تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: شُبهات مُفتراه حول بني أمية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي شُبهات مُفتراه حول بني أمية



    شُبهات مُفتراه حول بني أمية (1)









    كتبه/ زين العابدين كامل


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فلا شك أن البحث عن حقيقة التاريخ الأموي والوقوف على أهم معالم الدولة الأموية ومآثرها، وأسباب نجاحها ثم الوقوف على أسباب وتداعيات سقوطها وانهيارها، يعد ضرورة تاريخية وثقافية وفكرية، فنحن أمام دولة دام ملكها 91 سنة تقريبًا، من عام 41هـ وحتى 132هـ.

    ولقد حققت الدولة إنجازات كبرى في ميدان الجهاد والفتوحات، حتى امتدت حدودها من حدود الصين إلى جنوبي فرنسا، وكذا حققت قفزات هائلة في مجالات الفكر والعلم والأدب، ولكن -للأسف الشديد- لقد صور البعض تاريخ هذه الدولة على أنه تاريخ حافل بالمؤامرات السياسية، والحروب والدموية، والمشاكل الاقتصادية.

    ونحن لا ننكر وقوع أحداث عظيمة الشأن في العصر الأموي، منها: مقتل الحسين وابن الزبير -رضي الله عنهما-، وانتهاك حرمة المدينة المنورة، ووقوع حريق الكعبة، ووقوع كثيرٍ من الثورات والتوترات، ولكن لا بد أن نعلم أن عُمْرَ هذه الدولة يقع ضمن زمن الخيرية، والقرون الفاضلة.

    ولقد حاول البعض الطعن في بني الأمية وفي تاريخهم، واتهموهم بأنهم يتصارعون على السلطة طوال تاريخهم! وحصروا ذلك الصراع بينهم وبين بني هاشم، وذكروا بعض المرويات الساقطة الملفَّقة حتى قام أحدهم بتأليف كتاب عن هذا الصراع وأسماه: "النزاع والتخاصم فيما بين بني أُمية وبني هاشم"، وقد حاول صاحب الكتاب أن يثبت بكلِّ سبيلٍ أن العداوة بين بني أمية وبني هاشم هي عداوة قديمة (هذا الكتاب يُنسَب للمقريزي، وقد طعن بعض الباحثين في نسبته له، فالله أعلم).

    والعجيب: أننا لو بحثنا في نَسَب بني أمية؛ لوجدنا أن الأمويين ينتسبون إلى أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وفي عبد مناف يلتقي بنو أمية مع بني هاشم، وكان بنو عبد مناف يتمتعون بمركز الزعامة والرياسة في مكة المكرمة.

    وفي هذا الصدد قال ابن خلدون: "كان لبني عبد مناف في قريش جمل من العدد والشرف لا يناهضهم فيها أحدٌ من سائر بطون قريش، وكان فخذاهم بنو أمية وبنو هاشم حيًّا جميعًا ينتمون لعبد مناف، وينتسبون إليه، وقريش تعرف ذلك وتسأل لهم الرياسة عليهم؛ إلا أن بني أمية كانوا أكثر عددًا من بني هاشم وأوفر رجالًا، والعزة إنما هي بالكثرة، قال الشاعر: "وإنما العزة للكاثر" (تاريخ ابن خلدون).

    إن شبهة العداوة القديمة تدحضها شواهد التاريخ، وتدل على قوة العلاقة بين بني هاشم وبني أمية، فقد كان عبد المطلب بن هاشم -زعيم الهاشميين في عصره- صديقًا لحرب بن أمية -زعيم الأمويين- كما كان العباس بن عبد المطلب ابن هاشم صديقًا حميمًا لأبي سفيان بن حرب بن أمية، وفي قصة إسلام أبي سفيان عند فتح مكة، ودور العباس فيها أكبر دليل على ذلك.

    وقد قيل لمعاوية -رضي الله عنه-: "أيكم كان أشرف: أنتم أو بنو هاشم؟ قال: كنا أكثر أشرافًا وكانوا هم أشرف، فيهم واحد لم يكن في بني عبد منافٍ مثل هاشمٍ، فلما هلك كنا أكثر عددًا وأكثر أشرافًا، وكان فيهم عبد المطلب ولم يكن فينا مثله، فلما مات صرنا أكثر عددًا وأكثر أشرافًا، ولم يكن فيهم واحدٌ كواحدنا، فلم يكن إلا كقَرَار العين حتى قالوا: منا نبي؛ فجاء نبي لم يسمع الأولون والآخرون بمثله؛ محمدٌ -صلى الله عليه وسلم-، فمَن يدرك هذه الفضيلة وهذا الشرف؟!" (البداية والنهاية لابن كثير).


    قال الدكتور "حمدي شاهين": "إن كلَّ ذلك لا ينفي احتمال وجود نوعٍ مِن التنافس بين الجانبين قبل الإسلام، في ضوء ما نعرف من طبيعة الحياة العربية في مكة قبل الإسلام، ولكنه تنافُس يحدث بين الإخوة أحيانًا، وبين أبناء الأب الواحد؛ غير أنه لم يتطور ليصبح تربصًا وعداءً كما يزعم المتزيدون!" (انظر كتاب: "الدولة الأموية المفترى عليها"، ويعد هذا الكتاب من أهمِّ المراجع التي أنصفت بني أمية، ودافعت عن تاريخهم).



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: شُبهات مُفتراه حول بني أمية

    شُبهات مُفتراه حول بني أمية (2)









    كتبه/ زين العابدين كامل



    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فقد ذكرنا في مقالنا السابق: أن البعضَ حاول الطعن في بني أمية، وذلك عن طريق تزوير تاريخهم، وطمس حسناتهم، وطرح بعض الشبهات حول دولتهم.

    وقد غض هؤلاء الطرف عن بعض الحقائق التاريخية التي تُظهِر فضائلهم في الجملة: كمسيرة الفتوحات التي وَفَّق الله فيها الأمويين، حتى فتحوا مشارق الأرض ومغاربها، من "كاشغر" على حدود "الصين" في الشرق، إلى "الأندلس" وجنوب "فرنسا" في الغرب، ومِن "بحر قزوين" في الشمال إلى "المحيط الهندي" في الجنوب، هذا فضلًا عن القفزات الهائلة التي حققها الأمويون في مجالات الفكر والعلم والأدب، ونحو ذلك.

    ومِن الشبهات التي سلَّطنا الضوء عليها في مقالنا السابق: ادِّعاء أنهم كانوا يتصارعون على السلطة مع بني هاشم طوال تاريخهم، وزعم أن العداوة بينهم وبين بني هاشم قد بلغت ذروتها، وقد رددنا على هذه الشبهة.

    ومِن التُّهم التي ألقى بها البعض في مرمى الأمويين: أنهم ناصبوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم العداوة حين بعثته المباركة، ولم يفطن هؤلاء إلى أن أبا لهب الهاشمي عم النبي -صلى الله عليه وسلم-، كان أول مَن جهر بعداوة الإسلام لما جهر الرسول صلى الله عليه وسلم بدعوته، ولم يكتفِ بالمعارضة الصريحة، بل عضدها بالإيذاء الفعلي والقولي! فقد كان أبو لهب في كفره وعناده مثالًا عمليًّا للعداوة، ولكنه لم يكن الهاشمي الوحيد الذي كفر بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وجهد في إيذائه وحربه؛ فقد كان في أسرى المشركين يوم بدر عددٌ مِن بني هاشم.

    وعلى الشق الآخر: ترى مَن أسلم في مكة مِن بني هاشم، وبذلوا في سبيل الدعوة الكثير، مثل: علي بن أبي طالب، وحمزة بن عبد المطلب، وجعفر بن أبي طالب، وغيرهم -رضي الله عنهم-.

    وهكذا نرى في كلِّ قبيلة وبطن أن هناك مَن آمن، وهناك مَن كفر، وإذا تأملنا أحوال بني أمية في صدر الإسلام؛ فإننا نرى منهم جماعة كانوا من السابقين إلى الإسلام، فمنذ المرحلة السرية للدعوة قد أسلم كلٌّ مِن عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية، وكذلك خالد بن سعيد بن العاص بن أمية، وكذا أسلم أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، بل وفي الهجرة الأولى إلى الحبشة شارك نفرٌ من مسلمي بني أمية، ومِن هؤلاء: عثمان بن عفان ومعه زوجته رقية بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وزوجته سهلة بنت سهيل بن عمرو، كما كان لبني أمية مشاركة في الهجرة الثانية، ومعهم بعض حلفائهم (وقد ذكر الدكتور حمدي شاهين قائمة طويلة بأسمائهم، راجع: (الدولة الأموية المفترى عليها).

    وقد ساهمت بعض نساء بني أمية وعبد شمس في حركة مسيرة الإسلام وضربن أروع الأمثلة في الأسوة والتضحية، والبذل والعطاء؛ فقد أسلمت رملة بنت شيبة بن ربيعة زوجة عثمان بن عفان وهاجرت معه إلى المدينة وثبتت معه على دينه.

    وبناءً عليه نقول: كان شأن كل القبائل -كما ذكرنا-، منهم مَن آمن ومنهم مَن كفر، فإن كان هناك مَن كفر مِن بني أمية، فكذلك هناك مَن كفر مِن بني هاشم وغيرهم أيضًا؛ فلماذا هذا الجور والظلم والتحامل على بني أمية إذًا؟!


    ونستكمل الحديث عن بني أمية في مقالنا القادم -بمشيئة الله تعالى-.





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •