ذكاء الخليفة وفصاحة المرأة★
"دخلتِ امرأةٌ على الخليفة هارون الرشيد، وعندهُ جماعةٌ من وجوهِ أصحابهِ، فقالتْ:
*أقرَّ اللهُ عينك،وفرَّحكَ بما آتاك، وأتمَّ سعدَكَ؛ لقدْ حكمتَ فقسطتَ.*
فقالَ لها: مَنْ تكونينَ أيتها المرأةُ؟
فقالتْ:مِنْ آلِ بَرْمك؛ مِمّنْ قتلتَ رجالَهم ،‏...
وأخذتَ أموالَهم، وسلبتَ نوالَهم.
فقالَ:أما الرّجالُ فقدْ مضى أمرُ اللهِ فيهم، وأمَّا المالُ فمردودٌ إليكِ.
ثم التفتَ إلى أصحابهِ سائلا: أتدرونَ ما قالتِ المرأةُ؟
فقالوا: ما نراها قالتْ إلا خيرًا.
فقال: ماأظنُّكم فهمتم ذلكَ؛
•أما قولها:*"أقرَّ اللهُ عينَك"*أيْ أسكنها عن الحركةِ ‏...
وإذا سكنتِ العينُ عن الحركةِ عَمِيَتْ.
•وأما قولُها: * "فرَّحَكَ اللهُ بما آتاكَ" * فأخذتْهُ من قولِهِ تعالى:
{حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مبْلِسُونَ}
•وأما قولُها: *" أتمَّ سعدَكَ" *فأخذتْهُ من قولِ الشاعرِ:
‏...
إذا تمَّ شيءٌ بدا نقصُهُ ** ترقَّبْ زوالا إذا قيلَ تمّ

•وأما قولُها: *"لقد حكمتَ فقسطتَ" *فأخذتْهُ من قولِهِ تعالى:
{وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}

فتعجَّبَ أصحابُه من فِطْنَتِهِ وفصاحةِ المرأة."