السؤال
أنا أعمل في شركة، وقامت هذه الشركة بتكليف أحد العاملين بها بأداء عمل معين مقابل أجر يدفع له غير راتبه، ومن ثم طلب مني هذا الموظف أن أنوب عنه للقيام بهذا العمل، وهو يقوم بالمساعدة بشكل صوري -يعني: يثبت وجوده-، وأنا أقوم بالعمل نيابة عنه مقابل أجر من الموظف الأصلي المكلف بالعمل، مع العلم بأن هذا الأجر لا يتعدى ربع المبلغ الذي سوف يتقاضاه من الشركة، كما أن الشركة لا تعلم الاتفاق الذي بيننا. فما حكم الأجر الذي آخذه منه؟

الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر: أن هذا العمل المعين خارجٌ عن مقتضى العقد الذي بين الشركة وبين هذا العامل فيها، وأنه سيقوم بهذا العمل خارج وقت دوامه، فإن كان كذلك: فهو في هذا العمل أجير مشترك وليس أجيرًا خاصًّا.
والأجير المشترك يجوز له أن يستأجر من يقوم بالعمل المطلوب منه نظير أجرة معلومة دون علم مستأجره، ما لم يُشترط أن يقوم هذا الأجير بالعمل بنفسه، وبشرط ألا يكون العمل المعقود عليه مما يختلف باختلاف الأشخاص بحيث يكون الأجير مقصودًا لعينه، وللمستأجر غرض صحيح في قيامه هو بالعمل بنفسه.
قال الدكتور/ عبد الله بن موسى العمار في بحثه (الإجارة على الإجارة وتطبيقها المعاصر): عرف الأجير الخاص بتعريفات عديدة متقاربة في معناها، من أهمها: أنه من قدر نفعه بالزمن. أو هو من يقع العقد علي عينه في مدة معلومة يستحق المستأجر نفعه في جميعها ... سمي بذلك لاختصاص المستأجر بمنفعته في مدة الإجارة .. وفي هذه الحالة لا ترد الإجارة على الإجارة؛ لأن المعقود عليه في إجارة الأجير الخاص هو منفعة الأجير بعينه لأداء عمل معين في مدة معينة، وبناء عليه؛ فإذا تم العقد صحيحًا فإنه يلزم الأجير الخاص أن يعمل لدى مستأجره وليس له أن يستأجر شخصًا آخر يحل محله في أداء العمل الذي ستؤجر له إلا بإذن صاحب العمل ... واختلفوا في الأجير المشترك، فقيل: هو من قدر نفعه بالعمل.
وقيل: هو من يقع العقد معه على عمل معين أو على مدة لا يستحق المستأجر جميع نفعه فيها. وقيل غير ذلك.
والمعقود عليه في الأجير المشترك منفعة في الذمة لإنجاز عمل معين أو موصوف بصفات تضبطه ... واتفق الفقهاء في المذاهب الأربعة على أنه يجوز للأجير المشترك أن يقوم بالعمل الذي استؤجر له بنفسه -وهذا هو الأصل-، ويجوز أن يستأجر هو من يقوم بالعمل نيابة عنه بشرطه. وبناءً على ما سبق؛ يتضح أن الإجارة على الإجارة واردة في إجارة الأشخاص إذا كان الأجير مشتركًا بالشروط الآتية:
الشرط الأول: ألا يشترط صاحب العمل أن يقوم الأجير بالعمل بنفسه، فإن شرط ذلك فليس له أن يستأجر من يقوم بالعمل.
الشرط الثاني: ألا يكون العمل المعقود عليه مما يختلف باختلاف الأشخاص، فإن كان العمل في الإجارة الأولى مما يختلف باختلاف الأجير، كالخط، ونحوه، فلا تدخل الإجارة على الإجارة، لأن الأجير الأول حينئذ مقصودًا لعينه، وللمستأجر الأول غرض صحيح في قيام الأجير الأول بالعمل.
الشرط الثالث: ألا يكون الأجير الأول أجيرًا خاصًّا، فإن كان أجيرًا خاصًّا فليس له أن ينيب غيره في القيام بعمله، وليس له أن يستأجر من يقوم بالعمل بدله.
الشرط الرابع: ألا يكون العقد الأول في الإجارة الأولى قد انتهى؛ لأنه إذا انتهى العقد الأول بين المستأجر والأجير الأول، فلا يكون هناك إجارة على إجارة؛ لأن العقد الثاني مبني على العقد الأول، فإذا انتهى الأصل انتفى الفرع. اهـ.
وراجع للفائدة الفتوى رقم:
123628.
والله أعلم.


https://www.islamweb.net/ar/fatwa/27...81%D9%8A%D9%87