بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيها المسلمون .. اغتنموه قبل الرحيل.. إنه رمضان !!
بقلم / الشيخ ياسين بن خالد الأسطل
الرئيس العام ورئيس مجلس الإدارة
المجلس العلمي للدعوة السلفية بفلسطين
خان يونس في الأحد 30/شعبان /1429 هـ الموافق 31/8/ 2008 إفرنجية ..
يا أيها المسلمون .. اغتنموه قبل الرحيل.. إنه رمضان ، الشهر الكريم ، شهر القرآن ، فما نزل ( اقرأ ) إلا في رمضان ،قال سبحانه : ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) ،
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ الله عَنْهُ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم :
" أَظَلَّكُمْ شَهْرُكُمْ هَذَا بِمَحْلُوفِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَا دَخَلَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ شَهْرٌ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْهُ ، وَلاَ دَخَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ شَهْرٌ شَرٌّ لَهُمْ مِنْهُ ، بِمَحْلُوفِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِنَّ الله يَكْتُبُ أَجْرَهُ وَنَوَافِلَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُدْخِلَهُ ، وَيَكْتُبُ وِزْرَهُ وَشَقَاءَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُدْخِلَهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يُعِدُّ لَهُ مِنَ النَّفَقَةِ لِلْقُوَّةِ فِي الْعِبَادَةِ ، وَيُعِدُّ لَهُ الْمُنَافِقُ اتِّبَاعَ غَفَلاَتِ الْمُسْلِمِينَ ، وَاتِّبَاعَ عَوَرَاتِهِمْ ، فَهُوَ غنمٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ويغتبنه ، أَوْ قَالَ : نِقْمَةٌ لِلْفَاجِرِ.
رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ.
*وقد كان السلف رضي الله عنهم يحرصون على بلوغه أشد الحرص ،
قال معلى بن الفضل (رحمه الله) : (كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ! ثم يدعون ستة أشهر أن يتقبل منهم !).
وقال يحيى بن أبي كثير (رحمه الله) : (كان من دعائهم : اللهم سلمني إلى رمضان ، وسلم لي رمضان ، وتسلمه من متقبلاً) .
**إنه رمضان شهر الإسلام ، وهل الإسلام سوى القرآن ؟! .. شهر التوحيد والتمجيد والتحميد لله،وهل أبلغ من رمضان تعبداً وتوحيدا،وتمجيدا ً وتحميدا ؟! ،
شهر الجود ومدارسةالقرآن ، شهر الرحمة والصلة والتوادد إلى عباد الله تعالى ، ففي حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكونُ فِي رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ أخرجه البخاري .
** شهر انكسار النفس لله ، شهر الإخلاص والتبتل والتعبد والتذلل ، شهر الصبر والنصر ، شهر المغفرة والرفعة ، شهر التوبة والكف عن المحرمات
فعَن أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ فِي سَفَرٍ ، فَحَضَرَ الطَّعَامُ ، فَبَعَثْنَا إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ وَهُوَ يُصَلِّي ، فَجَاءَ الرَّسُولُ ، فَذَكَرَ أَنَّهُ صَائِمٌ ، فَوُضِعَ الطَّعَامُ لِيُؤْكَلَ ، وَجَاءَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ وَقَدْ كَادُوا يَفْرَغُونَ مِنْهُ ، فَتَنَاوَلَ فَجَعَلَ يَأْكُلُ ، فَنَظَرُوا إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي أَرْسَلُوهُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ ، فَقَالَ : مَا تَنْظُرُونَ إِلَيَّ ، قَدْ وَالله أَخْبَرَنِي أَنَّهُ صَائِمٌ ! قَالَ : صَدَقَ ، ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ :سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَقُولُ :
" صَوْمُ شَهْرُ الصَّبْرِ ، وَثَلاَثَةُ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ صَوْمُ الدَّهْرِ , فَأَنَا صَائِمٌ فِي تَضْعِيفِ الله , عَزَّ وَجَلَّ , وَمُفْطِرٌ فِي تَخْفِيفِهِ ".
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَأَبُو يَعْلَى بِسَنَدِ الصَّحِيحِ .
وعَن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، رَضِيَ الله عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَالَ :
مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، فَعَرَفَ حُدُودَهُ ، وَحَفِظَ مَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْفَظَ مِنْهُ كَفَّرَ مَا قَبْلَهُ.
رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَابْنُ حبانَ فِي صَحِيحِهِ.
** شهر تتفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران ، شهر تصفد فيه مردة الشياطين ، ففي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطيِنُ أخرجه البخاري
**الله أكبر ما أعظم هذا الفضل ، وما أكرم هذا العطاء ، الله أكبر ما أرحم وما أقرب من الله من أحد ، أيها الطائع عليك بالعزم على الزيادة ، أيها العاصي إن الله يفتح لك باب التوبة في رمضان والعبادة
فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ :
« الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ ».رواه مسلم .
** أيها المقصر إنه موسم الربح فلا تكن من أهل اللهو والكسل بل قم وشمر عن ساق الجد والعمل ،
وقد روى البزار عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فقال : " آمين آمين آمين " فلما نزل سئل عن ذلك فقال : " أتاني جبريل فقال : رغم أنف من أدرك رمضان فلم يغفر له قل : آمين قلت : آمين ورغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل عليك قل آمين فقلت آمين ورغم أنف رجل أدرك والديه أو أحدهما فلم يغفر له أو لا يدخلانه الجنة آمين قلت آمين "
وبنحوه روى مالك بن الحسن بن مالك بن الحويرث عن أبيه عن جده قال :
" صعد رسول الله صلى الله عليه و سلم المنبر فلما رقي عتبة قال : ( آمين ) ثم رقي عتبة أخرى فقال : ( آمين ) ثم رقي عتبة ثالثة فقال : ( آمين ) ثم قال : ( أتاني جبريل فقال : يا محمد من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله قلت : آمين قال : ومن أدرك والديه أو أحدهما فدخل النار فأبعده الله قلت : آمين فقال : ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله قل : آمين فقلت : آمين ) رواه أبو حاتم ابن حبان في صحيحه .
قال أبو حاتم : في هذا الخبر دليل على أن المرء قد استحب له ترك الانتصار لنفسه ولا سيما إذا كان المرء ممن يتأسى بفعله وذاك أن المصطفى صلى الله عليه و سلم لما قال له جبريل :
( من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله ) بادر صلى الله عليه و سلم بأن قال : آمين وكذلك في قوله : ( ومن أدرك والديه أو أحدهما فدخل النار فأبعده الله ) فلما قال له : ( ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله ) فلم يبادر إلى قوله : ( آمين ) عند وجود حظ النفس فيه حتى قال جبريل :
قل : آمين قال : قلت : ( آمين )
أراد به صلى الله عليه و سلم التأسي به في ترك الانتصار للنفس بالنفس إذ الله جل وعلا هو ناصر أوليائه في الدارين وإن كرهوا نصرة الأنفس في الدنيا
قال الحسن البصري (رحمه الله) :
( إن الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته ، فسبق قوم ففازوا ،وتخلف آخرون فخابوا ! فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ! ويخسر فيه المبطلون ! )
يا أخي مضى من العمر ما مضى ، فاغتنم الشهر قبل الانقضا ، تكن من أهل القبول والفوز والرضا ، والمغفرة للذنب والخطا ، وهل بعد هذا العطاء من عطا ؟! ..