السُنة عدم رفع خطيب الجُمعة يديه حال الدُعاء في الخُطبة :
للشيخ / عبد رب الصالحين العتموني السوهاجي

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وبعد :
عن عمارة بن رؤيبة قال : رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه فقال : ( قبح الله هاتين اليدين لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا وأشار بإصبعه المُسَبِّحَة ) رواه مسلم .
هذا الحديث فيه دليل على أن السُنة أن لا يرفع الخطيب يديه حال الدُعاء في خُطبة الجُمعة ويقتصر على أن يُشير بإصبعه السبابة .
وهذا مذهب جُمهور العُلماء من الحنفية والشافعية والمشهور عند الحنابلة .
بدليل الإنكار والدُعاء بالتقبيح من عمارة بن رؤيبة على بشر بن مروان حين خطب الجُمعة ورفع يديه في دُعاء الخُطبة لأنه خالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك لأنه كان صلى الله عليه وسلم يشير بإصبعه السبابة حال دُعائه .
وقد بوب الترمذي : باب ( كراهية رفع الأيدي على المنبر ) وبوب النسائي بقوله : باب ( الإشارة في الخطبة ) وبوب أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف : باب ( الرجل يخطب يشير بيده ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( يُكره للإمام رفع يديه حال الدُعاء في الخُطبة وهو أصح الوجهين لأصحابنا لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يُشير بأصبعه إذا دعا ) أهـ .
وشدد الشوكاني رحمه الله على من فعل ذلك فقال : ( الحديثان المذكوران في الباب يدلان على كراهة رفع الأيدي على المنبر حال الدُعاء وأنه بدعة ) أهـ .
ولكن ورد عنه صلى الله عليه أنه رفع يديه حال دُعائه عند الاستسقاء كما ثبت ذلك في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك : أن رجلاً دخل المسجد يوم جُمعة من باب كان نحو دار القضاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً ثم قال : يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السُبل فادع الله يغيثنا فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال : ( اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا ... الحديث ) .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : ( لا يُشرع رفع اليدين في خُطبة الجُمعة لا للإمام ولا للمأمومين لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك ولا خُلفاؤه الراشدون .
لكن لو استسقى في خُطبة الجُمعة شُرع له وللمأمومين رفع اليدين لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما استسقى في خُطبة الجُمعة رفع يديه ورفع الناس أيديهم وقد قال الله سبحانه : " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ " ) أهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( رفع اليدين عند الدُعاء في الخُطبة فقد أنكره الصحابة رضي الله عنهم على بشر بن مروان حين خطب فرفع يديه في دُعاء الخُطبة إلا أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما دخل الأعرابي والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجُمعة قال : يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السُبل فادع الله يغيثنا فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال : " اللهم أغثنا أللهم أغثنا " فتبين بهذا أن رفع اليدين في خُطبة الجُمعة جائز في الاستسقاء ) أهـ .
وبناءً عليه فلا يُشرع للخطيب أن يرفع يديه حال دُعائه في الخُطبة إلا عند الاستسقاء لأنه هو الذي جاءت السُنة برفع اليدين فيه .
أما غير الاستسقاء فلا يُشرع رفع اليدين فيه لعدم وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم في دُعائه في خُطبه وإنما كان يُشير بإصبعه المُسبِّحة .
هذا والله أعلم وصلي اللهم علي نبينا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين .