إذا أوردت كلام ابن تيمية رحمه الله بهذه الصورة وتحت هذا العنوان فلابد أن تفهم مقصده وتبينه للناس ومن رد المتشابه إلى المحكم من كلامه رحمه الله.. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى 3 / 156 ( من أصول أهل السنة التصديق بكرامات الأولياء وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات وأنواع القدرة والتأثيرات )
مراد ابن تيمية رحمه الله هنا هو الحديث عن كرامة الولي عند أهل السنة الذين يؤمنون بهذا الأصل كما ثبت من واقع الكتاب والسنة وقد رد ابن تيمية على من ادعى أن الأولياء يتصرفون في الوجود وبين هذا الاعتقاد شركا في الربوبية ويوضح ذلك آخر العبارة في كلامه السابق حيث قال ( وأنواع القدرة والتأثيرات كالمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر قرون الأمة وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة ) فالمقصود المتقرر مما سلف هو أن هذا الكلام لا ينزل إلا على ما صح به الدليل وثبت وقوعه من كرامات للصالحين من سلف هذه الأمة.
وإذا تأملت هذا النص عن ابن تيميه تجد أن فيه تقرير لمعتقد أهل السنة بأن الأولياء ليس لهم قدرة على إحداث الكرامة بل أنها منة من الله عز وجل عليهم بلا تطلب منهم ولا إرادة لذلك قال شيخ الإسلام ( ما يجري الله على أيديهم ...) ولم يقل ما أجراه الولي.....
وكل ما سبق يكون للولي الصالح في حال حياته لا بعد وفاته ليس كما يعتقده من خالف أهل السنة من الصوفية وغيرهم إذ الولي عندهم ميت غالبا!!
ولا بد من بيان الفارق في مثل هذا المقام بين الخوارق والكرامات فكل خارق بحق الولي هو كرامة وليس كل خارق بحق الشقي كرامة قال شيخ الإسلام في كتابه (الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان) ص 150 ( كرامات الأولياء لا بد أن يكون سببها الإيمان والتقوى فما كان سببه الكفر والفسوق والعصيان فهو من خوارق أعداء الله لا من كرامات أولياء الله فمن كانت خوارقه لا تحصل بالصلاة والقراءة والذكر وقيام الليل والدعاء وإنما تحصل عند الشرك مثل دعاء الميت والغائب أو بالفسق والعصيان وأكل المحرمات ومثل الغناء والرقص فهذه أحوال شيطانية كما قال تعالى {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ }الزخرف36..
والله أعلم....
والحمدلله رب العالمين.....