أشراط الساعة.. حقيقة


د. أمير الحداد









- هل نستطيع أن نجزم بأن القيامة لن تقوم بعد سنة؟



- طبعا.. وأقسم على ذلك.. كما كان يفعل بعض الصحابة.. ولكن لماذا السؤال؟

- لأني قرأت أن من صفات قيامها المفاجأة {لا تأتيكم إلا بغتة} (الأعراف: 87).

كنت وصاحبي في جلسة هادئة في أحد المقاهي الشعبية المطلة على البحر:

- نعم ستكون مباغتة ومفاجآة لمن تقوم عليهم (وهم شرار الناس)، حتى أنهم يكونون يتبايعون في الأسواق ومشغولون ببناء بيوتهم فتقوم عليهم الساعة... فهي مباغتة لأولئك... ومن صفاتها أنها قريبة: {اقتربت الساعة وانشق القمر} (القمر: 1)، وذلك منذ عهد النبي [.. فهي قريبة بمعنى آتية لا ريب فيها، وكل ما هو آت فهو قريب.. أو بأيام الله.. فلا حدث عظيم بعد بعثة النبي [ إلا قيام الساعة.. ولكن نؤمن أن قبلها علامات كبرى واضحة: كشروق الشمس من مغربها.. وخروج يأجوج ومأجوج.. ونزول المسيح عليه السلام، وقتله للمسيح الدجال، وخروج الدابة.. والنار التي تحشر الناس.

قاطعني:

- ولكن.. سمعت تأويلات لهذه العلامات ولاسيما الدابة والنار.. بأنها ليست دابة حقيقية.. بل شيء آخر من الاختراعات الحديثة كالكمبيوتر.. والتلفاز.. وغيرهما.

- كلا.. بل أشراط الساعة كلها ستقع إن شاء الله، حقيقة دون تأويل ولا تحريف.. فالدابة جاء فيها قول الله تعالى: {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون} (النمل: 82)، وأحاديث صحيحة، في صفاتها.. ومكان خروجها.. وما تعمله.

- أعطني شيئا من هذا.

- أولا في تفسير الآية التي ذكر جاء عن ابن عباس: (تكلمهم): تكتب على جبين الكافر (كافر) وعلى جبين المؤمن (مؤمن).. وتناديهم بهاتين الصفتين.. وفي الحديث: «ثم بينما الناس في أعظم المساجد على الله حرمة خيرها وأكرمها على الله المسجد الحرام، لم يرعهم إلا وهي ترغو بين الركن والمقام تنفض التراب عن رأسها؛ فيركض الناس منها وتثبت عصابة من المؤمنين عرفوا أنهم لن يعجزوا الله، فبدأت بهم فجلت وجوههم حتى جعلتها كأنها الكوكب الدري...»، قال ابن عمر: تخرج من جبل الصفا.. وقال عبدالله بن عمرو بن العاص: لو شئت أن أضع قدمي على موضع خروجها لفعلت.

قال متعجبا:

- سبحان الله.. وماذا يفعل الناس بعد أن تسمهم بالكفر الإيمان؟









!

- لا شيء.. بل يقبل الجميع «الأمر».. حتى يتنادى الناس.. يقولون: (أعطني يا كافر).. (اقضِ لي يا مؤمن)..

- سبحان الله!

- لا عجب.. فأمور الآخرة فيها ما لا يمكن أن نقبله إلا بإيماننا.. بالكتاب والسنة.. فنؤمن بما جاء كما جاء.. وإن كنا لن ندركه.. ويبقى سؤال المؤمن دائما.. ليس (متى الساعة؟)، بل: (ماذا أعددت لها؟)؛ لأن ساعة كل منا تقوم عند موته.