمز بأني أتبع منهج الظاهرية في الاستدلال فهو من الباطل وإليك دليلا واحدا فقط يدحض فريتك .
    ففي الاقتباس التالي استنبطت حكما شرعيا غير منصوص عليه في لفظ الحديث وهذا لا تفعله الظاهرية .
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المعيصفي مشاهدة المشاركة
    عندما تتم الإجابة على هذه الأسئلة سيعلم طالب الحق أن الرقية توقيفية لا شك في ذلك أبدا
    2 :السؤال الثاني :
    في حديث فاتحة الكتاب " فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، فقال : يارسول الله والله ما رقيت إلا بفاتحة الكتاب فتبسم وقال : "وما أدراك أنها رقية ؟ "
    لماذا يقسم بالله ويخشى الصحابي من الرقية بسورة من كتاب الله إذا كانت الرقية الجاهلية جائزة إذا خلت من الشرك ؟! فهل يخشى الصحابي أن يكون في الفاتحة شرك ؟
    فالنبي عليه الصلاة والصلام بعدما علم أن الصحابي رقى بفاتحة الكتاب وهي سورة من القرآن الكريم سأله ( وما أدراك أنها رقية ) وهذا دليل بأن ليس كل سور القرآن رقية وهذا من أظهر الأدلة على أن المقصود ب ( من ) في قوله تعالى { وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِين َ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً } أنها للتبعيض.

    ويكفي سؤال وتعجب النبي صلى الله عليه وسلم من اختيار الصحابي للفاتحة كرقية دليلا على أن القرآن ليس كله رقية وأن الرقية ليست اجتهادية وأن ليس كل رقية خالية من الشرك جائزة .

    فاترك أسلوب الطعن بالباطل فإنه لا ينفعك بشيء .
    أما الغارة على شيخ الإسلام وابن القيم وغيرهما فهو من الكذب والبهتان فكل انتقاد لهما ولغيرهما إنما مبني على العلم والأدلة والأصول وهذا هو دور طالب العلم المتبع أما العامي المقلد الذي لا علم له فلا شك يكبر عليه أن يُنتقد من يقلده .



  10. #50
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    المشاركات
    1,056

    افتراضي رد: هل في الجنة تدارس ل مسائل العلم وبحث ونظر !!

    ومن الأدلة على عدم علمك بالعلم الشرعي والأصول هو ذكرك لأقوال العلماء حول استعمال القياس الصحيح لاستنباط الأحكام الشرعية في بعض مسائل الفقه بينما نحن نتكلم عن مسائل في العقيدة التي هي توقيفية في كل مسائلها . فأنت لا تفرق بين مسائل العقيدة ومسائل الفقه وهذه طامة كبرى وجريمة علمية .
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    وجاء فى فتوى هيئة كبار العلماء
    أن من أنصف لنفسه علم أن النصوص التي أخذت منها الأحكام لا تفي بعشر معشار الحوادث التي لا نهاية لها ، فما الذي يقوله الظاهري في غير المنصوص إذا أتاه عامي وسأله عن حادثة لا نص فيها ، أيحكم فيها بشيء أم يدع العامي وجهله ؟لا قائل من المسلمين بالثاني ؛ أعني أنا ندع العامي يخبط في دينه ، وإن حكم فيها - والواقع أن لا نص - ؛ فإما أن يقيس ، أو يخترع من نفسه حكما يلزم الناس الأخذ به .إن اخترع من عند نفسه ونسبه إلى الحكم الشرعي كان كاذبا على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وإلا كان ملزما للناس بفلتات لسانه ، فما بقي إلا أنه لا يخترعه من عند نفسه ويقيسه على الصور المنصوص عليها .والظاهري لا يقول بذلك ، فعاد الأمر إلى أنه إما أن يدع العامي يخبط في دينه بما لم ينزل الله به سلطانا ، أو يكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، أو يلزم الناس بهفواته ، والثلاثة لا يقولها ذو لب - معاذ الله
    قال الامام ابن باز
    الطريقة الظاهرية معروفة، وهي التي يسير عليها داود بن علي الظاهري، وأبو محمد ابن حزم، ومن يقول بقولهما، ومعناها: الأخذ بظاهر النصوص وعدم النظر في التعليل والقياس، فلا قياس عندهم ولا تعليل، بل يقولون بظاهر الأوامر والنواهي، ولا ينظرون إلى العلل والمعاني، فسموا ظاهرية لهذا المعنى؛ لأنهم أخذوا بالظاهر ولم ينظروا في العلل والحكم والأقيسة الشرعية التي دل عليها الكتاب والسنة، ولكن قولهم في الجملة أحسن من قول أهل الرأي المجرد الذين يحكمون الآراء والأقيسة، ويعرضون عن العناية بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، لكن عليهم نقص ومؤاخذات في جمودهم على الظاهر، وعدم رعايتهم للعلل والحكم والأسرار التي نبه عليها الشارع وقصدها، ولهذا غلطوا في مسائل كثيرة دل عليها الكتاب والسنة

  11. #51
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل في الجنة تدارس ل مسائل العلم وبحث ونظر !!

    المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف سبحان الله القراءن مملوء بأدلة كثيرة تبين مسألة قياس الاولى فى العقيدة والامور الغيبية

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المعيصفي مشاهدة المشاركة
    وأما القول :
    فلا نريد أكثر من دليل واحد على ..................
    ومن الأدلة على عدم علمك بالعلم الشرعي والأصول هو ذكرك لأقوال العلماء حول استعمال القياس الصحيح لاستنباط الأحكام الشرعية في بعض مسائل الفقه بينما نحن نتكلم عن مسائل في العقيدة التي هي توقيفية في كل مسائلها . فأنت لا تفرق بين مسائل العقيدة ومسائل الفقه وهذه طامة كبرى وجريمة علمية . !!!
    لا تستعجب
    سآتيك إن شاء بأدلة كثيرة لا قِبَلَ لك بها على قياس الاولى فى الامور الغيبية ومن القرآن:
    قياس الأولى قياس فطريّ لا يحتاج سوي الفطرة الصحيحة للاستدلال على صحته
    أما الفطرة المنتكسه المشككة فى قياس الامام ابن القيم والعلامة السعدى-فى قولهم
    أولى و أحرى فان المذاكرة في الدنيا في ذلك ألذ من الطعام و الشراب و الجماع فتذاكر في الجنة اعظم لذة -
    فإن المشكك فى كلام الامام ابن القيم قد انتكست عنده الفطرة السليمة
    واليك قياس الاولى فى أمور العقيدة والامور الغيبية وليس فى الصفات
    فقط
    القياس على منكرى البعث وهو من الامور الغيبية ومن أمور العقيدة

    أولا -قال تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2]،
    فإن لم يكن الاعتبار هو إعمال العقل بالقياس
    ومثله فأيُّ شيءٍ هو؟!
    يقول الطبري في تأويله مبيِّنًا أن العلة لو اتَّحدت اتحد الحكم،
    وأن القياس والاعتبار إنما يكون بالعقول: “فاتَّعظوا -يا معشر ذوي الأفهام-
    بما أحلَّ الله بهؤلاء اليهود الذين قذف الله في قلوبهم الرعب، وهم في حصونهم من نقمته، واعلموا أن الله وليُّ من والاه، وناصر رسوله على كلِّ من ناوأه، ومحلّ من نقمته به نظيرَ الذي أحلَّ ببني النضير. وإنما عنى بالأبصار في هذا الموضع أبصار القلوب، وذلك أن الاعتبار بها يكون دون الإبصار بالعيون

    ويقول ابن تيمية رحمه الله: “والاعتبار هو القياس بعينه
    القياس على منكرى البعث وهو من الامور الغيبية ومن أمور العقيدة
    قال جل وعلا
    وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ
    في هذه الآيات يناقش المولى سبحانه وتعالى المنكرين للبعث،
    فأخبر سبحانه بأنهم يقرون بأن الله سبحانه هو خالقهم، وهو الذي أنشأهم أوَّل مرة،
    فكيف ينكرون البعث وهو ليس سوى إعادة إنشاء لما أنشأه أوَّل مرة؟!
    بل هو أسهل من النشأة الأولى. ووجه القياس هنا: أنهم يقرُّون بالأصل وهو أن الله خلقهم وأنشأهم النشأة الأولى،
    ولكنهم ينكرون ما هو مثله بل أولى منه بالإقرار،
    وهو البعث والإعادة بعد الموت،
    فالبعث أولى؛ لأن العلة -وهي القدرة- فيها أقوى؛ إذ من استطاع أن يُنشئ النشأة الأولى هو أشد قدرة وأكثر استطاعة على الإعادة والبعث كما في الآية التالية.

    فالإعادة أهون من الإبداع والخلق كما في آيات أخر؛ كقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الروم: 27].
    وأهون من تدبير الإنسان وتدبير حياته من حين ولادته حتى يشب ويهرم، كما قال تعالى: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: 37 – 40].
    وأهون من إحياء الأرض بعد موتها، كما قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فصلت: 39].
    وأهون من خلق الكون وتدبيره، كما قال تعالى: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 81، 82].


