تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: عبارة للشيخ السعدي رحمه الله في الدرة البهية ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي عبارة للشيخ السعدي رحمه الله في الدرة البهية ؟

    .............................. ......

    قال رحمه الله في جوابه المجمل في اول الدرة على سؤال الذمي

    وجوابه على وجه الإجمال بسيط ولله الحمد

    فإنه لا يرد على مذهب جمهور طوائف المسلمين، من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وأئمة الهدى المشهود لهم بالعلم والإيمان، بل ولا على مذهب المعتزلة والقدرية والخوارج وغيرهم من أهل البدع.
    فإن الجميع يقولون بما جاء به الكتاب والسنة من إثبات الأصلين:

    أحدهما: الاعتراف بأن جميع الأشياء كلها أعيانها، وأوصافها وأفعالها بقضاء وقدر، لا تخرج عن مشيئة الله وإرادته؛ بل ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
    والأصل الثاني: أن أفعال العباد من الطاعات والمعاصي وغيرها واقعة بإرادتهم وقدرتهم؛ وأنهم لم يجبروا عليها؛ بل هم الذين فعلوها؛ بما خلق الله لهم من القدرة والإرادة.
    ويقولون: لا منافاة بين الأمرين فالحوادث كلها التي من جملتها أفعال العباد بمشيئة الله وإرادته؛ والعباد هم الفاعلون لأفعالهم، المختارون لها، فهم الذين اختاروا فعل الخيرات وفعلوها، واختاروا ترك المعاصي فتركوها.
    والآخرون: اختاروا فعل المعاصي وفعلوها، واختاروا ترك الأوامر فتركوها. انتهى المقصود

    ظاهرة العبارة ان المعتزلة و القدرية يدخلون في قوله ( الجميع يقولون ...)

    فهل الشيخ يقصد ذلك ؟



  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: عبارة للشيخ السعدي رحمه الله في الدرة البهية ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    .............................. ......

