الرضاعة الطبيعية وحكمتها


د. سامية منيسي







الرضاعة الطبيعية، لما لها من فائدة محققة لكل من الأم والطفل، فقد أمر الله تعالى بها، ويفضل للأم أن ترضع وليدها عامين ﴿ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾ [البقرة: 233]، أما بعد السنتين فليس للرضاعة فائدة تذكر للطفل.



أما فائدتها للأم فهي تعمل على عودة أجهزتها التناسلية بسرعة مطلوبة إلى حالتها الطبيعية بعد الولادة. كذلك تحافظ على رشاقة الأم وجمالها الأنثوي. كما أنها تعطي الفرصة لها - في غالب الأحيان - لتأجيل حملها الثاني مما يساعد على تنظيم النسل وهذا لصالح الأم حتى تستعيد قوتها ونشاطها وقدراتها على تحمل مشاق الحمل التالي.



كما تساعد الطفل الذي يرضع من ثديها على أن يستكمل منها حقه في الرضاع وأن يشد من عضده. أما الجنين الذي يتغذى منها بعد ذلك فله أيضاً الحق في أن ينبت في أحشائها وأن يستمد منها حقه كاملاً من الغذاء.



لذلك قال الله تعالى في كتابه العزيز في هذا الصدد:

﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 233] [1].



ويقول تعالى أيضاً: ﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ﴾ [لقمان: 14] [2].

فقد أمر تعالى الوالدات أن يرضعن أولادهن مدة سنتين كاملتين إذا شاء الوالدان إتمام الرضاعة. وأن على الوالد كفاية المرضع التي تقوم بإرضاع ولده والإنفاق عليه لتقوم عليه لتقوم بخدمته حق القيام وذلك حسب السعة والطاقة والقدرة، وينطبق هذا أيضاً في حالات الطلاق [3].



أما عن الرضاعة في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهميتها للطفل والإنسان كأهمية النسب تماماً، فيحرم منها ما يحرم من النسب نظرا لأن الطفل يتكون دمه ولحمه كله خلاف فترة الرضاعة منها.



فقد روي ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم في بنت حمزة: (( لا تحل لي، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، هي بنت أخي من الرضاعة )) [4] وكانوا قد عرضوها عليه ليتزوجها وهي ابنة عمه حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه.






[1] البقرة / 233.




[2] لقمان /14.




[3] انظر تفسير ابن كثير عند هذه الآية، وأيضا: من روائع البيان – تفسير آيات الاحكام، محمد علي الصابوني، عند هذه الآية.




[4] صحيح البخاري، كتاب الشهادات على الأنساب والرضاع المستفيض، صحيح مسلم كتاب الرضاع، باب تحريم ابنة الأخ من الرضاعة