الدفاع عن شريعتنا حق لكل مسلم


د.بسام خضر الشطي




أنعم الله عز وجل علينا بشريعة الإسلام الكاملة الآمنة الصالحة لكل زمان ومكان، وشريعتنا حصن حصين، ومصدر السعادة للجميع، ومبرأة من كل نقص، ومطهرة من كل دنس، ومبنية على العدل وهي رحمة للعالمين، وراعت المصالح، وتَرْك المفاسد، والعمل بالفضائل وترك الرذائل.. ولا عز لنا إلا بالتمسك بها اعتقادا وعملا والوقوف عند حدودها.


إن لشريعتنا أعداء حاولوا وأدها في مهدها وزعزعة ثوابتها وخلخلة قواعدها والتشكيك في مسلماتها، وعقدوا الألوية للنيل منها بأساليب الخداع والمكر والتأويل الفاسد والكذب والتحايل وتلبيس الحق بالباطل بألفاظ مزخرفة ومزركشة تسويفاً لجرمهم في هذا الانحراف الهاوي، فقلبوا الحقائق ليظهر الحق في صورة الباطل، والباطل في صورة الحق، وكونوا أتباعا وأنصارا لإعلان الحرب وبأساليب دخيلة مهانة، فيعرضون مسائل النوازل بظاهر جميل وباطن مليء بالتضليل؛ فينظر الغِرّ في ظاهرها فيقضي بجوازها، قال الإمام أحمد: هذه الحيل التي وضعها هؤلاء، عمدوا إلى السنة فاحتالوا في نقضها، أتوا إلى الذي قيل لهم: إنه حرام، فاحتالوا فيه حتى حللوه، ما أخبثهم، يحتالون لنقض سنة رسول الله [ وتهوين الكبائر.

وقال زياد بن حدير: قال لي عمر ]: «هل تعرف من يهدم الإسلام؟» قال: قلت: لا، قال: «يهدمه زلة عالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين».

وجاء في الحديث: «لا ترتكبوا ما ارتكب اليهود وتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل» أخرجه ابن بطة في «إبطال الحيل» ص24. وقال بعض السلف: «ثلاث من كن فيه كن عليه: المكر والبغي والنكث».

إخواني الأحبة، إن تعرية طرائق المفسدين والقيام بواجب الإعذار والإنذار والتبليغ والبيان والإيضاح، فرض محتم على الجميع كل حسب علمه وطاقته؛ ففي الحديث: «يحمل هذا الدين من كل خلف عُدُولُه، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين».

وهذا عهد الله وميثاقه على المصلحين أن يبينونه للناس ولا يكتموه، قال ابن القيم رحمه الله: «حكم الله ورسوله يظهر على أربعة ألسنة: لسان الراوي، ولسان المفتي، ولسان الحاكم، ولسان الشاهد، أن يخبروا بالصدق المستند إلى العلم، وآفة أحدهم الكذب والكتمان؛ فمن كتم الحق أو كذب فيه فقد حادّ الله في شرعه ودينه، وقد أجرى الله سننه أن يمحق بركة علمه ودينه ودنياه إذا فعل ذلك، ومن التزم الصدق والبيان بورك له في علمه ووقته ودينه ودنياه، بالكتمان يُعزل الحق عن سلطانه».

يا شبابنا، إن كتمان العلم والحق من أسباب العذاب المهين واستحقاق اللعن والطرد والإبعاد عن رحمة الله عز وجل؛ قال أبوهريرة ]: «لولا آيتان في كتاب الله تعالى ما حدثكم حديثا وقرأ الآيتين 159 - 160 من سورة البقرة.


فعلموا الجاهل، وعظوا الغافل، وانصحوا المعرض وجادلوا المبطل، ولتكن همتكم عالية في الدعوة، واعلموا أنها أشرف وظيفة كلف الله بها رسله عليهم السلام، فلا تركنوا إلى الراحة حتى يندحر الباطل ويرفف علم التوحيد ونور الإسلام.

يا دعاة الحق والهدى تعاونوا وتكاتفوا وتآزروا، وبشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا، وأمِّلوا وأبشروا ولا تقنطوا من رحمة الله {والعاقبة للمتقين}، فكونوا من الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فالحرب على الإسلام طويلة، والأعداء لا ينامون عن نشر الباطل والفساد؛ فادفعوا عجلة الدعوة ليسمع الناس الحق وينهلوا من معين الوحي، واعلموا بأن الله متم نوره ولو كره الكافرون، ولكنه سبحانه وتعالى يريد منا القيام بالبيان حتى يبارك هذه الدعوة وينشرها، وتكفل سبحانه بحمايتها إلى قيام الساعة: {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}.