    قال رحمه الله في جوابه المجمل في اول الدرة على سؤال الذمي

    بارك الله فيك اخى الطيبونى القصد فى الجواب المفصل
    الجواب المفصل للناظم
    وأما الجواب المفصل.
    فقد ذكره الشيخ قدس الله روحه فقال:
    1
    - سؤالك يا هذا، سؤال معاند ... مخاصم1 رب العرش، باري البرية
    2- فهذا سؤال، خاصم الملأ العلا ... قديما به إبليس، أصل البلية
    3- ومن يك خصما للمهيمن يرجعن ... على أم رأس هاويا في الحفيرة
    هذا سؤال معاند مخاصم الله وهو من جنس سؤال إبليس اللعين
    الشرح بين الشيخ في أول الجواب:
    أن هذا السؤال والإيراد، إنما صدر عن رجل معاند مكابر، مخاصم لله.فإن هذا السؤال في الحقيقة موجه إلى الله والسائل قد أورده على ربه واعترض عليه،
    وزعم:
    أن الله ظالم له، حيث قدر عليه الكفر والمعاصي وعذبه عليه. وكل من عاند الله، فحجته داحضة باطلة، وهو مخصوم محجوج.
    وهذا السؤال من جنس سؤال إبليس
    حيث قال:
    {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} (لأعراف:16)
    فقال:
    {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي} ولم يقل: "غويت"
    وإبليس هو الذي غوى واستكبر عن أمر ربه،
    حيث أمره بالسجود لأدم فقال:
    {قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً} (الإسراء:61، 62) .
    فإبليس خاصم الله، وبادأه بالمعصية، واستكبر عن أمره، واستكبر على آدم.فكل من خاصم عن نفسه، أو عن غيره في معصية الله، فهو وارث إبليس، وعنه أخذ هذه الخصومة. فكل من خاصم الحق، فلج وخصم، كما أن كل من خاصم بالحق فلج وغلب.{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} (الإسراء:81) .وكل من نصر الباطل، فهو من خصوم الله
    ولكن:
    أصناف القدرية الثلاثة، هم أحق الناس بهذا الوصف.
    قسم شيخ الإسلام القدرية إلى ثلاثة أقسام في غير موضع من كتبه:
    فقال: "وأهل الضلال الخائضون في القدر انقسموا إلى ثلاث فرق:
    مجوسية
    ومشركية و
    إبليسية
    فالمجوسية:
    الذين كذبوا بقدر الله وإن آمنوا بأمره ونهيه؛ فغلاتهم أنكروا العلم والكتاب ومقتصدوهم أنكروا عموم مشيئته وخلقه وقدرته وهؤلاء هم المعتزلة ومن وافقهم
    والفرقة الثانية: المشركية الذين أقروا بالقضاء والقدر وأنكروا الأمر والنهي؛ قال تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} (الأنعام: 148)
    فمن احتج على تعطيل الأمر والنهي بالقدر فهو من هؤلاء وهذا قد كثر فيمن يدعي الحقيقة من المتصوفة
    والفرقة الثالثة:
    وهم الإبليسية الذين أقروا بالأمرين لكن جعلوا هذا متناقضا من الرب - سبحانه وتعالى - وطعنوا في حكمته وعدله كما يذكر ذلك عن إبليس مقدمهم؛ كما نقله أهل المقالات ونقل عن أهل الكتاب"
    فلهذا قال الشيخ:
    [بيان طوائف القدرية الثلاث، خصوم الله يوم المعاد]
    - ويدعى خصوم الله يوم معادهم ... إلى النار طرا، معشر القدرية
    - سواء نفوه، أو سعوا ليخاصموا ... به الله، أو ماروا به للشريعة
    الشرح
    يشير الشيخ إلى ما رواه ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها،
    قالت:
    سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " من تكلم في شيء من القدر، سئل عنه يوم القيامة "
    . أي: سؤال تقريع وتوبيخ.
    وهو كما ذكر الشيخ يشمل طوائف القدرية الثلاثة:1
    - القدرية النفاة2
    - والقدرية المجبرة
    3- والقدرية المشركين فكل الطوائف الثلاث خاضوا في القدر خوضا منحرفا، وبعضهم أغلظ من بعض، وكلهم عن الصراط ناكبون.
    ..1- فأما القدرية النفاة:
    فهم الذين يطلق عليهم أكثر العلماء اسم "القدرية".
    وهم الذين ورد فيهم الحديث، الذي في "السنن": " أنهم مجوس هذه الأمة "
    .وأكثر أهل "المعتزلة" على هذا المذهب الباطل.
    وحقيقة مذهبهم أنهم يقولون:
    إن أفعال العباد، وطاعاتهم ومعاصيهم لم تدخل تحت قضاء الله وقدره.
    فأثبتوا قدرة الله على أعيان المخلوقات وأوصافها،
    ونفوا قدرته على أفعال المكلفين،
    وقالوا:
    إن الله لم يردها ولم يشأها منهم، بل هم الذين أرادوها وشاءوها، وفعلوها استقلالا بدون مشيئة الله.
    ويزعمون:
    أنهم بهذا القول ينزهون الله عن الظلم، لأنه لو قدر المعاصي عليهم، ثم عذبهم عليها، لكان ظالما لهم، وللزم من إثبات قدرة الله على أفعالهم الجبر، الذي هو باطل بالشرع والعقل، كما تقدمت الإشارة إليه
    ولكنهم بهذا القول الباطل ردوا نصوصا كثيرة من الكتاب والسنة تثبت وتصرح أن جميع أعمال العباد من خير وشر، وطاعة ومعصية بقضاء الله وقدره.
    كما أجمع المسلمون:
    أنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
    وسموا "مجوس هذه الأمة"، لأنهم أشبهوا "المجوس" الذين أثبتوا خالقا للخير، وخالقا للشر، وهو إبليس على زعم "المجوس" 1.وهؤلاء "القدرية" أثبتوا: أن الله خالق للعباد لأعيانهم وأوصافهم،
    ولم يثبتوا أنه خالق لأفعالهم.
    فأخرجوا أفعال العباد عن قدر الله، ولم يهتدوا إلى ما اهتدى إليه أهل السنة،
    من أن الله كما أنه الذي خلقهم، خلق ما به يفعلون من قدرتهم وإرادتهم،
    ثم فعلوا الأفعال المتنوعة من طاعة، ومعصية بقدرتهم وإرادتهم اللتين خلقهما الله باتفاق المسلمين.
    حتى هؤلاء "القدرية" يثبتون: أن قدرة العباد وإرادتهم مخلوقة له.وحيث وقعت أفعال العباد بقدرتهم وإرادتهم اللتين خلقهما الله في العبد ليتمكن بهما من كل ما يريده من أقوال وأفعاله.وخالق السبب التام خالق السبب
    فالعبد المؤمن:
    هو الذي يصلي، ويصوم، ويتصدق، ويحج، ويعمل أعمال البر، بما مكنه الله، وأعطاه من قدرة وإرادة يتمكن بهما من أفعال الخير.والعبد الكافر أو الفاجر،: هو الذي يشرك، ويقتل، ويزني، ويسرق ويعمل أجناس المعاصي، بما مكنه الله به وأعطاه من قدرة وإرادة يفعل بهما تلك الأفعال.والقدرة والإرادة اللتان أعطاهما الله للعبد خير ونعمة، وفضل من الله، لكن العبد العاصي هو الذي وجه قواه وأفعاله إلى أعمال الشر.فلم يكن له على الله حجة، بل لله عليه الحجة البالغة، نهج الله له طريق الخير فأباه، وسلك بنفسه طريق الشر وارتضاه، فلا يلومن من بعد ذلك إلا نفسه.
    فمن احتج مع ذلك على ربه وقال:

    إنه قدر علي المعاصي فلا لوم علي؟
    قيل له:
    هذه حجة أبطلها الله في كتابه،
    حيث قال:
    {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} (الأنعام:148-149)
    فتضمنت هاتان الآيتان:
    أن الاحتجاج بالقدر على المعاصي باطل من وجوه:
    منها:
    أن هذا هو احتجاج المشركين.ومنها: أن هذا الاحتجاج بالقدر على الشر، لم يمنعهم من عذاب الله.
    حيث قال: {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا} .
    ومنها: أن الله وبخهم على ذلك،
    وطالبهم بالبرهان في قوله:
    {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا} (الأنعام: 148) . فنفى عنهم العلم وأخبر أنهم يتبعون الظن الذي لا يغني من الحق شيئا.
    ومنها:
    أنه أخبر أن له الحجة البالغة على جميع من تجرأ على معاصيه. فمن احتج على المعاصي فهو أظلم الظالمين.وأيضا: فهذا المحتج بالقدر، المقيم لعذر نفسه على ربه، هو يكذب نفسه بنفسه، فإنه لو تجرأ عليه أحد بتعد على ماله أو بدنه أو محبوباته، واعتذر بالقدر لم يقبل عذره، فكيف يقبل عذر نفسه على تجرئه على ربه؟!
    فالمحتج بالقدر على المعاصي:

    يكذبه الكتاب والسنة والعقل، وضميره يكذبه كما ذكرنا، وإنما يقصد باحتجاجه دفع الشناعة عن نفسه.وكانت طائفة القدر في أول أمرهم ينكرون العلم،
    وينكرون القدر فيقولون:
    إن الله لا يعلم أعمال العباد قبل أن يعملوها، ولا تعلقت بها
    مشيئة الله. فلما شنع عليهم المسلمين وكفروهم بذلك تحولوا عن قولهم الأول، فأثبتوا العلم، وأنكروا القدر.
    ولهذا كان الأمة كالإمام أحمد، وغيره
    يقولون:
    "ناظروا القدرية بالعلم، فإن أنكروا العلم كفروا، وإن اعترفوا به خصموا"
    .يعني: أن "القدرية" النافين لعلم الله بأفعال عباده، جاحدون لنصوص الكتاب والسنة المصرحة بإحاطة علم الله، بما كان وما يكون من أعيان وأوصاف، وأفعال، مما دق وجل.فمن أنكر ذلك فقد كذب الكتاب والسنة صريحا، وذلك هو الكفر. وإن اعترفوا بإحاطة علم الله بكل شيء، وبأفعال العباد قبل وقوعها كما هو القول الذي استقر عليه مذهبهم خصموا.
    ووجه ذلك:
    أنهم يقولون:
    إن أفعالهم لا تتعلق بها مشيئة الله وإرادته، وإنما هم مستقلون بها من كل وجه.إذا كان هذا قولهم في مشيئة الله، مع قولهم: وإن الله يعلم أعمال العباد قبل أن يعملوها؛ فهذا تناقض محض!!كيف يعلمها وهو لم يقدرها ولم يردها؟ هذا محال {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك:14) .
    فيلزم أحد الأمرين:1
    - إما أن لا يتناقضوا، فينفوا الأمرين علم الله بأفعاله، ومشيئته لها. فيتضح كفرهم.2
    - وإما أن يرجعوا إلى الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وأجمع عليه المسلمون،
    وهو:
    أنه تعالى كما أنه بكل شيء عليم، وبكل شيء محيط؛ فإنه على كل شيء قدير.ومن جملة الأشياء: أفعال العباد طاعتهم ومعاصيهم فهو تعالى يعلمها إجمالا وتفصيلا قبل أن يعملوها. وأفعالهم داخلة تحت مشيئة الله وإرادته؛ فقد شاءها منهم وأرادها، ولم يجبرهم لا على الطاعات، ولا على المعاصي، بل هم الذين فعلوها باختيارهم، كما قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}
    فهذه الآية فيها:
    رد على القدرية النفاة وعلى القدرية المجبرة وإثبات للحق الذي عليه أهل السنة والجماعة.
    فقوله:
    {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} أثبتت أنه لهم مشيئة حقيقية وفعلا حقيقيا وهو الاستقامة باختيارهم.
    فهذا رد على الجبرية.
    وقوله: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} أخبر أن مشيئتهم تابعة لمشيئة الله، وأنها لا توجد بدونها.فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
    ففيها رد على القدرية القائلين: إن مشيئة العباد مستقلة، وليست نابعة لمشيئة الله.بل عندهم: يشاء العباد ويفعلون ما لا يشاؤه الله ولا يقدره.ودلت الآية على الحق الواضح، وهو: أن العباد هم الذين يعملون الطاعات والمعاصي حقيقة، وليسوا مجبورين عليها.وأنها مع ذلك تابعة لمشيئة الله، كما تقدم كيفية وجه ذلك.والآيات الدالات على هذا كثيرة جدا.فهذه إحدى الطوائف الثلاث المخاصمين لله؛ فإنهم أنكروا عموم مشيئته وقدره، وجحدوا ما قرره الله في كتابه، وعلى لسان رسوله من شمول قدره لكل شيء.
    فزعموا: أن أفعال العباد خارجة من هذا العموم.
    وأما الطائفة الثانية فهم الجبرية:الذين يقال لهم:
    "القدرية المجبرة".وهم "غلاة الجهمية"
    الذين إمامهم في هذا وغيره "جهم بن صفوان" المتفق على بدعته، بل بدعه الخبيثة المتنوعة.
    *فزعموا: أن عموم مشيئة الله، وعموم إرادته تقتضي:- أن العبد مجبور على أفعاله، مقسور مقهور على أقواله وأفعاله.- لا قدرة له على شيء من الطاعات، ولا على ترك المعاصي.- ومع أنه لا قدرة له على ذلك عندهم، فهو مثاب معاقب على ما لا قدرة له عليه.
    وهذا القول من أشنع البدع وأنكرها.وهو مخالف للكتاب والسنة وإجماع الأئمة المهتدين، من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.ومخالف للعقول والفطر، ومخالف للمحسوس.وكل قول يمكن صاحبه أن يطرده إلا هذا القول الشنيع، فإنه لا يمكن أن يعمل به ويطرده، كما تقدم: أنه لا يعذر من ظلمه وتعدى عليه، مع اعتذار المعتدي بالقدر.
    فإن الجبري لا يعذره، بل يرى اعتذاره بالقدر زيادة ظلم، وتهكما به فكيف يسلك هذا المسلك مع ربه، وهو لا يرتضيه لنفسه من غيره؟!.
    والمقصود:

    أن هذه الطائفة خالفت المنقول والمعقول.ونصوص الكتاب والسنة تبطل قولهم، فإن الله نسب أعمال العباد إليهم من الطاعات المتنوعة والمعاصي الكثيرة كلها يضيفها إلى الفاعلين ويخبر أنهم هم الفاعلون لها، ويستحقون جزاءها من خير وشر.فلو كان مجبورين عليها لم ينسبها لهم، ولم يضفها لهم، بل ينسب الأفعال إلى نفسه. حاشاه وتعالى عن ذلك
    .فلا يقال: الله هو الذي فعل الإيمان والكفر، والطاعة والمعصية.
    بل يقول كل أحد:
    العبد هو الذي فعلها، والله هو الذي قدرها من غير أن يجبره عليها.
    ويلزم على قول "الجبرية" أيضا:
    إسقاط الأمر والنهي؛ لأنه كيف يؤمر وينهى من لا قدرة له على امتثال الأمر، واجتناب النهي؟!
    ويلزم أيضا على قولهم:

    إسقاط الحدود عن جميع أهل الجرائم؛ إذ كيف يعاقبون وتقام عليهم الحدود، وهم غير قادرين، بل مجبورون؟! فهذا القول الباطل مخالف لجميع أصول الدين وفروعه.
    ويلزم أيضا على قول الجبرية:

    تعطيل الأسباب الدينية والدنيوية.
    وذلك: أن الله تعالى جعل الأسباب موصلة إلى مسبباتها؛ وأمر العباد بسلوك كل سبب نافع لهم في دينهم ودنياهم.
    فكيف يؤمرون وهم مجبورون غير قادرين؟!
    فالقول بالجبر فيه فساد الدين والدنيا.
    والذي حملهم على هذا القول مع ظهور فساده ظنهم:

    وأنه لا يمكنهم إثبات عموم مشيئة الله وقدره، حتى يسلبوا العبد قدرته.وقد غلطوا بهذا الظن، فإنه كما تقدم يتمكن العبد من إثبات عموم القدر، ومن إثبات أن الأعمال هي أعمال العباد حقيقة، لأن الله خلقهم وخلق كل ما فيهم من القوى الظاهرة والباطنة.بالارا ة والقدرة اللتين خلقهما الله ومكن العبد بها من كل ما يريده من خير وشر فعلوا الأمرين باختيارهم من غير إجبار.وقد تصل الحال بهذه الطائفة وتغلوا في القدر حتى يعتقدوا أن معاصيهم طاعات، لأنها بمشيئة الله، فيشاركون:-
    حقيقة مذهب القدرية المشركة وبيان أن الطائفة الثانية قد تشاركهم فيهالطائفة الثالثة،
    وهم القدرية المشركون الذين اعتذروا عن شركهم وتحريمهم ما أباح الله بالمشيئة. وجعلوا مشيئة الله هي محبته،
    فقالوا:
    {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} .
    وفي الآية الأخرى: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} (النحل:35)
    فهذه الطوائف الثلاث هم خصماء الله في قضاءه وقدره.
    1- منهم من نفاه.
    2- ومنهم من غلا فيه غلوا أوقعه في الباطل.3
    - وهدى الله أهل السنة والجماعة لما اختلفوا فيه بإذنه،
    {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}
    (البقرة: 213) .
    * فأثبتوا عموم قضاء الله ونفوذ مشيئته في كل شيء.*
    وأثبتوا مع ذلك أفعال العباد من الطاعات والمعاصي.*
    وقالوا:
    إنها واقعة باختيارهم.* ولا حجة للعاصين على الله إذا احتجوا على معاصيهم بقدره، بل حجتهم داحضة باطلة.* وقالوا:
    إن مشيئة الله غير محبته.- فمشيئته تعلقت بكل شيء موجود من خير وشر، وطاعة ومعصية.- ومحبته خاصة للطاعات وأهلها.- كما أخبر بذلك في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم
    كتاب الدرة البهية شرح القصيدة التائية في حل المشكلة القدرية

    [عبد الرحمن السعدي]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •