التوسط في الأمور


أحمد قوشتي عبد الرحيم


التوسط في الأمور كلها خير ، والإفراط أو التفريط مذمومان شرعا وعقلا ، وباب التعامل مع الحسد من تلك الأبواب التي لا تخلو من إفراط أو تفريط .
- فبعض الناس مصاب بهوس أو وسوسة أو خوف مرضي من الحسد، حتى حول حياته لجحيم ، وعكر على نفسه الفرح بالنعم والاستمتاع بها ، وصار شغله الشاغل كيف يخفيها عن الآخرين حتى لو وقع في الكذب ، كما صار يفسر كل إخفاقاته أو فشله أو مصائبه في نفسه أو أهله أو ماله بعلة الحسد !
- وعلى النقيض من ذلك فهناك من لا يبالي بوجود الحسدة ومرضى النفوس والممتلئين حقدا على خلق الله والكارهين الخير للناس ، ومن ثم تجده لا يفصل بين الخاص والعام ، ولا بين ما يصح إظهاره وما يجدر إخفاؤه ، بل كلما أنعم الله عليه بنعمة نشرها بالتفصيل مع الصور ، غير مبال بالعواقب .
- والوسط في ذلك أن ألا يعيش الإنسان أسير الخوف من الحسد ، مع إدراكه الجازم أن العين حق ، وأن الحسدة الحقدة موجودون بكثرة ، وأن حسابات الناس على وسائل التواصل كلأ مباح يطالعها المحب والكاره ، وطيب النفس والحسود العائن ، بل قد يعين غير الحسود .
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن العين حق تدخل الرجل القبر والجمل القدر ، كما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال " « أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين» " وقال صلى الله عليه وسلم " «علام يقتل أحدكم أخاه إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة» "

وما أحبه لنفسي ولك أن تتحفظ قدر ما تستطيع في نشر خواص أمرك على وسائل التواصل الاجتماعي إلا ما كان فيه نفع عام للمسلمين ، وإن امتنعت عن ذلك أصلا فهو أفضل ولن تخسر شيئا ، أما إن كنت ولا بد محدثا بها فاقصرها على من تحب كما هو في الرؤيا الحسنة التي أمرنا ألا نخبر بها إلا من نحب ، مع الحرص على الأوراد والأذكار والتحصينات الشرعية ، ونعوذ بالله من شر حاسد إذا حسد ، ومن شر كل عائن حقود .