الشذوذ ... انتكاسة للفطرة ومخالفة للشريعة
مركز تراث للبحوث والدراسات
يعد الشذوذ الجنسي وما أطلق عليه مؤخرًا (المثلية) من أحدث المواضيع التي أخذت حيزًا كبيرًا من الجدل على الساحة العالمية والمحلية، وأثارت اهتمام الناس على مختلف مشاربهم الدينية والفكرية والاجتماعية، ولقد تأجّجت هذه القضية في العقدين الأخيرين من القرن الماضي؛ حيث ابتلينا في هذا العصر بانحراف مقيت، يريد تجريد الإنسان من إنسانيته ومن أرقى خصائصه التي أكرمه الله -تعالى- بها، وفضّله بها على كثير ممن خلق تفضيلا، فقال -سبحانه-: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُم ْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} (الإسراء:٧٠)، ونعني به الانحراف المتمثل في ظاهرة الشذوذ، أو المثلية المقيتة، ونحوها من الأسماء والنعوت التي يستحيي الكريم أن يلفظها، ويأنف ذو المروءة أن يتفوّه بها، ويؤذي الأسماع بحروفها، ، وأصبحت هذه القضية لها أصداء لا یمكن تجاهلها، فثمة ثورة على تشريعات الدول التي تُجرّم المثلية الجنسية، وغزا موضوع المثلية الجنسية وثائق الأمم المتحدة، وتم تأیید إلغاء تجريم المثلية الجنسية من لجان الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، وتصدّت المحاكم في العديد من الدول للقوانين التي تُجرّم المثلية الجنسية، وقضت بعدم دستوريتها بزعم انتهاكها لحقوق الإنسان، وطرح موضوع المثلية الجنسية طرحا صريحا في المؤتمرات الدولية والإقليمية، من هنا كان هذا الملف وهذه الدراسة حاجة وضرورة تساعد في تحديد الأبعاد والأسباب والنتائج التي تترتب على تزايد هذه الظاهرة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية.
تعريف المثليّـة
المثلية لجنسية:Homosexuality هي الانجذاب الجنسي -بفعل الشيطان- للنوع نفسه؛ وذلك يعني انجذاب (ذكر إلى ذكر) أو (أنثى إلى أنثى)؛ بحيث لايُعاني الشخص فيه من حالة عدم التوافق، فالذكر يرى أنه (لايحتاج إلى أنثى)، وكذلك الأنثى ترى أنها (لاتحتاج إلى ذكر).
هل المثليّة أمر جينيّ أم أنّها عادة مكتسبة؟
من خلال عدد من الدراسات العلمية ونتائجها يمكننا القول: إنه لا يوجد أي دليل علمي موثوق يقول بأن الجينات تحدّد الميل الجنسي لدى الفرد، وإن فهم التوجه الجنسي على أساس أنه أمر فطري ثابت بيولوجيا عند البشر -فكرة أن الناس وُلدوا هكذا- غير مدعومة بأدلة علمية، ولو صدق من قال بفرضية حتمية الشذوذ الجنسي وراثيا، لأدى ذلك إلى انقراض الجنس البشري منذ فترة طويلة لاستحالة التكاثر، فالكائنات الحية تمرر جيناتها للأجيال اللاحقة عبر التوالد الجنسي، وعلى فرض صحة وجود جينات الشذوذ الجنسي، فإن حامليها لن ينجوا من الانقراض؛ لأنهم غير قادرين على تمرير جيناتهم بممارسة الشذوذ الجنسي.
القرآن الكريم يهدم هذه النظرية
ولو كان الشذوذ الجنسي وراثيا، لوجد في الناس من بداية خلقهم، ولكنّ الأمر ليس كذلك، ولقد ورد في كتاب الله العظيم، قبل نحو أربعة عشر قرنا ونصف قرن: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} (الأعراف: ٨٠ - ٨١)، أي وجد هذا الشذوذ الجنسيّ أوّل ما وجد، في قوم لوط، ولم تكن هذه الفاحشة فيمن قبلهم من الأمم، إذا كان الأمر هكذا، فليس الشذوذ مفروضًا على المثليين، ولكن أهل التزوير والمروّجين عن طريق العلم الزائف (PSEUDO-SCIENCE) روّجوا أن المثلية أمر مفروض على صاحبها، بسبب جيناته الوراثية، ولقد ثبت أن الدراسات التي تنسب المثلية لجينات الإنسان، مجرد أكاذيب.
