وأذِّن في الناس بالحج


محمد الراشد



فرض الله جل وعلا الحج على الناس؛ فأمر إبراهيم - عليه السلام - أن يعلن الحج للناس إلى بيت الله الحرام، وذلك في قوله تعالى: {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق} (الحج: 27)، ثم قام نبينا محمد [ من بعده فدعا إلى حج البيت؛ حيث أخبر [ أن أركان الإسلام خمسة وعد منها الحج، قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله-: «فلا يتم إسلام عبد حتى يحج ولا يستقيم ببنيان إسلامه حتى يحج».






وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال حين كان خليفة على المسلمين: «لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار فينظروا كل من له جدة - أي: كل من كان غنيا ولم يحج؛ فيضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين».



فالحج مفروض عليك مرة واحدة، ولا يجب عليك بعد ذلك حج؛ فمن أنكر فريضة الحج فقد كفر، ومن أقر بها وتركها تهاونا فهو على خطر.

فالحج أيها الأكارم فريضة عظيمة وهو من أركان الإسلام الخمسة، فأقول لمن لم يحج: لماذا لا تحج إن كنت مستطيعاً؟! وأقول لمن أكرمه الله بالصحة والعافية والاستطاعة: ما عذرك عند الله يوم الحساب؟! فكيف تطيب نفسك أن تترك الحج مع قدرتك عليه بمالك وأنت تعلم أنه ركن من أركان الإسلام؟! فهل بعد هذا بخل وشح؛ فالبدار البدار بالحج ولا تتراخَ فيه؛ فلعلك لن تصل إليه بعد عامك هذا، بل أهمس في أذن من حج مرة أن يتابع حجه، حجة بعد حجة، وذلك لقول نبينا الكريم [: «تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكبر خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة» رواه النسائي، وقال الألباني: حسن صحيح.

وأذكركم أيها الإخوة الكرام - رحمكم الله - بقول النبي [: «الحج عرفة» رواه أبو داود، وقال الألباني في مختصر الإرواء: صحيح.

فأنت حينما ترى عبر التلفاز أو الصحف حجاج بيت الله في موقف عرفة تشعر بالغبطة، وتود أن تكون معهم؛ فهذا الموقف يحضره الملائكة وبه يباهي ربنا - عز وجل - ملائكته؛ فقد قال النبي [: «إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء، فيقول لهم: انظروا إلى عبادي جاءوني شعثاً غبراً» رواه أحمد، وقال الألباني في «صحيح الترغيب»: صحيح.

وقد فسر بعض المفسرين قوله تعالى: {وشاهد ومشهود} (البروج: 3) بأن الشاهد يوم الجمعة يشهد على كل عامل ما عمل فيه، والمشهود يوم عرفة، يشهد الناس فيه موسم الحج وتحضره الملائكة.

فاللهم وفقنا جميعا للقيام بفرائضك، والتزام حدودك، وزودنا من فضلك وكرمك، يا حي يا قيوم، إنك جواد كريم.