تابع علاج فساد ذات البين









كتبه/ ياسر عبد التواب


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

فذكرت في مقالتي السابقة جملة من النصائح لعلاج ذات البين، وهي باختصار الاستعاذة بالله -تعالى- من فساد ذات البين، وكذلك تذكر سابق إحسان الآخرين لك، وتذكر الحقوق الشرعية للآخرين لاسيما ذوي الأرحام؛ ثم أخيراً بألا نترك الخلاف ليكبر بل نبادر بإصلاحه بهدية طيبة وكلمة لطيفة ومودة صادقة، وأخيراً ذكرت أهمية أن يوعز للآخرين بالتدخل للإصلاح إن خفت من تفاقم الأمر قال -تعالى-: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)(النساء:114).

قال القرطبي:

قوله -تعالى-: (أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) عام في الدماء والأموال والأعراض، وفي كل شيء يقع التداعي والاختلاف فيه بين المسلمين، وفي كل كلام يراد به وجه الله -تعالى-.

وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-: رد الخصوم حتى يصطلحوا، فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن أي اجعلهم يصطلحون من تلقاء أنفسهم قبل أن تشرع في التقاضي.

وقال الأوزاعي: ما خطوة أحب إلى الله -عز وجل- من خطوة في إصلاح ذات البين، ومن أصلح بين اثنين كتب الله له براءة من النار.

وربما تحمَّل المصلح بين الناس بعض الحمالات من الديون وغيرها، وهو فعل كرام الناس، وله أن يأخذ من الزكاة ما دفع إن لم يكن لديه أو كان يشق عليه، فإن من مصارف الزكاة الغارمين وهو منهم وفي صحيح مسلم: عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلاَلِيّ قَالَ: (تَحَمّلْتُ حَمَالَةً. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَسْأَلُهُ فِيهَا. فَقَالَ: "أَقِمْ حَتّىَ تَأْتِيَنَا الصّدَقَةُ. فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا". قَالَ: ثُمّ قَالَ: يَا قَبِيصَةُ إِنّ الْمَسْأَلَةَ لاَ تَحِلّ إِلاّ لأَحَدِ ثَلاَثَةٍ: رَجُلٌ تَحَمّلَ حَمَالَةً فَحَلّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتّىَ يُصِيبَهَا ثُمّ يُمْسِكُ…) ونكمل بقية العلاجات فنقول:

7- تذكر العقوبات الدنيوية والشرعية الناجمة عن فساد ذات البين:

أخرج الترمذي والسيوطي في الجامع الصغير وصححه عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إياكم وسوء ذات البين، فإنها الحالقة). الحالقة: الماحية للثواب.

8- ولو حدث قتال مثلاً فإن الواجب أن يحتوى ذلك في إطار الأخوة والحقوق الشرعية التي توجبها فقد قال -تعالى-: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين)(الحجرات:9).