تاريخ المثلية
لقد تأجّج موضوع المثلية في العقدين الأخيرين من القرن الماضي، وازداد تأججًا مع إطلالة الألفية الحالية، وأصبحت له أصداء لا یمكن تجاهلها من الناحية القانونية، فثمة ثورة على تشريعات الدول التي تُجرّم المثلية، وغزا موضوع المثلية وثائق الأمم المتحدة، وتم تأیید إلغاء تجريم المثلية من لجان الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، وتصدّت المحاكم في العديد من الدول للقوانين التي تُجرّم المثلية، وقضت بعدم دستوريتها؛ بزعم انتهاكها لحقوق الإنسان، وطرح موضوع المثلية طرحا صريحا في المؤتمرات الدولية والإقليمية.
المثلية في القوانين
لقد بات الأمر المؤرّق والمُخيف في بحث موضوع المثلية في القوانين الوضعية الحالية، هو التنظيم القانوني والتشريعي للمثلية، والاعتراف للمثليين بالحق في تكوين أسر مثلية موازية للأسر الطبيعية، واستطاع أنصار المثلية أن يقحموا موضوعهم ضمن موضوعات حقوق الإنسان، ويبعدوا عن المثلية وصف الشذوذ أو المرض النفسي، بل انتقل دعاتها من مرحلة الدفاع إلى الهجوم، ومن مرحلة التقرير إلى الإلزام، ومن مرحلة الاستخفاء إلى المجاهرة؛ حيث تحدّوا القوانين والشرائع التي تحرّم هذا الفعل الشنيع وتجرّمه، ورغم قلّة عدد الدول التي تجيز تشريعاتها الشراكة المثلية والزواج المثلي، إلا أنه يزداد، فمن حين لآخر نرى دولاً أجازت الزواج المثلي، أو الشراكة المثلية.
الدول تستجيب
ومن معاكسة الفطرة، أن الدول تستجيب لمطالبات الشواذ، بدل تجريمهم ومعاقبتهم، وقد أقيمت مئات بل آلاف الجمعيات لهم، ولمؤيديهم يطالبون لهم بالمساواة في الحقوق بأنواعها، والجدير بالذكر أنه اعتبارا من عام 2019م، اعترفت ثماني وعشرون دولة بزواج المثليين.
كارثة إنسانية
إننا أمام كارثة إنسانية لابد من مواجهتها بمختلف الوسائل والأساليب، ولابد للمنظمات والهيئات الإسلامية العالمية من التصدي لهذا التدخل السافر لفرض هذه الظاهرة الشاذّة والمقيتة على الدول الإسلامية، وحملها قسراً على الاعتراف بها وسنّ القوانين من أجل حمايتها.
آراء العلماء والمشايخ
وقد استطلعت الفرقان آراء نخبة من المشايخ والعلماء والمختصين من داخل الكويت وخارجهاحول أسباب هذه الظاهرة وأبعادها، والحلول المناسبة لها والأحكام الشرعية المتعلقة بها للوقوف على حجم تلك الظاهرة والتوعية بمخاطرها على مجتمعاتنا العربية والإسلامية.
هدم للمجتمعات المحافظة
قال الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الشيخ بدر الحجرف: مثل هذا الفعل هدم للمجتمعات المحافظة، ولابد من موقف صارم من الدولة لمواجهة هذه الظاهرة، وعدم إعطاء الفرصة لتناميها، وردع كل من يتجرأ على الإعلان بها، مبيناً أن «هناك قوى عالمية تدعم هذا الأمر وتموّله، وهناك في كل مجتمع ضعاف النفوس الذين يعدونهم بالأموال والمناصب وغيره ليفسدوا المجتمعات في كل دولة».
وشدد الشيخ الحجرف على ضرورة أن «يبادر الناس الشرفاء بمحاربة هذه الظواهر السلبية ومكافحتها والضغط على الدولة لتقوم بدورها في محاسبة المجاهرين في هذه المعصية الكبيرة ».
مؤامرة عالمية
وأشار الشيخ الحجرف إلى تجرؤ الغرب في الترويج لهذه الجريمة البشعة التي حرمتها الأديان السماوية جميعها، مبينًا أنه اطلع على تقرير لاجتماع الماسونية العالمية في العام 1979 طالبوا فيه بأن تكون المثلية قضيتهم الأولى، وأن تكون المثلية مُشرعنة ومُقننة، وتكون الأصل في الزواج.
انتكاسة إنسانية ترفضها الفطرة السليمة
وتعليقا حول ما يثار بشأن انتشار هذه الظاهرة المقيتة وتزايدها مؤخرا، قال رئيس جمعية مقومات حقوق الإنسان د. يوسف الصقر: «المثلية الجنسية انتكاسة إنسانية ترفضها الفطرة السليمة، وتحرمها الشريعة الإسلامية»، معربا عن أسفه كون بعض الدول الغربية تعد تلك الممارسات الجنسية وغيرها من الفواحش المحرمة من ضمن (الحريات الشخصية) التي ينبغي بحسب رؤيتهم أن يتمتع بها الأفراد دون قيود، رافضا في الوقت نفسه محاولات تلك الدول إلزام الدول والمجتمعات الإسلامية بتطبيقها وإقرارها، أو تمريها بموجب اتفاقيات دولية أو غيرها من الصكوك، كونها تعد خرقا لأحكام الشريعة الإسلامية والدستور الوطني، ولفت إلى أن حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ينبغي أن تكون نابعة من الشريعة دون إملاءات خارجية أو ضغوط دولية تحت أي ذريعة كانت.
خطورة ازدياد الترويج للشذوذ
وأشار د. الصقر إلى أن المجتمعات الإسلامية بدأت تلاحظ خطورة ازدياد وتيرة الترويج والتسويق للمثلية عبر الافلام والمسلسلات والأنشطة الرياضية والمحافل الدولية وغيرها من الوسائل الأمر، الذي أصبح يدعو للقلق والحذر؛ فتلك الممارسات تصادم عقيدة مليار ونصف المليار مسلم، وتنتهك حقهم الإنساني في احترام معتقداتهم وعدم المس بقيمهم.
استخدام حقوق الإنسان
وحذَّر د. الصقر من استخدام حقوق الإنسان ذريعة ليكون حصان طروادة أو بوابة لضرب ثوابتنا الشرعية والإسلامية أو لتغيير هوية الدول المسلمة، مشيرا الى أن الحكومات الإسلامية لها دور كبير في التصدي لمن يحاول تدمير المجتمعات المسلمة وإفسادها والإخلال باستقرارها الأخلاقي، أو استغلال حقوق الإنسان لتحقيق ذلك، مطالبا بالوقوف أمام هذه الهجمة عبر الوجود الفعال في المنظمات والمحافل الدولية؛ لكبح جماحها، وإلزامهم باحترام ديننا، وتفويت الفرصة على كل من تسول له نفسه من هذه المنظمات تمرير هذه المظاهر القبيحة أو كل ما من شأنه تجاوز عقيدتنا.
حقوق الإنسان لابد ألا تخالف شريعتنا
وأضاف، بأننا نطالب باحترام حقوق الإنسان، ونشد على يد الأنظمة كافة بعدم انتهاكها، لكن ليست حقوق الإنسان التي يحتكر تفسيرها بعض الدول أو المنظمات الغربية، بل حقوق الإنسان التي لا تخالف قطعيات الشريعة التي نزلت في الوحي على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا ما يجعلها قواعد ثابته ليست كقواعد الغرب الحقوقية التي تتغير بتغير الزمان.
تحفظ على الاتفاقيات
وختم د. الصقر بتجديد دعمه الكامل للحكومات الإسلامية في تحفظها على نصوص الاتفاقيات والصكوك الدولية وموادها التي تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، منوها الى أنه لا ضير إذا لزم الأمر أن تنسحب تلك الحكومات من هذه الاتفاقيات التي قد تكون صادقت عليها بحسن نية منذ سنوات، وتبين لها -لاحقا- الآثار السلبية لبعضها، مشيرا إلى أهمية أن تنتبه الدول الإسلامية والعربية إلى هذه المزالق التي تتسبب في تذويب هوية مجتمعاتنا.
أثر المثلية على الارتباط الأسري
وعن تأثير المثلية على الارتباط الأسري قال الاستشاري الأسري والإمام والخطيب بوزارة الأوقاف د: راشد سعد العليمي: من القضايا التي استجدت بالظهور على الساحة الإنسانية، ما يقال له (المثلية)، وهي ليست وليدة الزمن المعاصر، أو القرن الحالي، ولكن المستجد فيها، هو الجرأة في البروز تحت لواء الغطاء الدولي، والقوة بالاتجاه الاقتصادي في تقديم منتجات تحمل شعار المنحرفين (المشابه لألوان قوس قزح لكن بستة ألوان)، مع القوة في الحديث والعرض لها في الفضائيات ووسائل التواصل، والوقاحة في رفع القضايا على من يتطاول على هذا الفساد.
المثلية لا علاقة لها بالحرية
وأكد د. العليمي أن قضية المثلية من السلوكيات التي لا علاقة لها بالاختيار العاقل، ولا الحرية الجميلة التي يعيش فيها أهل الفطرة السوية باختيارات ضمن إطار الشرع الحكيم، ولكنها مسخ عن الشرائع، وانحراف عن فطرة وغريزة إنسانية لا تستمر الحياة بالتعلق بها، لكن الحياة تتعلق بارتباط صحيح ثمرته بين الذكر والأنثى هم الأولاد، مع إشهار لهذه العلاقة الجميلة في أوساط المجتمع، والناظر لهذا السلوك المنحرف يرى تلك البجاحة والجسارة من منظمات عالمية تريد أن تفكك الأسرة عن تكوينها الصحيح، القائم على ارتباط وثقته الأديان جميعها، وليثمر بعد ذلك استخلاف جميل في العائلة.
نتائج هذه العلاقة الفاسدة
وعن نتائج انتشار المثلية (الشذوذ) قال د. العليمي، لا شك أن انتشار هذا السلوك المنحرف سيترتب عليه عدد من النتائج الخطية أهمها ما يلي:
- انهيار المنظومة الأسرية.
- انتشار الزنا لإيجاد أولاد يعينون على الحركة التنموية في المجتمع.
- ضياع القيم والأخلاق القائمة على الحياء والستر، والتربية الصحيحة.
- ظهور الأمراض والأوبئة المرتبطة بالمعاشرة الفاسدة من اللواط أو السحاق، وفي الموضع المحرم.
- ضياع القيم الدينية في أي مجتمع.
- ظهور تشريعات غريبة مثل: (الزواج) للمثليين، وهذا من السفاهة في التقنين، فكأن الفاسد من حماقته ينتظر إطارا قانونيا ودينيا لانحرافه، من خلال الارتباط الزوجي.
مطلب ضروري وحتمي
ثم ختم د. العليمي تصريحه بأن السعي الحثيث لاجتثاث هذا السلوك المنحرف، مطلب ضروري وحتمي، وفيه مبادرة لنجاة سفينة المجتمع من غرقها بسبب هذه القاذورة، التي استأصلها ربنا سابقا مع فاعليها، وحذر منها لاحقا بقوله -تعالى-: {مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} قال الإمام السعدي: {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ} الذين يشابهون لفعل قوم لوط {بِبَعِيدٍ} فليحذر العباد، أن يفعلوا كفعلهم، لئلا يصيبهم ما أصابهم.
لا توجد حضارة تقوم على ما يُضاد الفطرة
من جانبه علق رئيس مركز الفتح للدراسات والبحوث الأستاذ: محمد سعد الأزهري على الدعم العالمي للشذوذ والمثلية، مؤكدًا أنه لا توجد حضارة تقوم على ما يُضاد الفطرة أو تستمر عليه، فعندما تبدأ الأمم في هذا الاتجاه بزيادة وبحركة متسارعة فنهايتها ستكون قريبة جداً، وستصبح حصيداً كأن لم تغن بالأمس.
ملخص لحقيقة العلمانية
وأكد الأزهري على أن ما يحدث في تصاعد وتيرة نشر الشذوذ وتسويقه عبارة عن ملخص العلمانية في كل زمان ومكان، فرض الحرية بنشر الرأي، ثم فرضها بالتخويف من الطرف الآخر، ثم فرضها بتشويه ما عداها، ثم فرضها بالقوانين، ثم فرضها بالمنع والإقصاء، ثم فرضها بالإعدام دون دماء!
رسالة لشباب المسلمين
ووجه الأزهري رسالة لشباب المسلمين، قائلًا: «لا تجعل العلماني يفرض عليك مصطلحاته، فأنت مسلم مرتبط بالحلال والحرام، والوحي هو من يحدد ذلك، أما الحرية والأفعال الرضائية وحقوق الإنسان فمصلحات مطاطة خلاصتها: لا علاقة للحلال والحرام بمصطلحاتنا».
أسباب المثلية
وعن تلبس بعض المنحرفين بهذه الجريمة، قال الأزهري: المثلية ليست فكرًا اختير بين بدائل عدة، ولكنها -في الغالب الأعم- شخص تعرّض للتحرش وهو صغير سواء كان التحرش من امرأة أم من أحد القريبين منه أو من أصدقائه فأثر ذلك فيه جداً؛ لأن المتوقع -بعد هذا التحرش- إما أن يصبح هذا الشخص انطوائيا جدًا أو يحصل له حالة توحد مع الشخص المعتدي ويتحول إلى شاذ!
وأضاف، التحرش بالشخص وهو صغير ليس هو السبب الوحيد، ولكن هو السبب الغالب وكذلك الاهتمام بالأفلام الإباحية وكثرة مشاهدة الشاذ منها يؤدى إلى ذلك.
كيف نتعامل مع المثليين؟
وعن طريقة التعامل مع المثليين قال الأزهري: أنا مختلف مع الكثير من الناس في طريقة التعامل مع موضوع المثلية؛ لأن عددا لا بأس به من هؤلاء يريدون التخلص من هذا الانحراف اليوم قبل الغد؛ لذلك لا ينبغي أن نضعهم جميعاً في سلة واحدة، فالمُستعلن بالمثلية يجب أن يُهان ويفضح داخل المجتمع؛ لأنه جرثومه وفيروس يجب تحجيمه بأنواع المضادات الشرعية والاجتماعية والصحية، فالمثلي نبت فاسد لا شك في ذلك، وهذا لا يمنعنا من استخدام الوعظ والتذكير وتخويفهم بالله وترغيبهم في التوبة، واستخدام الوسائل في محاولة إعادة هؤلاء إلى مجتمعهم الطبيعي.
إنقاذ الإنسانية
من جانبه قال الكاتب والباحث المصري م. أحمد الشحات - تعليقًا على هذه الظاهرة-: نطالب عقلاء العالم أن يتدخلوا لإنقاذ الإنسانية من الانهيار والفناء على يد قلة منحرفة تسعى لجعل الفطرة غريبة والشذوذ هو الأصل، فها هي ذي الليبرالية المتوحشة ذات الأنياب القذرة تريد أن تمسخ الأطفال مبكرا حتى يتوارى الأسوياء الطبيعيون خجلا لأنهم طبيعيون!
مخلفات الحضارة الغربية
وأضاف الشحات، قديمًا لم يجد قوم لوط أي غضاضة من أن يأتوا الفواحش في وضح النهار، وزاد تبجحهم بأن قالوا {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} والعجيب أن يقوم الغرب بمعاداة كل من يعترض على هذه الجريمة النكراء، ولا شك أنَّ هذا يذكرنا بمخلفات الحضارة الغربية التي انتهكت كرامة الإنسان واعتدت على إنسانيته إرضاء لميول شاذة وعلاقات محرمة، ورغم ذلك لا يكفون عن إجبار شعوب العالم على تقبل هذه الانحرافات والترحيب بها في كل المجالات.
الشذوذ يغزو السوشيال ميديا
وعن غزو المثلية للسوشيال ميديا قال الشحات: يبدو جليًا أن (الميديا) الغربية، من مسلسلات وأفلام وحتى أفلام خيال علمي، تروّج لتسويق هذه الظاهرة؛ إذ إنه خلال السنوات الأخيرة، لا يكاد يخلو فيلم غربي، من مشاهد للمثليين في مشهد معاكس للطبيعة، ما يثير تساؤلات عن سبب تشجيع السينما العالمية لما أسمته الصحف الغربية (الجنس الثالث)، على الرغم من أن المشروع بدأ في 1976 حين اعترفت الأمم المتحدة ضمنًا بما يسمى (حقوق المثليين) إلا أن الانعطافة كانت في يونيو 2015 عندما قررت المحكمة العليا في الولايات المتحدة تشريع زواج مثليي الجنس في سائر أنحاء البلاد, إثر ذلك، بدا وكأن المخطط خرج إلى العلن بقوة وظهر على المسرح العالمي، وأصبح مشروعًا سياسيا - إعلاميًا تبنته منصات التواصل ودعمته السينما الغربية.
مسألة شائكة في العلاج النفسي
من جانبه قال اختصاصي العلاج النفسي الإكلينيكي د. مهند العيدان: لعل من المسائل الشائكة في الممارسة العيادية في العلاج النفسي مسألة المثلية الجنسية (الشذوذ)، ويتداخل الكلام فيها باحثين عن أسبابها ومدى فاعلية العلاج النفسي لها، وهل هي أصلاً اضطراب نفسي؟
المسؤولية الشرعية
وأضاف، وربما يتبادر للذهن هنا مدى المسؤولية الشرعية لممارسة الشذوذ الجنسي (اللواط)، ولذا من المهم فهم دلالة مفهوم الاضطراب النفسي، الذي قد يشار إليه أحياناً باسم المرض النفسي، الذي قد يبدو من وصف هذا الفعل بالاضطراب أو المرض يفهم منه أن المصاب به لا يحاسب عليه في الدنيا أو الآخرة! بينما الاضطراب النفسي (المرض) يقصد به أن هذا السلوك أو الانفعال مخالف لغالب الناس زيادة أو نقصاً، والسواء النفسي ما عليه غالب الناس.
فهم حقيقة المثلية الجنسية
وبين د. العيدان أنَّ من أشهر التصورات العلمية في فهم حقيقة المثلية الجنسية (الشذوذ) أنها تنتج عن تداخل ثلاثة عوامل رئيسة، وهي فقدان الأب دوره في بناء النموذج الذكوري للولد أو البنت، وتعرض الطفل للاعتداء الجنسي، ومدى حساسية شخصية الطفل؛ فإن اجتمعت هذه العوامل الثلاث في حياة شخص كانت احتمالية إصابته أعلى من غيره، ووفقاً لهذا التصور فإن المثلية ليست خياراً للشخص، بل لا يرغب أن يكون على ما هو عليه، وفي الوقت نفسه ليس مجبراً عليها وراثيا، بل هي تداخل مجموعة من العوامل مع بعضها بعضا، ولذا نجد ارتفاع نسبة الاكتئاب لديهم والميول للانتحار، والكثير من الاضطرابات النفسية الأخرى المصاحبة مقارنة بغير المثليين، مما يشير إلى عدم رضاهم عما هم عليه وسعادتهم به.
تفسير المثلية الجنسية
وأكد د. العيدان أنه بالرغم من انتشار العديد من الشائعات في تفسير المثلية الجنسية إلا أن أصحابها عجزوا عن إثبات دعواهم والدليل العلمي التجريبي على خلاف ما يقولون؛ إذ لا يوجد علاقة للجينات الموروثة في تحديد الميول الجنسية، وكذا القول في دور هرمونات الأنوثة لدى الذكور أو هرمونات الذكورة لدى الإناث في المثلية الجنسية، وكذا تربية الطفل الذكر في بيئة يغلب عليها الإناث أو العكس في تكوين ميولهما، وربما هذا ما جعل الجمعية الأمريكية للطب النفسي تقوم بحذف المثلية الجنسية من قائمة الاضطرابات، واستبداله باضطراب الهوية الجنسية هو ضغط اللوبي المثلي والتدخل السياسي، واستمر الضغط بعدها حتى منع أي معالج نفسي من تقديم العلاج، وعدوا ذلك تشويهاً نفسيا وتعدياً على الأصحاء! لذا لا يمكن قبول هذا الرأي باعتباره رأياً علميا نزيهاً، وفي التجربة العملية يمكن علاج المثلية الجنسية وإعادة تصحيح التوجه الجنسي في اتجاهه الطبيعي الذي فطر الله الناس عليه، بالرغم من صعوبة العلاج وطول مدته، ويعتمد ذلك على عوامل عدة، منها: مدى شدة المشكلة لدى الفرد، وتكرار ممارسته العملية.
موقف الشريعة الإسلامية
الشريعة الإسلامية حرّمت هذا الفعل الشنيع، وجعلته كبيرة من كبائر الذنوب التي يعاقب عليها فاعلها بأشدّ العقوبات، كما انعقد إجماع علماء المسلمين من المذاهب كافة على ذلك، وقد استدل العلماء على تحريم (اللواط)، و(السحاق) من القرآن الكريم والسنة المطهرة، فمن القرآن قوله -تعالى-: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} (الأعراف: ٨٠)، وقوله -تعالى-: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ} (الشعراء:165)، و قوله -تعالی-: {وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ} (الأنبياء:٧٤)، ومن السنة النبوية: ما روى ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينظر الله إلى رَجُل أتى رَجُلا أو امرأة في الدّبر»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول بها»، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله سبعة من خلقه، فردّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على كل واحد ثلاث مرّات، ثم قال: ملعون ملعون ملعون من عمل عمل قوم لوط...»، وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنّ أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط»، وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أربعة يُصبحونَ فِي غضب الله ويمشون في سخط الله، قلتُ: وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ الله؟ قال: المتشبّهين من الرّجال بالنساء، وَالمُتشبهات من النساء بالرّجال، والذي يأتي البهيمة، والذي يأتي الرّجال».
الديانة اليهودية تحرم الشذوذ
ترى الديانة اليهودية أن كل ممارسة خارج إطار الزواج انحراف عن الفطرة، ویتحدث العهد القديم عن العلاقة الزوجية باحترام بارز، ويشرح أهدافها وغاياتها كما في سفر التكوين: (فخلق الله الإنسان على صورته ذكراً وأنثى، خلقهم وباركهم وقال لهم: أثمروا واملؤوا الأرض)، وعدت أسفار الكتاب العلاقة الزوجية وثيقة إلهية مقدّسة: (أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً وأنثى، وقال: من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه، ويلتصق بامرأته، ويكون الاثنان جسداً واحداً.. فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان)، كما يؤكد الكتاب المقدس أن المثلية دنس وأمر محرّم، فقد جاء في سفر اللاويين: (لا تضاجع ذكراً مضاجعة امرأة، إنه رجس)، وهذا الرجس عاقبته القتل لكل من الفاعلين: (إذا اضطجع رجل مع ذكر اضطجاع امرأة؛ فقد فعلا رجسا كلاهما، إنهما يقتلان ودمهما عليهما)، ويتحدث العهد القديم عن العقوبة التي حاقت بقوم لوط، فقد دمّرهم الله تدميراً، وسبب هذا التدمير هو الفاحشة، فقد أراد الله أن يجعل هلاك مدينتي قوم لوط (سديم وعمورة) عبرة لأهل الفواحش.
يتبع