    وأسأل المعيصفى هل البعث من الامور الغيبية ومن أركان الايمان باليوم الآخر؟
    ورد في المسند من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد، استشكل الصحابي إمكانية البعث والنشور
    بعد أن تفرَّقت الأجساد وتمزَّقت الأضلاع، وتمازج بعضها في بطون السباع،
    وذرَّتها العواصف والرياح،
    فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله؟ الأرض أشرفت عليها، وهي مدرة بالية، فقلت: لا تحيا أبدًا، ثم أرسل ربك عز وجل عليها السماء، فلم تلبث عليك إلا أياما حتى أشرفت عليها، وهي شربة واحدة ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يجمعهم من الماء على أن يجمع نبات الأرض، فيخرجون من الأصواء، ومن مصارعهم…»
    مسند أحمد ط: الرسالة (26/ 121) برقم (16206)، وقال محققو المسند: إسناده ضعيف. وقد حاول الإمام ابن القيم تقويته فقال: “هذا حديث كبير مشهور، جلالة النبوة بادية على صفحاته تنادي عليه بالصدق، صححه بعض الحفاظ، حكاه شيخ الإسلام الأنصاري، ولا يعرف إلا من حديث أبي القاسم عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن المدني، ثم من رواية إبراهيم بن حمزة الزبيري المدني عنه، وهما من كبار علماء المدينة، ثقتان محتج بهما في الصحيح، احتج بهما البخاري في مواضع من صحيحه، وروى هذا الحديث أئمة الحديث في كتبهم، منهم عبد الله ابن الإمام أحمد… رووه في السنة وقابلوه بالقبول وتلقوه بالتصديق والتسليم. قال الحافظ أبو عبد الله بن منده: روى هذا الحديث محمد بن إسحاق الصاغاني وعبد الله بن أحمد بن حنبل وغيرهما، وقرؤوه بالعراق بجمع العلماء وأهل الدين، ولم ينكره أحد منهم، ولم يتكلم في إسناده، وكذلك رواه أبو زرعة وأبو حاتم على سبيل القبول”. مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة (ص: 461)

    فهنا استخدم نبيُّنا الكريم عليه الصلاة والسلام قياس الأولى؛
    ليقنع هذا السائل المتشكِّك، فضرب له مثلًا يراه ويقرُّ به، حيث إنه يؤمن بأن الله هو الذي أحيا الأرض بعد أن كانت ميتة، وجمع فيها الخضرة والسيقان والأوراق،
    فبيَّن أن الذي قدر على جمع ذلك بسقية ماء أولى بأن يقدر على جمع البشر كلِّهم في مكان واحد وإن تفرَّقت أجسادهم وتمازجت أحشاؤهم.

    ووجه القياس هنا:
    أن الصحابي يقرُّ بأن الله تعالى هو من صبَّ الماء وشق الأرض وأنبت الزرع وأحيا الأرض، ولكنه يستشكل قدرة الله على جمع أجساد البشر في مكان واحد بعد أن بليت وتفرَّقت، فقايس النبيُّ صلى الله عليه وسلم بين القضيَّتين وأكَّد على اتحاد العلة فيهما؛ وذلك يستلزم اتحاد الحكم والنتيجة، بل العلَّة -وهي القدرة- أقوى في البعث منها في إحياء الأرض؛

    وقد سبق مثل هذا القياس في الوحي القرآني.
    وفي الحديث السابق أيضًا مثال آخر؛ حيث استشكل فيه الصحابي أيضًا رؤية الله سبحانه وتعالى حين قال النبي عليه الصلاة والسلام: «ولعمر إلهك، لهو أقدر على أن يجمعهم من الماء على أن يجمع نبات الأرض فيخرجون من الأصواء، ومن مصارعهم فتنظرون إليه، وينظر إليكم»، قال: قلت: يا رسول الله، كيف ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد ننظر إليه وينظر إلينا؟! قال: «أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله عز وجل: الشمس والقمر آية منه صغيرة ترونهما ويريانكم، ساعة واحدة لا تضارون في رؤيتهما، ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يراكم، وترونه من أن ترونهما، ويريانكم لا تضارون في رؤيتهما»(.

    فهنا استشكل الصحابي رضي الله عنه رؤية الله سبحانه تعالى من الجميع، كيف تتم ذلك والناس فى انحاء متفرقه من الارض وهو سبحانه وتعالى واحد لا نظير له؟!
    فانتقل به النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى قياس ذلك على أمر يقرُّ به ويوقن به،
    ألا وهو رؤيته للبدر؛
    فإن كل إنسان يعلم يقينًا أن القمر شيء واحد، وجميع من في الكرة الأرضية يرونه رؤية عيان دون أن يؤثر عليهم،
    فبيَّن أن الله تعالى أولى بأن يرى دون أن يحول شيء بين ذلك.

    وأصله في الصحيحين في حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال:
    كنا جلوسا ليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة،
    فقال:
    «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فافعلوا»، ثم قرأ: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب} [ق: 39]([20]) متفق عليه: صحيح البخاري (4851)، ومسلم (211).(

    ووجه القياس هنا:
    أن الصحابي رضي الله عنه استشكل رؤية الله تعالى من جميع الناس في مكان ووقت واحد،
    فانتقل به النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى قياس ذلك بما هو واقع يسلِّم به المخاطب،
    وهو رؤية الناس للقمر في وقت واحد دون أن يحول بينهم وبينه شيء،
    فقاس الرؤية بالرؤية، وأكَّد على اتحاد العلة فيهما؛
    بل رؤية الله تعالى أولى بالإمكان من رؤية القمر لأنه أعلى وأكبر سبحانه وتعالى.

    ومن استعمالات النبي صلى الله عليه وسلم لهذا القياس العقلي:
    أن رجلاً جاء مستشكلًا قول الله تعالى:
    {وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} [الإسراء: 97]،
    وهذا الرَّجل مع إقرار قلبه بعظيم قوة الله تعالى التي لا معارض لها لم يتصوَّر كيفيَّة حشر الكافر على وجهه،
    فسأل النبي صلى الله عليه وسلم،
    فقال: يا نبي الله، كيف يحشر الكافر على وجهه؟!
    فترك النبيُّ صلى الله عليه وسلم الجواب المباشر وانتقل إلى إقناعه بقياس الأولى،
    فبيَّن له أن من استطاع أن يخلق له ويركِّب فيه آلة المشي ويجعلها برجليه قادر على أن يُحوِّل خاصِّية المشي تلك إلى رجليه، بل إن تحويل تلك الخاصِّية أسهل من خلقها بدايةً،
    فقال: «أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرًا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة؟!»، قال قتادة: بلى وعزة ربنا(([21]) صحيح البخاري (6523)

    ووجه القياس هنا: أن الصحابي رضي الله عنه استشكل إمكانية حشر الكافر مشيًا على وجهه،
    فانتقل به النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى قياس ذلك بما هو واقع يسلِّم به المخاطب،
    وهو خلق الله المشي في هذا الإنسان أوَّل مرة، وأن من استطاع ذلك قادر على تغيير موضع المشى؛ لأن العلَّة واحدة وهي في الثانية أقوى منها في الأولى؛

    قياس الأولى عند السلف:

    فمن استعمالات الصحابة رضوان الله عليهم لهذه المهارة الإقناعية الحجاجية ما ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث إن أحد الناس جاءه يستفهم عن كيفيَّة حسَاب الناس في ساعة واحدة؛ كما ورد ذلك في قوله تعالى: {وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [البقرة: 202]، والذي قال فيه المفسرون: “سريع الحساب، لا يحتاج إلى عد، ولا إلى عقد، ولا إلى إعمال فكر كما يفعله الحساب، ولهذا قال وقوله الحق: {وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47]… فالله عز وجل عالم بما للعباد وعليهم فلا يحتاج إلى تذكر وتأمل، إذا قد علم ما للحاسب وعليه؛ لأن الفائدة في الحساب علم حقيقته…”.
    فاستفسر هذا السائل عن كيفيَّة إقامة حساب الناس كلِّها في ساعة واحدة وهو واحد سبحانه وتعالى، فقال: كيف يُحاسب اللهُ عباده في ساعة واحدة؟! حينئذٍ استخدم علي بن أبي طالب قياس الاولى ، فقايس بين هذا وبين ما يعيشه كل إنسان ويحتاجه يوميًّا في هذه الدنيا، ألا وهو الرزق، والله جل وعلا متكفِّل لكل إنسان برزقه،
    فهو سبحانه {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29]، ولا يشغله شأن عن شأن، فقال رضي الله عنه: “كما يرزقهم في ساعة واحدة” لوامع الأنوار البهية للسفاريني (2/ 70)، وقد أورده ابن تيمية في كتبه عن ابن عباس، ينظر: مجموع الفتاوى (5/ 133)، درء تعارض العقل والنقل (4/ 129)

    ووجه القياس هنا:
    أن الرجل استشكل إمكانية حساب الله للخلائق في ساعة، فبيَّن له علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن مثل ذلك واقعٌ في الدنيا، وهو كون الله تعالى يرزق الناس كلها في ساعة واحدة، لا يشغله أحد عن أحد، وأقنعه بقياس أولى ظاهر الحجة، فإن العلَّة واحدة وهي القدرة؛ فإن محاسبة الخلائق يوم القيامة أهون من رزق الناس جمعاء كلٌّ في وقته وبمقداره من بدع الخلق وحتى يوم القيامة، {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 284].


    ومن استعمالات القياس في عصر التابعين ما جاء عن عكرمة رحمه الله أن معترضًا اعترض عليه حين ذكر قول ابن عباس رضي الله عنهما: إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربَّه، فلم يتصوَّر الرجل المسألة، واستبعد أن يكون الله سبحانه وتعالى يُرى من قِبل البشر، وذهب يورد على عكرمة آية من كتاب الله فَهم أنها تدل على ما يعتقد ويتبنَّاه، فقال: أليس الله يقول: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام: 103]؟!
    حينئذ انتقل عكرمة رحمه الله بالحديث إلى قضيَّة أخرى يوقن بها ويقرُّ بها كلُّ عاقل، ألا وهي إمكانية رؤية السماء دون الإحاطة بها والإدراك لحقيقتها كليًّا، فسأله: ألست ترى السماء؟! فلم يجد بدًّا من قول: بلى، حينها بيَّن أنه يراها ولكنه لا يستطيع أن يحيط بها علمًا، ولا أن يدرك حقيقتها، فقال له مستفهمًا استفهامًا إنكاريًّا: فكلها ترى؟!(

    ووجه القياس هنا: أن الرجل اعترض على القول بإمكانية رؤية الله تعالى بآية من كتاب الله فهم أنها تنفي الرؤية، وهي قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام: 103]، فوضَّح له عكرمة رحمه الله بقياسٍ ظاهر جليٍّ أوَّلي، يوضِّح له معنى الآية بمثال واقع مشاهد للمخاطب، وهو رؤية البشرية للسماء مع عدم إمكانية الإحاطة بها، فقاس الرؤية على الرؤية، وأكَّد على اتحاد العلة في عدم الإحاطة؛ بل عدم الإحاطة بالمولى أولى من عدم الإحاطة بالسماوات السبع؛ لأنه أجل وأكبر سبحانه وتعالى.
    وقد واصلت الأجيال التالية لجيل الصحابة من التابعين وأتباعهم ما عهدوه على معلِّميهم وأشياخهم من استخدام الاستنباط قياس الاولى

    ، فهذا الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله استعمل فيها قياس الأولى فى قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة: 7]، فإن الله تعالى أخبر أنه يكون مع المتناجين، ولكنه في آيات أخر أثبت أنه فوق السماوات في العلو، كما قال تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255]، وقال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} [الملك: 16، 17]، فكيف يحيط المولى جل وعلا علمًا بكلِّ ذرةٍ في الكون ويكون مع المتناجين، ثم هو في ذات الوقت خارج الكون وليس داخله؟!

    فأثبت الإمام أحمد رحمه الله إمكانية الجمع بين إحاطة الله تعالى علمًا بكل ما في الكون حتى التناجي مع أنه ليس داخلًا فيها، وضرب لذلك مثلًا بالإنسان؛ فإن بصره يحيط علمًا بكل ما في يده وتحت قبضته ككوب الشراب مثلًا، فإنه يحيط علمًا بذلك الكوب وما فيه، مع أنه ليس داخلًا فيها، بل هو خارجٌ عنها، والله له المثل الأعلى، فهو أحقُّ بالاتصاف بهذا الكمال سبحانه، قال رحمه الله: “لو أن رجلاً كان في يديه قدح من قوارير صافٍ، وفيه شراب صافٍ، كان بصر ابن آدم قد أحاط بالقدح من غير أن يكون ابن آدم في القدح، فالله وله المثل الأعلى قد أحاط بجميع خلقه، من غير أن يكون في شيء من خلقه”(([25]) الرد على الجهمية والزنادقة للإمام أحمد (ص: 149).

    ووجه القياس هنا: أن من جملة الإشكاليات التي يوردها نفاة الصفات على صفة العلو إشكالية عدم إمكانية الجمع بين علوه تعالى وإحاطته علمًا بكل شيء، فضرب الإمام أحمد لذلك مثلًا قياسيًّا، حيث إن الإنسان يحصل له ذلك، فهو يحيط علمًا بكل ما في الكوب في يديه مع أنه خارجٌ عن هذا الكوب، فإذا كان هذا ممكنًا في المخلوق فالله تعالى أولى وأحرى، ولله المثل الأعلى، فإنه سبحانه وتعالى أولى أن يمكنه الجمع بين هذين الكمالين سبحانه؛ فإنه على كل شيء قدير.
    وليست هذه بحالة بل ديدن السلف -والإمام أحمد واحد منهم-


    يقول الإمام الطبري رحمه الله وهو يفسِّر قوله تعالى:
    {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: 23]،
    قال: “وإن كنتم -أيها المشركون من العرب والكفارُ من أهل الكتابين- في شكٍّ وهو الريب مما نزّلنا على عبدنا محمد صلى الله عليه وسلم من النور والبرهان وآيات الفرقان أنه من عندي،
    وأنّي الذي أنزلته إليه، فلم تُؤمنوا به ولم تصدّقوه فيما يقول، فأتوا بحجة تدفع حُجته؛
    لأنكم تعلمون أن حجةَ كلّ ذي نبوّة على صدقه في دعوَاه النبوة:
    أن يأتي ببرهان يَعجز عن أن يأتيَ بمثله جَميعُ الخلق. ومن حجة محمد صلى الله عليه وسلم على صدقه وبُرْهانه على حقيقة نبوته وأنّ ما جاء به من عندي:
    عَجزُ جميعكم وجميع من تستعينون به من أعوانكم وأنصاركم عن أن تَأتوا بسورةٍ من مثله.
    وإذا عَجزتم عن ذلك -وأنتم أهل البراعة في الفصاحة والبلاغة والذَّرابة-
    فقد علمتم أن غيركم عما عَجزتم عنه من ذلك أعْجزُ”(تفسير الطبري ت: شاكر (1/ 373).


    ووجه القياس هنا: أن كفار قريش -وهم أفصح العرب- عجزوا عن الإتيان بسورة من مثل القرآن؛ فإذا عجزوا عن ذلك فغيرهم أولى بالعجز، فدلَّ على أنه لا أحد يستطيع أن يأتي بمثل هذا القرآن كما قال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88].

    ومن قياس الإمام الطبري رحمه الله و استنباطه من نفي الله تعالى للنوم والسِّنة عن نفسه في قوله تعالى: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة: 255] نفي ما هو أشدُّ منه من الآفات والعاهات من باب أولى،
    فإن من لا تأخذه السِّنة والذهول لوهلة واحدة أبعد ما يكون عن الغفلة أو ما دونها من الآفات والعاهات والنقائص والعيوب تفسير الطبري ت: شاكر (5/ 393).


    ووجه القياس هنا: أن الله سبحانه وتعالى نزَّه نفسه عن أقلِّ درجات الذُّهول والغفلة، فتنزيهه سبحانه وتعالى عمَّا هو دونها من النقائص والعاهات من باب أولى.
    ومما جاء عن السَّلف رحمهم الله من تنزيه الله سبحانه وتعالى عن النقائص بقياس الأولى؛

    ما ورد عن الإمام أبي عبد الله عبيد الله بن محمد العُكْبَري المعروف بابن بَطَّة العُكبَري (387هـ)،

    فإن من أعظم القضايا التي بلوا بها قضية نفي الصفات، وبالأخصِّ مسألة العلو لله سبحانه وتعالى، ومن أهم ملابساتها وإشكالياتها إشكالية الجمع بين علوِّ الله سبحانه وتعالى وبين قربه ودنوِّه من كلِّ شيء؛ فإن نفاة الصفات كانوا يزعمون أنه سبحانه في كلِّ مكان بذاته، وينفون عنه صفة العلوّ،

    فنزّه الإمام العكبَري المولى عن كونه كذلك، وبيَّن أن قولهم هذا يلزم منه أن يكون الله تعالى في كلِّ مكان، فهو موجود في أخبث الأماكن -تعالى الله- كما أنه موجود في أطيبها، وضرب لذلك مثلًا من واقع حياة الإنسان، فإن العاقل يتنزَّه أن يكون في أنجس الأماكن كمجاري الصرف الصحي والبالوعات وبطون الحيوانات النجسة التي هي مكان فضلاتها كالكلاب،

    فالإنسان يأبى أن يكون في مثل هذه الأماكن ويتنزَّه عنها؛ لأنها من النقائص، وإذا كان كذلك فالله تعالى أولى بالتنزيه عن ذلك وعن أن يقال: إنه في كل مكان(: الإبانة الكبرى لابن بطة (7/ 139).

    ووجه القياس هنا: أن الإنسان وهو عبد مخلوقٌ يتنزَّه أن يكون في الأماكن النجسة والمحالِّ القذرة؛ كمجاري الصرف الصحي والبالوعات؛ وذلك لما فيه من النقص والعيب، فإذا كان كذلك وهو مخلوق فالله تعالى الخالق أولى وأحرى أن يُنزَّه عن الحلول في تلك الأماكن، إذ هو سبحانه أولى بالكمال والتنزيه، فهو الخالق، كما أنه هو واهب الكمال للعبد وهو أولى به سبحانه، هذا تنزيه عن مجامعة الخبيث النجس من الجمادات.
    وأما تنزيهه سبحانه وتعالى عن مجامعة الخبيث النجس من الأحياء، فقد تفطَّن له الإمام أحمد رحمه الله، وضرب لنا فيه أيضًا مثلًا قياسيًّا، فإن الله جلَّ وعلا أمرنا بالاستعاذة من الشيطان الرَّجيم، والابتعاد عن وساوسه ونزغاته، والترفُّع عن الأماكن التي يقطنها الخبث والخبائث، وهو بالفعل ما يتنزَّه عنه الإنسان العاقل الطاهر، أن يجتمع هو والشيطان الرَّجيم والخبث والخبائث في مكان واحد، ومن يقول بأن ذات الله تعالى في كل مكان، يلزمه أن يقول بأن ذات المولى والشيطان يجتمعان في مكان واحد، مع أن الشياطين في أسفل السافلين والله سبحانه وتعالى الأعلى ذاتًا وقهرًا وقدرًا سبحانه وتعالى. بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية (5/ 102 وما بعدها).


    ومن الفقه في هذا الباب الاعتبار بحال الملائكة الأبرار في قوله تعالى: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات: 6-10]، فهنا يخبرنا الله تعالى أن الشياطين يدحرون دحرًا ويبعدون عن السَّماء وعن العلو، وأن الوحي المطهَّر مصان عنهم محفوظ منهم، وذلك عن طريق الملائكة الكرام الذين هم من أشرف الخلائق وأكرمها؛ وقد أخبر الله تعالى أن الملائكة الذين هم بهذه المكانة والمنزلة لا يتأتَّى للشياطين -بل وكبيرهم- أن يجتمعوا بهم؛ لأن الملائكة من أشرف الخلائق، والشياطين من سفلتها، وشتان ما بينهما.

    وإذا كان الأمر كذلك مع مخلوق من المخلوقات الشريفة، فإن الخالق الذي له المثل الأعلى أولى بالتنزيه عن الاجتماع بأولئك الشياطين الماردين الملعونين، فيستحيل أن يكون في كل مكان، بل هو العلي الأعلى، له العلو المطلق سبحانه وتعالى كما أخبر سبحانه في كتابه وسنة نبيِّه صلى الله عليه وسلم.
    وهذا الذي ذكرناه هو ما قرَّره ابن تيمية رحمه الله بعد أن ذكر قياس الإمام أحمد رحمه الله
    إذ يقول: “فالشيطان ملعون رجيم كما قال تعالى: {وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللَّهُ} [النساء: 117، 118]، وقد أخبر سبحانه وتعالى أن الشياطين تُرجم بالشهب لئلَّا تسترق السمع من الملائكة؛
    فقال تعالى: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات: 6-10]،
    وقد أمر الله عباده بالاستعاذة من الشيطان
    فقد قال لكبيرهم في السماء: {اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأعراف: 18]… وقد أخبر الله في كتابه عن هرب الشيطان من الملائكة حيث قال:
    {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللهَ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال 48]،
    فإذا كان ملعونًا مبعدًا مطرودًا عن أن يجتمع بملائكة الله أو يسمع منهم ما يتكلمون به من الوحي،
    فمن المعلوم أن بعده عن الله أعظم وتنزه الله وتقديسه عن قرب الشياطين أولى،
    فإذا كان كثير من الأمكنة مملوءًا وكان تعالى في كل مكان، كان الشياطين قريبين منه غير مبعدين عنه ولا مطرودين، بل كانوا متمكنين من سمع كلامه منه، دع الملائكة!! وهذا مما يُعلم بالاضطرار وجوب تنزيه الله وتقديسه عنه أعظم من تنزيه الملائكة والأنبياء والصالحين، وكلامه الذي يبلغه هؤلاء ومواضع عباداته؛ فإن نفسه أحق بالتنزيه والتقديس من جميع هذه الأعيان المخلوقة ومن كلامه الذي يتلوه هؤلاء”( بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية (5/ 102 وما بعدها).

    ووجه القياس هنا: أن الملائكة وهي مخلوقات لله منزَّهة أن تجتمع مع الشياطين، وإذا كان كذلك فالله تعالى الخالق أولى وأحرى أن يُنزَّه عن الاجتماع معهم؛ لأنه أكمل وأعلى وأجل.
    وفي موضعٍ آخر

    يقول ابن تيمية رحمه الله بعد الكلام على أمر الشارع بالتنزُّه عن البول والنجاسات: “وهذا مما علم بالاضطرار من دين الإسلام، وهي مما فُطرت القلوب على كراهتها والنفور عنها واستحسان مجانبتها؛ لكونها خبيثة، فإذا كان العبد المخلوق الموصوف بما شاء الله من النقص والعيب -الذي يجب تنزيهُ الرب عنه- لا يجوز أن يكون حيث تكون النجاسات ولا أن يباشرها ويلاصقها لغير حاجة، وإذا كان لحاجة يجب تطهيرها، ثم إنه في حال صلاته لربه يجب عليه التطهير، فإذا أوجب الرب على عبده في حال مناجاته أن يتطهَّر له ويتنزه عن النجاسة كان تنزيهُ الرب وتقديسهُ عن النجاسة أعظم وأكثر؛ للعلم بأن الرب أحقُّ بالتنزيه عن كل ما يُنزّه عنه غيره، وأيضًا فالمعبود أعظم من العابد، وهذا معلوم في بدائِهِ العقول، لا سيما وهو سبحانه القدوسُ السلامُ”( بيان تلبيس الجهمية (5/ 85).

    ووجه القياس هنا: أن العبد مع ما فيه من النقائص والعيوب يتنزَّه عن النجاسات، وأمره مولاه إذا أراد مناجاته أن يتطهَّر ويترفَّع عن النجاسات، فإذا كان كذلك فلأن يُنزَّه الله تعالى عن النجاسات والقبائح أولى وأحرى؛ لأنه الرَّب، ولأنه معبود ذلك العبد، ولأنه قدُّوس سبحانه وتعالى.
    والْمُهلَّب بن أحمد بن أبي صفرة الأسدي الأندلسي (435هـ) -صاحب شرح صحيح البخاري- استنباطه من العجز عن العلم بالأمور التي نوقن بوجودها في واقعنا ولكن لا نستطيع أن نصل إلى شيءٍ من علمها، بل ولا يستطيعها نبيٌّ مرسل، ولا ملك مقرب، أن الله يريد أن نُرجع كل العلم إليه، خاصَّة الغيبيَّات، وذلك كالرُّوح التي بين جنبي الإنسان، لا يملك عن حقيقتها وصفاتها شيئًا مع أنه يوقن أنها موجودة، ولو خرجت الروح لانتهت حياة الإنسان، ولكننا عاجزون عن إدراك شيءٍ عنها؛ لأن الله اختصَّ بعلمها؛ يقول تعالى: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]، فإذا كان الإنسان لا يدرك حقيقة الرُّوح التي بين جنبيه؛ فلأن لا يدرك ما دونه من الغيبيَّات من باب أولى، وإذا كان عليه أن يردَّ علم الرُّوح التي بين جنبيه إلى الله تعالى، فلأن يردَّ علم ما سواه إلى العلَّام من باب أولى؛ وهذا هو وجه القياس هنا( شرح صحيح البخاري لابن بطال (1/ 204).

    وبمثل هذا قال- قريحة الإمام القرطبي المفسِّر محمد بن أحمد بن أبي بكر (671)، فممَّا استنبطه من قوله تعالى: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] أن عجز الإنسان عن إدراك ما بين جنبيه قطعٌ للطَّمع عن إدراك حقيقة الحقِّ سبحانه وتعالى؛ يقول -رحمه الله-: “والصحيح الإبهام؛ لقوله: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]، دليل على خلق الروح، أي: هو أمر عظيم وشأن كبير من أمر الله تعالى، مبهمًا له وتاركًا تفصيله؛ ليعرف الإنسان على القطع عجزه عن علم حقيقة نفسه مع العلم بوجودها. وإذا كان الإنسان في معرفة نفسه هكذا كان بعجزه عن إدراك حقيقة الحق أولى؛ وحكمة ذلك تعجيز العقل عن إدراك معرفة مخلوق مجاور له، دلالة على أنه عن إدراك خالقه أعجز”( تفسير القرطبي (10/ 324).

    ووجه القياس هنا: أن العبد عاجزٌ عن إدراك حقيقة روحه التي بين جنبيه، والله سبحانه وتعالى أكَّد على عجزه ذلك؛ ليوقن بأن عجزه عن إدراك حقيقة الحق سبحانه وتعالى من باب أولى وأحرى؛ فإنَّ من عجز عن إدراك حقيقة نفسه الصغيرة، فهو عن إدراك حقيقة مولاه وربِّه أعجز.
    وقد كثر في كلام ابن تيمية -رحمه الله- استعمال هذا القياس، ومنها استدلاله على النبوة من قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1-5]، فذكر الله تعالى أن الإنسان فيه نقصٌ يحتاج في إتمامه وإكماله إلى الله وإلى تعليمه، وأنه سبحانه قادر على تعليمه، وإذا كان كذلك فإن إمكانية تعليم الأنبياء والوحي إليهم وإلهامهم وهم أكمل البشر من باب أولى وأحرى.
    يقول ابن تيمية رحمه الله:
    “وقوله: {علم الإنسان ما لم يعلم} يدل على قدرته على تعليم الإنسان ما قد علمه مع كون جنس الإنسان فيه أنواع من النقص. فإذا كان قادرا على ذلك التعليم فقدرته على تعليم الأنبياء ما علمهم أولى وأحرى. وذلك يدخل في قوله: {علم الإنسان ما لم يعلم}؛ فإن الأنبياء من الناس. فقد دلت هذه الآيات على جميع الأصول العقلية، فإن إمكان النبوات هو آخر ما يعلم بالعقل. وأما وجود الأنبياء وآياتهم فيعلم بالسمع المتواتر مع أن قوله: {علم الإنسان ما لم يعلم} يدخل فيه إثبات تعليمه للأنبياء ما علمهم، فهي تدل على الإمكان والوقوع”(
    مجموع الفتاوى (16/ 362).
    ووجه القياس هنا: أن الله تعالى أخبر عن وجود النقص في البشر عامة، وعن قدرته على تعليمهم والوحي إليهم، والأنبياء هم أكمل البشر الذين اصطفاهم من بين الخلق وصفوة البشرية، أفلا يقدر ذلك الخالق العظيم سبحانه وتعالى أن ينبِّئهم ويوحيَ إليهم؟! {بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأحقاف: 33].

    يقول ابن تيمية رحمه الله فى قياس الاولى : “الشمس جسم واحد وهي متحركة حركة واحدة متناسبة لا تختلف، ثم إنها بهذه الحركة الواحدة تكون طالعة على قوم وغاربة عن آخرين، وقريبة من قوم وبعيدة عن آخرين؛ فيكون عند قوم عنها ليل وعند قوم نهار، وعند قوم شتاء وعند قوم صيف، وعند قوم حر وعند قوم برد، فإذا كانت حركة واحدة يكون عنها ليل ونهار في وقت واحد لطائفتين، وشتاء وصيف في وقت واحد لطائفتين، فكيف يمتنع على خالق كل شيء الواحد القهار أن يكون نزوله إلى عباده ونداؤه إياهم في ثلث ليلهم -وإن كان مختلفاً بالنسبة إليهم- وهو سبحانه لا يشغله شأن عن شأن، ولا يحتاج أن ينزل على هؤلاء ثم ينزل على هؤلاء، بل في الوقت الواحد الذي يكون ثلثًا عند هؤلاء وفجرًا عند هؤلاء يكون نزوله إلى سماء هؤلاء الدنيا وصعوده عن سماء هؤلاء الدنيا، فسبحان الله الواحد القهار، {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: 180-182]”بيان تلبيس الجهمية (4/ 57).
    ووجه القياس هنا: أن الشمس تُحدث بحركة واحدة حوادث كثيرة باختلاف الأماكن والأزمنة والأشخاص بنفس الحركة في نفس اللحظة، أوليس الذي خلق وقدَّر بقادر على أن يفعل ما هو أعظم وأكبر؟! {بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [يس: 81].
    ومن استعمالات ابن تيمية أيضًا لهذا القياس أن من كمالات الملائكة أنهم لا جوف لهم، فلا يأكلون ولا يشربون، وأن هذا الكمال لا يستلزم نقصًا وهو كمال ممكن في حق الله تعالى، فهو أولى به من المخلوق.
    وهاتان الصفتان كانتا دليل نفي الألوهية عن ابن مريم وأمه حين اتُّخذا إلهين من دون الله، حيث قال تعالى: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ} [المائدة: 75]، فإذا انتفت الألوهية عنهما لاتصافهما بهاتين الصفتين، فمن باب أولى وأحرى أن يُنزَّه الله عنهما؛ إذ هو الإله الحق لا غيره( التدمرية لابن تيمية (ص: 143).



    ودليل الإتقان والإحكام الشهير، والذي يستعمله كثيرٌ من المناقشين للإلحاد اليوم، واستعمله من قبل علماء الإسلام لمناقشة منكري الصِّفات، واستعمله قبل ذلك القرآن الكريم لتقرير التوحيد بأنواعه، يتكوَّن في باطنه من قياس الأولى الذي هو محلُّ حديثنا(استعمله الامام ابن القيم رحمه الله فى مواضع اكثر من ان تحصر

    فإن العقلاء مفطورون على استحسان وضع الشيء في موضعه وإتقانه وإحكامه وامتداح صاحبه ووصفه بالحكمة والعلم والقدرة، فإذا كان هذا في حال المخلوقات المشاهدة، أفلا تدل على كمال الخالق العظيم الذي أبدع الكون بدقائقه وأتقنه مع ضخامته وتعقيداته؟! بلى، ومن باب أولى.
    قال ابن القيِّم رحمه الله تعالى: “إن الله سبحانه وتعالى فطر عباده -حتى الحيوان البهيم- على استحسان وضع الشيء في موضعه والإتيان به في وقته وحصوله على الوجه المطلوب منه، وعلى استقباح ضد ذلك وخلافه، وأن الأوَّل دالٌّ على كمال فاعله وعلمه وقدرته وخبرته، وضده دالٌّ على نقصه وعلى نقص علمه وقدرته وخبرته، وهذه فطرة لا يمكنهم الخروج عن موجبها، ومعلومٌ أنَّ الذي فطرهم على ذلك وجعله فيهم أولى به منهم، فهو سبحانه يضع الأشياء في مواضعها التي لا يليق بها سواها، ويخصها من الصفات والأشكال والهيئات والمقادير بما هو أعلم بها من غيره، ويبرزها في أوقاتها وأزمنتها المناسبة لها التي لا يليق بها سواها، ومن له نظر صحيح وفكر مستقيم وأعطى التأمل حقه شهد بذلك فيما رآه وعلمه، واستدل بما شاهده على ما خفي عنه؛ فإن الكل صنع الحكيم العليم، ويكفي في هذا ما يعلمه من حكمة خلق الحيوان وأعضائه وصفاته وهيئاته ومنافعه، واشتماله على الحكمة المطلوبة منه أتم اشتمال، وقد ندب سبحانه عباده إلى ذلك؛ فقال: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الذاريات21]، وقال: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية17] إلى آخرها”( الصواعق المرسلة (4/ 1565).

    ووجه القياس هنا: أن الأحياء مفطورون على استحسان الإحكام والإتقان، ويستدلُّون به على حكمة وعلم وقدرة فاعله من المخلوقات المغمورة بالنقائص والعيوب، وإذا كان كذلك فدلالة إتقان الكون وإحكامه على كمال علم الله وحكمته وقدرته أولى وأحرى.

    ومنهم الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى استخدم قياس الاولى فى العقيدة والتوحيد،
    فإنه استدلَّ بقياس الأولى على عدم جواز التبرُّك بآثار الصَّالحين؛ كثيابهم وأظفارهم وفضلاتهم؛

    لأن الصَّحابة والسَّلف لم يفعلوه مع صالحيهم،

    يقول رحمه الله: “الصحابة رضي الله عنهم بعد موته عليه الصلاة والسلام لم يقع من أحد منهم شيء من ذلك بالنسبة إلى من خلفه؛ إذ لم يترك النبي صلّى الله عليه وسلّم بعده في الأمة أفضل من أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فهو كان خليفته، ولم يُفعل به شيء من ذلك، ولا عمر رضي الله عنه

    وهو كان أفضل الأمة بعده، ثم كذلك عثمان رضي الله عنه، ثم كذلك علي رضي الله عنه،

    ثم سائر الصحابة رضوان الله عليهم الذين لا أحد أفضل منهم في الأمة،

    ثم لم يثبت لواحد منهم من طريق صحيح معروف أن متبركًا تبرك به على أحد تلك الوجوه -

    أي: الثياب والشعر وفضل الوضوء- أو نحوها،

    بل اقتصروا فيهم على الاقتداء بالأفعال والأقوال والسِّير التي اتبعوا فيها النبي صلّى الله عليه وسلّم، فهو إذًا إجماع منهم على ترك تلك الأشياء”(الاعتصام للشاطبي ت: الشقير ورفاقه (2/ 302).

    ووجه القياس هنا: أن الصحابة لم يتبرَّكوا بآثار أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي، وهم أفضل الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، مع وجود الدَّواعي وانتفاء الموانع، فلأن لا يشرع التبرك بغيرهم ممن هو دونهم في الفضل والمنزلة من باب أولى وأحرى.

    وبمثل هذه القياس استدلَّ ابن أبي العز الحنفي على إثبات صفة الكلام، فإن الله تعالى استنكر على عابدي العجل اتخاذهم له إلهًا بانتفاء صفة الكلام عنه؛ لأن الكلام صفة كمال، والإله الحق يجب أن يكون له الكمال المطلق؛ ولذا استنكر المولى عليهم عبادتهم إلهًا لا يتكلَّم، قال تعالى: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً} [الأعراف: 148]، فإذا كان انتفاء صفة الكلام يستلزم نفي الألوهية عنه، فالله تعالى -وهو الإله الحق- متصف بها سبحانه وتعالى من باب أولى وأحرى(.شرح الطحاوية ت: الأرناؤوط (1/ 175).
    ووجه القياس هنا: أن الكلام صفة كمال، احتجَّ الله بانتفائها عن العجل على عدم استحقاقه الألوهية، وإذا كان الكلام صفة كمال موجودٍ في المخلوقات، فالله سبحانه وهو الإله الحق أولى بالاتصاف بها سبحانه.

    هذا هو قياس الاولى الصحيح وأهله من السلف وأتباعهم - كالامام ابن القيم والعلامة السعدى ساروا على نهج الصحابة والتابعين وتابعيهم فهم
    أقوى الناس برهانًا وأمتنهم حجة وأصفاهم قريحة،
    وما حالهم ومنهجهم إلا كزهرة الورد، كلَّما قلَّبتها زادتك من نفحاتها،
    ومهما حاول
    الشانئون تشويهها بنتفٍ أو قطع ازدادت جمالًا وبهاءً،
    وكأنهم زيَّنوها حين أرادوا تشويهها،
    ففي كلِّ مرةٍ يقطعون منها قطعةً تشويهًا تزداد بهاءً وتبرز جمالا،
    {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ
    فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المعيصفي مشاهدة المشاركة
    وأما القول :
    فلا نريد أكثر من دليل واحد على ..................
    . !!!
    هل يكفيك هذا اخى المعيصفى


  12. #52
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    المشاركات
    1,056

    افتراضي رد: هل في الجنة تدارس ل مسائل العلم وبحث ونظر !!

    أولا : من الأمانة العلمية نسبة القول إلى قائلة ومن بركة العلم أن يضاف القول إلى قائله .
    فعليك أن تذكر ممن نسخت هذا المقال ثم لصقته هنا !!!
    ثانيا : ما ذكره صاحب المقال هو يتعلق بقياس الأولى في صفات الله تعالى كالخلق والإحياء ونحوها .

    فقدرة الله على الإحياء في الدنيا ويوم القيامة هذه صفة من صفاته المحيي .
    والإحياء يوم القيامة هو من صفات الله تعالى ولم يثبت عن طريق القياس بل جاء في أدلة مستقلة أثبتته كقوله تعالى ( ... والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون ) ( ... وأن الله يبعث من في القبور )
    فكل صفة يضرب الله تعالى المثل عليها لكي يقيم الحجة على المنكرين أو الشاكين بها فهي مذكورة بدليل مستقل دل عليها .
    وهذا ليس ما طلبته منك من أدلة بل هو تكرار ممل وتهرب مكشوف يقطع بعجزك عن الإتيان بالدليل على :
    1: إثبات أمر غيبي واحد بعينه بقياس الأولى لم يدل أي دليل مستقل عليه !!!
    2: إثبات مسألة عقدية واحدة بذاتها بقياس الأولى لم يدل أي دليل مستقل عليها !!!

    فإن كنت لا تفهم ما أطلبه منك وستكرر النسخ واللصق لقياس الأولى في الصفات ( ولله المثل الأعلى )
    فإليك هذا المثال :
    من العقيدة الإيمان باليوم الآخر وفي اليوم الآخر أحداث غيبية كثيرة مثل حصول الشفاعة ونصب الموازيين والسراط والقنطرة ووو . هات من قياس الأولى ما يثبت مثل هذه الأحداث بشرط أن يكون الحدث غير مذكور بدليل مستقل صحيح
    .
    فإن أتيت بذلك كان ادعاء الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى وقوع حدث المذاكرة للعلم في الجنة صحيحا.

  13. #53
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل في الجنة تدارس ل مسائل العلم وبحث ونظر !!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المعيصفي مشاهدة المشاركة
    ما ذكره صاحب المقال هو يتعلق بقياس الأولى في صفات الله تعالى كالخلق والإحياء ونحوها .
    أنت طلبت دليل واحد وانا أتيتك بأدلة كثيرة على قياس الأولى منها ما هو متعلق بصفات الله ومنها ما يتعلق بغير الصفات أتيتك بأدلة من الكتاب والسنة وكلام الصحابة وكلام التابعين وتابعيهم بإحسان
    وكما قلت لك فى موضوع آخر وقاله أيضا الشيخ الالبانى رحمه الله
    طالب الحق يكفيه دليل ، و صاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل ، الجاهل يُعلّم و صاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل ..

  14. #54
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل في الجنة تدارس ل مسائل العلم وبحث ونظر !!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المعيصفي مشاهدة المشاركة
    إثبات أمر غيبي واحد بعينه بقياس الأولى لم يدل أي دليل مستقل عليه !!!
    سأسألك سؤالا على قوله تعالى وفاكهة مما يتخيرون و قوله : ( وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة ) أي : وعندهم من الفواكه الكثيرة المتنوعة في الألوان ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، ( كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها )-
    السؤال الموجه اليك وأرجو أن تجيبنى كما أجيبك
    هل اذا سألك إبنك عن فاكهة غير مذكورة فى القرآن من فاكهة الدنيا مثل المانجو أو الفراولة أو غيرها من الفواكه الكثيرة التى لم تذكر فى القرآن
    ماذا ستكون اجابتك هل ستقول لإبنك لم يرد فيها نص وسأتوقف- أم ستقول له نعم يوجد فيها جميع فاكهة الدنيا حتى ولم يرد فيه نص بخصوصه- والا سيتعارض توقفك مع قوله تعالى
    وفاكهة كثيرة وتكون فاكهة الدنيا اكثر من فاكهة الجنة
    وقد سألتك مرارا فى هذا الموضوع ولم تجبنى
    هل اذا سألك ابنك الصغير على سبيل المثال -هل فى الجنة بسكويت وحلوى هل ستتوقف فى الاجابة عليه لانه لم يرد فيه نص بخصوصه أم ستجيب إبنك بما أجاب به أهل العلم كما فى فتوى سابقه بأنه مع عدم وجود النص على السيارات قالوا لا مانع من انه اذا اشتهى ركوب السيارة إن رغب بعض أهل الجنة في السيارات أن يتفضل الله عليهم بها، وقد وردت أحاديث في تلبية رغبة بعض أهل الجنّة في بعض أمور الدنيا التي يحبونها مثل الولد والزرع وأنّ طلبهم يلبى لهم دون انتظار.
    وما قاله الامام ابن القيم والعلامة السعدى يندرج تحت هذا الباب
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المعيصفي مشاهدة المشاركة

    فقدرة الله على الإحياء في الدنيا ويوم القيامة هذه صفة من صفاته المحيي .
    هذا بكل وضوح هروب من الاعتراف بالحق- فالكلام متضمن أيضا الرد على منكرى البعث بقياس الاولى
    لماذا لا يكون دليل على الاثنين وفى المشاركة أدلة أخرى تعاميت عنها لا أدرى لماذا هذا الروغان وعدم الاعتراف بالحق لقد أثبت لك دليل وأكثر من دليل وأنت طلبت دليل واحد- وتذكر ان النقاش فى هذه المشاركة فى الرد عليك أن قياس الأولى فى الصفات فقط - وكذلك قولك ولا قياس أولى فى العقيدة-
    وأما القياس فى العقيدة- فقد ذكرت كلام الامام الشاطبى فإنه استخدم قياس الاولى فى العقيدة والتوحيد،
    فإنه استدلَّ بقياس الأولى على عدم جواز التبرُّك بآثار الصَّالحين
    أليست هذه عقيدة اخى المعيصفى؟!
    ونظرا لبوادر الخذف فى المشاركات أو قد يحذف الموضوع كله ويضيع هذا الجهد البالغ والفوائد العظيمة التى احتواها الموضوع فإنى اكتفى بذلك - سبحانك اللهم وبحمدك سبحان الله العظيم وأسأل الله العظيم أن ينفعنا بما علمنا إنه جواد كريم

  15. #55
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    المشاركات
    1,056

    افتراضي رد: هل في الجنة تدارس ل مسائل العلم وبحث ونظر !!

    لم تخبر الجميع عن مصدر المقال ! وأدنى الأمانة العلمية أن تكتب تحته كلمة ( منقول ) لكي لا تنسب لنفسك ما ليس لك وقد قال عليه الصلاة والسلام (إن المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور)

    أما عن ماذا أجيب ابني إذا سألني عن فاكهة من فواكه الدنيا هل هي موجودة في الجنة فسأجيبه أن كل ما ستشتهيه في الجنة فإن الله تعالى يؤتيكه
    {كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا}
    فإذا ألح عليّ ليتأكد من وجود صنف معين في الجنة كالبسكويت مثلا فإني أجيبه بأننا لا نعلم ما الذي سنشتهيه في الجنة إن رزقنا الله دخولها ولا يجوز أن نقول على الله بغير علم فندعي أنك ستشتهي حينها البسكويت ! ويجب أن نؤمن أن الله لا يعجزه شيء وستقر عينك بكل ما تريد ( ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون ) فكل ما تشتهي نفسك في الجنة ستحصل عليه فورا .
    وهكذا أعلم ابني على العقيدة الصحيحة وعلى عدم القول بغير علم في الأمور الغيبية .

    وأما كلام الإمام الشاطبي عن التبرك بغير النبي صلى الله عليه وسلم فإن دليله الذي استدل به على عدم جواز هذا التبرك هو الإجماع وليس قياس الأولى وعبارته صريحة في ذلك حيث قال : (فهو إذا إجماع منهم على ترك تلك الأشياء كلها ) .
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    ومنهم الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى استخدم قياس الاولى فى العقيدة والتوحيد،
    يقول رحمه الله: “الصحابة رضي الله عنهم بعد موته عليه الصلاة والسلام لم يقع من أحد منهم شيء من ذلك بالنسبة إلى من خلفه؛ إذ لم يترك النبي صلّى الله عليه وسلّم بعده في الأمة أفضل من أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فهو كان خليفته، ولم يُفعل به شيء من ذلك، ولا عمر رضي الله عنه وهو كان أفضل الأمة بعده، ثم كذلك عثمان رضي الله عنه، ثم كذلك علي رضي الله عنه،
    ثم سائر الصحابة رضوان الله عليهم الذين لا أحد أفضل منهم في الأمة، ثم لم يثبت لواحد منهم من طريق صحيح معروف أن متبركًا تبرك به على أحد تلك الوجوه -
    أي: الثياب والشعر وفضل الوضوء- أو نحوها،
    بل اقتصروا فيهم على الاقتداء بالأفعال والأقوال والسِّير التي اتبعوا فيها النبي صلّى الله عليه وسلّم، فهو إذًا إجماع منهم على ترك تلك الأشياء(الاعتصام للشاطبي ت: الشقير ورفاقه (2/ 302).
    وأما الأدلة التي ذكرها صاحب المقال فهي في قياس الأولى في صفات الله تعالى وهي الإحياء بعد الموت وهي ثابتة بأدلة مستقلة وقد ذكرتُها في تعليقي السابق . والرؤية المتعلقة بذات الله وهي ثابتة بدليل مستقل ( إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ...) متفق عليه
    وصفة العلو والعلم والقدرة وكذلك ذاته سبحانه ثم صفة الحكمة والعلم والقدرة والكلام وكلها ثابتة بأدلة مستقلة عن قياس الأولى.
    هذا ما ذكره صاحب المقال وهو كله يتعلق بالصفات فقط وكل هذه الصفات ثابتة بأدلة مستقلة في القرآن والسنة وليست مستنبطة من قياس الأولى !!!.
    وبهذا يتبين عجزك عن إثبات ما طلبته منك .
    وأمامك المقال فانسخ منه ما به تجيب على ما طلبته منك !!
    1: إثبات أمر غيبي واحد بعينه بقياس الأولى لم يدل أي دليل مستقل عليه !!!
    2: إثبات مسألة عقدية واحدة بذاتها بقياس الأولى لم يدل أي دليل مستقل عليها !!!

    وللرد بقية إن شاء الله تعالى

  16. #56
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: هل في الجنة تدارس ل مسائل العلم وبحث ونظر !!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المعيصفي مشاهدة المشاركة
    فإني أجيبه بأننا لا نعلم ما الذي سنشتهيه في الجنة إن رزقنا الله دخولها ولا يجوز أن نقول على الله بغير علم
    فما حكم تمني في الدنيا الشيء الغير منصوص انه يكون في الجنة ؟
    اليس في قولك اننا لا نعلم ان كنا سنشتهيه في الجنة غلق لهذا الباب
    و من جهة اخرى فقد تقرر في هذا الباب ان الاجسام التي تنعم او تعذب هي بعينها التي تكون في الدنيا
    فمقتضى هذا ان الجسم المعاد في الاخرى لا ينفك كليا عن ما كان يشتهيه و يلتذ به في الدنيا . و لو قلنا ان شهواته و لذاته المباح له تمنيها في الدنيا تنقلب و يصير انسانا اخر يتمنى غير الذي كان يتمناه في الدنيا .
    فالذي كان يشتهي العلم تنقطع شهوته و لذته و يصبح يتمنى الزرع
    و الذي يتمنى الزرع يصبح يتمنى غيره . و هكذا يصير انسانا اخر بامنيات اخرى ؟
    و الذي ثبت في الشرع ان امنية من يدخل الجنة ان كانت مباحة يحقق اصلها و يكون له من الزيادة ما لا يدخل تحت العقل
    و النبي صلى الله عليه و سلم لم يقل لصاحب الزرع و الخيل . لعل شهوتك و لذتك تتغير هنالك فلعلك لا تشتهي ذلك
    بل قال له ان دخلت الجنة حقق الله لك ذلك و زيادة .
    و وجه الغلط في كلامك حسب ظني و الله اعلم انك جعلت قول الله تعالى ( لكم فيها ما تشتهي انفسكم ) انك جعلت ذلك خاصا بالاخرة . بمعنى ان اللذة و الشهوة التي ذكر الله عز وجل انها لهم انما هي اللذة و الشهوة التي تكون في الاخرة فقط . و ان اللذات و الشهوات المباحة التي تكون في الدنيا لا تدخل في ذلك . و بنيت على هذا الفهم ان الشهوات و اللذات التي تكون في الاخرة تتغير و تباين ما كان يتمناه المرء في الدنيا . فظننت ان ذلك قد ينفك و يتغير كلية فيصير على رايك الجسد المنعم امنيته و شهوته التي كانت في الدنيا تتبدل و تنقلب كلية الى لذات و شهوات اخرى غير التي كانت له في الدنيا . و في هذا نوع مخالفة لما قرره اهل السنة من ان الجسد المنعم و المعذب هو بعينه الذي كان في الدنيا . و تلك اللذة و الشهوة التي كانت له في الدنيا لا تنفك عنه كلية و الا صار شخصا اخر و الله اعلم
    فارجوا ان اكون في هذه المرة قد وفقت لفهم كلامك اخي الكريم
    و بارك الله فيك

  17. #57
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل في الجنة تدارس ل مسائل العلم وبحث ونظر !!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    و وجه الغلط في كلامك حسب ظني و الله اعلم انك جعلت قول الله تعالى ( لكم فيها ما تشتهي انفسكم ) انك جعلت ذلك خاصا بالاخرة . بمعنى ان اللذة و الشهوة التي ذكر الله عز وجل انها لهم انما هي اللذة و الشهوة التي تكون في الاخرة فقط . و ان اللذات و الشهوات المباحة التي تكون في الدنيا لا تدخل في ذلك .
    و بارك الله فيك
    بارك الله فيك أخى الطيبونى- الاخ المعيصفى يتوقف فى كل نعيم خاص لم يرد فى النصوص لذلك لا يستطيع أن يجيب إبنه بأن فى الجنة بسكويت وحلوى أو لا- لان التوقف يدل قطعا على عدم العلم بالشئ
    وانا سأجيبه بكلام اهل العلم وان كنت قد عزمت على الاكتفاء بما سبق
    جاء النص صريحا بأن من طلب شيئا من شهوات الدنيا حققت له :
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ - وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ - أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ . فَقَالَ لَهُ : أَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ ؟ قَالَ : بَلَى وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ . قَالَ : فَبَذَرَ فَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُه ُ فَكَانَ أَمْثَالَ الْجِبَالِ . فَيَقُولُ اللَّهُ : دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ فَإِنَّهُ لاَ يُشْبِعُكَ شَيْءٌ . فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ : وَاللَّهِ لاَ تَجِدُهُ إِلاَّ قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ ، وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
    رواه البخاري (2348)
    قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
    " في هذا الحديث من الفوائد أن كل ما اشتهي في الجنة من أمور الدنيا ممكن فيها . قاله المهلب " انتهى.
    وبهذا يتبين عجزك عن إثبات ما طلبته منك .
    المشاركة فيها ما طلبته منى وليس من شرط اقامة الدليل أن يقتنع المخالف ولكن يكفى إظهار البرهان أما أن تقتنع به أو لا تقنع فهذ راجع الى موانع الفهم
    قال الشيخ صالح ال الشيخ فليس من شرط قيام الجحة أن تكون هذه الحجة التي في الكتاب والسنة حجة التوحيد أو في غيره ارجح وأقوى واظهر وأبين أو هي الحجة الداحضة لحجج الآخرين، وهذا النوع لا يشترط؛ لأنه جل وعلا بين لنا وأخبر أن المشركين لم يفقهوا الحجة فقال جل وعلا (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ) وقال سبحانه {وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا [الكهف:101] أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ [الفرقان:44]، فهم لا يسمعون سمع فائدة، وإن سمعوا سمع أُذُن ولا يستطيعون أن يسمعوا سمع الفائدة وإن كانوا يسمعون سمع الأذن، وقد قال جل وعلا{وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ [الأنفال:23]، وقال سبحانه {مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن [رَّبِّهِم] (64) مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ[الأنبياء:2]، (إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) حتى وصفهم بأنهم يستمعون وليس فقط يسمعون بل يستمعون يعني ينصتون ومع ذلك نفى عنهم السمع بقوله (وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا) وبقوله {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ [الفرقان:44]، وقوله جل وعلا في سورة تبارك {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ[الملك:10].
    فإذن هم سمعوا سمع لسان لكن لم يسمعوا الحجة سمع قلب وسمع فهم للحجة يعني أنها راجحة فلم يفهموا الحجة ولكنهم فهموها فهم لسان فهموها لأنها أقيمت عليهم بلسانهم الذي يعلمون معه معاني الكلام ولكن لم يفهموها بمعنى أن الحجة هذه راجحة على غيرها، ولهذا قال تعالى (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ).
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المعيصفي مشاهدة المشاركة
    لم تخبر الجميع عن مصدر المقال ! وأدنى الأمانة العلمية أن تكتب تحته كلمة ( منقول ) لكي لا تنسب لنفسك ما ليس لك وقد قال عليه الصلاة والسلام (إن المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور)
    لقد بينت فى مواضيع كثيرة جدا أننى اذا تصرفت فى مصدر المقال فاننى لا أحيل على المصدر ولا أنسب الكلام اليه وطبعا هو منقول ولكن لما كان التصرف كثير بالاضافة والحذف فلم احيل عليه وخذ هذه فى محفظتك واحتفظ بها لكى تتذكرها دائما - كل ما أكتبه فهو منقول ومن أسباب عدم الاحالة ايضا عن بعض المنتديات او مواقع التواصل الاجتماعى كثير منها يكون فها حق وباطل فلا يمكننى أن احيل عليها ولكن أنقل الحق وان جاء على لسان المخالف والاسباب كثيرة تجعلنى فى بعض الاحيان لا أحيل الى مصادرها
    المهم كل الاهمية ألَّا تكون حاطب ليل تنقل الغث والسمِين
    المهم ان تنقل الحق الواضح المبين وهذا طبعا يحتاج الى صيرفى يعلم الصحيح من الضعيف والحق من الباطل ويحتاج الى بصر نافذ عند وروود الشبهات
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المعيصفي مشاهدة المشاركة
    لكي لا تنسب لنفسك ما ليس لك
    الحمد لله إبحث فى جميع المواضيع التى شاركت فيها لم أنسب الى نفسى أى شئ أنا فقط متعلم على سبيل النجاة وأنصحك أخى الكريم ألا تجعل الامور شخصية- ناقش كما تريد بكل ما أوتيته من علم أدلة المخالف وأنا والحمد لله فى سعة صدر من المخالف
    وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    هَذَا وَأَنَا فِي سِعَةِ صَدْرٍ لِمَنْ يُخَالِفُنِي فَإِنَّهُ وَإِنْ تَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ فِيَّ بِتَكْفِيرِ أَوْ تَفْسِيقٍ أَوْ افْتِرَاءٍ أَوْ عَصَبِيَّةٍ جَاهِلِيَّةٍ ، فَأَنَا لَا أَتَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ فِيهِ ، بَلْ أَضْبُطُ مَا أَقُولُهُ وَأَفْعَلُهُ وَأَزِنُهُ بِمِيزَانِ الْعَدْلِ وَأَجْعَلُهُ مُؤْتَمًّا بِالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ وَجَعَلَهُ هُدًى لِلنَّاسِ حَاكِمًا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ .


  18. #58
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل في الجنة تدارس ل مسائل العلم وبحث ونظر !!

    قال سبحانه: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ
    قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
    الجنة هى الدار الجامعة لكل نعيم
    قال ابن سعدي:
    وَفِيهَا ـ أي: الجنة ـ
    مَا تَشْتَهِيهِ الأنْفُسُ وَتَلَذُّ الأعْيُنُ،
    وهذا لفظ
    جامع، يأتي على كل نعيم وفرح، وقرة عين، وسرور قلب،
    فكل ما اشتهته النفوس، من مطاعم، ومشارب، وملابس، ومناكح،
    ولذته العيون، من مناظر حسنة، وأشجار محدقة، ونعم مونقة، ومبان مزخرفة،
    فإنه حاصل فيها، معد لأهلها، على أكمل الوجوه وأفضلها. اهـ.
    *************

    و لا خَطر على قَلب بَشر"
    يعني: ما أُعِدَّ لهم في الجَنَّة من النَّعيم المُقيم لا يخطر على قلب أحد،
    وكل ما جاء على بالهم، فإن ما في الجَنَّة أفضل مما خَطر على قلوبهم؛ لأن البَشَر لا يخطر على بالهم إلا ما يعرفونه ويقرب إلى خَيالهم من الأشياء التي عرفوها، ونعيم الجَنَّة فوق ذلك
    ***********

    قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: فإن مدركات العقول منتهية إلى ما تدركه الأبصار من المرئيات من الجمال والزينة، وما تدركه الأسماع من محاسن الأقوال ومحامدها ومحاسن النغمات، وإلى ما تبلغ إليه المتخيلات من هيئات يركِّبها الخيال من مجموع ما يعهده من المرئيات والمسمُوعات مثل الأنهار من عسل أو خمر أو لبن، ومثل القصور والقباب من اللؤلؤ ، ومثل الأشجار من زبرجد ، والأزهار من ياقوت ، وتراب من مسك وعنبر ، فكل ذلك قليل في جانب ما أعدّ لهم في الجنة من هذه الموصوفات ولا تبلغه صفات الواصفين لأن منتهى الصفة محصور فيما تنتهي إليه دلالات اللغات مما يخطر على قلوب البشر، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم « ولا خطر على قلب بشر » وهذا كقولهم في تعظيم شيء : هذا لا يعلمه إلا الله.
    *******

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المعيصفي مشاهدة المشاركة
    فإذا ألح عليّ ليتأكد من وجود صنف معين في الجنة كالبسكويت مثلا فإني أجيبه بأننا لا نعلم
    أما أنا وبدون إلْحَاح سنجيب كما أرشدنا النبى صلى الله عليه وسلم فى اجابته لمن سأل عن الزرع والولد- وصريح المعقول يدل على انه لو سأل طفل النبى صلى الله عليه وسلم عن الحلوى والبسكويت فلن تختلف الاجابة فله ما تمنى
    فمهما يخطر على بالك وقلبك من النعيم فانه فى الجنة وهذا هو جوابى للطفل الصغير الذى سألك عن نعيم لم يرد فى النصوص فنحن لا نتوقف لحظة عن بيان تحقيق جميع ما يتمناه العبد فى الجنة لأن من فتح الباب للخواطر والتخيلات الكتاب والسنة فليتأمل العبد وليسرح بخياله فان الجنة دار النعيم المطلق-

  19. #59
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    المشاركات
    1,056

    افتراضي رد: هل في الجنة تدارس ل مسائل العلم وبحث ونظر !!

    سأرد على ما جاء في كلامكما بعد أن تجيبا على السؤال :
    هل في الجنة بسكويت ؟
    الجوال يكون :
    بنعم أو لا أو لا أعلم . وبدون زيادة أي كلمة .

  20. #60
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل في الجنة تدارس ل مسائل العلم وبحث ونظر !!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المعيصفي مشاهدة المشاركة
    هل في الجنة بسكويت ؟
    الجوال يكون :
    بنعم أو لا أو لا أعلم . وبدون زيادة أي كلمة .
    لا تملى علينا الاجابة وسأجيبك إن شاء الله حتى تقول إكتفيت
    إذا إشتهى المسلم فى الجنة البسكويت فله ما تمنى و تحقق طلبه فى الحال كما تحقق طلب من اشتهى الزرع والولد سواء بسواء
    ***
    قال ابن كثير رحمه الله فى تفسير قوله تعالى :
    ( لهم ما يشاءون فيها ) أي : مهما اختاروا وجدوا من أي أصناف الملاذ طلبوا أحضر لهم .
    قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا عمرو بن عثمان ، حدثنا بقية ، عن بحير بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن كثير بن مرة قال : من المزيد أن تمر السحابة بأهل الجنة فتقول : ماذا تريدون فأمطره لكم ؟ فلا يدعون بشيء إلا أمطرتهم .
    قال كثير
    : لئن أشهدني الله ذلك لأقولن : أمطرينا جواري مزينات .
    وفي الحديث عن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له : " إنك لتشتهي الطير في الجنة ، فيخر بين يديك مشويا " .
    وقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي عن عامر الأحول ، عن أبي الصديق ، عن أبي سعيد الخدري ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة ، كان حمله ووضعه وسنه في ساعة واحدة " .
    ورواه الترمذي وابن ماجه ، عن بندار ، عن معاذ بن هشام ، به وقال الترمذي : حسن غريب ، وزاد " كما يشتهي "
    [تفسير ابن كثير]
    ***
    وكما أجبتك اخى المعيصفى فالسؤال الموجه اليك
    ما رأيك بكلام كثير ابن مرة لئن أشهدني الله ذلك لأقولن : أمطرينا جواري مزينات .؟؟؟؟
    ما رأيك فى قوله هذا ؟
    كثير ابن مرة
    الإمام الحجة أبو شجرة الحضرمي ، الرهاوي ، الشامي ، الحمصي ، الأعرج . يكنى أبا القاسم .
    وهو ممن أدرك زمان النبوة
    أرسل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وحدث عن معاذ بن جبل ، وعمر بن الخطاب ، وتميم الداري ، وعبادة بن الصامت ، وعوف بن مالك ، وأبي الدرداء ، ونعيم بن همار وأبي هريرة ، وعقبة بن عامر ، وأبي فاطمة الأزدي ، وشرحبيل بن السمط ، وعبد الله بن عمرو ، وابن عمر ، وعدة .
    وعنه : أبو الزاهرية حدير بن كريب ، وخالد بن معدان ، وصالح بن أبي عريب ، ومكحول ، وشريح بن عبيد ، وعبد الرحمن بن جبير بن نفير ، ولقمان بن عامر ، ونصر بن علقمة ، وعبد الرحمن بن عائذ ، وآخرون .
    وروى عنه زيد بن واقد مرسلا ، وثقه ابن سعد ، وأحمد العجلي ، وغيرهما وقال ابن خراش : صدوق . وقال النسائي : لا بأس به .
    أبو صالح : عن الليث ، حدثني يزيد بن أبي حبيب ، أن عبد العزيز بن مروان كتب إلى كثير بن مرة ، وكان قد أدرك بحمص سبعين بدريا . قال [ ص: 47 ] الليث : وكان يسمى الجند المقدم . قال : فكتب إليه أن يكتب إليه بما سمع من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أحاديثهم إلا حديث أبي هريرة ; فإنه عندنا .
    معاوية بن صالح : عن أبى الزاهرية ، عن كثير بن مرة ، قال : دخلت المسجد يوم الجمعة ، فمررت بعوف بن مالك الأشجعي وهو باسط رجليه ، فضمهما ثم قال : يا كثير أتدري لم بسطت رجلي؟ بسطتهما رجاء أن يجيء رجل صالح فأجلسه ، وإني لأرجو أن تكون رجلا صالحا .
    هذه مسألة حسنة عن صحابي جليل .
    قال أبو زرعة الدمشقي : قلت لدحيم ، فمن يكون مع جبير بن نفير ، وأبي إدريس الخولاني في طبقتهما؟ قال : كثير بن مرة . فذاكرته سنه ، ومناظرة أبي الدرداء إياه في القراءة خلف الإمام ، وقول عوف فيه : إني لأرجو أن تكون صالحا فرآه معهما في طبقة .

    قال أبو مسهر : بقي كثير إلى خلافة عبد الملك .
    قلت : عداده في المخضرمين ، ومات مع أبي أمامة الباهلي أو قبله ، رحمه الله .
    أخبرنا أحمد بن إسحاق ، أنبأنا أكمل بن أبي الأزهر ، أنبأنا سعيد بن أحمد بن البناء ، أنبأنا أبو نصر الزينبي ، أنبأنا محمد بن عمر الوراق ، حدثنا عبد الله بن أبي داود ، حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن بحير بن سعد الكلاعي ، عن خالد بن معدان ، عن كثير بن مرة ، عن معاذ بن جبل ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا ، إلا قالت زوجته من الحور العين : لا تؤذيه قاتلك الله ; فإنما هو عندك دخيل ، يوشك أن يفارقك إلينا أخرجه الترمذي ، عن الحسن ، فوافقناه بعلو ، وإسناده صحيح متصل .
    [سير أعلام النبلاء]

    قال البخاريّ: كثير بن مرة، أبو شجرة الحضرميّ سمع معاذا، وله حديث مرفوع أرسله، فذكره عبدان المروزي في الصحابة لذلك، قال أبو موسى: لم يذكره فيهم غيره، وهو تابعي وكذا ذكره في التابعين خليفة، وابن خيّاط، وابن سميع، وابن سعد، وابن حبّان، وغيرهم.
    وقال العسكريّ: ذكره ابن أبي خيثمة فيمن يعرف من الصحابة بكنيته.
    قلت: وكذا ذكره البغويّ في الكنى، ولكنه سماه، فقال كثير بن مرّة، ثم قال: يشك في صحبته، وكان قديما. ثم ذكر له حديثا من طريق أبي الزاهرية، عن أبي شجرة، ولم ينسبه ولم يسمّه، وسيأتي بيانه في الكنى إن شاء اللَّه تعالى.
    وفي نسخة نصر بن علقمة بن محفوظ عن ابن عائذ، قال: قال كثير بن مرّة، وكان يرمي بالفقه- لمعاذ ونحن بالجابية: من المؤمنون؟ فقال معاذ: أمير سم أنت؟ إن كنت لأظنك أفقه [مما أنت، هم] الذين أسلموا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وصاموا.
    وروى كثير أيضا، عن عمرو بن عبادة، وعوف بن مالك وغيرهم. روى عنه شريح بن عبيد، وخالد بن معدان، ومكحول، وآخرون.
    وقال اللّيث، عن يزيد بن أبي حبيب: قال كتب عبد العزيز بن مروان إلى كثير بن مرة، وكان قد أدرك سبعين بدريا ووثّقه ابن سعد والبجليّ والنّسائيّ وغيرهم، وأخرج له أصحاب السنن والبخاري في القراءة خلف الإمام، وذكره فيمن مات في العشر الثامنمن الهجرة.
    [الإصابة في تمييز الصحابة - أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني.]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •